الأصحاح الخامس – تفسير رسالة يوحنا الرسول الأولى – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الخامس

العدد 1

آية (1): -

"1كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ. وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ الْوَالِدَ يُحِبُّ الْمَوْلُودَ مِنْهُ أَيْضًا.".

كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ = ما الذى جعل الرسول ينتقل من الكلام عن المحبة إلى الكلام عن الإيمان؟ الرسول يريد أن يشرح أن المحبة ليست شيئاً يتمتع به الإنسان الطبيعى (غير المسيحى الذى لم تتعامل معه النعمة) بل هى عطية الروح القدس للمؤمن المعمد. هى طبيعة مكتسبة بها نحب الله والناس حتى الأعداء. وحب الأعداء هذا ليس ممكناً للإنسان العادى الطبيعى... فقط هذا للمؤمن. المحبة التى يتكلم عنها الرسول ليست مشاعر إنسان تجاه إنسان يحبه، بل هى طبيعة جديدة وخليقة جديدة، يحيا بها المؤمن وبها يحب كل إنسان.

ولماذا ذكر الرسول الإيمان فقط دون أن يذكر المعمودية، هل الإيمان وحده دون معمودية يكفى لنحصل على هذه الطبيعة الجديدة؟

قطعاً لا. والرسول لن يناقض نفسه فهو الذى ذكر أن الولادة الثانية تكون من الماء والروح (يو3: 5) وهو ذكر موضوع المعمودية هنا فى آية (6)، (8). ولكن المقصود أن الإيمان هو المدخل لهذه الطبيعة الجديدة. إذاً الإيمان الذى يتكلم عنه الرسول هنا هو إيمان حى عامل بالمحبة (غل5: 6).

أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ = أن يسوع هو إبن الله الذى تجسد ليفدينا ويعطينا حياة جديدة ويعطينا التبنى.

فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ = كما قلنا فالولادة من الله تستلزم الإيمان أولاً ثم المعمودية التى بها تغفر خطايانا وننال التبنى. وعلامة أننا صرنا أولاد لله، أننا نحب الله أبونا. وطالما هو أبونا كلنا، فلابد أن نحب إخوتنا المولودين مثلنا منه = وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ الْوَالِدَ يُحِبُّ الْمَوْلُودَ مِنْهُ أَيْضًا.

وبهذا فإن هذه الأية هى إمتداد للآية الأخيرة من الإصحاح السابق التى فيها ينص الرسول على أن من يحب الله يحب أخاه أيضاً. وإرتباط الإيمان بالمحبة نراه فى أن علامة الإيمان الحى هى المحبة. أما من يقول أنا مؤمن وهو لايحب إخوته فإيمانه ميت، كإيمان الشياطين (يع2: 19).

العدد 2

آية (2): -

"2بِهذَا نَعْرِفُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَوْلاَدَ اللهِ: إِذَا أَحْبَبْنَا اللهَ وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ.".

سبق وقال أن علامة محبتنا لله هى محبتنا للإخوة (1يو4: 20، 21) وهو يقول أن علامة محبتنا لأولاد الله هى محبتنا لله، فما المعنى؟

قد ينخدع الإنسان المؤمن ويتصور أنه يحب الناس، ولكن تكون محبته نفسانية جسدانية أو لمنفعة ما، أو لأنه لا تكون هناك ظروف ومحكات تختبر هذه المحبة، أى لا توجد مشاكل من النوع الذى يجلب الكراهية، فيظن الإنسان نفسه أنه مملوء محبة. لذلك يحدثنا معلمنا يوحنا هنا عن المحبة الحقيقية وعلامتها أننا نحب الله. فالروح القدس يسكب محبة الله فينا أولاً ثم الإخوة. ولكن كيف نعلم أننا نحب الله؟ يجيب الرسول وَحَفِظْنَا وَصَايَاهُ. فحفظ الوصايا علامة محبة الله (يو14: 21، 23). وأهم وصية هى المحبة.

العدد 3

آية (3): -

"3فَإِنَّ هذِهِ هِيَ مَحَبَّةُ اللهِ: أَنْ نَحْفَظَ وَصَايَاهُ. وَوَصَايَاهُ لَيْسَتْ ثَقِيلَةً.".

وَصَايَاهُ لَيْسَتْ ثَقِيلَةً = لماذا؟

  1. إن كنا نحب الله سنجد وصاياه سهلة، فالمحبة تستسهل الأمور الصعبة بل سننفذ الوصايا بدون كبت. فعلامة المحبة هى الطاعة الكاملة لوصايا من تحبه، بل أن تسعى لأن تجعله مسروراً.
  2. الله لا يأمر بشئ إن لم يعطى قوة على التنفيذ، فهو يعمل بىَّ وفىَّ، هو يحمل معى مهما كان الأمر صعب. هذه مثل "إحملوا نيرى فهو هين" (مت29: 11). ولشرح هذا... أننا نكون قادرين على حمل إنسان ثقيل بسهولة فى الماء، فالماء يرفع معنا دون أن نعانى من ثقل الشخص المحمول، ومن لا يعرف ما يفعله الماء (قوة دفع الماء) يظن أننا نقوم بعمل إعجازى إذ نحمل هذا الشخص الثقيل لأن قوة دفع الماء هى قوة خفية غير مرئية، وهكذا كل من هو خارج الإيمان يظن أن المؤمن الملتزم بوصايا الله أنه يعمل عملاً عجيباً بينما أن الله هو الذى يعمل ويعطى المعونة، والمعونة هى النعمة وهى قوة مؤازرة للإنسان. وهى قوة خفية يشعر بها المؤمن الذى يحاول تنفيذ الوصية. بل أن من ولد من الله حقاً يجد لذته وسعادته فى تنفيذ الوصايا. وصايا الله ثقيلة فعلاً على طبيعة الإنسان القديمة.. مثل محبة الأعداء والطهارة وعدم إشتهاء ما فى العالم... وهكذا اعتبرها تلاميذ المسيح (أع15: 10) ولكن لنسمع قول بولس الرسول "أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى" (فى13: 4) وهذا إستجابة لقول السيد المسيح "بدونى لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" (يو5: 15).

العدد 4

آية (4): -

"4لأَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ يَغْلِبُ الْعَالَمَ. وَهذِهِ هِيَ الْغَلَبَةُ الَّتِي تَغْلِبُ الْعَالَمَ: إِيمَانُنَا.".

كيف نغلب العالم؟

  1. كُلَّ مَنْ وُلِدَ = من ولد من الله، صار إبناً لله. فيحب أبوه ويثق فيه، يثق فى أن كل ما يقوله هو لمصلحته وفائدته، ويهرب من شهوات العالم التى تجذب الإنسان الطبيعى. وهكذا فعل أولاد يوناداب (بيت الركابيين) راجع (إر 35).
  2. إيماننا = من يؤمن ويعتمد يحيا المسيح فيه، فالإيمان هو المدخل لحياة النعمة (غل2: 20 + فى1: 21). والمسيح الذى فينا قال "ثقوا أنا قد غلبت العالم" (يو16: 33). وراجع (1يو3: 9 + 1كو15: 57). فالمسيح الذى فينا يعطينا قوة نغلب بها هى ما نسميه النعمة التى تؤازرنا فى جهادنا.
  3. من أحب الله إكتشف اللؤلؤة الكثيرة الثمن (مت13: 46) فإحتقر باقى اللآلئ أى العالم بما فيه (فى3: 7، 8). ومن إحتقر شهوات العالم يغلب. والروح القدس يسكب محبة الله فينا (رو5: 5). فمن يجاهد ليمتلئ يغلب.
  4. راجع آية (3) لترى كيف أن وصايا الله ليست ثقيلة. عندئذ سنغلب شهوات العالم التى تجذبنا.

العدد 5

آية (5): -

"5مَنْ هُوَ الَّذِي يَغْلِبُ الْعَالَمَ، إِلاَّ الَّذِي يُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ؟".

لقد إنتصرت الطبيعة البشرية فى يسوع المسيح، ومن يؤمن تكون له النصرة. ولكن ما هو الإيمان المطلوب فى المسيح لكى ننتصر؟

يَسُوعَ هُوَ ابْنُ اللهِ = هذه تساوى عظيم هو سر التقوى الله ظهر فى الجسد (1تى16: 3) أى الإيمان بسر التجسد. أن الله دخل إلى العالم وأعطانى حياته أحيا بها وهذه هى التى تجعلنى أغلب. وهو عاش كإنسان مثلى وإختبر ضعفاتى، فيستطيع أن يعيننى ويسندنى. ولكن الايمان ليس ايماناً نظريا، بل قبولا للموت مع المسيح المصلوب، فنقوم معه وتكون لنا حياته التى بها نغلب أو الأدق أنه هو يغلب فينا (رؤ6: 2). وهذا يبدأ بالمعمودية التى هى موت مع المسيح وقيامة معه متحدين به (رو6)، وحتى نظل ثابتين فى حياة المسيح علينا أن نتخذ قرارا بالموت عن الخطية فتظهر فينا حياة المسيح ونغلب، فحياة المسيح تظهر فى جسدنا المائت (2كو4: 10، 11 + غل2: 20). والروح الذى يسكن فينا بالميرون يعيننا. والايمان هو المدخل لذلك. والايمان العملى هو السلوك فى طريق المسيح الذى بدأ بالصليب فالموت فالقيامة..... فالمجد.

العدد 6

آية (6): -

"6هذَا هُوَ الَّذِي أَتَى بِمَاءٍ وَدَمٍ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ. لاَ بِالْمَاءِ فَقَطْ، بَلْ بِالْمَاءِ وَالدَّمِ. وَالرُّوحُ هُوَ الَّذِي يَشْهَدُ، لأَنَّ الرُّوحَ هُوَ الْحَقُّ.".

فى الآية السابقة حدثنا الرسول عن امكانية ان نغلب العالم عن طريق التجسد. وهنا يحدثنا عن كيفية الإستفادة من سر التجسد... أى بالمعمودية، كطريق نموت به عن خطايا العالم ونقوم بحياة جديدة.

هذَا هُوَ الَّذِي أَتَى = أى المسيح.

بِمَاءٍ وَدَمٍ = أى ليس بماء فقط مثل يوحنا المعمدان الذى كان يعمد للتوبة، وكان النزول فى الماء هو رمز للتوبة. لكن المسيح أتى بماء ودم. لقد أعطى يوحنا أهمية كبيرة لخروج الدم والماء من جنب المسيح لذلك كررها فى إنجيله وفى رسالته، فهو الوحيد الذى رأى الماء والدم من جنب المسيح. وخروج الماء والدم من جنب المسيح إشارة لخروج الكنيسة من جنبه بصفتها حواء الجديدة. وكان المسيح على الصليب فى موته مرموزاً له بآدم النائم (أف30: 5 + تك32: 2). وعمل المعمودية كان مرموزاً له فى العهد القديم بالتطهير بالماء والدم (لا4: 14 - 7). والجديد فى العهد الجديد هو عمل الروح القدس فى الماء، فالمعمودية ليست ماءً عادياً بل ماء يعمل فيه الروح القدس بإستحقاقات الدم، (فالماء بدون قوة دم المسيح لاقيمة له) فيولد المعمد من الماء والروح ولادة جديدة وخليقة جديدة قادرة أن تغلب العالم ولا يكون للخطية سلطان عليها لأننا أصبحنا تحت النعمة التى تعين أما الناموس فيدين (رو14: 6). والخليقة الجديدة هى الموضوع الذى يتكلم فيه الرسول، الخليقة الجديدة التى تغلب العالم. وهذه الخليقة تكون بِمَاءٍ وَدَمٍ، يَسُوعُ الْمَسِيحُ = أى بالمعمودية.

