الأصحاح الرابع – تفسير الرسالة إلى كولوسي – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الرابع

العدد 1

آية (1): -

"1أَيُّهَا السَّادَةُ، قَدِّمُوا لِلْعَبِيدِ الْعَدْلَ وَالْمُسَاوَاةَ، عَالِمِينَ أَنَّ لَكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا سَيِّدًا فِي السَّمَاوَاتِ.".

الرسول يذكَّر السادة أن الكل تحت سلطان المسيح، لذلك يجب على السادة أن يتصرفوا بعدل مع عبيدهم، وهذا فيه نسف بطئ لكل القوانين السائدة التي كانت تبيح للسيد أن يقتل عبده حين يشاء دون مساءلة من أحد.

الأعداد 2-4

الآيات (2 - 4): -

"2 وَاظِبُوا عَلَى الصَّلاَةِ سَاهِرِينَ فِيهَا بِالشُّكْرِ، 3مُصَلِّينَ فِي ذلِكَ لأَجْلِنَا نَحْنُ أَيْضًا، لِيَفْتَحَ الرَّبُّ لَنَا بَابًا لِلْكَلاَمِ، لِنَتَكَلَّمَ بِسِرِّ الْمَسِيحِ، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أَنَا مُوثَقٌ أَيْضًا، 4كَيْ أُظْهِرَهُ كَمَا يَجِبُ أَنْ أَتَكَلَّمَ.".

في وسط شدائد الحياة نشعر بإحتياجاتنا لله، وبالصلاة نحصل على المعونة منه، وبعد أن تنفرج الشدة ونفرح، علينا أن نظل مصلين بشكر لله.

لذلك قال الرسول وَاظِبُوا = وهذه مثل صلوا بلا أنقطاع (1 تس 5: 17، 18) + (لو 1: 18) أي نثابر بإيمان واثقين في مواعيد الله. سَاهِرِينَ = المقصود الذهن اليقظ والحواس المنضبطة لئلا تتسلل خطايا تدنس القلب والصلاة المستمرة بيقظة بدون غفلة، وهذا هو تعليم الرب يسوع رأيناه في سهره للصلاة في البستان.

ليفتح الرب لنا باباً:

  1. يعطي الله سبباً للكلام.
  2. يهيئ الأذهان للسماع والاستجابة.
  3. يفتح القلوب للإيمان.
  4. يزيل معوقات الشيطان.
  5. يعطينا الرب قوة لنتكلم بسر الإنجيل ويهيئ الفرصة.

ولاحظ أنه بدأ الرسالة بالصلاة لأجلهم وها هو يطلب الصلاة لأجله وهذه هى الشفاعة في المسيحية (يع 5: 16). وهو يطلب أن يعطيه الرب قوة على الخدمة والكرازة وليس خروجه من السجن، أو عمل المعجزات سِرِّ الْمَسِيحِ، = دخول الأمم للإيمان، وهذا ما أثار اليهود عليه وإنتهى الأمر بسجنه.

أُظْهِرَهُ كَمَا يَجِبُ = أتكلم بحكمة تجد قبولاً.

الأعداد 5-6

الآيات (5 - 6): -

"5اُسْلُكُوا بِحِكْمَةٍ مِنْ جِهَةِ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ، مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ. 6لِيَكُنْ كَلاَمُكُمْ كُلَّ حِينٍ بِنِعْمَةٍ، مُصْلَحًا بِمِلْحٍ، لِتَعْلَمُوا كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تُجَاوِبُوا كُلَّ وَاحِدٍ.

اُسْلُكُوا بِحِكْمَةٍ = فلنطلب من الله حكمة لكى نتصرف بها مع الناس الذين هم من خارج الإيمان حتى لا نكون عثرة لهم. ونسلك معهم بمحبة ولطف وبلا عيب.

مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ = الفدية تُدفع لشئ ثمين وغالٍ حتى نسترده. والمعنى هنا أن الوقت غالٍ وثمين جداً. فلنغتنم الفرصة التي تتاح لنا ونبحث عن كل ما يمجد إسم المسيح سواء في حياتنا الخاصة بالدخول إلى العمق وبحياة توبة أو بأعمالنا الصالحة التي تمجد إسم المسيح. كل لحظة تمر لن تعود ثانية، فإسأل نفسك هل كانت لحساب الأبدية أم لحساب الحياة الزائلة، هل عشناها في السماويات أم نزلنا للأرضيات.

