الأصحاح الأول – سفر أستير – مارمرقس مصر الجديدة

تفسير سفر أستير – المقدمة

أولا: تسميته.

ثانيًا: كاتبه.

ثالثًا: الخلفية التاريخية.

رابعًا: زمن كتابته.

خامسًا: مكان كتابته.

سادسًا: أغراضه.

سابعًا: قانونيته.

ثامنًا: رموزه.

تاسعًا: عقيدة وطقس.

عاشرًا: أقسامه.

حادي عشر: علاقة نصوص التتمة بنصوص السفر.

ملحوظة.

رجاء.

أولا: تسميته:

أطلق عليه إسم أستير وهي أهم شخصيات السفر. وكلمة أستير كلمة هندية الأصل ومعناها "سيدة صغيرة"، ثم انتقلت هذه الكلمة إلى اللغة الفارسية وصارت بمعنى كوكب، أو نجمة، وتفسر أيضًا "بنجمة الشرق". وهذا الإسم تسمت به عندما صارت ملكة، ولكن إسمها قبلًا كان "هدسة"، وهو اسم عبري معناه شجرة الآس، أو شجرة الريحان ذات الرائحة العطرية المعروفة.

هى ابنة أبيجايل البنيامينى وكان والدا هدسة قد ماتا، فتبناها ابن عمها مردخاي، الذي كان يعيش معهما في أورشليم، ثم سبى مع سبى يكنيا ملك يهوذا على يد نبوخذنصر ملك بابل. ونقل من أورشليم إلى "شوشن القصر" التي صارت عاصمة المملكة الفارسية بعد سقوط مملكة بابل (أس 2: 6، 7).

تزوجت أستير بالملك أحشويروش (زركسيس) بن داريوس الذي ملك من عام (486 - 465 ق. م) وكان زواجها في السنة السابعة لملك أحشويروش، أي عام 479 ق. م. وذلك بعد عودته مهزومًا من حربه ضد اليونانيين.

ثانيًا: كاتبه:

يجمع الآباء أن كاتبه يهودي عاش في الدولة الفارسية وأخذ من سجلاتها وكان قريبًا من القصر الملكى، فاستطاع أن يكتب أحداثًا تفصيلية عما يجرى في القصر وملمًا بأسماء مشيرى الملك والعاملين في القصر، وهو على الأرجح مردخاي ابن عم أستير، الذي كان يعمل حارسًا في القصر الملكى، ثم صار الوزير الأول والمسئول عن قيادة المملكة الفارسية مع الملك أحشويروش.

هناك رأي آخر أنه قد يكون عزرا الكاهن والكاتب الذي عاش في نفس الفترة وقد كتب السفر باللغة العبرية ثم ترجم إلى اللغة اليونانية.

ثالثًا: الخلفية التاريخية:

كان أحشويروش ملكًا على مملكة مادي وفارس، التي احتلت العالم وسيطرت على 127 دولة إحداها دولة اليهود وقد ملك من عام (486 - 465 ق. م). ويسمى أحشويروش الملك زركسيس الأول وهو ابن داريوس الملك، وداريوس هذا هو الذي كمل في أيامه بناء الهيكل بعد الرجوع من السبي.

كان أحشويروش ملكًا قاسيًا، تسلَّط على مملكته بقوة وكان متقلب المزاج، إذ غضب على زوجته وشتي وحرمها من أن تكون ملكة؛ لأنها رفضت حضور الوليمة التي أعدها الملك وامتلأت بالسكر والخلاعة (أس 1).

اندفع احشويروش ليحارب اليونان واستولى على أثينا، ثم مصر لكنه انهزم بعد ذلك أمام اليونان في موقعة سلاميس البحرية وانسحب إلى بلاده.

كان يعيش في قصر عظيم بمدينة شوشن القصر وهي مدينة سوسة العاصمة الشتوية للمملكة وتقع في عيلام، التي هي إيران الحالية.

أتسمت حياة أحشويروش بالإسراف في الولائم والخلاعة وقد ظهرت واضحة حينما أراد أن يبهج نفسه بها بعد هزيمته أمام اليونان. ويظهر هذا أيضًا في الطقوس المبالغ فيها لإعداد الفتيات التي يختار منهن زوجة له.

كان أحشويروش متشددًا في الحراسة المقامة في قصره ولكنه تم اغتياله عام 465 ق. م وملك بعده ابنه أرتحشستا لونجيمانوس الذي عاد في أيامه عزرا، ثم نحميا.

رابعًا: زمن كتابته:

كتب بعد فترة تملك أحشويروش بدليل أنه يكتب عنه بصيغة الماضى، أي بعد عام 465 ق. م.

يصف تفاصيل في القصر الملكى الذي احترق عام 425 ق. م بعد اغتيال أحشويروش بأربعين عامًا.

كتب السفر في الفترة ما بين 465 - 460 ق. م في أيام ملك أرتحشستا لونجيمانوس ابن الملك أحشويروش.

تمت أحداث هذا السفر بين زمن الأحداث الواردة في الأصحاح السادس في سفر عزرا وقبل الأحداث الواردة في الأصحاح السابع من نفس السفر.

خامسًا: مكان كتابته:

غالبًا كتب في شوشن القصر.

سادسًا: أغراضه:

عناية الله: فنراها في رعاية أبناء شعبه الذين بقوا في السبي، رغم رفضهم وتهاونهم في الرجوع إلى أورشليم مع زربابل.

صفات الله: يحدثنا السفر عن عظمة الله وصفاته في مواضع كثيرة داخل السفر فيخبرنا أنه:

أ - الإله الوحيد.

فذكرت أستير في صلاتها أنه "الرب الذي هو وحده ملكنا" [ص4: 29 (14: 3)].

وكذلك "ملك الآلهة" [ص4: 40 (14: 12)]، وكذلك مردخاي في صلاته قال "أنت رب الجميع" [ص4: 21 (13: 11)].

ب - عظمة الله:

ذكر في المرسوم الثاني للملك أحشويروش عن الله أنه "العلى العظيم الحى" [ص14: 29 (16: 16)].

جـ - العدل:

في صلاة أستير قالت لله "أنت عادل أيها الرب" [ص4: 35 (14: 7)].

د - القدرة على كل شيء:

إذ قال مردخاي في صلاته "الرب الملك القادر على الكل، إذ كل شيء في طاعتك وليس من يقاوم مشيئتك" [4: 19 (13: 9)]، وكذلك أستير في صلاتها قالت "ملك كل قدرة" [ص4: 40 (14: 12)].

هـ - العلم بكل شيء:

قال مردخاي لله "أنت تعرف كل شئ" [ص4: 22 (13: 12)]، وكذلك أستير قالت "أيها الرب العالم بكل شئ" [ص4: 42 (14: 14)]، وكذلك جاء أيضًا في المرسوم الملكى الثاني "الله المطلع على كل شئ" [ص8: 17 (16: 4)].

و - الخالق:

يقول مردخاي في صلاته "أنت صنعت السماء والأرض وكل ما تحت السموات" [ص4: 20 (13: 10)].

ز - صانع المعجزات:

يذكر في تفسير حلم مردخاي أن الرب "صنع آيات عظيمة ومعجزات في الأمم" (أس 10: 9).

ح - رجاء ومعين الملتجئين إليه:

فنرى في صلاة أستير تضرعها "أعنى أنا المنقطعة التي ليس لها معين سواك" [4: 31 (14: 3)]، و "استجب لأصوات الذين ليس لهم رجاء غيرك" [ص4: 47 (14: 19)]، وكذلك مردخاي في صلاته قال "استجب لتضرعى وأعطف على نصيبك" [4: 27 (13: 17)].

ط - إله إبراهيم وإسرائيل:

يعلن السفر أن الله هو إله الآباء، فيقول مردخاي "أيها الرب الملك إله إبراهيم" [4: 25 (13: 15)] ويذكر السفر عن أستير أنها "كانت تتضرع إلى الرب إله إسرائيل" [ص4: 31 (14: 3)].

