الأصحاح الرابع – سفر نحميا – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الرابع

الأعداد 1-6

الأيات (1 - 6): -

"1 وَلَمَّا سَمِعَ سَنْبَلَّطُ أَنَّنَا آخِذُونَ فِي بِنَاءِ السُّورِ غَضِبَ وَاغْتَاظَ كَثِيرًا، وَهَزَأَ بِالْيَهُودِ. 2 وَتَكَلَّمَ أَمَامَ إِخْوَتِهِ وَجَيْشِ السَّامِرَةِ وَقَالَ: «مَاذَا يَعْمَلُ الْيَهُودُ الضُّعَفَاءُ؟ هَلْ يَتْرُكُونَهُمْ؟ هَلْ يَذْبَحُونَ؟ هَلْ يُكْمِلُونَ فِي يَوْمٍ؟ هَلْ يُحْيُونَ الْحِجَارَةَ مِنْ كُوَمِ التُّرَابِ وَهِيَ مُحْرَقَةٌ؟ » 3 وَكَانَ طُوبِيَّا الْعَمُّونِيُّ بِجَانِبِهِ، فَقَالَ: «إِنَّ مَا يَبْنُونَهُ إِذَا صَعِدَ ثَعْلَبٌ فَإِنَّهُ يَهْدِمُ حِجَارَةَ حَائِطِهِمِ». 4«اسْمَعْ يَا إِلهَنَا، لأَنَّنَا قَدْ صِرْنَا احْتِقَارًا، وَرُدَّ تَعْيِيرَهُمْ عَلَى رُؤُوسِهِمْ، وَاجْعَلْهُمْ نَهْبًا فِي أَرْضِ السَّبْيِ 5 وَلاَ تَسْتُرْ ذُنُوبَهُمْ وَلاَ تُمْحَ خَطِيَّتُهُمْ مِنْ أَمَامِكَ لأَنَّهُمْ أَغْضَبُوكَ أَمَامَ الْبَانِينَ». 6فَبَنَيْنَا السُّورَ وَاتَّصَلَ كُلُّ السُّورِ إِلَى نِصْفِهِ وَكَانَ لِلشَّعْبِ قَلْبٌ فِي الْعَمَلِ.".

نجد هنا مقاومات الأعداء لعمل الله، فالعمل الناجح لابد له من مقاومة داخلية وخارجية. وفى (2) إخوته = أى رؤساء السامريين. جيش السامرة = أى السامريون القادرون على الحرب. وغالباً هم جماعة غير منظمة تجمعوا خوفاً من أن يقوم اليهود ببناء مدينتهم أورشليم فترجع مملكتهم إلى ما كانت عليه. أو يكون جيش السامرة هو الحامية الخاضعة لسنبلط كوالى والغالب هم المجموعتين معاً. هل يتركونهم = أى هل سيتركهم ملك فارس ورجاله يقومون بهذا العمل. كُوم التراب = وجد الذين نبشوا حديثاً أساسات الهيكل أن التراب والحجارة تكومت فوق الأساسات فى بعض الأماكن 125 قدماً. وهى محرقة = فقد هدم البابليين كل شىء من حجارة وأحرقوا كل ما كان من خشب. وفى (3) إذا صعد ثعلب = اى أن حيوان خفيف يهدم الحائط إذا صعد عليه. ولاحظ أنهم كانوا يهزأون من اليهود بينما هم كانوا خائفين منهم. وفى آية (4) إسمع يا إلهنا = صلى نحميا بحسب عادته. إذاً نحميا لم يرد على السخرية بل صلى. ونلاحظ فى صلاته أنه يطلب عقابهم. وهذه تعتبر بروح النبوة وليس بروح الإنتقام. وهو لا يطلب هذا لمجد شخصى أو لأنه قد لحقته إهانة شخصية بل لأنه غار على مجد الله = لأنهم أغضبوك أمام البانين (آية 5) = لقد قصد الأعداء أن تصل كلمات السخرية أمام الشعب الذى يبنى السور ليلقوا الإضطراب واليأس والإحباط بينهم فيبعدونهم عن قائدهم ويكفوا عن العمل، كما فعل ربشاقى (2 مل 26: 18 - 28). وفى (6) إلى نصفه = أى إلى نصف العلو المقصود. لأننا نرى فى آية (7) أنهم كانوا قد اكملوا دائرة السور وإتصل كلهُ بعضه ببعض وكان ذلك فى مدة 52 يوماً.

