ما هى مراحل الكاتيشيزم القبطى عبر العصور؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الكاتيكيزم - الكاتيشيزم المسيحي, اللاهوت الكرازي, عقيدة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ1 – مقدمات في الكاتيشيزم القبطي – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هى مراحل الكاتيشيزم القبطى عبر العصور؟

يليق بنا أن نسجل الظروف التى عاشت فيها الكنيسة القبطية منذ نشأتها حتى العصر الحالى لإدراك حقيقة تعليمها الكنسى، ولكى ننتفع من خبرتها الطويلة خلال الواحد وعشرين قرناً.

لم يفارق الاضطهاد الكنيسة القبطية منذ نشأتها فى منتصف القرن الأول حتى هذا القرن الحالى. لقد تعجبت مدام بوتشر أستاذة التاريخ بجامعة أكسفورد، إذ قالت إن بقاء الأقباط إلى يومنا هذا يُعتبر أحد عجائب الدنيا.

تطلع إشعياء النبى فى القرن الثامن ق. م. إلى كنيسة الأقباط، وسجل بروح النبوة أروع صورة لنشأتها.

لقد عانت الكنيسة الكثير من الاضطهادات حتى من المسيحيين أنفسهم حين كان يضطهدها إمبراطور القسطنطينية ويعين لها بطريركاً ويعطيه السلطان كوال لا يكف عن ممارسة الاضطهاد حتى على الرهبان فى الأديرة والصحارى ليوقعوا على طومس لاون.

حقاً إننا نشكر الله الذى سمح لمصرنا التى تنبأ عنها إشعياء النبى أن تمر بفترات تبدو غاية فى المرارة ولمدد طويلة، لكنها قدمت لنا الفرص أن نسبح المصلوب قائلين مع الرسول: "مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فىّ" (غل2: 20).

لقد قدّم لى أحد الأحباء خطاباً أرسله شخص إلى بعض الشركات والأشخاص القادرين بأمريكا، جاء فيه أنه يطلب المساهمة فى العمل الكرازى الذى سيقوم به فى زيارته إلى مصر، وحسب نفسه أنه سيقدم المسيح للأقباط الذين قدموا شهداء لكن كنيستهم ميتة لا تعرف المسيح (فى نظره)! لسنا ندافع عن كنيستنا، فيوم الرب ليس ببعيدٍ لنرى أفواج الشهداء البسطاء والرعاة واللاهوتيين الأتقياء كعروس سماوية تجلس عن يمين ملك الملوك!

إن الضيق الذى حل على الكنيسة عبر العصور ساهم فى إبراز الإيمان الحى والتعاليم المستقيمة وعمل الثالوث القدوس فى الكنيسة دون انحراف نحو أمجاد العالم والانشغال بالسياسات الزمنية، بل التركيز على انتظار مجئ الرب على السحاب.

المرحلة الأولى: الكاتيشيزم فى العصر الرسولى

1 - الحدث الرئيسى فى القرن الأول هو كرازة الإنجيلى مرقس الرسول فى مصر التى باركها ربنا يسوع والتجأ إليها من وجه هيرودس (مت2: 13). قام القديس مرقس الرسول بسيامة أنيانوس أسقفاً على الإسكندرية. كان ما يشغل قلب الكنيسة الكرازة بإنجيل الخلاص، والكشف عن الحب الإلهى لكل بنى البشر، وليس لشعب معين وحده.

بدأت المسيحية فى مصر بحركة بسيطة لكنها عميقة للغاية[1]1. فقد صرخ إنيانوس الإسكافي: "يا الله الواحد"، عندما اخترق المخراز يده وهو يُصلح حذاء القديس مرقس. أبرأ القديس مرقس الرسول يده باسم ربنا يسوع المسيح. بهذا شهد لله الواحد الذى آمن به إنيانوس دون أن يعرفه. وتحدث معه القديس مرقس عن الله الذى يشفى ليس فقط أجسادنا بل وطبيعتنا البشرية بيسوع المسيح، كلمته المتجسد، واعتنق إنيانوس المسيحية، وسامه مار مرقس أول أسقف للإسكندرية.

يليق بنا هنا أن نلاحظ أمرين:

أ. لم يهاجم القديس مرقس الديانة المصرية الوثنية آنذاك، لكنه على العكس استخدم كلمات إنيانوس: "يا الله الواحد" كنقطة بداية للكرازة بالحق الإنجيلى. وموقفه هذا يشبه ما صنعه بولس الرسول فى أثينا، إذ قال: "فالذى تتقونه وأنتم تجهلونه، هذا أنا أنادي لكم به" (أع17: 23)، كما قال: "لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد كما قال بعض شعرائكم أيضاً ذريته" (أع17: 28) وقد سار آباء الإسكندرية على نفس خطوات القديس مرقس، فكرزوا بالحق الإنجيلى غير المتغير للمصريين ولأصحاب الثقافة الهيلينية (اليونانية) بالإسكندرية، فكانوا يتحدثون ببساطة للبسطاء، وبلغة الفلسفة للفلاسفة.

ب. استخدم القديس مرقس حادثة شفاء جرح إنيانوس باسم المسيح يسوع كنقطة بداية ليكرز بالإنجيل. هكذا لم يظهر الله كفكرة مجردة يعتقد بها الإنسان، وإنما يعلن عنه كمخلص يشفى البشرية كلها ويخلصها. هذا هو المبدأ الأساسى للاهوت السكندرى حتى يومنا هذا، فهو لاهوت خلاصى Soteriology. إننا نعرف الله ليس من خلاص مناقشات نظرية جافة، وإنما من خلال أعماله الخلاصية، حيث يهبنا المعرفة الجديدة والحياة الجديدة والخلود.

