الأصحاح الأول – سفر الحكمة – حكمة سليمان – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفرالحكمة حكمة سليمان – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

مقدمة سفر الحكمة

  1. أقنوم الإبن الذي هو حكمة الله (1كو24: 1).
  2. شريعة الله. فمن يتبعها هو الإنسان الحكيم "بدء الحكمة مخافة الرب" (مز10: 111). وهذا هو مفهوم سفر الأمثال لسليمان الحكيم.
  3. الحكمة التي يتصرف بها الإنسان في حياته، وهذه يعطيها الله للإنسان (1كو8: 12 + يع17: 3). وعلى الإنسان أن يطلبها من الله (يع5: 1 + 1مل9: 3). بل أن الله يعطي الحكمة حتى للحيوانات كالنمل (أم24: 30 - 27).
  4. حكمة أرضية نفسانية شيطانية مصدرها [أ] إبليس [ب] خبرات سيئة مع العالم (يع15: 3).
  1. إبليس هو مصدر حكمة تقول "إن ذهبت إلى بلد تعبد العجل حش وإديله".
  2. الخبرات السيئة مع العالم والأنانية قادت البشر أن يقولوا "إن جاءك الطوفان ضع أولادك تحت قدميك" أي لكي تنجو أنت فلا مانع من التضحية بأي إنسان حتى لو مات، بل بأعز ما عندك حتى أولادك.
  1. وضع سليمان الملك أمثال قصيرة ليحفظها الناس فتكون لهم حكمة. وهكذا إهتم الآباء بتعليم أبنائهم السلوك بحكمة، والحكماء يجولون في الشوارع لتعليم الناس الحكمة. ويعد يشوع بن سيراخ أول من أنشأ مدرسة لتعليم الحكمة.
  2. قيل عن يوسف على لسان فرعون "هل نجد رجلاً مثل هذا فيه روح الله.. ليس بصير وحكيم مثلك (تك38: 41، 39). وهذا القول ربط بين الإمتلاء من روح الله والحكمة. ولذلك يقول الكتاب عن الروح القدس" روح الحكمة "(إش2: 11). والروح القدس يعطي المشورة والنصح للإنسان فهو" روح النصح "(2تي7: 1). ومن يعطيه الروح القدس المشورة يكون قطعاً إنساناً حكيماً.
  3. إذا إستخدم الإنسان ذكاءه الموهوب له من الله في الخير يسمونه حكيماً، وإذا إستخدمه في الشر يسمونه لئيماً.
  4. الصليب كان حكمة إلهية ولكنها كانت عند الناس الحكماء الأرضيين جهالة (1كو18: 1). بل كثير من أحكام الله يعتبرها البشر المحدودي الذكاء، جهالة. فنحن لمحدودية طبيعتنا لا يمكننا أن ندرك عمق أحكام الله (رو33: 11 - 36). ولهذا السبب قال السيد المسيح لبطرس "لست تعلم أنت الآن ما أنا أصنع، ولكنك ستفهم فيما بعد" (يو7: 13).

كاتب السفر:

القديس كليمنضس السكندري أطلق على السفر "حكمة سليمان" وهكذا قال العلامة ترتليانوس وأوريجانوس والقديس كبريانوس. وإتفقت كثير من الكنائس وإتفق كثير من الآباء مثل أغسطينوس على ذلك، والسبب يرجع إلى ما كتبه كاتب السفر عن نفسه "إنك قد إخترتني لشعبك ملكاً ولبنيك وبناتك قاضياً. وأمرتني أن أبني هيكلاً في جبل قدسك ومذبحاً في مدينة سكناك.. وأكون أهلاً لعرش أبي (7: 9 - 12).

إلاّ أن هذا السفر لم يصل إلى يد عزرا فلم يضعه في النسخة العبرية (طبعة بيروت). ولكن قيل عن سليمان أنه تكلم بثلاثة آلاف مثل. وكانت نشائده ألفاً وخمسمائة (1مل4: 32، 33). ولأنه كانت هناك كتب لم تصل إلى يد عزرا أنشأ يهوذا المكابي مكتبة ضم فيها بعض الأسفار التي عثر عليها (2مك13: 2 - 15).

وأقرت مجامع عديدة بقانونية السفر.

وبالإضافة لما ورد في مقدمة الأسفار القانونية الثانية والنسخة السبعينية. فهناك تشابه وتطابق بين هذا السفر وبين العهد الجديد.

الخط العام لسفر الحكمة لسليمان الحكيم

الخط العام لسفر الحكمة لسليمان الحكيم.

  • سفر الحكمة هو درس في كيف نقرأ أحداث العهد القديم بعمق وبإرشاد الروح القدس الذي قاد من كتب هذه الأسفار، والروح القدس يشرح لنا لو قرأنا بروح الصلاة. وهذا ما نتعلمه من الكنيسة إذ نصلي أوشية الإنجيل قبل قراءة الإنجيل فيكون لنا فهم لما نسمعه.
  • والخط العام لسفر الحكمة يبدأ من خلق آدم (ص1) حتى الدينونة والأبدية مروراً بمعاملات الله مع البشر وإرادته من نحوهم.

الإصحاح الأول:

الله خلق الإنسان لحياة أبدية وبلا خطية.. خلق الجميع للبقاء فمواليد العالم إنما كونت معافاة (14).

أنا اختطفت لي قضية الموت.. لكن المنافقين هم إستدعوا الموت بأيديهم (16).

الله لا يُسَّرْ بموت الخاطئ.. هلاك الأحياء لا يَسُرَّهُ (13).

الله يؤدب.. فلنخضع بدون تذمر (5، 11).

الله خلق الإنسان حراً.. وأعطى وصية. نطيعها فنحيا.. الحكمة لا تحل في الجسد المسترق للخطية (4).

لماذا نطيع الوصية؟ لأن الله لا يوصي إلاّ بما هو خيرٌ لنا فهو محبٌ للإنسان.. (1، 6).

إذاً الوصية سببها [1] يفرح الإنسان على الأرض. [2] حياة أبدية.

إذاً لنسمع الوصية وهذه هي الحكمة.. لا تغاروا على الموت (12).

