كيف نستعد ليوم الدينونة؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, اللاهوت الأخروي - الإسخاطولوجي, عقيدة, قيامة الأموات
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ7 – الأخرويات والحياة بعد الموت – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

كيف نستعد ليوم الدينونة؟

أولاً: نتوقع سرعة مجيئه، أنه على الأبواب. يقول القديس مار أفرآم السريانى[107].

[احذروا يا إخوتى أن يعدم أحكم هذا الميراث السعيد. فإنه، ها هو على الأبواب!

نزل النور إلينا فأنارنا، وقربنا إليه، وأصعدنا معه. نزل إلينا فصار من أجلنا مثلنا، ليجعلنا مثله.

من لا يموت نزل إلى المائتين، وإذ جعلهم غير مائتين ارتفع إلى الآب،.

وسيجيئ بمجد أبيه المبارك، يدين الأحياء والأموات.

صار لنا طريق حياة مملوءة نوراً ومجداً، لكى نسلك نحن فى النور إلى الآب].

ثانياً: نلتحف بالمخافة الإلهية مع الحب الإلهى. يستخدم القديس باسيليوس الكبير توقع مجئ الرب كباعث على الإصلاح الروحى، ومخافة دينونة الله كدافع قوى على ممارسة الفضيلة بالنسبة للمبتدئين والمتهاونين، فمن كلماته:

[لكى نقدر أن نفلت من الغضب الذى يحلّ على أبناء المعصية[108]].

[لنسمع باجتهاد عندما يُقال (عن مجيئه)، ونطلب بغيرة أن نمارس الوصايا الإلهية، لأننا لا نعلم فى أى يوم أو اية ساعة يأتى ربنا[109]].

[ألا نضع أمام أعيننا يوم الرب العظيم المرعب هذا؟ [110]].

يقول الأب أمبروسياستر: [فى هذا اليوم سيُعلن الرب يسوع المسيح للمؤمنين وغير المؤمنين. عندئذ سيتحقق غير المؤمنين أن ما لم يريدوا أن يؤمنوا به هو حقيقة صادقة. أما المؤمنون فسيفرحون، إذ يجدون أن ما يؤمنون به أكثر عجباً مما كانوا يتخيلون[111]].

ويقول القديس مار اسحق السريانى:

[عندما تقترب من فراشك قل له: "هذه الليلة عينها ربما تكون أنت قبرى يا أيهاالفراش، فإننى لست أعلم إن كان فى هذه الليلة عوض نومى المؤقت يكون لى النوم الدائم".

هكذا مادام لك رجلان أسرع إلى العمل، قبلما تُربط بذلك القيد الذى ما إن يُوضع لا ينحل بعد.

مادام لك يدان أبسطهما نحو السماء فى الصلاة، قبلما يسقط الذراعان من مفصليهما، حيث تشتهى أن تسحبهما فلن تقدر.

مادام لك أصابع ارشم ذاتك بالصليب، قبلما يحل الموت الذى يحل قوة أعصابها اللائقة.

مادام لك عينان، املأهما بالدموع، قبلما تأتى الساعة حين يغطى التراب ثيابك السوداء، وتتجه عيناك نحو اتجاه واحد بنظرة لا تدركها ولا تعرفها. لا، بل املأ عينيك بالدموع مادام قلبك تحكمه قوة التمييز، قبلما تهتز نفسك برحيلها منه، وتترك القلب بيتاً مهجوراً من ساكنه.

يا أيها الحكيم لا تنخدع بتوقعك حياة طويلة المدى! [112]].

يقول القديس مرقس الناس: [إن وضعت فى ذهنك دينونة الرب للأرض كلها (مز 7: 9، 1) كقول الكتاب المقدس، فإن كل حادث يعلّمك معرفة الله].

يقول الأب أوغريس الراهب: بتذكر على الدوام ساعة خروجك، ولا تنسى الدينونة الأبدية، فلا توجد فى نفسك خطية].

من أقوال آباء البرية: [كان أخ حاراً فى الصلاة، وإذ كان أخوه يمارس الخدمة، غلبته الدموع وكان أحياناً ينسى فقرات من المزمور. توسل إليه الأخ يوماً ما أن يخبره فيما هو يفكر أثناء الخدمة حتى يبكى هكذا بمرارة. قال له: "سامحنى يا أخى، فأنا أتأمل دائماً أثناء الخدمة فى الديان، ووقوفى أمامه، فإنى مجرم مذنب تحت الاستجواب. وإذ لا أجد تبريراً لنفسى أقف مرتعباً، ويُغلق فمى، فتعبر منى آية من المزمور. سامحنى على مضايقتى لك، فلنمارس الخدمة كل لوحده". أجاب الأخ: "لا يا أبى، فإننى أعيش بلا ندامة، فعلى الأقل إذ أراك أخجل". وإذ رأى الله تواضعه وهبه الندامة التى لأخيه. دعنا نحن أيضاً نحفظ أعيننا على هذه العطية، فيكون لنا ذات المنفعة مثل هذا الأخر[113]].

يقول القديس غريغوريوس النيسى: [لا نستطيع أن نصف الأفراح التى تنتظر هؤلاء الذين يعيشون وفقاً لمشيئة الله، ولا نستطيع أن نقارن معاناة الخاطئين فى الجحيم بأى شئ مشابه لم يحدث على الأرض].