عدم الانزعاج من الشر: مهما ارتفع كما يظهر من تسلط هامان وتدبيره لإهلاك اليهود (أس 3: 7 - 11). لأن الله في نفس الوقت يدبر الخلاص لشعبه والتخلص من هامان الذي يرمز لإبليس.

البذل: فنرى أهمية الصوم والصلاة الجماعية والتي تفعل المستحيل.

الاستعداد للبذل والموت لفداء الآخرين، كما يظهر في أستير التي دخلت للملك؛ لتنقذ شعبها معرضة نفسها للهلاك (أس 5: 1 - 6).

الحكمة: أهمية الحكمة والمشورة، كما يظهر من مشورة مردخاي وطاعة أستير له.

الأمانة: بركات الأمانة وعمل الخير تظهر من كشف مردخاي لمؤامرة الخيانة للملك، فكافأه الله بإنقاذه وتوليه قيادة البلد (أس 6: 1 - 9).

التواضع: فتظهر خطورة الكبرياء والتسلط؛ فنهايتها الهلاك، كما حدث في حياة هامان. ومن جهة أخرى تظهر أهمية التواضع واللطف لكسب الآخرين وخاصة بين الزوجين في تعامل أستير مع أحشويروش.

تأديب الله: بركات تأديب الله لشعبه الذي تخلى عنه قليلًا فكادوا يهلكون، وذلك لأنهم أهملوا الرجوع من السبي إلى أورشليم. ولكن إذ رجعوا إليه بالصوم والصلاة أسرع وأنقذهم ومجدهم.

سابعًا: قانونيته:

1 - وضع سفر أستير ضمن مجموعة الأسفار التي جمعها عزرا الكاهن والكاتب لأسفار العهد القديم.

2 - ذكر عيد الفوريم (أس 9: 27) ودعى بعيد مردخاي في أسفار المكابيين (2 مكابيين15: 36).

3 - تتفق أحداث السفر مع السجلات الفارسية واسم مردخاي اليهودي أيضًا مذكور كأحد رجال البلاط الملكى في عهد أحشويروش الملك.

4 - الأصحاحات الستة - التي في تتمة أستير والتي لم تذكر في النسخة البيروتية التي بين أيدينا وضعها القديس جيروم في النسخة اللاتينية ويعترف بهذه التتمة اليهود والكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية.

5 - يوجد السفر كاملًا بتتمته في الترجمة السبعينية التي تمت في مصر عام 280 ق. م.

ثامنًا: رموزه:

إن شخصيات هذا السفر لها رموز روحية وأهم هذه الشخصيات هي:

1 - الملك أحشويروش:

يرمز لأهل العالم الأشرار الشهوانيين قساة القلوب.

2 - هامان الوزير:

يرمز لإبليس المتكبر وكل الأشرار الذين يعادون أولاد الله ويحاولون إهلاكهم.

3 - مردخاي:

يرمز للمسيح الذي خلص شعبه من الهلاك.

4 - أستير:

ترمز للكنيسة التي كانت صغيرة وضعيفة وصارت عظيمة، أي ملكة متوجة.

5 - الملكة وشتي:

ترمز للإنسان العتيق الغير مطيع.

تاسعًا: عقيدة وطقس:

1 - العقيدة:

يذكر السفر بعض العقائد مثل:

أ - الأبدية:

فتقول أستير في صلاتها لله عن شعبها "لتحوزهم ميراثًا أبديًا" [4: 33 (14: 5)].

ب - الملائكة:

فتقول أستير في حديثها مع الملك أحشويروش عندما دخلت عليه "رأيتك يا سيدى كأنك ملاك الله" [ص5: 13 (15: 16)].

2 - الطقس:

نرى اقتباسات في طقوس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية مأخوذة من سفر أستير مثل:

أ - في البركة الختامية بعد القداس والليتروجيات (الصلاة الجماعية) المختلفة نجد هذه الكلمات "خلص شعبك بارك ميراثك" وهي مأخوذة من تفسير حلم مردخاي "ذكر الرب شعبه ورحم ميراثه" (أس 10: 12).

ب - في أوشية المرضى يقول الكاهن "رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين" وهى مأخوذة من صلاة أستير "ليس لنا معين سواك" [ص4: 31 (14: 3)]، و "الذين ليس لهم رجاء غيرك" [ص4: 47 (14: 19)].

عاشرًا: أقسامه:

تملك أستير (أس 1، 2).

مؤامرة هامان وهلاكه (أس 3 - 7).

عيد الفوريم وعظمة مردخاي (أس 8 - 10).

حادي عشر: علاقة نصوص التتمة بنصوص السفر:

النسخة العربية التي بين أيدينا مأخوذة من النسخة العبرية المختصرة لهذا السفر، ولكن توجد النسخة الكاملة لهذا السفر في نسخة عبرية مطولة. وكذلك في النسخة الآرامية وهي اللغة العبرية العامية. ووصلت إلينا النسخة العبرية المطولة من خلال الترجمة السبعينية وهي ترجمة يونانية للعبرية، قام بها شيوخ اليهود بأمر بطليموس الملك. وتوجد نسخة من الترجمة السبعينية بالفاتيكان، وكذلك النسخة المسماة بالسينائية، وكلاهما من القرن الرابع، بالإضافة إلى نسخة أخرى من الترجمة السبعينية والتي تسمى بالإسكندرانية وهي من القرن الخامس.

قام القديس جيروم (ايرونيموس) في نهاية القرن الرابع (390 - 405 م) بترجمة لاتينية من الترجمة السبعينية ويطلق على هذه الترجمة "الفولوجاتا". وعندما لاحظ أن هذا السفر أطول مما يوجد في النسخة العبرية المختصرة، جمع الآيات التي تزيد عن النسخة المختصرة ونزعها من أماكنها في الأصحاحات العشر في سفر أستير ووضعها وحدها في نهاية السفر ودعاها تتمة أستير، مما شكك البعض في قانونية هذه الآيات وعددها مئة وسبع آية.

أكد قديسوا القرون الأولى على قانونية هذه الأجزاء التي فصلها جيروم ووضعها في نهاية السفر، بل واقتبسوا منها، مثل القديس اكليمندس الروماني في القرن الأول والقديس اكلميندس السكندري في القرن الثاني وأيضًا العلامة أوريجانوس في القرن الثاني، بالإضافة إلى القديسين باسيليوس ويوحنا ذهبى الفم وأغسطينوس وأبيفانيوس في القرن الرابع، وكذلك المؤرخ روفينوس.

وأقر مجمع ترنت (جمعية الثالوث) عام 1546 م قانونية هذه التتمة.

ثم أعلن بعض علماء البروتستانت. كما يرد في قاموس الكتاب المقدس. أن نص سفر أستير - الذي ترجمه البروتستانت ويوجد بين أيدينا - منقول من نص عِبري مختصر وهذا النص المختصر مأخوذ من نص عبري، أو آرامى أطول.

نورِد هنا الأماكن الأصلية للآيات التي نزعها جيروم من مكانها وعددها 107 آية، فنعيدها الآن إلى أماكنها الأصلية بحسب الترجمة السبعينية وبحسب توصيات القديس جيروم وبحسب ما هو موجود في اليسوعية الصادرة في يوليو 1989 وهي كما يلى:

أ - الأصحاحات (11: 2 - 12)، 12 (1 - 6) في التتمة، مكانها قبل الأصحاح الأول في السفر.

ب - الأصحاح (13: 1 - 7) في التتمة محصور بين (أس 3: 13) و(أس 3: 14) في السفر.

جـ - أصحاح (13: 8 - 18)، (14: 1 - 19) في التتمة هذه الأجزاء مكانها بعد نهاية الأصحاح الرابع.

د - ص 15 (4 - 19) في التتمة هذا الجزء مكانه في بداية الأصحاح الخامس بدلًا من آية "1" (5: 1).

هـ - الأصحاح 16 من التتمة هذا الجزء مكانه بعد (أس 8: 12) في السفر.

و - الأصحاح (10: 4 - 13، 11: 1) في التتمة هذا الجزء يوضع بعد (أس 10: 3).

جدول ويضح أماكن الآيات حسب التفسير (1):

التفسير.