لكن الإنسان سقط وكان نتيجة السقوط.

الإصحاح الثاني:

لما سقط الإنسان دخل في ظلمة فلم يدرك معنى الحياة الأبدية. بل ظن أن الحياة هي هنا على الأرض.. إذاً نأكل ونشرب لأننا غداً نموت.. حياتنا ظلٌ يمضي ولا مرجع لنا بعد الموت (5).

وإزدادت الخطية ووصلت لظلم الناس. ووصل الأشرار إلى قتل المسيح.. (19، 20).

لنقضِ عليه بأقبح ميتة فإنه سيفتقد كما يزعم (المعنى أن الأبرار إدّعوا أن هناك حياة لهم بعد الموت. وأيضاً بالنسبة للمسيح هو إدّعى أنه سيقوم).

والحق أن الله خلق الإنسان لحياة أبدية كما قال الأبرار.. لكن دخل الموت إلى العالم بحسد إبليس (24).

والإصحاح يشمل نبوة واضحة عن المسيح.. يزعم أن عنده علم الله ويسمى نفسه إبن الرب (12 - 20).

لكن الله لم يرفض الإنسان نهائياً بل إستمر في التعامل معه.. لكنه أعطى الإنسان وصايا يحيا بها.

الإصحاح الثالث:

والله يؤدب البشر.. ويمحصهم كالذهب.. وبعد تأديب يسير.. محصهم كالذهب (4، 5).

وذلك ليمجدهم في الأبدية.. في يوم إفتقادهم يتلألأون.. ويدينون الأمم (7، 8).

الأشرار يظنون أن التأديب عقوبة.. عوقبوا في عيون الناس (4).

لكن الأبرار كان لهم رجاء في الأبدية.. رجاؤهم مملوء خلوداً (4).

ولا عذاب لهم في الأبدية.. نفوس الصديقين فهي بيد الله فلا يمسها عذاب (1).

أما الأشرار فعذابهم أبدي.... (10 - 19).

الروح خالدة فهي من الله وحتى لو مات الإنسان فله حياة نراها في ذكراه.

الإصحاح الرابع:

الأبرار لهم ذكرى عند الناس حتى لو لم يكن لهم أولاد بالجسد.. (1).

إذ هم بأعمالهم كانوا قدوة.. إذا حضرت (ذكراهم) يُقتدى بها (2).

لهم راحة بعد الموت.. ولهم كرامة لحكمتهم في حياتهم على الأرض.. (7، 8).

الله يتركهم على الأرض حتى يكملوا.. قد بُلِّغ الكمال في أيام قليلة (13).

ليس موت لعبيدك يا رب بل إنتقال.. كان مرضياً لله فأحبه وكان يعيش بين الخطاة فنقله (10).

وساعة الموت هي بحكمة إلهية.. خطفه لكي لا يغير الشر عقله.

ونهاية الأشرار صعبة ولا يذكرهم أحد ويكونون عاراً بين الأموات.... (3، 19).

في الأبدية سيدرك الأشرار مدى خسارتهم (قصة لعازر والغني) ويتضح هنا أن هناك أبدية.

الإصحاح الخامس:

هناك أبدية يقوم لها البشر بعد موتهم الجسدي.. الصديقون فسيحيون إلى الأبد (16) حينئذ يقوم الصديق بجرأة (1) سينالون مُلك الكرامة وتاج الجمال (17).

والأشرار يقومون.. فإذ رأوه يضطربون (الأشرار يضطربون من رؤية الأبرار في نعيمهم) (2) وينذهلون من خلاص لم يكونوا يظنونه (2).

ومكانهم الأبدي في الجحيم.. كذا قال الخطأة في الجحيم (14).

ونهاية الأشرار صعبة ولا يذكرهم أحد ويكونون عاراً بين الأموات.... (3، 19).

ومن يقتني الحكمة يفهم هذا إذاً كيف نقتني الحكمة؟!!

الإصحاح السادس:

دعوة من سليمان لنقتني الحكمة.. إليكم أيها الملوك توجيه كلامي لكي تتعلموا الحكمة ولا تسقطوا (10).

الحكمة سهل إقتنائها لكن لمن يطلب.. (14 - 15).

بل هي تعرض نفسها لمن يطلبها.. فهي تسبق فتتجلى للذين يبتغونها (14).

كيف نقتني الحكمة.. (هذه لمن يقبل تأديب الله ويطلبه (18) والحكمة تبلغ الملكوت (21).

سليمان كمثل يشرح أنه إنسان عادي ولكنه طلب الحكمة فنالها. ثم ينتقل ليرى الحكمة.

وقد صارت شخصاً هو المسيح أقنوم الحكمة وهذا هو التجسد.

الإصحاح السابع:

سليمان يعطي نفسه مثلاً فهو في حد ذاته إنسان ضعيف جداً ولكنه إذ طلب الحكمة بإهتمام نالها. فالحكمة يجب أن تطلب.

الحكمة تظهر بثلاث طرق.

وسليمان كان يُشرك الآخرين في معرفته وحكمته في محبة وبلا حسد أن يشاركوه فيها ووجد أنه بهذا يزداد حكمة (13، 14). وسليمان هو نفسه القائل "المرُوى هو أيضاً يُروى" (أم25: 11).

ثم ينتقل سليمان ويشخص الحكمة، أي يجد الحكمة أنها صارت إنساناً، بل هي مهندسة الكون. والمهندس:

  1. يخطط في فكره: والمسيح كنا في فكره أولاً. كنا فكرة فى عقل الله (الإبن) أزليا.
  2. ينفذ الفكرة: والمسيح به كان كل شئ، هو خلقنا (كنا فكرة وخرجنا إلى الوجود).
  3. يصون ما عمله: والمسيح هو حامل كل الأشياء بكلمة قدرته (عب3: 1) هو يحفظنا.

ومن هنا نفهم أن من يتكلم عنه سليمان هو المسيح كلمة الله المتجسد = حكمة الله (1كو24: 1).

صفات المسيح. من هو المسيح.

