ما هو دور هذه الوليمة فى حياة من يتناول منها؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, أسرار الكنيسة السبعة, سر الإفخارستيا - القداس الإلهي, طقوس الكنيسة القبطية - اللاهوت الطقسي
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هو دور هذه الوليمة فى حياة من يتناول منها؟

أولاً - الانفتاح على البشرية: إذ يتمتع المؤمن بهذه الوليمة يشتاق بدوره أن يدعو الشعوب إليها. يقول مار يعقوب السروجى: خرجت (عروس الملك) إلى طرقات العالم لتجمع جميع الشعوب لتسعدهم... قامت فى رؤوس الأسواق وزوايا الأرض لتدعو إليها المحافل والجموع إلى الوليمة ([599])].

كما يقول: [من كان يقدر أن يذبح الابن قدام أبيه، لو لم يذبح هو نفسه بيديه قبل الآمه؟ ربنا هو الحبر الأعظم، والذبيحة الكاملة، ولهذا ذبح نفسه قدام أبيه... إنه ميت، وإذ هو ميت كان حياً ولا يُعقب، وهو الكاهن والمحرقة وبحثه يفوق المجادلين. عرّفهم كيف يشربون كأس دمه، ويسقون منه الشعوب والعالم والبلدان... ختم بدمه العهد الجديد الذى صنعه ليكون لغفران الذنوب للعالم بأسره ([600])].

ثانياً - الاهتمام بالفقراء: يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [كثيرون يقتربون مع الفقراء إلى هذه المائدة المقدسة، ولكن عندما نخرج نبدو كأننا لم ننظرهم، بل نكون سكرى ونحتقر الفقراء، الأمور التى أتهم بها أهل كورنثوس ([601])].

ثالثاً - السلوك بروح الوحدة والحب: يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [ماذا يصير إليه الذين يشتركون فيه؟ جسد المسيح، وليس أجساداً كثيرة، بل جسد واحد (أف5: 30). فكما أن الخبز يتكون من قمح كثير ويصير واحداً، فلا يعود يظهر القمح وإن كان بالحق موجوداً، لكن لا يظهر الاختلاف بسبب الاتحاد معاً، هكذا نحن نرتبط معاً الواحد مع الآخر ومع المسيح... لذلك يقول: "لأننا جميعاً نشترك فى الخبز الواحد" (1كو10: 17)... فلماذا لا نُظهر ذات الحب ونصير بهذا واحداً؟ ([602])].

يقول القديس أغسطينوس: [بالخبز تتعلمون كيف يجب أن تعتزوا بالوحدة. هل هذا الخبز مصنوع من القمح؟ أليس كذلك؟ بالأحرى من قمح كثير؟ على أى الأحوال، قبل أن يصير خبزاً كان هذا القمح مبعثراً. لقد انضم إلى بعضه البعض فى الماء بعد أن طُحن. فإنه ما لم يُطحن القمح ويُعجن بالماء لن يصل إلى ذاك الشكل الذى يُدعى خبزاً. هكذا أنتم أيضاً كنتم قبلاً تُطحنون كما بمذلة أصوامكم وسرّ جحد الشيطان. عندئذ جئتم إلى معمودية الماء. لقد عجنتم حتى تبلغون شكل الخبز. ولكن بدون النار لن يوجد خبز ([603])].

رابعاً - عدم الاشتراك فى موائد الأشرار: يقول الذهبى الفم: [لا تجرى نحو الأمور المضادة. فإنك إن كنت ابن الملك ولك الاشتراك فى مائدة أبيك... فهل تترك وتختار مائدة المُدانين؟... بكل غيرة يسحبك ليس لكيلا تؤذيك مائدتهم، وإنما لأن فى هذا يعيب مائدتك الملوكية المكرمة ([604])].

خامساً - السلوك بروح القوة: يقول الذهبى الفم: [ليتنا نعود من تلك المائدة كأسود تتنفس ناراً ترعب الشيطان، مفكرين فى رأسنا وفى حبه الذى أظهره لنا... (يقول الرب) أردتُ أن أصير أخاكم، ومن أجلكم شاركتكم فى اللحم والدم، وأعود فأعطيكم الجسد والدم لكى بذلك أصير قريبكم. هذا الدم يجعل صورة ملكنا متجددة فينا، تبعث جمالاً لا يُنطق به، ولا تدع سمو نفوسنا أن يُنزع منا، بل ترويه دائماً وتنعشه... هذا الدم السرى إن تناولناه بحق يطرد الشياطين، ويجعلهم بعيدين عنا، بينما يدعو الملائكة ورب الملائكة إلينا. فحالما يرون دم الرب تهرب الشياطين وتركض الملائكة معاً... ُسفك هذا الدم وجعل السماء سهلة المنال ([605])].

