الأصحاح السادس – سفر أستير – مارمرقس مصر الجديدة

الأَصْحَاحُ السَّادِسُ

تكريم مردخاي.

(1) قلق الملك وقراءته في سفر أخباره (ع1 - 3).

(2) اقتراحات هامان لإكرام من يسر به الملك (ع4 - 9).

(3) إذلال هامان أمام مردخاي (ع10 - 14).

(1) قلق الملك وقراءته في سفر أخباره (ع1 - 3):

1 فِي تِلْكَ اللَّيْلَةِ طَارَ نَوْمُ الْمَلِكِ، فَأَمَرَ بِأَنْ يُؤْتَى بِسِفْرِ تَذْكَارِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ فَقُرِئَتْ أَمَامَ الْمَلِكِ. 2 فَوُجِدَ مَكْتُوبًا مَا أَخْبَرَ بِهِ مُرْدَخَايُ عَنْ بِغْثَانَا وَتَرَشَ خَصِيَّيِ الْمَلِكِ حَارِسَيِ الْبَابِ، اللَّذَيْنِ طَلَبَا أَنْ يَمُدَّا أَيْدِيَهُمَا إِلَى الْمَلِكِ أَحَشْوِيرُوشَ. 3 فَقَالَ الْمَلِكُ: «أَيَّةُ كَرَامَةٍ وَعَظَمَةٍ عُمِلَتْ لِمُرْدَخَايَ لأَجْلِ هذَا؟ » فَقَالَ غِلْمَانُ الْمَلِكِ الَّذِينَ يَخْدِمُونَهُ: «لَمْ يُعْمَلْ مَعَهُ شَيْءٌ».

العدد 1

ع1:

إن كانت أستير قد طلبت من الملك أن يحضر وليمتها الثانية لتكسب قلبه وتعاطفه معها، فإن الله الذي أرشدها إلى ذلك يتدخل ليعمل عملًا عظيمًا يفوق العقل؛ لاستكمال خلاص شعبه. فسمح أن يصاب الملك بقلق، فيعجز عن النوم ويأمر أن يقرأ له في سفر أخبار الملك، أي الأحداث التي مرت طوال فترة تملكه على فارس. وكان ذلك في الليلة التي حضر فيها وليمة أستير الأولى وقبل أن يذهب في اليوم التالي لوليمتها الثانية.

لقد دخلت أستير على الملك ودعته لوليمتها بعد أن صامت وصلت هي ومردخاي وكل اليهود في شوشن القصر. وإذ رأى الله هذا الإيمان والتضرع إليه، تدخل بقوة لإنقاذ شعبه ونزع النوم من عينى الملك في هذه الليلة بالتحديد، وطلب أن يقرأ له في سفر تذكار أخبار الملك، ولم يطلب أي شيء آخر من الرقص، أو اللهو والشهوات التي اعتادها. حقًا إن الله ضابط الكل والقادر على إنقاذ أولاده.

الأعداد 2-3

ع2 - 3:

بتدبير الله كانت القراءة في سفر أخبار الملك، في الجزء الخاص بكشف مردخاي لمؤامرة الخصيان المدبرة لقتل الملك. فحرك الله قلب الملك إعجابًا بإخلاص مردخاي وعرفانًا بجميله، إذ أنقذ حياته من الموت. وهنا تساءل الملك أمام معاونيه ومن يقرأون له في السفر وقال "ماذا قدمنا لهذا الرجل العظيم الذي أنقذ حياتى؟" فقالوا لم يقدم له شيء. وهذا قد حدث فعلًا إذ لم يقدم له سوى بعض الهدايا والشكر وجعل وظيفته كمسئول في القصر الملكى. وهذه جميعًا كرامات محدودة لم ترضِ الملك، إذ جعله الله يشعر بعظمة صنيع مردخاي معه. كم هو عجيب تدبير الله، إذ في الليلة التي يريد هامان قتل مردخاي، يجذب الله قلب الملك إلى صنيع مردخاي معه وشعر الملك أنه مدين له بحياته. ورغب أن يكرمه بأقصى ما يستطيع، وهذا ضد ما يوده هامان تمامًا.