الإصحاح الثامن:

  1. هو أبرع جمالاً من بني البشر لذلك أحبه سليمان إذ عرفه.. (2).
  2. هو الكلمة الذي كان عند الله، والآب يحبه.. (3).
  3. هو وحده الذي يعرف الآب.. (4).
  4. به كان كل شئ.. الحكمة صانعة الجميع (5) = هو الفطنة.
  5. هو المعزي لنا في همومنا.. مفرجة لهمومي وكربي (9).
  6. هو مجد لنا وحكمة.. (10).
  7. معطي حياة أبدية.. (13) وبه يَرْهَبنا الشياطين.. (15).
  8. تلذ عشرته في المخدع.. (16).
  9. به يزداد صلاحنا ونتقدس.. (20).
  10. بجانب معرفته كل شئ نفاية.. (7: 8 - 11).
  11. ويا للعجب فهو واقف على باب قلوبنا يقرع.. (15: 6).

وحينما عرف سليمان هذا كله إشتهى التجسد سريعاً.

الإصحاح التاسع:

حين رأى سليمان حلاوة المسيح إشتهى أن يأتي المسيح سريعاً. وكأنه يقول مع إشعياء "ليتك تشق السموات وتنزل" (إش1: 64) = هب لي الحكمة الجالسة إلى عرشك.. (4) ولا ترذلني من بين بنيك.. (4).

وقول سليمان هنا لا ترذلني من بين بنيك، فالمسيح المتجسد الذي إتحد بجسد بشريتنا، هو الذي به ننال التبني لله. ونلاحظ أن الحكمة هنا صارت شخصاً فهي جالسة على عرش.

وسليمان حقاً تكلم عن نفسه لكنه كان يرمز للمسيح.

إخترتني لشعبك ملكاً.. (7).. سليمان رمز للمسيح الملك.

أمرتني أن أبني هيكلاً.. (8).. سليمان رمز للمسيح باني هيكل جسده أي الكنيسة.

إرسلها (الحكمة).. تَجِّدْ معى.. (10).. سليمان رمز للمسيح أقنوم الحكمة.

وحينما يأتي المسيح سيرسل روحه القدوس.. تبعث روحك القدوس من الأعالي (17).

والروح القدس يجدد طبيعتنا.. قُوِّمت سُبُل الذين على الأرض وتعلم الناس مرضاتك (18).

إذاً المسيــــح.. هـــــو المخلـــــص (19).

إذاً ما هو الخلاص.

الإصحاح العاشر:

ما هو الخلاص؟

حفظ آدم بعد سقوطه فلم يمت لفترة.. هي (الحكمة) التي حفظت أول من جبل أباً للعالم (1).

فقد كان ممكناً أن يموت فوراً.. وأنقذته من زلته (2).

ولكن هذا الخلاص أو الحياة المؤقتة كانت تمهيداً لخلاص آتٍ بالمعمودية والصليب ورمز هذا فُلك نوح.. ولماّ غمر الطوفان الأرض بسببه عادت الحكمة فخلصتها بهدايتها للصديق في آلة خشب حقيرة (الصليب وبه خلصنا المسيح حكمة الله) + (الطوفان رمز للمعمودية).

وهذا ما قاله حزقيال النبي "رأيتك مدوسة بدمك فقلت لكِ بدمك عيشي.. ثم مررت بك ورأيتك وإذا زمنك زمن الحب" (حز6: 16، 8) "فحممتك بالماء.." (حز9: 16) "ومسحتك بالزيت (إرسال الروح القدس).

ولكن هذا الحفظ والخلاص ليس لقايين ولا للأشرار.. (3).

فالحكمة (المسيح) ظلت تحفظ الأبرار إلى أن يتم الخلاص بالصليب.

المسيح يحفظنا في رحلة حياتنا.

الإصحاح الحادي عشر:

موسى ورحلة الأربعين سنة في البرية أخذها سليمان هنا كرمز لرحلة حياتنا على الأرض من يوم معموديتنا (عبور البحر الأحمر) حتى إنتقالنا (عبور نهر الأردن) وكما قاد موسى الشعب وخلصه، يقودنا المسيح ويخلصنا وكان أعداء الشعب هم المصريين، وموسى ضربهم. والمصريين هنا كأعداء للشعب هم رمز للشيطان الذي يريد هلاكنا، لذلك أهلكهم الله في البحر. لكن المصريين كشعب، من المؤكد أن الله يحبهم، وإلاّ لماذا خلقهم إن كان لا يريدهم. لكنه بالحري يؤدبهم ليتعقلوا ويعلمهم تفاهة أوثانهم فيتركوها.

لذلك ترحم الجميع.. وتتغاضى عن خطايا الناس لكي يتوبوا (24).

لأنك تحب جميع الأكوان ولا تمقت شيئاً مما صنعت.. (25).

وكيف يبقى شئ لم ترده.. إنك تشفق على جميع الأكوان (26، 27).

فالحكمة (المسيح) ظلت تحفظ الأبرار إلى أن يتم الخلاص بالصليب.

الله لا يحفظ حياتنا فقط. بل يسعى لأن نحيا كأبرار.

الإصحاح الثاني عشر:

بينما أن الله قادر أن يهلك الخطاة، لكنه إذ أراد وخلقهم فهو لا يريد أن يهلكهم بل هو يقود الجميع للتوبة لذلك يؤنب ويوبخ ثم يؤدب بضربات وتأديبات تدريجية. فهو لا يريد موت الخاطئ بل بأن يرجع ويحيا.. (حز23: 18).

الله مؤدب الجميع يهود ووثنيين.

بعد كل ذلك فسليمان عرض أن الله القدوس كاره للخطية لكنه يعطي فرصاً للتوبة ويؤدب، وكل ذلك لنتأمل عواقب طريق الخطية.

لذلك أعطانا الله العقل لنميز نهاية كل طريق.

الإصحاح الثالث عشر:

سليمان يطلب أن نُعْمِل العقل فندرك عمل الله وأنه هو وحده الخالق القدير فلا نعبد أوثاناً أو أصناماً، بل نعتمد عليه وحده وليس على أي قوة مادية من قوى الطبيعة والعالم.

وأوثان العالم الآن هي القوة والمال.. الخ.

بينما أن الله وحده هو المشبع والحامي والرازق.. بل هو كل شئ.

