الإصحاح الأول – سفر طوبيا – القس أنطونيوس فكري

مقدمة سفر طوبيا

  • طوبيا كلمة عبرية (طوبى ياه = الله طيب).
  • هي قصة رجل تقي يسمى طوبيا عاش في السبي الأشوري في نينوى عاصمة أشور لكنه تمسك بتقواه وبأعمال الرحمة. وقصة عائلة أخرى تقية.
  • لكن كلا العائلتين يواجهان تجارب أليمة بالرغم من تقواهما فلماذا؟
  1. الذي يحبه الرب يؤدبه ويجلد كل إبن يقبله (عب12: 5، 6). والكتاب لم يذكر أي خطية للعائلتين ولكن الله العالم بداخل كل نفس هو يعلم ما هي الخطية التي يؤدب عليها.
  2. أيوب قال الله نفسه عنه أنه رجل كامل ليس مثله (أى1: 1، 8) ولكن إكتشفنا بعد ذلك خطأ أيوب الواضح وهو بره الذاتي. وكان الله يشفيه ليَكْمُل. فالكمال للبشر هو كمال نسبي. وبولس الرسول سمح الله له بشوكة في الجسد ليحميه من الإنتفاخ (2كو7: 12).
  3. قيل عن المسيح "يُكَمِّل رئيس خلاصهم بالألام" (عب10: 2). فإن الآلام هي طريق الكمال وطريق الكف عن الخطايا (1بط1: 4). لكن ملاك الرب يصاحب المتألم ليعزيه وهذه مثل "يعطي مع التجربة المنفذ" (1كو13: 10). ولكن قول بولس الرسول عن المسيح أنه يكمل بالألام يختلف تماما عن قولنا نحن البشر أننا نكمل بالألام، فالمسيح كان لا يجب أن يتذوق أى ألم أو تجربة أو ضيقة أو موت فهو بلا خطية. والألم والموت... إلخ هى نتائج الخطية، لكنه بحريته وحباً فينا أراد أن يتذوق الألام والموت ليشابهنا فى كل شئ حتى الألم. أما نحن فنجتاز فى الألام لنتنقى لنشبه المسيح فى نقاوته.
  4. كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله (رو28: 8). وهاتين العائلتين يحبون الله بالتأكيد. فنجد أن الأمور بالنسبة لهم وإن بدأت ببعض الألام إلاّ أنها تنتهي بسعادة وفرح للجميع.
  • الملائكة قال عنهم بولس الرسول أنهم "أرواح خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص" (عب14: 1). وهنا نرى صورة تطبيقية لما قاله بولس الرسول. فالله الذي عينه على أولاده يرسل ملاكاً هو الملاك رافائيل ليسهل أمور أولاده. وكم من مرة يحدث لنا ذلك دون أن ندري. وربما ننسب حلول مشاكلنا للصدف أو الحظ أو ذكائنا ويكون الله عن طريق ملائكته هو الذي سهل لنا الأمور: -.
  • (مز7: 34) "ملاك الرب حال حول كل خائفيه وينجيهم".
  • (مز11: 91) "يوصي ملائكته بك، لكي يحفظوك في كل طرقك".
  • (تك7: 24) "يقول إبراهيم لعبده، يرسل ملاكه أمامك".
  • (تك16: 48) "وهكذا قال يعقوب".
  • ورافائيل أحد رؤساء الملائكة السبعة الواقفين أمام الرب.

* الشيطان الذي كان يقتل أزواج البنت قيل أن إسمه أزموداوس (طو8: 3) أي المهلك أو المدمر.