الأعداد 7-14

الأيات (7 - 14): -

"7 وَلَمَّا سَمِعَ سَنْبَلَّطُ وَطُوبِيَّا وَالْعَرَبُ وَالْعَمُّونِيُّونَ وَالأَشْدُودِيُّونَ أَنَّ أَسْوَارَ أُورُشَلِيمَ قَدْ رُمِّمَتْ وَالثُّغَرَ ابْتَدَأَتْ تُسَدُّ، غَضِبُوا جِدًّا. 8 وَتَآمَرُوا جَمِيعُهُمْ مَعًا أَنْ يَأْتُوا وَيُحَارِبُوا أُورُشَلِيمَ وَيَعْمَلُوا بِهَا ضَرَرًا. 9فَصَلَّيْنَا إِلَى إِلهِنَا وَأَقَمْنَا حُرَّاسًا ضِدَّهُمْ نَهَارًا وَلَيْلاً بِسَبَبِهِمْ. 10 وَقَالَ يَهُوذَا: «قَدْ ضَعُفَتْ قُوَّةُ الْحَمَّالِينَ، وَالتُّرَابُ كَثِيرٌ، وَنَحْنُ لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَبْنِيَ السُّورَ». 11 وَقَالَ أَعْدَاؤُنَا: «لاَ يَعْلَمُونَ وَلاَ يَرَوْنَ حَتَّى نَدْخُلَ إِلَى وَسَطِهِمْ وَنَقْتُلَهُمْ وَنُوقِفَ الْعَمَلَ». 12 وَلَمَّا جَاءَ الْيَهُودُ السَّاكِنُونَ بِجَانِبِهِمْ قَالُوا لَنَا عَشْرَ مَرَّاتٍ: «مِنْ جَمِيعِ الأَمَاكِنِ الَّتِي مِنْهَا رَجَعُوا إِلَيْنا». 13فَأَوْقَفْتُ الشَّعْبَ مِنْ أَسْفَلِ الْمَوْضِعِ وَرَاءَ السُّورِ وَعَلَى الْقِمَمِ، أَوْقَفْتُهُمْ حَسَبَ عَشَائِرِهِمْ، بِسُيُوفِهِمْ وَرِمَاحِهِمْ وَقِسِيِّهِمْ. 14 وَنَظَرْتُ وَقُمْتُ وَقُلْتُ لِلْعُظَمَاءِ وَالْوُلاَةِ وَلِبَقِيَّةِ الشَّعْبِ: «لاَ تَخَافُوهُمْ بَلِ اذْكُرُوا السَّيِّدَ الْعَظِيمَ الْمَرْهُوبَ، وَحَارِبُوا مِنْ أَجْلِ إِخْوَتِكُمْ وَبَنِيكُمْ وَبَنَاتِكُمْ وَنِسَائِكُمْ وَبُيُوتِكُمْ».".

الأشدوديون = إحدى مدن فلسطين الخمس. ولاحظ كثرة أعداء الشعب.

