كيف نصير شركاء في الروح القدس؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, اللاهوت العقيدي, عقيدة, لاهوت الروح القدس
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ2 – العقائد المسيحية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

كيف نصير شركاء في الروح القدس؟

اولاً: خلال الصلوات الحارة: يقول رب المجد: "فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة، فكم بالحريّ الآب الذى من السماء يُعطي الروح القدس للذين يسألونه" (لو11: 13). إن كنا نهتم أن نقدِّم خبزاً وسمكة وبيضة لأولادنا لكى يقدروا أن يعيشوا على الأرض، فإن الآب الذى من السماء يعطينا الروح القدس الذى وحده روح الشركة، فهو يثَبِتنا فى الابن الوحيد الجنس منطلقاً بنا إلى حضن الآب السماوى. عمله أن يهبنا "الحياة الجديدة" الحاملة للسِمة السماويَّة. لكى نعود إلى الحضن الأبوي من جديد. يقول القدِّيس إكليمنضس السكندرى: [إن كنَّا ونحن أشرار نعرف أن نعطي عطايا صالحة فكم بالحري طبيعة أب المراحم، أب كل تعزية، الصالح، يترفَّق بالأكثر وبرحمة واسعة يطيل أناته منتظراً الراجعين إليه؟ [518]].

ثانياً: بواسطة المعمودية وتجديد الروح القدس: "ولكن حين ظهر لطف مخلّصنا الله وإحسانه لا بأعمالٍ فى برٍّ عملناها نحن بل بمقتضى رحمته خلّصنا بغسل الميلاد الثانى وتجديد الروح القدس. الذى سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح ملّخصنا" (تى3: 4 - 6). يعلق القديس أمبروسيوس على هذا القول قائلاً: [الروح القدس هو الذى يخلصنا من دنس الأمم! سامية هى هذه النعمة التى تغير غضب الوحوش إلى بساطة الروح[519].] كما يقول: [من هو هذا الذى يُولد من الروح ويصير روحاً (روحانياً) إلا الذى يتجدد بالروح فى ذهنه ". (أف4: 23)! هذا هو بالتأكيد ذاك الذى يولد بواسطة الماء والروح حيث ننال رجاء الحياة الأبدية خلال جرن الميلاد الذى للروح القدس[520].] ويعلق القديس أغسطينوس قائلاً: [فى المعمودية غُسلت كل الخطايا السابقة. وخلالها يكون عون الروح الذى به يشتهي ضد الجسد فلا ننهزم فى حربنا، (الروحية). وخلالها تكون للصلاة الربانية فاعليتها حين نقول" أغفر لنا ذنوبنا ". هكذا يُعطى لنا التجديد، ونُعان فى صراعنا، وتسكب الصلاة، ويكون قلبنا غير مشوب. وبهذا نكون بلا لوم[521].] كما يقول القديس غريغوريوس النزينزي: [إن كان الروح لا يُعبد، فكيف يمكنه أن يؤلهني فى المعمودية؟... من الروح ننال ما يجددنا. هكذا أنتم ترون الروح يعمل بكونه الله واهب المِنح لنا، هكذا أنتم ترون ما نُحرم منه إن أنكرنا أن الروح هو الله. بالروح أعرف الله. هو نفسه الله، وفى الحياة الأخرى يؤلهنى[522].].

ثالثاُ: التمتع بغذاء النفس. حسن أن يجاهد الإنسان بكل وسائل النعمة سواء بقراءة الكتاب المقدس والصلاة والأصوام والمطانيات، لكن بدون نعمة الله واقتناء الروح القدس غذاء النفس، لن يقدر الإنسان أن يتمتع بالحياة الأبدية. هذا ما أبرزه القديس مقاريوس الكبير، بقوله:

[حينما خلق الله جسدنا هذا لم يمنحه أن تكون له حياة من طبيعة الله الخاصة، ولا أن يحيا الجسد بذاته، وإنما دبر له الطعام والشراب واللباس والأحذية[523]، وهكذا عيّن الله له أن يأخذ كل حاجات الحياة من الخارج، إذ صنع الجسد نفسه عرياناً. ولا يمكن للجسد أن يعيش بدون الأشياء الخارجة عنه، أى بدون الطعام والشراب واللباس. فإن حاول أن يعتمد على طبيعته وحدها دون أن يأخذ شيئاً من الخارج، يضمحل ويموت. وهذا هو نفس الحال بالنسبة للنفس أيضاً، فهى لا تملك النور الإلهى بالرغم من أنها مخلوقة على صورة الله، وهكذا نظم الله أحوالها وقد أراد بأن لا تحصل على الحياة الأبدية من طبيعتها الخاصة، ولكن من لاهوته، أى من روحه، ومن نوره، تنال طعاماً وشراباً روحانياً، ولباساً سماوياً وهذه هى حياة النفس، أى الحياة بالحقيقة.

إن الطبيعة الإلهية فيها خبز الحياة الذى قال: "أنا هو خبز الحياة" (يو6: 35)، "والماء الحي" (يو4: 10)، "والخمر التى تفرح قلب الإنسان" (مز104: 15)، "وزيت الابتهاج" (مز45: 7)، وجميع أصناف طعام الروح السماوى ولباس النور، تلك التى تأتى من الله. وفى هذه الأشياء تكون حياة النفس الأبدية. ويل للجسد حينما يعتمد على طبيعته الخاصة، لأنه حينئذ يضمحل ويموت، وأيضاً ويل للنفس إن استندت على طبيعتها الخاصة، ولم تضع ثقتها فى شيءٍ سوى أعمالها الخاصة، ولم تنل شركة روح الله، فإنها تموت إذ لم تحصل على حياة اللاهوت الأبدية الممنوحة لها.

ففى حالة المرض بالجسد، بمجرد أن يفقد الجسد القدرة على تقبل الغذاء، لا يعود هناك أمل فى هؤلاء المرضى، ويبدأ أصدقاؤهم الحقيقيون وأقرباؤهم ومحبوهم فى البكاء وذرف الدموع. بنفس الطريقة، فإن الله والملائكة يبكون على النفوس التى لا تتغذى بطعام الروح السماوى[524].].


[518] Who is the Rich man.. 39?.

[519] St. Ambrose: On the Holy Spirit, 107: 2.

[520] St. Ambrose: On the Holy Spirit, 64: 3.

[521] St. Augustine: On the Psalms. Ps. 80: 10.

[522] Oratio 31. Theologica 28: 5 PG 105: 36 A.

[523] احتاج الجسد إلى اللباس والأحذية بعد أن حرم نفسه من برّ الله بعصيانه الوصية الإلهية واعتزاله الله القدوس.

[524] راجع عظات القديس أنبا مقار الكبير، ترجمة مؤسسة القديس أنبا أنطونيوس لدراسات الآباء،.عظة 11 - 10: 1.

ما هي أهم العطايا والمواهب التى يهبها الروح القدس؟

إن كان الروح تكلم بواسطة الأنبياء وحلّ على التلاميذ في شكل ألسنة نارية، فهل يعمل أيضاً فى المؤمنين؟