4- ما هى الخطوات العملية لممارسة العبادة المرضية لله؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الحياة الروحية المسيحية - اللاهوت الروحي, الصلاة, الوسائط الروحية
آخر تحديث 13 يناير 2022
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ4 – العبادة المسيحية أنطلاقة نحو السماء – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

4 - ما هى الخطوات العملية لممارسة العبادة المرضية لله؟

أولاً: رفع القلب للسماء، حيث تلتقى النفس بالسماوى، فيزداد شوقها للحياة السماوية. يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: "حين ستر الهيكل، فثق أن السماء قد انفتحت أبوابها.".

بالنسبة للعبادة الخاصة بتقديس يوم الربّ (الأحد) يسند القديس إكليمنضس السكندرى العمل الليتورجى خلال السلوك الروحى الحى والتأمّل المُستمرّ فى السماويات من أجل التمتُع بأمجاد قيامة الرب. يقول: [يُحفَظ يوم الرب بتنفيذ الوصيّة حسب الإنجيل بترك الإنسان الشرّ... ممجداً قيامة الرب فى نفسه. بالأحرى عندما يتمتَع بإدراك التأمّلات الحقيقيّة، فيبدو كمن رأى الرب، مُوَجِّهاً أنظاره نحو غير المنظورات[6].] كما يقول: [(الانسان الروحى) يحفظ يوم الرب... ممجداً قيامة الرب فى نفسه... يكون طاهراً على الدوام مستعداً للصلاة. يُصَلّى مع جوقة الملائكة، لأنه قد صار فى الرتبة الملائكيّة، محفوظاً على الدوام بعنايتهم المقدّسة. حينما يُصَلِّى وحده يقف مع صفوف القدّيسين... صلاته هى شكر من أجل الماضى والحاضر والمستقبل، لأنه يرى المستقبل بالإيمان حاضراً أمامه... يُقَدِّم الشكر لله على الدوام، على مثال ما قاله إشعياء بخصوص تسبيح المخلوقات الحيّة[7].].

يقول القديس باسيليوس الكبير: [ "اسجدوا للرب فى هيكل قدسه"... كثيرون يقفون للصلاة، ولكنهم ليسوا فى الهيكل، فأفكارهم تجوب فى الأمور الباطلة خارجاً... وللهيكل مفهوم أسمى، إذ يشير إلى الحياة فى السماء، من أجل المغروسين فى بيت الله، كنيسة الله الحى (1تى3: 15)، يزهرون فى بيت الله إن كانوا ضمن جماعة المؤمنين[8].].

كما يقول: [ "صوت الرب بقوةٍ، صوت الرب بجلال عظيم"... الجلال فضيلة عظيمة جداً، فالجلال صفة ذاك الذي يكرس كل نشاطه للأعمال العظيمة، والنفس التى لا تُستعبَد للأفكار الجسدية، بل تحيا فى العظمة والكرامة التى لها من الله، فتسمع "صوت الله"، أيضاً الذين ارتفعت أفكارهم نحو الله، ويتأملون فى سمو أهداف الخليقة ليستخلصوا منها – ولو بالقدر البسيط – عظم مجد عناية الله. وهم أيضاً الذين لا يعيشون فى رغد العيش، بل يسرعون للتخفيف من آلام الفقراء. أولئك جميعاً ينطبق عليهم صفة الجلال وصوت الرب يسكن فيهم. والإنسان الذى يتصف بالجلال، لا يهتم كثيراً بالأمور المادية، ويعتبرها نفاية بالنسبة للخيرات غير المرئية. مثل هذا الإنسان لا يستسلم للألم لأى سبب. فلا تؤثر فيه التعييرات أو الاحتقار أو الكراهية التى تصدر عن الأقزام. هو أيضاً لا يتأثر بشهوات الجسد التى تحط من شأن الإنسان، لأنها لا تعنيه، إذ أن أفكاره قد سمت إلى الأعالى إلى فوق[9].].