† كن مطمئنًا لأن إلهك ساهر على رعايتك وهو يحرك القلوب للعناية بك، وتدابيره تفوق العقل. لذا تمسك بصلواتك وأصوامك وأصنع الخير وثق أنه يرعاك ولن ينساك أبدًا.

(2) اقتراحات هامان لإكرام من يسر به الملك (ع4 - 9):

4 فَقَالَ الْمَلِكُ: «مَنْ في الدَّارِ؟ » وَكَانَ هَامَانُ قَدْ دَخَلَ دَارَ بَيْتِ الْمَلِكِ الْخَارِجِيَّةَ لِكَيْ يُقُول لِلْمَلِكَ أَنْ يُصْلَبَ مُرْدَخَايُ عَلَى الْخَشَبَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا لَهُ. 5 فَقَالَ غِلْمَانُ الْمَلِكِ لَهُ: «هُوَذَا هَامَانُ وَاقِفٌ فِي الدَّارِ». فَقَالَ الْمَلِكُ: «لِيَدْخُلْ». 6 وَلَمَّا دَخَلَ هَامَانُ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «مَاذَا يُعْمَلُ لِرَجُل يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ؟ » فَقَالَ هَامَانُ فِي قَلْبِهِ: «مَنْ يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ أَكْثَرَ مِنِّي؟ » 7 فَقَالَ هَامَانُ لِلْمَلِكِ: «إِنَّ الرَّجُلَ الَّذِي يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ 8 يَأْتُونَ بِاللِّبَاسِ السُّلْطَانِيِّ الَّذِي يَلْبَسُهُ الْمَلِكُ، وَبِالْفَرَسِ الَّذِي يَرْكَبُهُ الْمَلِكُ، وَبِتَاجِ الْمُلْكِ الَّذِي يُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ، 9 وَيُدْفَعُ اللِّبَاسُ وَالْفَرَسُ لِرَجُل مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَلِكِ الأَشْرَافِ، وَيُلْبِسُونَ الرَّجُلَ الَّذِي سُرَّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ وَيُرَكِّبُونَهُ عَلَى الْفَرَسِ فِي سَاحَةِ الْمَدِينَةِ، وَيُنَادُونَ قُدَّامَهُ: هكَذَا يُصْنَعُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ».

الأعداد 4-5

ع4 - 5:

عند نهاية القراءة في سفر أخبار الملك وتساؤل أحشويروش عما صنع مع مردخاي كان الليل قد انتهى وأشرقت الشمس. وهنا تساءل الملك يا ترى من في دار الملك الخارجية، فقال له الساهرون معه - بعد أن سألوا - إن هامان موجود في الخارج. إذ أن هامان كان قد جاء ليطلب من الملك أن يصلب مردخاي. كل هذا كان في قلبه، فلما علم الملك بوجود هامان أمر بإدخاله إليه.

العدد 6

ع6:

عندما دخل هامان أمام الملك سأله الملك؛ ماذا يفعل للإنسان الذي يحب الملك أن يكرمه؟ وكان يقصد بالطبع مردخاي، الذي أنقذ حياته من الموت.

أما هامان المتكبر فقال في نفسه، يا ترى من هو الإنسان الذي يسر به الملك غيرى! وفى كبرياء قال أنه بالطبع أفضل إنسان يريد الملك أن يكرمه، فأخذ يفكر في نفسه ما هي التمنيات التي يود أن ينالها من الملك؛ لينال كرامة أفضل مما هو فيه، مع أنه كان الرجل الثاني بعد الملك، لكنه فكر أن يصير مثل الملك في العظمة.

إن الكبرياء تعمي عيني الإنسان فلا يرى الحقيقة وتسقطه في الأنانية فلا يرى إلا نفسه، وبالتالي يعرض نفسه لمتاعب كثيرة وقد تؤدى في النهاية إلى الهلاك.

