ما هى نظرة آباء الكنيسة للكتاب المقدس؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الحياة الروحية المسيحية - اللاهوت الروحي, الوسائط الروحية, قراءة الكتاب المقدس
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ1 – مقدمات في الكاتيشيزم القبطي – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هى نظرة آباء الكنيسة للكتاب المقدس؟

أ - الكتاب المقدس سراج منير: يقول القديس كيرلس الكبير: [كلمة الله هو موضوع إيماننا، وهو النور. فالسراج هو الإيمان، إذ كان هو النور الحقيقى الذى يضئ لكل إنسان آتياً إلى العالم (يو1: 9) [92]1].

يقول العلامة أوريجينوس: [كان النور بالحق مخفياً ومحتجباً فى ناموس موسى، لكن لما جاء يسوع أشرق، إذ رُفع البرق، وأعلنت فى الحال وبالحق البركات التى قُدم ظلها فى الحرف[93]1].

يقول القديس أغسطينوس: [لا يوجد عائق عن نوال أحكام الله، إلا عدم الرغبة فيها... فإن نورها واضح ومشرق].

يقول القديس مار يعقوب السروجى: [ربنا، كلمتك كلها نور لمن يحبها، بها أستنير، لأتكلم فى العالم عن خيرك (مزمور 119: 105). ربنا، أنت نهار عظيم لمن يسير فيك، بنورك اتحرك لأسير بدون عثرات. العالم مظلم، وأنت نيّر يا ابن الله، بنورك ومعك أسير إلى أبيك[94]2].

ب - الكتاب المقدس فردوس النفس وطعامها الحلو: يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [نعم، بالحرى القراءة فى الأسفار الإلهية ليست روضة فحسب، بل هى فردوس. فإن الزهور ليس فيها رائحة فقط، وإنما أيضاً ثمار قادرة أن تُنعش النفس[95]3].

يقول القديس أغسطينوس: [الآن تعليم الحكمة المُعلن يشبه العسل، وكالشهد الذى يضغط عليه من الأسرار الغامضة كما يفعل بخلايا الشمع بفم المُعلم كمن يمضغه، فيكون حلواً فى فم القلب لا الفم الجسدى]. ويقول ماراسحق أسقف نينوى: [أحياناً يكون لعبارات كتابية عذوبة متزايدة فى الفم (مز119: 103) كما يكرر المرء عبارة بسيطة فى الصلاة عدة مرات دون أن يشبع منها، وينتقل منها إلى عبارة أخرى[96]3].

يقول القديس جيروم: [أى شئ مبهج أكثر من تلك البهجة التى نجدها فيه؟ ّ! أى طعام، أى عسل أحلى من تعلم خطة حكمة الله، والدخول إلى مقدسه، والتأمل فى فكر الخالق، وترديد كلمات ربكم التى وإن كانت تسخر بها حكمة هذا العالم، لكنها فى الحقيقة مملوءة حكمة روحية؟! لتكن ثروة الآخرين إن أرادوا وشربهم فى كؤوس مطعمة بالجواهر، ولبسهم الحرير، ويستدفئوا بمديح الناس كما لو كانوا عاجزين عن اقتناء غناهم فى كل أنواع الملذات. أما بهجتنا نحن فهى فى التأمل فى ناموس الرب نهاراً وليلاً، وقرع بابه عندما لا يكون مفتوحاً، واستلام خبز الثالوث، وسير الله امامنا على أمواج العالم[97]1].

ج - الكتاب المقدس وليمة العريس: يقول القديس مار يعقوب السروجى: [كل حوادث العالم ينهيها الموت، هلم واسمع منا خبراً منه تنبع الحياة... عروس النور دعتنا اليوم لنتنعّم معها، لقد ذبحت الختن وها هى توزعه على المائدة (الروحية).

د - الكتاب المقدس ميناء الحياة: يقول العلامة أوريجينوس: [لست أتوهم ولا أطلب أن تحينى حسب سلوكى (برّى الذاتى)، وإنما حسب أحكامك، بمعنى آخر أحينى بالطريقة التى تريدنى أن أحيا بها، فإننى أريد أنا أيضاً أن أحيا].

