الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ – رسالة بولس الرسول إلى غلاطية – مارمرقس مصر الجديدة

الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ

أبنــاء وورثــة.

(1) من القاصر إلى الوارث (ع1 - 7):

1 وَإِنَّمَا أَقُولُ: مَا دَامَ الْوَارِثُ قَاصِرًا، لاَ يَفْرِقُ شَيْئًا عَنِ الْعَبْدِ، مَعَ كَوْنِهِ صَاحِبَ الْجَمِيعِ. 2بَلْ هُوَ تَحْتَ أَوْصِيَاءَ وَوُكَلاَءَ إِلَى الْوَقْتِ الْمُؤَجَّلِ مِنْ أَبِيهِ. 3هَكَذَا نَحْنُ أَيْضًا: لَمَّا كُنَّا قَاصِرِينَ، كُنَّا مُسْتَعْبَدِينَ تَحْتَ أَرْكَانِ الْعَالَمِ. 4 وَلَكِنْ، لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ، 5لِيفْتَدِى الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّى. 6ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: «يَا أَبَّا، الآبُ. » 7إِذًا؛ لَسْتَ بَعْدُ عَبْدًا بَلِ ابْنًا، وَإِنْ كُنْتَ ابْنًا فَوَارِثٌ لِلَّهِ بِالْمَسِيحِ.

الأعداد 1-3

ع1 - 3:

الوارث: يرمز للمؤمنين فى العهد القديم.

أوصياء: الوصى هو المتولى على الطفل القاصر بحكم القانون حتى لا يمد يده للميراث قبل سن الرشد. والوصى هنا يرمز للناموس.

وكلاء: الوكيل هو المعين من الوصى ليرعى أمور الطفل فى معيشته وصحته وتعليمه، وهو يرمز هنا إلى فرائض الناموس وأحكامه.

الوقت المؤجل: وقت تجسد المسيح وفدائه.

أركان العالم: أى فرائض الناموس المادية مثل التطهيرات والغسلات.

كان المؤمنون فى العهد القديم خاضعين لوصايا الناموس وأحكامه المادية، ويسعون بها لتتميمها لكنهم يفشلون ولا يقدرون أن يتحرروا من نير عبودية الخطية ليستمتعوا بحقوقهم كبنين، فكانوا فى حكم العبيد منتظرين المسيا المخلص ليحررهم، مثل أولاد قاصرين لم يأتِ الوقت ليتصرفوا بحريتهم فى ميراثهم أى بنوتهم لله التى ينالونها فى الحياة المسيحية.

 لقد أعطانا الله دالة خاصة جداً عليه لنتمتع بأبوته ونكلمه عن حياتنا وظروفنا وآمالنا، فهل نستخدمها؟

الأعداد 4-5

ع4 - 5:

ملء الزمان: وقت تجسد المسيح وفدائه.

امرأة: العذراء مريم.

تحت الناموس: أى ولد يهودياً خاضعاً للناموس.

الابن الأزلى تجسد من العذراء ليأخذ طبيعتنا البشرية، وولد كيهودى ليتمم الناموس عن الإنسان الذى عجز عن إتمامه، ثم يموت بلا خطية فعلها ليرفع خطايانا ويفدى كل البشر العاجزين عن إتمام الناموس، وإذ أتمه عنا ومات لفدائنا وهبنا البنوة له فصرنا أبناء بالتبنى. وهذا بالطبع غير بنوة الابن فى الجوهر منذ الأزل مع الآب.

وقد ولد من امرأة وأخذ طبيعتنا البشرية ليستطيع أن يفدى البشر، ولأنه الله غير المحدود فذبيحته قادرة على غفران كل خطايا العالم الغير محدودة والموجهة لله الغير محدود.

العدد 6

ع6:

روح ابنه: الروح القدس.

أبا: الأب بالسريانية وتعنى "بابا".

الآب: الأب باليونانية.

إذ ننال فى العهد الجديد بنوة الله من خلال المعمودية نتأهل لعمل روح الله القدوس فينا، الذى يعطينا دالة البنوة ويعلمنا كيف نصلى ونشعر بأبوة الله فنناديه يا بابا الآب. وقد ذكرها بولس باللغتين لتأكيد معنى البنوة.

