ماذا يعنى الرسول بقوله: “كما هو الترابى هكذا الترابيون أيضاً، وكما هو السماوى هكذا السماويون أيضاً” (1 كو 15: 48)؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, اللاهوت الأخروي - الإسخاطولوجي, عقيدة, قيامة الأموات
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ7 – الأخرويات والحياة بعد الموت – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ماذا يعنى الرسول بقوله: "كما هو الترابى هكذا الترابيون أيضاً، وكما هو السماوى هكذا السماويون أيضاً" (1 كو 15: 48)؟

كما كان آدم الذى تشكّل من التراب هكذا تكون سلالته، خاضعين للضعف والانحلال والموت. وكما هو السماوى هكذا من يتحد به يشترك فى المجد السماوى. يقول العلامة أوريجينوس: [إن بقيت فيما هو من الأرض فإنك تتحول إليها فى النهاية. يجب أن تتغير، يلزم أن تصير سماوياً[155]].

ويقول مكسيموس أسقف تورينو: [تشكل آدم من الطين بيدى الله، وتشكل المسيح فى الرحم بروح الله[156]].

يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [ماذا إذن؟ ألم يمت هذا الإنسان أيضاً؟ حقاً لقد مات لكن لم تصبه أذية من هذا بل بالأحرى وضع نهاية للموت[157]].

يقول الأب بطرس خريسولوجوس:

[ليتنا نسمع ما جاء بعد ذلك: "كما كان الترابى هكذا الترابيون، وكما هو السماوى، هكذا يكون السمائيون". كيف يمكن للذين لم يولدوا هكذا كسمائيين أن يوجدوا سمائيين؟ ليس ببقائهم على ما وُلدوا عليه بل بالاستمرار فى أن يكونوا حسب الولادة الجديدة.

أيها الإخوة هذا هو السبب أن الروح السماوى بأمر سرّى لنوره أعطى خصوبة لرحم الأم العذراء. لقد أراد أن يلد أولئك الذين لهم أصل من كم ترابى موروث فجاءوا كبشر أرضيين فى حالة يُرثى لها ليصيروا ككائنات سماوية. أراد أن يحضرهم إلى شبه خالقهم. هكذا ليتنا نحن الذين بالفعل قد وُلدنا ثانية وتشكلنا على صورة خالقنا نحقق ما أمر به الرسول. لذلك وإن كنا قد حملنا شبه الأرضى، فلنحمل شبه السماوى!

لنثق بأن كل هذا كان ضرورة وهو أننا قد تشكلنا من الأرض، فلا نقدر أن نجلب ثماراً سماوية. نحن الذين وُلدنا من الشهوة لا نقدر أن نتجنب الشهوة، نحن الذين وثلدنا من إغراءات الجسد القوية لابد لنا أن نحمل ثقل إغراءاته. وإذ نتثقل بإغراءاته حسبنا هذا العالم بيتنا وصرنا أسرى لشروره. نحن نولد من جديد على شبه ربنا (كما أشرنا) الذى حبلت به البتول، فنحيا بالروح، ونحمل التواضع ويولد فينا الكمال، وتنتعش فينا البراءة، ونتعلم القداسة ونتمرن على الفضيلة، ويتبنانا الله أبناء له.

لنحمل صورة خالقنا فى إنتاج كامل. ليكن ذلك إعادة إنتاج ليس لذاك الجلال الذى هو فريد فى هذا، وإنما تلك البراءة والبساطة والوداعة والصبر والتواضع والرحمة والسلام الذى به قد عيّن لكى يصير واحداً معنا.

ليته تبطل احتكاكات الرذائل المزعجة، وتنهزم إغراءات الخطايا، وتُضبط العين مصدر الجرائم. ليت كل ضابط الأمور الزمنية يتبدد من حواسنا. ليت كل وهن الشهوات العالمية تُطرد من أذهاننا.

لنقبل فقر المسيح الذى يخزن لنا غنى أبدياً فى السماء. لنحفظ بالكامل قداسة النفس والجسد، لكى نحمل صورة خالقنا ونعتز بها فينا، لا خلال حجمها بل طريقة عملها.

يؤكد الرسول ما قلناه بكلماته: "الآن أقول يا إخوة أن لحماً ودماً لا يقدران أن يرثا ملكوت الله". انظر كيف يكرز بقيامة الجسد! هناك الروح تملك الجسد، لا الجسد يملك الروح، كما توضح الكلمات التالية: "ولا يرث الفساد عدم الفساد" (1 كو 15: 50).

ها أنتم ترون أنه ليس الجسد هو الذى يهلك، بل عنصر الفساد، ليس الإنسان، بل أخطاؤه، ليس الشخص بل خطاياه، حتى أن الإنسان الذى يعيش فى الله وأقامه، هو وحده يفرح عند بلوغه الخلاص من خطاياه[158]].


[155] In Genesis, hom 9. m.

[156] Maximus of Turin: Sermon, 2: 50.

[157] On 1 cor. , hom 2: 42.

[158] Fr. Peter Chrysologus: Selected Sermons (Frs. Of the Church) , 117.

ماذا يعنى الرسول بقوله: "وكما لبسنا صورة الترابى، سنلبس أيضاً صورة السماوى" (1 كو 15: 49)؟

إلى من ننتمى: إلى الإنسان الترابى أم الرب السماوى؟