7- ما هى الخطوات العملية لممارسة الصلاة؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الحياة الروحية المسيحية - اللاهوت الروحي, الصلاة, الوسائط الروحية
آخر تحديث 13 يناير 2022
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ4 – العبادة المسيحية أنطلاقة نحو السماء – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

7 - ما هى الخطوات العملية لممارسة الصلاة؟

أولاً: ركِّز أنظارك الداخلية على الله أبيك السماوى. يقول القدِّيس باسيليوس الكبير: [حين تبدأ الصلاة فلتنسَ كل خليقة منظورة وغير منظورة، وابدأ الصلاة بمدح الله خالق الكل، لذلك قيل: "فقال لهم متى صلَّيتم، فقولوا أبانا (لو11: 2) [45]".].

ويقول القدِّيس أمبروسيوس: [لا يتسلَّق الجبال كل مُصلِّ، إذ توجد صلاة تُحسَب خطيّة (مز104: 8). من تعلَّم الصلاة يسمو فوق الغِنّى الأرضي إلى السماوي، ويظل متسلِّقاً حتى يبلغ قمَّة الخلوَة العُليا، أما الذى يهتم بغِنّى العالم فلا يتسلَّق الجبال إنما يشتهي ما لقريبه (من السُفليَّات). من يتطلَّع إلى رفقة الله يطلب الله فيصعد؛ هكذا النفوس القويّة تتسلَّق الجبال. لم ينصح النبي أى شخص أن يتسلَّق الجبال إنما يقول: "على جبلٍ عالٍ اصعدى يا مُبشِّرة صهيُّون، ارفعى صوتك بقوّة يا مُبشِّرة أورشليم" (إش40: 9). تسلُّق الجبال لا يكون بالأقدام إنما بسِموّ الأعمال، فإنك إذ تتبَّع المسيح تصير أنت نفسك أحد الجبال التى تحيط بك (مز125: 2) [46].] يقول القديس أوغريس: [عندما لا يتصور الذهن شيئاً من الأرضيات أثناء الصلاة، فهذا يعنى أنه قد صار قوياً.].

ثانياً: نظم احتياجات جسمك بما يتوافق مع ساعات الصلاة. بمعنى آخر لتكن للصلاة الأولوية عن احتياجات الجسد. يقول القدِّيس باسيليوس الكبير: [عندما تجلس لتتناول الطعام لتقوت جسمك، لا تترك المائدة قبل أن تشبع احتياجاتك إلا نادراً، لسبب طارئ مستعجل، ولا تكن مستعداً لفعل هذا. كم بالأكثر يلزمك أن تبقى تتمتَّع بالقوت الروحى وتقوي نفسك بالصلاة، لأن النفس أسمى من الجسم، والسماء أعلى من الأرض، والسماوات فوق الأرضيات. النفس هي أيقونة السماء، لأن الرب يسكن فيها، وأما الجسم فهو صورة الأرض، التى يعيش عليها الناس القابلين للموت والحيوانات غير العاقلة. نظِّم احتياجات جسمك بما يتوافق مع ساعات الصلاة، ولتكن مستعداً أن توقف المجادلات التى تسحبك بعيداً عن حفظ قانونك. فإن هذا هو الطريق الذى به تجعلنا الشياطين نتغيب فى وقت الصلاة بحجة أنه يوجد سبب لائق لغيابنا، وبهذا تسحبنا بما يبدو معقولاً بعيداً عن الصلاة المُنقذة. لا تُقَدِّم أعذاراً، قائلاً: "آه رأسي! آه معدتي!"، مدعياً بوجود أسباب غير منظورة لألم لا وجود له... من أجل نوال راحة. بالحري ثابر على الصلاة السرية فإن الله يراها فى الخفاء، ويجازيك عنها علانية (مت6: 18) [47].].

ثالثاً: لتنطق فى الكنيسة بما يمجد الله ولا تكون ثرثاراً مع إخوتك. يقول القديس باسيليوس الكبير: [ "السماوات تحدث بمجد الرب" (مز19: 1). يقتصر عمل الملكة (النفس البشرية) على تمجيد الله، ويقتصر عمل الجنود السمائيون أن يعطوا مجداً للخالق. كل الخليقة الناطقة أو غير الناطقة، الأرضية أو السماوية، تُمَجِّد خالقها.