وَالرُّوحُ هُوَ الَّذِي يَشْهَدُ = المعمودية هى بالماء والروح (يو5: 3). ولكن ذكر الماء والدم، يقصد به الرسول الموت والحياة اللذان حدثا لجسد المسيح على الصليب، فالماء كان يشير لموت الجسد أى إنفصال الروح الإنسانية للمسيح عن جسده الإنسانى، أما خروج دم من جسد المسيح فيشير لحياة هذا الجسد. فالدم لا يخرج من جسد ميت، فالحياة فى جسد المسيح الميت على الصليب كانت راجعة لإتحاد اللاهوت بها. وبعد إنفصال الروح الإنسانية فلقد إنطلقت هذه الروح المتحدة بلاهوته إلى الجحيم لتفتح الأبواب الدهرية للجحيم أمام الأبرار وتنطلق بهم إلى الفردوس. وبعد ثلاثة أيام أقام لاهوت المسيح جسده الميت بحياة جديدة غير قابلة للموت مرة أخرى، هى حياة أبدية يعطينا المسيح إياها فى سر المعمودية. والرسول تكلم عن الماء والدم وترك الروح ليذكره هنا، فالروح فى سر المعمودية يعطينا بطريقة سرية ان نموت بالطبيعة العتيقة مع المسيح المصلوب ونقوم معه في حياة جديدة. والروح يشهد فى داخلنا لعمل المسيح، ولحياة المسيح الجديدة فينا، وعمله الخلاصى، وللبنوة التى حصلنا عليها بإتحادنا بالمسيح فى المعمودية "أرسل الله روح إبنه إلى قلوبكم صارخاً يا آبا الآب" (غل6: 4). فالروح لن يحل فينا ويصرخ يا آبا الآب ويشهد للبنوة التى صارت لنا، مالم يكن قد عمل فى الماء لنولد بخليقة جديدة ونصير أبناء لله فعلاً. وبهذه الطبيعة الجديدة نغلب العالم وشهواته (آيات4، 5). الطبيعة الجديدة لها امكانيات أن تموت عن العالم بخطاياه وتحيا فى المسيح، وبهذا تغلب العالم، هذا إن أراد المعمد وقرر أن يعتبر نفسه قد مات مع المسيح فيقبل الموت معه (وهذا ما يُسَمَّى بالإماتة) (1كو4: 10، 11)، ولاحظ قول بولس الرسول "مع المسيح صلبت فأحيا..." فحتى أختبر هذه الحياة يجب أولا أن أمارس الموت الإختيارى عن العالم وهذا ما نسميه الإماتة. ومن يفعل حينئذ يختبر القوة العاملة فيه والتى بها يغلب. والروح القدس الذى فينا هو روح الحق ويشهد للحق (يو13: 16، 14).

لأَنَّ الرُّوحَ هُوَ الْحَقُّ = والروح يشهد للمسيح وعمله، ويعطينا أن نحبه وأن نختاره فهو الحق ونرفض العالم الباطل، وهذه هى غلبة العالم. وإذ نعرف الحق المعلن بالروح القدس نتحرر من الباطل (يو8: 32). إذ أن من يكتشف الحق الجوهرة الكثيرة الثمن يبيع كل ما كان فى نظره لآلئ من شهوات العالم (فى3: 7، 8). وكون أن العالم باطل الأباطيل نجده فى (جا2: 1). والروح يعطينا أن نميز بين الحق والباطل ويبكتنا لو إنحرفنا عن الحق. ويساعدنا أن نختار الحق لنغلب فهو يعين ضعفاتنا (رو8: 26). ويعطينا أيضا القوة لنختار ونستمر فى طريق الموت عن العالم فنحيا مع المسيح.

العدد 7

آية (7): -

"7فَإِنَّ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي السَّمَاءِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الآبُ، وَالْكَلِمَةُ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ. وَهؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ هُمْ وَاحِدٌ.".

يشهدون = يشهدون للحياة الجديدة التى حصلنا عليها.

الثالوث فى السماء يشهد بهذه الحياة الجديدة والطريق لها لنغلب العالم فلا نهلك. ليس الروح القدس فقط هو الذى يشهد للمسيح وعمله فينا، بل إن الثالوث القدوس يشهد لتجسد الإبن وعمله الخلاصى للإنسان.

فالآبُ شهد للإبن فى يوم المعمودية وفى يوم التجلى وفى الهيكل أمام الكثيرين (مت17: 3 + مت5: 17 + لو35: 9 + يو28: 12 - 30). لكن يوم معمودية المسيح كانت شهادة الآب وفرحته أيضا هى إعلان أنه بالمسيح وفدائه وبهذه المعمودية التى بها يؤسس المسيح سر المعمودية لنا، نعود كأبناء للآب. ويوم التجلى كانت شهادة الآب هى "له اسمعوا" فمن ترونه الآن هو إبن الله وكلامه ووصاياه هى للحياة. ومن يسمع أقوال إبنه المسيح يحيا (تث18: 18، 19). فرحة الآب هنا بقوله "هذا هو إبنى الحبيب الذى به سررت" هى فرحة الأب برجوعنا نحن إبنه الضال لأحضانه فى إبنه المسيح، بالمعمودية التى كان المسيح يؤسسها يوم عماده فى الأردن.

والإبن شهد لنفسه بأقواله وتعاليمه ومعجزاته وقبوله للصليب وموته وقيامته (رو4: 1) وصعوده أمام أعين تلاميذه. وبهذا كان المسيح يشهد لنا ويرسم لنا طريق الخلاص، فكل من يقبل الموت مثله صالبا جسده، الأهواء مع الشهوات يقوم مع المسيح من موت الخطية الآن فيحيا ويمتلئ بالروح ويكون له ثمار الروح (غل 5: 22 – 24). وكل وصية قالها المسيح هى للحياة. ولنذكر قول السيد المسيح "أتيت لتكون لهم حياة ويكون لهم أفضل". شهادة الإبن للحياة الجديدة نلخصها فى بعض أقوال الرب يسوع كأمثلة:

أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل (يو10: 10).

ثقوا أنا قد غلبت العالم (يو16: 33).

بدونى لا تقدرون أن تفعلوا شيئا (يو15: 5).

أعطيتكم سلطان أن تدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو (لو10: 19).

إن حرركم الإبن فبالحقيقة تكونون أحرارا (يو8: 36).

والروح القدس شهد له فى النبوات التى أوحى بها لأنبياء العهد القديم، وبحلوله على هيئة حمامة. إشارة لعمله فينا، وأنه يعمل فى الأسرار ويبكت ويعين حتى يضمن ثباتنا فى المسيح الإبن. وكما يعود الحمام دائما إلى بيته، فعمل الروح معنا ان يعيدنا للثبات فى المسيح الإبن الذى يحملنا إلى حضن الآب، وهيئة الحمامة كانت شهادة لعمل الروح. والروح يشهد للمسيح داخلنا (14: 16). ويشهد لطريق المسيح وهو الموت عن العالم والخطية، فإن أخطأنا يبكت وإن أردنا وطلبنا يعين.

هُمْ وَاحِدٌ = فنحن نؤمن بإله واحد مثلث الأقانيم. خلقنا ويجدد خلقتنا فى خليقة جديدة لها امكانية الخلاص. ولكن الآب يريد وأقنومى التنفيذ هما الإبن والروح القدس:

الآب يريد أن الجميع يخلصون.

الإبن يأخذ جسدا إنسانيا ليموت به ويقوم به وله حياة أبدية.

والروح القدس يوحدنا فى جسد المسيح فيميت طبيعتنا القديمة ليقيم فينا خليقة جديدة.

العدد 8

آية (8): -

"8 وَالَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ هُمْ ثَلاَثَةٌ: الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ. وَالثَّلاَثَةُ هُمْ فِي الْوَاحِدِ.".

الَّذِينَ يَشْهَدُونَ فِي الأَرْضِ = هذه عن المعمودية وهى تشهد أننا بها نحصل على الحياة الجديدة والميلاد الجديد بخليقة جديدة. فما تم يوم عماد المسيح فى الأردن نكرره فى الكنيسة مع كل معمد، والروح القدس يأخد من إستحقاقات الدم ويعطى للمعمد أن يموت بإنسانه العتيق المولود من آدم وبالتالى تمسح خطاياه القديمة، ثم يقوم متحدا بالمسيح الإبن كخليقة جديدة فيحصل على البنوة لله.

الآن بعد انتهاء عمل الفداء. فالآن الروح القدس لا يحل بشكل منظور (حمامة أو ألسنة نار). والآب لا يتكلم ليشهد للمسيح من السماء. والإبن لا نراه بأعيننا الجسدية. كل هذا نقبله ليس بالعيان كما حدث فى الأردن بل بعين الإيمان. عمل الله الخلاصى يبدأ فى حياة المؤمن بالمعمودية. والمعمودية هى بـــ الرُّوحُ، وَالْمَاءُ، وَالدَّمُ. وَالثَّلاَثَةُ هُمْ فِي الْوَاحِدِ = الواحد هو جسد المسيح الذى تدفق منه الماء والدم، والروح القدس حل على جسد المسيح لحساب الكنيسة كلها يوم عماد المسيح من المعمدان. والروح الآن يعمل فى ماء المعمودية، وذلك بقوة دم المسيح، فتلد المعمودية أبناء لله، خليقة جديدة، وكل من شعر بقوة هذه الخليقة الجديدة وإمكانياتها يدرك عمل المسيح الخلاصى، هذه القوة التى تعطيها المعمودية لأولاد الله تشهد على أن المسيح هو مخلص العالم بدمه، وتشهد للطريق الذى حدده الله للحياة الأبدية = وهو الموت عن العالم كى نحيا لله بحياة المسيح. والمعمودية لا معنى لها بدون وجود أحد الثلاثة عناصر (الماء والدم والروح). والولادة من الماء والروح نص عليها السيد المسيح فى (يو5: 3). المعمودية ونتائجها تشهد لعمل المسيح الخلاصى وللخليقة الجديدة التى بها نغلب.

الدَّمُ = هو الثمن الذى دفعه المسيح لكى يقدم لنا الفداء "لأنكم افتديتم... بدم كريم" (1بط1: 18، 19). الماء والرُّوحُ = هما إشارة للمعمودية التى هى الوسيلة التى بها ننال استحقاقات هذا الدم. فبالمعمودية نولد ولادة ثانية من الماء والروح.

العدد 9

آية (9): -

"9إِنْ كُنَّا نَقْبَلُ شَهَادَةَ النَّاسِ، فَشَهَادَةُ اللهِ أَعْظَمُ، لأَنَّ هذِهِ هِيَ شَهَادَةُ اللهِ الَّتِي قَدْ شَهِدَ بِهَا عَنِ ابْنِهِ.".

نَقْبَلُ شَهَادَةَ النَّاسِ = كثيرون شهدوا لعمل المعمودية العجيب في حياتهم. وكثيرون شهدوا للمسيح إبتداء من نثنائيل (يو49: 1) وحتى لونجينوس الجندى (مر39: 15).