العدد 7

ع7:

هكذا ينتقل المؤمن من عبودية الخطية التى يظهرها الناموس إلى بنوة الله بالإيمان والمعمودية، وبهذه البنوة ينتظره ملكوت السموات كمكافأة من المسيح إن ثبت فى بنوته لله طوال حياته.

 بنوتك لله تفتح لك آفاقاً واسعة فى العلاقة معه، فتعطيك طمأنينة وسعياً للتشبه به وميلا للوجود معه، فتختبره ليس فقط فى الصلوات والقراءات والاتحاد فى سر الإفخارستيا بل أيضاً تعاينه وتشعر به معك فى كل خطواتك حتى تنعم بالوجود الدائم معه فى السموات.

(2) العودة إلى الناموس بعد الإيمان (ع8 - 11):

8لَكِنْ حِينَئِذٍ، إِذْ كُنْتُمْ لاَ تَعْرِفُونَ اللهَ، اسْتُعْبِدْتُمْ لِلَّذِينَ لَيْسُوا بِالطَّبِيعَةِ آلِهَةً. 9 وَأَمَّا الآنَ، إِذْ عَرَفْتُمُ اللهَ، بَلْ بِالْحَرِىِّ عُرِفْتُمْ مِنَ اللهِ، فَكَيْفَ تَرْجِعُونَ أَيْضًا إِلَى الأَرْكَانِ الضَّعِيفَةِ الْفَقِيرَةِ، الَّتِى تُرِيدُونَ أَنْ تُسْتَعْبَدُوا لَهَا مِنْ جَدِيدٍ؟ 10أَتَحْفَظُونَ أَيَّامًا وَشُهُورًا وَأَوْقَاتًا وَسِنِينَ؟ 11أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ أَكُونَ قَدْ تَعِبْتُ فِيكُمْ عَبَثًا!

الأعداد 8-9

ع8 - 9:

ليسوا بالطبيعة آلهة: أى الأوثان.

عُرِفْتِم من الله: أى أن الله أحبكم وقبلكم وفداكم.

الأركان الضعيفة: وصايا الناموس الجسدية مثل الختان.

الفقيرة: أى الخالية من النعمة، المتكلة على الجهد البشرى الفاشل.

ينبه بولس الغلاطيين إلى أنهم كانوا بعيدين عن الله ويعبدون الأوثان، ولكنهم آمنوا بالمسيح وقبلهم وخلصهم من خطاياهم، فكيف يرجعون إلى الإعتماد على الناموس الذى لا يخلص تابعيه، لأنه ليس فيه نعمة من الله بل هو مجرد كشف للخطية وشناعتها؟

 أشكر الله على اهتمامه بك وخلاصه المقدم لك على المذبح كل يوم جسداً ودما حقيقيين، واطلب معونته فى كل خطواتك فتسندك وتنجح فى كل أعمالك.

الأعداد 10-11

ع10 - 11:

أياما وشهورا وأوقاتا وسنين: الأوقات التى حددها الناموس للعبادة والأعياد.

تعبت فيكم: بشرتكم.

يتعجب بولس الرسول من تمسك الغلاطيين بالناموس كأساس لخلاصهم حتى أنه يعلن خوفه منهم أنهم لم يفهموا بشارته بالمسيح ووضعوا أساساً للخلاص غير دمه المسفوك عنهم. وبالطبع هذا يختلف عن اهتمام الكنيسة بالأعياد والأصوام لأنها تعبير حب وتذكارات روحية ناتجة عن الإيمان بالمسيح وليست أساساً لنوال الخلاص. وهى تعبيرات ضرورية لكل مؤمن حقيقى يحب المسيح حتى لا ينساه وسط مشاغل الحياة.

(3) تذكير الغلاطيين بمحبتهم الأولى (ع12 - 20):

12أَتَضَرَّعُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، كُونُوا كَمَا أَنَا، لأَنِّى أَنَا أَيْضًا كَمَا أَنْتُمْ. لَمْ تَظْلِمُونِى شَيْئًا. 13 وَلَكِنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَنِّى بِضَعْفِ الْجَسَدِ بَشَّرْتُكُمْ فِى الأَوَّلِ. 14 وَتَجْرِبَتِى الَّتِى فِى جَسَدِى لَمْ تَزْدَرُوا بِهَا وَلاَ كَرِهْتُمُوهَا، بَلْ كَمَلاَكٍ مِنَ اللهِ قَبِلْتُمُونِى، كَالْمَسِيحِ يَسُوعَ. 15فَمَاذَا كَانَ إِذًا تَطْوِيبُكُمْ؟ لأَنِّى أَشْهَدُ لَكُمْ أَنَّهُ، لَوْ أَمْكَنَ، لَقَلَعْتُمْ عُيُونَكُمْ وَأَعْطَيْتُمُونِى. 16أَفَقَدْ صِرْتُ إِذًا عَدُوًّا لَكُمْ لأَنِّى أَصْدُقُ لَكُمْ؟ 17يَغَارُونَ لَكُمْ لَيْسَ حَسَنًا، بَلْ يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوكُمْ لِكَىْ تَغَارُوا لَهُمْ. 18حَسَنَةٌ هِىَ الْغَيْرَةُ فِى الْحُسْنَى كُلَّ حِينٍ، وَلَيْسَ حِينَ حُضُورِى عِنْدَكُمْ فَقَطْ. 19يَا أَوْلاَدِى، الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضًا إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ. 20 وَلَكِنِّى كُنْتُ أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ حَاضِرًا عِنْدَكُمُ الآنَ وَأُغَيِّرَ صَوْتِى، لأَنِّى مُتَحَيِّرٌ فِيكُمْ!

العدد 12

ع12:

كونوا كما أنا: فى إيمانى بدم المسيح المخلص وحده.

أنا كما أنتم: لا أتمسك بتميز وحقوق اليهود بل أحيا كأنى واحد من الأمم.

لم تظلمونى: كنتم لطفاء فى معاملتى عند زيارتى لكم وأكرمتمونى.

تحدث بولس بلطف واتضاع مع الغلاطيين، فيتوسل إليهم أن يؤمنوا مثله بأن الخلاص بدم المسيح وحده وليس بالناموس لأن بنوتهم له ومحبتهم تقودهم للإقتداء به. كما أن أبوته جعلته يتعامل معهم كواحد منهم ولم يتفاخر بمميزاته كيهودى من شعب الله وأفضل من الأمم الوثنية. ثم يذكرهم بلطفهم فى التعامل معه حين زارهم وبشرهم وبمحبتهم الأولى له، ويناديهم بالرجوع إلى بنوتهم له وألا يتبعوا التعاليم الكاذبة للمعلمين الذين من أصل يهودى وينقلبون عليه وعلى تعاليمه.

الأعداد 13-14

ع13 - 14:

ضعف الجسد: عجز بولس الجسدى وهو غالباً ضعف بصره وقروح فى جسده كان يربطها بقطع من القماش.

فى الأول: أى زيارته الأولى لغلاطية.

تجربتى: أمراضى.

كملاك من الله: أكرمتمونى كملاك مُرسَل من الله.

يشهد بولس أنه كان يعانى من أمراض فى جسده عند زيارته وتبشيره فى غلاطية، وأن الغلاطيين لم يتضايقوا من عجزه الجسدى ولا احتقروه بل على العكس شعروا أنه مثل ملاك أرسله الله إليهم وأنه صورة للمسيح إذ رأوا المسيح فيه فأكرموه جداً.

العدد 15

ع15:

تطويبكم: المديح الذى نلتموه من الآخرين بسبب محبتكم القوية لى.

يتساءل بولس عن محبة الغلاطيين القوية له والتى يمدحهم عليها كل الناس، أين ضاعت وكيف انقلبوا ضده بسبب توبيخهم على تصديقهم أن الناموس شرط لنوال الخلاص كما ادعى المعلمون الكذبة؟ وفى نفس الوقت يشجعهم بأن يشهد بمحبتهم الشديدة له وأنهم تمنوا ولو قلعوا عيونهم وأعطوها له ليبصر بها. ويُفهَم أن تجربته كانت هى ضعف بصره بدليل أن رسائله كان يمليها على أحد تلاميذه كما هو مذكور فى نهاية كل رسالة. أما هذه الرسالة فقد كتبها بنفسه ولكن بأحرف كبيرة (ص6: 11). وقد يؤيد هذا رأى البعض الذى يقول أن هذه الرسالة كتبت مبكرا قبل غيرها من الرسائل فكان نظره أفضل من ذى بعد.