بذر بحق القديس مرقس في تربتنا اللاهوتية البذرة التى أنتجت ثماراً على مرّ العصور، إحدى هذه الثمار العلاقة الوثيقة بين المعرفة اللاهوتية والخلاص العملى. فالله يمنحنا المعرفة، ولكن ليس بمعزل عن الخلاص، يظهر هذا الفكر بوضوح فى لاهوتيات القديس إكليمنضس السكندري الذي يقدم لنا يسوع المسيح كمعلم إلهى Paedagogus وكطبيب، قائلاً عنه: [الطبيب الواهب الشفاء الكلى للبشرية جمعاء[2]1.] بمعنى آخر المعرفة الإلهية عند القديس إكليمنضس لا تنفصل عن خلاصنا، وقد كتب بصراحة هكذا: [إنها مشيئة الله أن نبلغ معرفة الله، التي هي سبيلنا للخلود[3]2.] كما كتب: [صار الكلمة إنساناً لكى تتعلموا كيف يصير الإنسان إلهاً. [4]3] بهذا ندرك لماذا لم يتحدث معنا كلمة الله المتجسد بألفاظ لاهوتية، ولم يضع لنا صيغة إيمان ثالوثى، إنما فى بساطة أعلن لنا عن الثالوث القدوس خلال أعماله الخلاصية.

2 - إذ كانت مدرسة الإسكندرية الفلسفية التى أنشأها بطليموس قائمة، مع تأسيس أكبر مكتبة فى الشرق، ووجود مدارس يهودية، كان لزاماً أن تُؤسس مدرسة الإسكندرية المسيحية. يرى القديس جيروم أن القديس مارمرقس هو مؤسسها[5]4، ويعتبرها كثير من الدارسين أول مدرسة مسيحية فى العالم.

المرحلة الثانية: ازدهار مدرسة الإسكندرية فى القرن الثانى

تكشف كتابات العلامة أثيناغوراس والقديسين بنتينوس وإكليمنضس والعلامة أوريجينوس عمداء مدرسة الإسكندرية فى القرن الثانى عما كان يشغل برنامج المدرسة وتعاليمها وهى:

1 - الاهتمام بتفسير كلمة الله، فقد قام بنتينوس بتفسير الكتاب المقدس كله، وإن كان لم يصلنا منه إلا بعض المقتطفات القليلة.

ويُعتبر العلامة أوريجينوس أمير شرَّاح الكتاب المقدس، وهو يقسم طرق التفسير إلى:

أ - التفسير الرمزى، وقد بالغ فيه حتى حسب كل كلمة فى الكتاب المقدس لها تفسيرها الرمزى.

ب - التفسير الأخلاقى، حيث يقودنا الكتاب المقدس إلى السلوك فى المسيح يسوع.

ت - التفسير الحرفى أو التاريخى.

وإني أرجو الحديث عن هذه المناهج الثلاثة للتفسير، وخطورة المبالغة فى أى منهج منها.

2 - التماس (أثيناغوراس) عن المسيحيين، حيث قام بالدفاع عن الاتهامات الموجهة ضد المسيحيين. فى دفاعه أبرز سمو الإيمان المسيحى، وكأنه حسب دفاعه فرصة للكرازة للإمبراطور مرقس أوريليوس أنطونيوس (161 - 180م) وشريكه فى الحكم ابنه كومودوس Commodus.

3 - فى مقاله عن "قيامة الموتى" استخدم براهين فلسفية، لأنه موجّه للفلاسفة الذين يرفضون قيامة الأجساد.

هذا وتكشف الكتابات الرئيسية للقديس إكليمنضس السكندرى عن منهج المدرسة:

أ - "نصح لليونانيين" Protrepticus: حيث يدعو اللوغوس "كلمة الله" البشرية للخلاص من براثن الوثنية خلال الإيمان. هنا يبرز شخص السيد المسيح أنه المخلّص وهو "الهادى".

ب - المعلم أو المربى Paedagogus. يحث السيد المسيح المؤمنين على الحياة الأفضل، بكونه المرشد السماوى، والقائد إلى السماويات.

ت - المتفرقات Stromata أو المتنوعات. لم يكمل هذا العمل، لكنه يؤكد أن الفيلسوف المسيحى يجد كل الكفاية لاحتياجاته فى الإنجيل. يُعتبر القديس إكليمنضس أول من قام بتزويج الفلسفة بالإيمان. ففى نظره إن كان الله قد سلم اليهود الشريعة لتقودهم إلى المخلّص، فقد وهب ما هو حق فى الفلسفة لكى تقود الأمم إلى المخلّص.

بهذا يكشف لنا القديس عن المنهج المسيحى للكرازة. إننا لا نهاجم الآخرين، وإنما بالحب مع الحكمة نطلب من الله أن يرشدنا كيف نقدم كلمته القادرة أن تُشبع النفوس وتسمو بالنفوس لتختبر عربون السماويات.