لقد حضر هامان في الصباح الباكر بعد ليلة قضاها غالبًا في قلق، ولعله كان يباشر بنفسه إعداد الخشبة التي سيصلب عليها مردخاي، وجاء ليقابل الملك ويقدم له بعض الأمور الخاصة بشئون المملكة؛ ليوافق عليها، ومعها يطلب صلب مردخاي حتى يتخلص من قلقه واضطرابه الشديد. وفى نفس الوقت كان الملك قلقًا طوال الليل، واكتشف أنه لم يكرم مردخاي، الذي أنقذ حياته، فكان يريد وسيلة لإكرام مردخاي؛ حتى يهدأ قلقه ويستطيع أن ينام بعد سهره ليلة كاملة. فعندما أدخلوا إليه هامان الساقط في القلق، وسأله الملك عما يعمل لمن يريد الملك أن يكرمه، وظن هامان أنه هو المقصود بهذا الإكرام، أخرج قلقه كله في وسائل يكرمه بها الملك، لعله يهدئ شيئًا من الاضطراب الذي في داخله، فكان مبالغًا في الوسائل التي يكرم بها من يسر به الملك؛ لأنه واثق أنها ستقدم له، فكان هذا نتيجة طبيعية للقلق، واستخدم الله كل هذا لإنقاذ ابنه مردخاي البار وتكريمه، وفى نفس الوقت إذلال هامان المتكبر.

إن هامان الذي جعله الملك ثانى رجل بعده، لم يكتفِ بهذا - لكبريائه - وأراد أن يكون مثل الملك يلبس ملابسه ويركب فرسه المميز بوضع تاج الملك على رأسه، إنه يرمز للشيطان، الذي كان كاروبًا عظيمًا، أى ملاكًا كبيرًا من رتبة عالية ولم يكتفِ بهذا وأراد أن يكون مثل الله، فسقط سقوطًا عظيمًا.

الأعداد 7-9

ع7 - 9:

اقترح هامان أعظم الكرامات لتقدم لمن يسر به الملك وكان يقصد نفسه وقال فيها:

تعطى له ملابس الملك ليلبسها.

فرس الملك ليركب عليه.

تاج رأس الفرس يوضع على رأسه.

أحد رؤساء الملك يأخذ هذه الثلاثة ويعطيها لهذا الرجل ويسير أمامه في ساحة مدينة شوشن القصر، مناديًا بأن هذا هو الرجل الذي يريد الملك أن يكرمه.

† إن كنت تريد أن تعرف مشيئة الله، بل وتدخل إلى أعماق الله وتكتشف أسرار روحية لا يعبر عنها، فطريقك إلى ذلك هو الاتضاع؛ لأن الله لا يعطى مجده لآخر، أي المتكبرين، بل للمتضعين الذين يشكرونه ويرجعون الفضل له في كل شيء.

(3) إذلال هامان أمام مردخاي (ع10 - 14):

10 فَقَالَ الْمَلِكُ لِهَامَانَ: «أَسْرِعْ وَخُذِ اللِّبَاسَ وَالْفَرَسَ كَمَا تَكَلَّمْتَ، وَافْعَلْ هكَذَا لِمُرْدَخَايَ الْيَهُودِيِّ الْجَالِسِ فِي بَابِ الْمَلِكِ. لاَ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ جَمِيعِ مَا قُلْتَهُ». 11 فَأَخَذَ هَامَانُ اللِّبَاسَ وَالْفَرَسَ وَأَلْبَسَ مُرْدَخَايَ وَأَرْكَبَهُ فِي سَاحَةِ الْمَدِينَةِ، وَنَادَى قُدَّامَهُ: «هكَذَا يُصْنَعُ لِلرَّجُلِ الَّذِي يُسَرُّ الْمَلِكُ بِأَنْ يُكْرِمَهُ». 12 وَرَجَعَ مُرْدَخَايُ إِلَى بَابِ الْمَلِكِ. وَأَمَّا هَامَانُ فَأَسْرَعَ إِلَى بَيْتِهِ نَائِحًا وَمُغَطَّى الرَّأْسِ. 13 وَقَصَّ هَامَانُ عَلَى زَرَشَ زَوْجَتِهِ وَجَمِيعِ أَحِبَّائِهِ كُلَّ مَا أَصَابَهُ. فَقَالَ لَهُ حُكَمَاؤُهُ وَزَرَشُ زَوْجَتُهُ: «إِذَا كَانَ مُرْدَخَايُ الَّذِي ابْتَدَأْتَ تَسْقُطُ قُدَّامَهُ مِنْ نَسْلِ الْيَهُودِ، فَلاَ تَقْدِرُ عَلَيْهِ، بَلْ تَسْقُطُ قُدَّامَهُ سُقُوطًا». 14 وَفِيمَا هُمْ يُكَلِّمُونَهُ وَصَلَ خِصْيَانُ الْمَلِكِ وَأَسْرَعُوا لِلإِتْيَانِ بِهَامَانَ إِلَى الْوَلِيمَةِ الَّتِي عَمِلَتْهَا أَسْتِيرُ.