فإن كانوا إعتقدوا هذه إلهة لأنهم خلبوا بجمالها فليتعرفوا كم ربها أحسن (3).

فليتفهموا بها (قوة أدوات الطبيعة) كم منشئها أقوى منها (4).

طلب القوة والعظمة هو كبرياء ولكن الخلاص كان بإنسحاق الصليب.

فالإنسحاق هو طريق الخلاص وبه نأخذ قوة من الله فنعرفه.

الإصحاح الرابع عشر:

كان الخلاص بالصليب.. فالخشب الذي به يحصُل البر هو مبارك (7).

والله قادر أن يخلص من كل خطر، إذاً هو مصدر الخلاص لكن بالإنسحاق مثل المسيح المصلوب (4).

لكن الكبرياء طريق الهلاك.. في البدء أيضاً حين هلك الجبابرة المتكبرون (6).

وهذا الكبرياء قاد الناس لأن يؤلهوا أنفسهم.. (15 - 17).

واستمر الإنحدار ووصل لإنهيار أخلاقي رهيب يمارسون ذبائح من بنيهم (23).. يقتل الرجل صاحبه (24).. قتل وفساد وخيانة (25).

ولذلك فالصليب أي طريق المسيح المتضع هو طريق الخلاص. من يتبع المسيح ويحمل صليبه ينجو وبه يحتمي.

المسيح هو طريق البر.

الإصحاح الخامس عشر:

هناك أديان ومبادئ تدعو للأخلاق والآداب العامة. أما المسيحية فلها رأي مختلف عن الجميع. "عظيم هو سر التقوى الله ظهر في الجسد" (1تي16: 3) والمعنى أن المسيح أعطانا حياته، هو يسكن فينا ويتحد بنا إن ثبتنا فيه وهو يقودنا لأن نحيا في البر "صار خطية لأجلنا لنصبح نحن بر الله فيه" (2كو21: 5) والإتحاد بالمسيح له تعريف آخر هو معرفة المسيح.. فإن معرفتك هي البر الكامل (15).

"وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو3: 17) ومن يعرف شخص المسيح يحبه، ومن يحبه يحفظ وصاياه (يو23: 14) لكننا لا نختار الخطأ لعلمنا بأننا من خاصتك (2).

"العالم كله قد وضع في الشرير" (1يو19: 5). ويخترع شر دائماً (4).

لكن هذا لا يغوي أولاد الله الذين يحبونه لأنهم يحبونه (4) فهو الجوهرة كثيرة الثمن.

من الذي يخلص؟ الله يريد أن الجميع يخلصون.

لذلك فهو يحاول أن يجذب الكل ولكنه يترك كل واحد لحريته.

الإصحاح السادس عشر:

الآيات (1 - 2) المصريين يعاقبوا.. وشعب إسرائيل يُحِسنْ إليهم ويشبعهم بالسلوى.

القراءة الساذجة تفسر هذه الآيات على أن الله يعطي شعبه مأكلاً وشبعاً. لكنه خلق المصريين وغيرهم من غير شعب إسرائيل ليذلهم ويعاقبهم ثم يميتهم. ولكن هذا فهم خاطئ بل ضد فكر هذا السفر نفسه وفكر الكتاب المقدس كله، الذي هو.. إن الله خالق الجميع ومحب لكل البشر. هذا الفكر الساذج هو فكر خالٍ من المحبة.

وراجع في هذا السفر الآيات (24: 11 - 27) لنرى:

أن الله يريد أن الجميع يخلصون سواء يهود أو أمم، وهو يحاول أن يجذب الجميع. لكن هناك طرق مختلفة لمعالجة كل واحد بحسب حالته. فالمصريين لقساوة قلوبهم الراجعة لوثنيتهم كانت لهم ضربات صعبه، لكنها كانت لتعليمهم أن آلهتهم هي لا شئ. فنجد أن الله يضربهم بجم من الحشرات ليفهموا أن ما يعبدونهم من آلهة لا قيمة لهم، ويضربهم بالظلمة لأنهم يحيون في ظلمة بسبب وثنيتهم وعدم معرفتهم بالإله الحقيقي (وهكذا ضرب بولس الرسول بالعمي عدة أيام لكي يفهم أنه يحفظ العهد القديم دون أن يكتشف أن المسيح الذي يضطهده هو هو نفسه يهوه الذي يعبده، فهو كان في ظلمة).

وفي الوقت نفسه يضرب شعبه ليؤدبهم. إذاً هو مؤدب الجميع، ولكن لكل واحد طريقة تأديب مختلفة حسب ما ذكر إشعياء (إش23: 28 - 29).

التأديب: هو لمن تؤدي التجارب لتوبته وتنقيته (عب4: 12 - 11).

العقاب: هو لكسر شوكة شر البعض، وقد ينتهي بموتهم إذا كان لا أمل في إصلاحهم، وسيفسدون الآخرين (آريوس كمثال).

إذاً الله يظل يؤدب الجميع ويحاول أن يجذب الجميع وبكل وسيلة. فإن لم تنفع المحاولات يعاقب الله. والله يستخدم الطبيعة في التأديب، فقوانين الطبيعة خاضعة له.

ثم تأتي مقارنة بين حال أولاد الله والأشرار الذين يرفضون الله.

الإصحاحات السابع عشر وحتى (1: 18 - 4):

من تأدب يفهم أن ضربات الله هي أحكام عظيمة أي بحكمة عظيمة. وأن الله كان كأبٍ يعلم أولاده حتى لا ينحرفوا فيفشلوا. وهذا الإصحاح هو مقارنة بين أولاد الله الذين فهموا أبوته ومحبته فإستفادوا من التأديب، وبين من مازال يتذمر عليه رافضاً أحكامه في جهل.

إن أحكامك عظيمة لا يُعَبَّر عنها ولذلك ضلت النفوس التي لا تأديب لها (1).

لكن الكل زاغوا وفسدوا وأخطأوا والخطية عاقبتها الموت.

لذلك مات الكل سواء شعب الله أو غيرهم لكن هناك فرق.

الإصحاحات الثامن عشر:

ما قبل آية (5): هناك من يسير في النور وهناك من يسير في الظلمة.

لكن.