العدد 16

ع16:

أصدق لكم: أعلنت أن قبولكم تعليم المعلمين الكذبة يبعدكم عن المسيح وترجعون إلى اليهودية.

يتعجب بولس من تغير الغلاطيين من الحب الشديد له إلى معاداته، لأنه كان صريحاً معهم وأعلن لهم خطأهم بقبول المعلمين الكذبة.

العدد 17

ع17:

يغارون لكم: يظهر المعلمون الكذبة محبتهم للغلاطيين ليتبعوهم فى تعاليمهم الخاطئة.

يصيدوكم: يبعدوكم عن الإيمان الحقيقى بالمسيح.

تغاروا لهم: تحبونهم وتتعلقون بتعاليمهم المختلفة.

ينبه بولس الغلاطيين إلى خداع المعلمين الكذبة فى محبتهم المغرضة لهم لكى يكسبوا تابعين لأفكارهم الخاطئة. فهذه المحبة شريرة وتبعدهم عن الحق فيتعلقوا بهؤلاء المعلمين ويتبعونهم فى انحرافاتهم.

العدد 18

ع18:

يمدح بولس محبة الشعب لمعلميه وطاعتهم لهم ولكن فى التعاليم السليمة الحسنة وليس التعاليم الكاذبة، فقد كان الغلاطيون محبين لبولس ومطيعين لبشارته عندما زارهم، فليتهم يظلوا متمسكين بهذا الإيمان بالمسيح ومحبتهم له.

العدد 19

ع19:

يتكلم بولس بروح الأبوة نحو الغلاطيين ويشبه نفسه بالأم التى تتألم آلام الولادة (المخاض)، فهو يحتمل تقلباتهم ويحاول إرجاعهم للإيمان السليم حتى يلدهم كأبناء للمسيح وصورة حقيقية له.

العدد 20

ع20:

أغير صوتى: أتكلم باللطف والتشجيع بدلاً من التوبيخ الذى كتبته فى هذه الرسالة.

متحير فيكم: لست أعرف إن كنتم قد اقتنعتم بالأدلة التى ذكرتها، أم الأفضل توبيخكم بحزم أو تشجيعكم بلطف لتعودوا إلى الإيمان سالمين.

يتمنى بولس أن يزور غلاطية ليعرف مدى تجاوب أهلها مع رسالته، ويظهر أبوته بكلام الحنان والتشجيع حتى يكسبهم للمسيح، وهو مستعد أن يوبخهم ويقنعهم ويشجعهم أى يستخدم كل الطرق ليعيدهم إلى إيمانه الأول بالمسيح.

 امتدح تصرفات من حولك لتكسب محبتهم وتشجعهم على قبول توجيهاتك التى تربطهم بالمسيح، لأنهم إن استراحوا لك وأحبوك سيطيعوا تعاليمك ويرتبطوا بالكنيسة.

(4) مقارنة بين نسل سارة وهاجر (ع21 - 31):

