الأصحاح السادس – سفر نحميا – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح السادس

الأعداد 1-9

الأيات (1 - 9): -

"1 وَلَمَّا سَمِعَ سَنْبَلَّطُ وَطُوبِيَّا وَجَشَمٌ الْعَرَبِيُّ وَبَقِيَّةُ أَعْدَائِنَا أَنِّي قَدْ بَنَيْتُ السُّورَ وَلَمْ تَبْقَ فِيهِ ثُغْرَةٌ، عَلَى أَنِّي لَمْ أَكُنْ إِلَى ذلِكَ الْوَقْتِ قَدْ أَقَمْتُ مَصَارِيعَ لِلأَبْوَابِ، 2أَرْسَلَ سَنْبَلَّطُ وَجَشَمٌ إِلَيَّ قَائِلَيْنِ: «هَلُمَّ نَجْتَمِعُ مَعًا فِي الْقُرَى فِي بُقْعَةِ أُونُو». وَكَانَا يُفَكِّرَانِ أَنْ يَعْمَلاَ بِي شَرًّا. 3فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِمَا رُسُلاً قَائِلاً: «إِنِّي أَنَا عَامِلٌ عَمَلاً عَظِيمًا فَلاَ أَقْدُرُ أَنْ أَنْزِلَ. لِمَاذَا يَبْطُلُ الْعَمَلُ بَيْنَمَا أَتْرُكُهُ وَأَنْزِلُ إِلَيْكُمَا؟ » 4 وَأَرْسَلاَ إِلَيَّ بِمِثْلِ هذَا الْكَلاَمِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَجَاوَبْتُهُمَا بِمِثْلِ هذَا الْجَوَابِ. 5فَأَرْسَلَ إِلَيَّ سَنْبَلَّطُ بِمِثْلِ هذَا الْكَلاَمِ مَرَّةً خَامِسَةً مَعَ غُلاَمِهِ بِرِسَالَةٍ مَنْشُورَةٍ بِيَدِهِ مَكْتُوبٌ فِيهَا: 6«قَدْ سُمِعَ بَيْنَ الأُمَمِ، وَجَشَمٌ يَقُولُ: إِنَّكَ أَنْتَ وَالْيَهُودُ تُفَكِّرُونَ أَنْ تَتَمَرَّدُوا، لِذلِكَ أَنْتَ تَبْنِي السُّورَ لِتَكُونَ لَهُمْ مَلِكًا حَسَبَ هذِهِ الأُمُورِ. 7 وَقَدْ أَقَمْتَ أَيْضًا أَنْبِيَاءَ لِيُنَادُوا بِكَ فِي أُورُشَلِيمَ قَائِلِينَ: فِي يَهُوذَا مَلِكٌ. وَالآنَ يُخْبَرُ الْمَلِكُ بِهذَا الْكَلاَمِ. فَهَلُمَّ الآنَ نَتَشَاوَرُ مَعًا». 8فَأَرْسَلْتُ إِلَيْهِ قَائِلاً: «لاَ يَكُونُ مِثْلُ هذَا الْكَلاَمِ الَّذِي تَقُولُهُ، بَلْ إِنَّمَا أَنْتَ مُخْتَلِقُهُ مِنْ قَلْبِكَ». 9لأَنَّهُمْ كَانُوا جَمِيعًا يُخِيفُونَنَا قَائِلِينَ: «قَدِ ارْتَخَتْ أَيْدِيهِمْ عَنِ الْعَمَلِ فَلاَ يُعْمَلُ». « فَالآنَ يَا إِلهِي شَدِّدْ يَدَيَّ».".

