ما هى سمات هذه الملكة المرتبطة بعريسها ملك الملوك؟

كارت التعريف بالسؤال

البيانات التفاصيل
مقدم الإجابة الشماس بيشوي بشرى فايز, القمص تادرس يعقوب ملطي
التصنيفات أسئلة وأجوبة, الكنيسة, عقيدة
آخر تحديث 11 أكتوبر 2021
تقييم السؤال من 5 بواسطة إدارة الكنوز القبطية

 من كتاب كاتيكيزم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية – جـ3 – الكنيسة ملكوت الله على الأرض – القمص تادرس يعقوب و الشماس بيشوي بشرى

ما هى سمات هذه الملكة المرتبطة بعريسها ملك الملوك؟

إنه أيقونة عريسها ربّ المجد يسوع المسيح، تحمله فى داخلها وتسلك فى الرب تحت قيادة روح الله القدوس. أهم سماتها:

أولاً: التمتع بروح القداسة: عريسها هو ابن الله الوحيد، القدوس مع أبيه الصالح والروح القدس. ففى تجليه قيل: "تغيرت هيئته قدامهم وأضاء وجهه كالشمس وصارت ثيابه بيضاء كالنور" (مت17: 2). الثوب الأبيض يشير إلى كنيسة المسيح الملتصقة به كمن هو ملتحف بها، قد صارت بيضاء كالنور لأن عريسها حال فى داخلها، شمس البرّ الذى جاء يضئ فيها، فتصير بيضاء كالنور، تحمل طبيعة النور. وقد سبق فرأينا ([2])، إن هذا الثوب يُشير إلى العرس الأبدى، حيث تتقدم أيضاً العروس بثوب إلى الرجلين (رؤ19: 8). لتُزف مع عريسها فى حضرة الأربعة وعشرين قسيساً.

يقول القديس أغسطينوس: [قيل: "إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج" (إش1: 18). مِن هؤلاء الناس يُحضر المسيح لنفسه ثوباً بلا عيب ولا دنس (أف5: 27). لذلك عندما كان على الجبل صارت ثيابه بيضاء كالثلج (مت17: 2)، إشارة إلى الكنيسة المتطهرة من كل دنس الخطية].

هذه القداسة التى تتمتع بها الكنيسة من عمل عريسها الذى يقيم ملكوته داخلها (لو17: 21). ومن عمل كلمة الله فيها. يقول القديس كيرلس الكبير: [الخميرة كمية قليلة، لكنها تمسك بالعجين، وتنتشر فيه كله، وتنقل إليه بسرعة كل خواصها. وكلمة الله تعمل فينا بطريقة مشابهة، لأنه حينما نقبلها فى داخلنا، تجعلنا مقدسين وبلا لوم ([3])].

سرّ كمال الكنيسة وقداستها هو تمتعها بالحياة بعد قيامة يسوع أو اتحادها مع المسيح الذى قام، إذ تُدعى الكنيسة لكى تكون فى تألق أعظم وفى جلال، كما لو كان الكمال قد تحقق. يوضح أوريجينوس أن المسيح هو حياة الكنيسة. كما يقول: [حقيقة أن الكنيسة هى تجمع أنفس عديدة، قد أخذت نظام حياتها عن المسيح ([4])]. كما يقول: [ "قومى يا جميلتى، يا حمامتى، وتعالى. لأن الشتاء قد مضى، والمطر قد زال، الزهور ظهرت فى الأرض" (نش2: 12). يمكننا القول إن ذلك كان بمثابة نبوة وجهت إلى الكنيسة، لدعوتها إلى البركات التى وعد بها الرب فى المستقبل. لقد دُعيت لكى "تقوم"، كما لو كان قد حلّ أوان الكمال، وقد جاءت القيامة. كان إصدار هذا الأمر بمثابة ختم على عمل القيامة أكثر جلالاً وتألقاً ([5])].

ثانياً: اعتزاز الكنيسة بروح الملوكية الروحية. تقتدى بعريسها فلا تطلب سلطاناً زمنياً. فحين أرادت الجموع أن تخطفه لتقيمه ملكاً انصرف إلى الجبل وحده (يو6: 15). حقاً حين سأله بيلاطس: "أأنت ملك اليهود؟!"، لم ينكر إنه ملك، إذ قال له: "أنت تقول (مت27: 11؛ مر15: 2). وفى نفس الوقت صحح للوالى مفهومه للمملكة، قائلاً له:" مملكتى ليست من هذا العالم "(يو18: 36).

