الأصحاح الأول – سفر نحميا – مارمرقس مصر الجديدة

مقدمة عن سفر نحميا

أولا: كاتبه.

ثانيًا: زمن كتابته.

ثالثًا: مكان كتابته.

رابعًا: أغراضه.

خامسًا: رموزه.

سادسًا: أقسامه.

أولا: كاتبه:

"نحميا بن حكليا" وكان من سبط لاوى لأن حنانى أخاه ذكر مع البوابين والمغنيين واللاويين (نح 7: 1) وكان يشغل منصبًا كبيرًا في قصر الملك ارتحشستا ملك مملكة مادي وفارس والتي كانت عاصمتها شوشن القصر التي تقع شرق بابل أي إيران الحالية وكانت وظيفته ساقى الملك أي المسئول عن كل ما يقدم من مشروبات الملك وضيوفه وكان يتبعه عدد من الموظفين وكانت وظيفة ساقى الملك وظيفة هامة إذ يتذوق المشروبات بنفسه ليتأكد أنها غير مسمومة أي ليس بها طعم غريب وذلك للمحافظة على حياة الملك فكون الملك يأتمنه على حياته يبين مدى عظمة هذا المركز، غالبًا كان نحميا خصيًا، إذ كانت العادة أن يشغل الخصيان هذه الوظائف المقربة للملك ولعل هذا يفسر عدم إشارة الكتاب المقدس لأسرة نحميا، أي زوجته وأولاده.

وقد كان قديمًا يضم سفر نحميا إلى سفر عزرا ويسميان بسفر عزرا؛ لأن نحميا يكمل تاريخ الأحداث بعد سفر عزرا.

ولكن التقليد اليهودي يرى أن كاتب السفر هو عزرا الذي استعان بالمذكرات الشخصية لنحميا، فكتبها بصيغة المتكلم مثل "اذْكُرْنِي يا إِلهِي.." التي رددها كثيرًا.

وما يدلل على أن نحميا هو كاتب السفر ما يلي:

تكلم نحميا بصيغة المتكلم مرات كثيرة.

ذكر أحداثًا خاصة شخصية مثل حواره مع الملك وظهور الضيق على وجهه وكذلك مروره بالدابة على سور أورشليم.

إن كان قد تكلم بصيغة الغائب أحيانًا فهذا هو المعتاد في كتابة الكتب في هذه الأوقات، أي المزج بين صيغة المتكلم وصيغة الغائب.

ثانيًا: زمن كتابته:

ذهب نحميا إلى أورشليم عام 445 ق. م وهذا يعتبر الرجوع الثالث إلى أورشليم وكان ذلك بعد 13 سنة من الرجوع الثاني على يد عزرا عام 458 ق. م.

بينما كان الرجوع الأول على يد زربابل عام 536 ق. م أي قبل عزرا بـ78 سنة والذي كان في أيامه النبيان حجى وزكريا اللذان شجعا الشعب على بناء الهيكل لتوقفهم عن البناء مدة 15 سنة فقد بدأوا سنة 536 ق. م لمدة حوالي أربع سنوات ثم توقفوا 15 سنة ثم عادوا ثانية للبناء.

يفهم من هذا أن زربابل عاصر حجى وزكريا ومن ناحية أخرى عاصر عزرا نحميا وفى أيامهما ظهر ملاخى النبي عام 433 ق. م، ثم عاد إلى شوشن القصر لمدة لا تزيد عن عام وعاد ثانية ليكمل أعماله الإصلاحية في أورشليم لمدة حوالي سنتين وبهذا تكون كتابة السفر حوالي عام 430 ق. م.

رسم توضيحي لأحداث الرجوع إلى أورشليم وأعمال نحميا محددة بالسنين:

النص في الرسم السابق:

536 ق. م الرجوع الأول على يد زربابل وبدء بناء الهيكل.

532 ق. م توقف بناء الهيكل.

517 ق. م استكمال بناء الهيكل بتشجيع حجى وزكريا النبيين.

458 ق. م الرجوع الثاني على يد عزرا.

445 ق. م الرجوع الثالث على يد نحميا.

433 ق. م عودة نحميا إلى شوشن القصر وبدء نبوة ملاخى.

432 ق. م رجوع نحميا إلى أورشليم ثانية لمتابعة الإصلاحيات الدينية.

430 ق. م استكمال الإصلاحات وكتابة السفر.

ثالثًا: مكان كتابته:

أورشليم.