قبل هذا رأينا إبليس كأسد زائر فهم يهاجمون بعنف، وهنا نجدهم يحاولون بالخداع. نجد هنا خطة جديدة ضد نحميا. فالآن قد تم بناء السور ولكن المصاريع لم تكن قد وضعت فهذه فرصة الأعداء الأخيرة فلو وضعت المصاريع لإنتهى الأمر. والخطة الجديدة هى أن يدعوا الأعداء نحميا إلى بقعة أونو وهذه تبعد عن أورشليم 32 كم أى مسافة بعيدة وأونو هى بلا أسوار حتى لا يشك نحميا أنهم سيحبسونه داخلها. لكنهم خططوا لقتله فى الطريق غالباً هذا هو خداع الحية، وهم يدعونه بحجة التشاور بمحبة وغرضهم أسره وقتله فى الطريق وربما إستعد آخرون للهجوم على أورشليم لو نجحوا فى قتل نحميا. لكن نحميا فهم خطتهم وغايتهم ولكننا نجد نحميا لا يدخل فى حوار معهم "فالحوار مع إبليس ورجاله ممنوع فنتيجته الموت". وهذا ما حدث مع آدم وحواء. وكان رد نحميا رائعاً إنى عامل عمل عظيم = هذا ما يجب أن يقوله كل منا ما دام عملنا هو خلاص نفوسنا وخلاص نفوس كل من نخدمهم. فلا وقت للنقاش لأن عندنا عمل عظيم والوقت منذ الآن مقصر (1كو7: 29). لماذا يبطل العمل = هذا رد كله حكمة فهو لم يقل لهم أنه فهم مؤامراتهم وذلك حتى لا يثيرهم. ولو قبل نحميا أن يذهب لغاب عن أورشليم 3 أيام وتعطل العمل. برسالة منشورة = أى مكتوبة على ورق لتنشر بين الناس وحين ينتشر الخبر بين الناس يخافون ويضطربون فيتركوا العمل، فيلتزم نحميا أن يذهب لأعدائه. ومضمون الرسالة أنهم إتهموا نحميا بأنه يتآمر ضد الملك. وأن مؤامرته ليكون ملكاً على اليهود. وأن هذا الخبر الآن قد إنتشر بين الأمم المحيطة. وهناك شاهد مهم على ذلك هو جشم = جشم يقول. إذاً الخبر مثبت بشهادة أحد المعتبرين. وهم ظنوا أن نحميا سيخاف من هذا وأن الشعب سوف يضطرب ويضطر نحميا للذهاب لهم ليساعدوه فى دحض هذه الإفتراءات أمام الملك.

الأعداد 10-14

الأيات (10 - 14): -

"10 وَدَخَلْتُ بَيْتَ شَمْعِيَا بْنِ دَلاَيَا بْنِ مَهِيطَبْئِيلَ وَهُوَ مُغْلَقٌ، فَقَالَ: «لِنَجْتَمِعْ إِلَى بَيْتِ اللهِ إِلَى وَسَطِ الْهَيْكَلِ وَنُقْفِلْ أَبْوَابَ الْهَيْكَلِ، لأَنَّهُمْ يَأْتُونَ لِيَقْتُلُوكَ. فِي اللَّيْلِ يَأْتُونَ لِيَقْتُلُوكَ». 11فَقُلْتُ: «أَرَجُلٌ مِثْلِي يَهْرُبُ؟ وَمَنْ مِثْلِي يَدْخُلُ الْهَيْكَلَ فَيَحْيَا؟ لاَ أَدْخُلُ! ». 12فَتَحَقَّقْتُ وَهُوَذَا لَمْ يُرْسِلْهُ اللهُ لأَنَّهُ تَكَلَّمَ بِالنُّبُوَّةِ عَلَيَّ، وَطُوبِيَّا وَسَنْبَلَّطُ قَدِ اسْتَأْجَرَاهُ. 13لأَجْلِ هذَا قَدِ اسْتُؤْجِرَ لِكَيْ أَخَافَ وَأَفْعَلَ هكَذَا وَأُخْطِئَ، فَيَكُونَ لَهُمَا خَبَرٌ رَدِيءٌ لِكَيْ يُعَيِّرَانِي. 14اذْكُرْ يَا إِلهِي طُوبِيَّا وَسَنْبَلَّطَ حَسَبَ أَعْمَالِهِمَا هذِهِ، وَنُوعَدْيَةَ النَّبِيَّةَ وَبَاقِيَ الأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ يُخِيفُونَنِي.".

العدو لا يهدأ وحيله ضد أولاد الله تتنوع. ونجد هنا حيلة جديدة. فهم يخيفوه ليختبىء فيظهر للناس أنه جبان فيفشل كقائد ومن ثم يفشل العمل. فإذا إختبأ نحميا فقد الشعب قائده، وإذا خاف القائد ذعر الشعب وخافوا، فيتركوا البناء فيجىء سنبلط ويضرب أورشليم ويهدم السور. شمعيا = هو يدعى النبوة ولكنه نبى كاذب إستأجره طوبيا وسنبلط ليردد أقوالهما الخبيثة امام نحميا. وهو مغلق = هو أغلق الباب عليه وعلى نحميا ليكون الإجتماع سرياً، أو هو يدعى خلوة مع الله ولا يقابل إنسان بل الله فقط، أو هو أغلق على نفسه كإشارة ليعطى نحميا مثلاً فيغلق على نفسه فى الهيكل. وهكذا فعل صدقيا بقرنيه الحديد مع ملك يهوذا (نبى كاذب). وهكذا فعل أغابوس بمنطقة بولس وكانت دعوة شمعيا لنحميا أن يدخل الهيكل ويغلق على نفسه فيها مشكلتان: -.