فَشَهَادَةُ اللهِ أَعْظَمُ = شهادة الثالوث عن عمل المسيح، أن المسيح أتى ليعطينى حياة هى اعظم (موضوع هذا الإصحاح). وشهادة الروح داخلنا هى أقوى من كل كلام الناس، وفى هذا يقول بولس الرسول "ليس أحد يقدر ان يقول يسوع رب إلا بالروح القدس" (1كو12: 3). والمعمودية نفسها هى شهادة من الله لطريق الخلاص وهو الموت مع المسيح والقيامة معه. ففرحة الله يوم معمودية المسيح كانت بعودتنا كأبناء له على نفس نمط معمودية المسيح فى الأردن أى بالمعمودية الآن.

العدد 10

آية (10): -

"10مَنْ يُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ فَعِنْدَهُ الشَّهَادَةُ فِي نَفْسِهِ. مَنْ لاَ يُصَدِّقُ اللهَ، فَقَدْ جَعَلَهُ كَاذِبًا، لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِالشَّهَادَةِ الَّتِي قَدْ شَهِدَ بِهَا اللهُ عَنِ ابْنِهِ.".

مَنْ يُؤْمِنُ بِابْنِ اللهِ = شهادة الله الأعظم هذه نشعر بها داخلنا. فالمؤمن هو إنسان معمد، حل فيه الروح القدس بالميرون، وصار مسكناً للروح، والروح يشهد فى داخله للمسيح شهادة عملية إختبارية. (لكن هذا لمن لم يطفئ الروح بإصراره على الخطية ومقاومة تبكيت صوت الروح القدس داخله 1تس5: 19).

مَنْ لاَ يُصَدِّقُ اللهَ = من يقاوم شهادة الله فى داخله أى صوت الروح القدس، ومن لا يصدق الكتب المقدسة الموحى بها من الله، ومن يقاوم الإيمان المسلم مرة للقديسين (يه3) والمودع فى الكنيسة، يجعل الله كاذباً.

العدد 11

آية (11): -

"11 وَهذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ: أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ.".

هذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ = الشهادة التى كان يتكلم عنها فى الايات (6 – 10) فالله يشهد لإبنه ليس لأن إبنه يحتاج لهذه الشهادة، بل لنا نحن، إذ أن الإبن كان هدف تجسده أن نؤمن به فيكون لنا حياة أبدية. "وهذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته". (يو3: 17 + يو15: 3). وهذه الحياة كلها غلبة على العالم. فالشهادة التى يتكلم عنها الرسول هنا هى الحياة التى نختبرها إن عشنا بحسب الإنجيل.

وَهذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ = هذه الحياة التى أعطاها لنا الله تسرى فينا ونشعر بها كشهادة داخلنا بحسب الشروط الآتية:

  1. بالإيمان. ليس الايمان النظرى بل بقبول السلوك كما سلك المسيح فى حياته بالجسد.
  2. بالمعمودية (دم + ماء + روح).
  3. بقبول الموت الذى حدث لنا فى المعمودية، ونستمر نحيا كأموات أمام الخطية فحينئذ تكون لنا حياة المسيح (رو6: 1– 14 + 2كو4: 10، 11 + غل2: 20). فحياة المسيح الأبدية تتحد مع جسد مائت عن الخطية. ولاحظ أن حياة المسيح الأبدية إتحدت بجسده المائت فى القبر، والمعنى أننا كلما مارسنا حياة الإماتة أمام شهوات العالم، كلما ثبتت حياة المسيح فينا. وإن أخطأنا نتوب سريعا فنحيا (1يو1: 9 + أف5: 14).
  4. بالتناول من جسد الرب لنثبت فيه "من يأكلنى يحيا بى".

والحياة الأبدية ليس معناها أن نحيا للأبد، فالأشرار والشياطين سيوجدون أيضاً للأبد، ولكن فى الظلمة الخارجية فى عذاب جهنم. ولكن المقصود بالحياة الأبدية هى أن تكون لنا حياة الله ذاته، نحيا بها. وهى حياة كلها قوة وغلبة ومجد ونور وفرح وسلام ومحبة وطهارة وهى تبدأ من الآن. وما نحصل عليه الآن هو عربون المجد والفرح الذى يكون لنا هناك فى السماء.

العدد 12

آية (12): -

"12مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ.".

مَنْ لَهُ الابْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ = هذه الحياة الأبدية هى حياة الإبن فينا "لى الحياة هى المسيح" (فى21: 1) + "المسيح يحيا فىَّ" (غل20: 2). ومن له الإبن أى من يثبت فى الإبن ويملك الإبن عليه، يكون الإبن هو حياته. والإتحاد بالإبن بدأ بالمعمودية. وعلينا أن نحرص على هذا الثبات "إثبتوا فىَّ وأنا فيكم" (يو4: 15) وذلك بأن نسلك فى نفس طريق المسيح أي موت وحياة. وهذه الحياة هى حياة أبدية لأن المسيح الذى يحيا فينا هو أبدى، لذلك ستكون نهاية هذه الحياة مجد أبدى هناك.

العدد 13

آية (13): -

"13كَتَبْتُ هذَا إِلَيْكُمْ، أَنْتُمُ الْمُؤْمِنِينَ بِاسْمِ ابْنِ اللهِ، لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ حَيَاةً أَبَدِيَّةً، وَلِكَيْ تُؤْمِنُوا بِاسْمِ ابْنِ اللهِ.".

تُؤْمِنُوا بِاسْمِ ابْنِ اللهِ = الإسم يعبر عن الشخصية، فإسم إبن الله هو تعبير عن كامل شخصيته وجبروته ومحبته التى وصلت للفداء. وراجع (أع12: 4) "ليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس إسم آخر تحت السماء قد أعطى بين الناس به ينبغى أن نخلص" وراجع أيضاً (يو36: 3) ولاحظ قوله أنتم المؤمنين ثم يقول لهم أن تؤمنوا. لذلك فقوله تؤمنوا تعنى تثقوا فى قدرته على أن فدائه قادر أن يعطينا الغلبة فنخلص. وهذا يتفق مع آية (14). لذللك قال مخلصنا "بدونى لا تقدرون ان تفعلوا شيئا" (يو15: 5).

العدد 14

آية (14): -

"14 وَهذِهِ هِيَ الثِّقَةُ الَّتِي لَنَا عِنْدَهُ: أَنَّهُ إِنْ طَلَبْنَا شَيْئًا حَسَبَ مَشِيئَتِهِ يَسْمَعُ لَنَا.".

طلب فى الآية السابقة أن يكون لنا ثقة فى الله، وهنا نجد دلالات هذه الثقة. أنه إن طلبنا شيئاً يستجيب لنا = وَهذِهِ هِيَ الثِّقَةُ الَّتِي لَنَا عِنْدَهُ = الثقة ناشئة من شهادة الروح داخلنا أننا اولاد الله المحبوبين منه حتى أنه بذل ابنه عنا. ومن هذه الثقة نصلى واثقين أنه لابد وأن يستجيب إن كان الطلب ليس فيه ضرر لنا.

وهناك شروط للإستجابة أى لإستجابة الصلاة وهى أن تكون: -.

  1. حَسَبَ مَشِيئَتِهِ = الصلاة ليست أداة لإقناع الله بأن يغير تفكيره، بل هى طريقة لتغيير فكر من يصلى بأن يقبل ما يسمح به الله. بل من يصلى متجاوباً مع روح الله، يعلمه الروح القدس ماذا يطلب، أى أن الصلاة هى إستكشاف لمشيئة الله. فالإنسان قد يبدأ الصلاة بإصرار على الحصول على شئ معين قائلاً... أريد يارب كذا وكذا... ولو خضع لصوت الروح القدس داخله، الذى يقنعه ربما بأن هذا الشئ ليس فى صالحه، نجد هذا الشخص ينهى صلاته قائلاً "لتكن مشيئتك" "وليكن ليس حسب إرادتى بل حسب إرادتك"، وهكذا صلَّى المسيح فى بستان جثسيمانى. فالروح القدس يعطى للذى يصلى بطريقة صحيحة أن يسلم إرادته كاملاً لله، بل أن تتفق إرادته مع إرادة الله، فيطلب بحسب مشيئة الله. وهذا نسميه شفاعة الروح القدس (رو26: 8، 27) فإذا كنت مسلماً الأمر تماماً لله، فأنا مقبول أمام الله، أما لوكنت فى حالة تذمر، فأنا غير مقبول أمام الله، وهذا مايقوم به الروح القدس أنه يقنعنى فى الصلاة أن أسلم الأمر بالكامل لله (أر7: 20). وقد نصلى ضد مصلحتنا، ولذلك لا يستجيب الله، كما صلى بولس الرسول ثلاث مرات ليشفى والله لم يستجب لأنه خاف عليه من الكبرياء وبالتالى من الضياع (2كو7: 12 - 9). وهذا رأيناه فى مزامير داود النبى، الذى كان فى بعض الأحيان يبدأ المزمور بالشكوى، ولكنه ينهى المزمور بالشكر والتسبيح إذ إستمع لصوت الروح القدس الذى يعطيه الإطمئنان فيسبح "إلى متى يا رب تنسانى.... يبتهج قلبي.." (مزمور 13).

ومشيئة الله هى خلاص نفوسنا، فكل من يطلب طلباً به يخلص يعطيه له الله. ونلاحظ أن السيد المسيح علمنا فى الصلاة الربانية أن نقول "لتكن مشيئتك". ولكن للأسف يكون لسان حالنا كثيراً ونحن نصليها أن يكون فى قلوبنا... لتكن مشيئتك إن كانت حسب مشيئتنا، لذلك نشتكى إن لم يستجب الله ونتذمر ونقول "الله لا يسمعنا". لذلك يقول بولس الرسول "لسنا نعلم ما نصلى لأجله كما ينبغى" (رو26: 8). ولكن الروح يعطينا إقناع ( = يشفع فينا) بما نطلبه وبما يتفق مع مشيئة الله. ويمكن أن نقول أن الله يستجيب دائماً، ونقولها بثقة ولكن هناك 3 حالات لهذه الإستجابة:

  1. أن يستجيب فوراً.
  2. أن يستجيب بعد فترة أى فى ملء الزمان حينما يكون الزمان مناسباً والظروف مناسبة.
  3. أن لا يستجيب إن كان الطلب ضد خلاص نفوسنا. أو فيه ضرر لنا.
  4. من شروط إستجابة الصلاة أن تكون بإيمان (مر24: 11). فلا يقبل أن أطلب شيئاً من الله وأنا أشك أن الله قادر على الإستجابة أو أكون فى حالة شك فى محبته، وأنه فى محبته لابد وسيستجيب.
  5. والإيمان ليس شرطا وحيدا لقبول الصلاة، فقد أطلب ما يكون سببا فى أن أفقد خلاص نفسى، فبولس الرسول طلب من الله ثلاث مرات أن يرفع عنه شوكة مرضه والله رفض فهل نشك فى قوة إيمان بولس الرسول. فالإيمان هو أحد الشروط لإستجابة الصلاة وليس هو الشرط الوحيد.
  6. أن تكون الصلاة بإسم يسوع (يو14: 14) لذلك ننهى الصلاة الربانية قائلين "بالمسيح يسوع ربنا". وهذه تعنى الثقة فى قدرات المسيح اللانهائية وقوة عمله الخلاصى إذ أعاد لنا دالة البنوة للآب (راجع تفسير آية 13 السابقة).
  7. أن نكون ثابتين فى المسيح (يو7: 15) وذلك بحفظ وصاياه (1يو22: 3، 23). وهذا يعنى أن صلاة الأشرار غير مقبولة أمام الله بل هى مكرهة الرب "ذبيحة الاشرار مكرهة الرب وصلاة المستقيمين مرضاته" (أم15: 8)، فمن يحيا فى شره فهو ليس ثابتا فى المسيح فلا شركة للنور مع الظلمة (2كو6: 14).
  8. أن نغفر لمن يسئ إلينا (مر25: 11). فالله لن يغفر لنا ما لم نغفر نحن أيضا للآخرين (مت6: 15). الله لن يقبل صلاة من يكون قلبه مملوءاً بالكراهية.
  9. أن لا نطلب طلبة لا تتفق مع إسم المسيح، أى تكون الغاية من الصلاة إشباع شهواتنا ورغباتنا (يع3: 4).
  10. بل كلما يرتقى إنسان فى علاقته مع الله لا يطلب سوى مجد الله، ولا يطلب ما لنفسه بقدر ما يطلب عن الآخرين. (يع16: 5).

