ما هى إمكانية خلاص الغنى؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الحياة الروحية المسيحية - اللاهوت الروحي, العطاء والبذل, الفضائل الروحية
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ6 – المفاهيم المسيحية والحياة اليومية – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هى إمكانية خلاص الغنى؟

إذ يتحدث القديس أغسطينوس عن مثل الغنى الغبى ولعازر الفقير، يوضح أن لعازر حملته الملائكة إلى حضن إبراهيم، الذى قيل عنه أنه كان غنياً جداً (تك13: 2)، بينما ذهب الغنى البخيل إلى الجحيم. لم يكن الفقر هو المؤهل للعازر للتمتع بحضن إبراهيم، ولا الغنى هو علة هلاك الغنى، إنما تقوى الأول ورضاه، وجشع الثانى وقسوة قلبه وبخله، وإلا ما كان يُدعى حضن إبراهيم الغنى جداً (لو16: 22) رمزاً للتمتع بملكوت لله. يقول القديس أغسطينوس: [مع أن الغنى جداً الذى كان يرتدى الأرجوان والكتاب الفاخر ويقيم ولائم يومية مُبالغ فيها مات وتعذب فى الجحيم، إلا أنه لو كان قد أظهر رحمة للفقير الذى كانت تغطيه القروح، لوجد رحمة. ولو أن استحقاق الفقير هو فقره وليس صلاحه، بالتأكيد ما كانت قد حملته الملائكة إلى حضن إبراهيم الذى كان غنياً فى هذه الحياة. المقصود هنا أن يظهر لنا أنه من جانب لم يكن الفقر فى ذاته هو ما وهبه كرامة إلهية، ومن الجانب الآخر لم يكن الغنى فى ذاته قد دين إنما هذه هى نتائج تقوى أحدهما وشر الآخر[366]].

يقول القديس إكليمنضس السكندرى إنه يليق بنا ألا نجعل أمور بيوتنا حملاً يثقل علينا. وكما يفعل المسافر الذكى الحكيم، لنضع الأمور فى نصابها بقدرها الحقيقى، فالزوجة المُحبة لزوجها، لا تجهز للسفر أكثر مما لاحتياجات الرحلة. الزهد والقناعة هما ذخر للمسافر فى رحلته نحو السماء. وكما ان القدم هى التى تُحدد مقاس الحذاء، كذلك الجسد هو الذى يحكم ما على الإنسان أن يملك ويقتنى[367]. كما يقول: [إن كان الإنسان غنياً، يمكن أن يكون غناه سبباً لخلاصه، إن وزع منه على المحتاجين. وكما يكون الحال مع الآبار المتدفقة التى كلما سحبنا منها ماء، عادت مرة أخرى إلى ما كانت عليه من غنى وتدفق، كذلك العطاء هو النبع الذى لا ينضب للمحبة. وعندما يشارك ويعطى من مياهه العطاش، يعود ذلك النبع فيعوض مياهه، بل ويفيض به. تماماً كما يعود اللبن إلى الثدى الذى رضع منه الصغير أو الذى تمّ حلب لبنه، لأن من كان له الله القدير، الكلمة، فليس له احتياج إلى أى شئ آخر، ولا يكون أبداً فى ضيق إذا ما احتاج لشئ. لأن فى الكلمة ما يغنى عن امتلاك أى شئ آخر[368]]. أيضاً يقول يلزمنا أن نتعامل مع الثراء بعقل وحكمة، وعندما نعطى ونمنح يكون فى محبة وليس فى افتخار[369].

يلزمنا أن نُردد على الدوام هذا القول المأثور: الإنسان الصالح، لأنه معتدل وحكيم يحتفظ بكنزه فى السماء، ذاك الذى يبيع ما يملك فى هذا العالم ويوزعه على الفقراء، ويحصل بذلك على الكنز الذى لا يفنى[370]. يبدو لى الغنى كأنه ثعبان، يلتف حول الإنسان ويلدغه، إذا لم يتعامل معه الإنسان بحذر، ويعرف كيف يقبض عليه، فيأمن شره، ويتحكم فى حركة ذيله.


[366] Letters, 157 to Hilarius, 23.

[367] Paedagogus, 7.

[368] Paedagogus 7: 3.

[369] Paedagogus 6: 3.

[370] Paedagogus 6: 3.

ما هو الدافع للعطاء؟

كيف عالج الإيمان المشاكل الاقتصادية البشرية؟