أولئك الذين يتركون منازلهم للاجتماع فى الهيكل (بحياة غير مقدسة) يستحقون الشفقة، لأنهم لا يستمعون لكلام حق، ولا يقيمون نفوسهم على ضوئها. لقد سبتهم الخطية دون أن يتأثروا، ولا يتألمون بسبب خطاياهم التى يتذكرونها، ولا يخشون الدينونة، لكنهم يتصافحون مع بعضهم، ويجعلون من بيت الصلاة مكاناً للثرثرة، محتقرين قول المزمور "فى هيكله الكل قائل مجد" (مز29: 9).

اما انت، فلم تكتفِ بعدم إعطاء المجد لله فى هيكله، بل زدت على ذلك مضايقة الآخرين. تريد ان تجذب اهتمام الآخرين نحوك، وبالضوضاء الذى يصدر عنك تمنعهم من الاستماع لتعليم الروح.

انتبه إذن لئلا تكون نهايتك مثل نهاية الذين يُجَدِّفون على اسم الله!... ما هى الطريقة التى بها تمجد الله؟... ليت لسانك يترنَّم، وليت فكرك يفحص الكلمات التى تقولها حتى تترنم بالروح والذهن (1كو14: 14). فالله لا ينقصه المجد، لكنه يريدك أنت! يريدك أن تكون أهلاً أن تُمَجِّده! فالذى يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضاً (غل6: 7). ليتك تزرع لمجد الله فتحصد الأكاليل والكرامة والتسبيح فى ملكوت السماوات.

فى هيكله الكل قائل مجد "(مز29: 9). لم تأت هذه الكلمات من فراغ، لأن فى هيكل الرب يوجد الذين يثرثرون بلا توقُّفٍ. وجودهم فى الهيكل باطل. ليس باطلاً فقط بل وسبب فى دينونتهم[48].].

رابعاً: كن جاداً فى الصلاة بإيمان واهرب من تشتيت الفكر. يقول القديس باسيليوس: [يليق بنا أن نسأل العون الإلهى لا بكسلٍ ولا بفكر مشتَّت هنا وهناك، فإن إنساناً كهذا ليس فقط لا ينال ما يسأله، بل بالحري يُغضِب الله، لو أن إنساناً يقف أمام رئيس تكون عيناه ثابتتين فى الداخل والخارج حتى لا يتعرَّض للعقوبة، فكم بالحري يليق بنا أن نقف أمام الله بحرص ورعدة؟ لكنك إن كنت تُثار بخطيَّة ما، فلا تقدر أن تُصلِّى بثبات بكل قوِّتك. راجع نفسك حتى متى وقفت أمام الله تُركِّز فكرك فيه، والله يغفر لك، لأنك ليس عن إهمال بل عن ضعف لم تستطع أن تظهر أمامه كما ينبغى. إن ألزمت نفسك بهذا فإنك لا تتركه حتى تنال. فإن لم تنل ما تسأله يكون ذلك لأن سؤالك غير لائق أو بغير إيمان، أو لأنك قدَّمته باستهانة، أو تسأل أموراً ليست بصالحك، أو لأنك تركت الصلاة. كثيراً ما يسأل البعض لماذا نصلِّى؟ هل يجهل الله ما نحتاج إليه؟ أنه بلا شكٍ يعرف ويعطينا بفيض كل الزمنيَّات حتى قبل أن نسألها، لكن يجب علينا أولاً أن نطلب الصالحات وملكوت السماوات، عندئذ ننال ما نرغب لنسأل بإيمان وصبر، نسأل ما هو صالح لنا، ولا نعوق الصلاة بعصيان ضميرنا[49].].

يقول القديس كيرلس الكبير: [من واجنبا أن نُصلِّى بلا انقطاعٍ ككلمات الطوباوى بولس (1تس5: 7)، وكما هو معروف لنا حسناً ومؤكد لنا ان ذاك الذى نقدم له سؤلاتنا قادر أن يحقق لنا كل شئ. لقد قيل: "ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة، لأن المرتاب يشبه موجاً من البحر تخبطه الريح وتدفعه، فلا يظن ذلك الإنسان أنه ينال شيئاً من عند الرب" (يع1: 6 - 7). فمن هو مرتاب يرتكب بالحق سخرية، فإن كنت لا تؤمن أنه يقترب إليك ويبهجك ويتمم طلبتك لا تقترب إليه بالكلية، لئلا تُوجد متهماً القدير بكونك فى غباوة مرتاباً. إذن لنتجنَّب هذا المرض الدنئ (الارتياب).