21قُولُوا لِى، أَنْتُمُ الَّذِينَ تُرِيدُونَ أَنْ تَكُونُوا تَحْتَ النَّامُوسِ، أَلَسْتُمْ تَسْمَعُونَ النَّامُوسَ؟ 22فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ كَانَ لإِبْرَاهِيمَ ابْنَانِ، وَاحِدٌ مِنَ الْجَارِيَةِ وَالآخَرُ مِنَ الْحُرَّةِ. 23لَكِنَّ الَّذِى مِنَ الْجَارِيَةِ، وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ، وَأَمَّا الَّذِى مِنَ الْحُرَّةِ فَبِالْمَوْعِدِ. 24 وَكُلُّ ذَلِكَ رَمْزٌ، لأَنَّ هَاتَيْنِ هُمَا الْعَهْدَانِ، أَحَدُهُمَا مِنْ جَبَلِ سِينَاءَ، الْوَالِدُ لِلْعُبُودِيَّةِ، الَّذِى هُوَ هَاجَرُ. 25لأَنَّ هَاجَرَ جَبَلُ سِينَاءَ فِى الْعَرَبِيَّةِ. وَلَكِنَّهُ يُقَابِلُ أُورُشَلِيمَ الْحَاضِرَةَ، فَإِنَّهَا مُسْتَعْبَدَةٌ مَعَ بَنِيهَا. 26 وَأَمَّا أُورُشَلِيمُ الْعُلْيَا، الَّتِى هِىَ أُمُّنَا جَمِيعًا، فَهِىَ حُرَّةٌ. 27لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «افْرَحِى أَيَّتُهَا الْعَاقِرُ الَّتِى لَمْ تَلِدْ. اِهْتِفِى وَاصْرُخِى أَيَّتُهَا الَّتِى لَمْ تَتَمَخَّضْ، فَإِنَّ أَوْلاَدَ الْمُوحِشَةِ أَكْثَرُ مِنَ الَّتِى لَهَا زَوْجٌ. » 28 وَأَمَّا نَحْنُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ فَنَظِيرُ إِسْحَاقَ، أَوْلاَدُ الْمَوْعِدِ. 29 وَلَكِنْ كَمَا كَانَ حِينَئِذٍ، الَّذِى وُلِدَ حَسَبَ الْجَسَدِ، يَضْطَهِدُ الَّذِى حَسَبَ الرُّوحِ، هَكَذَا الآنَ أَيْضًا. 30لَكِنْ، مَاذَا يَقُولُ الْكِتَابُ؟ «اطْرُدِ الْجَارِيَةَ وَابْنَهَا، لأَنَّهُ لاَ يَرِثُ ابْنُ الْجَارِيَةِ مَعَ ابْنِ الْحُرَّةِ. » 31إِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ، لَسْنَا أَوْلاَدَ جَارِيَةٍ، بَلْ أَوْلاَدُ الْحُرَّةِ.

الأعداد 21-23

ع21 - 23:

الناموس: أسفار موسى الخمسة.

يقول القديس بولس للغلاطيين، إن كنتم لا تريدون أن تسمعوا للإنجيل فارجعوا إلى أبينا إبراهيم الذى يفتخر اليهود به كأعظم أب لهم، ويقارن باستفاضة بين هاجر الجارية ومعناها سيناء التى هاجرت إلى برية سيناء وكان نسلها رمزاً للعبودية التى تحت الناموس وورثة أورشليم الأرضية، وسارة الحرة ومعناها أميرة وأم لكثيرين ونسلها رمز للحرية التى فى المسيح وورثة أورشليم السماوية. فإسماعيل هو ابن الجسد حسب المشورة الجسدية، وتمثل هاجر عهد الناموس الذى أعطاه الله لبنى إسرائيل على جبل سيناء بالصحراء العربية التى هى بلاد نسل هاجر، فكل أولادها ولدوا فى العبودية وكان العهد مشروطاً بالطاعة "فالآن إن سمعتم لصوتى وحفظتم عهدى تكونون لى خاصة" (خر19: 5). وكان اليهود يفتخرون أنهم أولاد إبراهيم ولم يستعبدوا لأحد قط، فقال لهم بولس الرسول أن كل من يعود يُستعبد للناموس فهو ابن لهاجر وابن لأورشليم الأرضية وهو أسير لأحكام وفرائض الناموس ويظل عبداً لا يرث.

الأعداد 24-25

ع24 - 25:

يعلن بولس أنه يستخدم زوجات إبراهيم، هاجر وسارة، تمثيلا ورمزا لمن يخضعون للناموس أى اليهود والمتمتعين بالإيمان أى المسيحيين. ويفرق بينهما بقوله "عهدان"، الأول الذى ترمز إليه هاجر وهو الذى تم على جبل سيناء لأن معنى كلمة هاجر هو سيناء كما سماها قدماء العرب، وعلى هذا الجبل استلم موسى الناموس الذى يتمسك به اليهود وعاصمتهم أورشليم فى وقت بولس الرسول. ويقرر بولس أن اليهود مستعبدون للناموس الذى يظهر أخطاء الإنسان فقط ولم ينالوا بعد حرية أولاد الله بإيمانهم المسيحى.

العدد 26

ع26:

أورشليم العليا: يقصد بها كنيسة العهد الجديد المسيحية التى هى أسمى وأعلى من الناموس أى أورشليم الأرضية وهدف الكنيسة المسيحية هو أورشليم السماوية.

أمنا جميعاً: (الكنيسة المسيحية أم جميع المؤمنين) وترمز إليها سارة التى هى أم لكل المؤمنين من خلال إسحق ابنها.