فهل الشيطان يقتل؟

  1. السيد المسيح قال عن الشيطان أنه "كان قتالاً للناس منذ البدء" (يو44: 8). ألم يُسقط آدم فى الخطية فمات ومات معه كل بنى آدم.
  2. حينما كان الشيطان يضرب أيوب، كان الله يحدد له حدود التجربة. فلقد قال الله للشيطان "ها هو في يدك ولكن إحفظ نفسه" (أي6: 2). إذاً لولا هذا الحد الذي وضعه الله للشيطان لكان قد قتله.
  3. الأرواح الشريرة قتلت وأهلكت قطيع الخنازير (مت32: 8).
  4. الشيطان كان يلقي بالبشر في النار والماء (مت15: 17). وهو يهيج الحروب فيموت الكثيرين.
  5. الأرواح الشريرة أصابوا أولاد سكاوا بجراح حتى هربوا عراة. (أع16: 19).
  6. ولكن سلطان الشيطان هذا على "الذين ينفون الله من قلوبهم ويتفرغون لشهوتهم" (طو6: 16، 17). ولم يكن له سلطان على طوبيا وسارة اللذان نفذا كلام الملاك. ولذلك نفى الملاك الشيطان إلى برية مصر العليا حيث العبادات الوثنية. ولاحظ فمصر كانت تشير لأرض العبودية. والمعنى: - 1) أن الملاك حرر طوبيا وسارة تماماً من إبليس وعبوديته وما عاد للشيطان أى سلطان عليهم. 2) معنى أن الشيطان يُنفَى فى أرض العبودية يساوى تماما قول السيد "أعطيتكم سلطانا أن تدوسوا الحيات...".
  7. شكراً لله. لقد كان هذا السلطان على البشر قبل المسيح. وبالمسيح صار لنا سلطان أن ندوس عليه (لو19: 10).
  8. كان الشيطان يقبض على كل النفوس بعد موتها ليأخذها للجحيم، وأول نفس لم يستطع معها هذا كان السيد المسيح الذي قال "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شئ" (يو30: 14). فالمسيح لم يقبل خطية واحدة من يده. والآن كل من هو ثابت في المسيح يستطيع أن يقول هذا "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيّ شئ" ونصلي للعذراء الأم أن تأتي لنا في هذه الساعة لتطرد عنا الشياطين (صلاة الغروب) فنصلى هكذا "وعند مفارقة نفسي من جسدي إحضري عندي ولمؤامرة الأعداء إهزمي". وفى مثل لعازر والغنى نسمع أن الملائكة أتت لتحمل نفس لعازر.
  • هناك اعتراض على استعمال قلب ومرارة وكبد الحوت لهزيمة الشيطان وشفاء طوبيا الأب من العمى.
  1. يقولون وهل تشفي المرارة العين العمياء، والرد من (إش21: 38) الذي وضع قرص تين على الدبل فبرأ حزقيا الملك. ووضع السيد المسيح طيناً على عيني الأعمى فتفتحت عيناه. فهل التين يشفي أو الطين يفتح العيون؟! وهكذا أيضا فى معجزات أليشع.
  2. السبب ببساطة أن الإنسان = جسد + روح. وأعمال الروح غير مرئية للجسد، فيسمح الله بأشياء مادية للدلالة على أشياء روحية. مثلاً المعمودية بها غفران للخطايا ونحصل بها على البنوة لله وهى دفن مع المسيح وقيامة، ونحن لا نرى شئ من هذا كله، لذلك ندفن المعمد في ماء، ثم نخرجه من الماء للدلالة على الدفن والقيامة. والمعمودية غسيل من الخطايا، لذلك نستعمل الماء للدلالة على الغسيل. فالله يستخدم معنا أشياء مادية لأن لنا جسد مادي. نحن لسنا أرواح فقط فلابد أن نشعر بشئ مادي. الصورة الحسية تغذي حواس الجسد. وهكذا إستعمل السيد المسيح مع تلاميذه الزيت لشفاء الأمراض (مر13: 6) + (يع14: 5). وبنفس المفهوم يلقي موسى قطعة شجر في الماء المر فيصير عذباً (خر25: 15) وإليشع يرمي عود خشب في الماء فيطفو الحديد (2مل6: 6). ويلقي دقيق في قدر مسموم فلا يؤذي الطعام أحد (2مل41: 4). وهناك سؤال... ألم يكن الله قادرا أن يملأ شاول الملك أو داود من الروح بكلمة من صموئيل النبى وبدون سكب الدهن؟