يقول القديس ماريعقوب السروجى: [الأسفار الإلهية هى موانى الحياة، اصعدوا أيها المتميزون من الأمواج، واستريحوا في الموانى... هوذا الكنوز مطمورة فى أسفار اللاهوت، ومن يريد، يأخذ الغنى غير المحدود[98]2].

يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [من المفيد جداً قراءة الكتاب المقدس، فإنها تجعل النفس حكيمة، وتوجّه الروح نحو السماء، وتحرّك الإنسان نحو الشكر، وتهلك الرغبة فى الأمور الأرضية، وتدع أذهاننا تتمعن باستمرار فى العالم الآخر[99]3]. [لا يمكن لمن أنعم عليه بفاعلية كلام الله أن يبقى هكذا فى هذا الانحطاط الحاضر، بل بالأحرى يطلب له جناحين ينطلق بهما حالاً إلى الأرض العلوية مكتشفاً نور الصالحات غير المحدودة[100]4].

[ألا ترون أنه ليس بدون سبب يتحدث هذا الإنجيلي (يوحنا) إلينا من السماء؟ انظروا كيف أنه منذ البادية يسحب نفوسنا ويهبها أجنحة ويصعد بأذهان سامعيه معه. إذ يصعد بها إلى ما هو أعلى من كل المحسوسات، أعلى من الأرض والسماء، ويمسك بيدها ويقودها فوق الملائكة أنفسهم، فوق الشاروبيم والسيرافيم، فوق العروش والرؤساء والسلاطين، وفى اختصار يقودها إلى رحلة فوق كل المخلوقات[101]1].

ﮪ - الكتاب المقدس طبيب النفس ودوائها: صار البشر فى العالم لا كمن هم فى دار محكمة يترقبون الموت الأبدى، إنما فى مستشفى يحتاجون إلى أدوية وعلاج ألا وهى أسفار الكتاب المقدس، يُقدمها الطبيب الإلهي المُهتم بخلاصنا. بالكتاب المقدس نتحدّى الشر والفساد والموت الأبدي، وبروح الرجاء نترقب يوم مجئ الرب بكونه عريسنا السماوى.

يقول القديس باسيليوس: [إنك ستجدين أدوية كثيرة ضد الشرّ فى الكتاب المقدس، تجدين علاجاً للخلاص من الخراب والعودة إلى الصحة. أسرار الموت والقيامة، عبارات العقوبة الأبدية، تعاليم التوبة ومغفرة الخطايا (باستحقاق دم المسيح)، تلك الصور التى لا حصر لها للحديث (عن الأدوية)، مثل الدرهم المفقود، والخروف الضال، والابن الذى أضاع كل ماله على الزوانى، الذى كان ضالاً ووُجد، ميتاً فعاش. ليتنا لا نستخدم هذه الأدويّة التى لأجل مرضنا (لكى تكون شاهداً علينا)، بل لكى تشفى نفوسنا[102]2].

كما يقول: [حياة النفس هى الكتب الإلهية، ومن يحيا فها فحياته أسمى من الطبيعة... الكتب هى أطباء النفس المريضة، وعباراتها موضوعة كالعقاقير الجيدة[103]3].

يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [لأننا رائحة المسيح الزكية لله في الذين يخلصون وفي الذين يهلكون "(2كو2: 15). يقول سواء فى الذين يخلصون أو الذين يهلكون يستمر الإنجيل فى عمله اللائق، وكما أن النور وإن كان يحسب عمى بالنسبة للضعيف لكنه يبقى نوراً... والعسل فى فم المرضى مُر لكنه فى طبعه حلو، هكذا للإنجيل رائحته الزكيّة حتى وان كان البعض يهلك بسبب عدم إيمانهم به، لأنه ليس هو السبب فى هلاكهم إنما ضلالهم هو السبب... بالمخلص يسقط ويقوم كثيرون لكنه يبقى هو المخلّص حتى وإن هلك ربوات... فهو لا يزال مستمراً فى تقديم الشفاء[104]4].