العدد 15

آية (15): -

"15 وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ مَهْمَا طَلَبْنَا يَسْمَعُ لَنَا، نَعْلَمُ أَنَّ لَنَا الطِّلِبَاتِ الَّتِي طَلَبْنَاهَا مِنْهُ.".

من يصلى لدرجة أنه يصلى بحسب مشيئة الله، أى خاضعاً تماماً لصوت الروح القدس داخله. لابد أن تكون له هذه الثقة أن الله سيستجيب. هذه الثقة هى بدالة البنين.

العدد 16

آية (16): -

"16إِنْ رَأَى أَحَدٌ أَخَاهُ يُخْطِئُ خَطِيَّةً لَيْسَتْ لِلْمَوْتِ، يَطْلُبُ، فَيُعْطِيهِ حَيَاةً لِلَّذِينَ يُخْطِئُونَ لَيْسَ لِلْمَوْتِ. تُوجَدُ خَطِيَّةٌ لِلْمَوْتِ. لَيْسَ لأَجْلِ هذِهِ أَقُولُ أَنْ يُطْلَبَ.".

خَطِيَّةٌ لِلْمَوْتِ = الموضوع ليس فى نوعية الخطية، بل فى العناد والإصرار على إرتكاب الخطية. فحتى خطايا الزنا أو القتل لها غفران لو إستجاب الإنسان للروح القدس ولم يقاوم وقدم توبة. والله لا يتدخل فى حرية أحد بل هو يحاول أن يقنعه أن يترك الخطية، ولكن إن رفض وعاند يتركه. فحرية الإنسان هى التى تحدد هل الخطية للموت أم لا.

والإنسان حينما يفعل الخطية لأول مرة يبكته الروح القدس، ولكن إن قاوم وعاند يعتاد عليها ولا يسمع لصوت الروح القدس، بل يبدأ يتلذذ بالخطية بل يفتخر بها (وهذا مايمكن أن نسميه التجديف على الروح القدس). فالقلب قد تقسى تماماً رافضاً التوبة أو الإستجابة للروح القدس. ولمثل هذا الإنسان، مهما صلينا فلا فائدة فهو لن يتوب. هذه إذاً خطية للموت.

يُخْطِئُ خطية لَيْسَتْ لِلْمَوْتِ = أى خطايا الضعف البشرى نظراً لوجودنا فى الجسد. لكنه يجاهد ويريد أن يتغير ويرضى الله. هذا نطلب له الغفران ونصلى له. ولعل هذا إشارة لسر التوبة والإعتراف وصلاة التحليل التى يصليها الكاهن على رأس المعترف.

يَطْلُبُ فَيُعْطِيهِ حَيَاةً = أى غفران يؤدى للحياة الأبدية.

ونفهم من كلمات الرسول أن خطايا الموت هى:

  1. الإصرار على إنكار المسيح والهرطقة وإفساد المؤمنين. والتى يكتب رسالته بسببها فمثل هؤلاء يفسدون الإيمان.
  2. المصرون على خطايا الكراهية والبغضة. هذا هو مضمون هذه الرسالة.
  3. خطايا إنكار المسيح ورفضه أشار لها بولس الرسول فى (عب6)، فهؤلاء الذين أنكروا المسيح هم الأرض المعرضة للحريق. هؤلاء لا تستطيع لهم الكنيسة أن تفعل أى شئ بل تتركهم ولا تصلى لأجلهم. لا تصلى لغفران خطاياهم، بل تصلى لهدايتهم وإبعاد أذيتهم عن الكنيسة.
  4. ونرى أن قساوة القلب ومهاجمة ومقاومة الكنيسة هى خطايا موت لذلك لم يصلى بولس الرسول لإسكندر النحاس (2تى14: 4، 15). والسيد المسيح لم يصلى عن كل العالم بل من أعطاهم له الآب أى المؤمنين (يو9: 17) والكنيسة لا تصلى عن المنتحرين لأنهم أصروا على يأسهم حتى النهاية.

العدد 17

آية (17): -

"17كُلُّ إِثْمٍ هُوَ خَطِيَّةٌ، وَتُوجَدُ خَطِيَّةٌ لَيْسَتْ لِلْمَوْتِ.".

كلمة إِثْمٍ فى اليونانية تعنى إعتداء الإنسان على حق الغير (إذاً الإثم هو تعدى على حق من حقوق الله أو حقوق أى إنسان).

وكلمة خَطِيَّةٌ = تعنى مخالفة إرادة الله ووصاياه. هى أن أفعل ما أريده أنا وليس ما يريده الله.

وأصل الكلمة خَطِيَّةٌ = فى اليونانية "من يخطئ الهدف ولا يصيبه". ومن يصيب الهدف فله مكافأة، ومن يفشل فى إصابة الهدف فلا مكافأة له.

فهدفنا هو الحياة الأبدية فى مجد الله، فالهدف الصحيح الذى يجب أن يكون أمام أعيننا هو ماذا يريد الله لنعمله، أو ما هى وصية الله لننفذها؟ وإن فعلنا يكون الهدف صحيح ونرث المجد فى السماء. ولكن إن نفذنا إرادتنا ولم نهتم بوصايا الله نفقد المكافأة. فمن يخالف إرادة الله يفقد المكافأة التى هى حياته الأبدية. ببساطة لأن الله حين أعطانا الوصية لم يكن هذا ليتحكم فينا إنما هو يعرف الصالح لنا. فكل إعتداء على حق الغير هو خطية لأنها تخالف إرادة الله. وكل إنحراف عن المحبة الكاملة لله وللإخوة هو خطية. وهذا ما عبَّر عنه بولس الرسول "الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله" (رو3: 23). ويصبح المعنى أن كل خطأ يفقدنى حياة المجد فى الأبدية. وبهذا يصبح معنى كل إثم هو خطية = كل مخالفة لوصايا الله تفقدنى المكافأة التى هى ميراث المجد.

العدد 18

آية (18): -

"18نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ لاَ يُخْطِئُ، بَلِ الْمَوْلُودُ مِنَ اللهِ يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُ.".

كُلَّ مَنْ وُلِدَ مِنَ اللهِ لاَ يُخْطِئُ = سبق شرحها فى إصحاح (3) وفى المقدمة. لكن الرسول يقول هذا هنا بعد أية (16) ليكون المعنى أن كل من ولد من الله لن يكون قاسى القلب معاند رافض للتوبة وبهذا يخطئ خطية للموت، لكن من هو إبن لله إن سقط يقوم سريعاً ويتوب. ولكن الرسول يطلب من أولاد الله أن كل واحد يَحْفَظُ نَفْسَهُ، وَالشِّرِّيرُ لاَ يَمَسُّهُ = أى لا يستطيع أن يجرى معه إتصالاً من أى نوع. وراجع قصة القديسة يوستينة فى تاريخ الكنيسة، فهذه القديسة حاول الشياطين التى كان يرسلها الكاهن الوثنى أن تدخل بيتها لغوايتها، فلم تستطع الشياطين دخول بيتها لأنها كانت تصلى. فمن هو ثابت فى أبيه لا يقدر عليه الشيطان، ولكن فى اللحظة التى فيها ينسى بنوته لله وينحرف قليلاُ عن أبيه يسقط. لذلك يطلب الرسول هنا من كل مولود من الله أن يحفظ نفسه أى يحاول أن يظل دائماً ملتصقاً بالله. ولنذكر سقطة داود.

ويكون معنى الآية: كل من ولد من الله لا يخطئ (خطية للموت). بل المولود من الله يحفظ نفسه (يجاهد) والشرير لا يمسه (فالذى فينا كأولاد لله أعظم). هذه الآية أتت هنا بعد أن قال أن هناك خطية للموت حتى لا يرتعب السامعين، فهو هنا يعطى طمأنينة أن كل من يريد الثبات ويجاهد، لا سلطان للشيطان عليه ولن يمسه. هذه الطمأنينة لمن تحرك قلبه وخاف، أما القلب القاسى فلن يحركه تخويف ولن يطمئنه كلام الرسول هنا.

العدد 19

آية (19): -

"19نَعْلَمُ أَنَّنَا نَحْنُ مِنَ اللهِ، وَالْعَالَمَ كُلَّهُ قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ.".

نَحْنُ مِنَ اللهِ = مولودين منه.

والْعَالَمَ كُلَّهُ = المقصود بكلمة العالم ليس كل الناس بل الذين أحبوا العالم وتعلقوا به.

قَدْ وُضِعَ فِي الشِّرِّيرِ = أى تحت سلطان الشيطان الشرير.

فكما يعيش أولاد الله فى دائرة قوة الله فتحفظهم، يعيش أولاد العالم فى دائرة قوة الشرير وإغرائه. فالشيطان يزيف كل ما هو حق ويغوى أتباعه ويضللهم فيسقطوا فيستعبدهم. وكيف يضلل الشيطان أتباعه؟ بأن يصور لهم العالم والخطية أنها متعة ولذة وهدف يسعون وراءه، ويخفى عنهم الألام والحزن نتيجة للخطية. والعالم ملئ بالخطايا.

العدد 20

آية (20): -

"20 وَنَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ وَأَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ فِي الْحَقِّ فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.".

فى الآية السابقة رأينا العالم قد وضع فى الشرير، والشيطان يضلل الناس، ولكن ما موقفنا نحن أولاد الله = أَعْطَانَا بَصِيرَةً لِنَعْرِفَ الْحَقَّ = الله أعطى أولاده بصيرة بها يدركون تفاهة العالم (جا2: 1 + فى8: 3). وأيضاً يعطيهم بصيرة فتنفتح عيونهم ويدركون الأمجاد المعدة لهم فى السماويات (1كو9: 2 - 12). ومن هذه الأيات الأخيرة من كورنثوس نفهم أن هذه البصيرة تكون بالروح القدس المعطى لنا. والحق فى هذه الآية فى مقابل العالم فى آية (19). فالعالم هو الباطل (جا2: 1). ونحن تكون لنا هذه البصيرة إن ثبتنا فى المسيح = نَحْنُ فِي الْحَقِّ (ندرك الحق ونميز بينه وبين الباطل) فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ = فالمسيح هو الحق (يو6: 14). وثباتنا فى المسيح يملأنا من الروح القدس، روح الحق، والذى يرشد للحق (يو13: 16). فثباتنا فى المسيح هو ثبات لنا فى الحق. وثباتنا فى المسيح يأتى عن طريق حفظ وصاياه. يعطينا الإمتلاء من الروح الذى يفتح بصيرتنا فنعرف المسيح وعمله ومحبته وما أعطاه لنا، وما أعده لنا فى السماء، وهذا يجعلنا نحتقر العالم الباطل.

هذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ = بدأ الرسول رسالته بأن المسيح هو كلمة الحياة وبظهوره أظهرت الحياة (1يو1: 1، 2). وهنا يسميه الحياة الأبدية. وبهذا تتفق بداية الرسالة ونهايتها. وبهذا يلخص الرسول رسالته فى أن إبن الله قد أتى إلى العالم وأعطانا معرفة الإله الحق الذى لا يعرفه عبدة الأوثان ولا الهراطقة. وأعطانا أن نكون فيه بالإيمان. ومن يؤمن به تكون له حياة أبدية، ويحيا فى محبة، ويغلب العالم فلا ينجذب لشهواته. فالمؤمن يفتح الله بصيرته فيعرف أن الرب يسوع هو كل الحق ويشبع به، مؤمناً أنه مصدر حياته، فيثبت فيه بأن يطيع وصاياه ولا يريد أن يفارقه. تعرفون الحق والحق يحرركم (يو 8: 32).

العدد 21

آية (21): -

"21أَيُّهَا الأَوْلاَدُ احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الأَصْنَامِ. آمِينَ.".

احْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ الأَصْنَامِ. ايُّهَا الأَوْلاَدُ = أى لا يليق كأولاد لله أن تتعلقوا بالأصنام فأولاد الله لا يعطون قلوبهم لأحد سوى الله الذى فداهم وأعطاهم حياة أبدية. وقوله إحفظوا أنفسكم يعنى لا تقبلوا شيئاً أو أحداً يحتل مكان الله فى قلوبكم.

ولكن ماهى الأصنام؟ قد تكون الأوثان التى عبدها قديماً عباد الأوثان. ولكن تكرار بولس الرسول أن الطمع عبادة أوثان (أف5: 5 + كو5: 3) تجعلنا نمتد فى فهمنا للأصنام بأنها تكون الطمع أو شهوة الزنا أو الملذات المختلفة والمال والذات وهذا ما يسميه القديس يوحنا... العالم... (5: 19 + 2: 15 – 17)، وهذا ما قال عنه القديس يعقوب محبة العالم عداوة لله (يع4: 4). أى يجب أن لا نضع شيئاً فى قلوبنا غير الله، ويكون الله فقط هو كل شئ فى حياتى.

فالأصنام عموماً هى أدوات عبادة الشيطان. والشيطان عرض على السيد المسيح كل ما فى العالم من ممالك على أن يسجد له.

أهمية المحبة عند القديس يوحنا الحبيب وخط الرسالة.

أولاً: - أهمية المحبة عند القديس يوحنا الحبيب بل وفى المسيحية.

المحبة هى طبيعة الله، فالله محبة:

الله من محبته قيل عنه: "ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه." (يو13: 15) وهو بذل نفسه عنا مأكلاً حقاً ومشرباً حقاً ليعطينا حياته.

ولقد خلق آدم على صورته، لذلك كان آدم مملوءاً محبة لأن الله محبة، وكانت محبة آدم كلها لله، لا يجد لذته إلا في الله لأنه على صورة الله، والله يقول لذاتى مع بنى آدم (أم8: 30) وبسبب هذه المحبة فى قلب آدم لله، ومحبة الله لآدم كان فى جنة إسمها عَدْنْ وعَدْن كلمة عبرية تعنى فرح وبهجة. فآدم عاش فى فرح بسبب هذه المحبة المتبادلة مع الله. ولما سقط آدم قيل أن الرب الإله أخرجه من جنة عدْن، والمعنى أنه حين إهتزت وقلًّت محبة آدم لله فقد الفرح ودخل الحزن إلى العالم، وكان أن آدم هو الذى إختبأ من الله بسبب سقوطه، فبدأت المحبة تفتر وتقل. ومن هذا نفهم أن الفرح ناشىء عن محبة الله، هذا هو الفرح الحقيقى أما العالم فلا يعطى فرح بل يعطى ملذات. يخطىء الإنسان ويسميها فرح.

الفرق بين الفرح الحقيقى واللذة الحسية:

  1. اللذة مؤقتة والخطية كنور البرق، أما الفرح فدائم كنور الشمس.
  2. اللذة لا يمكن أن تنتصر على الألم الخارجى أما الفرح فهو ينتصر، لذلك أقدم الشهداء على الموت فى فرح غير خائفين من الموت بسبب الفرح الذي فى داخلهم، والفرح الذى يعطيه الله لا يقدر حزن أو ضيق فى العالم أن ينزعه منا، وهذا هو وعد السيد المسيح (يو22: 16) وبسبب هذا قال الكتاب "تحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك." (تث5: 6) والله طلب هذا ليضمن لنا الفرح وليس لأنه محتاج لمحبة أحد.
  3. اللذة هى عطية الجسد بينما الفرح هو عطية من الله.

ولما فقد الإنسان الجنة فقد الفرح، فكان الفداء وإنسكاب الروح القدس على المعمدين، والروح يسكب محبة الله فى قلوبنا (رو5: 5). وبالتالى يعيد الفرح فنستعيد الحالة الفردوسية الأولى لذلك نجد أن ثمار الروح القدس هى محبة.. فرح.. والترتيب ليس عشوائى بل كما رأينا فالفرح ناشىء عن المحبة، ولكن لنلاحظ أن الفرح ليس إفتعالاً، نحن لا نصنع الفرح بل هو عطية من الله. فالسيد المسيح يقول: "الآن عندكم حزن (فالعالم ملىء بالضيقات، والحزن الذى بحسب قلب الله هو أن نحزن على خطايانا) ولكن أراكم فتفرح قلوبكم (هو يحول أحزاننا إلى فرح وتعزيات)." (يو22: 16).

ولكن يثار سؤال هام...

إذا كان الله هو مصدر كل محبة فى العالم فلماذا يوصى الله بالمحبة. لماذا هى وصية بينما هى عطية؟!

لماذا وصايا مثل: تحب الرب إلهك.. وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً.. (يو34: 13).. أحبوا أعدائكم (مت 5: 44). لماذا الوصية وهو الذى يعطى المحبة؟

يوجد نوعان من المحبة:

  1. محبة طبيعية: كمحبة الأم لإبنها والزوج لزوجته.. إلخ. وهذه المحبة مُعرَّضة لأن تضيع. يقول "إن نسيت الأم رضيعها" (أش15: 49) إذاً من الممكن أن تتغير المحبة الطبيعية بل وتضيع. وهذه تنتمى للإنسان العتيق. لذلك فهى ليست مبرراً لدخول إنسان للسماء. فالسيد يقول: "لأنه إن أحببتم الذين يحبونكم فأى أجر لكم. أليس العشارون أيضاً يفعلون ذلك." (مت46: 5).
  2. محبة هى عطية من الله: وهذه تنتمى للخليقة الجديدة. هذه التى قيل عنها "إن كان أحد فى المسيح فهو خليقة جديدة." (2كو17: 5) وهذه الخليقة الجديدة هى ثمار الفداء وعمل الروح القدس. "بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثانى وتجديد الروح القدس الذى سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا. (تى3: 5، 6) ولذلك فمن ثمار الروح القدس المحبة.. (غل5: 22). وهذه الخليقة هى التى تخلص" لأنه فى المسيح يسوع ليس الختان ينفع شيئاً ولا الغرلة بل الخليقة الجديدة. "(غل15: 6) وهذه الخليقة تُخَلِّص لأنها فى المسيح، ثابتة فى المسيح (يو4: 15) والمسيح حياة (يو25: 11) وعلامة الثبات فى المسيح أن تكون لنا محبة، فالله محبة (1يو16: 4). وثمار هذه المحبة حياة أبدية، فالمسيح أيضاً الذى نثبت فيه هو حياة. وعلامة أن لنا هذا النوع من المحبة أن نحب حتى أعدائنا. لذلك فوصية" أحبوا أعدائكم. "(مت44: 5) هى ليست فى إمكانية البشر الذين مازال لهم الطبيعة القديمة العتيقة، بل لمن لهم الخليقة الجديدة. لذلك يقول القديس يوحنا فى رسالته الأولى" نحن نعلم أننا قد إنتقلنا من الموت (الإنسان العتيق) إلى الحياة (الخليقة الجديدة) لأننا نحب الأخوة. من لا يحب أخاه (مازال فى حالة الإنسان العتيق) يبقَ فى الموت. كل من يبغض أخاه فهو قاتل نفس. "(نفسه هو) (1يو 3: 14، 15).

وراجع قول السيد المسيح: "كما أحبنى الآب كذلك أحببتكم أنا. إثبتوا فى محبتى." (يو9: 15).

كما أحبنى الآب.

الآب والإبن ليسا شخصين منفصلين كل منهما يحب الآخر وحينما يُقال الآب يحب الإبن (يو20: 5) أو أن الإبن يحب الآب (يو31: 13) فهذا ليس إنفصال بل هذا تعبير عن الوحدة بينهما ولكن بلغة المحبة التى هى طبيعة الله. وهذه مثل "أنا فى الآب والآب فىَّ" (يو10: 14) + (يو38: 10). والمعنى أنهما واحد بالمحبة.

كذلك أحببتكم أنا.

كذلك = كما أنا فى الآب والآب فىَّ بالمحبة هكذا أثبت فيكم وتثبتون فىَّ بالمحبة. والإبن يحبنا إلى المنتهى (يو1: 13). ومن له طبيعة المحبة أى صارت له الطبيعة الجديدة فهو يثبُت فى المسيح بالمحبة، ويثبت فيه المسيح بالمحبة فتكون له حياة أبدية وينتقل من الموت إلى الحياة. أضف لهذا ما قاله السيد المسيح عمن يحفظ الوصايا "إن حفظتم وصاياى تثبتون فى محبتى كما إنى أنا حفظت وصايا أبى وأثبت فى محبته" (يو10: 15).

فحفظ الوصايا هو علامة المحبة (يو23: 14). ولذلك فالمسيح يحفظ وصايا الآب لأنه يحب الآب كما سبق وقلنا. أو أن الأدق أن نقول أن معنى أن المسيح يحفظ وصايا الآب أنه واحد مع الآب بالمحبة، وبالتالى فإرادة الآب هى نفسها إرادة الإبن أيضا. فوصايا الآب هى نفسها ما ينفذه الإبن فهما واحد لكن الآب يريد والإبن ينفذ. وبالنسبة لنا نفهم أن هناك شرطين اساسيين لنثبت فى المسيح فتكون لنا حياة: -.

1) أن نثبت فى المحبة 2) أن نحفظ الوصايا.

إثبتوا فى محبتى.

لقد صارت لنا طبيعة المحبة كثمرة طبيعية لحصولنا على الخليقة الجديدة، لكن حتى نحافظ على هذه المحبة (وهى نعمة أى عطية مجانية أخذناها كثمرة للفداء من الروح القدس) ينبغى لنا أن نجاهد، والجهاد هو التغصب على عمل الصالح (مت12: 11).

مثال: "أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم" (مت44: 5).

أحبوا أعداءكم = هذه نعمة أى عطية مجانية من الله، كثمرة من ثمار الروح القدس الذى سكن فينا وجدد طبيعتنا بعد الفداء. وهذه المحبة هى علامة الخليقة الجديدة التى لها حياة أبدية.

ولكن كل نعمة تحتاج لأن نجاهد حتى نحافظ عليها أو نكتسبها وهذا ما قاله الآباء أن النعمة هى عطية مجانية لكنها لا تعطى إلاّ لمن يستحقها.