الأعداد 10-11

ع10 - 11:

أمر الملك في الحال - بعد كلام هامان - بأن يأخذ هامان اللباس الملكى والفرس والتاج الخاص بالفرس ويعطيه لمردخاي المسئول عن حراسة باب الملك، ويسير أمامه في ساحة المدينة، وينادى بأن هذا هو الرجل الذي يريد الملك إكرامه لأنه قد سر به. فأطاع هامان في الحال كلام الملك وفعل بالتدقيق كل شيء، ولكن كان مغتمًا في قلبه جدًا، إذ أن الرجل الذي يكرهه وهو مردخاي ويريد قتله، ليس فقط يريد الملك أن يكرمه أكثر من باقي الناس في المملكة، بل إن هامان نفسه هو الذي يقوم بهذا التكريم. فمردخاي يركب الفرس، أما هامان، فيسير في ذل مناديًا بإكرام وعظمة مردخاي، فكان هامان لا يطيق نفسه ولكنه لا يستطيع أن يخالف كلام الملك. فسقط هامان في نظر نفسه وشعر بذل لم يشعره طوال حياته.

إن الله قادر أن يرفع البائس من المزبلة ويجلسه مع رؤساء شعبه، كما قال داود (مز113: 7) وأيضًا كما قالت أمنا العذراء إن الله ينزل الأعزاء عن الكراسى (أى هامان) ويرفع المتضعين (لو1: 52).

يتجلى عمل الله في أن يذكر الملك اسم مردخاي ويلقبه باليهودي، مع أن الملك نفسه قد أمر بإبادة اليهود، ولكن الله ضابط الكل يحرك الملك لإكرام اليهودي؛ لأنه أنقذ حياته. وفى نفس الوقت إن كان هامان يكره اليهود وخاصة مردخاي، فالله يقول له على لسان الملك أن يكرم مردخاي اليهودي، فإن كان جنسيته اليهودية سببًا لإبادته يحولها الله فتكون سببًا لإكرامه.

إن مردخاي يرمز للمسيح الذي عانى الآلام على الصليب من أجلنا وصرخ صرخة عظيمة وأسلم الروح. فمردخاي يصرخ في ساحة المدينة، متوجعًا من أجل أمر الملك بإبادة اليهود (أس 4: 1). وكما تمجد المسيح بقيامته من الأموات، هكذا أيضًا تمجد مردخاي بلبس ثياب الملك والتاج والركوب على فرس الملك ومناداة هامان أمامه لتكريمه. وأيضًا مردخاي يرمز للمسيح الداخل إلى أورشليم راكبًا على آتان وجحش ابن آتان والجموع تصرخ أمامه أوصنا لابن داود. وهامان نادى أمام مردخاي بأن هذا هو الرجل الذي يسر الملك به، كما قال الآب عن المسيح أن "هذا هو ابنى الحبيب الذي به سررت" (مت3: 17) عندما تعمد في نهر الأردن.

العدد 12

ع12:

بعد تكريم مردخاي عاد إلى مكان عمله في باب الملك وهو يشكر الله وقلبه ممتلئ سلامًا؛ لأنه شعر ان الله هو الذي يكرمه، فقد تضرع إلى الله بصلواته وأصوامه، فأنعم عليه الله بهذا التكريم واسمه مرتبط بأنه يهودي إعلانًا لقوة الله في أولاده المؤمنين. ومازال مردخاي يحتفظ باتضاعه فلم يتكبر على من حوله وعلى هامان، إذ عاد بعد التكريم ليعمل في مكانه كحارس لباب الملك.

