الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ – رسالة بولس الرسول إلى كولوسي – مارمرقس مصر الجديدة

رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ إِلَى أَهْلِ كُولُوسِّى.

.

مقدمـة

أولا: كاتبها:

بولس الرسول بدليل:

  1. ذكره ذلك فى (ص1: 1).
  2. يذكر سجنه الأول فى روما (ص 4: 3، ص 4: 18).
  3. يذكر بعض تلاميذه (ص4).

ثانيا: لمن كُتِبَت:

  • كولوسى وهى مدينة صغيرة فى جنوب غرب آسيا الصغرى أى تركيا الحالية، وعلى بعد 12 ميلا من مدينة كبيرة هى لاودكية وبجوارها هيرابوليس، وتسمى هذه المنطقة فيريجية، وتقع كولوسى على نهر ليكوس. وكذلك على طريق تجارى هام يصل بين تركيا والعراق، لذلك اشتهرت بالتجارة وكثرة السكان الذين معظمهم من الأمم.
  • انتشرت فيها فلسفات غريبة مثل الغنوسية.
  • أسس الكنيسة بها أحد تلاميذ بولس وهو أبفراس الذى آمن على يديه عندما كان فى أفسس. وهناك احتمال أن يكون بولس قد زارها.
  • فليمون هو أحد المؤمنين المعروفين بها وكذلك عبده أنسيمس.
  • لم يذكرها يوحنا الحبيب فى رسائله بسفر الرؤيا لأنها تابعة لكنيسة لاودكية الأكبر منها.

ثالثاً: زمن كتابتها:

عام 62م أثناء سجن بولس الأول بروما.

رابعاً: مكان كتابتها:

روما.

خامساً: أغراضها وسماتها:

أتى أبفراس من كولوسى إلى بولس أثناء سجنه الأول بروما وأعلمه بأخبار الكنيسة بها ونموها والهرطقات الموجودة بها، فكتب هذه الرسالة.

  1. المسيح رأس الكنيسة والعالم كله.
  2. مقاومة البدع والتحذير منها.
  3. وصايا عملية فى حياة القداسة والعلاقات المسيحية.
  4. هناك تشابه كبير بينها وبين رسالة أفسس، لأنهما كتبتا فى وقت واحد ومكان واحد ومن نفس الكاتب لغرض واحد، وهو المسيح رأس الكنيسة.

سادساً: أقسامها:

  1. مدح أهل كولوسى لرجائهم ومحبتهم، والمسيح المخلص رأس الكنيسة. (ص1).
  2. التحذير من البدع والهرطقات. (ص2).
  3. وصايا عملية فى القداسة والفضائل والعلاقات الأسرية. (ص3).
  4. العلاقة مع الآخرين والصلاة وتحيات ختامية. (ص4).

الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ

المسيح مخلص العالم.

(1) المقدمة (ع 1، 2):

1بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، وَتِيمُوثَاوُسُ الأَخُ، 2إِلَى الْقِدِّيسِينَ فِى كُولُوسِّى، وَالإِخْوَةِ الْمُؤْمِنِينَ فِى الْمَسِيحِ. نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ أبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.

العدد 1

ع1:

يقدم الرسول بولس نفسه كرسول للمسيح وأن رسوليته هذه تمت وفق مشيئة الله. ويرسل تحياته وتحيات تلميذه تيموثاوس إلى أهل كولوسى.

العدد 2

ع2:

يحيى المؤمنين (القديسين)، مانحا إياهم البركة الرسولية، طالبا لهم النعمة والسلام من الله أبينا وربنا يسوع المسيح.

 لكيما تكون حياتك وأعمالك وفقا لمشيئة الله، تحتاج إلى الصلاة قبل كل شئ واستعدادك أن تقبل تدابير الله المعاكسة واثقا أنها لخيرك، حينئذ سيكشف لك الله دائما عن مشيئته ويعدل مسارك إن ابتعدت عنه لعدم معرفتك، فتسلك مطمئنا واثقا من كلماتك وتصرفاتك المسنودة بقوة الله.

