الأصحاح الثالث – تفسير الرسالة إلى فيلبي – مارمرقس مصر الجديدة

الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ

الجهاد الروحي ورفض التعاليم الكاذبة.

(1) التحذير من تعاليم المعلمين الكَذَبَة (ع 1 - 3).

(2) الافتخار بالمسيح وليس بالناموس (ع 4 - 9).

(3) السعي الدائم من أجل الملكوت (ع 10 - 16).

(4) نهاية الأشرار والأبرار (ع 17 - 21).

(1) التحذير من تعاليم المعلمين الكَذَبَة (ع 1 - 3):

1 أَخِيرًا يَا إِخْوَتِى، افْرَحُوا فِي الرَّبِّ. كِتَابَةُ هَذِهِ الأُمُورِ إِلَيْكُمْ لَيْسَتْ عَلَىَّ ثَقِيلَةً، وَأَمَّا لَكُمْ فَهِيَ مُؤَمِّنَةٌ. 2 اُنْظُرُوا الْكِلاَبَ، انْظُرُوا فَعَلَةَ الشَّرِّ، انْظُرُوا الْقَطْعَ. 3 لأَنَّنَا نَحْنُ الْخِتَانَ، الَّذِينَ نَعْبُدُ اللهَ بِالرُّوحِ، وَنَفْتَخِرُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، وَلاَ نَتَّكِلُ عَلَى الْجَسَدِ،.

العدد 1

ع1:

أخيرا: في الأصل اليوناني "أما بانسبة لما بقى من كلام".

مؤمنة: تحميكم وتجعلكم في أمان.

يدعوهم الرسول إلى الفرح الروحي لأن طابع الحياة المسيحية هو الفرح لنعم الله الكثيرة التي أفاضها علينا، فضلا عن أن الفرح يهبنا القوة في جهادنا الروحي. هذان الأمران أي الدعوة للفرح والأمر الذي يلي وهو التحذير من المعلمين الكذبة لا يتعب بولس الرسول من الإعادة والتكرار فيهما، لأنها تؤمنهم من الإنزلاق إلى تصديق هذه التعاليم.

العدد 2

ع2:

أنظروا: الكلمة اليونانية هنا معناها الأصلى "لاحظوا دائما وتجنبوا".

القطع: يقصد المعلمين الكذبة، وهم المتنصرين من أصل يهودي وينادون بضرورة الختان لنوال الخلاص. ويسمى الختان "القطع" أي قطع جزء من الجسد كعمل ظاهرى بدون معناه الروحي.

نعت بولس الرسول المعلمين الكذبة بالكلاب لأنهم ينهشون في جسم الكنيسة فيسببون الإنقسام ويعملون ضد الإنجيل، وينادون بالختان، الذي هو قطع في الجسد فقط دون معناه الروحي وهو الابتعاد عن الخطية والذي كان رمزا للمعمودية.

العدد 3

ع3:

لا نتكل على الجسد: لا نتكل على أعمال الجسد أي أعمال الناموس بل نعيش معناه الروحي في إيماننا بالمسيح الذي نفتخر بخلاصه.

لأننا نحن المسيحيين نعيش الختان الحقيقي أي ختان القلب بالروح وهو الابتعاد عن الشر، ونطيع الرب في الكنيسة ولا نتكل على الختان الجسدي وسائر الفرائض الناموسية كوسائل للتبرير.

† إثبت في الكنيسة وممارساتها الروحية وتعاليمها، وحينئذ لا تتعرض للإنزلاق في التعاليم الغريبة التي ينادى بها الخارجون عن الكنيسة، لأن تعودك الحياة الروحية مع المسيح يفرح قلبك بها وسيجعلك تكتشف وترفض أي شيء غريب عنها حتى لا يفصلك عن تمتعك بهذا الفرح.

