20ـ السيدة العذراء 10ـ08ـ2011 – عظات يوم الأربعاء فيديو – البابا شنودة الثالث

بمناسبة صوم العذراء أريد أن أكلمكم في هذه الليلة عن القديسة العذراء مريم.

انتظر العالم ميلاد السيدة العذراء طويلًا:

حينما نتكلم عن السيدة العذراء، لابد أن نرجع إلى أيام أمنا حواء. وإلى وعد الرب لها أن نسل المرأة يسحق رأس الحية. فظل العالم ينتظر من هي هذه المرأة التي نسلها سيسحق رأس الحية؟! وكانت كل امرأة تلد بنين تحزن جدًا أنها ستفقد هذا المجد العظيم، مجد أن من نسلها يأتي الفادي العظيم الذي سيسحق رأس الحية. إلى أن جاء إشعياء النبي وضيق الدائرة فقال: “هوذا العذراء تحبل وتلد ابنًا, وهذا الابن سيكون رئيس الحياة” ونص الآية: “هَا الْعَذْرَاءُ تَحْبَلُ وَتَلِدُ ابْنًا وَتَدْعُو اسْمَهُ «عِمَّانُوئِيلَ»” (سفر إشعياء 7: 14). فظل الناس ينتظرون من هي هذه العذراء التي منها سيولد الفادي العظيم.

ملء الزمان:

أجيال كثيرة ظلت تنتظرها وتنتظر ملء الزمان الذي تكون فيه هذه المرأة ويولد منها الرب. وكلمة “ملء الزمان” ذكرت في رسالة غلاطية: “وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُودًا مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُودًا تَحْتَ النَّامُوسِ” (رسالة بولس الرسول إلى أهل غلاطية 4: 4). هذه التي يولد منها الرب ستكون أعظم امرأة في العالم.

السيدة العذراء هي أعظم امرأة في العالم:

قد اختار الله من كل نساء العالم هذه الإنسانة التي ستكون أعظم امرأة. ويقول الكتاب: “نساء كثيرات نلن كرامات ولم تنل مثلك واحدة منهن” ونص الآية: “بَنَاتٌ كَثِيرَاتٌ عَمِلْنَ فَضْلًا، أَمَّا أَنْتِ فَفُقْتِ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا” (سفر الأمثال 31: 29).

ألقاب السيدة العذراء:

هذه التي ستأتي لقبوها بألقاب كثيرة:

1- سلم يعقوب:

لقبوها بسلم يعقوب الواصل بين السماء والأرض، تصعد عليه الطغمات وتنزل بالاستجابات.

2- الحمامة الحسنة:

لقبوها بالحمامة الحسنة. ولقب “الحمامة الحسنة” يذكره الكاهن باستمرار وهو خارج من الهيكل ليبخر. فعندما يبخر عند العذراء يقول: “السلام لك أيتها الحمامة الحسنة”.

ولماذا لقب “الحمامة الحسنة”؟ الحمامة التي أتت لنوح ببشارة الخلاص أن موجة الطوفان قد انتهى وعادت الحياة إلى الأرض فأحضرت معها غصن الزيتون.

الحمامة الحسنة أيضًا في بساطتها ونقاوتها. ولذلك في سفر النشيد يقول: حبيبتي عيناها حمامتان، ونص الآية: “هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ يَا حَبِيبَتِي، هَا أَنْتِ جَمِيلَةٌ. عَيْنَاكِ حَمَامَتَانِ” (سفر نشيد الأنشاد 1: 15).

لذلك سميت العذراء بالحمامة الحسنة.

3- المجمرة الذهبية:

وسُميت العذراء أيضًا بالمجمرة الذهبية. والمجمرة أي الشورية، وهذا تعبير لاهوتي، وذلك لأن الشورية نجد داخلها الفحم متحد بالنار وينتج عن هذا الاتحاد رائحة بخور ذكية. “الفحم” يرمز للجسد أو الطبيعة الإنسانية، و”النار” ترمز للاهوت كما قيل: إلهنا نار. “لأَنَّ إِلهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ” (رسالة بولس الرسول إلى العبرانيين 12: 29). وهي مصفحة بالذهب من الداخل والخارج رمز لقيمتها العظيمة.

4- تابوت العهد:

شبهوها أيضًا بتابوت العهد المُغشى بالذهب من الداخل والخارج، رمز لقيمته العظيمة، حيث أن بداخل تابوت العهد كان يوجد قسط المن الذي يرمز للسيد المسيح ويوجد أيضًا لوحا الشريعة وقد سُميَ المسيح كلمة الله.