ثانياً: أن يعرف المؤمن نفسه. فيعرف أنه قد نال البنوة لله بالمعمودية، وأنه عضو فى جسد الابن الوحيد الجنس، وأنه هيكل الله يسكن فيه روح الله القدوس، فيتحدث مع الثالوث القدوس، ويسلك فى عبادته بما يليق به، واثقاً فى الشركة مع الله. يقول القديس أنبا أنطونيوس الكبير: "من عرف نفسه عرف الله، ومن عرف الله يستحق أن يعبده بالحق[10]." ويقول لاكتانتيوس: "التقوى ليست سوى التعرُّف على الله أنه أب.".

ثالثاً: أن يعرف المؤمن رسالته. يقول لاكتانتيوس: "إن سأل أحد إنساناً حكيماً لماذا ولد، فإنه يجيب بغير خوفٍ ولا تردد وُلد لكى يعبد الله.".

رابعاً: أن يُدرِك المؤمن أنه ابن النور، لن يستريح فى الظلمة أو الجهالة. يتحدّث القديس إكليمنضس السكندرى عن الاتّجاه للشرق أثناء الصلاة، حيث يؤكد لنا ميلادنا الجديد فى المسيح يسوع شمس البرّ المُشرِق علينا. [يصلّون فى اتّجاه الشرق، لأن الشروق هو رمز لميلادنا، إذ منه يخرج النور مُشرِقاً على الظلمة. هكذا يشرق يوم المعرفة مثل الشمس على المدفونين فى الجهالة (الظلمة) [11].].

خامساً: الاهتمام بالنقاوة الداخلية والخارجية. يقول القديس إكليمنضس السكندرى [يليق بالنساء والرجال أن يذهبوا إلى الكنيسة فى هدوء ونظام وسكون، وتكون فيهم محبة صادقة، يكونون أطهاراً حسب الجسد والقلب، مؤهَّلين للصلاة أمام الله. وعلى النساء – بوجه الخصوص – أن يهتممن بالأكثر بهذا الأمر، وتكون المرأة مغطاة بالكامل وإلا تبقى فى بيتها، فإن ملبسها له خطورته، إذ يقيها من نظرات الآخرين. إن وضعت التواضع نصب عينيها لا تسقط أبداً... هكذا يليق بمن كرَّس نفسه للسيّد المسيح أن يسلك فى حياته كلها بذات السلوك الذى يراعيه داخل الكنيسة. قيل إنه يلزمنا أن نتقَّدم إلى الذبيحة والصلوات ونحن مغتسلون، أنقياء وفى بهاء، إنَّنا نمارس هذه الزينة الخارجيّة والتطهيرات الخارجيّة كعلامة. فإن النقاوة هى أن تكون أفكارنا مقدّسة... والتقديس – كما أدركه – هو نقاوة الكاملة للذهن والأعمال والأفكار والكلمات، وتصل إلى كمال درجتها حين لا نخطئ فى الأحلام. النقاوة الكافية للإنسان هى – كما أحسب – التوبة الصادقة الأكيدة[12].

سادساً: الالتزام بحياة الشكر والتسبيح، فتتمتع النفس بالفرح الحقيقى. يقول القديس أنطونيوس الكبير: [عندما تنام على سريرك، تذكر بركات الله، وعنايته بك، واشكره على هذا، فإذ تمتلئ بهذه الأفكار تفرح فى الروح. وعندئذ يكون فى نوم الجسد سمواً لنفسك، وإغلاق عينيك بمثابة معرفة حقيقية لله، وصمتك وأنت مشحون بمشاعر صالحة هو تمجيد لله القدير من كل القلب وكل القوة، مقدماً لله تسبيحاً يرتفع إلى الأعالي. لأنه عندما لا يوجد شر فى الإنسان، فإن الشكر وحده يرضي الله أكثر من تقدمات ثمينة، هذا الذى له المجد إلى دهر الدهور. آمين.] كما يقول: [اعلم أن الأمراض الجسدية هى أمر طبيعى بالنسبة للجسد، إذ هو مادى وقابل للفساد. لذلك إن حلّ به المرض، فإنه يجب على النفس المُتعلِّمة (الصلاح) أن تتشجَّع وتصبر بشكر دون أن تتذمَّر على الله الذى خلق لها الجسد.].

