ما هى بركات المعمودية؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, أسرار الكنيسة السبعة, سر المعمودية, طقوس الكنيسة القبطية - اللاهوت الطقسي
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هى بركات المعمودية؟

أولاً: موت الإنسان القديم. بالمعمودية تُغسل خطايانا وتموت الشهوات الجسدية أو الإنسان القديم بأعماله، أما الجسد فصالح ومقدس. يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [أريد أن يموت هذا الجسد عن الخطيئة. لست أسأل أن يموت الجسد، بل ألا يخطئ مرة أخرى. وكما أن الميت يكون جثمانه فوق إمكانية الخطيئة، هكذا الذى يصعد من مياه المعمودية يخلص من الخطيئة. فإن كنت قد مت فى هذه المياه يلزمك أن تبقى ميتاً عن الخطيئة ([396])].

ثانياً: عبور من موت الخطيئة إلى الحياة بالله. لا يقف دور المعمودية عند الجانب السلبى أى غسل الخطايا، وإنما يمتد إلى الجانب الإيجابى أى "الحياة بالله". يقول مار يعقوب السروجى: [المعمودية باب يردنا إلى الفردوس، فيها يدخل الإنسان إلى الله ليكون معه. المعمودية سفينة جديدة حاملة للأموات، بها يقومون ويعبرون إلى بلد الخالدين. وُضعت المعمودية فى العالم لأجل العالم الجديد، فيها يعبر الإنسان من عند الأموات إلى بلد الحياة ([397]).

ثالثاً: المعمودية ختم Sphragis روحى. دُعيت المعمودية ختماً به يحمل الإنسان علامة العضوية الكنسية والاتحاد مع السيد المسيح وقبول ملكوت الله. يقول الرسول بولس: "ولكن الذى يثبتنا معكم فى المسيح وقد مسحنا هو الله الذى ختمنا أيضاً وأعطى عربون الروح فى قلوبنا" (2كو1: 21 - 22). "الذى فيه أيضاً إذ آمنتم خُتمتم بروح الموعد القدوس" (أف1: 13). تحدث كثيرون عن المعمودية كختم للنفس، مثل القديس إكليمنضس الرومانى ([398]) وهرماس ([399]) والعلامة ترتليان ([400]) والقديس يوحنا الذهبى الفم ([401]). يقول القديس مار أفرآم السريانى: [كما يطبع المالك على قطيعه علامة خاصة يتعرف بها عليه، خلالها تظهر أنها ملك له، هكذا يختم الروح القدس من له فى المعمودية بواسطة مسحة الزيت المقدس التى يتقبلونها اثناء العمل ([402])]. كان الجندى فى الجيش الرومانى يوسم بعلامة Signaculum على يده تحمل اختصار اسم قائده ([403])، لهذا تطلع الاباء إلى المعمودية كعلامة يوسم بها جنود السيد المسيح الروحيين، حاملين على قلوبهم وأجسادهم علامة قائدهم الروحى الأعظم يسوع المسيح واسمه القدوس. يقول القديس كيرلس الأورشليمى: [الان ينقش اسمك وتدعى للدخول إلى المعسكر]. إذ ندخل مياه المعمودية نصعد حاملين ختم الله، لنا صورة خالقنا وحاملين سماته فينا... لسنا فقط نتمثل بالمسيح إلهنا، إنما تصير حياة المسيح هى حياتنا، موته هو موتنا، قيامته قيامتنا، سماته سماتنا وأمجاده أمجادنا كما يصير أبوه أبانا.

رابعاً: المعمودية ولادة جديدة. افتتح القديس يوحنا إنجيله بقوله: "فيه كانت الحياة..."، "أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أى المؤمنون باسمه. الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله" (يو1: 4، 12 - 13). وتحدث السيد المسيح صراحة وبكل وضوح عن هذه الولادة الجديدة بقوله: "الحق الحق أقول لك إن كان أحد لا يُولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو3: 5). ولهذا السبب بدأ السيد المسيح خدمته بعماده أولاً ليؤكد لنا أنه لا دخول لأحد إلى مملكة الله وخدمته إلا عن طريق الولادة الجديدة التى فى المعمودية. هذا المركز الجديد الذى صار لنا فى المعمودية، أى البنوة لله، قد شغل أذهان التلاميذ والرسل وكل الكنيسة كسرّ قوة المسيحى فى حياته الروحية، لهذا لا يكف الرسل عن الإشارة إليه من حين إلى آخر: "لأنكم جميعاً أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع. لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" (غل3: 26 - 27؛ راجع رو8: 15 - 16)؛ (1بط1: 23؛ تى3: 5 - 6).

