ما هو دور قانون الإيمان فى الغنى الداخلى؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, قانون الإيمان النيقاوي, قوانين الكنيسة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ2 – العقائد المسيحية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هو دور قانون الإيمان فى الغنى الداخلى؟

فى الكنيسة الأولى كان بعض اليهود وأيضاً الأمم الراغبون فى الانضمام للكنيسة يُطالبون بالحضور فى دراسات خاصة بطالبى العماد. لم تكن هذه الدراسات لمجرد تقديم معلومات، وإنما كانوا يتمتعون بمفاهيم الإيمان والصلاة الربانية والسلوك فى المسيح يسوع الخ. لكى يدركوا الغنى الذى يتمتعون به خلال المعمودية والشركة مع الثالوث القدوس.

كان أهل البيت يعتمدون مع من ينال المعمودية كما حدث مع حارس السجن بفيلبى (أع 31: 31، 34) وكرنيليوس (أع 10: 48) فلماذا كان المؤمن يعتمد معه أهل بيته؟ كان دور المؤمن كإشبين لأطفاله أن يقودهم كأب إلى الغنى الذى نالوه فى طفولتهم بالعماد. دوره الرئيسى أن يشرح عملياً ما قاله السيد المسيح لتلاميذه: "ملكوت الله داخلكم" (لو17: 21). للأسف بعض المؤمنين يركّزون فى تربيتهم لأطفالهم على نقدهم لتصرفاتهم الخاطئة، عوض إبراز محبة الثالوث القدوس لهم وعمله فيهم.

أذكر فى أثناء خدمتى بلوس أنجيلوس، زارتنى باكراً جداً سيدة تعانى من بعض الظروف المادية وكانت متهللة للغاية سألتها عن سبب فرحها، فقالت لى إن ابنها الصغير جاء إليها فى الصباح الباكر وأيقظها، وقال لها: "أنا أغنى إنسان فى العالم" دُهشت للغاية، وظنّت أنه رأى حلماً فى نومه أنه صار غنياً جداً. سألته: لماذا تقول هذا؟ أجابها: "أنا أغنى إنسان، لأنك أنت أمى!" لم تصدق نفسها، وامتلأت بهجة وجاءت تخبرنى بما قاله لها ابنها.

شعرتُ أن ما قاله هذا الطفل الصغير يليق بكل مؤمن أن يشعر به أنه أغنى كائن على وجه الأرض، لأنه صار ابناً لله وهيكلاً مقدساً وروح الرب يسكن فيه (1كو 3: 16).

لست أعنى بذلك لا نوجه أطفالنا عى أخطائهم، وإنما أن نبدأ التعامل مع أطفالنا وهم رُضع بكشف أعينهم عن الغنى الذى فى أعماقهم.

أحسب أنه يليق بنا فى دراستنا لقانون الإيمان ان نركز على الغنى الذى نتمتع به فى أعماقنا، خلال عمل الثالوث القدوس. هذا ما أراده الرسول بولس بقوله: "فإن كل شئ لكم... وأما أنتم فللمسيح، والمسيح لله" (1كو 3: 21، 23). فنحن هنا على الأرض، نتمتع بعربون ميراثنا الأبدى. انه سرّ غنانا وسعادتنا. يقول القديس كيرلس الكبير: [أولئك الذين بسبب الجهل قللوا من قيمة اقتناء الإيمان المستقيم ممجدين حياتهم بسبب اعمال الفضائل، يشبهون أناساً ذوى ملامح حسنة فى وجوههم، ولكن نظرة عيونهم مصابة بتشويه وحول. وينطبق عليهم قول الله بصوت إرميا إلى أمة اليهود، أى أورشليم: "لأن عينيك ليستا مستقيمتين وقلبك ليس صالحاً" (أنظر إر22: 17). لذلك من الضرورى – قبل أى شئ آخر – أن يكون لكم ذهن سليم فى داخلكم، وأن تهتموا بالأسفار المقدسة التى تخاطبكم قائلة: "لتنظر عيناك باستقامة" (أم4: 25LXX)، لأن الابتعاد عن استقامة التعاليم المقدسة لن يكون له شئ آخر سوى أن تنام نوم الموت[7].].