المرحلة الثالثة: آباء الإسكندرية وعصر المجامع المسكونية

من يدرس المجامع المسكونية الأولى، يلتقى برجال الفكر المسيحى الإسكندرى كأبطال إيمان وقادة فكر على مستوى مسكونى. لقد كان لمدرسة الإسكندرية دورها الإيجابى يسند قادة كنيسة الإسكندرية بل والغيورين من الشعب فى الاهتمام باستقامة الإيمان والشهادة لإنجيل المسيح كلما حانت لهم الفرصة. لم يشغل كنيسة الإسكندرية الخوض فى السياسة الزمنية. لأن الإسكندرية عاشت خاضعة للدولة الرومانية تحكمها روما، ثم بيزنطة فيما بعد، حتى دخول العرب مصر، إنما يسندهم مركزهم الروحى التقوى اللاهوتى والإنجيلى، فكانت مدرسة الإسكندرية بما تحمله من قوة الروح ومن الفكر اللاهوتى العميق والدراسات الكتابية سرّ قوة آباء الإسكندرية.

لم يطمع آباء الإسكندرية فى مراكز قيادية لأغراض شخصية، إنما اتساع قلبهم بالحب الإلهى وعمق دراساتهم جذبت الكثيرين إلى مدرسة الإسكندرية وإلى برية مصر، يرتوون بلاهوتياتها ويتدربون على الحياة النسكية على أيدي رهبان مصر. هذا بجانب ما اتسم به الأقباط منذ فجر المسيحية بالغيرة على الإيمان المستقيم، فكان لهم دورهم الإيجابى لعلاج الكثير من المشاكل اللاهوتية فى الشرق كما فى الغرب. لم يُقحموا أنفسهم فى مشاكل كنائس أخرى، ولا تطفلوا عليهم، إنما بروح الحب والوحدة وخلال علاقات الأخوة الصادقة كانوا يُستدعون لحل هذه المشاكل أو يُطلب إليهم خلال رسائل متبادلة[6]1.

عندما قبل الأباطرة الإيمان المسيحى، وهدأت موجات الاضطهاد المتوالية وجد الهراطقة مجالات متسعة لنشر أفكار مضادة للإيمان، خاصة أريوس ونسطور وأوطيخا وأبوليناريوس الخ. وكان لابد لآباء الإسكندرية أن يكون لهم دورهم الإيجابى فى محاولة رد الهراطقة بطول أناة، لكن ليس على حساب الإيمان الكنسى الإنجيلى. لهذا ساهمت كنيسة الإسكندرية فى المجامع المسكونية الثلاثة.

أ - المجمع المسكوني الأول بنيقية سنة 325م حيث قاومت الكراسى الأربع أورشليم وأنطاكية وروما والإسكندرية بدعة أريوس، الذي أنكر لاهوت السيد المسيح. وقد وضع المجمع قانون الإيمان الذى يدعوه أغلب الدارسين "قانون الإيمان الأثناسيوسى"، نسبة إلى البابا أثناسيوس الرسولى السكندرى. أغلب الكاتيشيزم التى ظهرت حديثاً أبرزت هذا القانون وشرحته باختصار لعامة الشعب وللجيل الجديد كما للدارسين.

[لقد قدّرت كنيسة الإسكندرية ومنذ وقت مبكر جداً، قيمة إسهامات القديس أثناسيوس اللاهوتية فى تحديد وصياغة مضمون الإيمان والمحافظة على التقليد الرسولى الذى استلمته الكنيسة من تلاميذ الرب نفسه، بل وترتيبه "للمعرفة الرسولية" كما يذكر القديس كيرلس الإسكندرى عنه[7]1. ولقد وضح هذا التقدير لبابا الإسكندرية والعشرين فى أن الكنيسة قد لقبته فى نصوصها الليتورجية "بالرسولى" [8]2].

قد سبق لي الحديث عن البابا أثناسيوس والأريوسية، وشهادة الكتاب الغربين له[9]3.

ب - المجمع المسكونى الثانى بالقسطنطينية عام 381م. اهتم المجمع ببحث هرطقة مقدونيوس بطريرك القسطنطينية الذى اعتقد بأن الروح القدس مخلوق. كما نظر المجمع فى هرطقة أبوليناريوس الذى فى دفاعه عن لاهوت المسيح أعتقد أن الكلمة اخذ جسداً بدون نفس بشرية لقد ظن أن النفس البشرية لها إرادة بشرية فيكون السيد المسيح بإرادتين: إرادة اللاهوت وإرادة الناسوت، وبذلك يكون شخصين. اشترك في المجمع تيموثاوس بابا الإسكندرية مع نكتاريوس بطريرك القسطنطينية وغريغوريوس الثاؤلوغوس وغريغوريوس أسقف نيصص. ذكر المؤرخ Sozomen أن عدد الأساقفة نحو 150أسقفاً، برئاسة تيموثاوس أسقف كرسى الإسكندرية[10]4.

ج - مجمع المسكوني الثالث بأفسس[11]5: انعقد فى عام 431م تحت رئاسة كيرلس الإسكندرى، اشترك فيه مائتا أسقف لمحاكمة نسطور الذى استخدم عبارة خريستوتوكوس عن السيدة العذراء وميَّز بين الإنسان يسوع المولود من مريم وابن الله الساكن فيه، فهو يرى أنه يوجد شخصان متمايزان فى المسيح: ابن مريم وابن الله. اتحدا ليس أقنومياً بل على مستوى أخلاقى. لذلك لا يُدعى المسيح الله بل "ثيؤفورون" أى "حامل الله". وذلك كما أن يُسمى القديسون من أجل عمل النعمة الإلهية فيهم. وبالتالى فإن مريم ليست والدة الإله، بل والدة الإنسان يسوع الذى سكنه اللاهوت. انتقد نسطور وأتباعه المجوس لسجودهم للطفل يسوع، كما نادوا بأن اللاهوت انفصل عنه لحظة الصلب.