رابعًا: أغراضه:

1 - الصلاة والصوم:

اتكل عليها في كل إصلاحاته وتجديداته وقد ذكرت صلوات نحميا 11 مرة في هذا السفر.

2 - الجهاد الروحي:

ويظهر في المثابرة في العمل حتى استكمل بناء الأسوار وتجديد الأبواب.

3 - أهمية الإخلاق والبذل:

فكان نحميا يتعب بنفسه ويعطى من أمواله الخاصة حتى يكمل العمل.

4 - القائد:

يتضح أهمية تأثير شخصية القائد المنظم في نجاح العمل وتوزيع المسئوليات والتنسيق بين البناء والدفاع عن المكان وتحمله المسئولية أمام الله فينسب خطايا الشعب لنفسه ويصلى عنهم أمام الله.

5 - مع المجتمع:

يقدم صورة جميلة للنجاح في التعامل مع المجتمع في علاقة نحميا بالملك ومن في القصر وتأثير روح الله الذي فيه على المحيطين به.

6 - الثبات:

أمام الأعداء مهما كانت محاولاتهم لإيقاف البناء ومواصلة العمل مهما كانت المعطلات.

7 - الرجاء:

مهما كانت الضغوط النفسية والتهديدات حتى القتل. وفى إتمام عمل عظيم هو بناء الأسوار والإصلاحات الدينية في أورشليم والتي بدأت بشخص واحد مؤمن بالله وأمين في عمله وهو نحميا. فالله يعمل بشخص واحد وحتى من داخل قصور الأباطرة والوثنيين.

8 - الكتاب المقدس:

أهمية قراءته وتطبيقه لتجديد الحياة.

9 - التوبة:

تظهر في الرجوع إلى الله وعدم الاكتفاء بالبناء المادي وتجديد الأسوار والأبواب.

10 - المتابعة:

تتجلى في رجوع نحميا إلى أورشليم لمتابعة إصلاحاته الدينية.

11 - الحزم:

الذى نراه في معاقبته المخالفين حتى لو كانوا ذوى رتب كهنوتية، أو مراكز عالمية.

12 - الخدمة:

فنعاين في السفر مقاومة الشيطان الشديدة لها من خلال أعداء اليهود ولكن الله يعطى شجاعة لنحميا ونعمة في عينى الملك ويسنده هو وكل اليهود العاملين معه فينجحوا في كل شيء.

خامسًا: رموزه:

يرمز نحميا للسيد المسيح في أحداث كثيرة أهمها:

حزن نحميا على أورشليم المهدمة يرمز لبكاء المسيح على أورشليم التي ستخرب بسبب شرها.

نزول نحميا إلى أورشليم لتجديدها يرمز لتجسد المسيح ليفدى خليقته ويجددها.

افتقد نحميا أسوار أورشليم راكبًا على دابة والمسيح دخل أورشليم راكبًا على أتان وجحش ابن أتان.

ظل نحميا يتفقد أورشليم ويستعد ويخطط ثلاثة أيام ثم بدأ العمل في تجديد السور والأبواب، والمسيح ظل ثلاثة أيام في القبر ثم قام ليجدد المؤمنين به.

لم يهتز نحميا أمام الأعداء وواصل عمله والمسيح انتصر على الشيطان وأكمل فداءه للبشرية.

اهتم نحميا بتعليم شعبه الشريعة عن طريق عزرا الكاهن والكاتب واهتم المسيح بنشر وصاياه وتعاليمه عن طريق تلاميذه ورسله.

طهر نحميا الهيكل من الأمميين الذين يسكنون فيه والمسيح طهر الهيكل من الباعة والصيارفة.

وبخ نحميا العظماء والرؤساء على تركهم تنفيذ الشريعة والمسيح وبخ الكتبة والفريسيين وصب عليهم الويلات.

اعتمد نحميا على الصوم والصلاة والمسيح تجلت في حياته الصلوات والأصوام.

نحميا دعا الرؤساء والشعب للعمل في بناء السور والمسيح اختار تلاميذه ورسله ودعا الشعب للحياة الجديدة معه.

أورشليم المهدمة في أسوارها وأبوابها بسبب البعد عن الله وإهمال العبادة ترمز للكنيسة في ضعفها إذ انشغلت عن رأسها المسيح.

سادسًا: أقسامه:

(نح 1، 2) - - > الاستعداد للعمل.

(نح 3 - 7) - - > إتمام بناء السور وحراسته رغم تعطيلات الأعداء.