يقول القديس أغسطينوس: [لنا ميلادان: أحدهما أرضى، والآخر سماوى. الأول من الجسد، والثانى من الروح. الأول صادر عن مبدأ قابل للفناء، والثانى عن مبدأ أبدى. الأول من رجل وامرأة، والثانى من الله والكنيسة. الأول يجعلنا أبناء الجسد، والثانى أبناء الروح. الأول يصيرنا أبناء الموت، والثانى أبناء القيامة. الأول أبناء الدهر، والثانى أبناء الله. الأول يجعلنا أبناء اللعنة والغضب، والثانى أبناء البركة والمحبة. الأول يقيدنا بأغلال الخطيئة الأصلية، والثان يحلّنا من رباطات كل خطيئة ([404])].

خامساً: فى المعمودية رضض الرب رؤوس الشيطان. بالمعمودية ننال سلطاناً لمقاومة إبليس.

سادساً: تتهلل الملائكة بمعموديتنا. يقول القديس كيرلس الأورشليمى: [إن الملائكة سترقص حولكم قائلة: "من هذه الطالعة فى ثوب أبيض مستندة على حبيبها" (راجع نش8: 5). لأن النفس التى كانت قبلاً عبدة تبناها سيدها كقريبة له، وإذ يرى أمامه غاية راسخة يجيب: "ها أنت جميلة يا حبيبتى. ها أنت جميلة... أسنانك كقطيع الجزائر الصادرة من الغسل اللواتى كل واحدة متئم وليس فيهن عقيم، كل واحدة متئم" (نش4: 1، 2) ([405])].

سابعاً: فى المعمودية نلبس المسيح. يقول الرسول بولس: "لأن كلكم الذين اعتمدتم بالمسيح قد لبستم المسيح" (غل3: 27). نلبسه لا بطريقة جسدية، بل لباساً روحياً داخلياً، فيه تختفى طبيعتنا، واهباً إيانا نفسه دون ان يقيد حريتنا. إننا نلبس المسيح لا كثوب خارجى، بل نتحد به ونتفاعل معه لنحمل شركة طبيعته دون أن نفقد طبيعتنا الإنسانية. يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [لا نأخذ هذا بالمعنى الأدبى كأنه عمل من أعمال المحبة بل هو حقيقة. فالتجسد جعل اتحادنا بالمسيح وشركتنا فى الألوهية أمراً واقعياً ([406])].

ثامناً: التطعيم فى المسيح. يقول العلامة ترتليان: [بالمعمودية يستعيد الإنسان تشبهه بالله ([407])]. يتحقق هذ االشبه باتحاد النفس مع مخلصها اتحاداً حقيقياً، حيث تتطعم فيه كالغصن فى الشجرة ليحمل ثمارها فيه. وقد استخدم السيد مثل الكرمة والأغصان (يو15) ليعلن أنه هو سرّ حياتنا].

تاسعاً: التمتع بسرّ الفصح الحقيقى لا الرمزى. فى المعمودية لا نتقبل رمزاً لفصحه، بل شركة حقيقية فى سرّ فصح المسيح، فنقبل بالإيمان: "عمل الله الذى أقامه من الأموات" (كو2: 12)، ليعبر بنا إلى الحياة المقامة ويجلسنا معه فى السماويات (أف2: 4 - 6). يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [العماد هو الصليب. ما قد حدث بالنسبة للمسيح فى الصلب والدفن يصنعه العماد معنا، وإن كان ليس بذات الطريقة. لقد مات المسيح بالجسد ودفن، أما نحن فنموت عن الخطية ونُدفن... إن كنت تشاركه الموت والدفن، فبالأولى تشاركه القيامة والحياة ([408])].