ما هو أثر المجامع الثلاثة على كاتشيزم الكراسى المسيحية أو الكنيسة الجامعة؟

جميع الكنائس الرسولية، سواء الأرثوذكسية الخلقيدونية، أو غير الخلقيدونية أو الكنيسة الكاثوليكية بروما تعتبر أن هذه المجامع الثلاثة المسكونية لها الفضل فى إيضاح الإيمان خاصة الثالوث القدوس والرد على كثير من الهرطقات التى ظهرت فى هذه الفترة. ومع وجود بعض الخلافات البسيطة للغاية فى التعبير، غير أن هذه المجامع ناقشت بروح الحب مع الغيرة المقدسة على الإيمان.

أما بالنسبة لمجمع خلقيدونية في عام 451م، فتعتبر بعض الكنائس الرسولية أنه لم يأت بجديد، إنما هو شرح وتوضيح لما جاءت به المجامع الثلاثة الأولى. جاء حوارنا غير الرسمى والرسمى مع الكنائس الرسولية الأرثوذكسية الخلقيدونية والكنيسة الكاثوليكية فى أواخر القرن العشرين بانفتاح. وأدرك الكل أننا لسنا أوطاخيين كما كانوا يظنون، أى لسنا ننادى بأن الناسوت تلاشى باللاهوت.

لقد وصلنا إلى نتائج إيجابية مع إخوتنا الأرثوذكس الخلقيدونيين.

أذكر على سبيل المثال فى أول اجتماع رسمي بين العائلتين رفض الخلقيدونيين دعوتنا "أرثوذكس"، وكانوا مصممين على دعوتنا كنائس شرقية قديمة. بعد حوار مملوء حباً حدث الآتى:

أولاً: بعد عدة سنوات فى لقاء مع أحد اللاهوتيين اليونايين، قلت له: هل تذكر رفضتم دعوتنا "أرثوذكس"؟ فابتسم وقال: إننا نشعر فى وحدة معكم ربما أكثر من الوحدة التى بيننا نحن الأرثوذكس الخلقيدونيين فيما بيننا.

ثانياً: إن أحد الأحباء وهو كاهن مشهور قام بالإشراف على الدكتوراه لبعض الأقباط بإنجلترا، كان يقوم بالرد على كل من يتهم القديس ديسقورس بالهرطقة، وكان يقول: لدىّ محاضر مجمع خلقيدونية باللغة اليونانية، وهى تشهد بأنه لم يُتهم هذا القديس ديسقورس بالهرطقة، بل كان اتهامه بأنه أهان بابا روما.

ثالثاً: عندما انفتحت العائلتان الأرثوذكسيتان بروح الحب المتبادل، كان عند دخول هذا الأب، يهمس البعض من الخلقيدونيين لقد جاء المدافع عن الكنيسة القبطية.

رابعاً: أذكر بروح الحب أنه بعد انعقاد إحدى الجلسات للعائلتين، عاد الأستاذ الدكتور فيداس اليونانى إلى الجامعة باليونان وطلب أن يقف تلاميذه الأقباط وقال أمام جميع الطلبة إننى فخور بالأقباط وأسرّ أن يدرسوا معنا، وأن لهم مكانة خاصة عندى.

لقد عشنا فى الجلسات الأخيرة أو الحلقات الأخيرة نشعر بروح الحب والوحدة، وأقيمت حلقات لدراسة الوحدة فى الطريق العملى وفى الجانب الرعوي. وإن كنت لم أشترك فيها لأن ما كان يشغلنى أولاً وحدة الإيمان والعقيدة والتعليم.

المرحلة الرابعة: مجمع خلقيدونية والكاتشيزم القبطي

فى المنتصف الثانى من القرن العشرين، إذ وهب الله الكثيرين محبة الوحدة الكنسية على أساس المحبة الصادقة واستقامة التعليم، قام بعض الدارسين من الفريق الخلقيدونى والفريق غير الخلقيدونى بدراسة محاضر جلسات مجمع خلقيدونية. وفى اشتياقنا إلى المحبة المخلصة فى المسيح يسوع مع التمسك باستقامة الإيمان لا نريد الحديث عن موقف بابا روما من بابا الإسكندرية، إذ كان الأخير فى كل المجامع الثلاثة الأولى له دوره وتقديره حتى عند الأباطرة، بينما بابا روما كان يكتفى بإرسال مندوبين عنه، وأحياناً لم يرسل أحداً، ومع ذلك يعتز كرسى روما بالثلاثة المجامع المسكونية الأولى.

الحوار بين الكنائس دعانى لإبراز الفكر اللاهوتى، وقمت بنشر مقالات وكتب عن هذا الفكر، بالإنجليزية والعربية، منها:

1 - الطبيعة والأقنوم عند آباء الكنيسة الأولى.

2 - طبيعة المسيح Christology.

3 - تخصيص فصل عن القديس ديسقورس فى كتاب: "الكنيسة القبطية كنيسة علم ولاهوت".

هذا وقد قام اللاهوتي الهندى[12]1 بنشر رسالة الدكتوراه الخاصة بإعادة تقييم مجمع خلقيدونية بالإنجليزية وتُرجمت إلى العربية. هذا وقد اقتبست مقتطفات لبعض الدارسين من رجال الكنيسة الأرثوذكسية الخلقيدونية، ورجال الكنيسة الغربية يشيدون بأن بعض عبارات واردة فى طومس لاون يمكن أن تفسر بأنها تحمل ميول نسطورية إن أخذت بمفردها.