يقول الشهيد كبريانوس: [الإفخارستيا هى حصن لمن يتناولها. إننا فى احتياج إليها لكى نتسلح بحماية فيض الرب، الأمر الذى نرغب فيه ليجعلنا فى أمان من الخصم].

ويقول القديس أفرآم السريانى: [لم يستطع الملاك أن يلمس الجمرة النارية بأصابعه، إنما أحضرها قريباً من فم إشعياء. لم يمسكها الملاك، ولم يلتهمها إشعياء، أما ربنا فسمح لنا أن نفعل هذا وذاك].

سادساً - صدور أنهار مياه حية: يقول الذهبى الفم: [بالحق مهوبة هى أسرار الكنيسة، مهوب بالحق هو المذبح. يصعد ينبوع من الفردوس... من هذه المائدة يصدر ينبوع يبعث أنهاراً روحية ([606])].

سابعاً - احتضان مخلصنا: يقول الذهبى الفم: [لكى يتناولوه أيضاً، ويحتضنوه فى كمال قلوبهم ([607])].

ثامناً - بلوغ ملكوت السماء: يقول الذهبى الفم: [يكون للذين يشتركون فى (جسد الرب ودمه) رزانة النفس، وغفران الخطايا، وشركة الروح، وبلوغ ملكوت السماء، والدالة لديه، وليس للحكم والدينونة ([608])].

تاسعاً - الشركة فى التسبيح مع السمائيين: يقول الذهبى الفم: [كأن الإنسان قد أخذ إلى السماء عينها، يقف بجوار عرش المجد، يطير مع السيرافيم، ويترنم بالتسبحة المقدسة ([609])].

عاشراً - تحويل القلب إلى بيت لحم: يقول القديس أمبروسيوس: [كل نفس تتقبل الخبز النازل من السماء هى بيت الخبز، خبز المسيح، إذ تقتات ويتقوى قلبها بمؤنة الخبز السماوى الساكن فيها. لهذا يقول بولس: "نحن خبز واحد". كل نفس أمينة هى بيت لحم، كما انها تُدعى أورشليم، إذ يحل بها سلام أورشليم العليا وهدوءها التى هى السماء. هذا هو الخبز الحقيقى الذى بعد أن يُكسر إلى قطع يشبع كل البشرية ([610])].

حادى عشر - تحدى الفساد والموت: يقول القديس كيرلس الكبير: [أشبع طعام المن حاجة الجسد زماناً يسيراً جداً، أبعد ألم الجوع، لكنه صار بعدها بلا قوة، ولم يهب الذين أكلوه حياة أبدية. إذن لم يكن ذاك هو الطعام الحقيقى والخبز النازل من السماء. أما ا لجسد المقدس الذى للمسيح الذى يقوت إلى حياة الخلود والحياة الأبدية فهو بالحقيقة الطعام الحقيقى. لقد شربوا ماءً من صخرة أيضاً... وما المنفعة التى عادت على الذين شربوا لأنهم قد ماتوا (1كو10: 3 - 6). لم يكن ذاك الشراب أيضاً شراباً حقيقياً، بل الشراب الحق فى الواقع هو دم المسيح الثمين، الذى يستأصل الفساد كله من جذوره، ويزيح الموت الذى سكن فى جسم الإنسان].

يُعلق القدّيس كيرلس الكبير على العشاء الأخير، قائلاً: [بأية وسيلة يمكن للإنسان الذى على الأرض وقد التحف بالمائت أن يعود إلى عدم الفساد؟ أجيب أن هذا الجسد المائت يجب أن يشترك فى قوة واهب الحياة النازلة من الله. أما قوة واهب الحياة التى لله الآب فهى الابن الوحيد الكلمة، الذى أرسله إلينا مخلّصاً وفادياً. كيف أرسله إلينا؟ يخبرنا يوحنا الإنجيلى بكل وضوح: "والكلمة صار جسداً وحل بيننا" (يو1: 14)... عندما نأكل جسد المسيح المقدّس، مخلّصنا جميعاً، ونشرب دمه الكريم ننال الحياة فينا، إذ نكون كما لو أننا واحد معه، نسكن فيه وهو يملك أيضاً فينا... لا تشك فإن هذا حق مادام يقول بنفسه بوضوح: "هذا هو جسدى، هذا هو دمي (مت26: 26، 28)، بل تقبل كلمة المخلّص بإيمان، إذ هو الحق الذى لا يقدر أن يكذب ([611])].