1 - أن يظهر للناس خوفه. 2 - دخوله وهو ليس بكاهن للهيكل فيتعدى على الناموس. ويحدث شقاق بينه وبين الكهنة. لذلك كان رد نحميا على هاتين النقطتين: -.

أرجل مثلى يهرب.

ومن مثلى يدخل الهيكل فيحيا = الهيكل يُحرم دخوله على غير الكهنة، وأنا لست كاهنا، فلن أحيا إذا دخلت. بل لو خاف كل إنسان هل له فرصة أن يدخل للهيكل ضد الشريعة، بل هو سيُقتَل ومن مثلى يدخل الهيكل فيحيا = الهيكل يُحرم دخوله على غير الكهنة، وأنا لست كاهنا، فلن أحيا إذا دخلت. بل لو خاف كل.

نوعدية = هى أيضاً نبية كاذبة. فالأعداء إستأجروا عدداً من الأنبياء ضد نحميا.

الأعداد 15-19

الأيات (15 - 19): -

"15 وَكَمِلَ السُّورُ فِي الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ أَيْلُولَ، فِي اثْنَيْنِ وَخَمْسِينَ يَوْمًا. 16 وَلَمَّا سَمِعَ كُلُّ أَعْدَائِنَا وَرَأَى جَمِيعُ الأُمَمِ الَّذِينَ حَوَالَيْنَا، سَقَطُوا كَثِيرًا فِي أَعْيُنِ أَنْفُسِهِمْ، وَعَلِمُوا أَنَّهُ مِنْ قِبَلِ إِلهِنَا عُمِلَ هذَا الْعَمَلُ. 17 وَأَيْضًا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ أَكْثَرَ عُظَمَاءُ يَهُوذَا تَوَارُدَ رَسَائِلِهِمْ عَلَى طُوبِيَّا، وَمِنْ عِنْدِ طُوبِيَّا أَتَتِ الرَّسَائِلُ إِلَيْهِمْ. 18لأَنَّ كَثِيرِينَ فِي يَهُوذَا كَانُوا أَصْحَابَ حِلْفٍ لَهُ، لأَنَّهُ صِهْرُ شَكَنْيَا بْنِ آرَحَ، وَيَهُوحَانَانُ ابْنُهُ أَخَذَ بِنْتَ مَشُلاَّمَ بْنِ بَرَخْيَا. 19 وَكَانُوا أَيْضًا يُخْبِرُونَ أَمَامِي بِحَسَنَاتِهِ، وَكَانُوا يُبَلِّغُونَ كَلاَمِي إِلَيْهِ. وَأَرْسَلَ طُوبِيَّا رَسَائِلَ لِيُخَوِّفَنِي.".

كمل السور فى 52 يوماً لأنه كان فى أماكن كثيرة لم يهدم للأرض وعبر السنوات الماضية كانت هناك محاولات للبناء ولكنها كانت تقاوم دائماً وتتوقف الأعمال ولكن الآن بتنظيم وحكمة نحميا وتشجيعه تم العمل. وفى (16) سقطوا كثيراً فى أعين أنفسهم = هم عرفوا الآن أن كل الألام والضيقات التى عانى منها شعب الله إنما كانت بسبب أن الله كان يؤدب شعبه لفترة، إلا أنه كان يحبهم ولم يرفضهم، وأنه الآن يساندهم وإكتشفوا هذا من أنهم لم ينجحوا فى كل مؤامراتهم فسقطوا كثيراً فى أعين أنفسهم نتيجة فشل كل مخططاتهم ضد شعب الله. وفى (17) نجد مشاكل جديدة لنحميا. فهناك من عظماء اليهود من كان لهُ قرابة جسدية مع طوبيا (العبد العمونى نح2: 10) أو فى تحالف معهُ = أصحاب حلف وطوبيا هذا هو الذى قاوم نحميا حتى لا يبنى السور. فطوبيا تزوج يهودية وكان بينه وبين رئيس الكهنة إلياشيب قرابة جسدية (4: 13). وفى (19) حسناتة = هو وزع مالاً على اليهود لعله على سبيل الرشوة. ولكننا نجد هنا أن المتحالفين معه يذكرون أن هذه الرشاوى إنما هى أفعال خير من رجل خَيِّرْ يعطيها لفقراء محتاجين وهذا قطعا قلب وعكس للحقائق. ويبدو أن عظماء اليهود فضلوا التساهل والتحالف مع جيرانهم. ولولا نحميا لكانوا إتفقوا مع الأمم وصاروا مثلهم فى حياتهم وعبادتهم. هنا حرب جديدة هى من الداخل من ضعاف النفوس من أصحاب الزواج المختلط. فطوبيا أرسل رسائل يخيف بها نحميا. وهو أولاً أراد أن يظهر بمظهر الصديق وحينما فشل ظهرت عداوته فى إرسال التهديدات.