كَلاَمُكُمْ بِنِعْمَةٍ = أى يتصف باللطف الذى مصدره النعمة التى تعمل فينا. واللطف ثمرة من ثمار الروح القدس (غل 5: 22، 23). مُصْلَحًا بِمِلْحٍ = الملح يضاف للأطعمة التى يراد حفظها من الفساد. وأيضاً فالملح يعطى مذاقاً جيداً مقبولاً. فليكن كلامنا له مذاق طيب أى رقيق وفى محبة، خاصة مع غير المؤمنين، وبحكمة (مر49: 9). وهذا لا يمنع أن المسئولين يوجهوا المخطئين بكلام عنيف لكن فى محبة وأدب. والكلام المصلح بملح لا ينشر فساداً وسط الناس بألفاظ رديئة. بل يمنع الفساد وينشر الصلح. وزيادة الملح فى الطعام أيضاً غير مقبولة وهذا يشير للتزمت وكثرة الوعظ مما يثير السامعين.

الأعداد 7-9

الآيات (7 - 9): -

"7جَمِيعُ أَحْوَالِي سَيُعَرِّفُكُمْ بِهَا تِيخِيكُسُ الأَخُ الْحَبِيبُ، وَالْخَادِمُ الأَمِينُ، وَالْعَبْدُ مَعَنَا فِي الرَّبِّ، 8الَّذِي أَرْسَلْتُهُ إِلَيْكُمْ لِهذَا عَيْنِهِ، لِيَعْرِفَ أَحْوَالَكُمْ وَيُعَزِّيَ قُلُوبَكُمْ، 9مَعَ أُنِسِيمُسَ الأَخِ الأَمِينِ الْحَبِيبِ الَّذِي هُوَ مِنْكُمْ. هُمَا سَيُعَرِّفَانِكُمْ بِكُلِّ مَا ههُنَا.".

كان بولس محبوساً فى روما ولكن تلاميذه كانوا يزورونه. وقد أرسل بولس الرسول تلميذه تيخيكس بالرسالتين إلى أفسس وكولوسى. وأنسيمس كان من كولوسى. وغالباً هو العبد المذكور فى رسالة فليمون. والذى هرب من سيده وأتى إلى بولس فى روما وأعاده بولس إلى سيده. والتقليد يقول أن أنسيمس صار أسقفاً لبيرية. وفليمون أسقف لكولوسى. الَّذِي هُوَ مِنْكُمْ = أى من كولوسى. هُمَا سَيُعَرِّفَانِكُمْ = هما سيشرحان لهم لماذا هو مسجون، وكيف حوَّل سجنه إلى مكان للكرازة والتعليم، ثم ينقلون لبولس أخبار أهل كولوسى وينقلان لهم مشاعر بولس ومحبته لهم وغيرته على إيمانهم الصحيح.

الأعداد 10-11

الآيات (10 - 11): -

"10يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَرِسْتَرْخُسُ الْمَأْسُورُ مَعِي، وَمَرْقُسُ ابْنُ أُخْتِ بَرْنَابَا، الَّذِي أَخَذْتُمْ لأَجْلِهِ وَصَايَا. إِنْ أَتَى إِلَيْكُمْ فَاقْبَلُوهُ. 11 وَيَسُوعُ الْمَدْعُوُّ يُسْطُسَ، الَّذِينَ هُمْ مِنَ الْخِتَانِ. هؤُلاَءِ هُمْ وَحْدَهُمُ الْعَامِلُونَ مَعِي لِمَلَكُوتِ اللهِ، الَّذِينَ صَارُوا لِي تَسْلِيَةً.".

أَرِسْتَرْخُسُ كان قد رافق بولس كثيراً فى الخدمة قبل حبسه، ثم سافر معه إلى روما. وغالباً كان مأسوراً معه بإختياره لكى يخدمه. ومرقس هو مارمرقس كاروز ديارنا المصرية وأحد السبعين رسولاً. وقد حدث خلاف بينه وبين بولس. لكن عاد بولس وأشاد به (2تى 4: 11). الَّذِي أَخَذْتُمْ لأَجْلِهِ وَصَايَا = وصايا أى توصيات أن يقبلوه ويحسنوا معاملته كرسول للمسيح. وكان ذلك غالباً بواسطة تيخيكس الذى يحمل الرسالة. الَّذِيَ مِنَ الْخِتَانِ = كانوا يهوداً قبل الإيمان وهم ارسترخس ومرقس ويسطس.

تَسْلِيَةً = أى تعزية. وجود هؤلاء معه فى محبتهم أعطاه تعزية فى ضيقته وسجنه.