إن كانت مملكة المسيح ليست من هذا العالم، فيليق بالكنيسة كما بالمؤمن إدراك أن مملكتهما ليست من هذا العالم. بل يليق بهما عدم الانشغال بالسياسات العالمية وحتى الكنيسة. يقول القديس ماريعقوب السروجى: [عندما تسمع خبراً حسناً احتقره، ولا تتكل عليه لأنه ليس صحيحاً. وإن طرق سمعك أيضاً خبر سيئ لا تخف منه، لأنه غير ثابت. فى هذا الزمان تمتطى الأخبار السارة والمحزنة العجلات مثل النهار والليل، وتتراكض وراء بعضها بعضاً، وليس لأى منها سلطان لتستقر فى موضع أو تخرج منه، لأن الحكمة إرادتها أن تتراكض هكذا. لا يفزع فكرك ويستعجله ويتطارده، بحيث يحزنك هذا ويفرحك ذاك. لكن دع الأخبار تذهب وتجئ، واتكل أنت على الله، وعلى رجاء الإيمان منتظراً العبارة التى تقول: "لا تضربك الشمس فى النهار، ولا القمر فى الليل، الرب يحفظك من كل شر" (مز121: 6 - 7) ([6])].

هكذا يحوّل العريس عينى عروسه عن التطلع خارجها إلى الداخل، لهذا يقول للتلاميذ: "ها ملكوت الله داخلكم" (لو17: 21). يدعونا أن نكون ملوكاً لنسلك كملوكٍ أبناء ملك الملوك، لنا سمة الملوكية السماوية، فنعيش بروح القداسة والسمو، لا نشتهى أمور العالم، ولن نسمح للشهوات أن تملك على قلوبنا أو أذهاننا أو عواطفنا، ولا للشيطان أن يضمنا إليه، إنما نعتز بالسلطان الذى وهبنا مخلصنا إياه، قائلاً: "ها أنا أعطيكم سلطانا لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو، ولا يضركم شئ" (لو10: 19).

ثالثاً: الاهتمام بنقاوة الهيكل الداخلى. كان العريس السماوى مشغولاً بتقديس الهيكل، فقد قيل "دخل يسوع إلى هيكل الله وأخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون فى الهيكل، وقلب موائد الصيارفة وكراسى باعة الحمام، وقال لهم: «مكتوب: بيتى بيت الصلاة يُدعى، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص! » (مت21: 12 - 13). تُرى لو دخل السيد المسيح كنيسة فوجد فى صالتها حفل لجمع التبرعات Fund raising، حيث لا يُسمح لأرملة معها فلسان أن تشترك فى الحفل، فماذا يفعل؟!

لقد قال القديس بطرس للأعرج من بطن أمه: "ليس لى فضة ولا ذهب، ولكن الذى لى فإياه أعطيك، باسم يسوع المسيح الناصى قم وامش" (أع3: 6). تُرى هل توجد كنيسة اليوم لا تملك ذهباً ولا فضة إنما تقدم يسوع المسيح الناصرى الذى يشبع كل احتياجات الشعب؟!

يرى القديس جيروم أن الكهنة كانوا يستغلون عيد الفصح حيث يأتى اليهود من العالم كله لتقديم الذبائح، فحولوا الهيكل إلى مركز تجارى، أقاموا فيه موائد الصيارفة ليقدّموا القروض للناس لشراء الذبائح، يقدّموها لا بالرِبا إذ تمنعه الشريعة، وإنما مقابل هدايا عينية، هى فى حقيقتها رِبا مستتر.