التجارب التى واجهت العمل وموقف نحميا منها.

يقول إبن سيراخ "يا بنى إن أقبلت لخدمة الرب الإله فاثبت على البر والتقوى وأعدد نفسك للتجربة" (سى2: 1). وهنا نجد نحميا قد أقبل على خدمة الرب وبناء سور ليحمى شعب الرب ومدينة الرب أورشليم. ولنرى التجارب التى واجهته وواجهت زربابل من قبله، وهذه ومثلها كثير تواجه كل من يعمل فى الخدمة فى كرم الرب: -.

  1. محاولة الإشتراك فى العمل لإفساده من الداخل وهذا ما حدث مع زربابل ولكن إشراك خطاة فى العمل يفسده (راجع قصة يهوشافاط).
  2. محاولات إفشال العمل بأى طريقة بالكذب والغش والإشاعات الكاذبة.
  3. رسائل بإدعاءات كاذبة للملك كما حدث مع زربابل فيتوقف العمل إلى حين. وهم هددوا نحميا بأنهم سيرسلون للملك أن نحميا يخطط ليكون ملكا (آية7).
  4. سخرية وإستهانة بالعمل الذى يُعمل والتقليل من شأنه لإشاعة اليأس والإحباط فيترك العاملين العمل. فقالوا عن السور لو صعد عليه ثعلب لسقط السور.
  5. الإعداد لشن حرب، فالعدو فى غيظه وحقده ضد أى عمل يمجد الله، يستخدم كل الوسائل من خداع وغش بل حتى الحروب الدموية (نح4: 8).
  6. مؤامرات لقتل نحميا بدعوته ليخرج من أورشليم فيقتلونه.
  7. تخويفه ليختبئ فى الهيكل فيُعيِّرانه بالجبن.
  8. الإشاعات الكاذبة أضعفت الشعب وحدث منهم تخاذل وخوف وضعف.
  9. مشاكل داخلية، مثل الإقراض بالربا مما دفع العاملين للتذمر.
  10. زرع أشخاص لهم مصالح مادية من داخل أورشليم (الكنيسة)، فيحاولوا إفساد العمل لمصالحهم الشخصية (آيات17 – 19). فنجد أشخاصا من الكهنة من صار له علاقات عائلية مع طوبيا العبد العمونى الذى يقاوم العمل، هنا محاولة لإفساد عمل الله بالتسلل إلى القيادات (راجع إصحاح 13 أيضا).

وماذا كان موقف نحميا وزربابل أمام كل ذلك؟

  1. الصلاة المستمرة والإستعداد الدائم، والعمل الدائم "لماذا يبطل العمل" آية3.
  2. حمل السلاح "يد تبنى ويد تحمل السلاح". وبالنسبة لنا فسلاحنا (أف6).
  3. رفض الإشتراك مع الأشرار (رفض زربابل إشراك السامريين فى البناء).
  4. إعداد البعض بالسلاح وسهرهم على حماية من يبنى.
  5. حل مشاكل الناس الداخلية بالعدل.
  6. رفض كل حوار مع الحية التى تعمل فى هؤلاء الأعداء.
  7. لم يُضَيِّع نحميا وقته فى الرد على كل سخريتهم وإدعاءاتهم وكذبهم بل إستمر فى العمل والبناء. فالرد والحوار مع هؤلاء هو مناقشات "ومباحثات غبية علينا أن نتجنبها" (2تى2: 23).

وماذا يعمل الله؟

  1. الله يبطل مشورتهم الرديئة (نح4: 15).
  2. يرسل لمن يعملون من يقويهم (حجى وزكريا).
  3. والله يشترك فى العمل فلا بد أن ينجح فالله لا يترك عبيده يعملون وحدهم.

"إله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبنى" (نح2: 20).

وينهى بولس الرسول رسالته الثانية إلى كورنثوس بهذه البركة الرسولية.

نعمة ربنا يسوع المسيح. محبة الله الآب. شركة الروح القدس (2كو13: 14).

ومع من يعمل الله؟

الله حين يجد من فى قلبه غيرة وإرادة أن يعمل مثل نحميا يعمل معه الله فينجح العمل.

No items found

الأصحاح السابع - سفر نحميا - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الخامس - سفر نحميا - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر نحميا الأصحاح 6
تفاسير سفر نحميا الأصحاح 6