(نح 8 - 10) - - > التوبة وتجديد العهد مع الله والوعد بطاعة وصاياه.

(نح 11، 12) - - > تعمير أورشليم وتدشين السور.

(نح 13) - - > متابعة الإصلاحات الدينية.

الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ

أخبار الأسوار المهدمة.

العدد 1

ع1:

نحميا: اسم عبري معناه "تحنن الله".

كسلو: يقابل شهر ديسمبر.

السنة العشرين: هي السنة العشرون للملك أرتحشستا ملك مملكة مادي وفارس التي كانت تحكم العالم وقتذاك.

شوشن القصر: عاصمة مادي وفارس وتقع جنوب غرب فارس أي إيران الحالية على بعد 200 ميل شرق بابل.

يحدد نحميا كاتب هذا السفر مكان وميعاد الأحداث التالية في هذا الأصحاح، فبينما كان نحميا في مدينة شوشن القصر في شهر كسلو حدث ما يلي في الآيات التالية.

العدد 2

ع2:

اليهود: كان يسمى شعب الله العبرانيين نسبة إلى إبراهيم الذي عبر نهر الفرات وعاش في كنعان، ولكن بعد السبي سُمى الشعب باليهود نسبة إلى سبط يهوذا الذي كان يمثل المملكة الجنوبية التي سبيت بعد المملكة الشمالية وعند عودة شعب الله عادوا كمملكة واحدة غير منقسمة وتسموا كلهم باليهود.

يظهر اهتمام نحميا بشعبه ومدينته أورشليم فلم تشغله مكانته في القصر الملكى عن الاهتمام بأخبار الساكنين في أورشليم فلعله خرج من القصر في هذا الوقت فقابل أحد أقربائه بالجسد يسمى حنانى ولذا يدعوه أخى لأنه من نفس سبطه وهو سبط لاوى. وكان حنانى وبعض اليهود عائدين من رحلة إلى أورشليم لزيارة موطنهم وأقاربهم فسألهم نحميا عن أخبار اليهود المقيمين بأورشليم الذين نجوا من الموت أثناء الهجوم البابلي الذي سبى فيه سكان أورشليم.

† ليتك تهتم بأقربائك وأحبائك خاصة الضعفاء فهم المحتاجين لتسأل عن أخبارهم وتحاول مساعدتهم فلا تنشغل بمشاغل الحياة واحتياجاتك الخاصة عن اخوتك المحتاجين.

العدد 3

ع3:

سمع نحميا أخبار سيئة عن اليهود الباقين في أورشليم أنهم في ضعف وبؤس لأن أسوار أورشليم مازالت مهدمة من بعد الهجوم البابلي وأبوابها العظيمة محروقة بالنار أي أن المدينة بلا حماية والشعب الساكن فيها معرض للهجوم من أي عدو، وهم في خزى وعار لأن كل المدن المحيطة والبلاد المجاورة محصنة بأسوار وأبواب قوية كعادة ذلك الزمان أي أن أورشليم صارت مدينة محتقرة وذليلة وكان ذلك لمدة 140 عامًا من أيام الهجوم البابلي.

العدد 4

ع4:

عندما سمع نحميا أخبار أورشليم المتهدمة دخل مخدعه وجلس في هدوء أمام الله فشعر ليس بحزن على تخريب نبوخذنصر للأسوار والمدينة لأن هذا شيء معروف منذ زمن طويل ولكنه حزين بل وبكى أيضًا على شعوره بتقصيره وتقصير كل اليهود في حق إلههم ومدينته المقدسة أورشليم التي فيها هيكل الله أقدس مكان في العالم ولعله سأل نفسه كيف أعيش أنا في قصر عظيم والمدينة المقدسة أسوارها مهدمة.

ولم يجد أمامه إلا الالتجاء إلى الله في صوم معلنًا استعداده للتجرد من كل الماديات التي يتمتع بها من أجل الله وتقدم للصلاة في انسحاق وتضرع لله حتى يعينه ويعين كل محبى الله المؤمنين به ليهتموا بمدينته المقدسة أورشليم.

استمر نحميا في خلوته وصومه وصلواته ودموعه أيامًا فلم يكن هذا انفعالًا مؤقتًا بل مشاعر عميقة تطلب من الله المعونة لتتحول إلى أعمال قوية لترضيه. لم يذكر عدد الأيام التي قضاها في خلوته ولكن من الواضح أنها فترة ليست بقصيرة قضاها في خلوة خاصة مع الله بعيدًا عن أعين الناس لأن رجاءه كان ثابتًا في الله القادر وحده على كل شيء.