الآيات (5 - 20): الكل ماتوا بسبب الخطية.

وكيف رأى سليمان ذلك؟ شعب الله في البرية تعرض عدة مرات إلى ضربات أدت لموته. وسليمان ترك كل هذا ليركز على حادثة تمرد قورح وداثان وأبيرام وفيها قام هرون بصلواته ومجمرته يشفع في الباقين فصارت لهم حياة. وكان هرون هنا رمزاً للمسيح الذي بشفاعته الكفارية كرئيس كهنة لنا سيعطينا حياة. وشفاعة المسيح الكفارية كانت بدم ذبيحة نفسه على الصليب.

ورأى سليمان في هذا أنه هناك.

ثم ماذا بعد الموت.... الأبدية والدينونة.

الإصحاح التاسع عشر:

القصد الإلهى تجاه الإنسان.

الإصحاح الأول: - الله خلق الإنسان ليحيا للأبد (14)، فالله لا يخلق موتا، ولو إختار الإنسان طريق البر لعاش للأبد (15). ولكن الإنسان إختار طريق الموت (16).

الإصحاح الثانى: - الله خلق الإنسان خالداً (23). ودخل الموت بحسد إبليس (24) ووصل الفساد لكراهية أى إنسان بار، وكانت هذه الفكرة مدخلاً لنبوة عن الفداء الذى قدمه المسيح البار (12 – 20). فمنذ البدء الله يعدنا بالخلاص.

الإصحاح الثالث: - الآن سقط الإنسان وحكم عليه بالموت، وسيحيا أياماً قليلة على الأرض، ولكنه لا بد وسيموت فى النهاية. فماذا يفعل الله المحب للإنسان؟ نجد الله يؤدِّب الصديقين أى من يقبلوا التأديب ويستجيبوا بالتوبة، وهؤلاء يتلألأوا فى الأبدية (4 – 7). أما الأشرار فعقوبتهم أبدية (19).

الإصحاح الرابع: - الله يترك الصديق تحت التأديب على الأرض حتى يَكْمُل (13)، أما الصديق الذى يخاف الله أنه يرتد، ينقله سريعا (7، 11).

الإصحاح الخامس: - الله لا يترك الصديقين فى الأرض يحاربون الشرير بمفردهم بل يعطيم أسلحة ويحميهم، (وقارن مع أف6)، وفى النهاية من يغلب فله مُلك الكرامة وتاج الجمال (16 – 20). أما الأشرار فلهم ويلات (23، 24).

الإصحاح السادس: - ماذا إذاً... ماذا نفعل؟ لنقتنى الحكمة (10). وهذا يعنى ببساطة أن ننفذ الوصية. ولكن هل هذا ممكن؟ بل الحكمة هى التى تقف على الباب منتظرة لمن يفتح لها ويسمح لها بالدخول (15، 17) = (المسيح هو يقرع ويطلب أن يساعدنا (رؤ3: 20) فبدونه لا نقدر أن نعمل شيئا (يو15: 5) والنصيحة أن نقبل التأديب ولا نرفضه (18).

الإصحاح السابع: - سليمان يعطى نفسه مثلا، أنه وهو إنسان عادى ضعيف طلب الحكمة فصار حكيما (1 – 6). ثم إذ بسليمان يجعل الحكمة شخصا ويعطينا صفاته ويسميه مهندس الكون (21 – 30)، وهذا إشارة ونبوة عن المسيح الذى به كان كل شئ.

الإصحاح الثامن: - سليمان يستكمل نبواته عن من هو المسيح، ويقول أنه أحبه وصار له عروسا وفضل أن يصادقه فهو وجده أنه كل شئ له (1 – 21).

الإصحاح التاسع: - إذ أدرك سليمان من هو المسيح يسأل الله أن يأتى المسيح لينال هو البنوة لله (4، 10) ثم يقدم نفسه بروح النبوة كبانى للهيكل، كرمز للمسيح بانى هيكل جسده (8). فالمسيح هو المخلص (19). والله سيرسل روحه القدوس لتجديد الخليقة (17، 18).

الإصحاح العاشر: - الله أبقى آدم حياً لفترة ثم مات، بل حفظ الخليقة ولم يفنها حتى يدبر الخلاص (2). لكن لا خلاص للأشرار (3). وجاء الخلاص بالصليب آلة الخشب الحقيرة (4)، فالموت بالصليب عار. والخلاص بالمعمودية ورمزها الطوفان وعبور البحر الأحمر (4، 18). ولكننا نرى فى هذا الإصحاح وغيره المسيح (الحكمة) هو ضابط الكل ومدبر كل الخليقة.

الإصحاح الحادى عشر: - بعد خلاص المسيح، المسيح الآن فى وسط كنيسته كما كان موسى وسط شعبه فى رحلة سيناء، والمسيح عريس الكنيسة يدافع عنها ضد أعدائها. والروح القدس قائد ومرشد كما كانت السحابة للشعب فى سيناء. والله أظهر قوته لشعبه إسرائيل بالضربات التى وجهها للمصريين. ولكن: - 1) كان هذا ليُعَرِّف شعبه بمن هو الله يهوه وكيف هو قادر وقدير. 2) يُعَرِّف المصريين تفاهة أوثانهم 3) الله لا يكره المصريين ولا أى شعب من شعوب العالم، فالكل خليقته. فالله يؤدبهم ليقبلهم بعد ذلك حين يتركوا أوثانهم. وكان هذا إعلانا أن الله سيقبل الأمم بعد أن يقبل اليهود.

الإصحاح الثانى عشر: - الروح القدس يبكتنا الآن (1، 2) ومن لا يستجيب للتبكيت فهناك ضربات تأديب (22) وهذه الضربات هى على شعب المسيح وعلى كل البشر والضربات متصاعدة، فإن تاب الإنسان من ضربة لا تأتيه الضربة الأشد. والله لا يضرب مباشرة بعد الخطية بل يتمهل لعلنا نتوب (8 – 10).

الإصحاح الثالث عشر: - تحذير من الإنقياد لملذات هذا العالم، المال والجنس والقوة..... (أوثان هذا الزمان) ولكل من ظن أن فيها شبع. وليفكر كل واحد هكذا... إن كانت هذه جميلة هكذا، فكم وكم يكون جمال صانعها (3).