(2) الافتخار بالمسيح وليس بالناموس (ع 4 - 9):

4 مَعَ أَنَّ لِى أَنْ أَتَّكِلَ عَلَى الْجَسَدِ أَيْضًا. إِنْ ظَنَّ وَاحِدٌ آخَرُ أَنْ يَتَّكِلَ عَلَى الْجَسَدِ، فَأَنَا بِالأَوْلَى. 5 مِنْ جِهَةِ الْخِتَانِ مَخْتُونٌ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ، مِنْ جِنْسِ إِسْرَائِيلَ، مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ، عِبْرَانِىٌّ مِنَ الْعِبْرَانِيِّينَ. مِنْ جِهَةِ النَّامُوسِ فَرِّيسِىٌّ. 6 مِنْ جِهَةِ الْغَيْرَةِ مُضْطَهِدُ الْكَنِيسَةِ. مِنْ جِهَةِ الْبِرِّ الَّذِي فِي النَّامُوسِ بِلاَ لَوْمٍ. 7 لَكِنْ، مَا كَانَ لِى رِبْحًا، فَهَذَا قَدْ حَسِبْتُهُ مِنْ أَجْلِ الْمَسِيحِ خَسَارَةً. 8 بَلْ إِنِّى أَحْسِبُ كُلَّ شَىْءٍ أَيْضًا خَسَارَةً، مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّى، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً، لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ، 9 وَأُوجَدَ فِيهِ، وَلَيْسَ لِى بِرِّى الَّذِي مِنَ النَّامُوسِ، بَلِ الَّذِي بِإِيمَانِ الْمَسِيحِ، الْبِرُّ الَّذِي مِنَ اللهِ بِالإِيمَانِ.

العدد 4

ع4:

يذكر الرسول بولس فيما يلي من أعداد سبعة امتيازات له في اليهودية تجعله يفوق مكانة الآخرين الذين يفتخرون بالفرائض الناموسية. فإن ظن هؤلاء اليهود أنهم شيء لممارستهم تلك الفرائض، فإن له من الميزات ما يفوقهم جميعا.

العدد 5

ع5:

مختون في اليوم الثامن: كون بولس الرسول مختون في اليوم الثامن هو إثبات أنه ولد في الديانة اليهودية وليس دخيلا عليها، لأن الدخلاء يختتنون يوم دخولهم الإيمان اليهودي.

من جنس إسرائيل: هذا يؤكد نقاوة سلالته.

من سبط بنيامين: الذي كانت له مكانة خاصة في إسرائيل، فبنيامين هو الابن الوحيد ليعقوب الذي ولد في أرض الموعد، كما ظل سبطه ملازما لسبط يهوذا بعد الإنقسام أي متمسكا بالعبادة في هيكل أورشليم.

عبرانى: ولد من أبوين عبرانيين واحتفظ باللسان العبري بالرغم من أنه ولد في بلد أممى.

عبرانيين: أي نسل إبراهيم لأن عابر هو أحد جدود إبراهيم (تك 11: 16)، ويسمى إبراهيم العبرانى لأنه عبر النهر وترك أهله وعشيرته كما قال له الله ليعيش في أرض كنعان ويعبده هناك (أع 7: 2).

فريسي: تعلم وتدرب على المذهب الفريسي الأضيق فكان واجبه هو حفظ تفاصيل الناموس.

يعلن بولس أنه يهودي بالحقيقة مثل سائر اليهود، فيؤكد ختانه ويوضح نسبه بل أفضليته إذ كان من المدققين في التمسك بالناموس أي فريسي.

العدد 6

ع6:

قبل إيمان بولس بالمسيح كان شغله الشاغل هو هدم الكنيسة واضطهاد المسيحيين، وكان مدققا جدًا في تنفيذ وصايا الناموس حتى أنه لم يخالف تعاليمه في شيء طيلة حياته السابقة، فلا يستطيع أحد أن يلومه على أي تقصير منه.

العدد 7

ع7:

كل الإمتيازات السابقة والتي يعتبرها الكثيرون من اليهود مكاسب كثيرة، اعتبرها بولس أنها بلا نفع وكلا شيء إذا عاقته عن معرفة المسيح.

العدد 8

ع8:

ما خسره بولس الرسول بتركه للديانة اليهودية عندما آمن بالمسيح، إعتبره لا شيء أمام ما ربحه وهو حياته الجديدة في الإيمان المسيحي.

العدد 9

ع9:

إتحادى بالمسيح في الكنيسة يعطينى الأمان وأنال الخلاص ببنوتى لها، أما خارج الكنيسة فهو الضياع والهلاك الأبدي، لأن الناموس عجز عن منح الإنسان البر فالإنسان لا يمكنه أن يتبرر بذاته ولكن بالإيمان بالمسيح يصل إلى حالة البر والقداسة.

† كل ما قد يعطيه لنا العالم لا يشبع نفوسنا، أما معرفة المسيح فتريح قلوبنا وتهبنا سلاما يفوق كل عقل. لذلك ليتنا نعطى الأولوية في وقتنا لله قبل انشغالات العالم وراحته ولذاته فهي كلها فانية ولا تشبع نفوسنا.