كتب فى إحدى رسائله إلى نسطور: [لكى نعلن موت ابن الله الوحيد الجنس حسب الجسد الذى هو يسوع المسيح ونعترف بقيامته من الموت وصعوده إلى السماوات نقوم بالاحتفال بالذبيحة غير الدموية فى كنائسنا. وبهذا نقترب من بركات روحانية مسيحية بل ونتطهر بالاشتراك فى الجسد المقدس والدم الكريم اللذين للمسيح مخلص جميعنا. نحن نتناوله ليس مثل أى جسد (لأن الله يحرم مثل هذا) ولا مثل جسد إنسان مقدس يصاحب الكلمة (اللوغوس)... لكنه جسد حقيقى للكلمة نفسه وبالحقيقة هو يعطى حياة].

يقول القديس إكليمنضس السكندرى: [يقول "كلوا هذا هو جسدى، هذا هو دمى" (مت26: 26، 28). مثل هذا الطعام لائق، قد هيأه الرب، مقدماً جسده وباذلاً دمه، فلا حاجة للأبناء بعد إلى شئ لنموهم، يا له من سرّ مدهش! إننا نتمتع به لينزع الفساد الجسدى القديم، ولنأخذه عوض الطعام القديم. نتقبله هو ما أمكن، نخفيه فى داخلنا، وإذ ندّخر المخلّص فى نفوسنا تتهذّب عواطف جسدنا ([612])].

ثانى عشر - نعيش لذاك الذى مات لأجلنا وقام: يقول القديس باسيليوس الكبير: [تعلم إذن كيف يليق بك أن تتناول جسد المسيح، أى فى ذكرى طاعته حتى الموت، حتى أن الذين يعيشون لا يعيشون بعد لأنفسهم، وإنما لذاك الذى مات لأجلهم وقام ([613])].

ثالث عشر - الإعلان عن نفسه: يقول القديس أغسطينوس: [متى أعلن الرب عن نفسه؟ عند كسر الخبز (لو24: 30 - 31)... لذلك عندما نكسر الخبز نتعرف على الرب، فهو لم يعلن عن نفسه إلا هنا على المائدة... لنا نحن الذين لم نستطع أن نراه فى الجسد، ولكنه أعطانا جسده لنأكله. فإذا كنت تؤمن بهذا فتعال مهما كنت. وإذ كنت تثق فاطمئن عند كسر الخبز ([614])]. كما يقول الأب ثيؤفلاكتيوس: [تُفتح أعين الذين يتقبلون الخبز المقدس لكى يعرفوا المسيح، لأن جسد الرب يحمل فيه قوته العظيمة غير المنطوق بها].

رابع عشر - إدراك سرّ الفصح المسيحى: يقول الأبد ميليتو أسقف ساردس: [يتحقق سرّ الفصح فى جسد الرب، فقد اقتيد كحملٍ، وذبح كشاة، مخلصاً إيانا من عبودية العالم ومحررنا من عبودية إبليس كما من فرعون، خاتماً نفوسناً بروحه وأعضائنا الجسدية بدمه].

خامس عشر - النمو الروحى المستمر: يقول القديس كيرلس الكبير: [اكتساب الحياة الروحية من خلال الإفخارستيا يتطلب اشتراكاً منتظماً فى السرّ. فالمؤمن يحتفظ بحياته الروحية، وينمو فى الروح طالما استمر ارتباطه بالمسيح، ليس روحياً فقط، ولكن أيضاً من خلال ممارسة عملية منتظمة للتناول من جسد المسيح ودمه، أما الاشتراك غير المنتظم فى الإفخارستيا فقد يحرم المؤمن من الحياة الأبدية].


[599] [] ميمر 95 على تناول الأسرار المقدسة 219.

[600] [] الميمر 53ب على الصلب، الفصل ب: لليل الثلاثاء، الميمر52 على آلام مخلصنا وصلبه ودفنه وقيامته، قبطى.

[601] [] In 1 Corinth. , hom. 7: 27.

[602] [] In 1 Corinth. , hom. 4: 24.

[603] [] Sermon 227 FC 107: 38.

[604] [] In 1 Corinth. , hom. 5: 24.

[605] [] Homilies on St. John, Hom. 3: 46.

[606] [] Homilies on St. John, Hom. 4: 46.

[607] [] In Loan hom 46.

[608] [] The Liturgy of St. John Chrysostom, Prayer offer the Epiclesis.

[609] [] للمؤلف: المسيح فى سفر الإفخارستيا، 1973، ص441.

[610] [] Letter to Priests, 45, FC 263: 26.

[611] [] In Luc. Ser 142.

[612] [] Paed 6: 1.

[613] [] Catena Aurea.

[614] [] Ser. 235.

ماذا يقدم العريس السماوى لمؤمنيه على مائدته؟

ما هو ارتباط مائدة الإفخارستيا بمائدة التعليم؟