هذه صورة مؤلمة فيها يتحوّل هيكل الرب عن غايته، ويفقد الكهنة عملهم الروحى، ويحوّلون رسالتهم إلى جمع المال. وكما يقول العلامة أوريجينوس: [ليُطرد كل إنسان يبيع فى الهيكل، خاصة إن كان بائع الحمام... أى يبيع ما يكشفه له الروح القدس (الحمامة) بمال ولا يُعلم مجاناً، يبيع عمل الروح فيُطرد من مذبح الرب ([7])]. يفقد الرعاة عملهم الروحى ويحولون كلمة الله ومواهب الروح القدس وعطاياه إلى تجارة وكما يقول القديس جيروم: [يدخل يسوع كل يوم فى هيكل أبيه ويطرد من كنيسته فى كل العالم أساقفة وكهنة وشمامسة وشعباً موجهاً إليهم ذات الاتهام، أنهم يبيعون ويشترون. ما أقوله عن الكنائس يطبقه كل واحد عل ىنفسه، إذ يقول الرسول: "اما تعلمون أنكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم (1كو3: 16). ليته يخلو بيت قلبنا من كل تجارة ومقر للبائعين والمشترين ومن كل رغبة للحصول على هدايا، لئلا يدخل الرب ثائراً، ويُطهر هيكله بلا تراخ، بطريقة أخرى غير السوط، فيقيم من مغارة اللصوص وبيت التجارة بيتاً للصلاة].

يُعلق القديس جيروم على طرد باعة الحمام وقلب موائد الصيارفة هكذا: [يظن معظم الناس أن أعظم معجزاته هى إقامة لعازر من الأموات أو تفتيح عينى المولود أعمى... وفى نظرى أن أعجبها هى أن شخصاً واحداً منبوذاً بلا اعتبار (ليس له مركز دينى معين) قُدّم للصلب استطاع أن يضرب بسوط الكتبة والفريسيين الثائرين ضده، والذين يشاهدون بأعينهم دمار مكاسبهم، فيطرد الجمع الكبير ويقلب الموائد ويحطم الكراسى، فإن لهيباً نارياً ملتهباً كان يخرج من عينيه، وعظمة لاهوته تشع على وجهه، فلم يتجاسر الكهنة ان يمدوا أيديهم عليه].

رابعاً: الاهتمام بالأطفال ليتمتعوا بروح القيادة فى المسيح يسوع. اهتم العريس السماوى أن يرفع من شأن الأطفال، فدعانا أن نتعلم منهم البساطة والوداعة والثقة فى الوالدين، حتى ندخل ملكوت السماوات. لقد قال: "الحق أقول لكم إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السماوات" (مت18: 3).

كان عجيباً لديهم أن يروا السيد يستدعى ولداً ليُقيمه فى وسطهم كمثل حىّ للتمتع بدخول الملكوت، فقد احتقر الرومان الطفولة، ولم يكن للطفل أى حق من الحقوق، فيلجأ الوالدان إلى العنف! وتعرّضت الطفولة لدى اليونان لمتاعب كثيرة، أما اليهود فلم يحصروا الأطفال والنساء عند إحصاء الشعب (عد1 - 2). لكن السيد وهو يرتفع بالبشرية إلى الحياة الناضجة يقدّم طفلاً كمثل للحياة الناضجة الروحيّة القادرة أن تقتحم الملكوت، وكأنه ينقلهم من نضوج الجسد المتكئ على السنوات التى عاشها الإنسان إلى نضوج النفس الداخلية التى لا ترتبط بزمن معين.

ليتنا نبث روح القيامة السليمة فى أطفالنا، فلا نحركهم كقطع الشطرنج فى طفولتهم، فيردّوا لنا ما فعلناه معهم، ليحركوننا كقطع الشطرنج عندما تُتاح لهم الفرصة!

حذر القديس يوحنا الذهبى الفم الوالدين من الإهمال فى تربية أبنائهما، مظهراً خطورة هذه الخطية، وكان يدعوها قتلاً للأطفال ([8]). فمن كلماته: [سيكون أبناؤكم فى غنى بما فيه الكفاية على الدوام، إن تقبّلوا منك تنشئة صالحة، قادرة أن تدبر حياتهم الأخلاقية وسلوكهم. هكذا ليتك لا تجاهد لتجعلهم أغنياء، بل لتجعلهم أتقياء، سادة على أهوائهم، وأغنياء فى الفضائل. علمهم ألا يفكروا فى احتياجات مخادعة، فيحسبون أنهم يُكرمون حسب مستواهم الزمنى (العالمى المادى). راقب بلطف تصرفاتهم، ومعارفهم وأصدقاءهم، ولا تتوقع أية رحمة تحل من عند الله إن لم تتمم هذا الواجب].