صلينا.... وأقمنا حراساً = الصلاة أولاً ثم العمل والجهاد فكلاهما مكمل للآخر. فالصلاة وحدها لا تكفى بدون العمل. والعمل وحده لا يكفى بدون صلاة. والنعمة والجهاد يكملون بعضهما. وقال يهوذا = كانوا قد تعبوا لأن حجم العمل كان عظيماً، والمقاومة كانت عظيمة، فمن الخارج مقاومات ومن الداخل مخاوف. والتراب كثير = فكان عليهم أن يحفروا كثيراً ليكشفوا الأساس أو يضعوا أساس جديد. هنا مشكلة أخرى فالتخاذل الآن من اليهود أنفسهم بحجة أن التراب كثير. ومعنى آية (11) أن الأعداء نشروا إشاعات ليرعبوهم، أن الأعداء سيدخلوا عليهم ويقتلونهم على حين غرة. ومعنى آية (12) أن اليهود الساكنون فى أماكن خارج أورشليم ومجاورة للسامريين والعمونيين والعرب كانوا يأتون ليعملوا فى السور، وحينما يأتون كانوا يأتون معهم بما يسمعون من إشاعات ومؤامرات الأعداء ضد الشعب، أن الأعداء سيأتون فجأة ويدخلون ويقتلون ويوقفون العمل. عشر مرات = أى مرات عديدة فهم فى كل يوم حينما كانوا يأتون للعمل، كانوا يحملون معهم أخباراً مخيفة.

فأوقفت الشعب = أخذ جزءاً من الشعب وجعلهم حراساً. البعض كان تحت السور للدفاع والبعض فوق السور للمراقبة. ونظرت = نظرت إلى فوق إلى الله مصدر المعونة.

لا تخافوهم بل اذكروا السيد = مهما كان العدو جباراً عاتياً قوياً فالله أقوى والعدو الجبار أمامه كلا شىء.

الأعداد 15-23

الأيات (15 - 23): -

"15 وَلَمَّا سَمِعَ أَعْدَاؤُنَا أَنَّنَا قَدْ عَرَفْنَا، وَأَبْطَلَ اللهُ مَشُورَتَهُمْ، رَجَعْنَا كُلُّنَا إِلَى السُّورِ كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى شُغْلِهِ. 16 وَمِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ كَانَ نِصْفُ غِلْمَانِي يَشْتَغِلُونَ فِي الْعَمَلِ، وَنِصْفُهُمْ يُمْسِكُونَ الرِّمَاحَ وَالأَتْرَاسَ وَالْقِسِيَّ وَالدُّرُوعَ. وَالرُّؤَسَاءُ وَرَاءَ كُلِّ بَيْتِ يَهُوذَا. 17الْبَانُونَ عَلَى السُّورِ بَنَوْا وَحَامِلُو الأَحْمَالِ حَمَلُوا. بِالْيَدِ الْوَاحِدَةِ يَعْمَلُونَ الْعَمَلَ، وَبِالأُخْرَى يَمْسِكُونَ السِّلاَحَ. 18 وَكَانَ الْبَانُونَ يَبْنُونَ، وَسَيْفُ كُلُّ وَاحِدٍ مَرْبُوطٌ عَلَى جَنْبِهِ، وَكَانَ النَّافِخُ بِالْبُوقِ بِجَانِبِي. 19فَقُلْتُ لِلْعُظَمَاءِ وَالْوُلاَةِ وَلِبَقِيَّةِ الشَّعْبِ: «الْعَمَلُ كَثِيرٌ وَمُتَّسِعٌ وَنَحْنُ مُتَفَرِّقُونَ عَلَى السُّورِ وَبَعِيدُونَ بَعْضُنَا عَنْ بَعْضٍ. 20فَالْمَكَانُ الَّذِي تَسْمَعُونَ مِنْهُ صَوْتَ الْبُوقِ هُنَاكَ تَجْتَمِعُونَ إِلَيْنَا. إِلهُنَا يُحَارِبُ عَنَّا». 21فَكُنَّا نَحْنُ نَعْمَلُ الْعَمَلَ، وَكَانَ نِصْفُهُمْ يَمْسِكُونَ الرِّمَاحَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى ظُهُورِ النُّجُومِ. 22 وَقُلْتُ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ أَيْضًا لِلشَّعْبِ: «لِيَبِتْ كُلُّ وَاحِدٍ مَعَ غُلاَمِهِ فِي وَسْطِ أُورُشَلِيمَ لِيَكُونُوا لَنَا حُرَّاسًا فِي اللَّيْلِ وَلِلْعَمَلِ فِي النَّهَارِ». 23 وَلَمْ أَكُنْ أَنَا وَلاَ إِخْوَتِي وَلاَ غِلْمَانِي وَلاَ الْحُرَّاسُ الَّذِينَ وَرَائِي نَخْلَعُ ثِيَابَنَا. كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَذْهَبُ بِسِلاَحِهِ إِلَى الْمَاءِ.".