(3) السعي الدائم من أجل الملكوت (ع 10 - 16):

10 لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ، 11 لَعَلِّى أَبْلُغُ إِلَى قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ. 12 لَيْسَ أَنِّى قَدْ نِلْتُ أَوْ صِرْتُ كَامِلًا، وَلَكِنِّى أَسْعَى لَعَلِّى أُدْرِكُ الَّذِي لأَجْلِهِ أَدْرَكَنِى أَيْضًا الْمَسِيحُ يَسُوعُ. 13 أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا لَسْتُ أَحْسِبُ نَفْسِى أَنِّى قَدْ أَدْرَكْتُ، وَلَكِنِّى أَفْعَلُ شَيْئًا وَاحِدًا: إِذْ، أَنَا أَنْسَى مَا هُوَ وَرَاءُ، وَأَمْتَدُّ إِلَى مَا هُوَ قُدَّامُ، 14 أَسْعَى نَحْوَ الْغَرَضِ، لأَجْلِ جَعَالَةِ دَعْوَةِ اللهِ الْعُلْيَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 15 فَلْيَفْتَكِرْ هَذَا جَمِيعُ الْكَامِلِينَ مِنَّا، وَإِنِ افْتَكَرْتُمْ شَيْئًا بِخِلاَفِهِ، فَاللهُ سَيُعْلِنُ لَكُمْ هَذَا أَيْضًا. 16 وَأَمَّا مَا قَدْ أَدْرَكْنَاهُ، فَلْنَسْلُكْ بِحَسَبِ ذَلِكَ الْقَانُونِ عَيْنِهِ، وَنَفْتَكِرْ ذَلِكَ عَيْنَهُ.

العدد 10

ع10:

رفض ق. بولس لكل الميزات السابقة كان من أجل معرفة المسيح معرفة حقيقية، وإدراك ما حققه من نصرة على قوى الشر جميعها حين أقام نفسه بقدرته الإلهية بعد موت الصليب، فانتشله من موت الخطية إلى حياة الشركة معه، متقبلا كل ألم يفرضه عليه العالم، ليشارك الرب يسوع آلامه لأجل البر، ويشتهى الاستشهاد متشبها بموته.

العدد 11

ع11:

يتمنى الرسول أن يقوم في يوم الدينونة العظيم قيامة الأبرار إلى الحياة الأبدية. ويبرز هنا صعوبة الوصول إلى هذا الأمر وأنه يحتاج إلى جهاد وحذر.

العدد 12

ع12:

أراد الرسول أن يعلمنا أنه طالما نحن في الجسد فلابد أن نجاهد نحو الكمال حتى النفس الأخير، فهو يعبر هنا تعبيرا واضحا عن حياة السعى والجهاد حتى نصل إلى الخلاص والحياة الأبدية، تلك النهاية السعيدة التي من أجلها بحث عنه السيد المسيح وحوله من مضطهد للكنيسة إلى رسول عظيم يدافع عن الإيمان المسيحي.

العدد 13

ع13:

بعد تفكير ق. بولس فيما قام به خلال حياته، يرى أنه لم يصل بعد للمستوى المطلوب. فمازال يلزمه الكثير من النمو، لذلك فالشئ الوحيد الذي يضعه أساسا لجهاده الحالي هو رفض النظر إلى ماضى حياته بما فيه من أخطاء، وتركيز أفكاره وجهده في مسئوليته تجاه ربه وكنيسته.

العدد 14

ع14:

جعالة: مكافأة.

الغرض الذي يسعى من أجله هو دعوة الله المقدسة لخلاص الجميع وتكليله بإكليل المجد الذي يهبه له في ذلك اليوم الديان العادل.

† على قدر ما تشعر بعظمة الوجود مع الله ومجد الملكوت، تتمسك بالجهاد في الحياة الروحية وترفض كل خطية بالتوبة، بل تقطع كل مصادر الشر وتثابر في جهادك بمعونة الله الذي يسندك ويشجعك حتى تصل إلى هدفك.

العدد 15

ع15:

هذا: أي السعى الدائم في الجهاد الروحي.

الكاملين: الساعين نحو الكمال.

فليكن لنا نحن الناضجون روحيا هذا الفكر الذي هو فكر المسيح، أما لو انشغل بعضكم بفكر آخر خلاف هذا وتعرض لانحرافات في الطريق، فإن الله سيعلن لكم الحق بروحه الساكن فيكم.