و - الكتاب المقدس اللؤلؤة الخفية: يقول القديس جيروم: [كل كلمة من الكتاب المقدس لها رمزها الخاص. هذه الكلمات البسيطة يتأملها الأشخاص فى كل جيل وهى تُغلف معنى سرياً كاملآ... "ولكن لنا هذا الكنز فى أوان خزفية" (2كو4: 7). لنا كنز إلهي من المعانى فى كلمات عادية جداً[105]1]. يقول القديس ماريعقوب السروجي: [أسفار (الكتاب المقدس) محيط تجد فيه الدرة الخفية. فعلى المفسر أن يغطس في الماء ليستخرجها. يغطس العقل فى الأسفار، ويستخرج الدرة، ويريها للتجار.].

ز - الكتاب المقدس مُرشِد للإنسان: يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [من المفيد جداً قراءة الكتاب المقدس، فإنها تجعل النفس حكيمة، وتوجّه الروح نحو السماء... وتدع أذهاننا تتمعن باستمرار فى العالم الآخر[106]2].

ح - الكتاب المقدس يستأصل شجرة الشر: جاءت الكلمات الإلهيّة المكتوبة كعلاج لضعفنا البشرى. يقول الذهبى الفم: [تعليمك ممتلئ عيون نور من كل جانب، وهو يُنقى طريق العالم من العثرات[107]3].

ويقول مار يعقوب السروجى: [امسك سيف الروح الذى هو كلمة الحياة، وحطم ضربات العدو والقها عنك. أحط نفسك برمح الكاروب النارى. إنها حراسة يقظة، أى كمال كل الوصايا[108]4]. ويقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [لقد سمعتم الصوت الرسولى. إنه بوق من السماء (رؤ1: 10)، وقيثارة روحية. فكما أن البوق يعطى صوتاً مرعباً ينبه إلى قيام حرب، فإنه من جانب يفزع العدو، ومن الجانب الآخر يثير حماس النفوس الواهنة، ويملأها جسارة عظيمة، ويجعل أولئك الذين ينصتون إليه ضد إبليس لا يُقهرون. مرة أخرى فإنه كقيثارة يهدئ النفوس الأسيرة بإيقاع عذب، ويزيل عنها قلق الأفكار الفاسدة[109]5].

ط – بالكتاب المقدس يتكلم الروح فينا: يقول مار يعقوب السروجى: [بكلمتك روحك يتكلم فىّ، لأنه ليس لى قدرة الكلام عنك[110]6].


[92] 1 In lus, 33: 11 - 36.

[93] 1 On Principitis 1: 4: 6 (Die griechischen christichen Schrifsteller, 302: 4).

[94] 2 الميمر 12 على ذاك الابن الذى بدد أمواله (راجع نص بول بيجان ترجمة الدكتور بهنام سونى)، الميمر السابع والثلاثون، على الابن الشاطر، مطبعة مصر بالفجالة تحت إشراف يوسف بك منقريوس.

[95] 3 On Statues, homily 2: 1.

[96] 3 Discourse 22.

[97] 1 Ep. 30.

[98] 2 الميمر 66 على شجرة معرفة الخير والشر وعلى الصدقات وعلى الفقر (راجع نص بول بيجان والدكتور الأب بهنام سونى).

[99] 3 د. عدنان طرابلسى: شرح إنجيل متى للقديس يوحنا الذهبى الفم، 1996، ص5.

[100] 4 In John hom 6: 1.

[101] 1 Homilies on St, John, Hom, 8: 2.

[102] 2 رسالة 46: رسالة إلى عذراء ساقطة.

[103] 3 Memre 113 0n Elijah the prophet & Naboth the Jezreelite (See Paul Bedjan & Dr. Behnam Sony).

[104] 4 In 2 Cor, hom 2: 5.

[105] 1 Homily 20 on Ps. 90 (91) (FC 160: 48).

[106] 2 د. عدنان طرابلس: شرح إنجيل متى للقديس يوحنا الذهبى الفم 1996 ص5.

[107] 3 القس أغسطينوس البراموسى: القديس يعقوب السروجى 1988 ص27.

[108] 4 الميمر 66 على شجرة معرفة الخير والشر وعلى الصدقات وعلى الفقر (راجع نص بول بيجان والدكتور الأب بهنام سونى).

[109] 5 On Statues, homily 1: 1.

[110] 6 القس أغسطينوس البراموسى: القديس يعقوب السروجى 1988 ص27.

كيف يدعونا الكتاب المقدس نحن وجميع الأمم للهتاف والتسبيح؟

ما هى نظرة المؤمن للكتاب المقدس؟