ما هو أثر الإيمان الثالوثي على حياتنا اليومية؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, التثليث والتوحيد, اللاهوت العقيدي, عقيدة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ2 – العقائد المسيحية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هو أثر الإيمان الثالوثي على حياتنا اليومية؟

للإيمان دور أساسي في عبادتنا وعلى مفاهيمنا واشتياقاتنا وفي سلوكنا. هنا بعض الأمثلة لذلك.

أ - يجب أن نميز بين الوحدانية التي تقوم على الإيمان الثالوثي والوحدانية المطلقة التي قامت في مواجهة تعدد الآلهة. فالإيمان بتعدد الآلهة تأسس غالباً على الصراع بين هذه الآلهة، مما كان له أثره على حياة الإنسان الداخلية، حيث يجد الإنسان فى الصراع نموذجاً لحياته؛ فيمارسه الإنسان ليس فقط ضد الآخرين، وإنما حتى ضد نفسه. فالوحدانية كانت لازمة لفهم العهد القديم حسناً، لمنع الناس من السقوط في تعدد الآلهة، لكن ان فهمنا الوحدانية خارج الإيمان الثالوثي نظن في الله كائناً جامداً ومخيفاً، ذا سمات مطلقة، يخلق هذا الإيمان نوعاً من "الفردية والانعزالية"، إذ يتطلع المؤمن إلى الله كمثالٍ له، فيراه الوحيد الذي لا يُدنى منه، كمن هو معتزل في سماواته، لا تقوم فيه أية حركة. أما الإيمان بالوحدانية خلال سرّ التثليث فيقدم نموجاً إلهياً للمؤمنين عن "وحدة الحب". فيحثنا على ممارسة الحب على أثر خطوات الثالوث القدوس وخلال عمله فينا.

ب - في هذا السرّ نتعرف على "الأبوة والبنوة" فى معانيهما اللانهائية، فالآب يلد الابن كما يُولد النور من النور، مقدماً له ذات جوهره. هذه العلاقة الفريدة لا يمكن أن توجد خارج الله، أقصد أن للآب والابن جوهر واحد بسيط. خلال هذه العلاقة نتمتع بالتبني لله، إذ نقبل الآب أبانا باتحادنا معه في ابنه الوحيد. خلال هذا السرّ لا تُحصر علاقتنا بالله في دائرة ضيقة كعبيد مع سيدهم، إنما يقبلنا أولاداً له (رو8: 15 - 23؛ أف1: 5).

خلال هذه العلاقة الجديدة نتمتع بحركة حب إلهي لا تتوقف، مترجين لا أن ننال منافع من الله في هذا العالم الحاضر أو حتى في الدهر الآتي، بل نقتنى الله نفسه، نرث أحضانه كمسكنٍ أبدي لنا. بمعنى آخر يحول الإيمان الثالوثي علاقتنا بالله من علاقة منفعة ذاتية إلى شركة حب متبادل.

ت - يهبنا الإيمان الثالوثي فهماً متسعاً للكمال، إذ يتساءل البعض: كيف يمكن أن يكون الآب كاملاً في سماته وهو لا ينفصل عن الابن والروح القدس (أي يشاركانه سماته)؟ ونفس الأمر بالنسبة للابن والروح القدس. نجيب أن الكمال الحقيقي لا يُستعلن خلال الاكتفاء الذاتي الانعزالي، وإنما خلال حركة الحب الأزلي في الله والعلاقات المتبادلة اللانهائية.

يبلغ الإنسان الكمال لا بتمجيد ذاته ولا باكتفائه بذاته، وإنما خلال الوحدة مع الغير القائمة على الحب. الإنسان الكامل ليس هو من يغذي الذات (الأنا) ego من أجل اقتناء مجدٍ باطلٍ ونفعٍ لحسابه، بل هو ذاك الذي يحب الغير ويقبل حبهم له دون مقابلٍ.

4 - للإيمان الثالوثي أثره على كل الحياة البشرية حتى خلال العبادة:

أ - فى العهد القديم لم يكن المؤمنون قادرين على قبول الإيمان الثالوثي الذي يؤكد الوحدانية الحقيقية. كان لهذا النقص أثره على عبادتهم، إذ تطلعوا إلى الله ككائنٍ لا يُدنى منه، يعبدونه خشية أن يغضب عليهم. أما في العهد الجديد إذ قبل المؤمنون الإيمان الثالوثي تعرفوا على الله الذي يعلن حبه باحتضانه للبشرية واجتذابهم إلى الحضن الأبوي لينعموا بأسراره ويشاركونه أمجاده. لم يعد البشر مجرد آلات تخدم الله بطريقة آلية، إنما هم أبناء محبوبون يتمتعون بالأسرار الإلهية.

ب - يستأصل الإيمان الثالوثي كل جذور الأنانية، فإذ نرفع صلواتنا يجتذبنا الإيمان إلى الثالوث القدوس، الحب السرمدي، فنصلي من أجل خلاص كل البشرية بقلبٍ متسعٍ منفتحٍ!

ت - للإيمان الثالوثي أثره حتى على حياتنا الاجتماعية، فإذا اخترنا الزواج نترجى في الأسرة أن تكون أيقونة المحبة الثالوثية، يجد المؤمن مسرته في مسرة الغير، ويعمل كعضوٍ في الجسد لأجل بنيان الأسرة كلها. بهذا المنظار تكون الأسرة وحدة حب حقيقي، فيها يشتاق كل عضوٍ أن يعطي لا أن يأخذ! من جانب أخر إن اخترنا الحياة الديرية نقدم قلباً مفتوحاً نحو الكنيسة كلها بل ونحو العالم أجمع، هذا ما نعلنه خلال سجودنا المستمر وصلواتنا الدائمة من أجل كل البشر!

ما هي التشبيهات التي قدمها الآباء للثالوث القدوس؟

هل للابن مشيئة يُمكن أن تتعارض مع مشيئة الآب؟