  3. قال الملاك لطوبيا "إذا أحرقت كبد الحوت ينهزم الشيطان" فهل هذا أعمال سحرية؟ قطعاً لا. إنما هو شكل مادي لعمل روحي. فالكبد والقلب هما تعبير عن المشاعر وكان اليهود يطلقون على المشاعر "أحشاء" (في1: 2 + 2كو15: 17) وحتى الآن فإن لفظ القلب يطلق على المشاعر فنقول (فلان له قلب رحيم أو فلان بلا قلب). ولذلك نفهم أن حرق الكبد والقلب يشير للمشاعر الملتهبة بين طوبيا وعروسه في الليلة الأولى للزواج ولكنهم تغلبوا على هذه المشاعر، فكانوا كمن أحرقها. فإنه شئ صعب جداً أن يعيش شاب وشابة دون أن يلمسا بعضهما. وهكذا قيل عن القديس يوحنا كاما وزوجته اللذان زوجهما أبواهما دون رضائهما وأرادا أن يعيشا في بتولية، وعاشا فترة كإخوة حتى ترهبا كلاهما. "أن هذا يفوق الطبيعة البشرية، أن ينام شابان بجانب بعضهما ولا تثور فيهما الطبيعة إلى الشهوة. ومن هو الذي يدنو من النار ولا يحترق" هذا ما قيل عن القديس يوحنا كاما وزوجته. أما المرارة بطعمها المر فتشير للصليب الذى حمله طوبيا فى مرضه. وفى رائحة المر الجميلة إشارة لإحتمال طوبيا بشكر. والله يسمح بالصليب لتنقيتنا. وهذا ما حدث لطوبيا. ولقد فهم طوبيا أن الآلام التى أصابته كانت لتأديبه وتنقيته (طو11: 17).
  4. لماذا طلب الملاك من طوبيا أن لا يعاشر زوجته ثلاثة أيام؟ كان هناك شيطان يحارب البنت ويقتل أزواجها. فكيف تحارب الشيطان؟ هذا السؤال أجاب عنه السيد المسيح "هذا الجنس لا يخرج إلاّ بالصلاة والصوم". وما هو الصوم؟ هو حرمان الجسد من شهوة طبيعية للأكل. وما الذي أرشد الملاك طوبيا لعمله هو حرمانه من شهوة طبيعية ناحية زوجته مع الصلاة. وهذا نوع من الصوم. وبالتالي كانت مشورة الملاك لطوبيا هي نفسها مشورة السيد المسيح لنا، في كيف نغلب الشيطان: - 1) نحرمه من سلاحه (بالصوم والإمتناع عن الشهوات الجسدية) + 2) الصلاة وهي سلاح فعال فبالصلاة يكون لنا صلة بالله فلا يستطيع الشيطان أن يقاوم الله الذى فينا.
  5. السيد المسيح غلب الشيطان بنفس الوسيلة، فهو صام ورفض أن يطلب من الآب تحويل الحجارة إلى خبز متغلباً على شهوة البطن للطعام، لذلك قال المسيح أنه بهذا ربط الشيطان (مر27: 3) "لا يستطيع أحد أن يدخل بيت قوي وينهب أمتعته إن لم يربط القوي أولاً وحينئذ ينهب بيته". فأسلحة الشيطان هي الملذات العالمية (مال / جنس / طعام وشراب..) ولذلك سُمِّىَ الشيطان "رئيس هذا العالم" (يو30: 14). ولذلك قال الشيطان للسيد المسيح "أعطيك كل هذه" (مت9: 4) فمن يرفض إغراءات العالم يحرم إبليس من أسلحته فكأنه بهذا قد ربطه. وهذا ما فعله طوبيا إذ رفض حقه في ملذات العالم، فربط الشيطان وإنهزم. وتعبير إنهزم إستخدمه السيد المسيح "ولكن متى جاء من هو أقوى منه فإنه يغلبه" (لو22: 12).
  6. وما معنى أن يربط الشيطان فى أرض مصر العليا؟ مصر فى الكتاب المقدس هى الأرض التى إستعبد فيها شعب الله. ومصر العليا هى مقر عبادة الأوثان (الأقصر = طيبة) وهى عبادة شيطانية. والمعنى أن الشيطان إستُعْبِدَ لطوبيا وسارة = "أعطيتكم سلطانا أن تدوسوا الحيات...".
  7. كان حرق الكبد والقلب هو تعبير عما فعله طوبيا وزوجته من قتل مشاعرهما وغرائزهما لربط الشيطان وبهذا غلبوه.