(2) مدحهم على إيمانهم ومحبتهم (ع3 - 8):

3نَشْكُرُ اللهَ وَأَبَا رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، مُصَلِّينَ لأَجْلِكُمْ، 4إِذْ سَمِعْنَا إيمَانَكُمْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ، وَمَحَبَّتَكُمْ لِجَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ، 5مِنْ أجْلِ الرَّجَاءِ الْمَوْضُوعِ لَكُمْ فِى السَّمَاوَاتِ، الَّذِى سَمِعْتُمْ بِهِ قَبْلاً فِى كَلِمَةِ حَقِّ الإِنْجِيلِ، 6الَّذِى قَدْ حَضَرَ إلَيْكُمْ، كَمَا فِى كُلِّ الْعَالَمِ أيْضًا، وَهُوَ مُثْمِرٌ كَمَا فِيكُمْ أيْضًا، مُنْذُ يَوْمَ سَمِعْتُمْ وَعَرَفْتُمْ نِعْمَةَ اللهِ بِالْحَقِيقَةِ. 7كَمَا تَعَلَّمْتُمْ أَيْضًا مِنْ أَبَفْرَاسَ الْعَبْدِ الْحَبِيبِ مَعَنَا، الَّذِى هُوَ خَادِمٌ أَمِينٌ لِلْمَسِيحِ لأَجْلِكُمُ، 8الَّذِى أَخْبَرَنَا أَيْضًا بِمَحَبَّتِكُمْ فِى الرُّوحِ.

العدد 3

ع3:

نشكره... كل حين: لنتعلم من ذلك أن نشكر الله فى كل صلواتنا من أجل أمور حياتنا كلها.

الله وأبا ربنا يسوع المسيح: واو العطف هنا لا يقصد بها إثنين منفصلين، إنما يقصد صفتين أقنوميتين لإله واحد، صفة الأبوة وصفة البنوة، مثلما نقول، فلان طبيب ورياضى أديب، فلا نقصد ثلاثة أشخاص بل شخص واحد له ثلاث صفات.

يشكر الرسول الله دائما فيبدأ معظم رسائله بالشكر، كما تحرص كنيستنا فى جميع صلواتها الطقسية فتبدأها بصلاة الشكر.

 إن بولس الرسول خادم مثالى فهو يصلى من أجل أناس لم يراهم فى حياته. فهل نصلى نحن من أجل أحبائنا وأخوتنا فى الإيمان، بل لأجل كل البشر سواء فى بلادنا أو العالم كله، خاصة عندما نسمع بكوارث أو مجاعات أو اضطرابات، واثقين أن صلاتنا لها قيمة كبيرة أمام إلهنا المحب؟

العدد 4

ع4:

يخبرهم الرسول بأن شكره لله كان من أجل ما سمعه عنهم من إيمان عملى وعامل بالمحبة.

فلا نكتفى يا إخوتى بإيمان نظرى، فهو إيمان مماثل لإيمان الشياطين ولكن علينا أن نثبت إيماننا بأعمال المحبة.

العدد 5

ع5:

عندما وصلت البشارة بالإنجيل إلى أهل كولوسى وآمنوا بالحياة الأبدية المعدة لهم، دفعهم هذا الرجاء إلى المحبة العملية بعضهم لبعض.

العدد 6

ع6:

سمعتم وعرفتم يقصد المعرفة الإختبارية وليس المعرفة النظرية، معرفة بالعطايا والنعم الإلهية وبالنصيب السماوى كنعمة من الله.

هذا الإنجيل قد كرز به لأهل كولوسى وقد وصل أيضا إلى أجزاء العالم المعروفة وقتئذ، وكانت له ثماره الواضحة فى حياة السالكين بوصاياه فى العالم أجمع. ومن أجل انتشار الإنجيل تصلى الكنيسة أوشية صلاة الإنجيل قبل قراءة الإنجيل فى القداس والصلوات الطقسية بها.

العدد 7

ع7:

يسجل بولس الرسول هنا حقيقة انتشار الإنجيل فى كولوسى على يد تلميذه أبفراس ويمدحه على هذا ويلقبه "بالعبد الحبيب"، فالعبودية للمسيح هى الحرية من الخطية. وهو حبيب إلى قلب بولس كنموذج للمحبة التى تربط بين الأب وابنه، وهو خادم أمين تعب فى الخدمة وأسس لهم كنيستهم فى كولوسى.

العدد 8

ع8:

نقل أبفراس إلى بولس الرسول الفضائل والثمار التى ظهرت فى مؤمنى كولوسى والتى تنبئ عن محبة ليست مبنية على عواطف بشرية وإنما محبة إلهية هى ثمرة للروح القدس العامل فيهم.

 أنظر يا أخى إلى الرجاء فى الحياة الأبدية ليثبت إيمانك أمام الضيقات وتسرع إلى تقديم الحب لكل من حولك فتذخر لك كنزًا فى السموات.