السبعينية.

التتمة.

أصحاح 1.

(أس 1: 1 - 9).

(أس 1: 10 - 22).

(تتمة أس 11: 1) ح.

(تتمة أس 11: 2 - 12).

(تتمة أس 12: 1 - 6).

أصحاح 2.

(أس 2: 1 - 4).

(أس 2: 5 - 20).

(أس 2: 21 - 23).

أصحاح 3.

(أس 3: 1 - 6).

(أس 3: 7 - 11).

(أس 3: 12 - 13).

(أس 3: 14 - 15).

(تتمة أس 13: 1 - 7).

أصحاح 4.

(أس 4: 1 - 3).

(أس 4: 4 - 9).

(أس 4: 10 - 14).

(أس 4: 15 - 17).

(تتمة أس 15: 1 - 3) ح.

(تتمة أس 13: 8 - 18).

(تتمة أس 14: 1 - 19).

أصحاح 5.

(أس 5: 1) ح.

(أس 5: 2 - 3).

(أس 5: 4 - 8).

(أس 5: 9 - 14).

(تتمة أس 15: 4 - 19).

أصحاح 6.

(أس 6: 1 - 3).

(أس 6: 4 - 9).

(أس 6: 10 - 14).

أصحاح 7.

(أس 7: 1 - 6).

(أس 7: 7 - 10).

أصحاح 8.

(أس 8: 1 - 2).

(أس 8: 3 - 8).

(أس 8: 9 - 13).

(أس 8: 14).

(أس 8: 15 - 17).

(تتمة أس 16: 1 - 24).

أصحاح 9.

(أس 9: 1 - 19).

(أس 9: 20 - 32).

أصحاح 10.

(أس 10: 1 - 3) (تتمة أس 10: 4 - 13).

ملحوظة:

(ع1) في الأصحاح الحادي عشر من التتمة هو إمضاء يوجد في نهاية السفر كما وجدنا في الترجمة السبعينية ولا تُعَد من آيات السفر، بل تُبَيِّن مُتَرْجِم السفر وزمان ترجمته كما نجد في نهاية بعض رسائل بولس الرسول جملة تبين كاتِب الرسالة ومكان كتابتها ولا تُعَد من آيات الرسالة.

الآيات من (ع1 - 3) في الأصحاح الخامس عشر من التتمة لا وجود لها في الترجمة السبعينية وبقرائتها نجد أنها مكررة في آيات السفر الموجودة في هذا الموضع في الأصحاح الرابع.

ستجد أيها القارئ ترقيمًا جديدًا للآيات في الأصحاحات التي أضيفت إليها آيات التتمة ولكن في نفس الوقت سنضع بجوار الآيات الموجودة في الكتب المقدسة التي بين يديك ترقيمها الأصلي قبل إضافة التتمة ويوضع بين قوسين وذلك في الأصحاحات الأول والثالث والثامن.

رجاء:

نتمنى من المهتمين بالطباعة والنشر في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية طباعة:

سفر أستير بالكامل أي الأجزاء التي حذفها القديس جيروم في مكانها كما هو موجود في هذا الجزء من الموسوعة.

سفر أخبار الأيام الثاني مع وضع صلاة منسى في مكانها، كما هو موجود في الموسوعة الجزء السابع الذي يحوى أسفار أخبار الأيام الأول والثاني.

سفر دانيال الكامل، أي وضع الأجزاء التي حُذِفَت في مكانها.

سفر المزامير بالكامل، أي وضع المزمور المئة والحادي والخمسين في نهاية السفر.

الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ

حلم مردخاي ومؤامرة الخصيان وعزل الملكة وشتي.

مقدمة:

هذا الأصحاح أُعيدت إليه جزء من تتمة السفر وهي الآيات من (ع1 - 17) ووضعت في مكانها وهي الموجودة في تتمة السفر في كتاب الأسفار القانونية الثانية (أس 11، 12) وقد تم وضع ترقيم جديد للآيات المُضافة مع الإبقاء على الترقيم القديم بين قوسين (1).

(1) حلم مردخاي (ع1 - 11) [تتمة أستير 11: 2 - 12].

(2) مؤامرة الخصيان (ع12 - 17) [تممة أستير 12: 1 - 6].

(3) وليمة أحشويروش [ع18 - 26 (أس 1: 1 - 9)].

(4) عزل الملكة وشتي [ع27 - 39 (أس 1: 10 - 22)].

(1) حلم مردخاي (ع1 - 11) [تتمة أستير 11: 2 - 12]:

1 وَكَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ مُلْكِ أَرْتَحْشَشْتَا الأَكْبَرِ، فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مِنْ شَهْرِ نِيسَانَ، أَنْ مُرْدَخَايَ بْنَ يَائِيرَ بْنِ شَمْعِي بْنِ قِيشٍ مِنْ سِبْطِ بَنْيَامِينَ رَأَى حُلْمًا، 2 وَهُوَ رَجُلٌ يَهُودِيٌّ مُقِيمٌ بِمَدِينَةِ شُوشَنَ، رَجُلٌ عَظِيمٌ مِنْ عُظَمَاءِ بَلاَطِ الْمَلِكِ، 3 وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ أَهْلِ الْجَلاَءِ الَّذِينَ أَخَذَهُمْ نَبُوكَدْنَصَّرُ، مَلِكُ بَابِلَ، مِنْ أُورُشَلِيمَ مَعَ يَكُنْيَا مَلِكِ يَهُوذَا، 4 وَهذَا حُلْمُهُ: رَأَى كَأَنَّ أَصْوَاتًا وَضَوْضَاءَ وَرُعُودًا وَزَلاَزِلَ، وَاضْطِرَابًا فِي الأَرْضِ. 5 ثُمَّ إِذَا بِتِنِّينَيْنِ عَظِيمَيْنِ مُتَهَيِّأَنِ لِلاقْتِتَالِ، 6 وَقَدْ تَهَيَّجَتْ كُلُّ الأُمَمِ بَأَصْوَاتِهِمَا لِتُقَاتِلَ شَعْبَ الأَبْرَارِ. 7 وَكَانَ ذلِكَ الْيَوْمُ يَوْمَ ظُلْمَةٍ وَهَوْلٍ وَشِدَّةٍ وَضَنْكٍ، وَرُعْبٍ عَظِيمٍ عَلَى الأَرْضِ. 8 فَاضْطَرَبَ شَعْبُ الأَبْرَارِ خَوْفًا مِنْ شُرُورِهِمْ مُتَوَقِّعِينَ الْمَوْتَ. 9 وَصَرَخُوا إِلَى اللهِ، وَفِيمَا هُمْ يَصْرُخُونَ إِذَا بِيَنْبُوعٍ صَغِيرٍ، قَدْ تَكَاثَرَ حَتَّى صَارَ نَهْرًا عَظِيمًا وَفَاضَ بِمِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. 10 ثُمَّ أَشْرَقَ النُّورُ وَالشَّمْسُ فَارْتَفَعَ الْمُتَوَاضِعُونَ وَافْتَرَسُوا الْمُتَجَبِّرِينَ. 11 فَلَمَّا رَأَى مُرْدَخَايُ ذلِكَ وَنَهَضَ مِنْ مَضْجَعِهِ كَانَ يُفَكِّرُ فِي مَاذَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يَفْعَلَ؟ وَكَانَ ذلِكَ لاَ يَبْرَحُ مِنْ نَفْسِهِ وَهُوَ يَرْغَبُ أَنْ يَعْرِفَ مَا مَعْنَى الْحُلْمِ.

العدد 1

ع1:

نيسان: يقابل شهر مارس وأبريل.

أرتحشستا الأكبر المذكور هنا هو نفسه الملك أحشويروش زوج الملكة أستير ويتأكد هذا من مراجعة (ع13) مع (أس 6: 2) فنجد أن أرتحشستا الذي تآمر عليه الخصيان هو نفسه أحشويروش. وأحشويروش كلمة فارسية معناها رئيس الحكام، وهو يطلق على ملوك كثيرين من ملوك فارس. ونجد في ترجمة الآباء اليسوعيين نص هذه الآية وهو "وكان في السنة الثانية من ملك أحشويروش العظيم" مما يؤكد أن أرتحشستا هو أحشويروش. وقد حكم أحشويروش هذا من عام 485 - 465 ق. م.

