ماذا يعنى بتقييد الشيطان ألف سنة (رؤ 20: 3)؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الأختلافات مع الطوائف, البروتستانت, الحكم الألفي, اللاهوت المقارن, عقيدة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ7 – الأخرويات والحياة بعد الموت – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ماذا يعنى بتقييد الشيطان ألف سنة (رؤ 20: 3)؟

"ورأيت ملاكاً نازلاً من السماء معه مفتاح الجحيم، وسلسلة عظيمة على يده. فقبض على التنين الحية القديمة الذى هو إبليس والشيطان، وقيده ألف سنة. وطرحه فى الجحيم، وأغلق عليه، وختم عليه لكى لا يضل الأمم فيما بعد حتى تتم الألف سنة، وبعد ذلك لابد أن يُحل زماناً يسيراً" (1 - 3).

هذا الملاك الذى نزل من السماء وله سلطان على الجحيم وقادر أن يربط الشيطان ويقيده رمز لملاك العهد، ربنا يسوع (ملا 3: 1)، الذى نزل من السماء، وسُمر على الصليب من أجل البشر، حتى يُمزق صك الخطية، وبالتالى لا يكون لإبليس موضع فيهم، وبهذا يقدر المؤمن ان يدوس على إبليس وقوته. وكما يقول الكتاب المقدس[36]: "الآن يطرح رئيس هذا العالم خارجاً" (يو 12: 31).

"إذ محا الصك الذى علينا فى الفرائض، الذى كان ضداً لنا، وقد رفعه من الوسط، مسمراً إياه بالصليب، إذ جرد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهاراً، ظافراً بهم فيه (أى فى الصليب)" (كو 2: 15، 14). "وأما عن دينونة، فلأن رئيس هذا العالم قد دين" (يو 16: 11). "رأيت الشيطان ساقطاً مثل البرق من السماء. ها انا أعطيكم سلطاناً لتدوسوا الحياة والعقارب وكل قوة العدو ولا يضركم شئ" (لو 10: 19).

يوجد فى العهد الجديد شواهد كثيرة تطمئن نفوسنا لا أن طبع إبليس قد قُيد، بل سلطانه، فلم يعد قادراً أن يملك على الإنسان مادام ليس له فى قلبه شئ. أما إذا اختار الإنسان أن يُدخل فى قلبه شيئاً مما لإبليس، فيكون قد سلم نفسه بنفسه للعدو. وما أكثر كتابات الكنيسة الأولى التى تهب للمؤمن رجاء وشجاعة ليحارب إبليس بلا خوف ولا اضطراب، مطمئناً أنه بالصليب يقيده ويحطمه.

يقول القديس أغسطينوس إن الملاك النازل من السماء هو السيد المسيح الذى أخرج الذين كانوا فى الجحيم على رجاء الفداء، كما قُيد سلطان إبليس حتى لا يكون له سلطان على مؤمنيه المجاهدين مدة جهادهم على الأرض[37]]. أما كون الزمن 1000 سنة فيمكن أن تفهم بطريقتين:

أ. الكنيسة فى جهادها تعيش فى يوم "الرب" أى سبت الراحة "Sabbath" هذا الذى ابتدأ بقيامة الرب ولا يغرب أبداً حيث يتمتع القديسون بالراحة اللانهائية، إذ يعبرون من جهادهم إلى الأبدية كامتداد لحياتهم ههنا. واليوم عند الرب كألف سنة، لذلك يُحسب زمنه بألف سنة!

ب. تشير الألف سنة إلى كمال الزمن منذ قيامة السيد، أى منذ دخول الرب "بيت القوى ونهب أمتعته بعد ما ربطه" (مر 3: 27)، واهباً لأولاده أن يجاهدوا ولا يكون لإبليس سلطان إلى أن ياتى ضد المسيح، ويحل إبليس حتى لو أمكن أن يضل المختارين (مت 24: 24).

وإن كان قلة من الطوائف تزدرى بهذا التفسير قائلة كيف تقول إن الشيطان مربوط ونحن نراه يعمل؟ وإنما سيقيد فيما بعد. أترك بعض إخواننا البروتستانت وخاصة اللوثريين يجيبون على ذلك:

فمثلاً يقول شارلس ايردمان إن ربنا وتلاميذه استخدموا كلمات أقوى من الربط والسجن ليصفوا أثر العمل الخلاصى للمسيح على الشيطان. إذ قال "رئيس هذا العالم قد دين"... وأوردJoseph S. Exell فى مجموعة The Biblical IIIustator آراء لمفسرين كثيرين من إخواتنا البروتستانت يُصرون بكل شدة إلا أن يقبلوا أن الشيطان مقيد حالياً بالنسبة للمؤمن الحقيقى.

يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [إن أردنا التغيير فعلاً، علينا أن نستعين بالسيد المسيح. وإن رغبتم فى الصلاح، فلا شئ يعوقكم، ولا أحد يمنعكم، حتى الشيطان ليس لديه قوة عليكم. طالما أخترتم الأفضل، واجتذبتم لله لعونكم. لكن إن لم تريدوا ذلك بأنفسكم، بل تحاشيتم الأمر، فكيف يحميكم؟ لأنه ليس من ضرورة ولا عن إجبار، بل بمحض إرادتكم الذاتية يريد أن يخلصكم[38]].

يقول القديس كيرلس الأورشليمى: [النفس تحكم نفسها ذاتياً. ومع أن الشيطان يقدر أن يقترح عليها، لكنه ليس له سلطان يلزمها بشئ بغير إرادتها. إنه يصور لك فكر الزنا، فإن أردت قبلته، وإن لم ترد تحتقره. لأنك لو كنت زانياً قهراً لما أعد الله جهنم؟! وإن كنت صانع برّ بالطبيعة وليس بإرادتك لما أعد الله أكاليل مجد لا يُنطق بها؟! الغنم وديع، لكنه لا يكلل على وداعته، لأنها ليست باختياره بل بحكم الطبيعة[39]].

يقول القديس مرقس الناس: [أفكار الشيطان هى مجرد تصور عقلى محض لشئ (أو عمل) شرير والذى يُمكنه من التملك علينا أو حتى مجرد الاقتراب إلى عقلنا هو ضعف إيماننا. لأننا بعدما تسلّمنا الوصية لنطرح عنا كل الارتباكات ونحفظ قلوبنا فى يقظة كاملة (أم 4: 23)، ونطلب ملكوت الله الذى هو فى داخلنا، إذ تخلى العقل عن القلب وعن الغرض الذى نسعى إليه، بهذا أفسحنا المجال فى الحال لتخيلات الشيطان، وصار العقل متساهلاً فى قبول أى مشورة شريرة. حتى إلى هذا الحد، ليس للشيطان أى سلطان أن يحرك أفكارنا وإلا ما كان يرحمنا بل كان يدس لنا كل أنواع الأفكار الشريرة ولا يسمح لنا بأى صلاح. إنما قدرته محصورة فى مجرد تقديم مشورة كاذبة فى بدء كل فكر، ليختبر أى جهة يميل إليها قلبنا: هل يميل إلى مشورته أم إلى مشورة الله؟ لأنهما نقيضان[40]].

يقول القديس دوروثيؤس من غزة: [هذه هى قوة السرّ، وهذا هو السبب الذى لأجله مات المسيح هنا، لكى يرجعنا نحن الموتى إلى الحياة، ويردنا من الجحيم إلى محبته وشفقته. والآن أصبح لدينا القدرة أن نرجع ثانية إلى الفردوس، ولم يعد لعدونا أية قدرة كما كان له من قبل ولم يعد يأخذنا الشيطان عبيداً له].

يقول القديس إيرينيؤس: [خلال الآلام صعد الرب إلى العُلى وسبى سبياً، وأعطى الناس عطايا (مز18، 68؛ أف 4: 8)، ووهب الذين يؤمنون به سلطاناً أن يدوسوا على الحيات والعقارب وكل قوة العدو (لو 10: 19)، أى سلطان على قائد الارتداد[41]].


[36] راجع القمص بيشوى كامل: "ملك الألف سنة" سلسلة إيمان كنيستنا القبطية الأرثوذكسية رقم 3.

[37] - راجع مدينة الله 20: 7 (بتصرف).

[38] Homilies on Matthew, 6: 22.

[39] Catechetical Lectures, 21: 4.

[40] - الأب مرقس الناس: توجيهات منتخبة عن أحاديثه الأخرى، 21.

[41] Adv. Haer 24: 5: 20: 2: 3.

ماذا يُقصد بالقيامة الأولى (رؤ 20: 6)؟

كيف نتغلب على آلام الفراق؟