(3) دعاء من أجل نموهم الروحى (ع9 - 11):

9مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ نَحْنُ أَيْضًا، مُنْذُ يَوْمَ سَمِعْنَا، لَمْ نَزَلْ مُصَلِّينَ وَطَالِبِينَ لأَجْلِكُمْ، أَنْ تَمْتَلِئُوا مِنْ مَعْرِفَةِ مَشِيئَتِهِ، فِى كُلِّ حِكْمَةٍ وَفَهْمٍ رُوحِىٍّ، 10لِتَسْلُكُوا، كَمَا يَحِقُّ لِلرَّبِّ، فِى كُلِّ رِضًى، مُثْمِرِينَ فِى كُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ، وَنَامِينَ فِى مَعْرِفَةِ اللهِ، 11مُتَقَوِّينَ بِكُلِّ قُوَّةٍ بِحَسَبِ قُدْرَةِ مَجْدِهِ، لِكُلِّ صَبْرٍ وَطُولِ أَنَاةٍ بِفَرَحٍ.

العدد 9

ع9:

إذ أخبر أبفراس بولس بمحبة أهل كولوسى وإيمانهم، يرفع بولس الرسول قلبه بالصلاة من أجلهم لكى يمتلئوا من المعرفة الحقيقية التى يريد الله أن يعلمنا إياها وتحفظنا من الهرطقات. فالمعرفة الحقيقية لمشيئة الله تجنبنا متاعب السقوط فى بدع الفلاسفة وهرطقات مدعى المعرفة. والحكمة المسيحية هى معرفة المبادئ المسيحية الصحيحة بحيث يكون سلوكنا فى الفضيلة هو التطبيق العملى لها.

العدد 10

ع10:

الحكمة والفهم يعطيانهم القدرة على السلوك الروحى وفق الوصية الإلهية، الأمر الذى يجعلهم يثمرون أعمالا صالحة تقربهم من الله فتزداد معرفتهم به وبالتالى محبتهم له.

 أبناء الله لهم سلوكهم الذى يختلف عن سلوك أبناء العالم، فهم نور للعالم وملح للأرض. فليتنا نبرز هذا فى سلوكنا اليومى بالمجتمع الذى نعيش فى وسطه.

العدد 11

ع11:

السلوك الروحى يحتاج لقوة روحية. لهذا يصلى الرسول من أجل أهل كولوسى ليهبهم الله قوة من عنده بحسب قدرته اللانهائية ومجده غير المحدود، هذه القوة التى تمنحنا الصبر فى التجارب والضيقات واحتمال الآخرين، خاصة المتعبين منهم، بطول أناة. ونفرح فى وسط الضيقات والآلام لأن فرحنا لا يتوقف على الظروف الخارجية بل يعتمد على قوة الله المساندة.

 ليتنا نطيل أناتنا ولا نتذمر أو نغضب لما قد يصادفنا من آلام وعواصف، إنما نفرح عالمين أن كل الأمور تؤول إلى الخير.

(4) المسيح فادى البشرية (ع 12 - 23):

12شَاكِرِينَ الآبَ الَّذِى أَهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ الْقِدِّيسِينَ فِى النُّورِ، 13الَّذِى أَنْقَذَنَا مِنْ سُلْطَانِ الظُّلْمَةِ وَنَقَلَنَا إِلَى مَلَكُوتِ ابْنِ مَحَبَّتِهِ، 14الَّذِى لَنَا فِيهِ الْفِدَاءُ بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، 15الَّذِى هُوَ صُورَةُ اللهِ غَيْرِ الْمَنْظُورِ، بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةٍ. 16فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشًا أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. 17الَّذِى هُوَ قَبْلَ كُلِّ شَىْءٍ، وَفِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ 18 وَهُوَ رَأْسُ الْجَسَدِ: الْكَنِيسَةِ. الَّذِى هُوَ الْبَدَاءَةُ، بِكْرٌ مِنَ الأَمْوَاتِ، لِكَىْ يَكُونَ هُوَ مُتَقَدِّمًا فِى كُلِّ شَىْءٍ. 19لأَنَّهُ فِيهِ سُرَّ أَنْ يَحِلَّ كُلُّ الْمِلْءِ، 20 وَأَنْ يُصَالِحَ بِهِ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلاً الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ، بِوَاسِطَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مَا عَلَى الأَرْضِ أَمْ مَا فِى السَّمَاوَاتِ. 21 وَأَنْتُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ قَبْلاً أَجْنَبِيِّينَ وَأَعْدَاءً فِى الْفِكْرِ، فِى الأَعْمَالِ الشِّرِّيرَةِ، قَدْ صَالَحَكُمُ الآنَ 22فِى جِسْمِ بَشَرِيَّتِهِ بِالْمَوْتِ، لِيحْضِرَكُمْ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ وَلاَ شَكْوَى أَمَامَهُ، 23إِنْ ثَبَتُّمْ عَلَى الإِيمَانِ، مُتَأَسِّسِينَ وَرَاسِخِينَ وَغَيْرَ مُنْتَقِلِينَ عَنْ رَجَاءِ الإِنْجِيلِ، الَّذِى سَمِعْتُمُوهُ، الْمَكْرُوزِ بِهِ فِى كُلِّ الْخَلِيقَةِ الَّتِى تَحْتَ السَّمَاءِ، الَّذِى صِرْتُ أَنَا بُولُسَ خَادِمًا لَهُ،.