  8. في الليلة الثانية تكون مقبولاً في شركة الآباء القديسين (طو20: 6). وهذا ما قاله السيد المسيح للتلاميذ حينما عادوا فرحين إذ خضعت لهم الشياطين.. "لا تفرحوا بهذا أن الأرواح تخضع لكم، بل إفرحوا بالحري أن أسماءكم كتبت في السماوات" (لو20: 10). فهناك درجة أعلى من خضوع الشياطين، هي شركة الآباء القديسين في السماء. فهم حين إحتملوا ليلة ربطوا الشيطان وهزموه. وفي الليلة الثانية إزدادت درجتهم مع زيادة تحملهم. وفي الليلة الثالثة، ورقم 3 هو رقم كمال إنتهت المشكلة تماماً وملأت البركة حياتهم. والبركة تعني وجود الله في حياتي وشركته معي في كل شئ (2كو 13: 14). ورقم 3 يشير للثالوث وللاقنوم الثالث اي الروح القدس ويشير للقيامة والحياة فالمسيح قام فى اليوم الثالث وبذلك يصبح رقم 3 أيضا هو إشارة للقيامة من موت الخطية فيحيا الإنسان. فان كانا قد صار لهما الشركة مع الأباء القديسين في السماء في اليوم الثاني، ففي اليوم الثالث صارت لهما شركة الروح القدس، فصارت لهما البركة والحياة.
  9. للأسباب السابقة تنصح الكنيسة المتزوجين حديثاً أن يمتنعوا عن المعاشرة الزوجية الثلاثة أيام الأولى، فتكون كباكورة لله، ولطرد الشياطين من حياتهم. وبركة العمر كله. وكان في الكنيسة قديماً، يأتي العروسان للإعتراف والتناول ليكون هناك وحدة روحية. ويتم الزواج ليلة السبت وتستمر التسابيح طوال الليل ويتناولا يوم الأحد. ويذهب لهما الكاهن يوم الاثنين ليصلي لهما التحليل ثم يبدآن في المعاشرة الجسدية.
  • كاتب السفر: غالباً هو طوبيا نفسه كما أوصاهم الملاك "حدثوا بجميع عجائبه" (طو20: 12).
  • زمن كتابة السفر: في أثناء سبي إسرائيل في أرض أشور. والسبي كان سنة 722ق. م. وبالتالي كانت الكتابة بعد هذا التاريخ. ولقد كتب السفر في أرض السبي. وكان سبب تعزية للمسبيين فهم فهموا أن الله مهتم بهم ويرسل لهم ملائكته تحفظهم إن عاشوا بالتقوى.
  • طوبيا لقداسته أرشده الله لزوجة صالحة حفظها له. وسارة لقداستها سمح الله لإبليس أن يقتل أزواجها لأنهم إما وثنيين أو أشرار لا يستحقون هذه القديسة. فبينما كان إبليس يدبر الهلاك والحزن والكآبة للبنت القديسة والآلام لطوبيا بل العمى. كان الله يخرج من الجافي حلاوة. الشيطان قوى على الأزواج السبعة لأنهم كانوا غير صالحين كما قال الملاك "إن الذين يتزوجون فينفون الله من قلوبهم ويتفرغون لشهوتهم كالفرس والبغل اللذين لا فهم لهما أولئك للشيطان عليهم سلطان" (طو17: 6).
  • الملاك روفائيل: - معنى إسمه شفاء الله. وحينما ظهر لطوبيا كان في هيئة شاب حتى لا ينزعج وسمى نفسه "أنا عزريا بن حننيا العظيم" وقيل وهل يكذب الملاك؟ وقال عن نفسه أنا من بني إسرائيل.. وكنت نازلاً عند أخينا غابيلوس.
  • فهل كذب في هذا؟
  1. عزريا = الله يساعد بقوة. وحننيا = حنان الله. وقوله العظيم عائدة على يهوه. والمعنى أنا خادم الله العظيم الذي من حنانه أرسلني بقوة لأقدم لكم خدمة عظيمة. قوة الله النابعة من حنانه العظيم ستشفي طوبيا وتنقذ سارة وتطرد الشياطين وتغنيهم. حقاً فالله لا يظل مديوناً. لقد خدمه طوبيا. والله يرد له أضعاف أضعاف. الإسم الذي ذكره الملاك هنا ليس إسماً له بل هو تعبير عن رسالة سيقوم بها.
  2. حدث كثيراً في الكتاب المقدس أن ظهر الملائكة في هيئة بشر. فإبراهيم إستضاف ملائكة وهم على هيئة بشر وهو لا يدري (عب1: 13). وهكذا ظهر الملائكة كبشر أمام لوط.
  3. قوله أنه من بني إسرائيل ومن سبط نفتالي فهذا يعني أنه مكلف بحراسة شعب الله في هذا المكان أي أن قوله من بني إسرائيل يعنى من عند بني إسرائيل ومن سبط نفتالي أي أنا أتيت من عندهم. وراجع (دا 10: 12، 13، 20 + خر20: 23). ومن ضمن من كان يقدم له خدمات كان غابيلوس = وكنت نازلاً عند أخينا غابيلوس.

