كيف يدعونا الكتاب المقدس نحن وجميع الأمم للهتاف والتسبيح؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الحياة الروحية المسيحية - اللاهوت الروحي, الوسائط الروحية, قراءة الكتاب المقدس
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ1 – مقدمات في الكاتيشيزم القبطي – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

كيف يدعونا الكتاب المقدس نحن وجميع الأمم للهتاف والتسبيح؟

يدعو الكتاب المقدس جميع الأمم للهتاف والتسبيح (مز47: 1؛ 98: 4)، لعل كل الأرض تتحوّل إلى سماء متهللة بالرب. هذه الدعوة موجهة على وجه الخصوص لمستقيمى القلوب (مز32: 11؛ 33: 1)، كما هو موجهة لكل مؤمن كعطية شخصية (مز9: 2). يشعر المؤمن أن كل الأمور تسير على ما يرام، ليس عندما يتمتع بصحة جيدة أو ينال نجاحاً فى عمل ما، إنما عندما يدرك أنه اقتنى الله مصدر الشبع والحكمة والفرح والتهليل. فيصرخ قلبه فى كل صباح قائلاً: "فلتعترف لك الشعوب يا الله، فلتعترف لك الشعوب كلها، لتفرح الأمم وتبتهج" (مز66 Lxx).

يقول القديس باسيليوس الكبير: [ "اهتفوا أيها الصديقون بالرب، بالمستقيمين يليق التسبيح" (مز33: 1). كثيراً ما نسمع عن صرخات الهتاف فى الكتاب المقدس، التي تعبّر عن حالة النفس السعيدة جداً، والمملوءة فرحاً. ليس لأن كل شئ يسير على ما يرام، وليس لأجل صحة جسدية، ولا لأن الحقول أتت بالثمار من كل نوع، بل لأنكم اقتنيتم الرب. فهو الجميل، الطيب والحكيم! ألا يكفيكم هذا الفرح الذى ملأكم به؟ يجب إذن أن يبتهج الإنسان عندما يمتلئ بالفرح والتهليل، لأجل هذا الخير ويعمل لحفظه[111]1].

هذا ما تغَنى به المرتل قبل مجئ المخلص، قائلاً "وفى كل الأمم خلاصك" (مز67: 2)، وما ملأ قلب سمعان الشيخ بالفرح، حين حمله على ذراعيه، وسبحَّه قائلاً: "لأن عينى قد أبصرتا خلاصك، الذى أعددته قدام جميع الشعوب" (لو2: 30 - 31).

يقول القديس أغسطينوس: [اسمعوا العبارة التالية كيف يتحدث ليس فى جزئية: "يحمدك الشعوب كلها" (مز67: 3) لتسيروا فى الطريق معاً مع كل الأمم، سيروا فى الطريق معاً مع كل الشعوب، يا أبناء السلام، أبناء الكنيسة الواحدة الكاثوليكية (الجامعة). سيروا فى الطريق متطلعين، وأنتم تسيرون].

[الذين يخافون اللصوص يغنون (فى الطريق) فكم بالأكثر وأنتم فى أمان تغنون فى المسيح! هذا الطريق ليس فيه لصوص إلا إذا تركتم الطريق فإنكم تسقطون فى أيدى اللصوص].

يقول الأب أنسيمس الأورشليمي: [يدعو النبى كافة الناس إلى التوبة والاعتراف بإحسان الله. فقوله: "الشعوب كلها" (مز67: 5) يحتوى على نبوة أنه مزمع بكل مكان أن يُقرب لله ذبيحة التسبيح والصلاة، وليس عند اليهود وفى أورشليم فقط].

ونحن كمؤمنين يلزم أن تتهلل قلوبنا بالرب على الدوام. يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: "لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى، وأنتم بكل حكمة معلمون ومنذرون بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغاني روحية بنعمة، مترنمين في قلوبكم للرب" (كو3: 16)...

تأملوا مراعاة بولس لمشاعر الآخرين، فإذ يرى أن القراءة مجهدة، تثير الضجر إلى حد بعيد، فإنه لم يوجه أنظارهم إلى بالأسفار التاريخية بل إلى المزامير، حتى تبهجوا نفوسكم بالترنيم وبرقة تسلّون رفقاءكم، إذ يقول "بترانيم وأغانى روحية" لكن أولادكم الآن يتفوهون بأغانى ورقصات الشيطان، فالطهاة والخدم والموسيقيون، ليس منهم أحد يعرف أى مزمور، لكنه أمر يخجلون منه بل ويسخرون منه ويتهكمون عليه. وهنا مكمن كل الشرور...

عِلمه أن يرنم تلك المزامير المملوءة بحب الحكمة، إذ تخص العفة أو بالحرى ومثل كل شئ لا تجعله يصاحب الأشرار، ما إن يستهل قراءة الكتاب (سفر المزامير)...

وحينما يتعلم بواسطة المزامير، سيعرف الترانيم أيضاً، كشئ مقدس. لأن القوات العلوية تنشد الترانيم، وليس المزامير. إذ يقول الجامعة: "إن الترنيمة ليست حلوة فى فم الخاطئ".

فما هى ترنيمة العلويين؟ يعرفها المؤمن. ماذا يقول الشاروبيم فى العلاء؟ ماذا يقول الملائكة؟ "المجد لله فى الأعالى" لهذا بعد الأبصلمودية (المزامير) تأتي الترانيم، كشئ أكثر كمالاً...

حتى وإن كنتم في السوق، يمكن لكم أن تتماسكوا وترنموا لله دون أن يسمعكم أحد. لأن موسى أيضاً قد صلى هكذا، وسمعه الله إذ يقول له الله، ما لك تصرخ إلى "؟ (خر14: 15) مع أنه لم يقل شيئاً. بل صرخ بأفكاره، فلم يسمعه إلا الله وحده، إذ كان يصرخ بقلب منسحق. فليس محرماً أن يصلى الإنسان بقلبه حتى وهو سائر على قدميه، إذ يسكن (بفكره) العلاء[112]1].


[111] 1 Homily on Ps. 33 (32 Lxx).

[112] 1 Homilies on Col. , Hom. 9.

ما هى غاية الكتاب المقدس؟

ما هى نظرة آباء الكنيسة للكتاب المقدس؟