فما هو الجهاد المطلوب حتى نحافظ على هذه المحبة؟

  1. باركوا لاعنيكم = أى إغْصِبوا أنفسكم أن تتكلموا حسناً على أعدائكم الذين يلعنوكم. "باركوا ولا تلعنوا" (رو14: 12) أى تكلموا حسناً حتى على من يكرهونكم. وهذا فى إمكانى كإنسان أن أغصب نفسى عليه. وهذا هو الجهاد المطلوب.
  2. أحسنوا إلى مبغضيكم = أى إغصبوا أنفسكم على أن تقدموا خدمات لأعدائكم (الذين يعادونكم ويبغضونكم، لأننا نحن لا نبغض أحد) ولا تقولوا أنهم لا يستحقون، تشبهوا بمسيحكم الذى قيل عنه: "ولكن الله بيَّن محبته لنا لأنه ونحن بعدُ خطاة مات المسيح لأجلنا" (رو8: 5). وهذا الجهاد المطلوب فى إمكاننا.
  3. صلوا لأجل الذين يسيئون إليكم = أى إغصبوا أنفسكم أن تصلوا لهم طالبين لهم الخير. وهذا الجهاد هو فى إمكان البشر.

وإن جاهدتم هكذا تنسكب النعمة فيكم وتجدون أنفسكم غير قادرين أن تكرهوا أعدائكم ولا أى أحد.

مثال آخر كيف نحب الله؟

لقد رأينا أنه بالتغصب أى الجهاد يعطينا الله محبة القريب. فكيف نحب الله؟ الروح القدس هو الذى يسكب محبة الله فى قلوبنا (رو5: 5).

إذاً لكي نمتلئ من المحبة علينا أن نمتلئ بالروح، ولكي نمتلئ بالروح علينا أن نجاهد.

ولماذا الجهاد؟

يقول السيد لملاك كنيسة أفسس (رؤ2: 4، 5) "عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى. فأذكر من أين سقطت وتب واعمل الأعمال الأولى وإلاّ فإني آتيك عن قريب وأزحزح منارتك..".

فإن كان الله قد أعطاه المحبة لأنه هو وحده مصدر المحبة، فلماذا يعاقبه لأن محبته صارت أقل؟

الإجابة الوحيدة أنه قَصَّر في جهاده وتكاسل.

وكيف نمتلىء من الروح القدس؟ وما هو الإمتلاء؟

الإمتلاء ببساطة هو أن لا ينقسم القلب بين محبة الله وأى محبة أخرى ولذلك طلب الله "يا إبنى إعطنى قلبك" (أم26: 23).

وكلما إزدادت محبة الله فى القلب إزداد الفرح الحقيقى، لذلك يطلب الكتاب أن نحب الله من كل القلب حتى نمتلىء فرحاً.

إذاً كيف نمتلىء من الروح القدس؟

يقول السيد المسيح "يُعطى الروح القدس للذين يسألونه" (لو13: 11).

ويقول بولس الرسول إمتلئوا بالروح.. كيف؟ مكلمين بعضكم بعضاً بمزامير وتسابيح وأغانى روحية مترنمين ومرتلين فى قلوبكم للرب.. شاكرين.. خاضعين.. (أف18: 5 - 21). أى أن الجهاد المطلوب بأن نبدأ بالتغصب فى تسبيح الله وفى اللجاجة فى طلب الإمتلاء بالروح القدس (لو1: 18 - 8). ومن يطلب يستجيب له الله، ويبدأ الإمتلاء فيبدأ الحب ومن ثم يبدأ الفرح ومن ثم يصبح التسبيح ليس بالتغصب ولكن تعبيراً عن حالة الفرح الداخلى، وهذا هو الوضع فى السماء فلغة السماء هى التسبيح ولكن ليس كواجب أو فرض أو تغصب ولكن تعبيراً عن حالة الفرح والمجد التى سنكون فيها وهذا ما نتذوق عربونه هنا، وكل هذا ينتمى إلى الطبيعة أو الخليقة الجديدة التى يخلقها فينا الروح القدس.

علامات المحبة كما حددها السيد المسيح لبطرس (راجع يو21 وشرح الإصحاح).

  1. إرعى غنمى = خدمة شعب الله علامة محبتنا للمسيح.
  2. إقبل الصليب الذى أسمح به = فكل ما يسمح به المسيح هو لخلاص نفسى، وهو الذى يقودنى فى طريق السماء، فهل أعرف أنا طريق السماء لكى أصل لها. إذاً لماذا التذمر والإعتراض على أحكام الله.
  3. لا تقارن ما يحدث لك مع الآخرين = فكل إنسان مختلف عن الآخر، والمسيح يعرف كفاحص القلوب والكلى كيف يشفى طبيعتنا الساقطة المريضة لنصل للسماء، فلماذا تقارن نفسك مع غيرك وأنت لست هو، وهو ليس أنت. (بطرس ليس مثل يوحنا).

الله محبة. إثبتوا فىَّ.

إذا أصاب إنسان عادى تجربة شديدة، جرت العادة أن يصرخ مشتكياً فى جهل "لماذا تفعل بى هذا يا رب" وهذا خطأ كبير:

  1. إذا قلنا للمسيح لماذا {أنت} تفعل بى {أنا} هذا. فأنا قد فصلت نفسى عن المسيح بينما أن المسيح ثابت فىَّ، بل أنا جسده "لأننا أعضاء جسده من لحمه ومن عظامه" (أف30: 5) وأعضاءنا هى أعضاءه (1كو15: 6). لذلك فمن يقول هذا فقد حكم على نفسه بالموت إذ فصل نفسه عن المسيح بينما بولس الرسول يقول "لى الحياة هى المسيح" (فى21: 1) + (غلا20: 2).
  2. إذا شككت فى محبة إنسان يحبنى فعلاً، فإنه يعتبر هذا جرح كبير سببته له. فما بالك ونحن نشكك فى محبة الله تجاهنا بينما الله محبة.
  3. إذا قلت لماذا يا رب تفعل ذلك، فأنا أنسب له الخطأ. والله كلىِّ الحكمة لا يخطىء بل كصانع الخيرات فإن كل ما يسمح به هو لخلاص نفوسنا، وهذا معنى "كل الأشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله" (رو28: 8).
  1. لا تحبوا العالم ولا الأشياء التى فى العالم. إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب. لأن كل ما فى العالم شهوة الجسد وشهوة العيون وتعظم المعيشة ليس من الآب بل من العالم. والعالم يمضى وشهوته (1يو15: 2 - 17).
  2. محبة العالم عداوة لله.. (يع4: 4).
  3. تحب الرب إلهك من كل قلبك.. (تث5: 6).

لماذا محبة العالم عداوة لله؟ هل الله يكره العالم؟!

قطعاً لا. فالله هو الذى خلق العالم ووجده حسن جداً (تك31: 1)، فالطبيعة خليقة الله وهى تسبحه بمعنى أنها تشهد بأنه خالق حلو قدير (رو20: 1).

بل الكتاب أيضاً يهاجم الجسد (غلا16: 5 - 21) + (رو7: 8) فهل الله يكره الجسد؟ قطعاً لا. فالله هو الذى خلق الجسد. بل أن إبنه تجسد آخذاً جسداً كجسدنا.. "الله ظهر فى الجسد" (1تى16: 3) ولكن حتى نفهم هذا القول فليس المقصود بالعالم الطبيعة التى خلقها الله وليس المقصود بالجسد أعضاء جسدنا.. ولاحظ.. حينما سقط آدم وحواء قال الكتاب مباشرة "فإنفتحت أعينهما وعلما أنهما عريانين" (تك7: 3) بعد أن كانا حال براءتهما الأولى "عريانين وهما لا يخجلان" (تك25: 2). فما معنى أنهما علما أنهما عريانين؟ ببساطة شديدة فهذا معنى مهذب كعادة الكتاب المقدس للتعبير عن إنشغال آدم وحواء بشهوة الأجساد عن حب الله. لذلك يحذر يوحنا فى هذه الرسالة "كل ما فى العالم شهوة الجسد.." بل تسلل للإنسان بعد ذلك محبة المال والذات والمراكز والمناصب والعظمة وتعظم المعيشة.. وهذا ما يسميه الكتاب العالم.

وكل هذا شغَل الناس عن محبة الله. لم تعد الشهوة مقدسة أى مخصصة لله، ففقد الإنسان الفرح، وعاش فى الحزن لذلك إعتبر الكتاب أن محبة العالم هى عداوة لله فهى شغلت الإنسان عن الله، وعاش الإنسان فى حزن وهذا ضد إرادة الله. لذلك يطلب الكتاب أن نحب الله لنفرح. الخطأ أن العالم تحول بدلاً من أن يكون وسيلة فأصبح هدفاً بينما أن الهدف يجب أن يكون الله نفسه (رو36: 11) أما المقصود بالجسد فهو شهوات الجسد الخاطئة التى تميل للشر (غلا16: 5 - 21) + (كو5: 3).

ولنلاحظ أن ما يكون هدفاً لي فهو يستعبدني، لذلك فلو كان هدف أحد هو شهوته أو محبته للمال فإن هذا يستعبده ويصير له سيداً (مت6: 24). والله يريدنا أن نفرح ولا نُستعبد. أما لو كان الله هو هدف إنسان فهو يحرره بالحقيقة. لذلك فمن يستعبده العالم بشهواته أو بأمواله.. إلخ، يصبح العالم منافساً لله، لذلك فمحبة العالم عداوة لله.

المحبـــــــــــة والأنــــــــــــا.

رأينا في محبة المسيح محبة باذلة أخلى فيها ذاته وأتى ليَخدم لا ليُخدَم ويبذل نفسه غاسلاً أرجل تلاميذه وباذلاً جسده مأكلاً حقاً. لذلك فالمحبة المطلوبة هي على نفس النمط، أي نترك الأنا ونبذل أنفسنا طالبين ما هو لله لا ما يُرضى شهواتنا وما يُرضى الأنا.

وفي ضوء هذا نفهم الآيات الآتية:

"من أحب أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني" (مت10: 37)،.

"إن كان أحد يأتي إلىّ ولا يبغض أباه وأمه.. حتى نفسه.." (لو 14: 26).

"ومن لا يحمل صليبه ويأتى ورائى فلا يقدر أن يكون لى تلميذاً" (لو14: 27).

فلماذا يطلب المسيح منا أن نحمل الصليب، ألم يحمله هو بدلا عنا؟ ولماذا الصليب علامة محبتنا لله كما قال الرب لبطرس (يو 21

وهل الله يطلب منا أن نبغض آبائنا أو أنفسنا؟!

ما هو تعريف الصليب؟ الصليب كما يراه المسيح هو محبة باذلة حتى آخر نقطة دم.

هذه هى مدرســـــــــــة المسيـح.

* ومن أراد أن يكون تلميذا فى هذه المدرسة فليتتلمذ فيها وليتعلم البذل أى الصليب.

* المحبة الباذلة هذه هى أعلى درجات المحبة وهذا ما فعله الشهداء فوضعتهم الكنيسة فى أعلى الدرجات، فمحبتهم شابهت محبة المسيح ن صاروا تلاميذ فى مدرسة المسيح.

* وبطرس لأن محبته كانت أقل من يوحنا فهو أنكر وشتم، فالمسيح من محبته لبطرس أراد أن يشفى محبته ليرتفع لمستوى يوحنا، فالمسيح يحب بطرس كما يحب يوحنا. لذلك يقول له إقبل المدرسة مدرسة البذل، مدرسة الصليب لتصل لأعلى درجة فى السماء.