تفسير لنيافة الأنبا رافائيل.

لقطعة من التسبحة (الإبصلمودية).

هذه التسبحة خاصة بالملائكة وتقول: -.

ميخائيل هو الأول غبريال هو الثانى.

روفائيل هو الثالث على مثال الثالوث.

ونلاحظ أن التسبحة القبطية فى الإبصلمودية مليئة بالعقائد المسيحية السليمة ونرى هنا مثال لذلك. ولنفهم المعنى لنرى معانى أسماء الملائكة: -.

ميخائيل = ليس مثل الله. وهذا يشير للآب الأقنوم الأول.

جبرائيل = جبروت الله أو قوة الله. وهذا يشير للإبن الأقنوم الثاني.

روفائيل = شفاء الله. وهذا يشير للروح القدس الأقنوم الثالث الذى يشفى طبيعتنا.

ونلاحظ أن الله الآب ليس مثله، ولا شبيه له فى قوته وعظمته، وفى محبته التى لا مثيل لها بذل إبنه الوحيد ليخلص البشر "الذي لم يشفق على ابنه، بل بذله لأجلنا أجمعين، كيف لا يهبنا أيضا معه كل شيء؟" (رو8: 32). والإبن هو قوة الله (1كو1: 24). وأرسل الروح القدس ليشفى طبيعتنا ويجددها، وهذا ما قال عنه بولس الرسول "لأننا كنا نحن أيضا قبلا أغبياء غير طائعين ضالين مستعبدين لشهوات ولذات مختلفة عائشين في الخبث والحسد ممقوتين مبغضين بعضنا بعضا. ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله وإحسانه. لا بأعمال في بر عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني (المعمودية إستمدتقوتها من قوة دم المسيح) وتجديد الروح القدس (الذى يشفىطبيعتنا) الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا. حتى إذا تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية" (تى3: 3 - 7).

ونرى نموذج لشفاء الله للبشر فى شفاء طوبيا الأب وخلاص سارة من حروب الشيطان وألامها النفسية.

ونرى مرافقة الملاك لطوبيا فى طريقه وهذا يشير لمرافقة الروح القدس لنا فى كل أمور حياتنا كما كانت السحابة تقود شعب إسرائيل فى البرية. ونسمع عن شركة الروح القدس لنا فى كل أمور حياتنا فى البركة الرسولية "نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم. آمين" (2كو13: 14).

