لماذا الكتاب المقدس؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الحياة الروحية المسيحية - اللاهوت الروحي, الوسائط الروحية, قراءة الكتاب المقدس
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ1 – مقدمات في الكاتيشيزم القبطي – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

لماذا الكتاب المقدس؟

فى بدء الخليقة لم يكن آدم وحواء فى حاجة إلى كلمات مكتوبة وهما فى جنة عدن قبل السقوط، لأنهما كانا يلتقيان مع الرب وجهاً لوجه، وكانت نعمة الله عاملة فيهما. كانا صديقين له. حتماً كانا دائماً يسبحانه بفرح وتهليل. وكانا كالسمائيين وهم يسبحون الله ويمجدونه. كانا فى حالة شبع داخلى، يتطلعان إلى الطبيعة بجمالها ويدركان أن كل المخلوقات تسبح الله، كل واحد بلغته فى سلام عجيب. لكن العصيان عزلهما عن مصدر الحياة، صارا فى رعب. سقط الإنسان فى الخطية فاظلم عقله وضميره (رو1: 21)، وصار عاجزاً عن أن يسترد علاقته مع خالقه كما كانت قبل السقوط. لم يكن ممكناً لله محب البشر ألا يُصلح من شأن الإنسان الذى خلقه على صورته ومثاله.

تشهد الطبيعة التى خلقها القدير عن قدرته كما عن رعايته الفائقة. "ما أعظم أعمالك يارب! كلها بحكمة صنعت. ملآنة الأرض من غناك" (مز104 (103): 24). هذا وقد وهب الخالق الإنسان ناموساً طبيعياً فى قلوبهم، "شاهد أيضاً ضميرهم وأفكارهم فيما بينها مشتكية أو محتجة، فى اليوم الذى فيه يدين الله سرائر الناس حسب إنجيلي بيسوع المسيح" (رو2: 15 - 16).

بجانب الطبيعة التي تشهد للإنسان عن الخالق، والناموس الطبيعى فى داخل الإنسان، أعلن الله عن خطته للخلاص، بتقديم المسيا نفسه ذبيحة وكفارة عن العالم كله:

أولاً: اختار الله عبر التاريخ أناساً يشتاقون إلى خلاص البشر، وأعلن لهم بالروح نبوات تكشف عن سرّ الخلاص، وتجسد الكلمة وحلوله بيننا وتقديم نفسه ذبيحة وهو رئيس الكهنة السماوي وآلامه وصلبه وموته ودفنه ونزوله إلى الجحيم وتحرير المؤمنين الذين رقدوا، وصعوده إلى السماء ومجيئه الثانى حيث تنحل السماء والأرض ونتمتع بأورشليم العليا أمنا.

ثانياً: هذه الإعلانات جاءت خلال رؤى وأحلام وأحاديث الله معهم.

ثالثاً: قدم الله لشعبه أحداثاً تاريخية واقعية تحمل رموزاً للعمل الإلهي الخلاصي. وذلك كما قال السيد المسيح: "وكما رفع موسى الحية فى البرية، هكذا ينبغى أن يُرفع ابن الإنسان لكى لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية" (يو3: 14 - 15).

احتاج الإنسان العاصى والجاحد خالقه أن يعلن له الله عن وجوده الإلهى وحبه له، والتعرف على خطته وقدرته على إصلاح أمره بوسيلة أو بأخرى، سواء بالإعلان الإلهى عن طريق الخليقة الشاهدة لذلك أو بطريقة فائقة كالوحى الإلهى.

صارا بنو البشر فى حاجة إلى الإعلان الإلهى يكشف لهم عن طريق خلاصهم. لهذا يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [كانت نعمة الله كافية أن تعمل فى قلوبنا ككتاب حىّ نقرأه، لكننا إذ لم نتجاوب مع نعمته التزم من أجل محبته أن يقدم كلمته مكتوبة]. [يا له من شر عظيم قد أصابنا! فإنه إذ كان ينبغى علينا أن نعيش بنقاوة هكذا فلا نحتاج إلى كلمات مكتوبة، إنما نخضع قلوبنا للروح ككتب! أما وقد فقدنا هذه الكرامة صرنا فى حاجة إلى هذه الكتب[74]1].

كان الله يُعد البشر لقبول الإنجيل كأخبار مفرحة بخصوص نزول كلمة الله متجسداً ويقدم لهم الخلاص المجانى. هذا ما يصف لنا القديس يوحنا الذهبى الفم، قائلاً:

[نعم، لأنه عفو عن العقوبة، وغفران للخطايا، وتبرير وتقدّيس وخلاص (1كو1: 30)، وتبنّى، وميراث السماوات، ودخول فى علاقة مع ابن الله الذي جاء ليعلن (ذلك) للكل: للأعداء والصالبين وللجالسين فى الظلمة. أى شئ يعادل مثل هذه الأخبار المفرحة؟! فقد صار الله على الأرض، وصار الإنسان فى السماء، واختلط الكل معاً.

اختلطت الملائكة مع صفوف البشر، وصار البشر فى صحبة الملائكة والقوات العلوية الأخرى.

هوذا الإنسان يرى الحرب الطويلة قد انتهت، وتحققت المصالحة بين الله وطبيعتنا. صار إبليس فى خزى، وهربت الشياطين، وباد الموت، وانفتح الفردوس، وزالت اللعنة، ونُزعت الخطيّة من الطريق.

زال الخطأ وعاد الحق وبذرت كلمة التقوى فى الموضع وترعرعت، وأقيم نظام السمائيين (العلويين) على الأرض، ودخلت هذه القوات معنا فى معاملات آمنة، وصارت الملائكة تردد على الأرض باستمرار، وفاض الرجاء فى الأمور العتيدة بغزارة[75]2].


[74] 1 In Matt, hom. 2: 1.

[75] 2 In Matt. Hom 4: 1.

لماذا الحاجة إلى دراسة الكتاب المقدس بعمق؟

ما هى علامات الإيمان الحى؟