أما هامان الحزين المملوء قلبه غمًا واضطرابًا، فقد أسرع إلى بيته بعد إذلاله بالمشى أمام مردخاي والمناداة أمامه وتكريمه. عاد إلى بيته باكيًا ونائحًا وغطى رأسه دليل الحزن والعار، كما غطى داود رأسه هو ورجاله عند هروبهم من وجه أبشالوم (2 صم15: 30).

إن مردخاي يرمز لكل نفس مؤمنة تعود إلى مكانها في بيت الله وسترجع إلى الفردوس مكرمة، أما هامان فيرمز للنفس الشريرة التي تنوح وتكون في خزى وهي تذهب إلى الجحيم.

العدد 13

ع13:

حكى هامان كل ما حدث له منذ خرج في الصباح الباكر حتى وقت عودته إلى بيته، وغالبًا كان قرب الظهيرة، وكيف كان ذليلًا أمام مردخاي الذي تعاظم جدًا في وسط ساحة المدينة. فقالت له زوجته وكل أحبائه أنك لا تقدر على مردخاي، بل تسقط أمامه سقوطًا، أي أنهم أكدوا لهامان ضعفه وذله، وكذلك أكدوا مجد مردخاي وعظمته. إنه الله الذي ينطق بكلامه حتى على لسان الأشرار، لعلهم يتوبون ويعظم أولاده، خاصة في وقت الضيقة وينقذهم من أيدي أعدائهم.

أمام قوة الله التي مجدت مردخاي شعر أحباء هامان أنهم أمام قوة عظيمة خفية، عملت عكس ما خططوا له. فتصاغروا جدًا في أعين أنفسهم ولم يستطيعوا أن يشجعوا هامان، بل على العكس، قادوه لليأس والحزن أكثر مما كان فيه. إنهم معزون متعبون لم يقودوه للتوبة عن كبريائه وشره، بل قادوه لليأس.

إن الله قد وجه إنذارين واضحين لهامان حتى يتوب هما:

عندما أمره الملك بإكرام مردخاي، فبدلًا من أن يطلب صلبه، اضطر أن يكرمه إكرامًا يفوق العقل، فلعل هذا يشعره بقوة الله التي تساند مردخاي، فيتراجع عن شره نحوه ومحاولته إبادة اليهود، فيعتذر للملك عن شكواه ضدهم.

كلام أحباء هامان له بأنه لا يقدر على مردخاي اليهودي وأنه سيسقط أمامه، ولعل هذا كان نبوة على فم أحبائه بهلاكه. وهذا يعنى أنه كان لابد أن يتراجع عن فكرة الإساءة إلى مردخاي وأيضًا إبادة اليهود، فيتوب في قلبه عن كبريائه وشره. ولكن للأسف لم يتب هامان عن شره وامتلأ قلبه يأسًا. إنه يشبه يهوذا الإسخريوطى الذي لم يتب عندما كشف الله له أنه قد قدم دمًا بريئًا ببيعه المسيح ولم يتب، بل مضى إلى الهلاك بشنق نفسه. هكذا أيضًا ذهب هامان إلى وليمة أستير الثانية لينال هلاكه.

العدد 14

ع14:

ظل هامان في حزنه ونحيبه حتى أنه تأخر عن وليمة أستير الثانية، فأرسل له الملك خصيانه ليأتوا به سريعًا مما زاد اضطراب هامان، فأسرعوا بهامان إلى الوليمة وهو في غاية الاضطراب والحزن، ولكنه كان لابد أن يرسم على وجهه الابتسامة، لئلا يغضب عليه الملك.

† إن سلامك أفضل من أى شيء في العالم فلا تبعه بسبب خطية تسقط فيها، أو أمجاد عالمية تسعى وراءها. فأنت متميز بنعمة إلهية أكثر من كل من حولك وهي السلام الداخلي، فاحتفظ به بتمسكك بالله.

No items found

الأصحاح السابع - سفر أستير - مارمرقس مصر الجديدة

الأصحاح الخامس - سفر أستير - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر أستير الأصحاح 6
تفاسير سفر أستير الأصحاح 6