ما هى صلاة حل الزنار؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, أسرار الكنيسة السبعة, سر المعمودية, طقوس الكنيسة القبطية - اللاهوت الطقسي
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هى صلاة حل الزنار؟

فى الطقس القبطى غالباً ما يقوم الكاهن بنفسه بمساعدة المُعمد فى ارتداء الثوب الأبيض، كما يربط زناراً حول صدرهن ويضع على رأسه إكليلاً ([486]). الثوب الأبيض يشير إلى الطبيعة الجديدة التى وهبت له تحمل نقاوة ملائكية، والزنار يشير إلى ارتباط المعمد بالكنيسة كعضو حىّ فيها، والإكليل علامة الغلبة والنصرة على الشيطان والتمتع بالأمجاد الإلهية.

وفى طقس الكنيسة الأولى، إذ يتناول المعمدون حديثاً، غالباً فى عيد الفصح المجيد، يبقون إلى اليوم الثامن فى محيط الكنيسة بملابسهم البيضاء، وكأنه أسبوع الفرح بميلادهم الروحى الجديد، يسمى "أسبوع الثياب البيضاء".

هذا الطقس لم يتوقف فى الكنيسة القبطية فى بعض بلاد الصعيد، وإن كان قد أهمل تماماً فى البلاد الكبرى خاصة فى الوجه البحرى. وقد احتفظت المخطوطات القديمة وكتب الطقس الحديثة بطقس يمارس فى اليوم الثامن من العماد المقدس، حيث تصلى ليتورجية تسمى "حل الزنار". فى هذه الليتورجية تقدم الكنيسة ذبيحة شكر لله الذى وهب المُعمد هذه النعمة العظيمة، وتطلب له ثباتاً ونمواً فى النعم الإلهية. بعد الصلوات والتسابيح يستحم المعمد فى المياه المُصلى عليها، وفيها يُغسل ثوبه الأبيض والزنار الذى كان مربوطاً به، ثم تلقى المياه فى بحر أو نهر أو حقل طاهر.

اجتذبنى هذا الطقس الجميل والبسيط فى نفس الوقت، ورأيت أن اقدم مقارنة بينه وبين "طقس الحميم" فى اليوم الثامن من ميلاد الطفل جسدياً، الذى وإن كنا نمارسه أحياناً، لكن القراءات الواردة فى الكتب الطقسية الحديثة تختلف عما وردت ببعض المخطوطات. وفى مقارنتى سأعتمد على مخطوط بدير القدريس أنبا أنطونيوس (طقس7)، نُسخ فى 13 توت عام 1372ش (1655م) نقلاً عن مخطوط بمكتبة كنيسة العذراء حارة زويلة تاريخه سنة 1096ش (1379م).

أ. فى اليوم الثامن من ميلاد الطفل جسدياً تقدم الكنيسة ليتورجية "حميم الطفل"، فيه تشكر الله من أجل المولود الجديد ويشترك الكاهن مع الوالدين فى تسمية الطفل. وكأن الكنيسة تمارس أمومتها فى حياة الإنسان منذ نعومة أظفاره حتى قبل نواله سرّ المعمودية، تشكر الله من أجل خلقته وتهتم حتى باختيار الاسم اللائق به. وفى اليوم الثامن من عماده تقدم ذبيحة شكر لله من أجل ميلاده الروحى، ومن أجل دخوله فى العضوية الكنسية بكونه قد صار ابناً لله وعضواً فى جسد السيد المسيح السرى.

ب. فى الطقس الأول يُقرأ البولس بعد صلاة الشكر دون الصلاة بمزمور التوبة (مز50 "51")، أما فى الطقس الثانى فيصلى هذا المزمور. ففى صلاة الحميم تقدم الكنيسة الليتورجية كذبيحة تسبيح وفرح بميلاده تنتظر دخوله إلى مياه المعمودية، أما فى ليتورجية حل الزنار، فانه إذ دخل مياه المعمودية ونال الثوب الأبيض الداخلى يلتزم أن يحافظ على هذه النقاوة خلال أعمال التوبة غير المنقطعة.

ج. فى ليتورجية الحميم تقرأ كلمات الرسول بولس عن ختان الجسد (فى3: 1 - 9) الذى كان يتم فى اليوم الثامن فى العهد القديم، موضحاً إنه يليق بنا ألا نتكل على الجسد وبرّ الناموس بل على الإيمان بالمسيح يسوع برّنا الحقيقى. فإن كنا قد ولدنا حسب الجسد لكننا فى حاجة إلى ولادة روحية جديدة لكى "نعبد الله بالروح ونفتخر فى المسيح يسوع ولا نتكل على الجسد" (فى3: 3). أما فى الطقس الثانى فٌتقرأ كلمات الرسول عن تمتع الشعب بعبور البحر الأحمر تحت السحابة وتناولهم طعاماً واحداً روحياً وشراباً من الصخرة التى هى المسيح (1كو10: 1 - 4). وكأن الكنيسة تعلن للمعمد أنه قد نال ما كان رجال العهد القديم يتمتعون بظلاله خلال الرموز. إنه لم يدخل البحر الأحمر، وإنما دخل المياه المقدسة الشافية، ولم يتحرر من عبودية فرعون، بل من سلطان إبليس، ولم يدخل تحت سحابة بل سكن الروح القدس فيه، ولم يأكل منا، بل تمتع بالمسيح يسوع نفسه المن السماوى!