الإصحاح الرابع عشر: - هناك طريقان للحياة الأولى: - أن يحيا الإنسان فى كبرياء ويتفاخر بما عنده (14)، وهذا الطريق نهايته الهلاك (6). الثانية: - أن يحمل الإنسان صليبه ويحيا متواضعا (5). فالصليب طريق البر هو خشب مبارك (7).

الإصحاح الخامس عشر: - الحياة فى بر على الأرض، والحياة الأبدية فى السماء هى بالثبات فى المسيح = "إثبتوا فىَّ وأنا فيكم". وبالثبات فى المسيح تكون لنا حياة المسيح. وهذا عَبَّر عنه سليمان فى آية (3). وماذا يفسد هذا الثبات؟ الخطايا التى إخترعها البشر لو إنجذبنا إليها (4 – 6). وكم هى باطلة وتافهة هذه الشهوات... (أوثان هذا الزمان) وغير مشبعة (بقية الإصحاح).

الإصحاح السادس عشر: - الله يريد خلاص الجميع، مَن هم مِن شعبه أو من ليسوا من شعبه، ولذلك يؤدب الجميع، ولكل إنسان طريقة تأديب هى تختلف من واحد لآخر (1 – 7) وقارن مع (إش28: 23 – 29).

الإصحاح السابع عشر – وحتى 18: 1 – 4: - نجد هنا مقارنة بين أولاد الله الفاهمين والقابلين للتأديب وبين الخطاة المتمردين. فتجد أولاد الله فى سلام وفرح دون خوف (17: 11، 12) وهم فى نور ولذلك فقراراتهم سليمة (18: 1، 3)، أما الأشرار فهم فى خوف ورعب وتوهان، غير قادرين على إتخاذ قرار، لأنهم فى ظلمة. ولاحظ أن كل من إبتعد عن المسيح فهو فى ظلمة، فالمسيح هو النور الحقيقى. ومن هو ثابت فى المسيح فهو مملوء من الروح القدس الذى هو روح النصح أى القرار السليم (2تى1: 7).

الإصحاح الثامن عشر: - نرى هنا نهاية كل البشر وهى الموت. الكل سيموت ولكن شتان الفرق بين أولاد الله وبين الأشرار. فالأبرار يموتون على رجاء فداء المسيح وشفاعته (20، 21). أما الأشرار فيموتون فى رعب (14 – 19).

الإصحاح التاسع عشر: - إشارات للأبدية فهنا من هو فى فرح أبدى وشبع أبدى وهؤلاء هم الأبرار. وهناك من هم فى الظلمة الخارجية وهذه للأشرار.

بعد دراسة هذا السفر نقول لمن يشك في قانونيته أن يراجع حساباته.

الإصحاح الأول

العدد 1

آية (1): -

"1احبوا العدل يا قضاة الأرض واعتقدوا في الرب خيراً والتمسوه بقلب سليم.".

السفر هو سفر الحكمة، وبدء الحكمة مخافة الرب (مز10: 111). وهذه الآية تشير من بداية السفر لطريق الحكمة [1] أحبوا العدل [2] اعتقدوا في الرب خيراً [3] التمسوه بقلب سليم.

أحبوا العدل = وكلمة العدل هي نفسها كلمة البر. وقوله أحبوا أي عليكم أن تقتنعوا بأن تسلكوا بالبر وتنفذوا هذا الإقتناع. إذاً قوله أحبوا هي إتخاذ قرار وتنفيذه. فلن يجد الله ولن يعرف الله إلاّ كل من يسلك بالبر ويحكم بالعدل.

إعتقدوا في الرب خيراً = الله صانع خيرات. وكل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله (رو28: 8) وهذا إعتقاد الكنيسة أن الله صانع خيرات (صلاة الشكر). وهذا ما يقوله الكتاب المقدس. وكذب إبليس المستمر هو إقناع كل من في تجربة أن الله إله قاسٍ. وكل من يصدق إبليس لن يجد الله.

إلتمسوه بقلب سليم = السيد المسيح علمنا أن نصلي بلجاجة (لو1: 18 - 8) وماذا نطلب؟ أهم ما نطلبه هو الإمتلاء من الروح القدس (لو13: 11) والروح القدس هو روح الحكمة (إش2: 11) وهو روح النصح (2تي7: 1).

بقلب سليم = فصلاة الشرير الذى قلبه مملوء شهوات لا يريد التوبة عنها غير مقبولة عند الله = "ذبيحة الأشرار مكرهة الرب" = (أم15: 8).

يا قضاة الأرض = يا كل قاض ويا كل أب وأم وخادم. بل يا كل إنسان تحكم على الأمور، بل يا كل إنسان تَنسِب لله أنه أخطأ إذا أصابك بتجربة ما. يا كل إنسان هل تريد أن يكون لك حكماً صائباً على الأمور؟ إذاً لابد أن تكون لك حكمة.. والسبيل إليها هو ما سبق. أما من يسلك في شهواته (عكس البر) ويتصادم مع الله ولا يطلب الله ويصلي، فهو بلا حكمة.

العدد 2

آية (2): -

"2فإنما يجده الذين لا يجربونه ويتجلى للذين لا يكفرون به.".

فإنما يجده = يجد ويدرك ويقتنع أنه صانع خيرات، أى يختبر هذا فى حياته كما ذكر فى الآية "يعتقد فى الرب خيرا" (1).

يجربونه.. يكفرون به = يجربونه أي يكون لهم سلوك خاطئ غير مصدقين أن الله إله عادل لن يقبل الخطأ وسيعاقب، وهذا كمن يقولون "الناس كلها بتعمل كده". ويكفرون به أي يشكون في صلاحه وأيضا فى عدله وأنه إله خَيِّر وصانع خيرات، ولكنه أيضا قدوس لا يحتمل الخطية ولا يقبلها فيعاقب من يفعلها. وقارن مع (عد14: 22، 23) "جميع الرجال الذين رأوا مجدي.. وجربوني الآن عشر مرات.. لن يروا الأرض..".