[لا نبخل عن بذل كل جهد واستخدام كل وسيلة لتعليم أطفالنا العلوم الزمنية، ليخدموا السلطات الزمنية. أما معرفة الإيمان المقدس وخدمة الملك السماوى، فهى أمور ليست بذات قيمة عندنا... إن كنا نحاسبهم عما تعلموه فى المعاهد العالمية، فلماذا لا نسألهم عما سمعوه فى بيت الرب؟].

[إن جاهد الآباء الصالحون ليقدموا لأبنائهم تربية صالحة، فإننا لا نحتاج إلى شرائع وقضاة ومحاكم ولا إلى عقوبات. فإن الذين ينفذون العقوبات، إنما وجدوا بسبب عدم وجود أخلاقيات فينا].

خامساً: لا تجرح مشاعر أحد حتى الخطاة. لم يجرح العريس السماوى مشاعر الخطاة بل قادهم بالحب إلى التوبة. قال للمرأة التى أمسكت فى الزنا: "أين هم أولئك المشتكون عليك، أما دانك أحد... ولا أنا أدينك، اذهبى ولا تخطئى أيضاً" (يو8: 10 - 11).

يرى البعض أن المرأة تعرضت لمعاملة غاية فى القسوة والعنف ممن أمسكوا بها، فاكتفى بهذا التأديب لها. يقول القديس يوحنا الذهبى الفم: [قول السيد المسيح للمرأة الزانية: "ولا أنا أدينك"، كأنه يقول: "إننى أنا وحدى الذى أستطيع أن أدينك يا امرأة، لأننى وحدى الديان، ولكن لأننى إنما أتيت لأخلص العالم لا لأدينه، فلست أدينك. وبقوله:" اذهبى "كأنه يقول:" اذهبى وكونى فى طمأنينة، فإن زناك قد نُزع عنك، لأننى قد نزعت عنك خطاياك، فإذا اذهبى... وقوله: "ولا تخطئى أيضاً" أى أوصيك ألا تعودى تخطئى فيما بعد لئلا أدينك على ما تخطئين به. من الآن لا تعودى إلى الخطية مرة أخرى كما يعود الكلب إل قيئه (أم26: 11؛ 2بط2: 22)، ولا تعودى فيما بعد لئلا تعاقبين].

يقول القديس مقاريوس الكبير: [الذى غيَّر طبيعة الخمسة أرغفة وصيّرها أرغفة كثيرة، وأنطق طبيعة الحمار غير العاقل، وجاء بالزانية إلى العفة (يو8)، وجعل طبيعة النار المحرقة برداً على الذين كانوا فى الأتون، ومن أجل دانيال لَطف طبيعة الأسود الكاسرة، كذلك يقدر أن يغّير النفس التى اقتفرت وتوحشت بالخطية، ويحولها إلى صلاحه ورآفاته وسلامه بروح الموعد المقدس الصالح].

كما يقول القديس أغسطينوس: [لقد سمعنا صوت العدالة (يو8: 7)، لنسمع أيضاً صوت الرحمة... ذاك الذى طرد خصومها بلسان العدل رفع عينى الرحمة إليها، قائلاً لها: "ولا أنا أدينك، اذهبى، ولا تخطئى أيضاً" (يو8: 18). ليحذر الذين يحبون فى الرب لطفه، وليخشوا أيضاً حقه! فإن الرب حلو وحق (مر35: 7). أنت تحبه بكونه حلواً، لتخشاه بكونه حقاً... الرب رقيق، طويل الأناة، حنان، لكن الرب أيضاً عادل وحق. إنه يفسح لك المجال للإصلاح، لكنك تحب تأجيل الدينونة أكثر من إصلاح طرقكّ هل كنت بالأمس شريراً؟ لتكن اليوم صالحاً. هل أنت مستمر اليوم فى شرك؟ على أى الأحوال تغير غداً... لكن كيف تعرف أن غداً يأتى؟... الله وعد بالغفران لمن يُصلح من شأنه، لكنه لم يعدنى بأن يطيل حياتى (للغد) ([9])!].

سادساً: الصلاة من أجل كل البشرية. مع شعبية ربّ المجد يسوع لم يتدخل قط فى السياسة، هكذا يليق بالقادة الكنسيين كما الشعب أن يصلّوا من أجل الكل بكل حبٍ ولا يشغلوا أنفسهم بسياسة العالم.

