ماذا يعنى ما ورد فى افتتاحية السفر: “فى البدء خلق الله السماوات والأرض”؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الخدمة الكنسية - اللاهوت الرعوي, العلم والكنيسة, قضايا مسيحية عامة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ6 – المفاهيم المسيحية والحياة اليومية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ماذا يعنى ما ورد فى افتتاحية السفر: "فى البدء خلق الله السماوات والأرض"؟

إن كان التعبير "فى البدء" (تك1: 1) لا يعنى زمناً معيناً، إذ لم يكن الزمن قد أوجد بعد، حيث لم تكن توجد الكواكب بنظمها الدقيقة، لكنه يعنى أن العالم المادى له بداية، وليس كما ادعى بعض الفلاسفة أنه أزلى، يشارك الله أزليته. هذا ما أكده القديس باسيليوس فى كتابه "الهكساميرون" أى "ستة أيام الخليقة"، إذ يقول إن تعبير "فى البدء" لا يعنى زمناً وإلا كان للبدء بداية ونهاية، وهكذا تكون لهذه البداية بداية وندخل فى سلسلة لانهائية من البدايات، لكن "البدء" هنا يعنى حركة أولى لا كما زمنياً، وذلك كالقول: "بدء الحكمة مخافة الله" (أم9: 10) [387]. كما يقول: [لا تظن يا إنسان أن العالم المنظور بلا بداية لمجرد أن الأجسام السماوية تتحرك فى فلك دائرى ويصعب على حواسنا تحديد نقطة البداية، أى متى تبدأ الحركة الدائرية، فتظن أنها بطبيعتها بلا بداية[388]]. ويقول: [الذى بدأ بزمن ينتهى أيضاً فى زمن[389]]. هذا لا يعنى وجود زمن فى بداية الحركة للعمل، إنما يؤكد انتزاع فكرة الأزلية، فمع عدم وجود زمن لكنه وجدت بداية قبلها إذ كان العالم عدماً. وقد جاء العلم يؤكد عدم أزلية المادة[390].

ويأخذ كثير من الآباء بجانب هذا التفسير الحرفى أو التاريخى "فى البدء" التفسير الرمزى أو الروحى، فيرون أنه يعنى "فى المسيح يسوع" أو "فى كلمة الله" خُلقت السماوات والأرض، وفيما يلى بعض كلمات الآباء فى هذا الشأن:

يقول القديس أغسطينوس: [الابن نفسه هو البدء. فعندما سأله اليهود: من انت؟ أجابهم: "أنا من البدء" (يو8: 25). هكذا فى البدء خلق الله السماوات والأرض[391]].

يقول العلامة أوريجينوس: [من هو بدء كل شئ إلا ربنا ومخلص جميع الناس (1تى4: 10) يسوع المسيح، "بكر كل خليقة" (كو1: 15)؟ ففى هذا البدء، أى فى كلمته "خلق الله السماوات والأرض"، وكما يقول الإنجيلى يوحنا فى بداية إنجيله: "فى البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله، هذا كان فى البدء عند الله، كل شئ به كان وبغيره لم يكن شئ مما كان" (يو1: 1 - 3). فالكتاب لا يتحدث عن بداية زمنية، إنما عن هذ البداية التى هى المخلص، إذ به صُنعت السماوات والأرض[392]].

يقول القديس ديديموس الضرير: [يفكر البعض أن "البدء" هو زمن، لكن من يتعمق فى كلمة "البد" يجد أنها لا تحمل معنى واحداً بل أكثر من معنى. فأحياناً تعنى العلة، فيكون المعنى هنا أن السماوات والأرض متواجدة فى العلة... بالحقيقة كل شئ صنعها الكلمة، ففى المسيح يسوع خُلق كل ما على الأرض وما فى السماء، الأمور المنظورة وغير المنظورة[393]].

فى اختصار نقول إن الله خلق العالم فى بداية مُعينة ولم يكن العالم شريكاً معه فى الأزلية، ومن جانب آخر فإن كلمة الله هو البدء الذى بلا بداية خالق الكل!


[387] Hexaemeron 6: 1.

[388] Ibid 3: 1.

[389] Ibid.

[390] - راجع د فوزى إلياس: ستة أيام الخليقة ص 11: 14.

[391] PI 821: 46.

[392] In Gen. Hom 1: 1.

[393] In Gen, hom 1.

هل كل ما ورد فى الكتاب المقدس يطابق ما جاء فى العلم الحديث؟

هل توقف عمل الله من أجل الإنسان بعد أيام الخليقة؟