هناك ثلاثية أخرى فى هذا السفر: -.

طوبيا الأب - طوبيا الإبن - الملاك روفائيل.

فالأب والإبن لهما نفس الإسم طوبيا. فإن فهمنا أنهما يرمزان للآب والإبن المتساويان فى الجوهر يكون الملاك روفائيل الثالث فى الملائكة يشير للروح القدس الأقنوم الثالث. أما سارة فتشير للكنيسة.

ولاحظ أن الملاك روفائيل هو الذى أرشد طوبيا وقاده لسارة، وطلب منه أن يتزوجها ليصيرا جسدا واحدا. وهذا هو عمل الروح القدس الآن وهو أن يثبت الكنيسة فى المسيح الإبن لتصير الكنيسة جسد المسيح (أف5: 30).

ونلاحظ أن الملاك روفائيل هو الذى أتى بطوبيا كعريس لسارة العروس، كما هيأ الروح القدس جسدا للمسيح فى بطن العذراء ليكون عريسا للكنيسة.

الإصحاح الأول

الآيات (1 - 25): -.

"1 كان طوبيا وهو من سبط ومدينة نفتالي التي في الجليل الأعلى فوق نحشون وراء الطريق الأخذ غرباً والى يسارها مدينة صفت. 2 قد جلي في عهد شلمناسر ملك أشور إلا انه مع كونه في الجلاء لم يفارق سبيل الحق. 3 حتى كان كل ما يتيسر له يقسمه كل يوم على من جلي معه من إخوانه الذين من جنسه. 4 ومع انه كان احدث الجميع في سبط نفتالي لم يكن على شيء من شؤون الأحداث. 5 وكان إذا قصدوا كلهم عجول الذهب التي عملها ياربعام ملك إسرائيل يتخلف وحده عن سائرهم. 6 فيمضي إلى أورشليم إلى هيكل الرب وهناك كان يسجد للرب اله إسرائيل ويوفي جميع بواكيره وأعشاره. 7 وإذا كانت السنة الثالثة كان يجعل جميع أعشاره للدخلاء والغرباء. 8 وعلى هذا وأمثاله كان مثابراً منذ صبوته على وفق شريعة الله.

9 ولما أن صار رجلاً اتخذ له امرأة من سبطه اسمها حنة فولد له منها ولد فسماه باسمه. 10 وأدبه منذ صغره على تقوى الله واجتناب كل خطيئة. 11 ولما جلي مع امرأته وولده إلى مدينة نينوى حيث كانت كل عشيرته. 12 وقد كانوا كلهم يأكلون من أطعمة الأمم كان هو يصون نفسه ولم يتنجس قط بمأكولاتهم. 13 ولأجل انه كان يذكر الرب بكل قلبه آتاه الله حظوة لدى الملك شلمناسر. 14 فأطلق له أن يذهب حيثما شاء ويفعل ما يريد. 15 فكان يطوف على كل من كان في الجلاء ويرشدهم بنصائح الخلاص. 16 ثم انه قدم راجيس مدينة ماداي وكان معه مما آثره به الملك عشرة قناطير من الفضة. 17 فرأى بين الجمهور الغفير الذي من جنسه رجلاً من سبطه يقال له غابيلوس في فاقة فدفع إليه الزنة المذكورة من الفضة بصك. 18 وكان بعد أيام كثيرة أن مات الملك شلمناسر فملك سنحاريب ابنه مكانه فوقع بنو إسرائيل عنده موقع الكراهة. 19 وكان طوبيا يطوف كل يوم على جميع عشيرته ويعزيهم ويؤاسي كل واحد من أمواله على قدر وسعه. 20 فيطعم الجياع ويكسو العراة ويدفن الموتى والقتلى بغيرة شديدة. 21 ولما قفل الملك سنحاريب من ارض يهوذا هارباً من الضربة التي حاقه الله بها بسبب تجديفه وطفق لحنقه يقتل كثيرين من بني إسرائيل كان طوبيا يدفن أجسادهم. 22 فنما ذلك الى الملك فأمر بقتله وضبط جميع ماله. 23 فهرب طوبيا بولده وزوجته عارياً وأختبأ لأن كثيرين كانوا يحبونه. 24 وكان بعد خمسة وأربعين يوما أن قتل الملك ابناه. 25 فعاد طوبيا إلى منزله ورد عليه كل ماله. ".

