الأصحاح السادس – سفر الحكمة – حكمة سليمان – القمص أنطونيوس فكري

هذا الفصل هو جزء من كتاب: سفرالحكمة حكمة سليمان – القس أنطونيوس فكري.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الإصحاح السادس

الأعداد 1-4

الآيات (1 - 4): -

"1 الحكمة خير من القوة والحكيم افضل من الجبار. 2 وانتم أيها الملوك فاسمعوا وتعقلوا ويا قضاة أقاصي الأرض اتعظوا. 3 أصغوا أيها المتسلطون على الجماهير المفتخرون بجموع الآلهة. 4 فان سلطانكم من الرب وقدرتكم من العلي الذي سيفحص أعمالكم ويستقصي نياتكم.".

الحكمة خيرٌ من القوة = الحكمة التي من عند الله لا نهائية أما القوة البشرية فمحدودة، ومن يعطيه الله حكمة ينتصر على كل قوة. وإذا فهمنا أن الحكمة هى فى تنفيذ الوصايا، وفى تنفيذ وصايا الله إكراماً لله، فمن يحفظ الوصايا يقف الله بجانبه ويحيطه بحمايته وقوته، ومن يفعل فهو الحكيم. والإبن أقنوم الحكمة إنتصر بصليبه على الشيطان والموت والخطية. وهو قادر أن يعطي لعبيده هذه القوة. فمهما كان ذكاء الإنسان أو قوته فهى قُوى محدودة تقف عاجزة عن حل مشاكل كثيرة، لكن قوة الله وحكمته هي بلا حدود. فأيهما أفضل المحدود أم غير المحدود. وكل من كان متحداً بالله وثابتاً فيه فهو يتمتع بالقوة والحكمة اللامحدودة. ولكن الثبات في الله يستلزم حياة نقية طاهرة. وهذه تعني قطعاً تنفيذ الوصايا. وبينما يمجد العالم القوة البشرية نجد أولاد الله يهتمون بطهارتهم والإلتصاق بالله فيكون لهم الحكمة التي يعطيها الله. ولم يكن هناك قوة بشرية تفوق قوة شمشون لكنه إنهزم أمام شهواته. ومهما كانت قوة القوى أو الملك أو الجبار فليعلم أن الله هو الذي أعطاه هذه القوة فلا يفتخر بقوته ويتكبر، فنبوخذ نصر حين تكبر جعله الله مثل الحيوانات. والله أعطى السلطان والقوة للملوك فلو لم يتصرفوا بحكمة وعدل نزع الله سلطانهم.

الأعداد 5-9

الآيات (5 - 9): -

"5 فإنكم أنتم الخادمين لملكه لم تحكموا حكم الحق ولم تحفظوا الشريعة ولم تسيروا بحسب مشيئة الله. 6 فسيطلع عليكم بغتة مطلعاً مخيفاً لأنه سيمضى على الحكام قضاء شديد. 7فأن الصغير أهل للرحمة أما أرباب القوة فبقوة يفحصون. 8 ورب الجميع لا يستثني أحداً ولا يهاب العظمة لأن الصغير والعظيم كليهما صنعه على السواء وعنايته تعم الجميع. 9لكن على الأشداء امتحاناً شديداً.".

وحساب هؤلاء الملوك سيكون عسيراً وبحسب القوة التي منحها لهم الله وبحسب سلطانهم. وهنا ينبه الحكيم الملوك أنهم خادمين لملك الله = فيجب أن يكونوا أمناء لله كخدام له ولا يفكروا أن لهم سلطان مطلق. ويحذر الحكيم أن الله سيفاجئ هؤلاء الحكام الظالمين وينفذ فيهم قضاءً شديداً = سيمضي على الحكام قضاء شديداً = يمضي أي يجري أو ينفذ فيهم. فإن الصغير أهل للرحمة = أي المتضع البسيط غير المتكبر. والله سيحاسب الأقوياء فهو لا يهابهم. أما الفقير والضعيف إذ ليس له من يدافع عنه فالله يرحمه ويدافع عنه من الأقوياء = أما أرباب القوة فبقوة يُفحصون = أي يعاقبون لكن على الأشداء إمتحاناً شديداً = وبنفس المفهوم فمن يعرف كثيراً يدان كثيراً ويطالب بأكثر.

الأعداد 10-12

الآيات (10 - 12): -.

