كيف يكون رئيس كهنة وفى نفس الوقت هو غافر الخطايا؟

كارت التعريف بالسؤال

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

كيف يكون رئيس كهنة وفى نفس الوقت هو غافر الخطايا؟

ما كان يشغل القديس كيرلس الكبير هو الاتحاد الأقنومى للاهوت المسيح مع ناسوته. إذ يقول: [لقد صار رئيس كهنة بحسب ناسوته. ومع ذلك فهو بحسب لاهوته يقبل إلى نفسه الذبائح المقدمة من الجميع. إنه هو نفسه بحسب الجسد الذبيحة، وبحسب سلطان لاهوته غافر الخطايا. وفى كلا الأمرين واحد هو الرب يسوع المسيح ([73])].

مرة أخرى يقارن القديس كيرلس الكبير بين كلمة الله المتجسد الذى يقدم نفسه ذبيحة عن العالم وبين كل ذبائح الكهنة عبر التاريخ. لم يجسر كاهن ما أن يقدم ذبيحة وهو جالس بجوار الإله الذى يعبده، بل يقف فى خشوع كى يقبل ذبيحته، أما السيد المسيح فهو الواحد مع الآب يجلس عن يمينه وهو نفسه ذبيحة. [إن كان حقاً إن كل كاهن يقف دائماً أثناء تقديمه الخدمة (الليتورجية) ولا يُحسب قط جليساً ولا مساوياً فى الكرامة مع الله، بل فقط متعبداً له، فكيف لا يكون المسيح كاهناً فائقاً فريداً من نوعه، لأنه فى حين تقديمه الخدمة الليتورجية – بحسب بشريته – فهو أيضاً – بحسب لاهوته يجلس على العرش الإلهى ([74])].

يقول القديس كيرلس الكبير إن تفسيره هذا ليس من عنده إنما سبق فأعلنه المرتل فى المزمور 110 حيث يبرز وحدة طبيعة المسيح. فقد أوضح هذا المزمور أن المسيا سيكون كاهناً أبدياً: "أقسم الرب ولن يندم أنت كاهن إلى الأبد على طقس ملكى صادق (مز110: 4). وفى نفس الوقت أوضح أيضاً أن هذا الكاهن جالس عن يمين الله فى العرش السماوى، إذ قال:" قال الرب لربى اجلس عن يمينى حتى أضع أعداءك موطئاً لقدميك "(مز110: 1).

هذا الربط بين كهنوت المسيح وجلوسه عن مين الله، هو حقيقة الاتحاد الأقنومى فى التجسد، أى وحدة كيان المسيح البشرى الإلهى، فهو الإله المتجسد، له طبيعة التجسد دون أن يفارق اللاهوت الناسوت لحظة واحدة ولا طرفة عين.

يتحدث أيضاً القديس كيرلس الكبير عن كهنوت المسيح والاتحاد الأقنومى، قائلاً: [لأنه فى حين تقديمه الخدمة الليتورجية بحسب بشريته فهو أيضاً كإله يجلس على العرش الإلهى ([75])]. كما قال: [لقد قيل عنه أنه "اجتاز السماوات" (عب4: 14) جسدياً وإلهياً بأن واحد. فقد صعد (جسدياً) ليظهر أمام وجه الله (من أجلنا)؟ ومن جهة أخرى فهو يجتاز السماوات (إلهاً) ليجلس كابن مع أبيه فوق كل رئاسة على الرغم من أنه صار مثلنا بحسب التدبير ([76])].


[73] [] تفسير الرسالة إلى العبرانيين 2: 17 PG 963: 74.

[74] [] تفسير الرسالة إلى العبرانيين 8: 2 PG 977: 74.

[75] [] تفسير الرسالة إلى العبرانيين 8: 2 PG 977: 74.

[76] [] تفسير الرسالة إلى العبرانيين 4: 14 PG 973: 74.

[77] [] دير القديس الأنبا مقار: حياة المسيح المقدسة وآلامه وموته وقيامته وصعوده وكهنوته السماوى من أجلنا بحسب تعليم القديسين أثناسيوس الرسولى وكيرلس الكبير، 1994ص 116الخ.

ماذا يعنى الرسول بقوله: "رسول اعترافنا" (عب2:3)؟

ما هو دور مسيحنا فى كهنوته السماوى الفريد؟