الأعداد 12-14

الآيات (12 - 14): -

"12يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ أَبَفْرَاسُ، الَّذِي هُوَ مِنْكُمْ، عَبْدٌ لِلْمَسِيحِ، مُجَاهِدٌ كُلَّ حِينٍ لأَجْلِكُمْ بِالصَّلَوَاتِ، لِكَيْ تَثْبُتُوا كَامِلِينَ وَمُمْتَلِئِينَ فِي كُلِّ مَشِيئَةِ اللهِ. 13فَإِنِّي أَشْهَدُ فِيهِ أَنَّ لَهُ غَيْرَةً كَثِيرَةً لأَجْلِكُمْ، وَلأَجْلِ الَّذِينَ فِي لاَوُدِكِيَّةَ، وَالَّذِينَ فِي هِيَرَابُولِيسَ. 14يُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ لُوقَا الطَّبِيبُ الْحَبِيبُ، وَدِيمَاسُ.".

لاحظ صلوات أَبَفْرَاسُ لمن بشرهم. فهو يعرف حروب العدو ضد المؤمنين وخداعاته حتى يزعزع إيمانهم. الَّذِي هُوَ مِنْكُمْ = من كولوسى ومن الأمم وليس من الختان. هو ثمرة خدمة بولس الرسول ومؤسس كنائس فريجية.

دِيمَاسُ = لم يعطه أى صفة مديح، وربما شعر بولس ببداية إنحرافه وميله للإنحراف والإرتداد للعالم الذى أشار إليه بعد ذلك فى (2تى10: 4).

الأعداد 15-18

الآيات (15 - 18): -

"15سَلِّمُوا عَلَى الإِخْوَةِ الَّذِينَ فِي لاَوُدِكِيَّةَ، وَعَلَى نِمْفَاسَ وَعَلَى الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَيْتِهِ. 16 وَمَتَى قُرِئَتْ عِنْدَكُمْ هذِهِ الرِّسَالَةُ فَاجْعَلُوهَا تُقْرَأُ أَيْضًا فِي كَنِيسَةِ الّلاَوُدِكِيِّينَ، وَالَّتِي مِنْ لاَوُدِكِيَّةَ تَقْرَأُونَهَا أَنْتُمْ أَيْضًا. 17 وَقُولُوا لأَرْخِبُّسَ: «انْظُرْ إِلَى الْخِدْمَةِ الَّتِي قَبِلْتَهَا فِي الرَّبِّ لِكَيْ تُتَمِّمَهَا». 18اَلسَّلاَمُ بِيَدِي أَنَا بُولُسَ. اُذْكُرُوا وُثُقِي. اَلنِّعْمَةُ مَعَكُمْ. آمِينَ.".

كتبت الى اهل كولوسي من رومية بيد تيخيكس وانسيمس.

ربما ضعف أرخبس فى خدمته. وهنا بولس يشدد أن الله يريده أن يستمر فى خدمته من قبل الرب وربما كان هذا لأن أرخبس كان يحل محل أبفراس فى غيابه. وأرخبس هو إبن السيد فليمون.

اُذْكُرُوا وُثُقِي = التى هى بسبب كرازته وخدمته، فيجب عليهم أن يصلّوا لأجله وحينما يثبت هو، يتشددوا هم أيضاً ويثبتوا. فهم يتمثلون به فى إحتمال الألم فهو قدوة لهم جميعاً ومثالاً يحتذون به.

وَالَّتِي مِنْ لاَوُدِكِيَّةَ = الأرجح هى الرسالة المعروفة بإسم أفسس، فقد كانت رسالة أفسس رسالة دورية مرسلة إلى كل كنائس آسيا التى عاصمتها أفسس، وربما كانت كنيسة لاودكية هى أكبر الكنائس أو أشهرها.

اَلسَّلاَمُ بِيَدِي = هو يكتب هذه الكلمة بيده وخطه علامة محبته لهم. وعلامة على صحة الرسالة وانها من بولس شخصياً، وذلك لأن الهراطقة زيفوا رسائل نسبوها لبولس ضمنوها هرطقاتهم (2تس 2: 2) + (2تس 17: 3).

اَلنِّعْمَةُ مَعَكُمْ = النعمة التى إختبرتها فى حياتى أنا بولس أريد أن تعمل معكم جميعاً.

No items found

الأصحاح الثالث - تفسير الرسالة إلى كولوسي - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير الرسالة إلى كولوسي الأصحاح 4
تفاسير الرسالة إلى كولوسي الأصحاح 4