يقول القديس إكليمنضس السكندرى [وكل ما عملتم بقولٍ أو فعلٍ فاعملوا الكل باسم الرب يسوع شاكرين الله والآب به "(كو3: 17). هذا هو احتفالنا المملوء شكراً. إن أردت الترنُم واللعب على عود أو قيثارة فليس من لوم عليك[13].] ويقول: [فإنك بهذا تمتثل بالملك العبرانى فى تقديمه الشكر لله، إذ تقول النبوّة:" اهتفوا أيها الصدّيقون بالرب. بالمستقيمين يليق التسبيح. احمدوا الرب بالعود، بقيثارة ذات عشرة أوتار رنموّا له. وغنّوا له أغنية جديدة "(مز33: 1 - 3). ما هذه القيثارة ذات العشرة أوتار إلا كلمة" يسوع "التى أعلنت خلال حرف عشرة (وهو حرف اليوتا الذى يُمَثِّل رقم 10 فى اليونانية وأول حروف كلمة يسوع أو إيسوس[14].].

كما يقول: [فى الخدمة الإلهيّة يترنم الروح...

"سبّحوه بصوت البوق"، لأنه بصوت البوق يقيم الأموات.

"سبّحوه بالمزمار"، فإن اللسان هو مزمار الرب.

"سبّحوه بالقيثارة"، هنا يقصد الفم الذى يُحَرِّكه الروح كالوتر.

"سبّحوه بطبول ورقص"، مشيراً إلى الكنيسة التى تتأمّل القيامة من الأموات خلال وقع الضرب على الجلود (إشارة إلى الأموات).

"سبّحوه بالأوتار والأرغن"، يدعو جسدنا أرغناً، وأعصابه هى الأوتار التى يضرب عليها الروح فتعطى أصواتاً بشريّة منسجمة.

"سبّحوه بصنوج حسنة الصوت": يدعو اللسان صنجاً إذ يعطى الصوت خلال الشفتين.

لذلك يصرخ إلى البشريّة قائلاً: "كل نسمة فلتسبح اسم الرب" لأنه يعتني بكل مخلوق يتنفّس. حقاً إن الإنسان هو آلة السلام[15].].

يقول القدِّيس باسيليوس الكبير: [يلزم أن تُقَدِّم تشكُرات لله المهوب الممجد القدوس. ولا يُمارَس شئ بروح الجدال والمجد الباطل (فى 2: 3)، وإنما من أجل مجد الله ومسرته. "فإن الله يبدد عظام الذين يسرون البشر" (مز53: 5) [16].].

سابعاً: الصلاة عمل يتم فى ضمير الإنسان. يقول القدِّيس باسيليوس الكبير: [لا يحتاج الله إلى خُطب رنّانة، ولا إلى كلمات فصيحة، إذ يعرف ما هو مفيد لنا. وهكذا يمكننا أن نحدِّد الصلاة بأنها عمل يتم فى ضمير الإنسان وفى داخله، وهى عمل يمتد إلى كل الأعمال التى تنسج حياة الإنسان[17].].


[6] Paedagogus 11: 3.

[7] Strom. 12: 7.

[8] - تفسير المزمور 28 (29).

[9] - تفسير المزمور 28 (29).

[10] - الرسالة الرابعة.

[11] Strom. 13: 6.

[12] Strom 22: 4.

[13] Paed 4: 2.

[14] Paed 2: 2.

[15] Paedagogus 4: 2.

[16] A Discourse on Ascetical Discipline, (Frs. Of the Church, volume 9, p. 35).

[17] - عظة 5.

5- الصلاة العقلية والتأمل - كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ4 – العبادة المسيحية أنطلاقة نحو السماء - القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

3- صلوات السواعي "الإجبية" - كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ4 – العبادة المسيحية أنطلاقة نحو السماء - القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى