ماذا يُقصد بالقيامة الأولى (رؤ 20: 6)؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الأختلافات مع الطوائف, البروتستانت, الحكم الألفي, اللاهوت المقارن, عقيدة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ7 – الأخرويات والحياة بعد الموت – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ماذا يُقصد بالقيامة الأولى (رؤ 20: 6)؟

"ورأيت عروشاً فجلسوا عليها، وأعطوا حكماً، ورأيت نفوس الذين قتلوا من أجل شهادة يسوع، ومن أجل كلمة الله، والذين لم يسجدوا للوحش ولا لصورته، ولم يقبلوا السمة على جباههم وعلى أيديهم، فعاشوا وملكوا مع المسيح ألف سنة. وأما بقية الأموات فلم تعش حتى الألف سنة. هذه هى القيامة الأولى. مبارك ومقدس من له نصيب فى القيامة الأولى. هؤلاء ليس للموت الثانى سلطان عليهم، بل سيكونون كهنة لله والمسيح، وسيملكون معه ألف سنة" (رؤ 20: 4 - 6).

هنا يحدثنا عن القيامة الأولى دون أن يذكر الكتاب المقدس فى كل أسفاره عبارة "القيامة الثانية"، فماذا تعنى القيامة الأولى؟ إننا نعلم أن الخطية دخلت إلى العالم، فملك الموت على كل النفوس، وصرنا نعيش بالجسد لكن نفوسنا ميتة بانفصالها عن مصدر حياتها "الله". إذا جاء ربنا ليقدم لنا قيامة روحية لأنفسنا قبل أن تتمتع أجسادنا مع أنفسنا بالقيامة العامة يوم الدينونة. يقول الرب: "الحق الحق أقول لكم إنه تأتى ساعة وهى الان، حين يسمع الأموات (بالروح) صوت ابن الله والسامعون يحيون" (يو 5: 25). يقول الرسول عن هذه القيامة: "مدفونين معه فى المعمودية، التى فيها أقمتم أيضاً معه بإيمان عمل الله، الذى أقامه من الأموات" (كو 2: 12). وبالتوبة أيضاً نتذوق القيامة ونحن بعد نجاهد. "استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضئ لك المسيح" (أف 5: 14). وهى موضوع اختبار مستمر فى حياة المؤمن اليومية. فالرسول القائل فى صيغة الاستمرار: "لأعرفه وقوة قيامته وشركة ألامه" (فى 3: 10).

فبكل تأكيد نقول إن الكنيسة فى جهادها بالرغم مما تعانيه من آلام إلا أنها تعيش فى الملك الألفى، القيامة الأولى، متذوقة عربون السماويات. وكما يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [كان الإنسان آخر المخلوقات العاقلة، لكن هوذا قد صار القدم رأساً. وبواسطة الباكورة صرنا إلى العرش الملكى... لقد أحضر طبيعتنا إلى العرش الإلهى، لذلك يصرح بولس، قائلاً: "أقامنا معه وأجلسنا معه فى السماويات، فى المسيح يسوع. ليظهر فى آخر الدهور الآتية غنى نعمته الفائق باللطف علينا" (أف 2: 6 - 7). كيف نقول ليظهر فى آخر الدهور الآتية؟ ألم يظهر الآن؟ لقد ظهر فعلاً. ولكن ليس لكل الناس بل لى أنا المؤمن، أما غير المؤمن فلم يظهر له بعد هذا العجب. لكن فى ذلك اليوم تتقدم كل البشرية لترى وتتعجب مما حدث. أما بالنسبة لى فيزداد الأمر وضوحاً[42]].

إذن هؤلاء الذين يحملون الصليب مع ربنا يسوع شاهدين له حتى الموت يتمتعون هنا بالقيامة الأولى، أما بقية الأموات بالروح الذين لا يقبلون الإيمان فلا يتمتعون بالقيامة الأولى، ويسقطون تحت الموت الثانى الأبدى (رؤ 21: 8). نعود فنؤكد ما يقوله القديس أغسطينوس: [لن يكون هناك مجئ للمسيح قبل ظهوره الأخير للدينونة، لأن مجيئه حاصل بالفعل الآن فى الكنيسة وفى أعضائنا. أما القيامة الأولى فى سفر الرؤيا فهى مجازيه تشير إلى التفسير الذى يحدث فى حالة الناس عندما يموتون بالخطية ويقومون لحياة جديدة[43]]. فالحكم الألفى للمسيح على الأرض قد بدأ فعلاً بيسوع المسيح نفسه فى الكنيسة، والقديسون يحكمون الآن فيها.

يقول البابا أثناسيوس الرسولى: [لما ارتدى الكلمة جسداً بدأ كل سم الحية ينطفئ تماماً من الجسد، وبدأت جميع الشرور الصادرة من حركات الجسد تُنزع منه، ومن ضمنها أبيد الموت أيضاً، الذى هو ملازم للخطية، كما قال الرب نفسه: "رئيس هذا العالم يأتى ولا يجد فىّ شيئاً..." (يو 14: 30)، وكما كتب يوحنا أيضاً: "من أجل ذلك أظهر ابن الله لكى ينقض أعمال إبليس" (1 يو 3: 8). فلما نُقضت أعمال إبليس من الجسد، حينئذ تحررنا جميعاً هكذا بسبب قرابتنا مع الجسد (أى مع جسد المسيح)، وصرنا منذ ذلك الوقت متحدين بالله[44]]. كما يقول: [ارتدى الكلمة جسداً مضمداً كل لدغة الحية، نازعاً كل شر ينبغ عن عواطف الجسد، مبطلاً أيضاً الموت المصاحب للخطية... وكما كتب يوحنا: "لأجل هذا أظهر ابن الله ينقض اعمال إبليس" [45]].

يقول القديس غريغوريوس صانع العجائب: [فإذ كانت العذراء الطاهرة تحيا فى حياة نقية. وتسلك فى كل الفضائل، وتعيش فى حياة أسمى من غيرها. لهذا أخذ – المولود من الله الآب – لنفسه منها جسداً حتى يدين الخطية فى الجسد، ويهزم الشيطان المجرب، معلناً بداية القيامة وتأسيس الحياة الأبدية ونشأة الصداقة بين الناس والآب[46]].


[42] - راجع للمؤلف: "هل للشيطان سلطان عليك؟ للقديس يوحنا ذهبى الفم" مقال1.

[43] - مجلة مرقس عدد يناير 68 (عن مدينة الله 20: 6، 7).

[44] Against the Arians 69: 2.

[45] Cf. St. Athanasius: 4 Discourses against the Arans, 89: 2.

[46] - البشارة بالتجسد الإلهى.

ما هو الدافع لفكرة الألف سنة الحرفية فى بعض كتابات الكنيسة الأولى؟

ماذا يعنى بتقييد الشيطان ألف سنة (رؤ 20: 3)؟