في السنة الثانية لهذا الملك وفى اليوم الأول من شهر نيسان حلم مردكاى بن يائير بن شمعى بن قيش حلمًا. ومردكاى هذا هو مردخاي بن قيس والد شاول الملك، مع ملاحظة إغفال عدد كبير من الآباء لمردخاي في ذكر نسبه والتركيز على نسل شاول البنيامينى، ولكن تختلف بعض الحروف من ترجمة إلى أخرى. ونلاحظ التدقيق في تحديد ميعاد الحلم لأهميته، التي ستظهر من خلال أحداث هذا السفر، إذ يعلن عمل الله لإنقاذ شعبه الملتجئ إليه.

العدد 2

ع2:

شوشن: مدينة في عيلام وتسمى أيضًا سوسة وتقع شرق بابل وهي العاصمة الشتوية لمملكة مادى وفارس.

يوضح شخصية مردخاي أنه يهودي الجنس وكان يعمل في البلاط الملكى للملك أحشويروش، بل كان له مركزًا كبيرًا بين البلاط الملكى؛ إذ كان مسئولًا عن حراسة أبواب القصر الملكى (ع12) الموجود في شوشن العاصمة الملكية.

ويظهر هنا تدبير الله الذي أعطى أحد أولاده، وهو مردخاي، مركزًا كبيرًا في البلاط الملكى، إذ سيستخدمه في خطة خلاص شعبه، عندما يثور الأشرار عليه. فالله يدبر خلاص أولاده قبل أن يحدث بسنوات كثيرة، ويطمئن أولاده أيضًا قبل أن تأتى عليهم الضيقات، كما أعطى الحلم هنا لمردخاي قبل أن يحاول الاشرار إهلاكهم.

العدد 3

ع3:

تبين هذه الآية أن مردخاي كان من ضمن المسبيين الذين أخذهم نبوخذنصر من أورشليم واليهودية ونقلهم إلى بابل مع الملك يكنيا الذي يدعى أيضًا يهوياكين. وهو ابن الملك يهوياقيم وقد حكم على مملكة يهوذا ثلاثة شهور، ثم سباه نبوخذنصر وملَّك عمه صدقيا مكانه، الذي كان آخر ملوك يهوذا قبل السبي. وقد سُبى يكنيا عام 597 ق. م. ولعل مردخاي كان طفلًا في وقت السبي عمره بضعة شهور، أو بضعة سنوات وقد سُبى مع أبيه وأمه.

وقد عاش مردخاي فترة حكم المملكة البابلية، ثم فترة حكم المملكة الفارسية، ولعل الله أعده في وظائف مختلفة، فوصل في نهاية حياته ان يكون له مركزًا كبيرًا في بلاد المملكة الفارسية.

ولا يذكر لنا الكتاب المقدس بالتحديد وقت تملك أستير ولكن هناك برديات تقول أن أحشويروش هذا تزوج بزوجة واحدة هي وشتي؛ لذا يرى بعض العلماء أن أستير قد ملكت فترة صغيرة، ثم عادت وشتي إلى مكانها كملكة. وهذا يتفق مع تدبير الله الذي أتى بأستير وأطال في عمر مردخاي حتى يتمم خلاص شعبه.

وإن كان مردخاي قد حلم في السنة الثانية لأحشويروش، أي عام 484 ق. م، ثم اكتشف مؤامرة الخصيان المذكورة في (ع12 - 17) وبعد ذلك تملكت أستير فترة صغيرة وظهر شر هامان، ثم أهلكه الملك وعين مردخاي مكانه كوزير أول له، كل هذا قد حدث في أوائل حكم أحشويروش. ولا نعرف هل عاش مردخاي بعد هذا أم مات؛ وبالتالي يكون عمر مردخاي وقت أحداث هذا السفر يتراوح ما بين 117 - 125 سنة تقريبًا وهذا يبين قوة الله الذي أطال في عمر مردخاي حتى هذا السن، كما أطال في عمر سمعان الشيخ حتى رأى المسيح وحمله على ذراعيه (لو2: 29).

الأعداد 4-6

ع4 - 6:

تنينين: مثنى تنين وهو ثعبان ضخم، أي وحش كبير.

هذا الحلم كان إعلانًا إلهيًا لمردخاي بالأمور التي ستحدث حتى يعد الله قلبه لها فلا ينزعج، فالله يطمئنه ويسانده بهذا الحلم. فقد رأى في هذا الحلم أصواتًا قوية، واهتزت الأرض حوله إعلانًا لعظمة وخطورة ما سيحدث. ثم رأى تنينين، أي وحشين كبيرين، وقف كل منهما مقابل الآخر. ورأى أن جميع الأمم وقفت ضد شعب الله؛ لتهلكه. هذا الحلم سيأتى تفسيره بعد أن يحدث وذلك في نهاية السفر في الأصحاح العاشر (أس 10: 4 - 13).

الأعداد 7-8

ع7 - 8:

هول: فزع.

ضنك: ضيق شديد.

ظهر في الحلم يومًا صعبًا مظلمًا لشعب الله، امتلأت قلوبهم فيه بمشاعر الفزع والضيق الشديد، وكان خوف عظيم عندهم من الأمم المحيطة بهم الذين يريدون إهلاكهم.

الأعداد 9-10

ع9 - 10:

المتجبرين: مفردها متجبر، أي قوى جدًا.

في هذه الضيقة العظيمة لم يكن أمام شعب الله إلا أن يصرخ إليه بصلوات حارة. فتدخل سريعًا وظهر في الحلم ينبوع صغير فاضت منه المياه بغزارة، حتى تحول إلى نهر كبير، ثم زال الظلام وظهرت الشمس بنورها العظيم، ونال شعب الله الضعيف كرامة كبيرة، أما الأمم الأشرار فقد هلك منهم الكثيرون.

العدد 11

ع11:

لا يبرح: لا يفارق.

بعد استيقاظ مردخاي من الحلم تعجب وتحيَّر في معناه. وكانت أحداث الحلم تتكرر في ذهنه كثيرًا وهو يود أن يعرف معناه. ولكنه تأكد من اقتراب ضيقة عظيمة عليه هو وشعبه وأن الله سينجيهم منها ويستأصل أعداءهم. كل هذا كان تمهيدًا إلهيًا حتى لا ينزعج مردخاي مما سيحدث له هو وشعبه، بل يكون ثابتًا في إيمانه متمسكًا بالله، ويطمئن من حوله أيضًا، وخاصة أستير التي ستصير ملكة.

† إن حنان الله عجيب، فهو يهتم بك ويحبك من قبل تأسيس العالم ويعد كل الظروف لتصير مساعدة لك على خلاص نفسك. فاطمئن وتمسك به في صلوات دائمة وأشكره كل يوم على رعايته ومحبته.

(2) مؤامرة الخصيان (ع12 - 17) [تممة أستير 12: 1 - 6]:

12 وَكَانَ حِينَئِذٍ يَقِفُ بِبَابِ الْمَلِكِ مَعَ بَغْتَانِ وَتَرَشَ، خَصِيَّيِ الْمَلِكِ وَهُمَا حَاجِبَا الْبَلاَطِ. 13 فَبَعْدَ أَنْ وَقَفَ عَلَى نَوَايَاهُمَا، وَتَقَصَّى مُدَقِّقًا، عَلِمَ أَنَّهُمَا يُحَاوِلاَنِ أَنْ يُلْقِيَا أَيْدِيَهُمَا عَلَى الْمَلِكِ أَرْتَحْشَشْتَا، فَأَطْلَعَ الْمَلِكَ عَلَى ذلِكَ. 14 فَأَلْقَاهُمَا تَحْتَ الْعَذَابِ فَأَقَرَّا فَأَمَرَ بِأَنْ يُسَاقَا إِلَى الْمَوْتِ، 15 وَكَتَبَ الْمَلِكُ مَا وَقَعَ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ وَكَذلِكَ مُرْدَخَايُ كَتَبَ ذِكْرَ الأَمْرِ. 16 ثُمَّ أَمَرَهُ الْمَلِكُ أَنْ يُقِيمَ بِبَيْتِ الْمَلِكِ وَأَمَرَ لَهُ بِهِبَاتٍ لأَنَّهُ أَطْلَعَهُ عَلَى ذلِكَ. 17 وَكَانَ هَامَانُ بْنُ هَمْدَاثَا الأَجَاجِيُّ لَهُ عِنْدَ الْمَلِكِ كَرَامَةٌ عَظِيمَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يُؤْذِيَ مُرْدَخَايَ وَشَعْبَهُ بِسَبَبِ خَصِيَّيِ الْمَلِكِ الْمَقْتُولَيْنِ.