ثالثاً: لنستقبل ربنا القادم من السماوات بالتسبيح! يقول القديس مار أفرآم السريانى:

[تعالوا يا أحبائى نسلك فى الطريق التى أظهرها لنا الرب.

لنصل بسرور إلى مملكته، ولنأخذ زاداً وزيتاً فى آنيتنا، فالطريق ليست قصيرة!

لنشد أحقاءنا بالحق، ومثل أناسٍ وعبيد حافظين منتظرين سيّدهم،.

نوقد مصابيحنا، ونستيقظ بشهامة، لأننا منتظرون أن نسقبل ربنا مقبلاً من السماوات.

فلا ننعس فيما بعد، لئلا تنطفئ مصابيحنا.

ها قد حلّ النور فرحل الليل، وأتى النهار.

يا بنى النور بادروا إلى النور. اخرجوا بفرح لاستقبال ربكم...

ليكن نظركم إلى فوق، متأملاً ذلك الجمال والسرور يا وارثى الآب، وشركاء ميراث ابن الله[114]].

يقول القديس أغسطينوس: [الآن هو زمن الرحمة، فيما بعد يأتى زمن الدينونة، إذ قيل "أسبح لك يارب الرحمة والحكم" (مز 101: 1) [115]].

لنسبح مع القديسين ماري عقوب السروجى، قائلين:

[اسمعوا أيها المتميزون أعجوبة الدينونة العظمى، وأعطوا التسبيح لديان الخفايا.

إنه لقول عجيب وسمع مدهش، بخصوص ذلك اليوم الذى فيه تُفحص كل أعمال البشر.

عندما تنحل السماء والأرض والعالم والبحر، وتصير دينونة كل القبائل أمام العدالة.

عندما تُعلن كل أشكال البشر، ويقفون عراة: إما ليخسروا وإما لينتصروا...

عندما يتواضع من تكبر بالاستعارات، ويرتفع من تواضع البساطة.

عندما يُلقى الكبرياء فى الحفرة، ويركب التواضع الغيوم ليرتفع.

عندما يوضع الضعفاء فى العلو كما هو مكتوب، وينزل الأقوياء إلى العمق، لأنهم آثموا.

عندما يحنى الفقر الأغنياء ويذلهم، ويصير كنز الملك العظيم مفتوحاً للفقراء...

عندما تردّ الدالة الأجرة حسب وعدها، فإنها لا تنكر (أجرة) من سقى حتى كأس ماء.

عندما تتحرك لتطالب بخاصتها بقوة، لا تنسى التعقيب حتى عن غمز العيون...

عندما يُظهر الديان لصفوفه قدرته الآمرة، وتصرخ طغمات القوات: مباركة هى دينونتك!

عندما يُمدح من قبل الملائكة والأبرار: مباركة هى أحكامك، ونيّر هو ميمر استقامتك!

عندما تصرخ الأرملة بألم ضد من ظلمها، واليتيم يوبخ من لطمه قدام الحاكم.

عندما تدخل تنهدات الأيتام العالية، وصوت حسراتهم يضرم النار فى سابيهم.

عندما تنتصر هناك الصدقات كالنيرات، وتُعلن درجات صانعيها سامية وبهية ومجيدة.

عندما تُفضح عيوب أبناء الإثم الممقوتة، ولا يستر الكذب من تمسك به.

عندما تهتك كل الأشكال عن كل الطغمات، وتقف هناك بعنث مكشوف كما هو مكتوب.

فى ذلك الحين ليفرح من مُجد، ولا يحزن أحد هنا أو يُلام.

فى ذلك النصر من انتصر هو من الظافرين، ولو انتصر هنا ولا يحظى بشئ[116]].

قبل الحديث عن الجسد المُقام أود إبراز اهتمام آباء الكنيسة الأولى بالحديث عن الوحدة العجيبة التى بين جسد الإنسان ونفسه. هذا يدعونا إلى الحديث عن العلاقة المتبادلة بينهما فى لحظات انفصالهما عند الموت وعند اتحادهما فى يوم القيامة.


[107] - عن نسخة خطية لميامر مار أفرآم السريانى، دبر السريان، ميامر رقم 2000، تاريخها 14 أمشير1207ش، أعدها الراهب صموئيل السريانى، مقال21، ص 130 - 131.

[108] De Jud. ad fin.

[109] Reg. Fus. Introd. Ad fin.

[110] Reg Fus 1.

[111] Ambrosiaster: Comm. On Paul's Epistles, CSEL 7: 81 - 8.

[112] Ascetocal Homilies 64.

[113] The Armenian version of Apophthegmata, L. Lelorr, Pateica Armenice, Corpus, Ssriptorum Christianprum Orientalium, Louvain, 1974, 1, p. 547.

[114] - الراهب صموئيل السريانى، مقال21، ص131.

[115] St. Augustine: On the Gospel of St. John, tactate, 5: 54.

[116] - الميمر 68 على الآخرة والدينونة المخيفة (راجع نص بول بيجان والدكتور بهنام سونى).

[117] Cf. Metrical Hymns, 12. The Parting of Bady and Soul.

ما هو الحوار الذى يدور بين النفس والجسد فى لحظة انفصالهما؟

ماذا يقول الآباء عن المتاعب التى تحلّ فى يوم الدينونة على الأشرار الذين أصرّوا على عدم رجوعهم إلى الله؟