د. فى الطقس الأول تطلب الكنيسة من الوالدين أن يسبحا الله على عطيته لهما ويقدما النذور الروحية والمحرقات والصلوات التى تسند طفلهما حتى ينمو فى النعمة والقامة: "اذبح لله ذبيحة التسبيح، وأوفي للعلى نذورك. ادخل إلى بيتك بالمحرقات، وأقدم لك الصلوات التى نطقت بها شفتاى" وفى الطقس الثانى يطوب المزمور المُعمد من أجل عطية المغفرة التى نالها فيحافظ عليها: "طوباهم الذين غفرت لهم آثامهم، والذين سُترت خطاياهم. طوبى للرجل الذى لم يحسب له الرب خطيئة ولا وجد فى فمه غش".

ﮪ. فى طقس الحميم يُقرأ فصل الإنجيل الخاص بختان السيد المسيح ودخوله الهيكل محمولاً على يدى سمعان الشيخ، إذ انفتحت عيناه وأدرك الخلاص الذى قدمه الله لجميع الأمم (لو2: 21 - 35). وكأن الكنيسة تؤكد للوالدين ضرورة ختان طفلهما روحياً فى المسيح يسوع، لكى يصير محمولاً على الأذرع الإلهية يتمتع بالسكنى فى هيكل الرب، ويكون سرّ بركة للكثيرين. أما فى طقس حل الزنار فيقرأ الإنجيل الخاص بمعمودية يوحنا (مت3: 1 - 6) الذى هيأ الطريق بالتوبة للرب، لكى يبقى المُعمد فى حالة توبة مستمرة لكيلا يفقد ثمرة المعمودية.

و. فى صلاة الحميم يطلب الكاهن من الله أن يبارك الطفل، وأن يهيئه للعماد المقدس:

[نسأل ونتضرع إلى صلاحك عن عبدك (فلان بن فلان). باركه بكل البركات السمائية، وبارك أيضاً ميلاده، وليطل عمره كنعمتك، حتى ينمو ويكثر ثلاثين وستين ومائة، وليفرح به أبواه ويسرا بميلاده مثل زكريا واليصابات اللذين وهبت لهما يوحنا النبى. وفى الزمن المحدد فليستحق حميم الميلاد الجديد لغفران خطاياه. أعده هيكلاً لروحك القدوس...].

أما فى صلاة حّل الزنار فيشكر الله من أجل سرّ الاستنارة الذى ناله المُعمد، طالباً أن يحفظه إلى الانقضاء فى الإيمان المستقيم، ويؤهله للحياة الأبدية وملكوت السماوات بالمسيح يسوع ربنا.

[أيها السيد الرب إلهنا، مانح السلام والبركة... الذى باركنا وقدسنا وأضاء علينا بنور لاهوته، الذى جعل عبيده مستحقين أن ينالوا النور الذى من فوق، غير الموصوف، الذى لمسيحك يسوع مخلصنا. أنر عليهم بنور البركة، طهرهم، باركهم. جدّدهم بنعمتك من جهة المعمودية التى نالوها بقوة روحك القدوس المحيى... باركهم ببركتك، ثبتهم فى إيمانك الأرثوذكسى إلى الانقضاء. أئت بهم إلى حد القامة والبلوغ. وليكونوا محروسين بين ملائكة صالحين إلى الانقضاء. املأهم من المعرفة ومن كل فهم... اجعلهم مستحقين الحياة الأبدية وملكوت السماوات بالمسيح يسوع ربنا... ".

ز. فى طقس الحميم يُرنم المزموران 148 - 149، ويشترك الطقسان فى الصلاة الربانية وقراءة التحليل ورشم المياه ثم الترنم بالمزمور 150 والختام بالبركة بعد حميم الطفل أو المعمد.


[486] [] للأسف اختفى طقس وضع الإكليل على رأس المعمد، بالرغم من وجوده مطبوعاً حتى فى الكتب الحديثة، مما يدل أنه كان يمارس فى مصر إلى وقت قريب.

لماذا لا تُعاد المعمودية؟

ماذا عن عادة أكل المعمدين حديثاً خليطاً من اللبن والعسل؟