الأعداد 12-13

ع12 - 13:

حاجبا البلاط: حارسان مسئولان عن حراسة مخدع الملك ومكان جلوسه واستقبلاته. ووظيفة حاجب البلاط وظيفة ذات رتبة عالية تعادل اليوم ما يقرب من مرتبة وزير.

يذكر هنا مردخاي قصة حدثت بعد فترة، عندما تملكت أستير، وسيشار إلى ذلك في (أس 2: 21 - 23) وسبب ذكرها هنا أنها مرتبطة بالحلم السابق ذكره في (ع1 - 11). وهذه الحادثة الآتية هامة؛ لأنه سيبنى عليها أحداث السفر كله، حيث يظهر الله قوته في خلاص شعبه.

علم مردخاي - الذي كان يشغل وظيفة كبيرة في البلاط الملكى كما ذكرنا، وهي رتبة تعادل وزير أول، أو وزير متقدم يقف بجوار الملك، أو مع حاجبا البلاط، إذ أن وظيفته قريبة من وظيفتهما - بوجود مؤامرة يدبرها هذان الحاجبان لقتل الملك. فاهتم بالأمر وتقصى الحقائق، إذ أن له خبرة كبيرة وحكمة متميزة واستطاع أن يتأكد من المؤامرة المدبرة، ولعله فهم أن هامان الذي كان يشغل مرتبة رئيس وزراء، أي الرجل الثاني بعد الملك، وراء هذه المؤامرة، لكنه لم يخف وكان أمينًا في عمله للمحافظة على حياة الملك.

وبجتان المذكور هنا هو نفسه المدعو "بجتانا" أو "بغثانا" في (أس 6: 2).

والخصى هنا مقصود به ليس فقط خصيًا من الناحية الجسدية، أي منزوع الأعضاء التناسلية، بل كان يحتل وظائف عالية في قصور الملوك، كما ذكر عن فوطيفار خصى فرعون (تك39: 1) وكما ذكر الخصى الحبشي، الذي كان وزيرًا لكنداكة ملكة الحبشة، الذي قابله فيلبس المبشر.

بعدما تأكد مردخاي من المؤامرة المدبرة، تقدم بشجاعة إلى الملك ولم يخف من سطوة هامان ولا معاونيه المنتشرين في القصر، وأعلم الملك بمؤامرة هذين الخصيين وذلك عن طريق أستير، كما سيظهر من (أس 2: 21 - 23).

العدد 14

ع14:

أمر الملك أحشويروش في الحال بالقبض على هذين الحاجبين وأمر بتعذيبهما بأنواع العذاب المختلفة حتى أقرا في النهاية بجريمتهما التي كان يدبرانها، فأمر الملك بقتلهما.

العدد 15

ع15:

لأهمية هذا الحدث في حياة الملك، أمر أحشويروش بكتابة ذكر هذه المؤامرة واكتشافها بواسطة مردخاي في كتاب أخبار أيام ملوك فارس، وكذلك كتب أيضًا مردخاي تفاصيل هذا الحدث في كتاب خاص عنده. وكل ما حدث يبين أمانة مردخاي الشديدة، حتى أنه عرض نفسه للموت بيد هامان ومعاونيه، وكذلك دقته بكتابة كل شيء بالتفصيل، حتى لا يأتي وقت ويحاول الأشرار تشويه الحقائق، أو محو ذكر هذا الحدث من كتاب أخبار هذا الملك؛ لأن هامان كان له سلطان عظيم داخل القصر الملكى.

العدد 16

ع16:

تقديرًا لأمانة مردخاي وإنقاذه لحياة الملك، أمر أحشويروش بإكرام مردخاي عن طريق:

أن يقيم مردخاي إقامة كاملة بالقصر الملكى؛ إذ شعر أحشويروش أن وجود مردخاي بجواره يحافظ على حياته، فهو أمين على حياة الملك؛ لدرجة أن يعرض نفسه للهلاك بيد الخصيان حاجبى البلاط، فاستأمنه أن يقيم بجواره.

أمر أيضًا الملك بإعطاء مردخاي هدايا وعطايا مختلفة.

العدد 17

ع17:

هامان بن همداتا الأجاجى: هامان اسم أحد الآلهة الوثنية في عيلام ومعنى الاسم هام، أو مشهور. ولقبه بالأجاجى لعله يرجع إلى آجاج ملك عماليق، الذي قتله صموئيل النبي، ويرمز للشر (1 صم15: 33). ومعنى هذا أن هامان من نسل الأشرار، الذين يعادون اليهود؛ لأن شعب عماليق كانوا دائمًا ضد اليهود.

ونلاحظ أن شاول استحيا آجاج (1 صم15: 9) ولكن غضب عليه صموئيل وقتل آجاج. وتمر الأيام ويقوم هامان، الذي من نسل آجاج؛ ليهلك مردخاي، الذي من نسل شاول كما سيظهر في (أس 3: 6). وهكذا نرى أن التهاون مع خطية صغيرة يعرض الإنسان لهلاك عظيم؛ لأن هامان كان يريد قتل ليس فقط مردخاي، بل كل شعب اليهود.

كان هامان ذا مرتبة عظيمة في القصر الملكى، وعظمه الملك أحشويروش فصار بمثابة رئيس الوزراء، أي الرجل الثاني بعد الملك أحشويروش. فصار له سلطان كامل في القصر الملكى وكل المملكة، حتى أن الملك سمح أن يسجد جميع من في القصر له، كما سيظهر في (أس 3: 2).

وواضح من هذه الآية أن هامان اغتاظ من مردخاي؛ لأنه كشف مؤامرة الخصيين لقتل الملك. وهذا معناه أن هامان كان مساندًا لهذين الخصيين، اللذين كانا لهما مركزًا كبيرًا في القصر، أي بمثابة وزيرين، أو بمعنى أصح أن هامان غالبًا كان هو المدبر لمؤامرة قتل الملك ولكنه استتر وراء هذين الخصيين، ولعله كان يود بهذه المؤامرة أن يجلس على عرش المملكة، ولكن لأنه لم يقع في خطأ ظاهر في هذه المؤامرة، فلم يمسه أذى من الملك. وبهذا صارت عداوة بين هامان ومردخاي؛ لأن مردخاي اهتم بالمحافظة على حياة الملك وكان أمينًا في عمله كحارس للملك.

† كن أمينًا في عملك من أجل الله واطلب معونته، حتى لا يهتز قلبك من الأشرار. وثق أن الله يقدر تعبك ويكافئك عليه ويحميك في كل خطواتك.

