لماذا حذر إرميا النبى من تسبحة الشعب: هيكل الرب، هيكل الرب هو؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
مقدم الإجابة الشماس بيشوي بشرى فايز
الشخصيات إرميا النبي
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الكنيسة, عقيدة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

لماذا حذر إرميا النبى من تسبحة الشعب: هيكل الرب، هيكل الرب هو؟

الله فى محبته للبشر ينزل إليهم ويسمح بتخصيص بيت له، ويفتح أبوابه ليحتضن القادمين إليه بروح التوبة. إنه يغفر لهم خطاياهم، ويقيم منهم كنيسة واحدة مقدسة، يحسبها ابنته وعروسه، الملكة التى تجلس عن يمينه.

لا يقف مفهومنا للكنيسة عند المبنى سواء فى العهد القديم أو العهد الجديد. لذلك حذّر إرميا النبى الكهنة واللاويين والشعب كما الملك والقادة من الاتكال على وجود هيكل الرب فى أورشليم مع تجاهل قداسة الحياة والطاعة للوصية الإلهية والحب العملى لله والناس. لقد قال: "لا تتكلوا على كلام الكذب، قائلين: هيكل الرب، هيكل الرب، هيكل الرب هو!" (إر7: 4).

بينما كان حلقيا رئيس الكهنة يتعاون مع مشير الملك وكاتبه شافان فى جمع التبرعات والتقدمات للإصلاح إذا بإرميا النبى يؤكد الحاجة إلى تقدمة القلب لا المال. وبينما كان البناؤون والنجارون وكل العاملين فى الإصلاح يسمعون كلمات الإطراء من كل أحد، إذا بإرميا يبكت ويؤنب. الكل يتحدث عن التقدم فى البناء والإصلاح بفرح واعتزاز، بينما كان إرميا النبى يطلب التوبة الصادقة والنوح والبكاء حتى لا يطردهم الموضع الذى لا يستحقونه، إذ يقول على لسان الرب: "أصلحوا طرقكم وأعمالكم فأسكنكم فى هذا الموضع" (إر7: 3).

هم يظنون أنهم قد أرضوا الله بإصلاح الهيكل، وكأنهم دائنون له بهذا العمل الجبار الذى لم تمارسه أجيال سابقة، بينما كان إرميا النبى يهددهم بالطرد منه، بل ومن كل الأراضى المقدسة، لأنهم غير مستحقين للسكنى فيها بسبب شرهم.

كان يدعوهم إلى الإصلاح الداخلى بتحويل التسبيح من كلمات منطوق بها إلى حياة مُعاشة وسلوك... حياة مفرحة متهللة فى الداخل مع استعذاب للوصية الإلهية.

يمثل الهيكل حضرة الله وسط شعبه لتقديسهم، فإن تمسكوا بوجود البيت دون الاهتمام بتقديس حياتهم يفقد البيت مفهومه، بل ويتحول من بيت تسبيح إلى "مغارة لصوص" (إر7: 11)، وهو ذات التعبير الذى استخدمه السيد المسيح حين طرد باعة الحمام والصيارفة من الهيكل (مت21: 13).

ويتحدث القديس جيروم عن هيكل الرب الداخلى الذى يمكن للمؤمن أن يقتنيه أينما وُجد، بينما كثير من سكان أورشليم والأراضى المقدسة حرموا منه. إنه يقول:

[يليق بالذى يقولون: "هيكل الرب، هيكل الرب" (إر7: 4) ان يصغوا إلى كلمات الرسول: "أنتم هيكل الله الحىّ" (2كو6: 16)، والروح القدس "يسكن فيكم" (رو8: 11).

الوصول إلى البلاط السماوى سهل سواء بالانطلاق من بريطانيا أو أورشليم، لأن "ملكوت الله داخلكم" (لو17: 21).

أنطونيوس وطغمة الرهبان الذين فى مصر ومصيصة وبنتس وكبادوكية وأرمينيا لم يروا أورشليم قط، لكن انفتح لهم باب الفردوس. الطوباوى هيلاريون، مع أنه مواطن فلسطينى وقاطن هناك، لم ير أورشليم إلا يوماً واحداً. إذ كان قريباً من الأماكن المقدسة لم يشأ أن يهمل رؤيتها، وفى نفس الوقت لم يرد ان يحد الله بأماكن محدودة ([157])].

أوضح النبى أنه لكى ينعم الشعب ببركات بيت الرب يلزمهم ان يصلحوا الطريق الذى يسلكونه مجرين العدل بين الإنسان وصاحبه (إر7: 5)، وأن يقدموا عمل المحبة خاصة للغريب واليتيم والأرملة (إر7: 6)، وألا يسفكوا دم زكياً (إر7: 6)، وأخيراً ألا يعرجوا بين الفريقين، قائلاً: "أتسرقون وتقتلون وتزنون وتحلفون كذباً وتبخرون للبعل، وتسيرون وراء آلهة أخرى لم تعرفوها، ثم تأتون وتقفون أمامى فى هذا البيت الذى دُعى اسمى عليه وتقولون: قد أنقذنا". (إر7: 9 - 10).