سابعاً: افتقاد الكل بروح العريس السماوى الذى نزل إلى أرضنا متجسداً ليفتقد البشرية، هكذا يليق بنا أن نفتقد إخوتنا بروح الحب مع الحكمة ما استطعنا لنضمهم بالروح القدس إلى ملكوت السماوات.

ثامناً: التمتع بشركة الطبيعة الإلهية. يقول الرسول: "قد وهب لنا المواعيد العظمى والثمينة لكى تصيروا بها شركاء الطبيعة الإلهية، هاربين من الفساد الذى فى العالم بالشهوة (2بط1: 4). أننا لسنا مدعوّين لفضائل خارجية بل للإتحاد بالسيد المسيح، والامتثال به، فيكون لنا حب الرب، وقداسته، وصبره واحتماله وطول أناته ووداعته وبساطته. لهذا يقول الرسول:" لكى تصيروا شركاء الطبيعة الإلهية هاربين من الفساد الذى فى العالم بالشهوة ". فإذ نحن فى العالم كيف نسلم من الفساد؟ بالاتحاد بالرب القدوس والاقتداء به، نتمثل به فلا يلمسنا فساد العالم الذى بالشهوة. إنها دعوة ثمينة أن تنعكس علينا إشعاعات الصفات الإلهية من حب وقداسة ووداعة... على القلب لنكون مثله (1يو3: 2؛ مت6: 23)!

يقول القديس أمبروسيوس: [عظيمة هى محبة المسيح الذى أعطى كل ألقابه لتلاميذه، فيقول: "أنا هو نور العالم" (يو8: 12) ومع ذلك يعطى من طبعه لتلاميذه قائلاً: "أنتم نور العالم" (مت5: 14). يقول: "أنا هو الخبز الحىّ" (يو6: 31)، ونحن جميعاً خبز واحد (1كو10: 17). يقول: "أنا هو الكرمة الحقيقية" (يو15: 1)، ويقول لك: "غرستُك كرمة سورق، زرع حق كلها" (إر2: 21). المسيح هو الصخرة: "كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم، والصخرة كانت المسيح" (1كو10: 4). ولم يحرم تلميذه من هذا الاسم، فهو أيضاً صخرة، إذ تكون لك صلابة الصخر الراسخ وثبات الإيمان. اجتهد أن تكون أنت أيضاً صخرة، فلا يبحثون عن الصخرة خارجاً عنك، وإنما فى داخلك. صخرتك هى عملك، وهى روحك، وعليها تبنى بيتك، فلا يقدر عاصف من عواصف الروح الشرير أن يسقطه. صخرتك هى الإيمان الذى هو أساس الكنيسة، فإن كنت صخرة فأنت كنيسة، وإن كنت فى الكنيسة فأبواب الجحيم التى هى أبواب الموت لن تقدر عليك].

تاسعاً: لا تقبل شخصاً يغتصب موضع عرسه السماوى. يقول القديس أغسطينوس:

[من يحب شخصاً ويضعه موضع المسيح فهذا زنا... "من له العروس فهو العريس" (يو3: 29)... كونوا عفيفين، حبوا العريس... الآن أرى زناة كثيرين يرغبون أن يقتنوا العروس التى أُشتريت بثمن عظيم هكذا، صارت محبوبة حين كانت مشوهة، وذلك لكى تصير جميلة، أُشتريت ونالت خلاصاً وتزينت بذاك الواحد. وأما هؤلاء الزناة فيصارعون بكلماتهم لكى يُحبوا عوض العريس... لنسمع صديق العريس لا للزناة ضد العريس. لنسمع لذاك الغيور، ولكن ليس لحساب نفسه ([10])].

[يقول (القديس يوحنا المعمدان) إنى أفرح، ليس من أجل صوتى، وإنما من أجل صوت العريس. انا فى مركز المستمع، هو فى موقف المتكلم. أنا كشخص يلزم أن أستنير، أما هو فالنور. أنا أمثل الأذن، وهو الكلمة. لذلك صديق العريس يقف ويسمعه. لماذا يقف؟ لأنه لا يسقط. كيف لا يسقط؟

لأنه متواضع. انظروا فإنه يقف على أرض صلبة: "أنا لست أهلاً أن أحل سيور حذائه". حسناً تفعل إذ تتواضع، فتتأهل لعدم السقوط، تتأهل للوقوف، وتسمعه وتفرح جداً بصوت العريس ([11])].