العدد 1

آية (1):

نفتالي = من أسباط إسرائيل والكلمة تعني مصارعات. ونحشون = تعني حية. والمعنى أننا في صراع مستمر مع الحية إبليس. لكن لأن طوبيا رجل قديس نسمع طوبيا.. من نفتالي.. فوق نحشون. فهذا وعد السيد المسيح "أعطيتكم سلطاناً أن تدوسوا الحيات" (لو19: 10).

الأعداد 2-3

الآيات (2 - 3):

جُلى في عهد شلمنأصر = (راجع 2مل3: 17) جُلِىَ = أُخِذَ إلى السبى وتم إجلاءه من أرضه، ولقد تم السبي سنة 722ق. م. عموماً فالسبي تم على عدة مراحل إلاّ أن السامرة كعاصمة سقطت وسبى شعبها سنة 722ق. م. ويذكر هنا السفر قداسة وبر طوبيا حتى بعد سبيه. فالقداسة لا تظهر فقط داخل أسوار الكنيسة بل خارج الكنيسة.

الأعداد 4-8

الآيات (4 - 8):

طوبيا من أيام شبابه وهو مازال في إسرائيل رفض العبادة الخطأ وكان يذهب لأورشليم متمسكاً بالعقيدة الصحيحة مع ما كان هذا يكلفه من مشقة في السفر. ولاحظ إهتمامه بالمحتاجين.

الأعداد 9-12

الآيات (11 - 12):

لم يقل طوبيا، أنه مادمت وسط الأمم فلأفعل مثلهم.

الأعداد 13-17

الآيات (13 - 17):

الله يكافئ الأمين. والملك سمح له بالحرية. لكننا نجده إستخدمها لخدمة شعبه.

مملكة ماداي = شرق أشور وشمال فارس (إيران حالياً) وكانت تتبع أشور في ذلك الحين.

راجيس = يقول التاريخ أن سلوكس نيكانور هو الذي بنى راجيس سنة 300ق. م. فكيف تذكر هنا؟ السبب ببساطة أن راجيس كانت حي صغير أو ضاحية صغيرة لمدينة أحمتا. وجاء نيكانور وجعل منها مدينة كبيرة، أوهو جددها بعد أن هدمت. وفي بعض النسخ كتبت أحمتا بدل راجيس.

عشرة قناطير = القنطار الفضة = 240جنيه. وأعطى طوبيا المبلغ لشخص محتاج. وهذه هي أخلاق طوبيا.

الأعداد 18-23

الآيات (18 - 23): قصة سنحاريب تجدها في (2مل18، 19) وقصة قتل إبناه له (2مل37: 19). وغالباً كان إضطهاد سنحاريب لليهود بعد أن قتل الملاك 185000 رجل من جيشه، وعودته في خزي. ونلاحظ إهتمام اليهود بدفن جثث موتاهم. لذلك عند ما لم يدفن أحد جثة يهوياقيم الملك قال عنه الكتاب يدفن دفن الحمار (إر19: 22) وتظهر شجاعة طوبيا في دفنه الجثث وبهذا يتحدي الملك.

الأعداد 24-25

الآيات (24 - 25):

الله ينتقم من الأشرار. ولم يحمه إلهه نسروخ. وجاء الملك أسرحدون بدلاً من سنحاريب، وهذا لم يكن هناك عداوة بينه وبين اليهود فأعاد لطوبيا ماله وعاد طوبيا إلى بيته.

No items found

الإصحاح الثاني - سفر طوبيا - القس أنطونيوس فكري

تفاسير سفر طوبيا الأصحاح 1
تفاسير سفر طوبيا الأصحاح 1