كان ما حدث أن نحميا يقسم العاملين قسمين، قسم للبناء وقسم للحرب معطلاً للبناء. فلما وصل لنحميا أن الأعداء فهموا أنهم مستعدين أعاد الرجال للبناء.

وفى (15) وأبطل الله = كان قد طلب المعونة من الله، وهنا يعترف أن الله هو الذى أبطل مشورتهم.

وفى (16) نصف غلمانى = أى خدامه المخصصون له كوالٍ. والرؤساء وراء = يُعَلِّمون ويقودون ويشددون أيادى الشعب. وآية (17) باليد الواحدة يعملون... وبالأخرى يمسكون السلاح هذا لا يفهم حرفياً. وتفسيرها فى (18) أن السيف معلق على جنب كل واحد والبناء يتم بكلتا اليدين. وروحياً فسلاحنا هو كلمة الله وعلينا أن لا نتركها بينما نعمل اليوم كله وكلمة الله هى سيف ذو حدين (عب 12: 4) وبها حارب السيد المسيح إبليس. وبنفس المفهوم نفهم وكان النافخ بالبوق بجانبى = فالحرب الروحية تحتاج لنافخ البوق الذى ينبه بأن هناك هجوم والهجوم قد يأتى من أى جانب. والبوق أيضاً هو كلمة الله (إش 1: 58) وهو يجمع الكل ليحارب الجميع وهذا معنى آية (20) فإذا سمعت الكنيسة عن جهة أو شخص ضعيف عليهم أن يساندوه بصلواتهم ومحبتهم ورعايتهم لهُ حتى لا يفشل. وفى (21) فكان نصفهم = أى نصف غلمان نحميا المذكورين فى آية (16) وهؤلاء تقلدوا السلاح الثقيل (رماح / أتراس / قسى / دروع) أما سلاحنا (أف6). وإكتفى الشعب العادى الذى يبنى بحمل السيوف. وفى (22) ليبت كل واحد = كان عليهم خطر إذا تركوا أورشليم وذهبوا إلى أماكنهم وكان خطر أيضاً على الباقين فى أورشليم لأنهم أصبحوا قليلين. وفى (23) نخلع ثيابنا = أى كانوا مستعدين للقتال فى كل وقت حتى فى وقت نومهم القليل. وهذا القول عن نحميا وغلمانه الحراس. بسلاحه إلى الماء = هم مستعدون دائماً، فكانوا يذهبون للإستحمام والشرب وهم بسلاحهم حتى لا يفاجئهم العدو.

هذا بالضبط ما كان يقصده السيد المسيح حين قال "إسهروا إذاً لأنكم لا تعلمون فى أية ساعة يأتى ربكم" (مت24: 42) + "أنظروا. اسهروا وصلوا لأنكم لا تعلمون متى يكون الوقت" (مر13: 33). والمعنى أن نحيا حياتنا ونباشر أعمالنا بطريقة عادية، لكن على أن يكون القلب متوقعا تلك الساعة فى أى لحظة، وذلك بحياة التوبة وبصلة مستمرة بالعقل والقلب بالله، والصلة بالله هى الصلاة.

No items found

الأصحاح الخامس - سفر نحميا - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثالث - سفر نحميا - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر نحميا الأصحاح 4
تفاسير سفر نحميا الأصحاح 4