لذلك في التجسد حيا جبرائيل رئيس الملائكة السيدة العذراء بتحية الإكرام والإجلال قائلًا: السلام لك أيتها الممتلئة نعمة، الرب معك. وعندما سألته عن سر هذه التحية قال لها: سيولد منك ولد ويجلس على كرسي داود أبيه ولا يكون لملكه انقضاء. فقالت له: كيف لي هذا وأنا لست أعرف رجلًا. قال لها: الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك، لذلك القدوس المولود منك يدعى ابن الله.

الروح القدس حل على السيدة العذراء حلولًا أقنوميًا | الحبل بلا دنس وقت الحبل فقط:

لم يحل الروح القدس على السيدة العذراء حلولًا عاديًا مثل المواهب والنعمة …إلخ، وإنما حل حلولًا أقنوميًا لأنه سَيوجِد من جسدها ابن، وهذا عمل اللاهوت. وأيضًا ليقدس مستودعها حتى أن المولود منها لا يرث خطية، ويصبح حبلها بالمسيح حبلًا بلا دنس.

لم يحدث أن يحل الروح القدس على أي إنسان (رجلًا كان أو امرأة) حلولًا أقنوميًا. لذلك نحن نقول عن المسيح أنه تجسد من الروح القدس ومريم العذراء وتأنس.

5- السيدة العذراء أم الله وأمنا جميعًا:

وبهذا الشكل هناك تمجيد للسيدة العذراء: أولًا لأنها والدة الإله “ثيئوطوكوس” كما قرر المجمع المسكوني. وثانيًا: هي أم لجميع الرسل لأن السيد المسيح على الصليب قال ليوحنا الحبيب: هذه أمك. وقال لها: هذا ابنك. فأصبحت أم للرسول وبالتالي أم لجميع الرسل. وإن كانت السيدة العذراء أم للرسل ونحن أبناء للرسل، تكون هي أمنا كلنا. أمنا جميعًا ونحن نسبحها قائلين: أمنا القديسة مريم.

6- السيدة العذراء هي الملكة:

هي ليست أمًا وإنما هي أيضًا ملكة، وهذا من عظمتها. ويقول عنها الكتاب: قامت الملكة عن يمينك أيها الملك، ونص الآية: “جُعِلَتِ الْمَلِكَةُ عَنْ يَمِينِكَ بِذَهَبِ أُوفِيرٍ” (سفر المزامير 45: 9). ولذلك صورة العذراء الطقسية تكون عن يمين المسيح وعلى رأسها تاج وعلى رأسه هو تاج (الملكة على يمين الملك).

ألقاب السيدة العذراء كأم:

هناك ألقاب كثيرة للسيدة العذراء كأم مثل:

أم النور: لأن السيد هو نور العالم.

أم المخلص: لأن السيد هو المخلص.

أم الفادي: لأن السيد هو الفادي.

وهناك ألقاب كثيرة أخرى لن نستطيع حصرها.

تكريم العذراء في طقوس الكنيسة:

ومن عظمة العذراء أن جميع الأجيال تطوبها في كل وقت. وطقوس الكنيسة تطوب العذراء حيث نذكرها في الهيتينيات، ونذكرها قبل الملائكة وقبل رؤساء الملائكة، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. ونذكرها في القداس الإلهي في صلاة المجمع المقدس، ونذكرها قائلين: “سموت يا مريم فوق الشاروبيم، وعلوت يا مريم فوق السرافيم”، نذكرها في الإبصلمودية الكيهكية، ونذكرها في لحن: “شيري ني ماريا”. ونذكرها في صلوات كثيرة. ونذكرها بالأكثر في شهر كيهك، وإخوتنا الكاثوليك يسمونه الشهر المريمي.

السيدة العذراء فخر كل إمرأة:

والسيدة العذراء هي فخر لكل إمرأة. إن كانت حواء أصبحت عار على كل البشر، فإن العذراء عوضت عار حواء.

عظمة العذراء لدى إخوتنا المسلمين:

العذراء لها العظمة أيضًا لدى إخوتنا المسلمين. حيث يقولون عنها “إن الله فضلها على نساء العالمين”، ونص الآية هو: “إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ” (سورة آل عمران 42) وكلمة “العالمين” أي العالم الأرضي والعالم السماوي. لذلك أنا لا أَعجب إن كان المسلمون يبنون جامعًا (مسجدًا) باسم مسجد العذراء مريم، لأنها مفضلة على نساء العالمين.

