كارت التعريف بالسؤال
البيانات | التفاصيل |
---|---|
التصنيفات | أسئلة وأجوبة, الأصحاح الأول من سفر التكوين, الكتاب المقدس, بدء الخليقة - بحسب سفر التكوين, دراسات في العهد القديم |
آخر تحديث | 11 أكتوبر 2021 |
تقييم السؤال | من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية |
ماذا نتعلم من السمك المهاجر؟
يقول القدِّيس باسيليوس الكبير: [توجد أسماك رُحّل، فإذا جاء موعد تكاثُرها رحلت، هذه من خليج، وتلك من آخر، تدفعها غريزة طبيعيَّة عامة، مُسرِعة إلى البحر الأسود. فترى هذه الأسماك، إبّان رحيلها، كالسيل يتدفَّق فى البوسفور نحو البحر الأسود. من حَرَّك مسيرتها؟ وأين الملك الذي يصدر لها الأمر بالرحيل؟ والأوامر التي عُلِّقَتْ في الساحات العامة، وعَيَّنَتْ موعد السفر؟ وأين القادة؟ إنك ترى العناية الإلهيَّة تُتَمِّم كل شيءٍ، وتعتني بأدنى الخلق. فالسمك لا يٌقاوِم القوانين الطبيعية التي وضعها الله، أما نحن البشر فإنَّنا نُخالِف تعاليمه. فلا تحتقر الأسماك لأنها خرساء وغير ناطقة، وخف أن تكون أقلّ تَعقُلاً منها حينما تُخالِف أوامر خالقك. استمع إلى الأسماك، لا ينقصها غير النطق، وسلوكها يقول لك: إن حِفْظ الجنس يَحْمِلنا على مباشرة هذا السفر الطويل. ليس عندها إدراك، بل شريعة طبيعيَّة راسخة كل الرسوخ في غريزتها تدفعها إلى ما يجب أن تعمله. فتقول: هلم بنا إلى البحر الأسود... أن ماءه أعذب من ماء سواه، والشمس فوقَه أقل حرارة فلا تمصّ ماءه الحلو كله، لهذا يصعد السمك في الأنهار ويبعد عن البحار، ويُفَضِّل البحر الأسود ليستقبل ويربِّي فيه صغاره، ومتى قضى هناك مأربه، عاد جميعاً أدراجه، لماذا؟ كانه بمسلكِه يقول لنا: "البحر الأسود قليل الأعماق، عُرَّضَة للعواصف العنيفة، قليل الملاجئ، وكثيراً ما تقلبه الرياح الهوجاء رأسّاً على عقب، وتُعَكِّره أكوام من الرمال. وهو فوق ذلك بارد شتاءً، لِمَا يُصَبُّ فيه من الأنهار العظيمة"، فيهجره السمك، بعد ما أفاد منه صيفّاً، ويُعَجِّل العودة إلى دفء المياه العميقة، والمناطق التي بها دفء الشمس، فيستريح في بحر هادئ بعيداً عن ريح الشمال العاتية. تقطع السمكة البحار كلها بحثاً عن بعض منافعها، وأنت ماذا تقول، إذا كنت تعيش في التواني والكسل؟ فلا يحتج أحد بالجهل، فإن فينا ذهناً طبيعياً يُظهر لنا لياقة الخير وينفّرنا من الأفعال المُضِرَّة[161].].
[161] راجع الأب الياس كويتر المخلصي: القديس باسيليوس الكبير، منشورات المكتبة البوليسية، بيروت، 1989، ص319؛ ترجمة الأب ج. عقيقي اليسوعي. St. Basil Hexamaeron, 4: 7.