مصباح منير – الأنبا بيشوي مطران دمياط و البراري – الفصل الثامن

هذا الفصل هو جزء من كتاب: مصباح منير ( الأنبا بيشوي مطران دمياط) – بقلم الأنبا هدرا أسقف أسوان.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

[pt_view id=”aa2d703e20″ tag=”مصباح منير – الأنبا بيشوي مطران دمياط و البراري” field=name]

نيافة الأنبا بيشوى والتكريس

يُعتبر نيافة الأنبا بيشوى رائد نظام المكرسات فى كنيستنا القبطية الأرثوذكسية، فمنذ سيامته أسقفاً على إيبارشية دمياط وكفر الشيخ ودير القديسة دميانة بالبرارى فى 24 سبتمبر سنة 1972م بيد صاحب القداسة والغبطة البابا الأنبا شنود الثالث -أطال الله حياته -بدأت السنوات المجيدة فى تاريخ هذا الدير إذ أن نيافته أولىَ إهتماماً خاصاً به من كافة النواحى.

وبعد أن أعاد الحياة الرهبانية فيه من جديد فى 24 سبتمبر سنة 1978م وبإعتراف المجمع المقدس فى 20 فبراير سنة 1979م، سعى نيافته لتأسيس نظام المكرسات اللواتى ينتمين للدير ويخدمن بأماكن الخدمة المختلفة فى قطاع خدمة المرأة والطفولة مثل رعاية اليتيمات والمغتربات والمعوقات والمسنات وخدمة رياض الأطفال والتربية الكنسية والشابات والإفتقاد وخدمة الحالات التى تحتاج إلى رعاية خاصة والخدمة فى مراكز تنمية الفتيات .

ولقد بذل نيافته جهداً كبيراً فى تأسيس هذا النظام الذى لم يكن معروفاً من ذى قبل. وبفضل عمله الدائب وسهره المتواصل ورعايته طوال ربع قرن من الزمان أصبح نظام المكرسات نظاماً مألوفاً لدى الجميع ومنتشراً فى كل مكان إلا أن الباكورة فيه دائماً ترجع إلى مطراننا المحبوب نيافة الأنبا بيشوى الذى أعاد لنا تقاليد ومفاهيم كنيستنا الأولى وممارساتها وقدَّم لنا التعاليم العميقة والصحيحة لهذا النظام بحسب ما ورد فى الكتاب المقدس وتعاليم الآباء وتوجيهات قداسة البابا شنودة الثالث.

ولذلك عندما نتكلم عن موضوع التكريس فى الكنيسة القبطية فإن الجميع يرى تنفيذاً عملياً للآيه التى تقول “آخرون تعبوا وأنتم قد دخلتم على تعبهم” (يو4: 38). فلقد أعطى نيافته الكثير من جهده ووقته وفكره لهذا النظام الكنسى القديم لكى يضعه فى موضعه اللائق به ويخرج به إلى حيز التنفيذ العملى، وبالفعل لقد أثمر غرسه وأزهر فردوسه وفاحت رائحته على الأرجاء كلها مُعلنة:-

  • تأسيس أول مركز لإعداد المكرسات :

وقد تم ذلك فى دير القديسة دميانة بالبرارى حيث تتدرب المكرسات التدريب الكافى على أنواع الخدمات المختلفة، كما يمتلأن فيه روحياً. وذلك حسب  توجيهات نيافته وإرشاده وبالطريقة الروحية السليمة التى نرى فيها القدوة والمثال الروحى للشخصية المتكاملة التى تستقى تعاليمها من السيد المسيح نفسه. ]وسوف يأتى الحديث عن هذا المركز بشئ من التفصيل تباعاً[

2- نمو عدد المكرسات التابعين لدير القديسة دميانة بالبرارى:

والذى يشرف عليه نيافته ويتولى رئاسته وإدارته بالطريقة المثلى -إلى 32 مكرسة يمثلن قطاعات الخدمة المختلفة فى كنائس مختلفة فى إيبارشيات متعددة.

وذلك كالآتى:-

10 مكرسات يخدمن فى بيوت الإيواء للأيتام بأنواعها.

10 مكرسات يخدمن فى التربية الكنسية والشابات وخدمة القرية ورياض الأطفال ومحو الأمية وخدمة إخوة الرب.

6 مكرسات يخدمن فى بيوت الطالبات المتغربات.

2 مكرسة يخدمن الحالات التى تحتاج إلى رعاية خاصة.

1 مكرسة تخدم فى بيت للمسنات.