والله قطعا لا يطلب منا أن نبغض آبائنا أو أنفسنا؟! فهذا ضد تعليمه فى: -.

  1. وصية أكرم أباك وأمك.. "(خر20: 12).
  2. فإنه لم يبغض أحد جسده قط بل يقوته ويربيه كما الرب أيضاً للكنيسة.. "(أف5: 28 - 30).
  3. الجسد وزنة ومن يهمل في صحة جسده يخسر وزنة وقد يؤدي به هذا إلى أن يُلقى في الظلمة الخارجية (مت25: 30).

ولكن المقصود هو:

  1. كلمة "يبغض" قد تترجم في العبرية "يحب أقل". وقارن تك (29: 30) "وأحب أيضاً راحيل أكثر من ليئة" مع (تك 29: 31) "ورأى الرب أن ليئة مكروهة.." وأيضاً (تث21: 15) "إذا كان لرجل إمرأتان إحداهما محبوبة والأخرى مكروهة..".
  2. من يحب نفسه أو شخص آخر مثل أبيه أو أمه.. وحدث مكروه له أو لهذا الشخص وتقل محبته لله أو يتصادم مع الله فيخسر فرحه والتعزيات السماوية التي يعطيها الله للمتألم (نش2: 6 + 1كو10: 13) بل قد يخسر حياته الأبدية، إذ انه ما عاد يرضي الله بإيمانه الضعيف أو المعدوم، والكتاب يقول "بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه" (عب11: 6). والإيمان ليس هو إيمان بأن الله موجود، فالشياطين تؤمن بهذا وتقشعر (يع2: 19)، ولكن الإيمان الذي يفرح قلب الله هو إيماننا بأنه صانع خيرات، وأن ما نعترض عليه هو للخير حتى وإن لم نفهم (يو13: 17) "فكل الأشياء تعمل معاً للخير.." (رو8: 28). والله غير مُلزم بتقديم تفسير لكل عمل يعمله، فالإيمان هو الثقة بما يُرجى والإيقان بأمور لا تُرى (عب11: 1).
  3. مشكلة أن نحب أنفسنا أو من لنا أكثر من الله هي "الأنا". وهذه الأنا هي سبب أي خطية. فالخطية تحدث حينما أسعى وراء ما أريده أنا وليس ما يريده الله. أما من يسعى وراء ما يريده الله فقط، فهذا ما يشير إليه الكتاب بما يسمى البساطة والتى تعنى بالإنجليزية Single Hearted أي من له هدف واحد بقلبه. فمن يسعى وراء الأنا يتقوقع حول نفسه ويغتم ويفقد فرحه ووعيه بالسماء، وهذا ما حدث مع زكريا الكاهن البار إذ تقوقع حول نفسه وحول مشكلته، وأنه لا ينجب، وأحب نفسه أكثر من الله، فإنفصل عن الله وفقد الإحساس الروحي، وحينما كلمه الملاك بكلمات كتابية واضحة عن الخلاص المنتظر بالمسيح وأنه سيولد له من يمهد الطريق للمسيح المخلص لم يفهم (راجع تفسير لوقا الإصحاح الأول). وكانت هذه سقطة آدم الذي بحث عن نفسه وكيف يصير مثل الله بالإنفصال عن الله، سقط آدم ومات وخسر الفرح (عَدْن = فرح). وهذا معنى طرده من الجنة.

والعكس، فمن يسعى وراء الله ويكون هدفه الله فقط:

  1. يلتصق بالله، ومن يلتصق بالله تاركاً الأنا يصير معه روحٌ واحد (1كو 6: 17).
  2. من يكون هدفه الله فقط وليس الأنا ينسحق ويتواضع فيسكن الله عنده (أش57: 15).
  3. مثل هذا ينعكس نور الله عليه فيصير منيراً "إن كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً" (مت6: 22). ومن له العين البسيطة هو الذي له هدف واحد هو الله. لذلك يشير الحمام في الكتاب المقدس للبساطة، إذ أن الحمام الزاجل دائماً له إتجاه واحد. والحمام دائماً له اتجاه واحد إلى بيته. ولذلك كان للروح القدس شكل الحمامة يوم المعمودية إذ هو يوجهنا إلى إتجاه واحد هو المسيح، إذ "يأخذ مما له ويخبرنا" (يو16: 14). ومن يعلِّمه الروح القدس من هو المسيح يحب المسيح، ومن يحب المسيح يكون جسده كله نيراً، ويظهر الفرح على وجهه فيظهر نوره. أما من له محبة العالم أو من يتصادم مع الله لأجل نفسه أو لأجل خسارة أي شيء في العالم أو لخسارة لحقت بأحد أحبائه يكون في ظلمة ويُعادي الله (مت6: 23) لذلك فمحبة العالم عداوة لله.

ختاماً.

المحبة ليست فضيلة إختيارية بل هى علامة الإنتقال من الموت إلى الحياة، علامة الخليقة الجديدة.

المحبة فى العهد القديم كانت بالتغصب، والمحبة فى العهد الجديد هى عطية من الله ينبغى أن نجاهد لنحافظ عليها فنخلص، لذلك قال السيد أن المحبة هى وصية قديمة (كانت بالتغصب) هى تغصب وأعمال من الخارج، والقلب لا يستطيع ان يحب. ولكنها صارت جديدة كعطية من الروح القدس (يو34: 13) + (1يو7: 2) هنا نجد التغيير داخلى والحب فى القلب كما هو ظاهر فى الخارج. والناموس كله يتلخص فى هذه الكلمة: محبة الله ومحبة الآخرين (مت36: 22 - 39).

هى قديمة لأنها وصية الناموس لكنها كانت تحتاج للجهاد الشخصى وهى بالتغصب والقلب فارغ من المحبة، فلم يكن هناك نعمة. وهى جديدة لأنها ثمرة من الروح، وبذلك فهى تجديد وتغيير فى الداخل. وهى نعمة أى عطية مجانية. ولكن كل نعمة تحتاج إلى جهاد للحصول عليها وجهاد للحفاظ عليها. ولذلك فالسيد قال أنها وصية جديدة ولم يقل لقد أعطيتكم نعمة المحبة.

ولهذا كان تركيز القديس يوحنا الإنجيلى فى رسائله على هذه الوصية.. وصية المحبة.. بل هى وصية الكتاب المقدس كله.

ثانيا: خط الرسالة العام.

الاصحاح الاول.

ابن الله الكلمة = الذى كان من البدء، تجسد = الذى رأيناه وسمعناه. هو من يخبرنا يوحنا انه تجسد ليعيد لنا الحياة التى فقدناها. فالمسيح الذى هو الحياة حينما ظهر بالجسد على الارض ظهرت لنا الحياة التى أرادها الله لنا منذ البدء. وصار لنا نصيب فى هذه الحياة حينما نتحد بالمسيح الحياة، والقديس يوحنا يدعونا لتكون لنا شركة معه فى هذه الحياة الأبدية. ولكن هناك شروط ليتم هذا الاتحاد ونثبت فيه: -.

  1. أن تكون لنا شركة مع بعضنا البعض، أى نسلك فى محبة.
  2. أن نسلك فى النور أى نطيع وصايا الله.

هذه الشروط هى شروط الإتحاد بالمسيح. وهذا الإتحاد بيننا وبين المسيح هو على نفس نمط الاتحاد بين المسيح الإبن والآب، فالآب والإبن واحد بالمحبة (يرجى مراجعة الايات يو 15: 9، 10).

وبالإضافة لحصولنا على الحياة الأبدية كنتيجة للإتحاد بالمسيح سيكون لنا حياة الفرح، وغفران الخطايا إن إعترفنا بها.

الاصحاح الثانى.

الايات 1، 2: -.

هل بعد كل ما عمله المسيح لأجلنا نعود ونخطئ فنخسر الحياة. ولكن من قرر أن يسلك فى البر ولا يخطئ، ثم أخطأ عن ضعف وسريعا ما قدم توبة وإعترف بخطيته نادما عليها، فمثل هذا يكفر عنه دم المسيح.

الايات 3 – 6: -.

المعرفة والحب والوحدة مع الله هى مترادفات (يرجى مراجعة تفسير يو15: 9)، ومن يحب الله فهو ثابت فيه وعرفه فأحبه. ونحن نتحد به لو صارت لنا طبيعة المحبة، وهذه يسكبها الروح لمن يسأل (رو5: 5). ومن يشابه الله فى محبته تصير له نفس مشيئة الله فلا يخطئ، وكلما إزداد هذا الثبات فهو لا يستطيع ان يخطئ.

الايات 7 – 11: -.

الوصية الأهم عند المسيح لنا هى... المحبة لله وللاخرين، وهى ليست وصية إختيارية لأن من ليس له محبة يموت. فبالمحبة نتحد بالمسيح. والروح القدس يعطى الإمكانيات لمن يجاهد.

الايات 12 – 14: -.

أكتب... أكتب... أيها الأولاد... تكرار أكتب، لأننا لا ندرك معنى الغفران بدون معرفة حب الآب.

أكتب... كتبت... أيها الأباء..... مع النمو يزداد الثبات فى المسيح.

أكتب... كتبت... أيها الأحداث.. مع النمو تزداد القوة فى مقاومة ابليس والخطية.

الايات 15 – 17: -.

من ينظر لله ويتأمل فى أعمال محبته يزداد حبا لله وبالتالى ثباتا فى المسيح. ولكن ما يوقف نمو المحبة وبالتالى الثبات هو أن نعود ونرتد وننظر للعالم ونشتهيه فننخدع وننجذب اليه فنبتعد عن الله كما إنخدعت حواء إذ رأت الشجرة شهية للنظر. والقديس يوحنا ينبه هنا ألاّ نفعل ذلك.

الايات 18 – 19: -.

المسيح يريدنا ان نثبت فيه وننمو للخلاص. ولكن عدو الخير (إبليس) يقاوم هذا فيقيم أضداد للمسيح ليخدع اولاد الله. وهذا يكون إما بأن يجذبهم الى محبة العالم او بأن يشككهم فى المسيح ليفسد ايمانهم وعقيدتهم التى يشوهها الهراطقة.

والقديس يوحنا الأب المحب لأولاده ينبههم هنا ليكونوا حذرين من هذا ومن ذاك.

الايات 20 – 29: -.

الروح القدس الذى يسكن فينا يكشف لنا كل خداع، وهذا يجعل أهم جهاد لنا هو بأن نمتلئ من الروح القدس (بالهروب من كل طريق للخطية ونجاهد فى الصلاة والتسابيح). ومعنى كلمات القديس يوحنا هنا أن نجاهد حتى نظل ممتلئين فلا يخدعنا إبليس. والروح أيضا يعين ضعفاتنا (رو8: 26). إبليس له قوة على الخداع، لكن الروح القدس يعطى لمن يسأل نعمة أعظم قادرة أن تنير عينيه وتحفظه (يع4: 6) فلماذا الخوف من ابليس، "إسألوا تُعْطَوْا...." (مت7: 7).

الاصحاح الثالث.

الايات 1 – 5: -.