ما يشغلنى هنا ليس الدفاع عما تحملته الكنيسة القبطية والسريانية من اضطهاد مُر بتسليم كنائسنا للبطريرك الملكى الذى كان يُفرض علينا ويُعطى سلطان مدنى لمقاومة المؤمنين تصل إلى قتل الكثيرين، إنما اكتفى بتقديم تصحيح ما أتهم به القديس ديسقورس فى اختصار شديد[13]2.

القديس ديسقورس وأوطيخا: كان أوطيخا أرشمندريت ورئيس دير بالقسطنطينية، وكان يعيش تحت قيادته حوالى 300راهباً. وهو ناسك شيخ، وُهب البلاغة لكنه لم يكن لاهوتياً حقيقياً. لعب دوراً خطيراً فى الانشقاق الكنسي في القرن الخامس. كان لأوطيخا شهرة فائقة فى كرسى القسطنطينية، وفي الأوساط الديرية، وفى البلاط الإمبراطورى، وعلى مستوى الشعب. هذا يرجع إلى ذكائه وبلاغته مع حياته النسكية وعلاقته الوطيدة بالقصر الإمبراطوري، خاصة خلال قريبه خريسافيوس كبير الحجاب.

فى الواقع لم يكن أوطيخا يمثل اللاهوت الإسكندرى أو الأنطاكى، إنما غيرته الشديدة ضد النسطورية التى كانت قد انتشرت فى تلك المنطقة ودفاعه عن الصيغة الإسكندرية قادته إلى هرطقة أخرى، إذ أخطأ بقوله وجود طبيعتين قبل الاتحاد، ولكن طبيعة واحدة فقط بعده، لأن الطبيعة الإلهية قد ابتلعت الناسوتية، وفقدت الأخيرة تماماً.

ليس بالصعب على أي دارس أن يكتشف شخصية أوطيخا ولاهوتياته من مجرد قراءة إجاباته أثناء مناقشته في مجمعىّ أفسس سنة 448، 449 م. لم يكن بالشخص اللاهوتي، ولا مُدركاً لنظام اللاهوت الإسكندري، إنما تارة يستخدم عبارات أرثوذكسية تضاد أفكاره الرئيسية. ربما لأنه كان متزعزعاً فى معرفته اللاهوتية، أو عن خداع، أو ربما لحذره لئلا يفقد شهرته أو مركزه أو كهنوته.

التجاء أوطيخا إلى الإمبراطور والأساقفة: كتب لاون أسقف روما إلى أوطيخا يمتدحه على غيرته فى الدفاع ضد الثنائية النسطورية، وفى نفس الوقت كتب إلى فلافيانوس يطلب منه الترفق بأوطيخا. لكنه غيّر رأيه ربما عندما سمع أن الإمبراطور كتب إلى القديس ديسقورس بابا الإسكندرية يدعوه إلى عقد مجمع لمناقشة الأمر. لاون الذى لم تكن لديه معرفة صادقة لطبيعة الصراع بين لاهوت الإسكندرية ولاهوت إنطاكية أرسل طومسه (رسالة) إلى القسطنطينية فى 13يونيو 449م، لا من أجل مصالحة الطرفين، وإنما بغية تشويه اللاهوتيين الإسكندريين.

مجمع أفسس الثاني لسنة 449م: إذ اقتنع الإمبراطور ثيؤدوسيوس الثانى بعقد مجمع طلب من ديسقورس أن يمارس سلطته فى المجمع كرئيس، وطلب من يوبيناليوس أسقف أورشليم وتلاسيوس أسقف قيصرية كبادوكية أن يكونا رئيسين شريكين معه.

لم ينطق القديس ديسقورس حتى اللحظة الأخيرة من انعقاد المجمع بكلمة ضد روما، بينما لاون فى رسائله إلى بطريركنا بأنه "السفاح المصرى" و "معلم أخطاء الشيطان" والباذل بقوة جهده لبث التجاديف وسط إخوته. وسنرى كيف أن أناطوليوس أسقف القسطنطينية وغيره قد رفضوا نسب الهرطقة للبابا الإسكندرى.

اعتاد بعض الدارسين أن ينسبوا العنف إلى لاهوتى الإسكندرية وآبائها، حتى بالنسبة للقديسين أثناسيوس وكيرلس.

القديس ديسقورس ومجمع خلقيدونية: بالرغم من الاعتقاد بأن مجمع خلقيدونية عُقد لإدانة أوطيخا، فقد كان فى الواقع موجهاً ضد البابا ديسقورس الإسكندرى، وليس ضد الراهب الشيخ، إذ كان أوطيخا غير حاضر فى المجمع وكان قد نفى فى شمال سوريا قبل عقد المجمع.

فى الواقع أدين ديسقورس لا لهرطقة عقيدية، وإنما لظروف سياسية لعبت الدور الرئيسى فى المجمع.

يقول الأستاذ اليونانى الأب رومانيدس: [لقد حُسب ديسقورس أرثوذكسياً تماماً فى إيمانه فى نظر بعض الآباء القادة فى مجمع خلقيدون مثل أولئك الذين مثلوا أناتوليوس بطريرك القسطنطينية].

ويقول الأب ميثوديوس مطران أكسيوم: [المعلومات التى لدينا لا تصور ديسقورس كهرطوقى، فمن المعلومات التى بين أيدينا واضح أنه كان إنساناً صالحاً، بل والأسقف لاون نفسه حاول أن يكسبه إلى جانبه... هكذا فى خطاب بعث به الإمبراطور ثيؤدوسيوس إلى ديسقورس دعاه فيه إنساناً تشع منه نعمة الله، وديعاً، أرثوذكسى الإيمان.

فى أثناء المجمع أعلن ديسقورس إيمانه مرات عديدة، ولم يُدن بأنه هرطوقى، وإنما لأنه رفض رئيس الأساقفة لاون فى الشركة، ولأنه امتنع عن حضور المجمع رغم دعوته ثلاث مرات.

الأدلة كافية للكشف عن أسباب أخرى لإدانة ديسقورس. فإن روما كانت فى ضجر بسبب الحيوية غير الطبيعية لكنيسة الإسكندرية وبطريركها النشيط].

صادق الملك على قرار المجمع وأصدر أمره بنفي البابا ديسقورس إلى جزيرة غاغرا بآسيا الصغرى. وبقى فى منفاه مدة خمس سنوات صرفها فى هداية الضالين وشفاء المرضى، وانتقل إلى عالم المجد سنة 457م.

ما هى نتائج مجمع خلقيدونية على كاتيشيزم الكنيسة؟

1 - قيام لاهوتيين عظماء مثل مار فيلوكسينوس والبابا تيموثاوس والبطريرك المعلم العظيم القديس سويرس الأنطاكى حافظوا على استقامة الإيمان، وقال عنهم الأب ميندورف إنه لم يوجد لاهوتى فى الجانب الخلقيدونى يقف أمامهم.

2 - بسبب هذا المجمع حُرمت أنطاكية من رعاية بطريركها القديس سويرس الذى هرب إلى مصر متخفياً لمدة 20 عاماً. كما اضطر البابا بنيامين إلى الهروب من الإسكندرية حتى دخل العرب مصر، وأرسلوا إليه رسالة أمان كى يرجع إلى كرسيه.

3 - الاضطهاد المُرّ الذى حلّ على كنيسة الإسكندرية على يد إخوتهم المسيحيين حرّم الشعب والخدام ورجال الكهنوت إلى حدٍ ما من العمل الإيجابى فى الرعاية والتعليم بالرغم من بذلهم كل الجهد للخدمة حتى وهم هاربون من اضطهاد إخوتهم لهم. وكان الملكيون يقتفون آثار حتى الرهبان فى الأديرة والمتوحدين لاستخدام كل وسائل العنف ضدهم.

المرحلة الخامسة: من القرن السابع حتى التاسع

كان دور الحكومات الإسلامية المختلفة، خاصة المتطرفة استخدام العنف فى طرد الأقباط من المراكز الحكومية ومصادرة ممتلكات الأقباط، والالتزام بالتكلم باللغة العربية ومقاومة استخدام أية لغة أخرى فى الحديث والكتاب. وأيضاً القيام بأعمال الإبادة وعزل الأقباط عن العالم الخارجى، حتى صار بقاء الأقباط إلى يومنا هذا إحدى معجزات الدنيا كما قالت مدام Bucher بجامعة أكسفورد.

هذه الظروف دفعت على الحفاظ على العقائد والتقليد والطقوس دون أى انحراف.

المرحلة السادسة: من القرن العاشر حتى الخامس عشر

فى القرن العاشر الميلادى لأول مرة ظهرت الكتابات العربية للأقباط على يد الأنبا ساويروس بن المقفع أسقف الأشمونين، نجد أن كتاباً بعنوان: "الدر الثمين فى إيضاح الاعتقاد فى الدين" يُنسب فى بعض المخطوطات لابن المقفع وفى البعض الآخر للأسقف بولس البوشى (ق13) والذى تأثرت كتاباته بالقديس أثناسيوس، ويشمل هذا الكتاب 15 فصلاً عن عقيدة الكنيسة ويستشهد كاتبه بالكتاب المقدس وأقوال الآباء لإيضاح موضوعات الثالوث القدوس والتجسد والروح القدس. ورد فيه اسم أثناسيوس الرسولى 16مرة مع نصوص له. ولأهمية هذا الكتاب العقائدى القيّم نُسخت منه عدة مخطوطات بلغت 31 مخطوطاً وانتشرت فى مكتبات العالم فى الشرق والغرب.

يُعتبر القرن الثالث عشر الميلادي العصر الذهبي للأدب العربى المسيحى للأقباط، فقد ظهر فى هذا القرن عدد من الكُتّاب يفوق العدد الذي ظهر في القرون السابقة والقرنيين اللاحقين. ويرجع هذا إلى حالة الهدوء والاستقرار والسلام الذى عاشته الكنيسة فى العصر المتأخر للدولة الأيوبية (1171 - 1250) حيث أتيحت حرية التعبير وكثرت مجالات الحوار سواء على مستوى السياسى أو الدينى.

من أهم الكتاب الأقباط الذين ساهموا بكتاباتهم المختلفة فى تكوين وإثراء التراث العربى المسيحى هو الأسقف بولس البوشى كان مرشحاً للكرسى البطريركى بعد نياحة الأنبا يوأنس السادس البطريرك 74 (1189 – 1216م). له عدة مؤلفات جيدة فى تفسير الكتاب المقدس والعقيدة والدفاع عن المسيحية وفى أمور كنسية ورعوية[14]1.

المرحلة السابعة: من القرن السادس عشر إلى القرن العشرين

لعل من أشهر الأحداث فى هذه المرحلة الآتى:

1 - الحروب الصليبية: للأسقف ظن كثير من المسلمين أن الأقباط يناصرون الأوربيين فى حملاتهم الصليبية، وفى نفس الوقت أخذ الصليبيون موقف العداء من الأقباط بكونهم مصريين.

2 - الحملة الفرنسية على مصر والاستعمار البريطانى: مع قصر مدة الحملة الفرنسية (إذ دامت ثلاث سنوات و18يوماً)، قدمت للمسلمين والمسيحيين صورة معثرة للمسيحية. لم يأتمن المسلمون نابليون بونابرت وشعروا أنه يود أنه يخدعهم حين بعث إليهم برسالة يؤكد لهم فيها أنه قادم للدفاع عن الإسلام، كما ارتدى ملابس عربية وكان بكل جسمه يهتز وهو يردد التواشيخ. أما كليبر فجحد مسيحه ليتزوج فتاة مسلمة!

وكان الغرض الأول من الحملة كما قال بونابرت "كسر شوكة الإنجليز فى الشرق".

يرى البعض[15]1 أن لهذه الحملة الأثر فى تكوين مصر الحديثة. فقد أنشأ نابليون بونابرت دواوين أو مجالس مؤلفه من كبار العلماء والتجار وممثلى الطوائف للنظر فى الشئون العامة، وكان بونابرت أول من أدخل النظام النيابى فى مصر.

وقد عمل الفرنسيون على تحسين العاصمة، فأنشأوا طرقاً واسعة منتظمة في المدينة وغرسوا الأشجار على جانبى الطرق، وأرغموا السكان على الإضاءة ليلاً، وردموا بركة الأزبكية وحرموا الدفن فى جباناتها، فأصدروا منشور يقضي بدفن الموتى في أماكن بعيدة عن المدينة اتباعاً لأصول الصحة.

أتى نابليون إلى مصر بوفود من العلماء والمفكرين للتنقيب عن آثارها والوقوف على أسرار طبيعتها المجهولة، لقد أيقظ المصريين فى هذا المجال، إذ حدثت هزة عنيفة فى البلاد تمخضت عنها الفكرة الاستقلالية التى ظهرت ملامحها فى عصر محمد على وتجلت فى عصر إسماعيل باشا.

بالنسبة للاستعمار البريطانى، فقد وُدت شخصيات قبطية تبذل كل الجهد لإبراز وطنية الأقباط.

أما عن أثر الحملتين على كاتيشيزم الكنيسة القبطية، فقد نشأت المدارس الفرنسية والبريطانية، وكان من أثرهما أن صارت بعض العائلات الغنية من الأقباط والمسلمين تتحدث الفرنسية وتجيدها عن العربية، كما اهتمت المدارس الحكومية بتدريس اللغة الإنجليزية في المرحلة الثانوية، واهتمام بعض الأعمال الحرة أن تستخدم الإنجليزية مع العربية فى بعض إعلاناتها. كما فُتح الباب للإرساليات الكاثوليكية والإنجيلية (البروتستانت) للدخول إلى مصر، وقام بعض الدارسين الأقباط الى الكتابة للكشف عن المفاهيم الأرثوذكسية، وإذ هُوجمت الكنيسة فى عقائدها وطقوسها ظهر اللاهوت الدفاعي.

3 - حبيب جرجس (1876 - 1951): وُجدت شخصيات من رجال الكهنوت والشعب قاموا بحركات قوية للإصلاح، نذكر الشخصية البارزة الأرشيدياكون حبيب جرجس.

كان مفكراً ودارساً وكاتباً لاهوتياً ورائداً فى مجال التعليم الدينى. وُلد فى الأزبكية بالقاهرة، والتحق بالمدرسة القبطية بحارة السقايين. وهو من أوائل الطلبة الذين التحقوا بالكلية الإكليريكية بعد أن أعاد البابا كيرلس الخامس افتتاحها عام 1892، وتخرج فيها عام 1898، وعُين مدرساً للاهوت بها فى 8 مايو1899 وكان عمره قد بلغ 23 عاماً، ثم عميداً له في 14سبتمبرعام 1918. افتتح فصولاً مسائية لخريجى الجامعة بالمدرسة اللاهوتية عام 1945.

كان واعظاً مشهوراً، كما أسس حركة مدرسة الأحد، وكتب أول منهج لها، وقام بتدريب مدرسيها وعقد مؤتمرات لهم. اختير سكريراً عام للجنة مدارس الأحد فى عام 1927. أصدر مجلة الكرمة أسبوعياً (1906 – 1923). نال ثقة أربعة بطاركة وهم كيرلس الخامس (البابا 112)، ويؤانس التاسع عشر (البابا 113)، ومكاريوس الثالث (البابا 114)، والبابا يوساب الثانى (البابا 115). كان يقوم بدور المُشير لعدة بطاركة، خاصة البابا كيرلس الخامس. رُشح للأسقفية ثلاث مرات، ومرة للباباوية.

كان يشترك فى المجمع المقدس لخبرته كرئيس شمامسة وخدمته الطويلة فى مجال التعليم والتربية الكنسية. نجح فى إدخال الدين المسيحى فى المدارس الحكومية للمسيحيين.

نشر 26كتاباً والكثير من الترانيم، كما وضع كتب للأطفال وصلوات لمناسبات مختلفة. وضع كتابه: الإصلاحات العملية فى الكنيسة الأرثوذكسية. حث البابا كيرلس الخامس على توجيه المطارنة والأساقفة أن يختاروا خريجى الإكليريكية وسيامتهم كهنة في إيبارشياتهم.

المرحلة الثامنة: منذ ثورة 23يوليو 1952 حتى عام 1967

سمح الله بهذه المرحلة مع ما فيها من متاعب، فقد أبرز الله عمله معنا كثيراً، نذكر منها الآتى:

1 - ففى بداية عهد الرئيس جمال عبد الناصر كان يضطهد المسيحيين، وذهب قداسة البابا كيرلس السادس إلى قصره، ورفض الرئيس مقابلته، لكن الله تدخل وصار الاثنان فى صداقة عجيبة، وكان الرئيس يدعوه علانية: "يا والدى" بكل حب وتواضع إلى يوم وفاته.

2 - اتسم قداسة البابا كيرلس بالبساطة، وبروح العبادة والتقوى استخدمه رب المجد لخلاص الكثيرين فى مصر وخارجها. قام الأب انطونى فانوس عميد المعهد الدينى بسيدنى أستراليا بكتابة رسالة دكتوراة عن هذا القديس ولاهوتياته، وبمشيئة الله سيقوم بنشرها فى بدء عام 2019.

3 - قام أحد المتطرفين من المسلمين باغتيال الرئيس أنور السادات بعد مرور شهر من تحديد إقامة البابا شنودة الثالث بالدير وحبس 7 أساقفة، و1 خورى ابسكووبس، و24 كاهناً وأقل من 100 شخص علمانى، وكان يُعد لهم اتهامات لمحاكمتهم. جاهر الشعب بحبهم للكنيسة، وتقديرهم للمقبوض عليهم.

4 - فى السنوات الأخيرة من حكم الرئيس حسنى مبارك لم يمر أسبوع دون حدوث اعتداء صارخ على الكنيسة، حتى سجلت إحدى الهيئات التى تدرس حركات الاضطهاد على المسيحيين فى العالم، اسم مصر على رأس القائمة. فظهرت يد الله القوية ونزع عنه كرسيه.

5 - إذ تولى مرسى الرئاسة وظن أنه قادر أن يحطم الكنيسة، إذا به يُطرد ويُسجن بعد مرور سنة من توليه الرئاسة.

كثيراً ما اتهم قادة الكنيسة بالخيانة الوطنية لمجرد اشتراكهم فى مؤتمرات مسيحية عالمية.

فى اختصار لم يكن للكنيسة حرية الحركة، لكن يبقى الله حافظاً لإيمانها المستقيم، عاملاً بكل قوة. كشاهدة للحق الإلهي.

المرحلة التاسعة: بدء حركة الهجرة وانتشار الأقباط فى العالم منذ عام 1968.

ما عاناه الأقباط فى المرحلة السابقة، دفع الكثيرين إلى الهجرة إلى أمريكا وكندا وأستراليا وأوروبا. اعترف عن نفسي وزملائي بالكنيسة كنا نحسب الهجرة هروباً من احتمال الصليب. لكن قداسة البابا كيرلس كثيراً ما صرّح مع بعض العائلات والأفراد المهاجرين، أن الله يرسلهم إلى المهجر ليشهدوا لإنجيل المسيح. لقد صارت هناك احتياجات كثيرة تلتزم بها الكنيسة، سبق الحديث عنها فى أكثر من مناسبة، خاصة فى "مذكرات كاهن فى أرض المهجر" فى جزئين. الآن بعد أن مرّ على حركة الهجرة أكثر من نصف قرن، أشعر بالحاجة إلى تسجيل "كاتشيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية".


[1] 1 راجع للكاتب: "الله"، الإسكندرية 1974، بالعربية والإنجليزية.

[2] 1 St. Clement: Peadagagus, Book 1,Ch. 2. Section 6.

[3] 2 Stromata: 6: 4: 27.

[4] 3 Protrep. 8: 1: 4.

[5] 4 Coptic Orthodox Patriarchate: St. Mark and the Copic Church, 1968,p. 61' St. Jerome: de viris lllus, 36.

[6] 1 The author: Introduction to the Coptic Orthodox Church, 1993, chapter 2,p. 43.

[7] 1 كيرلس الإسكندرى: الرسالة الأولى: رسائل القديس كيرلس ج2 مركز دراسات الآباء بالقاهرة، 1989، ص9.

[8] 2 د. جوزيف موريس فلتس: تأثير القديس أثناسيوس الرسولى فى التعليم اللاهوتي للكنيسة القبطية – القديس بولس البوشى ج1 2011.

[9] 3 راجع للكاتب: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة علم ولاهوت، 1968، ص 74 - 87.The Coptic Orthodox Church as a church of Erudition & Theology, chapter 11.

[10] 4 Sozomen: Ecc. His 7: 7 - 9.

[11] 5 راجع للكاتب: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة علم ولاهوت، 1968، ص 98 الخ.The Coptic Orthodox Church as a church of Erudition & Theology, chapter 13.

[12] 1 V. C Samuel: The Council of chalcedon, Indian Theological Library No. 8, Madras,.

[13] 2 راجع الكاتب: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية كنيسة علم ولاهوت، 1986، ص 118 - 153.

[14] 1 د / جوزيف موريس فلتس: تأثير القديس أثناسيوس الرسولى فى التعليم اللاهوتي للكنيسة القبطية – القديس بولس البوشى ج، 2011.

[15] 1 www.cairodar.com.

ماهى المبادئ الأساسية لكاتيشيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية؟

كيف حافظت الكنيسة على استقامة الإيمان عبر العصور؟