1 مكرسة تخدم فى بيت للمعوقات.

1 مكرسة تخدم فى مركز تنمية الفتيات.

1 مكرسة تخدم فى بيت المكرسات بالدير وروضة الأطفال التابعة له بالإضافة إلى بعض الخدمات السابقة. هذا إلى جانب عدد من اللواتى يقضين فترة الإعداد والإختبار بمركز الإعداد بالدير…

3- صدور لائحة المكرسات وإقرارها من المجمع المقدس:

وقد عبّرت عن خُلاصة خبرة عملية طويلة فى رعاية المكرسات تمتد إلى خمسة وعشرين عاماً. لذلك كان نيافته مُحركها ومحورها والدافع إليها والمدافع عنها ]وقد وردت بنصوصها فى كتاب (القرارات المجمعية فى عهد صاحب القداسة والغبطة البابا شنودة الثالث 117) – إعداد : سكرتارية المجمع المقدس[.

هذه اللائحة التى تنظم وتؤكد وتثبت نظام المكرسات فى الكنيسة وتحدد إختصاصاتهن  وما يلزم لإعدادهن ورعايتهن وطقس رسامتهن ( كما كُتب فى مقدمة الكتاب المذكور أعلاه وكما هو مذكور باللائحة).

4- أسلوب متميز فى رعاية المكرسات:

1- الإمتلاء الروحى أولاً : ولذلك إهتم نيافته إهتماماً كبيراً بمركز إعداد وتدريب المكرسات بالدير حيث خصص له أولاً مكاناً كبيراً قام بتجهيزه تجهيزاً كاملاً من كافة الجوانب، ثم وضع له نظاماً خاصاً للتدبير اليومى والإشراف والإجتماعات الشهرية والدورية التى يرأسها نيافته والتى يُدرس فيها الكتاب المقدس بعهديه والألحان والتسبحة واللغة القبطية وتاريخ الكنيسة وطقسها وعقيدتها التى يقوم نيافته بتدريسها بنفسه كما يُدرس فيها بعض الدراسات التربوية التى تفيد فى الخدمة وكذلك تُناقش خبرات المكرسات وأبحاثهن، كما أنها تكون فرصة لإلتقاء المكرسات ببعضهن وتبادل الرأى والخبرة مما يزيد من روابط المحبة والألفة بينهن هذا بالإضافة إلى إعترافهن لدى أب الإعتراف الذى يحضر أيضاً هذه الإجتماعات كمسئول عن إعترفات المكرسات. وهذا الإهتمام من جانب نيافته بمركز الإعداد جعل قداسة البابا شنودة الثالث يُشيد به فى أكثر من لقاء أو حديث… كما أن الكثير من الأحبار الأجلاء الأساقفة يُرسلون الراغبات فى التكريس لديهم لقضاء فترات فيه للإمتلاء والتدريب.

2- التنوع: يستخدم نيافته جميع المواهب والطاقات والإمكانيات البشرية فى الخدمة، فبالرغم من أن لكل مكرسة خدمة خاصة بها إلا أن هناك أنواع خدمات متنوعة كثيرة يسمح بها نيافته لكى تستطيع كل مكرسة أن تخدم بما أُعطى لها من مواهب وإمكانيات، ومما سبق الحديث عنه نجد أن هناك 9 مجالات مختلفة على الأقل لخدمة المكرسة تحت إشراف نيافته.

3- روحانية الخدمة: نيافة الأنبا بيشوى لا يقبل أن تتحول المكرسة إلى موظفة أو عاملة أو مديرة بل هى -كمعنى إسمها -خادمة مخصصة لخدمة الرب وأولاده روحياً، ومن خلال هذا يمُكن أن تُخدَم بقية الأمور الثانوية الأُخرى… ولذلك فهو لا يقبل أيضاً أن تكون الخَدمَات التى لها صفة إدارية كالإشراف على المطابخ أو المعامل مثلاً هى خدمة المكرسة الأساسية.

4- الحماية الروحية والنفسية للمكرسة: رأينا فى نيافته المثال الصادق للإبوة الروحية بمفهومها السامى… رأيناه يحمى نفوسنا من الحروب الخارجية التى قد تنتظرنا بسبب الخوض فى بعض الخدمات المعثرة، كما أن نيافته حريص على أن تكون خدمة المكرسة خاصة بالشابات والسيدات والأطفال فقط دون تكوين علاقات إجتماعية أُخرى قد تُعطل الخدمة أو تُعثرها… كما رأينا فيه السمو بأعظم صورة كمعنى إسمه الكريم… رأيناه إنساناً سامياً فى معاملته وفى طِباعه وفى أسلوبه، مريحاً للنفس كما للروح أيضاً، يهتم بدراسة نفسية وظروف كل مكرسة فكلنا نشعر بمدى مساعدته ومساندته لنا فى خدماتنا وفى حياتنا مما له أكبر الأثر فى نفوسنا وفى نجاح الخدمة.