هيكل الرب هو القصر الملوكى، مركز ملكوت الله الذى هو ملجأ للأرامل والأيتهام والغرباء، سخى لكل نفس محتاجة ومرذولة. فإن مارس الشعب العنف والقسوة يُحسبون خارج الهيكل حتى إن دخلوه بأجسادهم وقدموا عطايا وتقدمات وذبائح!

يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [كان هذا الهيكل جميلاً وعجيباً مقدساً، لكن حين فسد الذين يستعملونه صار محتقراً ومرذولاً ودنساً، حتى دُعى قبل السبى "مغارة لصوص"... وسُلم بعد ذلك فى أيدى البرابرة الفاسدين النجسين ([158])].

ويؤكد الرب لشعبه: "أنا أنا الرب، وليس غيرى مخلص" (إش43: 11؛ 45: 21؛ هو13: 4)، لهذا فغاية بيت الرب ان يجتمع الشعب بالله مخلصه. هذه هى رسالة الكنيسة الرئيسية بل والوحيدة. كل عبادة وأنشطة تقدم فى الكنيسة غايتها خلاص الناس.

ومن الجانب الآخر، كل من يعزل نفسه عن الكنيسة، إنما يحرم نفسه من الارتماء فى أحضان المخلص. هذا ما دعا المرتل أن يقول: "واحدة سألت من الرب وإياها ألتمس أن أسكن فى بيت الرب كل أيام حياتى، لكى أنظر إلى جمال الرب وأتفرس فى هيكله" (مز27: 4؛ 23: 6).

يقول العلامة أوريجينوس: [راحاب تمثل الكنيسة، والحبل القرمزى يرمز إلى دم المسيح، والذين فى البيت هم فقط الذين خلصوا. من أراد أن يخلص فليأت إلى هذا البيت، حيث دم المسيح علامة الفداء... ينبغى ألا يخدع أحد نفسه، فإنه لا يخلص أحد خارج البيت، أعنى خارج الكنيسة ([159])].

ويقول القديس كبريانوس: [أتظنون أنكم قادرون أن تصمدوا وتحيوا إن انسحبتم لتقيموا لأنفسكم بيوتاً ومواضع مختلفة، وقد قيل لراحاب: "اجمعى إليك فى البيت أباك وأمك وإخوتك وسائر بيت أبيك، فيكون أن كل من يخرج من أبواب بيتك إلى خارج، فدمه على رأسه، ونحن نكون بريئين!" (يش2: 18 - 19)... فى هذا أعلن السرّ، أن الذين يريدون أن يحيوا ويهربوا من هلاك العالم يلزمهم ان يجتمعوا معاً فى بيت واحد وحدهم، أى فى الكنيسة، أما من يخرج من بين هؤلاء المجتمعين هناك معاً، أى إن كان أحد بالرغم من نواله نعمة فى الكنيسة يتركها ويخرج خارجاً، فدمه على رأسه، هو مسئول عن هلاك نفسه، الأمر الذى أوضحه بولس موصياً بتجنب الهرطوقى (رو16: 17) ([160])].

كما يقول: [من يبقى خارج الكنيسة فهو خارج معسكر المسيح ([161])].

[لا يكون مسيحياً من هو ليس داخل كنيسة المسيح ([162])].

[كيف يمكن أن يكون أحد مع المسيح إن كان لا يسلك داخل عروس المسيح، وإن لم يوجد فى كنيسته؟! ([163])].

ويقول القديس أغناطيوس الثيؤفورس: [لا يخدعن أحد نفسه، فإذا كان الإنسان خارج الهيكل يُحرم من خبز الله... ومن لا يأتى إلى الاجتماع معاً يتكبر ويقطع نفسه عن الشركة ([164])]. كما يقول [من كان داخل المذبح فهو نقى، وأما من كان خارج المذبح فهو ليس نقياً ([165])].


[157] [] St. Jerome: Epistle 3: 58.

[158] [] St. John Chrysostom: Conc. Stat. 11: 17.

[159] [] Homilies on Josh. , 3.

[160] [] Unity of the Church, 8; Epistle 4: 75.

[161] [] Epistle 40 to Cornelius.

[162] [] Epistle 43 to Antonius.

[163] [] Epistle 42 to Cornelius.

[164] [] Ephes. 5.

[165] [] Trall. 7.

ما هى علاقة الكنيسة بالمسيح المخلص؟

ما هو غاية بناء بيت الرب فى وسط شعبه؟