والمعنى أن الله بطبعه صانع خيرات، يريد أن يسكب من خيراته على أولاده، ولكن من يسلك معه بالخلاف ويسلك في الشر فهو يجرب الله، أي يغيظه فيرى ما هو عكس الخيرات والرعاية والحنان، لأنه ببساطة لا يصدق أن الله يعاقب على الشر.

العدد 3

آية (3): -

"3لأن الأفكار الزائغة تقصي من الله واختبار قدرته يثقف الجهال.".

الأفكار الزائغة = أي الشريرة والمنحرفة تقصي من الله = أي تبعد الإنسان عن الله، لأنه لا شركة للنور مع الظلمة (2كو14: 6). وإختبار قدرته يثقف الجهال = قدرته هنا أصلها اللغوي "ضابط الكل" فمن يسير في طريق الخطأ فهو يختبر قدرة الله القادرة على تأديبه وعقابه = يثقف الجهال = وهذه جاءت في ترجمة أخرى تخزي الأغبياء = فضربات الله هدفها الأساسي التأديب وهي تخجل من سار في طريق الشر (الإبن الضال). ولكن قوله ضابط الكل، فنرى أن الله قادر أن يحرك قوى الطبيعة ضد الشرير (طوفان / حريق لسدوم وعمورة / مجاعة للإبن الضال / حوت وبحر هائج ليونان..) ومن يتجاوب كالإبن الضال تثقفه هذه التأديبات. ومن هنا نفهم أن الله حتى في هذه التأديبات هو صانع خيرات هدفه خلاص النفس.

العدد 4

آية (4): -

"4أن الحكمة لا تلج النفس الساعية بالمكر ولا تحل في الجسد المسترق للخطيئة.".

الحكمة لا تلج (تدخل) النفس الساعية بالمكر ولا تحل في الجسد المسترق (المستعبد) للخطيئة = هذه رد على آية (1). المسترق من الرق أي العبودية. ومن هو مستعبد للخطية، كيف يكون عبداً لله في وقت واحد، وكيف يسكن المسيح حكمة الله عند هذا الذى يسلك بالمكر ومستعبد للخطية. ولاحظ هنا أنه يميز بين الجسد والنفس. فالجسد قد يستعبد لشهواته وهذا يؤدي لأن الحكمة لا تسكن في النفس.

العدد 5

آية (5):

"5لأن روح التأديب القدوس يهرب من الغش ويتحول عن الأفكار السفيهة وينهزم إذا حضر الإثم.".

روح التأديب القدوس = هو الروح القدس المؤدب والذي "يبكت على خطية.." (يو8: 16). وطالما يتجاوب الإنسان مع الروح القدس يستمر في عمله. أما من يقاوم عمله مستمراً في شروره بتحدي وسفاهة فإن الروح يتركه = يهرب من الغش = وهذه قيل عنها "لا تحزنوا الروح" (أف30: 4) و "لا تطفئوا الروح" (1تس19: 5) و "روحك القدوس لا تنزعه مني" (مز11: 51). فالروح لا يرضى أن يسكن فيمن يصر على شره وسفاهته، فلا شركة للنور مع الظلمة، لذلك قال عنه أنه يهرب. أما قوله ينهزم إذا حضر الإثم = إذا أصر الإنسان على مسلكه ينطفئ الروح عنده = ينهزم، ويقال عن مثل هذا الإنسان "يشرب الهزء كالماء" (أى34: 7). فالروح يبكت ويعين (رو26: 8) ولكن مع الإصرار على الشر لا يعود الخاطئ يسمع صوته = ينهزم.

الأعداد 6-8

الآيات (6 - 8): -

"6أن روح الحكمة محب للإنسان فلا يبرئ المجدف مما نطق لأن الله ناظر لكليتيه ورقيب لقلبه لا يغفل وسامع لفمه. 7 لأن روح الرب ملا المسكونة وواسع الكل عنده علم كل كلمة. 8 فلذلك لا يخفى عليه ناطق بسوء ولا ينجو من القضاء المفحم.".

أن روح الحكمة محب للإنسان = "الحكمة روح يحب الإنسان" ترجمة أخرى. فالحكمة هو الإبن الأقنوم الثاني، وظهرت محبته على الصليب. فلا يبرئ المجدف = ليس معنى أن الله محب للإنسان أنه يبرئ الإنسان مهما فعل، لكن المسيح أقنوم الحكمة قدم الفداء ليبرر الإنسان، ثم يؤدبه حتى ينقيه، وهو ينقيه حتى من الشوائب التي في داخله ولا يراها البشر = لأن الله ناظر لكليتيه ورقيب لقلبه = والتأديب هو عمل محبة، فكيف نخلص إن لم نتنقى. ومهما ظن الإنسان أنه إبتعد عن الله، فالله هناك يراه ويراقبه = لأن روح الرب ملأ المسكونة فهو غير محدود ويحتضن الكل = واسع الكل وتترجم في ترجمات أخرى "الذي به يتماسك كل شئ" (عب3: 1) "حامل كل الأشياء بكلمة قدرته" والله يشغل كل مساحة المكان والزمان فلا يخفى عليه شئ = عنده علم كل كلمة. فلذلك لا يخفى عليه ناطق بسوء. ولا ينجو هذا الشرير من تأديب الله وعقابه = لا ينجو من القضاء المفحم = أي الذي تعجز أمامه كل حجة، وهذه مثل "تتبرر في أحكامك وتغلب إذا حوكمت" (مز4: 51). حقيقة أن الله موجود في كل مكان تفرح الأبرار بوجود الله كحامي لهم من كل شر، لكنها لا تسعد الأشرار. فأقنوم الحكمة قدم الفداء، ثم تعهدنا بتأديبه، فمن يرفض بعد كل هذا فهناك الدينونة تنتظره = القضاء المفحم.

العدد 9

آية (9): -

"9لكن سيفحص عن أفكار المنافق وكل ما سمع من أقواله يبلغ إلى الرب فيحكم على آثامه.".

العالم بكل شئ، فاحص القلوب والكلى يجازي المنافق (الذي يظهر غير ما يبطن).

العدد 10

آية (10): -

"10لأن الأذن الغيرى تسمع كل شيء وصياح المتذمرين لا يخفى عليها.".