5- الإتساع فى الخدمة: فمن حيث المكان فنيافته المسئول الوحيد بين جماعات التكريس المختلفة الذى لا يجعل حدوداً جغرافية لخدمة المكرسة إيماناً منه بأن الخدمة فى كل مكان لإنتشار ملكوت الله على الأرض، ولذلك فإن المكرسات التابعات لنيافته يخدمن فى أماكن مختلفة من البلاد المصرية ومن حيث النوعية فنيافته لا يقبل التعقيد فى الخدمة بل، كما علَّمنا وكما لمسنا فيه فهو: يمتاز بالبساطة والوضوح والصراحة فى كل الأمور.

وقد تم عقد دورتين تدريبيتين فى مركز إعداد المكرسات بالدير فى موضوع (تنمية المرأة والطفولة) تحت إشراف ورعاية نيافته وذلك بالإشتراك مع أسقفية الخدمات الإجتماعية بالقاهرة والتى أرسلت -مشكورة- المتخصصين والأساتذة فى هذا المجال، وقد حضر هذه الدورات المكرسات اللواتى يشرفن على خدمة الحضانات ومراكز التنمية بصفة خاصة وبعض المكرسات الأُخريات بصفة عامة وكذلك الخادمات فى تلك الخدمات أيضاً.

كذلك يُشجع نيافته المكرسات على حضور المؤتمرات الخاصة بهن والتى من شأنها إعطائهن المزيد من الخبرات والفائدة الروحية مثل لقاءات التكريس التى تعقدها أسقفية الشباب تحت رعاية الحبر الجليل الأنبا موسى فى مبنى المؤتمرات بالعجمى ومن حيث الإستفادة فنيافته يهتم كثيراً  بأن يدعو لإجتماعات المكرسات الأحبار الأجلاء الأساقفة وكذلك الآباء الكهنة ومُدرسى الإكليريكيات لكى تحصل المكرسة على أكبر إستفادة ممكنة من عدة مصادر متنوعة المواهب والإمكانيات.

6- ضرورة الثقافة اللاهوتية للمكرسة: فبالإضافة إلى الإمتلاء الروحى للمكرسة بواسطة النظام السابق شرحه فى مركز إعداد المكرسات، فإننا نوضح أيضاً أن نيافة الأنبا بيشوى كما هو معروف عنه أنه لاهوتى بارع -على مستوى كنيستنا القبطية وعلى المستوى العالمى أيضاً- ولذلك فهو يهتم بتقديم اللاهوت لهذه المجموعة من بناته إيماناً منه بضرورة تثقيف المكرسة لاهوتياً لتستطيع أن تُحذِّر مخدوماتها من الأفكار الغريبة عن الإيمان ولكى تستطيع أيضاً أن تتصدى للهجمات التى قد تتعرضن لها من الذين هم من خارج.

7- علاقته كمسئول بالمكرسات: قد يّدعى البعض ظلماً على نيافته إسلوب القسوة والشدة، أما نحن الذين رأينا بعيوننا ولمسنا بأيدينا فإننا نجده الأب بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانى. فنيافته يُقدم كل معنى من معانى هذه الكلمة متجسداً فى علاقته بأبنائه سواء على المستوى الجماعى أو الفردى…

إننا كمكرسات نرى فيه أُمثولة للأب الروحى المحب فى حزمه والحازم فى حبه، والعادل فى حكمه والحكيم فى عدله، العالم فى تواضعه والمتواضع فى علمه ويكفى شعورنا بالإستقرار والإطمئنان والأمان معه وبين يديه منذ أن حَظَينا بنيافته أباً لنا وللآن.

8- التكريس فى قلب نيافته : من سمات أبينا المحبوب نيافة الأنبا بيشوى أنه لا يفعل شيئاً إلا لو كان مقتنعاً به تمام الإقتناع، كما أن نيافته يدرس أولاً ويُصلى ثم ينفذ… هذا إسلوبه العام، وهكذا بالنسبة لموضوع المكرسات أيضاً فقد درس هذا النظام جيداً وقدّره وأعطاه من تفكيره ومن وقته الكثير فلذلك نجد أن له مكانة قلبية كبيرة لديه قد لا نجد مثلها عند الكثيرين. وهذا يوضح ويؤكِّد كلامنا السابق بخصوص علاقته كمسئول بالمكرسات.