العدد 5

ع5:

إله السماء: تعبير عن الله استخدم بعد السبي البابلي الذي دمر الهيكل، لأن هذا التعبير يعلن عن مسكن الله الذي لا يمكن تدميره وهو السماء.

بدأ نحميا صلاته التي استمرت حتى نهاية هذا الأصحاح فأعلن في خشوع أنه أمام الله العظيم، إله السماء، تمييزًا له عن الآلهة الوثنية التي على الأرض، ولأن الله هو الإله الوحيد وهو مخوف من كل خليقته؛ لأجل عظمته وجلاله.

وفى نفس الوقت هو إله حنون يهتم بأولاده المؤمنين به حافظى وصاياه المتمسكين بعهوده، فلا يتركهم أبدًا، بل يرعاهم ويسندهم إذا التجأوا إليه. فنحميا هنا يستدر مراحم الله ليتحنن عليه هو وكل أخوته اليهود، شعبه الذي يعبده ومحتاج لمعونته لبناء مدينته المقدسة.

العدد 6

ع6:

بتذلل رفع صوته أمام الله شاعرًا بعدم استحقاقه؛ لأجل كثرة خطاياه، فهو كمسئول عن شعبه يتقدم عنهم أمام الله حاملًا خطاياهم، متضرعًا إليه، معلنًا إهماله لبناء المدينة المقدسة مع أنه لم يكن معهم والذين قصروا هم اليهود الساكنون في أورشليم ولكن كخادم حقيقي يقدم توبة عن كل شعبه. ولأنه غير مستحق يتضرع إلى الله ليسمح ويفتح أذنه لسماع صلاته وينظر بعينيه إلى مذلة شعبه فهم وإن كانوا غير مستحقين ولكنهم أولاده المحتاجين واثقًا من أبوته التي لا تتركهم أبدًا. وهو يستعير الأذن والعين وينسبها إلى الله ليعبر عن مدى إيمانه بالله الذي أمامه واحتياجه الشديد لتدخله.

لم يكلف نحميا بمسئولية بناء أورشليم ولكن لأجل محبته لله ولمدينته شعر بمسئوليته ولعله أدرك وقتذاك أن الله قد يكون سمح له بهذا المركز العظيم في القصر الملكى ليقوم بخدمة الله وبناء مدينته. وقد ظل يردد هذه الكلمات بألفاظ وتعبيرات مختلفة طوال أيام خلوته في لجاجة طالبًا ضرورة تدخل الله. بل كان لا يكفيه النهار للصلاة بل يقضى وقتًا طويلًا من الليل في سهر بتضرعات ودموع حتى يرحمه الله وكل شعبه.

إن نحميا مثال للإنسان الروحي المتعلق قلبه بالله أكثر من كل الماديات المحيطة به ويشعر بإخوته قبل نفسه، وبمجد الله قبل أية منفعة شخصية له حتى أنه كان في هذه المشاعر العميقة وهو بعيد عن أورشليم، مع أن الساكنين في أورشليم كان معظمهم لا يشعر بشئ من هذه المشاعر.

العدد 7

ع7:

أفسدنا: صنعنا خطايا أفسدت حياتنا وأبعدتنا عن الله.

تذكر نحميا خطايا شعبه على مدى عشرات السنين التي أدت إلى تأديب الله لهم بالسبي وحرق الهيكل فيتقدم اليوم معلنًا أن تهدم الأسوار والأبواب المحروقة السبب فيها هو خطاياهم ويتكلم بصيغة المتكلمين معلنًا مسئوليته عن كل الشرور التي فعلها شعبه، والتقصيرات في عبادة الله وحفظ وصاياه التي أخذوها على يد موسى النبي.

الأعداد 8-9

ع8 - 9:

:

يذكر الله بوعوده في شريعته (تث30: 1 - 5) أنه إن ترك شعبه وصاياه وعبدوا الأوثان أي خانوا الله فهو يفرقهم ويشتتهم بين الشعوب وقد حدث هذا فعلًا بالسبي. ولكن يستكمل كلامه بتذكير الله بوعوده أنه إن تابوا ورجعوا إليه فهو يجمعهم من شتاتهم حتى لو كانوا في كل أرجاء المسكونة ويعيدهم إلى بلادهم ليعبدوه في هيكله المقدس الذي في أورشليم حيث اختار الله هذا المكان لسكناه.

