ما هو موقف الله من الإنسان بعد عصيانه للوصية الإلهية؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الحياة الروحية المسيحية - اللاهوت الروحي, الشر والخطية, علاقة الله بالإنسان, مفاهيم في الحياة الروحية
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ2 – العقائد المسيحية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هو موقف الله من الإنسان بعد عصيانه للوصية الإلهية؟

اشتاق الإنسان إلى العالم، وصار الوجود فى حضرة الله بالنسبة له هو مجرد ألفاظ وكلمات! صارت الخطية وكأنها من روتين فى حياة الإنسان، يشعر أحياناً بثقلها ومرارتها، ولكن فى لحظات يعود لينحنى لها بكل جوارحه وميوله ورغباته وكل طاقته. وهكذا فقد أمسك الإنسان بعجلة القيادة فى داخله. وكما يقول الرسول "فإنى أعلم أنه ليس ساكن فيّ، أى فى جسدى شيءٍ صالح، لأن الإرادة حاضرة عندى، وأما أن أفعل الحُسنى، فلست أجد. لأنى لست أفعل الصالح الذى أريده، بل الشر الذى لست أريده فإياه أفعل. فإن كنت ما لست أريده إياه أفعل، فلست بعد أفعله أنا، بل الخطية الساكنة في" (رو7: 18 - 20). فما هو موقف الله من الإنسان؟ هل لازال يحبه؟!

وماذا يفعل الإنسان لكى يجدد طبيعته التى أفسدها بإرادته؟

هل الله مشغول بأمجاده فى سماواته، أم ينزل إلى الإنسان؟

هل يحرره من سلطان الخطية التى سمح لها الإنسان بإرادته أن تحتل مركز القيادة؟

أقول لله إلهى: هل لازلتَ أيها الحب تحب الإنسان، وتشتاق أن ترده إلى أحضانك؟

لن يستطيع الإنسان الصعود إليك، فهو غارق فى خطاياه وضعفاته، فهل تنزل إليه أيها القدوس؟

أيها الحب الأزلي الخالد، هوذا السماء تشتاق أن تتعرف على سرّ حكمتك المملوءة حباً، هل تعلن لها ولنا أسرار حبك؟

الآن يا إلهى ها قد فسدت حياتنا وصرنا محتاجين إلى من يغير طبيعتنا ويرفع عنا موتنا الأبدي، فماذا تفعل من أجلنا أيها الحب المطلق؟!

يقول القديس كيرلس الكبير: [الله من فرط محبته للإنسان هيأ له طريق الخلاص والفداء، وذلك بالإيمان بالله الآب والابن والروح القدس، والاعتراف بهذا الإيمان أمام الجميع حتى ينقيه من خطاياه، ويمتلئ بغنى الروح القدس، وشركة الطبيعة الإلهية[368]، ويحصل على نعمة التبنّي.].

الإيمان بالثالوث القدوس إعلان إلهى خلاله يختبر المؤمن الحب الإلهى الفائق، والدخول فى خبرة شخصية مع الآب والابن وبالروح القدس. يجد المؤمن الحقيقى فى الثالوث شبعاً لكل احتياجات الداخلية. إيماننا بالثالوث يمس حياتنا وكياننا، فلا حياة لنا دون خبرة التمتع بحب الثالوث القدوس لنا، مع أعمال محبته الفائقة. يقول القديس غريغوريوس النزينزي: [ليقودنى الكلمة الإلهى فى نهاية حياة مملوءة بالدموع إلى المسكن غير المتغير، حيث يوجد ثالوثى، وبهاء سموه المجتمع، ظلال الثالوث تمجدنى[369].].


[368] هذا التعبير وأمثاله فى الكتاب المقدس وعند آباء الكنيسة لا يعنى أن الإنسان يشترك فى الجوهر الإلهى، حاشا! بل بالنعمة الإلهية يسترد صورة الله المفقودة بسبب الخطية، وينال عدم الموت وعدم الفساد فى الأبدية، ويتمتع بحياة البرّ والقداسة وثمر الروح القدس.

[369] Poemata de seipso, 11. PG 1165: 37 - 66.

[370] القس مرقس داود ومراد مجدى: خدمة الخلاص، 2007، ص52 - 54.

لماذا لم يكتفِ الله بأن يُقدِّم الإنسان توبةً عن خطيته؟

ماذا فعلت بي الخطية؟