ما هو أهم عمل فى الكنيسة؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
مقدم الإجابة الشماس بيشوي بشرى فايز
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الكنيسة, عقيدة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هو أهم عمل فى الكنيسة؟

تقدم الكنيسة الحب كأروع عمل من أعمالها. يقول القدّيس إكليمنضس السكندرى: [أفضل شئ أن نقتنى ملكوت الله... بمجتمع المحبّة المقدسة، الكنيسة السماوية، فإن المحبة هى أمر نقى يؤهل لله، عملها الشركة ([135])].

ألقى القديس يوحنا الذهبى الفم عظتين عن أتروبيوس الذى كان الإمبراطور يثق فيه ويستشيره فى كل شئون المملكة استخدم كل وسيلة للتنكيل بالكنيسة، وعندما اكتشف الإمبراطور أنه دبّر مؤامرة لاغتياله، هرب إلى الكنيسة وتمسك بقرون المذبح طالباً تدخل رئيس الأساقفة القديس يوحنا الذهبى الفم ليشفع فيه لدى الإمبراطور.

تجمهر الكثيرون يطلبون أن يسلم القديس يوحنا الذهبى الفم أتروبيوس للسلطات كى تحكامه، فماذا كان موقف القديس؟ لقد وجه حديثه لأتروبيوس، قائلاً:

[الكنيسة التى كنت تعاملها كعدو، تفتح لك حضنها وتستقبلك، بينما المسارح التى كنت تتودد إليها، والتى بسببها كثيراً ما كنت تنازعنى، تخونك وتهلكك.

والآن فإن الملاعب التى سببت لك غنى عظيماً تستل السيف ضدك، أما الكنيسة التى كنت دائماً تغضب عليها، تسرع فى كل اتجاه لإنقاذك من داخل الشبكة.

وإننى لا أنطق بهذا لكى أقلق نفسك وأنت مطروح على الأرض، إنما أرغب فى أولئك الذين لا زالوا قائمين أن يكونوا أكثر أماناً، لا عن طريق تهييج قروح إنسان مجروح، إنما بالحرى لكى أحفظ الذين لم يجرحوا فى صحة كاملة، لا بإغراق إنسان تصدمه الأمواج، بل بتعليم أولئك الذين يبحرون فى جو هادئ حتى لا يهلكون.

وكيف يتم هذا؟ بتأملهم فى التغيير الذى يصيب الشئون البشرية. لأنه (أتروبيوس) هذا الذى وقف مرتعباً من التغيير الذى حدث له، لم يكن له خبرة قبل ذلك، ولم يفلح عن طريق ضميره كما لم يأخذ بمشورات الآخرين. وأنتم يا من تفتخرون بغناكم، أما تستفيدون بما حدث (لأتروبيوس)، إذ لا شئ أوهن من الشئون البشرية.

إننى أعجز عن أن أعبر بدقة عن مدى تفاهة الشئون البشرية (أى سرعة تغيرها).

فإن دعوناها دخاناً أو عشباً أو حلماً أو أزهاراً ربيعية، أو أى لقب آخر، فإنه هكذا هى أمور هالكة بل وأقل من العدم. بل وبالإضافة إلى كونها عدم، فإنها تتسم بعنصر خطير جداً تؤكده (وهو سرعة التغيير).

أى إنسان كان أكثر عظمة من هذا الرجل (أتروبيوس)؟

ألم يفوق العالم كله فى الغنى؟!

ألم يتسلق إلى برج الرفعة ذاته؟!

ألم يكن الكل يخافه ويرتعب منه؟!

آه، ولكنه مع ذلك ألم يصر أكثر بؤساً من السجين؟ ويُرثى له أكثر من العبد الذليل؟ وأكثر إعساراً من الفقير المتضور جوعاً؟! إذ يرى كل يوم منظر السيوف الحادة، ومنظر القاتلين والمعذبين يقودونه نحو موته.

وهو مع هذا لا يعرف إن كان قد سبق وفرح ولو مرة واحدة فى الماضى، بل ولا يشعر حتى بأشعة الشمس. إنما فى وسط النهار يكون نظره معتماً كما لو أن ظلاماً دامساً قد اكتنفه. وإننى سأحاول قدر المستطاع، رغم عجز اللغة البشرية أن أعبر عن الآلام التى يخضع لها طبيعياً إذ يتوقع الموت كل ساعة.