العدد 16

ع16:

ما أدركناه: ممارستنا الروحية السابقة من صلوات وأصوام وعبادات مختلفة.

القانون: النظام الروحي الذي نعبد به الله ونخدمه.

نفتكر ذلك عينه: أهمية الاستمرار في الجهاد الروحي.

ما مارسناه من جهاد روحي في حياتنا الروحية الماضية فلنواظب عليه متأكدين من أهمية السعى الدائم نحو الملكوت.

←.

(4) نهاية الأشرار والأبرار (ع 17 - 21):

17 كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِى مَعًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ، وَلاَحِظُوا الَّذِينَ يَسِيرُونَ هَكَذَا كَمَا نَحْنُ عِنْدَكُمْ قُدْوَةٌ. 18 لأَنَّ كَثِيرِينَ يَسِيرُونَ مِمَّنْ كُنْتُ أَذْكُرُهُمْ لَكُمْ مِرَارًا، وَالآنَ أَذْكُرُهُمْ أَيْضًا بَاكِيًا، وَهُمْ أَعْدَاءُ صَلِيبِ الْمَسِيحِ، 19 الَّذِينَ نِهَايَتُهُمُ الْهَلاَكُ، الَّذِينَ إِلَهُهُمْ بَطْنُهُمْ وَمَجْدُهُمْ فِي خِزْيِهِمِ، الَّذِينَ يَفْتَكِرُونَ فِي الأَرْضِيَّاتِ. 20 فَإِنَّ سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضًا نَنْتَظِرُ مُخَلِّصًا هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمَسِيحُ، 21 الَّذِى سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا، لِيكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ، بِحَسَبِ عَمَلِ اسْتِطَاعَتِهِ، أَنْ يُخْضِعَ لِنَفْسِهِ كُلَّ شَىْءٍ.

العدد 17

ع17:

لأن الرسول يتمثل في حياته بالمسيح، فهو يطلب من الفيلبيين أن يتمثلوا به في حياته وسلوكه أيضا، ويتمثلوا أيضًا بمرشديهم الروحيين الذين هم قدوة لهم.

العدد 18

ع18:

يسيرون: يسلكون في الشر والبدع الغريبة.

أعداء صليب المسيح بأفكارهم المنحرفة يضلون الناس عن المسيح المخلص المصلوب لفدائنا.

هؤلاء الذين اتبعوا التعاليم الغريبة وحذرهم الرسول من أن يتأثروا بآرائهم، يكرر هنا التحذير منهم برغم حبه لهم وبكائه عليهم. فالرسول يبغض شرورهم وخطيتهم وليس أشخاصهم، فهو يعتبرهم أبناء ضالين.

العدد 19

ع19:

هؤلاء المعلمين الكذبة مصيرهم الهلاك الأبدي، فهم دائما مسرعون لإرضاء نزواتهم ورغباتهم الدنيوية ويفعلون الشر ويتباهون بفعله.

العدد 20

ع20:

أما نحن فلأن وطننا الأصلى هو السماء، نسلك روحيا مثل السمائيين، متوقعين بشوق شديد قدوم المسيح في مجيئه الثاني، ومنتظرين وعده ليخلصنا من شقاء العالم الحاضر وتمتعنا بمجده الأبدي.

العدد 21

ع21:

لأنه هو الذي سيحول جسدنا الضعيف هذا والمعرض للمرض والألم والتشويه والقابل للخطية والسقوط، إلى جسد ممجد بلا خطية على غرار جسده الذي قام به من الأموات، فالذى استطاع أن يقهر الموت بذاته له القدرة على إحياء أجسادنا المائتة.

† ليتنا ننظر كل يوم إلى هدفنا وهو السماء حتى نسلك بما يليق بالحياة فيها بطهارة وحب لكل أحد ونتأمل دائما حياة الملائكة والقديسين في السماء ونتشفع بهم ونقتدى بسلوكهم، فنتذوق عربون الملكوت ونحن على الأرض وتزداد أشواقنا إليه.

No items found

الأصحاح الرابع - تفسير الرسالة إلى فيلبي - مارمرقس مصر الجديدة

الأصحاح الثاني - تفسير الرسالة إلى فيلبي - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير الرسالة إلى فيلبي الأصحاح 3
تفاسير الرسالة إلى فيلبي الأصحاح 3