عظمة العذراء تظهر في زيارتها لأليصابات:

ومن عظمة السيدة العذراء ما ظهر في زيارتها لأليصابات حيث يقول الكتاب: حينما صار سلام العذراء في أذن أليصابات امتلأت أليصابات بالروح القدس. ونص الآية: “فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِي بَطْنِهَا، وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ،” (إنجيل لوقا 1: 41). أي أن أليصابات امتلأت من الروح القدس لمجرد السلام. وليس هذا فقط بل أن ابنها أيضًا الجنين الذي في بطنها الذي أصبح يوحنا المعمدان فيما بعد امتلأ أيضًا من الروح القدس كما قيل عنه في إنجيل: “وَمِنْ بَطْنِ أُمِّهِ يَمْتَلِئُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ” (إنجيل لوقا 1: 15). وعندما امتلأ يوحنا المعمدان من الروح القدس وهو جنين تعرف على مريم العذراء، فارتكض بابتهاج في بطنها، يريد أن يجري ليقدم للرب يسوع التحية. وقد قالت أليصابات للسيدة العذراء أن الجنين ارتكض بابتهاج في بطنها، ونص الآية: “فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي” (إنجيل لوقا 1: 44).

قد تشعر المرأة بالجنين يرتكض في بطنها، ولكن كيف تعرف أن هذا الجنين في حالة ابتهاج؟! هذا لا نستطيع أن نفسره إلا بالكشف الإلهي. فعندما حل الروح القدس على أليصابات تمتعت بالكشف الإلهي، فكُشف لها أن الجنين ارتكض بابتهاج. وعرفت أيضًا أن العذراء هي والدة الإله بالكشف الإلهي (بالروح القدس) حيث قالت للسيدة العذراء: “فَمِنْ أَيْنَ لِي هذَا أَنْ تَأْتِيَ أُمُّ رَبِّي إِلَيَّ؟” (إنجيل لوقا 1: 43). وأيضًا قالت لها: “َطُوبَى لِلَّتِي آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ” (إنجيل لوقا 1: 45). وهذا يدل على أنها علمت بالروح القدس أيضًا أن هناك شيئًا قيل للعذراء من قبل الرب، وأنها آمنت بهذا الشيء.

كل هذه أشياء من عظمة العذراء في حلول الروح القدس، وأنها عندما تُسلم على إنسان يمتلئ من الروح القدس. لا توجد امرأة في الوجود حدث معها هذا.

السيدة العذراء باركت أرض مصر بزيارتها:

نحن نحب العذراء جدًا ونبتهج أيضًا بأنها زارت بلادنا مصر وقدست كثير من الأماكن. وشهدت مصر معجزات كثيرة تحدث بزيارة العذراء لها. فكانت عندما تزور أحد البلاد التي بها أصنام (حيث سادت عبادة الأصنام في ذلك الوقت) كانت هذه الأصنام تقع إلى الأرض. وقد أمضت السيدة العذراء ثلاثة سنوات في مصر وكان آخر مكان زارته هو المكان الذي بني فيه دير المحرق فيما بعد – بالطبع لم يكن هناك أديرة في ذلك الوقت. لذلك نجد أن الأثيوبيين يقدسون دير المحرق جدًا لأن به مغارة مقدسة من زيارة العذراء قبل أن يبنى الدير. وقد قمنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت بزيارة كنيسة في الحبشة، وتحمل اسم “كنيسة العذراء قسقام”، تيمُنًا بدير المحرق الموجود في جبل قسقام بمصر.

السيدة العذراء باركت مصر بظهورها:

السيدة العذراء أيضًا زارت كنيسة العذراء بالزيتون في يوم 2 أبريل 1968، وتجولت على قبابها وجرت معجزات كثيرة أثناء ظهورها في ذلك الوقت، ولذلك أصبحت هذه الكنيسة مزارًا عالميًا للسيدة العذراء.

أيضًا ظهرت السيدة العذراء في بابادبلو وفي الوراق وفي أسيوط. أي أن العذراء باركت مصر كثيرًا بزيارتها.

كانت العذراء تظهر بهيئة روح وبهيئة حمامة، وبشكلها الخاص وهذا يدل على الحياة بعد الموت. فالعذراء تنيحت منذ فترة طويلة (حوالي 2000 سنة) ولكنها تظهر حتى الآن مما يؤكد أنها ما زالت حية بعد أن ماتت. وهذا شيء جميل يعطينا الكثير من الإيمان.

معجزات كثيرة في حياة العذراء:

وعظمة العذراء أنها تحاط بمعجزات كثيرة. فمجرد حبلها بالمسيح معجزة، ودوام بتوليتها معجزة، ومعجزتها كحالة الحديد في إنقاذ متياس الرسول حتى بعد نياحتها وصعود جسدها إلى السماء كان معجزة.

22ـ الأعذار والتبريرات ج 1 14 09 2011 - عظات يوم الأربعاء فيديو - البابا شنودة الثالث

19ـ العمر الروحى 03 08 2011 2011 - عظات يوم الأربعاء فيديو - البابا شنودة الثالث

عظات يوم الأربعاء - 2011 - البابا شنودة الثالث
عظات يوم الأربعاء - 2011 - البابا شنودة الثالث