(3) وليمة أحشويروش [ع18 - 26 (أس 1: 1 - 9)]:

18 (1) وَحَدَثَ فِي أَيَّامِ أَحَشْوِيرُوشَ، هُوَ أَحَشْوِيرُوشُ الَّذِي مَلَكَ مِنَ الْهِنْدِ إِلَى كُوشٍ عَلَى مِئَةٍ وَسَبْعٍ وَعِشْرِينَ كُورَةً، 19 (2) أَنَّهُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ حِينَ جَلَسَ الْمَلِكُ أَحَشْوِيرُوشُ عَلَى كُرْسِيِّ مُلْكِهِ الَّذِي فِي شُوشَنَ الْقَصْرِ، 20 (3) فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنْ مُلْكِهِ، عَمِلَ وَلِيمَةً لِجَمِيعِ رُؤَسَائِهِ وَعَبِيدِهِ جَيْشِ فَارِسَ وَمَادِي، وَأَمَامَهُ شُرَفَاءُ الْبُلْدَانِ وَرُؤَسَاؤُهَا، 21 (4) حِينَ أَظْهَرَ غِنَى مَجْدِ مُلْكِهِ وَوَقَارَ جَلاَلِ عَظَمَتِهِ أَيَّامًا كَثِيرَةً، مِئَةً وَثَمَانِينَ يَوْمًا. 22 (5) وَعِنْدَ انْقِضَاءِ هذِهِ الأَيَّامِ، عَمِلَ الْمَلِكُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِينَ فِي شُوشَنَ الْقَصْرِ، مِنَ الْكَبِيرِ إِلَى الصَّغِيرِ، وَلِيمَةً سَبْعَةَ أَيَّامٍ فِي دَارِ جَنَّةِ قَصْرِ الْمَلِكِ. 23 (6) بِأَنْسِجَةٍ بَيْضَاءَ وَخَضْرَاءَ وَأَسْمَانْجُونِيَّةٍ مُعَلَّقَةٍ بِحِبَال مِنْ بَزّ وَأُرْجُوانٍ، فِي حَلَقَاتٍ مِنْ فِضَّةٍ، وَأَعْمِدَةٍ مِنْ رُخَامٍ، وَأَسِرَّةٍ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، عَلَى مُجَزَّعٍ مِنْ بَهْتٍ وَمَرْمَرٍ وَدُرّ وَرُخَامٍ أَسْوَدَ. 24 (7) وَكَانَ السِّقَاءُ مِنْ ذَهَبٍ، وَالآنِيَةُ مُخْتَلِفَةُ الأَشْكَالِ، وَالْخَمْرُ الْمَلِكِيُّ بِكَثْرَةٍ حَسَبَ كَرَمِ الْمَلِكِ. 25 (8) وَكَانَ الشُّرْبُ حَسَبَ الأَمْرِ. لَمْ يَكُنْ غَاصِبٌ، لأَنَّهُ هكَذَا رَسَمَ الْمَلِكُ عَلَى كُلِّ عَظِيمٍ فِي بَيْتِهِ أَنْ يَعْمَلُوا حَسَبَ رِضَا كُلِّ وَاحِدٍ. 26 (9) وَوَشْتِي الْمَلِكَةُ عَمِلَتْ أَيْضًا وَلِيمَةً لِلنِّسَاءِ فِي بَيْتِ الْمُلْكِ الَّذِي لِلْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ.

ع18 (1): أحشويروش: هو ابن الملك داريوس الذي أمر باستكمال بناء الهيكل أيام زربابل والنبيان حجى وزكريا. وأحشويروش هو والد أرتحشستا لونجيمانوس، الذي في أيامه عاد عزرا، ثم نحميا إلى أورشليم. وكلمة أحشويروش هي النطق الروماني لإسم الملك، أما باليونانية فيسمى زركسيس وبالفارسية أردشير ولعل المقصود بها أرتحشستا، كما هو موجود في (ع1).

امتدت المملكة الفارسية، فشملت معظم العالم وانقسمت إلى مئة وعشرين منطقة أيام داريوس والد أحشويروش ووضع عليها رؤساء دعاهم مرازبة (دا6: 1). وقام أحشويروش بغزوات للبلاد المحيطة، فاستطاع أن يغزو مصر ويصل إلى السودان، بل أيضًا إلى شمال الحبشة التي تسمى كوش. ومن ناحية أخرى امتدت مملكته حتى الهند. وغزا أيضًا اليونان ولكن بعد ذلك دُمِّرَ أسطوله في موقعة سلاميس. وكان رجلًا شهوانيًا وكان سريعًا لإراقة الدماء. كما يظهر من الآيات التالية في هذا الاصحاح، ثم مات مقتولًا عام 465 ق. م.

ع19 - 21 (2 - 4): قام أحشويروش بغزوات كثيرة للبلاد المحيطة ليوسع مملكته، ثم استقر في ملكه، وكان ذلك في السنة الثالثة من ملكه، أي عام 482 ق. م. ويظن بعض علماء الكتاب أنه كانت هناك مؤامرة وفتنة بين معاونيه واستطاع أن يخمد هذه الفتنة. بعد ما استقرت الأمور وكان ذلك في السنة الثالثة عمل وليمة عظيمة لرؤساء جيشه وللشرفاء، أي عظماء البلاد التابعة له، والتي كان عددها مئة وسبع وعشرين كما ذكر في ع18 (1).

كانت هذه الوليمة عظيمة جدًا، وامتدت لفترة طويلة جدًا وهي 180 يومًا، أي ستة شهور. ومدة هذه الوليمة لم يذكر التاريخ مثلها، أي تظل الولائم لمدة نصف عام. كل هذا لإظهار غنى الملك وعظمته، وهذا يؤكد بالطبع كبرياء أحشويروش هذا، خاصة أنه كان مستقرًا ولا داعى لإظهار هذا المجد.

وليس من الضرورى أن يكون الحاضرون في هذه الولائم نفس الأشخاص لمدة مئة وثمانين يومًا، بل يمكن أن تكون هذه الولائم مرتبة؛ لتكون كل يوم لمجموعة خاصة من الرؤساء التابعين للإمبراطورية.

ع22 (5): بعد إقامة ولائم الرؤساء لمدة مئة وثمانين يومًا، وهي غالبًا كانت داخل قاعات القصر الملكى، أظهر الملك أيضًا عظمته بإقامة ولائم لكل الشعب الساكنين في عاصمة إمبراطوريته وهي مدينة شوشن القصر. واختار أكبر مكان متسع في العاصمة وهي جنة الملك، أي الحدائق المتسعة التابعة للقصر الملكى. وامتدت الولائم لمدة سبعة أيام ودعى إليها كل الشعب كبارًا وصغارًا، أي شملت هذه الموائد الأطفال أيضًا.

ع23 (6): أسمانجونية: زرقاء.

بز: كتان أبيض أو حرير.

أرجوان: قماش لونه أحمر غامق، وهو اللون الذي يستخدم في ملابس الملوك قديمًا.

مجزع: ألوان مختلفة متوازية، أو مستديرة.

بهت: نوع من الرخام الأبيض اللامع.

مرمر: نوع من الرخام لونه أصفر شفاف.

در: نوع من الرخام لونه أبيض مثل لون اللؤلؤ أى ليس لامعًا.

أحاط الملك مكان الوليمة في حدائق قصره بأقمشة ثمينة لونها أبيض وأخضر وأزرق، أي كأنها خيام، قماشها جميل. وربطت هذه الأقمشة بحبال من الكتان أو الحرير الأبيض، أو القماش الأحمر الغامق. وربطت هذه الحبال في حلقات من الفضة. أما الأعمدة التي أقيمت لتربط بها هذه الأقمشة فكانت من الرخام. وهذا يبين كيف أن المكان كان محاطًا بأقمشة غالية، أو خيام على أعلى مستوى تليق بغنى الملك.

أما أماكن جلوس المدعوين في الولائم، فكانت أسرة مصنوعة من الذهب والفضة، إذ كانوا قديمًا في الولائم يجلس كل واحد على سرير ويتكئ على ذراعه ويمد جسمه ويأكل بيده الأخرى من المائدة؛ ليعطى نفسه أكبر مقدار من الراحة والتمتع بالطعام الشهى.

أما أرضية المكان فعملت من الرخام المجزع من ألوان مختلفة هي الأبيض اللامع وغير اللامع والأسود والأصفر الشفاف.

أى أن الملك اهتم بكل تفاصيل الوليمة؛ الأرضيات وأماكن الجلوس والحواجز التي تحيط بالوليمة؛ لتكون أفخر ما يمكن وتليق بعظمة الملك. إن كان هذا من أجل عامة الشعب، فكم تكون تجهيزات قاعات القصر لاستقبال رؤساء البلاد في الولائم التي استمرت مئة وثمانين يومًا؟!