[ما هو فرحه؟ أن يفرح بصوت العريس. هذا قد كمل فىّ، لقد صارت لى نعمتى، إننى لا انتحل لنفسى ما هو ليس لى، لئلا أفقد ما أنا عليه... ليفهم الإنسان أنه لا يفرح بحكمته الذاتية، بل بالحكمة التى ينالها من الله. لا يطلب أحداً أمراً أكثر (مما عليه) فلا يفقد ما قد وجده. فإن كثيرين إذ يؤكدون أنهم حكماء يصيرون أغبياء. هؤلاء يوبّخهم الرسول قائلاً لهم: "إذ معرفة الله ظاهرة فيهم، لأن الله أظهرها لهم" (رو1: 19)... يلزمهم ألا ينسبوا لأنفسهم ما لم ينالونه من أنفسهم، بل ينسبوه لهذا وهو ما وهبه الله مجاناً يأخذه من الجاحدين. لم يرد يوحنا أن يكون هكذا، بل أراد أن يكون شاكراً. لقد اعترف أنه نال، وأعلن أنه قد فرح بصوت العريس، قائلاً: "إذا فرحى هذا قد كمل" (يو3: 29) ([12])].

عاشراً: ترقبها المجئ الثانى للرب. يقول القديس غريغوريوس النيسى: [يقف هؤلاء الذين يتوقعون رجوع السيد المسيح باشتياق وانتباه على أبواب السماء، عندما يدخل ملك المجد إلى نعمته التى تفوق كل تصور، كما جاء فى مز19: 5. "ومثل العروس الخارج من حجلته". بالرغم من خطايانا وعبادتنا للأصنام، وقد طردنا الله، حظينا بالميلاد الجديد وصرنا أبكاراً بعد غسل كل فساد فينا. لذلك تمت كل احتفالات الزواج، وارتبطت كلمة الله بالكنيسة. وكما يقول القديس يوحنا: "من له العروس فهو العريس" (رو3: 29). واستقبلت الكنيسة العروس فى حجرة العريس المقدسة، وتوقعت الملائكة رجوع الملك أثناء قيادته للكنيسة كالعروس، وجعل طبيعتها مستعدة للنعمة. فقال إن حياتنا يجب أن تكون خالية من الشر والخداع، حتى نكون مستعدين لاستقبال الرب عند مجيئه الثانى.

وعندما نحرس أبواب مساكننا فإننا نُجهز أنفسنا لوصول العريس، عندما ينادينا ويقرع على الباب. "طوبى لأولئك العبيد، الذين إذا جاء سيدهم يجدهم ساهرين" (لو12: 37). لأنه مبارك ذاك الذى يطيع ذاك الذى يقرع. تتطلع إذن النفس إلى هذه البركة بأن تستقبل عريسها الواقف على الباب.

إنها تراقب باب بيتها بيقظة، قائلة: "صوت حبيبى قارعاً" (نش5: 2). كيف نفي العروس حقها، إذ ارتفعت إلى ما هو أكثر قداسة؟ ([13])].


[2] [] رؤيا يوحنا اللاهوتى، 1979م، ص21.

[3] [] Commentary on Luke, Sermon. 98.

[4] [] Comm. On the Songe of Songs, book, 6: 2 (ACW).

[5] [] Commentary on the Song of Songs 14: 3; ACW 239: 26,245.

[6] [] الرسالة السادسة والعشرون.

[7] In Luc. Hom 5: 38 [].

[8] [] راجع للكاتب نبذة: ليكن طفلك قائداً 2015.

[9] On the Gospel of St. John, tractate 7: 33. St. Augustine: [].

[10] St. Augustine: On the Gospel of St. John, tractate 10: 13. [].

[11] St. Augustine: On the Gospel of St. John, tractate 12: 13. [].

[12] St. Augustine: On the Gospel of St. John, tractate 3: 14. [].

[13] [] نشيد الأناشيد للقديس غريغوريوس أسقف نيصص، تعريب الدكتور جورج نوار، عظة 11.

ماهى مراحل عمل الله العجيب لمؤمنيه كأناس الله؟

من الذى يبنى الكنيسة ويحرسها؟