الأذن الغيرى = الأذن التي تغار، "فالله إلهنا إله غيور" (خر5: 20) غيور على عبيده، ينصت لكل ما يقولونه، ويسمع كل شئ وصياح المتذمرين عليه = فالتذمر على الله هو كصياح. لأنه ضد الإيمان بأن الله خَيِّر (آية1). وقوله غيور أي أن الله يغار على مجده ولا يقبل كذب الشيطان الذى يصدقه أولاده، إذ أنهم سيهلكون لأنهم صدقوا إبليس وشككوا في محبته وبدأوا يتذمرون على الله. وفي التذمر على الله إنفصال عن الله وبالتالي هلاك (وهذا بالضبط ما حدث مع أبوينا الأولين آدم وحواء).

العدد 11

آية (11): -

"11فاحترزوا من التذمر الذي لا خير فيه وكفوا ألسنتكم عن الثلب فإن المنطوق به في الخفية لا يذهب سدى والفم الكاذب يقتل النفس.".

كفوا ألسنتكم عن الثلب = الثلب هو إدانة الله والكلام عليه بصورة غير لائقة، وهذا يحدث عادة من إنسان وقع في تجربة. لكن إذا فهم أن هذه التجربة كانت لتنقيته، فهو سيشكر الله عليها (يع2: 1) بل كفوا عن التذمر حتى في القلب، فحتى هذا يسمعه الله، وهو يعبر عن قلب متمرد على أحكام الله، والتي هي كلها للخير = فإن المنطوق به في الخفية لا يذهب سدى = الله يسمعه ويعاقب عليه. والفم الكاذب يقتل النفس = الشيطان كذاب وأبو الكذاب (يو44: 8). وهو يضع على فم المتذمر على الله أقوال أكاذيب، مثل أن الله قاسٍ. وما أن يردد الإنسان أقوال الشيطان هذه فهو في طريقه للموت، فتصديق الشيطان هو طريق الموت، فهذا ما حدث لآدم وحواء.

العدد 12

آية (12): -

"12لا تغاروا على الموت في ضلال حياتكم ولا تجلبوا عليكم الهلاك بأعمال أيديكم.".

لا تغاروا على الموت = في ترجمة أخرى "لا تسعوا إلى الموت" أي لا تسعوا وراء الموت بتصديقكم للشيطان، فتجعلوا الله كاذباً = في ضلال حياتكم = فمن جعل الله كاذباً فهو في ضلال، لا يعرف طريق الحياة. فالله هو الحياة "أنا هو القيامة والحياة" (يو25: 11). والموت المذكور هنا هو الموت الروحي. فالكل سيموت جسدياً.

العدد 13

آية (13): -

"13إذ ليس الموت من صنع الله ولا هلاك الأحياء يسره.".

الله خلق حياة ولم يخلق موتاً، "أنا إختطفت لي قضية الموت" وذلك إذ سلك الإنسان في الشر = ليس الموت من صنع الله. وأيضاً الألم ليس من صنع الله = ولا هلاك الأحياء يسره. قارن مع (حز32: 18 + حز11: 33).

العدد 14

آية (14): -

"14لأنه إنما خلق الجميع للبقاء فمواليد العالم إنما كونت معافاة وليس فيها سم مهلك ولا ولاية للجحيم على الأرض.".

بل الله خلق العالم بدون فساد = مواليد العالم إنما كونت معافاة = أي صحيحة وسليمة، فهذه إرادة الله (القداس الباسيلي "الذي خلق الإنسان على غير فسادٍ"). ولا ولاية للجحيم على الأرض = لا سلطان للجحيم أن يضم إليه أحد، هكذا أراد الله للإنسان، ولكن الإنسان إختار الشر، فذهب للجحيم. بعد أن كان الموت لا يستطيع أن يمس الإنسان إذا إستمر في بره.

العدد 15

آية (15): -

"15لأن البر خالد.".

لأن البر خالد = هكذا خلق الله الإنسان في بر وليصير خالداً لا سلطان للموت ولا للجحيم عليه فهو مخلوق على صورة الله البار الحى إلى الأبد = الخالد. فالجحيم وجهنم وبحيرة النار أصلاً كانت معدة لإبليس وملائكته "ثم يقول ايضا للذين عن اليسار اذهبوا عني يا ملاعين الى النار الابدية المعدة لابليس وملائكته" (مت25: 41). فالله خلق الإنسان ليحيا أبديا فى بر بلا موت. ولكن هذه الحياة الأبدية ضاعت بالخطية ولكن المسيح أعادها بالفداء.

العدد 16

آية (16): -

"16لكن المنافقين هم استدعوا الموت بأيديهم وأقوالهم. ظنوه حليفا لهم فاضمحلوا وإنما عاهدوه لأنهم أهل أن يكونوا من حزبه.".

لكن المنافقين هم استدعوا الموت بأيديهم وأقوالهم = "أنا إختطفت لي قضية الموت". ظنوه حليفاً لهم = الله يقول لأولاده لا تتحالفوا مع الشر فبهذا أنتم تسعون وراء الموت والهلاك الأبدي، وقوله حليف تفهم على من يتحالف مع الشيطان فى أن يعطيه تحقيق شهواته وملذاته الخاطئة، والشيطان مستعد لهذا فهو رئيس هذا العالم (يو14: 30)، وهذا ما قاله للرب يسوع "أعطيك كل هذه إن خررت وسجدت لى". ولكن من يقبل هذا التحالف فقد عقد حلفا مع الموت، فالشيطان هو ملك الموت (رو5: 21) + "فإذ قد تشارك الاولاد في اللحم والدم اشترك هو ايضا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت اي ابليس" (عب2: 14). أما من يتحالف مع البر فيختار الحياة والخلود.

الآن بعد الفداء صارت معاني هذا الإصحاح واضحة وضوح الشمس. هذا الإصحاح يتلخص في أن من يسعى لله بالحكمة ويتخذ البر طريقاً له، فله حياة أبدية وخلود.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الأصحاح الثاني - سفر الحكمة - حكمة سليمان - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر الحكمة الأصحاح 1
تفاسير سفر الحكمة الأصحاح 1