عاشراً: التمتع بالعضوية فى جسد المسيح الواحد. يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [الذين كانوا قبل عمادهم أسرى الآن يتمتعون ببهاء الحرية، صاروا أعضاء الكنيسة سالكين فى نور البر البهى بعد ما كانوا سائرين فى طرق الضلال الحالك وظلام الخطيئة القاتم. حقاً إنهم الآن محررون، ليس ذلك فقط بل قديسون وأبرار، أبناء وورثة، إخوة المسيح ووارثون معه، أعضاء جسده الطاهر وهياكل للروح القدس. تأمل فى العطايا الجزيلة والمواهب الثمينة التى يمنحها سر العماد! كثيرون يظنون إنه يغفر الخطيئة فقط، أما نحن فقد أحصينا له عشرة مفاعيل تجعل النفس فى مركز سام ومقام جليل لا يوصف ([409])].

حادى عشر: تقديس تحركات العروس! إن كنا فى المعمودية نتقبل العضوية فى جسد المسيح الأقدس، فبهذا تتشكل النفس لتصير عروساً مقدسة للرب، فتسمع صوت عريسها يقول لها: "فحممتك بالماء، وغسلت عند دماءك، ومسحتك بالزيت... وجملت جداً جداً فصلحت لمملكة. وخرج لك اسم فى الأمم لجمالك، لأنه كان كاملاً ببهائى الذى جعلته عليك..." (حز16: 9 - 14). يقول القديس يعقوب السروجى: [المعمودية هى عروس الملك التى تحبل وتلد له، يسندها الابن الوحيد بروح أبيه. إنها خطيبة الشمس التى استضاءت بها الخليقة كلها، ودُعى العالم إلى النور بمحبة].

ثانى عشر: التمتع بالاستنارة الروحية. فى طقسنا المعاصر، قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد أو الفصح المسيحى، يُقرأ الإنجيل الخاص بتفتيح عينى الأعمى فى أحد التناصير، الأحد السابق لأحد الشعانين. وكأن العماد المقدس فى حقيقته تفتيح لبصيرتنا الداخلية لمعاينة أسرار الحب الإلهى، فنقبل دخول المسيح نور العالم إلى أورشليمنا الداخلية لكى ننعم به بسرّ الفصح الحقيقى كسر استنارة يمس حياتنا الشخصية. على ضوء هذا نفهم كلمات الرسول فى (عب6: 4 - 6). أن "الذين استنيروا مرة"، أى الذين نالوا سرّ العماد، وسقطوا لا يمكن تجديدهم مرة أخرى، أى لا تُعاد معموديتهم، لأن المسيح يسوع قد صلب مرة واحدة ولا تكرار للمعمودية ([410]). لهذا السبب دُعى عيد عماد السيد المسيح بعيد الأنوار، ولنفس السبب اعتاد المعمدون قديماً أن يحملوا الشموع أو السرّج أو المشاعل بعد خروجهم من الجرن مباشرة. يقول القديس يوستين: [يسمى هذا الاغتسال – أى المعمودية – استنارة، لأن الذين يتعلمون هذه الأمور تستنير أفهامهم ([411])].


[396] [] In Epis. Ad Rom. Hom 2.

[397] [] ميمر عن المعمودية المقدسة (مخطوط بدير الأنبا أنطونيوس نسخ عام 1488ش).

[398] [] Epis. 7. 6.

[399] [] Sheoh. Sim 6: 9: 3.

[400] [] De Pudic 9: 9.

[401] [] In 2 cor hom 7: 3.

[402] [] Enchir. Patr. 712.

[403] [] F. j. doelger: Sphragis, Poderborn 1911, p32, 33.

[404] [] In Joam 19.

[405] [] مقال 3: 16.

[406] [] للمؤلف: الله مقدسى، ص 52.

[407] [] De Baptismo 5.

[408] [] In Joan. Hom. 25.

[409] [] To The Catechamens.

[410] [] سنعود لتوضيح ذلك فى نهاية الكتاب "الأسئلة".

[411] [] Apology 16: 1.

متى بدأت المعمودية؟ وكيف؟

كيف أعد العهد القديم للمعمودية المسيحية؟