فى الآية السابقة (2: 29) طلب القديس يوحنا منّا ان نسلك فى البر. وهنا يشرح لنا ما يشجعنا على ترك الخطية والإلتصاق بالله عاملين البر ( والبداية دائما تكون بالتغصب مت11: 12). ويكون هذا بأن نتأمل فى محبة الله وعطاياه وكيف جعلنا أولادا له، وفى المجد المعد لنا فى السماء، إذ يكون لنا صورة إبنه. وكان كل هذا بأن قدم المسيح لنا الفداء ليرفع خطايانا ويعطينا القوة لنسلك فى البر.

الايات 6 – 12: -.

القديس يوحنا توقع أن يسمع من البعض أعذارا يبررون بها أنهم يخطئون إذ لهم طبيعة بشرية ضعيفة. وهو يجيب عليهم بأنه لا معنى لهذه الأعذار فنحن لنا قوة جبارة (النعمة) فالمسيح بفدائه أعطانا حياته والروح القدس يسكن فينا وهو يعيننا (رو8: 26). ولكن هذه القوة هى لمن يثبت فى المسيح فيمتلئ بالروح. وكيف نثبت فى المسيح وتكون لنا هذه القوة الجبارة التى تحفظنا من ضعفاتنا وتعطينا معونة؟ هذا يكون إذا حدث التوافق بين إرادة الله وإرادتنا، ولأن الله محبة فالقديس يوحنا يطلب منا أن نثبت فى المحبة فنثبت فى المسيح فنمتلئ بالروح فنشعر بهذه القوة الجبارة، وكلما إزدادت هذه القوة لايستطيع المؤمن أن يخطئ. وهذا ما قاله السيد المسيح لليهود "كم مرة أردت.... ولكنكم لم تريدوا" (مت23: 37 – 39)، وبنفس المفهوم يسأل مريض بيت حسدا "أتريد ان تبرأ". لكن من يخطئ عن ضعف فباب التوبة مفتوح.

الآية 13: -.

العالم يبغض أولاد الله فهم ليسوا على شاكلته بل على شاكلة إبليس عدو الله.

الآيات 14 – 18: -.

هى دعوة لنتشبه بالمسيح فى المحبة العملية الباذلة فنثبت فيه فنحيا.

الايات 19 - 24: -.

من يحيا حياة المحبة الباذلة فهو إبن الله حقا وليطمئن قلبه. بل ليكن له ثقة ودالة فى طلبه من أبيه السماوى الذى يستجيب لطلبات أولاده. ولكن هذا بشرط أن نحفظ وصاياه، فمن يحب الله يحفظ وصاياه. وأهم وصايا الله هى الايمان بالمسيح والمحبة وأن نعمل أعمال مرضية أمامه، وماذا لو تشككنا فى قبول الله لنا إذ وجدنا فى قلوبنا ضيق من إنسان أو ضعف إيمان فلنقل مع الأب الذى طلب من الرب شفاء إبنه قائلين "أعن عدم إيمانى / أعن عدم محبتى / أعن ضعفى. والله يعطى نعمة أعظم تعين جهادنا. وبهذا نثبت فيه. والروح القدس يملأنا فنسمع صوته بوضوح أننا أولاد الله فتطمئن قلوبنا. بل يجعلنا نصرخ من القلب فى دالة لله قائلين" يا آبا الآب "(غل4: 6).

الاصحاح الرابع.

الايات 1 – 6: -.

عدو الخير لا يكف عن الحرب ضد الكنيسة وضدنا، وهنا نراه يقود الهراطقة لشن حرب تشكيك. وهم يعلمون تعاليم منحرفة مدعين أنها بالروح القدس. وهؤلاء إما هم من خارج الكنيسة أو من المنشقين عنها ويعمل فيهم إبليس الذى هو ضد المسيح. لكن لماذا الخوف، فالروح القدس فينا يعلمنا ويذكرنا بكل تعاليم المسيح وهو يكشف خداعاتهم. والروح القدس يعطى نعمة أعظم من إبليس المخادع العامل فى هؤلاء (يع4: 6).

الايات 7 – 8: -.

المحبة هى أداة كشف هرطقات الهراطقة، فالمحبة هى الطريق الوحيد للثبات فى المسيح وبالتالى الإمتلاء من الروح القدس، والروح القدس هو الذى ينير عيوننا ويرشدنا للضلال الذى فى الهرطقات فلا ننخدع بها بل نرفضها.

الايات 9 – 10: -.

هذه المحبة التى يطلبها الله منا ليست مستحيلة، بل هى عطية من الله الذى أحبنا أولا وكان أن أرسل لنا إبنه فى الجسد وقدم لنا الفداء، وكانت هذه المحبة التى فينا لله وللقريب هى بركة من بركات سر التجسد وهى من ثمار الروح القدس الذى فينا. لذلك هى مستحيلة على الانسان الطبيعى وليست على الخليقة الجديدة التى فى المسيح.

الاية 11: -.

بالتغصب والجهاد يملأنا الروح القدس بالمحبة.

الاية 12: -.

وبهذا نثبت فى الله.

الاية 13: -.

وعلامة اننا ثابتين فى الله أن توجد هذه المحبة داخلنا، أعطاها لنا الروح ولم نقاومه.

الايات 14 – 16: -.

يوحنا بالروح الذى فيه عرف المسيح وأحبه وصار يشهد له. وهذا متاح لكل منا، فلماذا نرفض ولماذا لا نغصب أنفسنا وبهذا نقاوم عمل الروح القدس فينا.

الاية 17: -.

المحبة تنمو وعلامة نضجها أن نشتهى لقاء المسيح فى السماء. والطريق لهذا هو أن نتشبه بالمسيح الذى أحب العالم.

الاية 18: -.

ما الذى يجعلنا نشتهى لقاء المسيح غير خائفين؟ اننا تذوقنا محبته وأحببناه (رو5: 5).

الايات 19 – 21: -.

الله أحبنا أولا فقدم لنا الفداء، وأرسل لنا الروح القدس الذى ملأنا محبة لله وللقريب (حتى لأعدائنا الذين يوجهون ضدنا كراهيتهم) ومن لا يحب فهو لم يستفد من الفداء ولا من سكنى الروح القدس فيه، ولا حصل على الخليقة الجديدة. إذاً فلنجاهد بأن نغصب أنفسنا لنحب الله وكل الناس، فهذه وصية الله.

الاصحاح الخامس.

الاية 1: -.

المؤمن الحقيقى والمعمد هو مولود من الله بطبيعة جديدة قادرة أن تحب الله والناس، فإذا كانت لنا هذه الطبيعة الجديدة التى لها هذه الامكانيات فى المحبة، وإن كان الروح القدس الساكن فينا يعمل على تجديد خلقتنا، فما هو عذرنا فى أننا ما زلنا نكره. هذا الحب للجميع هو عطية من الله، وليس للانسان الطبيعى (الذى لم يتجدد بالروح القدس).

الايات 2 – 5: -.

هناك محبة طبيعية تنتمى للانسان الطبيعى وعواطف طبيعية ليست هى التى تقود للخلاص (مت5: 43 – 48). ولكن هناك محبة ناتجة عن الخليقة الجديدة للمؤمن المعمد والمملوء بالروح، هى بشبه محبة المسيح، فكما أحب المسيح العالم وبذل ذاته عنه والعالم غارق فى خطاياه، هكذا المحبة التى تنتمى للخليقة الجديدة هى محبة للجميع حتى لمن يعادينا. وأيضا فهذا المؤمن تكون له القوة على حفظ الوصايا وبهذه القوة يغلب العالم. والمؤمن = هو من آمن بأن المسيح هو إبن الله، وإعتمد فمات مع المسيح وقام بحياة جديدة وله قوة أن يقدم جسده ذبيحة حية، يصلب جسده مع الأهواء والشهوات (غل5: 24). فالايمان ليس هو الايمان النظرى (هو ليس ديانتى المدونة فى البطاقة الشخصية) بل هو السلوك فى طريق المسيح الذى آمنت به (راجع رو6: 1 – 14). مثل هذا المؤمن يمتلئ بالروح ويسمع صوت الروح القدس شاهداً له بالبنوة لله فيصرخ فى حب وفى دالة "يا آبا الآب" (غل 4: 6).

الاية 6: -.

يسوع الذى نؤمن به قدم لنا فداء ومات على الصليب وقام وصعد ليرسل لنا الروح القدس ويجدد طبيعتنا ويعطينا خليقة جديدة قادرة أن تنفذ الوصايا وتموت مع المسيح عن العالم وشهواته، وتحب الآخرين حتى الأعداء. ونحن بالروح القدس الذى فينا قادرين أن نختار الايمان بالمسيح ونتبعه فى طريقه، وأن نسلك بالحق، لأن الروح القدس يشهد لكل ما هو حق داخلنا.

الاية 7: -.

وليس الروح الذى فينا هو فقط الذى يشهد للمسيح ولطريق الخلاص بل الثالوث يشهد أيضا.

الاية 8: -.

هذه عن الولادة الجديدة بالمعمودية (روح وماء ودم) وبها نحصل على الخليقة الجديدة، بأن تموت فينا العتيقة ونقوم بالجديدة، ويسكن فينا الروح الذى يعطينا قوة لنستمر فى الطريق بأن نقدم أجسادنا ذبيحة حية (رو12: 1) ونسلك فى بر ونصل لصورة المسيح (غل4: 19) فتكون لنا حياة أبدية. والمعمودية هى شهادة حية على الطريق الذى رسمه الله للخلاص أى الموت بالخليقة الجديدة والقيام بأخرى جديدة.

الايات 9 – 11: -.

كل هذه الشهادات وككل عمل الله فى قصة الفداء هو لأن الله يحبنا ويريد ان تكون لنا حياة النصرة والقوة والغلبة على العالم وتكون لنا حياة أبدية. يكون لنا حياة ويكون لنا أفضل.

الاية 12: -.

يريد الرسول أن يقول بإختصار أن الحياة أظهرت وحصلنا على خليقة جديدة والروح يشهد للحق فى قلوبنا والسماء تشهد...... إذاً ليس لنا عذر فى أن لا نتجاوب مع إرادة الله فى خلاصنا.

الايات 13 – 15: -.

من يختار الثبات فى المسيح تكون له حياة أبدية، وتستجاب طلباته، وتكون له قوة إسم الله تسانده.

الايات 16، 17: -.

إذ لنا ثقة فى أن الله يستجيب طلباتنا، إذاً لنستغلها فى أن نطلب من أجل الآخرين الذين هم فى طريق الخطية ليقودهم الله للتوبة. وهذا يتفق مع مشيئة الله فى أن تكون لنا هذه المحبة وأنه يريد أن جميع الناس يخلصون.

الاية 18: -.

الله يعطى معونة تحفظنا من الشر، لكن علينا نحن أن نحفظ انفسنا من الشر ونهرب منه، ولنحذر من طرقه. وإن ضعفنا وسقطنا نتوب سريعا.

الاية 19: -.

لماذا نهرب من العالم؟ هذا لأنه خاضع للشيطان ويغرى على السقوط. الشيطان كان فى قوته كأسد مخيف وجاء المسيح ليربطه ويضعه فى قفص. فمن يذهب إليه داخل القفص يقتله.

الايات 20، 21: -.

الله أعطانا بالروح القدس الذى يعلم ويبكت ويرشد للحق، أن ندرك الفرق بين الحق والباطل الذى فى العالم. ثم يوصينا الرسول بأن نهرب من الأصنام وخداعات الشياطين أى ملذات العالم.

الأصحاح الرابع - تفسير رسالة يوحنا الرسول الأولى - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير يوحنا الرسول الأولى الأصحاح 5
تفاسير يوحنا الرسول الأولى الأصحاح 5