حرة: سارة هى السيدة الحرة وليست جارية، وأولادها هم المؤمنون بالمسيح الذين حررهم من موت الخطية وعبودية الناموس الذى يحكم عليهم بالموت لأنهم خطاة، إذ أتم المسيح الفداء بموته عنهم وأعطاهم الحياة الجديدة الحرة فيه.

يوضح الرسول أن الكنيسة أم جميع المؤمنين هى حرة من قيود الناموس.

العدد 27

ع27:

العاقر.. لم تتمخض: يقصد سارة التى ترمز للأمم البعيدين عن الإيمان وليس لهم ثمر الحياة مع الله.

أولاد الموحشة: أولاد سارة بالإيمان أى الأمم.

التى لها زوج: أولاد هاجر ويقصد بهم اليهود المستعبدين للناموس لأن هاجر كما ذكرنا ترمز لجبل سيناء الذى أخذ عليه موسى الناموس.

يستشهد بولس بإشعياء النبى (إش 54: 1) الذى يتكلم عن أورشليم المهجورة أيام السبى ولكن ستعمر ويرجع بنوها من السبى.

ونفس النبوة هى عن الأمم البعيدين عن الله ولكن سيؤمنون بالكنيسة المسيحية ويصبحون أغلبية فيها، فيقول أشعياء افرحى أيتها الموحشة التى كانت قبلاً عاقراً (سارة) وترمز لكنيسة الأمم أما التى لها زوج فهى ترمز لليهود.

العدد 28

ع28:

نظير: مثل.

إننا كمسيحيين أبناء الموعد، ولدنا بالإيمان من جرن المعمودية الذى هو رحم الكنيسة الأم، ولدنا من فوق بإيماننا بوعد الله بالفداء ونعود إلى أمنا الحرة أورشليم السماوية، لأن كل من آمن وعمل بإيمان إبراهيم وسارة صار ابناً لإبراهيم نظير إسحق ابن الموعد.

العدد 29

ع29:

ولد حسب الجسد: وهو إسماعيل الذى يرمز لليهود الذين يحيون بفرائض الناموس الجسدية.

حسب الروح: وهو إسحق الذى يرمز للكنيسة المسيحية التى معظمها من أصل أممى.

عند فطام إسحق أقام والداه وليمة، ورأت سارة أن ابن الجارية يمزح، وقيل أنه كان يصوب سهامه على إسحق مهدداً بقتله من باب التخويف (تك21: 9). وذلك مثال لاضطهاد اليهود للمسيحيين.

العدد 30

ع30:

قالت سـارة لإبراهيم أطـرد الجـارية لأن ابن الجارية لا يرث مع ابن الحرة (تك21: 10)، فقال له الرب اسمع كل ما قالته لك سارة. فالميراث ليس إلا للبنين المولودين من فوق "إن كان أحد لا يولد من فوق لا يقدر أن يرى ملكوت الله" (يو3: 3). ويعنى أنه لا يمكن الإتفاق بين اليهود المصرين على أن الناموس شرط للخلاص وبين المؤمنين الحقيقيين الذين يعرفون أن الخلاص بدم المسيح وحده. إذاً لا نصيب فى الكنيسة للمعلمين الكذبة أى المسيحيين من أصل يهودى الذين يحاولون إرجاع المسيحية إلى اليهودية بالخضوع للناموس.

العدد 31

ع31:

يلخص بولس الرسول فى النهاية وضع المؤمنين فى الكنيسة المسيحية أنهم أولاد سارة الحرة، أى أولاد الإيمان بالمسيح الذى يحررهم من عبودية الخطية وليسوا أولاد الجارية هاجر، أى الخاضعين للناموس بفرائضه التى تظهر ضعف الإنسان ولا تخلصه. فيرفض التمسك بالناموس بعد الإيمان بالمسيح.

 لنتمسك بعمل النعمة فى حياتنا ونصارع بها لنتغلب على العادات الرديئة التى تتسلط علينا واثقين من قوة الله مهما كانت خطايانا متكررة أو صعبة، وثقتنا فى الحياة الجديدة التى وهبها لنا الله تدفعنا للتوبة السريعة والتمسك بالكنيسة وعمل الخير.

No items found

تفاسير رسالة بولس الرسول إلى غلاطية - الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ
تفاسير رسالة بولس الرسول إلى غلاطية - الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