9- الإنتماء: يؤكد نيافته على مبدأ إنتماء المكرسة لمكان إعدادها وهو الدير ويحرص على ربط المكرسات به سواء عن طريق الخلوات أو الإجتماعات أو اللقاءات وذلك حفظاً لهن وحفاظاً عليهن وتدعيماً لخدمتهن ونمواً لحياتهن الروحية…

10- التكريس ليس درجة كهنوتية : فالمكرسة ليس لها درجة كهنوتية إنما تقوم بمساعدة الأب الأسقف والكاهن فى خدمة قطاع المرأة والطفولة فى الكنيسة، ولذلك فإن طقس تكريس المكرسات يتضمن صلوات بدون وضع يد.

فبهذا نادى وعلَّم نيافة الأنبا بيشوى ودائماً كان يُذكر المكرسة مثلاً بأنها تُصادق المخدومات ولكن لا تأخذ إعترافاتهن بل تكون مُشجعة لإرتباطهن بأب الإعتراف.

كما نرى إنه أسلوب جديد وفريد يتميز به نيافة الأنبا بيشوى فى رعايته للمكرسات، كما أن هذا يؤكد لنا أن نيافته قام بتنفيذ جميع بنود لائحة المكرسات عملياً -بالنسبة للمكرسات المسئول عنهن بدير القديسة دميانة بالبرارى -وذلك قبل إقرارها فى 25/5/91. مما يُعطينا تعليماً فى كيفية الإختبار الشخصى للخادم قبل التعليم للآخرين.

5- تغطية جانب كبير من خدمة المرأة والطفولة فى الكنيسة:

إذ أن المكرسات التابعات لدير القديسة دميانة بالبرارى تحت إرشاد نيافة الأنبا بيشوى يقمن بخدمة كبيرة على المستوى الكمى فى جميع قطاعات المرأة والطفولة فى الكنيسة عموماً -وبشئ من التفصيل نذكر:

أنهن يقمن بخدمة أكثر من 250 طفلة وطفل وفتاة فى بيوت الإيواء المتنوعة فى جميع مراحل السن. كما يخدمن أيضاً أكثر من 250 طالبة متغربة فى بيوت الطالبات المختلفة. وحوالى 35 فتاة يحتاجن إلى رعاية خاصة وكذلك حوالى 90 مُسنة ، و12 معوقة جسدياً. كما يخدمن فى مركز تنمية الفتيات 50 فتاة تقريباً. وفى الحضانات المختلفة سواء فى الإيبارشية أو خارجها يقمن بتقديم الخدمة لأكثر من 300 طفل وطفلة. أما بالنسبة لخدمة القرية وخدمة التربية الكنسية وإجتماعات الشابات والسيدات وفصول محو الأمية فلا نستطيع أن نحصرها.

كل ذلك يرجع أساساً للمجهود الكبير لمطراننا المحبوب الذى أجاد الغرس والسقى طوال 25 عاماً حتى أثمر كرمه وفاحت أزاهيره فشملت أرجاء الكنيسة كلها…

لقد أراد أن يختفى لكن الله كافأه فأظهرته أعماله التى تكلمت عنه حسناً.

6- أقوال مشهورة لنيافته عن التكريس:-

  • التكريس هو جندية فى جيش الخلاص.
  • حياة التكريس تحتاج إلى نقاوة: نقاوة فى الحياة الداخلية ونقاوة فى التعليم.
  • خدمتنا هدفها الأساسى هو توصيل الناس لله لذلك يجب أن نخدم بالمسيح.
  • خدمة التعليم يجب أن يسندها عمل سرى فى حياة الخادم مثل الصلاة والسهر والتضرع والجهاد مع الله.
  • جميع الذين سلكوا فى التكريس بدون الإهتمام بالبناء الداخلى تحولت جهودهم فى الخدمة إلى مجرد تعاليم جوفاء.
  • من مظاهر تكريس الحياة للمسيح : الخضوع الكامل لمشيئة ربنا برضا وبشكر مهما صادفتنا المصاعب والمخاوف.
  • الخادم القلق والمضطرب لا يستطيع أن يُثمر فى خدمته.
  • المكرسات والراهبات يُمثلن جناحين لطائر واحد.

 

 

No items found