ولماذا أعبر عن ذلك بكلمات من عندى، إن كان هو بنفسه قد رسم لنا صورة منظورة. إذ بالأمس لما جاءوا إليه يطاردونه بالقوة، هرب ليلتجئ فى مكان مقدس. وكان وجهه لا يختلف عن هيئة إنسان ميت، وصرير اسنانه وارتجاف كل بدنه ورعدته، واضطراب صوته وتلعثم لسانه، بل وكل مظهره العام يكشف عن روح مضطربة...

بينما الكل يحتقره فى أثناء دماره، إذ بالكنيسة وحدها كأم حنون تخبئه تحت ساعتها ([136]). مهدئة غضب الملك، وهياج الشعب، وكراهيتهم التى تغلى ضده.

هذه هى زينة المذبح (أن تحب الكنيسة من يعاديها ويقاومها). نقول إنه نوع جديد من الزينة (الحلى)، عندما يُسمع للخاطئ المتهم الذى يبغضها، اللص، أن يتمسك بالمذبح.

إن الزانية أمسكت بقدمى يسوع، تلك التى وُصمت بأنجس خطية واكثرها كرهاً. ومع ذلك فإن يسوع لم ينتهر عملها، بل بالحرى أعجب منها ومدحها، لأن المرأة الشريرة لم تؤذ نقاوته بلمسها ذاك البار الذى بلا خطية.

لا تتذمر إذن أيها الإنسان. فإننا خدام للمصلوب القائل: "اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون" (لو23: 34).

لكنك قد تقول: ألم ينزع أتروبيوس حقه فى الالتجاء هنا بواسطة قوانينه وشرائعه المختلفة؟! نعم. لكنه يتعلم بالخبرة ما قد صنعه، وسيكون هو بأفعاله أول من يكسر قوانينه (ضد الكنيسة)، ويصير مشهداً للعالم كله، وبالرغم من صمته فإنه ينطق بصوت عال محذراً الجميع، قائلاً: "لا تفعلوا ما قد فعلته أنا، حتى لا تعانوا مما أعانيه".

إنه فى نكبته يصير ملعماً، وينال المذبح مجداً عظيماً، موحياً برهبة عظيمة فى ذلك الأمر. إذ قد أمسك الأسد (أتروبيوس) أسيراً (بخضوعه للكنيسة)...

هكذا فإن هذا الإنسان يعظ دون أن ينطق بكلمة، ويتكلم بأعماله بصوت أعلى من صوت بوق...

لا يثر أحد ولا يغتظ، بل لنطلب مراحم الله أن تمهله عن الموت، وأن تنقذه من الهلاك المحدق به، حتى يتوب عن خطاياه، وأن نتحد مقتربين من الإمبراطور الرحوم، متوسلين إليه من أجل الكنيسة، من أجل المذبح، مقدماً حياة هذا الرجل كتقدمة للمائدة المقدسة ([137])].

يتحدث أوريجينوس عن الحب الذى يوّحد الأرض مع السماء، قائلاً:

[الآن، حسب كلمة الله، فإن أحد الفضائل العظيمة هى أن نحب بعضنا البعض. ولابد لنا أن نعتقد بأن القديسين الذين رحلوا، لهم تلك المحبة تجاه الذين يجاهدون فى معركة الحياة، بدرجة تفوق بكثير من هم مازالوا خاضعين للضعف البشرى، ومنشغلين بجهاد اخوتهم الأضعف منهم.

فالكلمات: "إن كان عضو واحد يتألم، فجميع الأعضاء تتألم معه. وإن كان عضو واحد يُكرم فجميع الأعضاء تفرح معه" (1كو12: 26) لا تقتصر على من يحب إخوته على الأرض. إن كانت ملائكة الله قد جاءت إلى يسوع، وصارت تخدمه (مت4: 11)، وإذا كنا نؤمن بأن خدمة الملائكة هذه لم تكن قاصرة على الفترة القصيرة التى استغرقتها رحلته الأرضية، فكم يكون عدد الملائكة، فى رأيك، الذين يخدمون يسوع، عندما شرع فى تجميع أبناء إسرائيل واحداً واحداً من الشتات، وفى خلاصهم بخوف، إذ يدعونه ([138])].


[135] [] Psedsgogus. 1: 2;

[136] [] ربما يشير إلى المذبح حيث توضع الساعة أمام المذبح.

[137] [] مقتطفات من العظة الأولى عن أتربيوس.

[138] [] On Prayer 2: 11.

ما هو موقف الكنيسة من جهة القوات السماوية؟

بماذا تُساهم العروس؟