"10 إليكم أيها الملوك توجيه كلامي لكي تتعلموا الحكمة ولا تسقطوا. 11 فان الذين يحفظون بقداسة ما هو مقدس يقدسون والذين يتعلمون هذه يجدون ما يحتجون به. 12 فابتغوا كلامي واحرصوا عليه فتتأدبوا.".

حتى يستطيع الملك أو أي مسئول أن يتصرف كما يرضي الله عليه أن يطلب الحكمة كما فعل سليمان. = لكي تتعلموا الحكمة ولا تسقطوا في أخطاء فتدانوا من الله. وكيف يحصل الملك على الحكمة؟ الذين يحفظون بقداسة ما هو مقدس يقدسون = من يحترم وصايا الله المقدسة ويحترم بيته ومقدساته ويخشى الله، ومثل هذا هو لا يقاوم الروح القدس لذلك يتقدس أي يمتلئ من الروح القدس روح الحكمة فتصير له حكمة. والذين يتعلمون هذه يجدون ما يحتجون به = وفي ترجمة أخرى "يجدون فيه دفاعاً" من يحفظ نفسه ويقدس وصايا الله يستطيع أن يدافع عن نفسه ضد حروب إبليس وأفكاره.

الأعداد 13-16

الآيات (13 - 16): -.

"13 فان الحكمة ذات بهاء ونضرة لا تذبل ومشاهدتها متيسرة للذين يحبونها ووجدانها سهل على الذين يلتمسونها. 14 فهي تسبق فتتجلى للذين يبتغونها. 15 ومن ابتكر في طلبها لا يتعب لأنه يجدها جالسة عند أبوابه. 16 فالتأمل فيها كمال الفطنة ومن سهر لأجلها فلا يلبث له هم.".

الحكمة ذات بهاء = لها مجد ولمعان وهي جذابة للجميع. الكل يود لو صار حكيماً. ونضرة لا تذبل = لها حيوية دائمة. وهكذا أقنوم الحكمة أي المسيح فهو بهاء مجد الله وهو الحي إلى الأبد، بل هو الحياة. مشاهدتها متيسرة للذين يحبونها = لن تجد صعوبة في وجود المسيح أو وجود الحكمة، بل المسيح هو الذي يقف على الباب ويقرع (رؤ20: 3) = يجدها جالسة عند أبوابه. ووجدانها = أي أن تجدها سهل على الذين يلتمسونها = هي في متناول يد من يبحث عنها، أو بالأحرى لمن يفتح بابه للواقف يقرع، فهل تريد؟ لكن مشكلة البشر هي الإهتمام الزائد بأمور هذا العالم وملذاته. ومن إبتكر.. = أي قام باكراً، وهذه تساوي "أنا أحب الذين يحبونني والذين يبكرون إليّ يجدونني" (أم17: 8) "الحكمة تريد منا أن نريدها. فالتأمل فيها كمال الفطنة = التأمل في المسيح ومحبته وفداءه يشعل القلب بمحبته. ومن يحبه يحفظ وصاياه (يو23: 14) ومن يحفظ وصاياه يمتلئ حكمة وفطنة. ومن سهر لأجلها فلا يلبث له هم = من يجد ليحصل على الحكمة يكون إنساناً سعيداً. والعكس فالجاهل لأنه يتخبط، كثير الشجار مع الناس، هو في هم. والتأمل في المسيح كلمة الله يأتي من التأمل في الكتاب المقدس كلمة الله.

الأعداد 17-20

الآيات (17 - 20): -.

"17لأنها تجول في طلب الذين هم أهل لها وتتمثل لهم في الطرق باسمة وتتلقاهم كلما تأملوا فيها. 18فأولها الخلوص في ابتغاء التأديب. 19 وتطلب التأديب هو المحبة. والمحبة حفظ الشرائع ومراعاة الشرائع ثبات الطهارة. 20 والطهارة تقرب إلى الله.".

الحكمة هي التي تبحث عن الذين هم أهل لها = "أصغيت إلى الذين لم يسألوا. وجدت من الذين لم يطلبوني" (إش1: 65). بل تشجع الناس على إقتنائها = تتمثل لهم في الطرق باسمة. ولكن هناك شروط: -.