ع24، 25 (7، 8): السقاء: أوعية الشرب مثل الكوب أو الكأس.

قدم الملك في هذه الولائم أنواعًا كثيرة من الخمر؛ حتى يطلب كل واحد من المدعوين ما يريد من أنواع الخمر، وكذلك الكمية التي يريدها. فلم يُجبر أحدًا من المدعوين على شرب نوع معين من الخمر، بل كان كرم الملك ظاهرًا في تلبية رغبات المدعوين حسبما أرادوا. فأمر رؤساء السقاة التابعين له، أي "كل عظيم في بيته" أن يهتموا ويلبوا كل الرغبات.

وكان الخمر من أجود الأنواع بما يليق بالملك ويقدم في أوانى من الذهب. كل هذا يبين اهتمام الملك أن يظهر عظمته أمام كل مملكته وخاصة الساكنين في عاصمته.

نلاحظ هنا أن الملك لم يجبر أحدًا من المدعوين على شرب الخمر؛ فلو شرب أحدهم كثيرًا حتى السكر يكون هو المسئول عن نفسه. وهذا يبين أن الوليمة كانت تظهر كرم الملك وكذلك وقار عظمته (ع21 (4)). والذي يؤكد وقار هذه الوليمة أنه لم تحضر فيها النساء ولم يكن هناك رقص مثل وليمة بليشاصر حفيد نبوخذنصر (دا5: 2)، أو وليمة هيرودس التي رقصت فيها ابنة هيروديا (مت14: 6).

ع26 (9): وشتي: كلمة فارسية معناها المرأة الجميلة وهي كما ذكرنا أنها في الأغلب كانت الزوجة التي استمرت على عرش المملكة طوال حياة أحشويروش، ولكنها نفيت فترة صغيرة حوالي خمس سنوات وحلت محلها أستير، لإتمام خلاص شعب الله، ثم عادت وشتي إلى مكانها مرة ثانية.

كانت الولائم السابقة يدعى إليها الرجال. أما النساء فعملت لهن الملكة وشتي زوجة الملك أحشويروش وليمة في قصرها الذي أسكنها فيه الملك.

ولم يذكر كم من الأيام استمرت وليمة النساء، ولكن غالبًا ما كانت تمكث لأيام كثيرة؛ لإظهار كرم الملك وعظمته، إذ أرادت الملكة وشتي أيضًا أن تظهر عظمتها في هذه الوليمة.

† لا تنشغل برأى الناس وإظهار كرامتك أمامهم، بل ابحث عن محبة الله وعش معه في الخفاء باتضاع. بهذا يخاف منك إبليس ويبتعد عنك، وتتمتع بسعادة لا يعبر عنها في الأرض، ثم في السماء.

(4) عزل الملكة وشتي [ع27 - 39 (أس 1: 10 - 22)]:

27 (10) فِي الْيَوْمِ السَّابعِ لَمَّا طَابَ قَلْبُ الْمَلِكِ بِالْخَمْرِ، قَالَ لِمَهُومَانَ وَبِزْثَا وَحَرْبُونَا وَبِغْثَا وَأَبَغْثَا وَزِيثَارَ وَكَرْكَسَ، الْخِصْيَانِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ كَانُوا يَخْدِمُونَ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ، 28 (11) أَنْ يَأْتُوا بِوَشْتِي الْمَلِكَةِ إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ بِتَاجِ الْمُلْكِ، لِيُرِيَ الشُّعُوبَ وَالرُّؤَسَاءَ جَمَالَهَا، لأَنَّهَا كَانَتْ حَسَنَةَ الْمَنْظَرِ. 29 (12) فَأَبَتِ الْمَلِكَةُ وَشْتِي أَنْ تَأْتِيَ حَسَبَ أَمْرِ الْمَلِكِ عَنْ يَدِ الْخِصْيَانِ، فَاغْتَاظَ الْمَلِكُ جِدًّا وَاشْتَعَلَ غَضَبُهُ فِيهِ. 30 (13) وَقَالَ الْمَلِكُ لِلْحُكَمَاءِ الْعَارِفِينَ بِالأَزْمِنَةِ، لأَنَّهُ هكَذَا كَانَ أَمْرُ الْمَلِكِ نَحْوَ جَمِيعِ الْعَارِفِينَ بِالسُّنَّةِ وَالْقَضَاءِ، 31 (14) وَكَانَ الْمُقَرِّبُونَ إِلَيْهِ كَرْشَنَا وَشِيثَارَ وَأَدْمَاثَا وَتَرْشِيشَ وَمَرَسَ وَمَرْسَنَا وَمَمُوكَانَ، سَبْعَةَ رُؤَسَاءِ فَارِسَ وَمَادِي الَّذِينَ يَرَوْنَ وَجْهَ الْمَلِكِ وَيَجْلِسُونَ أَوَّلًا فِي الْمُلْكِ: 32 (15) «حَسَبَ السُّنَّةِ، مَاذَا يُعْمَلُ بِالْمَلِكَةِ وَشْتِي لأَنَّهَا لَمْ تَعْمَلْ كَقَوْلِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ عَنْ يَدِ الْخِصْيَانِ؟ » 33 (16) فَقَالَ مَمُوكَانُ أَمَامَ الْمَلِكِ وَالرُّؤَسَاءِ: «لَيْسَ إِلَى الْمَلِكِ وَحْدَهُ أَذْنَبَتْ وَشْتِي الْمَلِكَةُ، بَلْ إِلَى جَمِيعِ الرُّؤَسَاءِ وَجَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ فِي كُلِّ بُلْدَانِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ. 34 (17) لأَنَّهُ سَوْفَ يَبْلُغُ خَبَرُ الْمَلِكَةِ إِلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ، حَتَّى يُحْتَقَرَ أَزْوَاجُهُنَّ فِي أَعْيُنِهِنَّ عِنْدَمَا يُقَالُ: إِنَّ الْمَلِكَ أَحَشْوِيرُوشَ أَمَرَ أَنْ يُؤْتَى بِوَشْتِي الْمَلِكَةِ إِلَى أَمَامِهِ فَلَمْ تَأْتِ. 35 (18) وَفِي هذَا الْيَوْمِ تَقُولُهُ رَئِيسَاتُ فَارِسَ وَمَادِي اللَّوَاتِي سَمِعْنَ خَبَرَ الْمَلِكَةِ لِجَمِيعِ رُؤَسَاءِ الْمَلِكِ. وَمِثْلُ ذلِكَ احْتِقَارٌ وَغَضَبٌ. 36 (19) فَإِذَا حَسُنَ عِنْدَ الْمَلِكِ، فَلْيَخْرُجْ أَمْرٌ مَلِكِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ، وَلْيُكْتَبْ فِي سُنَنِ فَارِسَ وَمَادِي فَلاَ يَتَغَيَّرَ، أَنْ لاَ تَأْتِ وَشْتِي إِلَى أَمَامِ الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ، وَلْيُعْطِ الْمَلِكُ مُلْكَهَا لِمَنْ هِيَ أَحْسَنُ مِنْهَا. 37 (20) فَيُسْمَعُ أَمْرُ الْمَلِكِ الَّذِي يُخْرِجُهُ فِي كُلِّ مَمْلَكَتِهِ لأَنَّهَا عَظِيمَةٌ، فَتُعْطِي جَمِيعُ النِّسَاءِ الْوَقَارَ لأَزْوَاجِهِنَّ مِنَ الْكَبِيرِ إِلَى الصَّغِيرِ». 38 (21) فَحَسُنَ الْكَلاَمُ فِي أَعْيُنِ الْمَلِكِ وَالرُّؤَسَاءِ، وَعَمِلَ الْمَلِكُ حَسَبَ قَوْلِ مَمُوكَانَ. 39 (22) وَأَرْسَلَ كُتُبًا إِلَى كُلِّ بُلْدَانِ الْمَلِكِ، إِلَى كُلِّ بِلاَدٍ حَسَبَ كِتَابَتِهَا، وَإِلَى كُلِّ شَعْبٍ حَسَبَ لِسَانِهِ، لِيَكُونَ كُلُّ رَجُل مُتَسَلِّطًا فِي بَيْتِهِ، وَيُتَكَلَّمَ بِذلِكَ بِلِسَانِ شَعْبِهِ.