العدد 12

ع12:

نشكر الله أبانا الذى لم يتركنا نهلك عندما سقطنا، بل بذل ابنه الوحيد ليجدد طبيعتنا ويعدنا لنشارك المؤمنين فى ميراثهم الذى هو ملكوت السموات، بعد أن حصلنا بالمعمودية على سر الإستنارة، فأصبحنا نسلك كأولاد النور ونختبر الله النور الحقيقى فى حياتنا.

العدد 13

ع13:

الله الآب أنقذنا من سلطان إبليس فلم يعد لكل قوات الظلمة سلطان علينا لأن الله اشترانا بدمه وعتقنا من سلطان الشيطان. فالمسيح المنتصر الذى هزم الشيطان بالصليب، حطم قيودنا وسيقودنا فى موكب نصرته إلى الفردوس الذى هو ملكوت المسيح. وقد نسب الملكوت للمسيح لأن الابن والآب واحد فى الجوهر (يو10: 30).

العدد 14

ع14:

غفر الله لنا خطايانا بدم ابنه الذى سُفِكَ على الصليب والذى يطهرنا من جميع خطايانا وآثامنا.

العدد 15

ع15:

صورة: المسيح هو صورة الله. وترجمتها فى اليونانية من نفس الطبيعة، مثلما نقول بطرس له صورة إنسان فهذا يعنى أن بطرس إنسان. ولم تستخدم الترجمة اليونانية الكلمة التى تعنى مجرد صورة لأى إنسان أو منظر طبيعى أو غيره مرسوم على ورق أو قماش أو خشب. أى أن بولس يقر هنا أن المسيح هو الله.

الله غير المنظور: لأنه لا يدرك بالحواس البشرية وإنما صار منظورا بتجسده.

بكر: فى الأصل اليونانى هى "بروتوتوكوس" ومعناها المولود الأول. وبالفعل المسيح الابن هو مولود من الآب قبل كل الدهور أى أزلى مثل الآب كما نقول فى قانون الإيمان.

بكر كل خليقة: المقصود بها أنه هو المتقدم الذى يفوق الخليقة جميعها أى رأس كل خليقة، وهو مبدئ الخليقة وبارئها. فكلمة بكر لا تعنى الأسبقية فى الوجود ولكنها تفيد الأسبقية فى العظمة والمجد.

يعلن الرسول أن المسيح هو الله ومن نفس طبيعته وهو أزلى قبل كل الخليقة التى خلقها.

العدد 16

ع16:

فيه خلق الكل... الآب شاء أن يخلق فخلق كل شئ بكلمته أى الابن، فالمسيح إذًا هو الخالق للكل.

ما فى السموات: ما لا يرى من مخلوقات فى السموات مثل جميع الطغمات والقوات السمائية.

ما على الأرض: ما يرى من مخلوقات على الأرض.

عروشا أم سيادات أم رياسات أم سلاطين: رتب ملائكة.

الكل به وله: من الآيات الهامة فى إثبات لاهوت المسيح. فالخليقة تمت "به" فهو إذًا الخالق، وخلقت خاضعة "له" لأنه صاحبها وبارئها.

يظهر بولس لاهوت المسيح الذى خلق كل المخلوقات التى على الأرض أو فى السماء وهى خاضعة وتتعبد له.

العدد 17

ع17:

قبل كل شئ: المسيح كائن قبل كل شئ أى أزلى، فوجوده يسبق الوجود.

فيه يقوم الكل: أى هو الذى وضع النظام الذى تسير عليه الخليقة والقوانين التى تحفظ الكون وتضمن له الترابط والتناسق.