الله ينصت للذين يقدمون له صلواتهم لا بتراخٍ أو إهمالٍ بل بجديةٍ واستمرارية، هذا ما يؤكد لنا المثل الماثل بيننا. فإن كان مجئ الأرملة المظلومة قد غلب القاضى الظالم الذى لا يخاف الله ولا يهاب إنساناً، حتى وهبها طلبتها بغير إرادته (لو18: 1 - 8)، أفليس ذاك الذى يحب الرحمة ويكره الظلم، الذى يمد يده على الدوام لمحبيه، يقبل الذين يقتربون إليه ليل نهار، وينتقم لهم بكونهم مختاريه؟ [50]].

خامساً: سَلِّم الأمر فى يدّ الله. يرى القديس أغسطينوس أن سرّ استجابة الله لصلوات داود وإعطاء أذنيه لكلام فمه هو تسليم الأمر بين يدى الله، تاركاً القرار بين يديه، إذ يقول: [انت مريض، فلا تملي على الطبيب الأدوية التى يختارها لك. إن كان مُعَلِّم الأمم، بولس الرسول، يقول: "لأننا لسنا نعلم ما نصلى لأجله كما ينبغى" (رو8: 26)، فكم بالأكثر يكون حالنا نحن؟!] كما يقول: ليت المريض لا ينسحب من يدى الطبيب، ليته لا يُقَّدِّم مشورة للطبيب. ليكن الأمر هكذا فى كل الأمور الزمنية.].

سادساً: لنطلب بالإيمان لا بالجدال. يقول القديس أغسطينوس: [الأثر الكامل للإيمان هو هذا: يجعلنا نسأل فنأخذ، نطلب فنجد، نقرع فيُفتَّح لنا. بينما الإنسان الذى يجادل، يغلق باب رحمة الله أمام نفسه[51].].

سابعاً: لنطلب أن نقتنى الله نفسه لا الزمنيات. الصلاة، فى ذهن القديس أغسطينوس، هى لغة شوق النفس نحو الله. هى ترجمة لاشتياق القلب. إنه يقول: [الصلاة هى بلوغ العقل المملوء حباً إلى الله، إنها تشغل الذهن والقلب، الفكر والرغبة، المعرفة والحب. الحياة الكاملة للمسيحى الصالح هى رغبة مقدسة[52].] [وآسفاه. إنه من السهل أن تطلب أشياء من الله ولا تطلب الله نفسه، كأن العطية أفضل من العاطى[53].] كما يقول: [أيها الإنسان الطمَّاع، ماذا تطلب؟ إن كنت تطلب شيئاً آخر، ماذا يشبعك إن كان الله نفسه لا يشبعك[54]؟] كما يقول: [عندما تسألون أموراً زمنية لا تسألون شيئاً. "من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً" (يو4: 13)... اسألوا ما يشبعكم! تحدَّثوا بلغة فيلبس: "يارب أرنا الآب وكفانا" (يو14: 8). قال له الرب: أنا معكم كل هذا الزمان ولم تعرفنى؟ من رآنى يا فيلبس، فقد رأى الآب أيضاً "(يو14: 9 Vulgate). قدم تشكرات للمسيح الذى صار ضعيفاً لأجلكم لأنكم ضعفاء، ولتكن رغباتكم معدة لإدراك لاهوت المسيح لكى تشبع به[55].].

وأيضاً يقول: [قوله: "كل ما طلبتم (من الآب باسمى يعطيكم يو16: 23)" يجب ألا يُفهَم أنه أى طلب كان، بل أى شئ يكون بالحقيقة له علاقة بالحياة المطوَّبة. وما جاء بعد ذلك: "إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي، يُفهَم بطريقتين: إما أنكم لم تطلبوا باسمي، إذ لم تعرفوا اسمي بعد كما يجب، أو أنكم لم تطلبوا شيئاً، إن قورن بما يجب أن تطلبوه، فما تطلبونه يُحسَب كلا شئ[56].].

[الله لا يمنع محبة هذه الأشياء بل أن نجد سعادتنا فى حُبِّنا لها. يليق بنا أن نجعل حب خالقنا هو غاية تقديرنا لهذه الأشياء... فالمهر يُقَّدَّم للمخطوبة لكى فى مهره لها تحبه هو. هكذا يعطيك الله كل شئ، فلتحب ذاك الذى صنعها[57].] [لا تطلب شيئاً من الله، بل عطية ذاته لك[58].].

[أن تترجَّى الله من الله، هذا هو أن تحب الله صاحب النعمة[59].] [ليس بعدل يُحب ما يأتى من الله إن كان الله نفسه يُنسى بسببه[60].] [لا تجد شيئاً يقدمه لك أفضل من ذاته، لكن إن كنت تجد ما هو أفضل منه اطلبه بكل وسيلة[61].] [هل لا يوجد لدى الله مكافأة؟ لا توجد إلا عطية ذاته! [62]].