ع27، 28 (10، 11): في اليوم السابع للوليمة - وغالبًا يقصد وليمة الشعب المقامة في حدائق الملك - شرب أحشويروش كثيرًا من الخمر حتى طاب قلبه وشعر بنشوة الخمر، وتحركت فيه شهوته نحو النساء. فأراد أن يظهر لكل الشعب عظمة جمال زوجته وشتي، فأرسل إليها السبعة خصيان عبيد الملك المقربين إليه ليحضروها. ولم يكن مدركًا لخطئه نتيجة الخمر الذي شربه. وأخطاؤه كانت هي:

لم يحفظ حياء امرأته ويحافظ عليها، بل أراد إظهار جمالها أمام عدد كبير من المخمورين، ويعرضها لنظرات وكلمات سيئة، فلم يكن أمينًا عليها كزوج مهتم بها.

لم تكن عادة الفرس إظهار زوجاتهم ليتفرج عليهن الآخرون، بدليل أن الولائم الملكية كانت للرجال فقط. أما النساء فعملت لهن وشتي وليمة خاصة داخل القصر.

لم يكن حكيمًا في أمره هذا؛ لأنه نسى أنه يمكن أن ترفض، أو غالبًا سترفض؛ حتى لا تكون مجرد جسد يشتهيه المخمورون المدعوون في الوليمة. وبهذا عرَّض كلامه للنقض والرفض، فأهان نفسه وأهان الأوامر الملكية.

ع29 (12): عندما وصل الأمر الملكى على يد الخصيان السبعة إلى الملكة وشتي، تضايقت جدًا، وشعرت أنها لا يمكن أن تكون محط أنظار الشهوانيين المدعوين في الوليمة. ولعل كرامتها ثارت عليها، فرفضت كلام الملك، مع علمها أن هذا الرفض مثير جدًا للملك ولا يُقبل أبدًا بين ملوك فارس.

فعاد الخصيان السبعة إلى الملك؛ ليخبروه برفض الملكة وشتي أن تحضر إلى الوليمة. فاغتاظ جدًا، وزاد غيظه تأثره بالخمر التي شربها. ولعله أظهر غضبه بصيحات، أو شتائم أمام المدعوين والرؤساء المحيطين به.

ع30 - 33 (13 - 16): اغتاظ الملك وسقط في حيرة وهو مخمور ماذا يفعل للملكة وشتي وكيف يظهر غضبه من نحوها، إذ شعر بضعفه أمام كل المدعوين. فسأل حكماءه المحيطين به في مجلسه في الوليمة، وهم القادرون على معرفة الأزمنة، أي التوقعات المنتظرة، سواء بالتنجيم، أو بأى طرق شيطانية من السحر وخلافه. وكان في مقدمتهم رؤساء مادي وفارس السبعة، الذين يمثلون مجلس الحكم للمملكة كلها، وهم العارفون بشرائع مملكة فارس ونظامها وقوانينها، وأيضًا هم المختصون بإصدار الأوامر في كل المملكة تحت سلطان الملك.

ولعل أحشويروش كانت حيرته شديدة، إذ كان مغتاظًا لكسر كرامته أمام المدعوين، ولكنه في نفس الوقت يحب وشتي ولا يريد أن تبعد عنه. فهو من جهة لا يستطيع التنازل عن أمره ومن جهة أخرى يحب امرأته وشتي ويريد تخليصها وعدم معاقبتها، بل ولعله بعدما انتبه قليلًا من الخمر شعر أنها معذورة فيما عملته وأن أمره كان غير سليم.

كان سؤال الملك للرؤساء؛ ماذا ترون أن يعمل مع الملكة وشتي بما يتفق مع قوانين المملكة الفارسية؟

ع34، 35 (17، 18): تقدم مموكان وهو أحد رؤساء مملكة فارس وقال للملك؛ إن ما فعلته الملكة وشتي، ليس فقط خطأ في حق الملك، بل أيضًا خطأ في حق رؤساء فارس وكل الشعب الفارسى؛ لأن جميع الزوجات الفارسيات سيقلدن وشتي ويعصين أزواجهن، فلا يستطيع أي رجل فارسي أن يقود بيته؛ لتمرد زوجته عليه.

لعل مموكان هذا كان بينه وبين الملكة وشتي مشاكل، أو نزاعات، أو من ناحية أخرى قد يكون متكبرًا جدًا، كرجل متسلط في بيته، فثار لكرامة الرجل، وبالغ في إظهار خطأ الملكة؛ حتى جعله إساءة لكل شعب فارس، ولكل الرجال في المملكة الفارسية، واعتبره تصرفًا سيهدم جميع بيوت فارس.

وكانت إجابة مموكان ليس فيها استناد على أي قانون فارسي، بل هو إثارة وتضخيم لتصرف الملكة ولم يلتمس لها أي عذر. وغالبًا تضايق الملك من هذا الرأى المحرج ولكنه لم يستطع التراجع عن الأخذ برأى مموكان، لئلا يظهر ضعف الملك.

ع36، 37 (19، 20): ثم أضاف مموكان، فطلب من الملك أن يصدر أمرًا في الحال بنفى الملكة وشتي من القصر، ولا تعود تظهر أمام الملك، ويكتب هذا الأمر في أوامر المملكة الفارسية، وتبلغ به جميع البلاد الخاضعة لفارس.

واستكمل مموكان كلامه، بأنه بهذا تحترم جميع الزوجات الفارسيات أزواجهن، فتستقر جميع البيوت الفارسية. وبهذا أظهر اهتمامه بالملك وبكل الشعب الفارسى. مع أنه غالبًا - كما ذكرنا - كان قلبه مملوءً شرًا، وانتهز فرصة تغير قلب الملك بالخمر وأحرجه بأدلة وإقناعات؛ ليصدر أمره بمعاقبة وشتي وعزلها من الملك.

ع38، 39 (21، 22): يتكلم بلسان شعبه: يعلن أمر الملك بلغة كل شعب من الشعوب الخاضعة لفارس.

أعلن الملك ورؤساؤه موافقتهم على رأى مموكان؛ لأنه كان مقنعًا وحسن المنطق، رغم أنه كما قلنا قد يكون معارضًا لمشاعر الملك ومحبته لزوجته وشتي. وأمر الملك بإصدار الأمر وكتابة الرسائل الملكية؛ لتصل إلى كل بلاد المملكة وتعلن بلغة الشعوب الخاضعة لفارس، فيعرفوا قرار الملك بعزل الملكة وشتي من الملك.

ورغم شر مموكان، أو شهوة أحشويروش وانغماسه في الخمر واللذات المادية وتغير عقله بالخمر، اغتاظ، ثم حسن اقتراح مموكان لديه وأمر بعزل الملكة وشتي. ولكن كان كل هذا بسماح من الله، الذي يحب ويرعى شعبه المؤمن به، أي شعب اليهود، فعزل وشتي كان هو الخطوة التي مهدت لمجئ أستير وتملكها؛ حتى تخلص شعبها بالصوم والصلاة من الهلاك الذي دبره الشيطان لإهلاكهم، كما سيظهر في الأصحاحات التالية.

وكان هذا الأمر الملكى المرسل لكل بلدان المملكة الفارسية يعلن أن كل رجل لابد أن تطيعه زوجته وإلا تعرض نفسها للطلاق، فهي ليست أفضل من الملكة وشتي التي عزلت وأبعدت عن بيتها، أي طلقها الملك بسبب عدم طاعتها.

† إن إلهك الذي يحبك يحول كل شيء لخيرك، فمهما اضطربت الدنيا حولك، فثق أن الله يقودها لخيرك مادمت متمسكًا به بإيمان واتضاع.

No items found

الأصحاح الثاني - سفر أستير - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر أستير الأصحاح 1
تفاسير سفر أستير الأصحاح 1