المسيح أزلى قبل كل المخلوقات وهو صانعها ومدبرها وتحيا وتتحرك به.

العدد 18

ع18:

بكر من الأموات: المسيح هو الوحيد وأول من قام ولم يمت مرة ثانية، لهذا فهو البكر من الأموات الذين سيقومون على شاكلة قيامته فى المجئ الثانى. فقد تقدمنا فى القيامة من الأموات ونحن نلحقه، وسيتقدمنا فى المجد بموكب نصرته.

المسيح هو رأس الكنيسة التى اشتراها بدمه، فهو يعمل عمل الرأس بالنسبة للجسد. فكما تقود الرأس الجسد ويطيع الجسد كل الإشارات الصادرة إليه من المخ، كذلك المسيح يقود الكنيسة ويجمع المؤمنين ليكونوا واحدا، معطيا لهم النمو والمعرفة. وواجب على الكنيسة الطاعة الكاملة للمسيح والتناسق الكامل بين الأعضاء فتتخذ لها الصورة المجيدة التى يريدها لها المسيح "الرأس".

العدد 19

ع19:

يحل: فى الأصل اليونانى فى صيغة المضارع المستمر. أى أنه فى المسيح، حلول اللاهوت فى الناسوت حلول دائم.

الملء: اللاهوت بالكامل.

فى المسيح حل كل اللاهوت فى أحشاء العذراء مريم، ولم يفترق اللاهوت عن الناسوت قط.

العدد 20

ع20:

الكل: كل من آمن بالمسيح.

نحن فى سقوطنا كنا بعيدين عن الله وليس فى مقدورنا العودة إليه، لذلك صالحنا الآب معه بدم المسيح على الصليب، ومصالحتنا مع الله هذه أعطتنا أن نتصالح مع كل المؤمنين على الأرض. أما الصلح مع الذين فى السموات، فهى فرحة الملائكة بخلاص الإنسان، فهم يفرحون بكل خاطئ يتوب أو بمصالحته مع الله. ومادام المؤمنون على الأرض قد تصالحوا مع الله، فقد تصالحوا بالتالى مع السمائيين كما نصلى فى القداس الغريغورى فنقول "صالحت الأرضيين مع السمائيين وجعلت الإثنين واحدًا". ويصالح فى اللغة اليونانية تعنى إعادة صديق مفقود، أى أن صداقة الملائكة لنا كانت مفقودة فأعادها المسيح بالخلاص الذى أتمه لنا على الصليب.

العدد 21

ع21:

يستطيع الكولوسيون أن يتحققوا من تلك المصالحة بما حدث من تغيير فى حياتهم. فقد كانوا قبلا غرباء وليسوا من رعية الله بل أعداء له لأفكارهم وأعمالهم الشريرة، أما الآن فبعد مصالحتهم مع الله يسلكون فى الحياة الجديدة النقية.

العدد 22

ع22:

جسم بشريته: اتحاد اللاهوت بالناسوت يعنى قبول الله للبشر. فالمسيح بجسده نائب عن البشرية، أى أن التجسد بداية المصالحة ثم يكمل بالفداء والقيامة.

بلا لوم: لا يدينكم الله على خطية لأن المسيح برَّركم إذ آمنتم وتبتم.

ولا شكوى: شكوى إبليس ضد أولاد الله.

قبل المسيح الموت ليقتل العداوة ويقيمكم من موت الخطية بقيامته المجيدة فتحيوا حياة جديدة بعد أن طهركم وغسلكم من الخطايا، ليأتى بكم فى اليوم الأخير إلى الآب فى صورتكم الجديدة، صورة القداسة والبر التى بلا عيب، فتضيعون الفرصة على المشتكى، أى الشيطان، بأن يقف محتجًا أمام الله ضدكم.

العدد 23

ع23:

أنتم مشتركون فى مسئولية خلاص نفوسكم وذلك بأن تثبتوا فى الإيمان ولا تتزعزعوا، وتتمسكوا بالإنجيل الذى سمعتموه من الخادم الأمين أبفراس والذى انتشر فى الخليقة كلها، الإنجيل الذى تعبت وجاهدت من أجل نشره بين الأمم لكى أربحهم للمسيح.

 ليتنا نعيش فى حياة القداسة لكيما يكون لنا نصيب فى موكب النصرة، فلا نرفض الشر فقط، وهو الجانب السلبى من الجهاد، بل نفعل الصلاح والخير ونسعى لاقتناء الفضائل.