  1. الخلوص في إبتغاء التأديب = أي الإخلاص في قبول تأديب الله. والصبر والشكر في الضيقات فهي تأديب لنكمل (قارن مع كو2: 7). ومن يفهم أن التأديب هدفه الكمال فيصير الإنسان حكيماً، سيقبل التأديب بفرح (يع2: 1) بل من فهم هذا يقول مع داود النبى "أبلني يا رب وجربني نق قلبي وكليتاي" (مز2: 26).
  2. تَطَلُّب التأديب هو المحبة = في ترجمة أخرى "الإهتمام بالتأديب هو المحبة" فالله من محبته يسعى لأن يؤدبنا فنكمل. سأل الرب بطرس ثلاث مرات "أتحبني" ثم قال له أنه سيموت صلباً. والمعنى أن ما يسمح به الله من تجارب هو من محبته لنكمل، فهذا هو هدف الله. وبهذا فمفهوم الآية أن من يحب الله يثق فيه ويقبل من يده الدواء مهما كان مراً. ومن يحب الله يحفظ وصاياه، وبهذا تنمو الحكمة لمن يفعل.
  3. والمحبة حفظ الشرائع = وعلامة محبتنا نحن لله هي أن نحفظ وصاياه (يو23: 14).
  4. مراعاة الشرائع ثبات الطهارة = من يحفظ الوصايا، فهذا هو الطريق لنقاوته وطهارته.
  5. والطهارة تقرب إلى الله = هذه مثل "طوبى لأنقياء القلب فأنهم يعاينون الله" (مت8: 5).

الأعداد 21-22

الآيات (21 - 22): -.

"21 فابتغاء الحكمة يبلغ إلى الملكوت. 22 فان كنتم تلتذون بالعرش والصولجان يا ملوك الشعوب فاكرموا الحكمة لكي تملكوا إلى الأبد.".

هنا مقارنة بين من تخدعه العروش والملك الأرضي، والحكيم يقول إن إبتغاء الحكمة يبلغ إلى الملكوت الأبدي. أما أي ملك أرضي فهو إلى زوال. وبنفس المفهوم: كل من يظن أن هدفه هو إرضاء شهواته فهذه لابد وستزول، أما أفراح السماء فهي أبدية. لذلك فالملك الحقيقي هو أن يملك الإنسان على شهواته هنا على الأرض، فنحن نملك وعدا بميراث فى السماء ومن يمتلك الحكمة سيملك نصيبا وعدنا الله به فى ميراث السماء = لكى تملكوا إلى الأبد. "لذلك نحن ملوكاً وكهنة (رؤ6: 1).

الأعداد 23-27

الآيات (23 - 27): -.

"23 واحبوا نور الحكمة يا حكام الشعوب. 24 وأنا أخبركم ما الحكمة وكيف صدرت ولا اكتم عنكم الأسرار لكن ابحث عنها من أول كونها واجعل معرفتها بينة ولا أتجاوز من الحق شيئاً. 25 ولا أسير مع من يذوب حسداً لأن مثل هذا لا حظَّ له في الحكمة. 26 إن كثرة الحكماء خلاص العالم والملك الفطن ثبات الشعب. 27 فتأدبوا بأقوالي واستفيدوا بها.".

فيا أيها الرؤساء أحبوا نور الحكمة = وليس الماديات. وهذا بأن تستنير عقولكم بمعرفة الله وليس معرفة العالم الشرير. ومن يبحث عنها يعطيها الله له (كما حدث مع سليمان). والحكيم هنا يقول "وأنا أخبركم ما الحكمة.. ولا أكتم عنكم الأسرار = فهي سر لابد أن نفتش عليه حتى نجده، ولكنها متاحة لكل من يبحث عنها بأمانة لكنها سر لمن يحيا بحسب شهواته في العالم. ولا أسير مع من يذوب حسداً = الحكمة هو الأقنوم الثاني أي إبن الله، والله محبة (1يو8: 4). والحسد هو اللا محبة أي النقيض، فلا يمكن أن يتلازم كلاهما المحبة والحسد. وقوله يذوب حسداً = حياته كلها حسد ويضيق من كل خير يأتي للناس = مثل هذا لا حظ له في الحكمة. وكلما إزداد الحكماء في العالم يحيا الناس في سعادة = كثرة الحكماء خلاص العالم.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

الإصحاح السابع وشخصية سليمان - سفر الحكمة - حكمة سليمان - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الخامس - سفر الحكمة - حكمة سليمان - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر الحكمة الأصحاح 6
تفاسير سفر الحكمة الأصحاح 6