ما هو الدافع لفكرة الألف سنة الحرفية فى بعض كتابات الكنيسة الأولى؟

كارت التعريف بالسؤال

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ7 – الأخرويات والحياة بعد الموت – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هو الدافع لفكرة الألف سنة الحرفية فى بعض كتابات الكنيسة الأولى؟

بعدما تعرضنا لتفسير النص السابق الذى يتحدث عن الملك الألفى أو القيامة الأولى نود أن نبين للقارئ أن وُجد فكر جاء عرضاً بين كتابات الآباء فى القرون الثلاثة الأولى وهو تفسير النص بصورة حرفية أن الرب يملك على الأرض مع مؤمنيه ملكاً زمنياً لمدة ألف سنة. غير أنه يليق بنا أن نفصل بين ما جاء فى الكتابات الأولى وكتابات المحدثين فى هذا الأمر.

نحن نعلم أن اليهود لهم فكرى المادى، لذلك رفضوا ربنا يسوع بسبب رفضه الملك الزمنى. وإلى يومنا هذا لازال بعضهم ينتظرون المسيح الذى يملك زمنياً على العالم كله. هذا الفكر دخل إلى الكنيسة فى بدء نشأتها عن طريقين:

أ. دخول اليهود إلى المسيحية ومعهم بعض تصوراتهم المادية[47]، فبثوا هذه الأفكار عرضاً الكتابات والعظات لهذا نجد مثلاً الأب بابياس من رجال القرن الأول يتصور ملكاً زمنياً مادياً لمدة ألف سنة يحدث فى بداية القيامة فيه تنمو كروم العنب كل كرم يحمل عشرة آلاف فرع وكل فرع يحمل عشرة آلاف غصن... وإلى غير ذلك من الأمور التى تقبلها من الفكر اليهودى المادى فى سذاجة. ويقول يوسابيوس[48] إن بابياس وصل إلى هذه الكيفية المادية بسبب قصور فهمه للكتابات الرسولية غير مُدرك أن أقوالهم كانت مجازية (روحية) وإليه يرجع السبب فى ان بعض آباء الكنيسة من بعده اعتنقوا نفس الآراء. ويسمى يوسابيوس هذا الأمر "خرافة". وقد انحرف وراء ذلك القديس أغسطينوس فى البداية، لكنه عاد وأدرك الخطأ.

ب. فى قراءة محاورة يوستينوس مع تريفو اليهودى[49] ندرك أن يوستين أخذته الحماسة والغيرة لتأكيد أن كل ما كان لليهود من وعود وبركات قد صارت بكاملها وتمامها لكنيسة العهد الجديد، وبهذا حاول أن يثبت أن ما جاء فى (إش 65: 17 - 25، مى 4: 1 - 7) سيتحقق للمسيحيين وحدهم.

وإننا نجد نفس الأمر مع ترتليان فى محاوراته مع اليهود فبعدما أكد نفس الفكرة أن كل ما بالعهد القديم من وعود صار للكنيسة وحرم اليهود من كل بركة عاد للأسف فحول الفكر اليهودى المادى وجعله للكنيسة.

[47] St. Justin: Dialougue with Trypho, 80 - 81.

[48] - راجع القمص بيشوى كامل: مُلك الألف سنة، مقالات "الحكم الألفى" لمجلة مرقس.

[49] - يوسابيوس ك3 ف39.