(5) خدمة بولس للأمم (ع 24 - 29):

24الَّذِى الآنَ أَفْرَحُ فِى آلاَمِى لأَجْلِكُمْ، وَأُكَمِّلُ نَقَائِصَ شَدَائِدِ الْمَسِيحِ فِى جِسْمِى لأَجْلِ جَسَدِهِ: الَّذِى هُوَ الْكَنِيسَةُ، 25الَّتِى صِرْتُ أَنَا خَادِمًا لَهَا، حَسَبَ تَدْبِيرِ اللهِ الْمُعْطَى لِى لأَجْلِكُمْ، لِتَتْمِيمِ كَلِمَةِ اللهِ. 26السِّرِّ الْمَكْتُومِ مُنْذُ الدُّهُورِ وَمُنْذُ الأَجْيَالِ، لَكِنَّهُ الآنَ قَدْ أُظْهِرَ لِقِدِّيسِيهِ، 27الَّذِينَ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُعَرِّفَهُمْ مَا هُوَ غِنَى مَجْدِ هَذَا السِّرِّ فِى الأُمَمِ، الَّذِى هُوَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ رَجَاءُ الْمَجْدِ. 28الَّذِى نُنَادِى بِهِ مُنْذِرِينَ كُلَّ إِنْسَانٍ، وَمُعَلِّمِينَ كُلَّ إِنْسَانٍ، بِكُلِّ حِكْمَةٍ، لِكَىْ نُحْضِرَ كُلَّ إِنْسَانٍ كَامِلاً فِى الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 29الأَمْرُ الَّذِى لأَجْلِهِ أَتْعَبُ أَيْضًا مُجَاهِدًا، بِحَسَبِ عَمَلِهِ الَّذِى يَعْمَلُ فِىَّ بِقُوَّةٍ.

العدد 24

ع24:

يفرح بولس الرسول بآلام الخدمة لأنها شركة فى آلام صلب المسيح. وآلام المسيح الكفارية كاملة، ولكنه يعطينا فرصة أن نشاركه آلامه فى خدمة النفوس وكسبها إليه. هذه هى شدائد وأتعاب الخدمة، وهى ناقصة لأن نفوس كثيرة مازالت بعيدة وتحتاج أن نخدمها ونأتى بها إليه، فنكمل النقائص فى شدائد المسيح. أى أن كل تعب فى الخدمة هو شركة فى آلام المسيح نكمله فى أجسامنا أى بتعب الجسد لأجل نمو الكنيسة جسد المسيح.

العدد 25

ع25:

لها: أى للكنيسة.

لقد اختارنى الله وأفرزنى لخدمتكم أيها الأمم وفق تدبيره الخلاصى لأجلكم لأكمل التبشير باسمه القدوس.

العدد 26

ع26:

التبشير للأمم بالخلاص هو السر المكتوم الذى لم يفهمه اليهود، لأنهم اعتبروا أنفسهم فقط الذين سينالون خلاص المسيح، والأمم لم يعرفوه لانغماسهم فى الوثنية والشهوات. ولكن فى العهد الجديد ظهر هذا السر بإيمان الأمم وتمتع المؤمنون من الأمم أى القديسين بخلاص المسيح.

العدد 27

ع27:

أعلن الله للأمم الذين آمنوا به بركاته الوافرة التى ينالونها بإيمانهم بالمسيح، ليس فقط فى الكنيسة بل وأيضاً فى الميراث الأبدى.

ع28، 29: هذا الذى ننادى الجميع به، منذرين كل إنسان يخطئ ومقدمين له التعليم النافع، الذى يتسم بحكمة الروح العامل فينا، عن حقائق الإيمان المسيحى حتى يرفض تعاليم المعلمين الكذبة؛ وذلك بهدف أن نأتى بكل إنسان إلى الله خطوة خطوة فى طريق الكمال الذى يتم فقط بالإتحاد بالمسيح. فمن أجل هذا الهدف أتعب وأجاهد مدفوعًا بعمل الرب فىّ بقوة، فهو الذى يهبنى الفهم والقدرة والحماس لتحقيق خلاصى وخلاص الآخرين.

 أنت مسئول أن تظهر المسيح لكل إنسان بمحبتك وتعلم كل من يخطئ ليتوب، ولكن بحكمة وحب واتضاع حتى تُفَرِّح قلب الله وتسعد كل المتضايقين.

No items found

تفاسير رسالة بولس الرسول إلى كولوسي - الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ
تفاسير رسالة بولس الرسول إلى كولوسي - الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