  1. ما هو مدى ارتباط قانون الإيمان بالاستعداد لنوال العماد وحفظ الإيمان الأرثوذكسي؟

اهتم كثير من آباء الكنيسة بشرح قانون الإيمان أو أجزاء منه، خاصة الذين كانوا يهيؤون طالبى العماد، وأيضاً الذين كانوا يواجهون بعض البدع، مثل القديس كيرلس الكبير وكيرلس أسقف أورشليم وأغسطينوس.

جاء فى القوانين (الدساتير) الرسولية: [على الموعوظين أن يتسلموا قبل المعمودية معرفة الله الآب والابن الوحيد والروح القدس، ونظام خلق العالم والإعلانات الإلهية، ولماذا خُلق الإنسان والعالم، ويتعلم من ناموس الطبيعة لكى يعرف الهدف الذى خُلق لأجله. ويتعلم كيف أن الله عادل... ويكلّل قديسيه فى كل جيل، مثل شيث وأنوش وأخنوخ ونوح وإبراهيم وملكىي صادق الخ. ويتعلم تجسد المسيح وآلامه وقيامته وصعوده، وما معنى جحد الشيطان والدخول مع المسيح فى عهدٍ[8].].

ويظهر اهتمام الكنيسة بتسليم قانون الإيمان أن الأساقفة كانوا يهتمون أن يقوموا بهذا العمل بأنفسهم، فقد كتب الأسقف أمبروسيوس إلى اخته مرسيلينا: [فى اليوم التالى، إذ كان يوم الرب، بعد الدرس والعظة، كما خرج الموعوظون، سلمت طالبى العماد قانون الإيمان فى معمودية البازليكي[9].].

كذلك يفتتح الأسقف أغسطينوس مقاله عن "قانون الإيمان لطالبى العماد"، قائلاً: [استلموا يا أولادى دستور الإيمان الذى يُدعى قانون الإيمان... وإذ تتقبلوه، اكتبوه فى قلوبكم، ورددوه كل يوم قبل النوم وقبل الخروج. تسلّحوا بقانون إيمانكم. إنه قانون لا يكتبه الإنسان لكى يقرأه بل لكى يردده، حتى لا ينسى ما قد تسلمه بعناية. سجلوه فى ذاكرتكم.].

ويقول القديس كيرلس الأورشليمى: [عندما تتعلم "الإيمان" والاعتراف به، اطلب هذا الإيمان وحده الذى تُسلمه لك الكنيسة الآن. احتفظ بهذا الذى يشيد به الكتاب المقدس بقوة... لا تكتبه على ورق بل انقشه بذاكرتك على قلبك... إننى أرغب فى تقديمه لك كعون يسندك كل أيام حياتك].

وكتب الأنبا يوحنا الأورشليمى للقديس جيروم: [العادة عندنا أننا نسلم التعليم بالثالوث القدوس بصورة عامة خلال الأربعين يوماً للذين سيتعمدون.].

الاعتراف بالإيمان هو دخول فى ميثاق إلهى أو توقيع عقد مع الله، يُسجل فى سفر السماء. وفى هذا ويقول الأب ثيؤدور المصيصى: [أن نقيم العقود والمواثيق مع الله ربنا بالاعتراف بالإيمان، خلال وساطة الكاهن نصير مؤهلين للدخول فى بيته والتمتع برؤيته ومعرفته وسكناه وأن تُسجل فى المدينة ونُحسب مواطنين فيها ونصير أصحاب ثقة عظيمة[10].] كما يقول: [بالاعتراف بالإيمان تربط نفسك بالله بواسطة الأسقف، وتقيم ميثاقاً تتعهد فيه أن تثابر فى محبة الطبيعة الإلهية[11].].


[7] القديس كيرلس الكبير: رسالة 55.

[8] Apost. Const. 39: 7.

[9] Epist 20.

[10] Whitacker, Documents of the Baptismal Liturgy, 1970,p46.

[11] Cat. Hom 1: 13.

ما هى بنود قانون الإيمان الحالى؟

ما هو ارتباط قانون الإيمان بالصلاة الربانية؟