وعندما يقول "اذكر" ليس معنى هذا أن الله قد نسى ولكن نحميا يعلن إيمانه بشريعة الله ويطالبه بوعوده وهذا يفرح قلب الله.

العدد 10

ع10:

يذكر الله بأن اليهود هم شعبه الذي اختاره من بين جميع الشعوب لأنهم آمنوا به وعبدوه وخلصهم وافتداهم من أيدي المصريين بذبح خروف الفصح الذي بدمه نجى أبكارهم من الموت وخلصهم وأخرجهم من مصر وشق البحر الأحمر أمامهم وعبرهم في الوقت الذي قتل فيه أبكار مصر وأغرق فرعون وكل جيشه. وهذا يرمز بالطبع للمسيح فادى البشرية.

العدد 11

ع11:

فى نهاية الصلاة كرر رجاءه أن يسمع الله صلاته بل ويعطيه نعمة أمام الملك الذي يخدمه نحميا إذ كان يعمل ساقيًا عند الملك وهي وظيفة كبيرة ويتبعه عدد كبير من العاملين. إذ خطرت على باله بإرشاد الله أفكار كثيرة يستطيع بها بناء الأسوار المهدمة وتحتاج لموافقة الملك وكان في ثقة أن الله قادر أن يقنع الملك فيوافق على كل طلباته فينجح في بناء الأسوار.

وبإيمان وثق نحميا أن هناك يهودًا مؤمنين سواء في أورشليم أو معه في شوشن القصر أو في أرجاء المملكة يهمهم أورشليم ويصلون إلى الله من أجل تعميرها وبناء أسوارها ولعل هذا الشعور قد وصل إليه ليس فقط من إخوته اليهود الذين أخبروه بما في أورشليم ولكنه شعر بإرشاد الله أن هناك غيره يرفعون الصلاة أمام الله وهذا يظهر مدى إيمان نحميا فلم ييأس ولم يشعر أنه وحيد كما شعر إيليا قديمًا (1 مل18: 22).

وقد كان نحميا يشغل منصب ساقى الملك وسواء كان هو رئيس السقاة أو أحد السقاة المتقدمين أمام الملك فهي وظيفة لها مكانة خاصة لأنه يقترب من الملك في كل وقت سواء في وقت عمله أو راحته كلما احتاج أن يشرب مما كان يسمح له بعلاقة شخصية قريبة جدًا وصداقة مع الملك وكان مؤتمنًا على حياة الملك إذ كان يصب قطرات من المشروب سواء الخمر أو غيره في راحة يده اليسرى ويتذوقها أمام الملك ليطمئن الملك أن المشروب خالى من السموم ومعلنًا استعداده لفداء حياة الملك من أي شر وقد سبق الحديث عن وظيفة نحميا في مقدمة هذا السفر. ونرى في هذه الصلاة إيمان نحميا الذي ظهر في مطالبة الله بالتدخل كما يلي:

تذكيره بكلامه في شريعته ووعده أن يجمع شعبه المتفرق إن تابوا ورجعوا إليه.

أن الله قادر على بناء هذه الأسوار كما أنقذ شعبه قديمًا من عبودية مصر وفداهم.

أن شعب الله هم عبيده وحافظو وصاياه ومحبوه أي هم خاصته الذين لابد أن يتدخل ليسندهم.

أن شعبه يريدون أن يحيوا بمخافته فهم يسعون في جهاد روحي لإرضائه وهو لا يترك أبدًا من يقتربون إليه حتى لو كانوا ضعفاء ومقصرين ولكنهم يريدون أن يرضوه، فهو يساعدهم حتى يعبدوه بأمانة ويبنى لهم المدينة المقدسة ليطمئنوا ويمارسوا عبادتهم بكل حرية في هيكله المقدس.

† إن الله يفرح جدًا باقترابك إليه وصلاتك الضارعة نحوه. فضع مشاكلك كل يوم أمام الله وألح عليه ولا تتركه واثقًا أنه يفرح بصلواتك ولا يتركك أبدًا ويصنع المعجزات ليحقق لك خيرك فتحيا معه إلى الأبد.

No items found

الأصحاح الثاني - سفر نحميا - مارمرقس مصر الجديدة

تفاسير سفر نحميا الأصحاح 1
تفاسير سفر نحميا الأصحاح 1