[ليتنا لا نكون مجاهدين فى الحوار وكسالى فى صلواتنا (عنهم). لنصلِ أيها الأعزاء المحبوبين، لنصلِّ لكى يعطينا الله النعمة، حتى لأعدائنا وبالأخص عن إخوتنا والمحبوبين[63].] [ "عينا الرب نحو الصديقين وأذناه إلى صراخهم" (مز34: 15)... ربما تقول: لقد صرخت إليه، ولكنى لازلت فى محنة. فقط تمسَّك بطرقه، وعندما تكون فى محنة يسمع لك. هو طبيب، ويُقَدِّم لك نوعاً من التطهير. إنك تصرخ، لكنه يبقى يقطع ولا يرفع يده حتى يقطع حسب مسرته. فإن الطبيب الذى يسمع للشخص ويتوقَّف عن أن يجرح ويطهر إنما هو قاسي. الأمهات تواصلن فى استحمام أطفالهن من أجل صحتهتم. أما يصرخ الأطفال بين أياديهن؟ هل هؤلاء قاسيات لأنهن لا يتوقفن ولا يبالين بدموع أطفالهن. ألسن مملوءات حناناً؟... هكذا فان الله أيضاً مملوء حباً، لكنه يبدو كمن لا يسمع. إذ لا يتوقَّف حتى يشفينا أبدياً. ربما يقول الشرير، إننى أفعل الشرّ وأنا فى أمان، لأن عينى الرب ليست نحوى، إنما الرب يصغى للأبرار، وليس لى، أفعل ما أريد وأنا فى أمان. إذ يرى الرب أفكار البشر قيل: "وجه الرب ضد عاملي الشر، ليقطع من الأرض ذكرهم" (مز34: 16؛ 1بط 3: 12) [64].

[خلقتنا لك يا رب، ولن تستقر قلوبنا حتى تستريح فيك[65].].

[تقول للرب: ملجأى وحصنى، إلهى فأتكل عليه "(مز91: 2). من الذى يقول هكذا للربّ؟" الساكن فى ستر العلي "، وليس فى ستره هو. من هو هذا الذى يسكن فى ستر العلي؟ ذاك الذى لا يتكبر مثل هذين اللذين أكلاّ (من شجرة معرفة الخير والشر) ليصيرا إلهين، ففقدا خلودهما الذى خُلِقا عليه. لقد اختارا أن يسكنا فى سترهما، لا فى ستر العلي. هكذا أنصتا إلى مشورة الحية (تك3: 5)، واستخفَّا بوصية الله، واخيراً اكتشفا أن ما هدَّد به الله تحقَّق فيهما وليس وعد الشيطان لهما. لذلك لتقل أنت أيضاً:" عليه أتكل، فهو ينجينى، ولست أنا أنجى نفسى[66].].

ثامناً: صلىِ من أجل الأخرين. يقول القدِّيس أغناطيوس الثيوفورُس: [بالصلاة من أجل الآخرين: صلّوا بلا انقطاع من أجل الآخرين فإنّه يُرجى فيهم التوبة ليبلغوا إلى الله[67].].


[45] Monast. Cap 1.

[46] In Luc 12: 6 - 49 ترجمة مدام عايدة حنا.

[47] On Renunciation of the World, (Frs. Of the church, volume 9, p. 28 - 29).

[48] - تفسير المزمور 28 (29).

[49] Const. Mon. 1.

[50] On Luc hom 119.

[51] On Man's Perfection in Righteousness 40: 20.

[52] Tr. on 1 John 6: 4.

[53] On Ps. 2: 76.

[54] Ser. 105.

[55] Sermon on N. T. Lessons, 6: 95.

[56] St. Augustine: On the Gospel of St. John, tractate 2: 102.

[57] Tr. on 1 John 11: 2.

[58] Sermon 4: 331.

[59] Sermon 3: 304.

[60] Confession 12: 4: 18.

[61] On Ps 10: 53.

[62] On Ps 32: 72.

[63] Gift of Perseverance 66.

[64] On Ps. 34. (33).

[65] Confession 1: 1: 1.

[66] On P. s 91 (90).

[67] Ephes. 1: 10.

8- هل يجوز لنا أن نطلب التعرُّض لضيقات جسدية؟

6- ما هى فاعلية الصلاة؟