لماذا دُعى هذا السر بالمسحة المقدسة؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, أسرار الكنيسة السبعة, سر الميرون المقدس, طقوس الكنيسة القبطية - اللاهوت الطقسي
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

لماذا دُعى هذا السر بالمسحة المقدسة؟

يقول القديس ثيؤفيلس الأنطاكى: [دُعى المسيحيون بهذا الأسم، لأنهم ممسوحون بزيت الله ([511])].

ويقول القديس كبريانوس: [من اعتمد يلزم أن يُمسح أيضاً، لكى يصير بواسطة المسحة ممسوحاً لله ويأخذ نعمة المسيح ([512])].

ويقول القديس أغسطينوس: [إن اسم المسيح من المسحة، فكل مسيحى يقبل المسحة، إنما ذلك ليس للدلالة على أنه صار شريكاً فى الملكوت فقط، بل صار من المحاربين للشيطان].

يقول القديس كيرلس الأورشليمى [بحق دُعيتم للمسيح، وعنكم قال الله: "لا تمسوا مسحائى، ولا تسيئوا إلى أنبيائى" (مز105: 15). جُعلتم مسحاء بقبولكم نموذج ([513]) الروح القدس. وكل الأشياء عُملت فيكم اقتداء (بالمسيح) لأنكم صورة المسيح. هو اغتسل فى نهر الأردن ونشر معرفة ألوهيته فى الماء. وصعد من (النهر) وأضاء عليه الروح القدس فى تمام وجوده وحلّ كذلك عليه. ولكم أنتم فشبه ذلك بعد أن صعدتم من الينابيع المقدسة صار لكم دهن شبه الذى مُسح به المسيح. وهذا هو الروح القدس الذى قال عنه المطوّب إشعياء فى نبوته عن شخص الرب: "روح السيد الرب علىّ، لأن الرب مسحنى" (إش61: 1). لأنه لم يُمسح المسيح من بشر بزيت أو دهن مادى، لكن الآب عينه من قبل ليكون مخلصاً للعالم أجمع، كما قال بطرس: "يسوع الذى من الناصرة، كيف مسحه الله بالروح القدس" (أع19: 38). صرخ داود النبى أيضاً قائلاً: "كرسيك يا الله إلى دهر الدهور، قضيب استقامة قضيب ملكك. أحببت البرّ وأبغضت الإثم من أجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر رفقائك" (مز45: 6، 7). وإذ صُلب المسيح ودفن وقام حقاً، أنتم فى العماد حُسبتم جديرين أن تُصلبوا وتُدفنوا وتقوموا معه على مثاله: هكذا فى الدهن أيضاً. وكما مُسح بزيت مثالى، زيت الابتهاج، لأنه منشئ الفرح الروحى، هكذا أنتم مُسحتم بدهن، إذ أصبحتم شركاء للمسيح وأتباعه...

لكن احذروا أيضاً لئلا تظنوه دهناً بسيطاً لأنه كما فى خبز الإفخارستيا بعد حلول الروح القدس لا يصير خبزاً عادياً بعد، بل جسد المسيح، هكذا هذا الدهن لا يكون دهناً بسيطاً أو عادياً بعد الصلاة، لكن هى موهبة المسيح بالنعمة وبحلول الروح القدس أصبح لائقاً لعمل طبيعته الإلهية...

وإذ يُرشم جسدك بالدهن المنظور تطهر نفسك بالروح القدس واهب الحياة.

ورُشمت على الجبهة كأنك تتخلص من العار الذى حمله الإنسان الأول معه فى كل مكان، وأنه بوجه مكشوف كما فى مرآة ناظرين مجد الرب (2كو3: 18). ثم على آذانك حتى تتقبل الآذان سريعاً سماع الأسرار الإلهية التى قال عنها إشعياء النبى: "أعطانى الرب أذناً للسمع" (إش50: 4). وقال سيدنا الرب يسوع المسيح: "من له أذنان للسمع فليسمع" (مت11: 15؛ مت13: 9، 43؛ مر4: 9، 23؛ لو14: 35). ثم على الأنف حيث تتقبل الدهن المقدس، فيمكنك أن تقول: "لأننا رائحة المسيح الذكية، لله فى الذين يخلصون" (2كو2: 15). بعد ذلك على صدرك، حيث "قد لبستم درع البرّ" (أف6: 14)، حتى تقدروا "أن تثبتوا ضد مكايد إبليس" (اف6: 11). لأن المسيح بعد عماده وحلول الروح القدس ذهب وغلب الشرير، هكذا أنتم أيضاً والمسحة السرية، إذ لبستم كل سلاح الروح القدس، لكى تقفوا ضد قوة الشرير وتقهروه قائلين: "أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى" (فى4: 13) ([514])].

ويقول القديس أثناسيوس الرسولى: [نزول الروح عليه فى الأردن إنما كان نزولاً علينا نحن، بسبب لبسه جسدنا. وهذا لم يصر من أجل ترقى اللوغوس، بل من أجل تقديسنا من جديد، ولكى نشترك فى محبته، ولكى يُقال لنا: "أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم؟" (1كو3: 16). فحينما اغتسل الرب فى الأردن كإنسان، كنا نحن الذين نغتسل فيه وبواسطته. وحينما اقتبل الروح، كنا نحن الذين صرنا مقتبلين للروح بواسطته. ولهذا السبب، فهو ليس كهارون أو داود أو الباقين، لقد مُسح بالزيت هكذا، بل بطريقة مغايرة لجميع الذين هم شركاؤه، أى بزيت الابتهاج (مز45: 7 - 8)، الذى فسّر أنه يعنى الروح، قائلاً: "كيف مسحه الله بالروح القدس" (أع10: 38). متى قيلت عنه هذه الأشياء، إلا عندما صار فى الجسد، واعتمد فى الأردن، ونزل عليه الروح (مت3: 16)؟ وحقاً يقول الرب لتلاميذه إن "الروح يأخذ مما لى" (يو16: 14)، و "أنا أرسله" (يو16: 7)، و "اقبلوا الروح القدس" (يو20: 22). إلا أنه فى الواقع هذا الذى يُعطى للآخرين ككلمة الآب وبهاءه يُقال الآن أنه يتقدس يسوع، وهذا من حيث أنه قد صار إنساناً، والذى يتقدس هو جسده ذاته ([515])]. [ما كان لنا أن نصير شركاء الروح القدس ولا أن نتقدس لو لم يكن اللوغوس المتجسد، الذى هو واهب الروح قد مسح نفسه بالروح لأجلنا، ولهذا فمن المؤكد أننا كنا نحن الذين قبلنا الروح القدس حينما قيل انه مُسح بالجسد. لأن جسده الخاص هو الذى تقدس أولاً، وإذ قيل عنه كإنسان، إن جسده قد نال هذا (الروح)، فلأجل هذا ننال نعمة الروح آخذين إياها "من ملئه" ([516])].


[511] [] To Autolycus, 12: 1.

[512] [] Letter, 70.

[513] [] الكلمة اليونانية "نموذج" لا تعنى نموذجاً رمزياً، بل كما ورد فى عب 9: 24.

[514] [] مقال 21 (الأسرار 3): 1 - 4.

[515] [] Adv. Arian, 12: 1: 47. ترجمة مركز دراسات الآباء بالقاهرة.

[516] [] الرسالة ضد الآريوسيين 1: 50: 1.

لماذا دُعيت المسحة المقدسة سرّ التثبيت؟

كيف يتمتع المؤمن بالنمو الروحى الدائم والنضوج؟