كيف نتمتع برؤية الله؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, اللاهوت الأخروي - الإسخاطولوجي, عقيدة, قيامة الأموات
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ7 – الأخرويات والحياة بعد الموت – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

كيف نتمتع برؤية الله؟ [95]

القلب النقى هو العين الروحية الداخلية التى ترى ما لا يُرى.

"النقاوة" كما جاءت فى التعبير اليونانى إنما تُشير إلى الغسل والتطهير كإزالة الأوساخ من الملابس، وتعنى أيضاً تنقية ما هو صالح مما هو ردئ كفصل الحنطة عن التبن، وتطهير الجيش من الخائفين. وتستخدم أيضاً بمعنى وجود مادة نقية غير مغشوشة، كتقديم لبن بلا مادة غريبة. هكذا القلب الذى ينحنى على الدوام عند أقدام ربنا يسوع المسيح يغتسل على الدوام بالدم المقدس فيتنقى من كل شائبة، ويقوم الروح القدس نفسه الذى تمتع به خلال سرى العماد والميرون بحراسته، فلا يترك مجالاً لفكر شرير أو نظرة رديئة أو تقتحمه، ولا يسمح لشهوة رديئة أن تسيطر عليه... وهكذا يصفوا القلب ويتنقى بكل اشتياقاته وأحاسيسه ودوافعه فلا يطلب فى كل شئ إلا الله وحده، فيعاينه خلال الإيمان بالروح القدس الساكن فيه.

يقول القديس أغسطينوس:

[لننق قلوبنا بالإيمان، لكى تتهيأ لذاك الذى لا يوصف، اى للرؤيا غير المنظورة].

[لنجاهد بالعفة حتى يتطهر ذاك الذى يرفع الإنسان لله[96]].

[هذا هو غاية حبنا، هذه هى النهاية التى بها نصير كاملين غير هالكين... فإننا إذ نعاين الله لا نحتاج بعد لشئ من أفعالنا وأعمالنا الصالحة واشتياقاتنا ورغباتنا الطاهرة. لأنه ماذا نطلب بعد مادام الله حاضراً؟ ماذا يُشبع الإنسان ما لم يشبعه الله؟...

سبق رب المجد فذكر المطوّبين وأسباب تطويبهم، ذاكراً أعمالهم وجزاءاتهم واستحقاقاتهم دون أن يذكر عن أحدهم أنه "يعاين الله"، ولكن عند ذكره نقاوة القلب وعد بمعاينة الله، ذلك لأن القلب يحوى العيون التى تُعاين الله هذه العيون يتحدث عنها الرسول بولس قائلاً: "إنارة عيون قلوبكم" (أف 1: 18). أنها تستنير الآن بالإيمان، إذ يتناسب مع ضعفنا، أما فى الأبدية، فتستنير بمعاينة الله بسبب قوتها: "فإذ... نحن مستوطنون فى الجسد، فنحن متغربون عن الرب. لأننا بالإيمان نسلك لا بالعيان" (2 كو 5: 6 - 7). وإذ نسلك الآن بالإيمان يُقال عنا: "فإننا ننظر الآن فى مرآة فى لغز، ولكن حينئذ وجهاً لوجه" (1 كو 13: 12) [97]].

[إن كل ما تقدّمه الكتب المقدّسة الإلهية لا يهدف إلا إلى تنقية النظر الباطنى مما يمنعه عن رؤية الله. وكما أن العين خُلقت لكى ترى هذا النور الزمنى حتى إذا دخلها جسم غريب عكّر صفوها وفصله عن رؤية ذلك النور، كذلك هى عين قلبك، فإنها إن تعكرت وجُرحت، مالت عن نور البرّ وما تجاسرت أو تمكنت من النظر إليه... وما الذى يُعكر صفاء عين قلبك؟ الشهوة والبُخل والإثم واللذة العالمية، هذا كلّه يُعكر عين القلب ويغلقها ويعميها[98]].

يقول العلامة أوريجينوس: [من له القلب النقى يرى الله (مت 5: 8). أما من ليس له القلب النقى، فلا يرى ما يراه الآخرون. أعتقد أنه يلزمنا أن نفهم شيئاً مثل هذا بخصوص المسيح ايضاً حين نُظر فى الجسد. فإنه ليس كل من ألقى بنظره عليه كان قادراً أن يراه. لقد رأوا جسمه، لكنهم لم يقدروا أن يروه من حيث أنه هو المسيح. أما تلاميذه فرأوه ونظروا عظمة لاهوته[99]].

يقول القديس إكليمنضس السكندرى: [ماذا يطلب الإنسان بعد أن ينال النور الذى لا يُدنى منه؟ [100]].

ويقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [هنا يدعو "أنقياء" من حصلوا على كل فضيلة، أو الذين لا يحملون أية مشاعر شرّ فيهم، أو الذين يعيشون فى العفة. فإنه ليس شئ نحتاج إليه لمعاينة الله مثل الفضيلة الأخيرة. لهذا يقول بولس أيضاً: "اتبعوا السلام مع الجميع، والقداسة التى بدونها لن يرى أحد الرب" (عب 12: 14) [101]].


[96] In Ioan. 8: 5.

[97] Ser. On N. T. 3.

[98] - خواطر فيلسوف فى الحياة الروحية (الخورى يوحنا الحلو)، المطبعة الكاثوليكية بيروت، 1970، ص291 - 292.

[99] Homilies in Luke, Homily 3: 3 - 4.

[100] - راجع تفسير 1تى 6: 16 فى سلسلة "من تفسير وتأملات الآباء الأولين".

[101] In Matt. Hom 6: 15.

ما هى المتاعب التى تحلّ فى يوم الدينونة على الأشرار الذين أصرّوا على عدم رجوعهم إلى الله؟

ما هى البركات التى يتمتع بها المؤمنون الأبرار؟