الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ – إنجيل مرقس – مارمرقس مصر الجديدة

هذا الفصل هو جزء من كتاب: انجيل مرقس – كهنة و خدام كنيسة مارمرقس مصر الجديدة.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل

الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ

مثل الزارع وحبة الخردل هياج البحر.

(1) مثل الزارع (ع 1 - 20):

1 - وابتدأ أيضا يعلّم عند البحر، فاجتمع إليه جمع كثير، حتى إنه دخل السفينة وجلس على البحر، والجمع كله كان عند البحر على الأرض. 2 - فكان يعلمهم كثيرا بأمثال، وقال لهم فى تعليمه: 3 - "اسمعوا، هوذا الزارع قد خرج ليزرع. 4 - وفيما هو يزرع، سقط بعض على الطريق، فجاءت طيور السماء وأكلته. 5 - وسقط آخر على مكان محجر، حيث لم تكن له تربة كثيرة، فنبت حالا، إذ لم يكن له عمق أرض. 6 - ولكن لما أشرقت الشمس احترق، وإذ لم يكن له أصل جف. 7 - وسقط آخر فى الشوك، فطلع الشوك وخنقه، فلم يعط ثمرا. 8 - وسقط آخر فى الأرض الجيدة، فأعطى ثمرا يصعد وينمو، فأتى واحد بثلاثين، وآخر بستين، وآخر بمئة." 9 - ثم قال لهم: "من له أذنان للسمع فليسمع." 10 - ولما كان وحـده، سـأله الذين حوله مع الاثنى عشـر عن المثل. 11 - فقال لهم: "قد أعطى لكم أن تعرفوا سر ملكوت الله، وأما الذين هم من خارج، فبالأمثال يكون لهم كل شىء. 12 - لكى يبصروا مبصرين ولا ينظروا، ويسمعوا سامعين ولا يفهموا، لئلا يرجعوا فتغفر لهم خطاياهم." 13 - ثم قال لهم: "أما تعلمون هذا المثل، فكيف تعرفون جميع الأمثال؟ 14 - الزارع يـزرع الكلمة. 15 - وهؤلاء هم الذيـن على الطريـق، حيث تُـزرع الكلمة. وحينما يسمعون، يأتى الشيطان للوقت، وينزع الكلمة المزروعة فى قلوبهم. 16 - وهؤلاء كذلك هم الذين زُرِعُوا على الأماكن المحجرة، الذين حينما يسمعون الكلمة، يقبلونها للوقت بفرح. 17 - ولكن ليس لهم أصل فى ذواتهم، بل هم إلى حين، فبعد ذلك إذا حـدث ضيق أو اضطهاد من أجل الكلمة، فللوقت يعثرون. 18 - وهؤلاء هم الذين زُرعوا بين الشوك، هؤلاء هم الذين يسمعون الكلمة. 19 - وهموم هذا العالم وغرور الغنى وشهوات سائر الأشياء، تدخل وتخنق الكلمة فتصير بلا ثمر. 20 - وهؤلاء هم الذين زُرعـوا على الأرض الجيدة، الذين يسمعون الكلمة ويقبلونها؛ ويثمرون واحد ثلاثين وآخر ستين وآخر مئة.

يلاحظ أن مثل الزارع قد سبق شرحه فى (مت 13: 1 - 23)، وسيراعَى هنا الاختصار.

الأعداد 1-2

ع1 - 2:

"عند البحر": حدث هذا أكثر من مرة، فالبحر هنا هو بحر الجليل. وعند ازدحام الجمع على المسيح، استخدم السيد أحد قوارب الصيد, وجلس عليه فى مواجهة الجموع الذين على الشاطئ ليعلمهم. والبحر يرمز عادة للعالم المضطرب، والمالح أى الذى يعطش كل من يشرب منه، والسفينة ترمز للكنيسة مصدر التعليم والنجاة.

"بأمثال": أحد الأساليب التى استخدمها السيد كثيرا فى التعليم، وهناك الوعظ المباشر كالموعظة على الجبل. وهنا، يستخدم مثلا تصويريا يرتبط بالبيئة وأذهان الناس، ليسهّل المعنى المراد تصويره.

الأعداد 3-4

ع3 - 4:

"الزارع": هو الله، وكذلك كل خادم أمين يستخدمه الله فى نشر كلمته (البذار).

"خرج": أى نزل وتجسد من أجل الفداء والكرازة بكلمته، بذاره، التى سقط بعضها على الطريق فلم ينبت، إذ جاءت طيور السماء وأكلته.

يلاحظ أن السيد المسيح سيعود ويشرح لتلاميذه بالتفصيل معنى هذا المثل وأنواع الأراضى فى الأعداد (14 - 20).

الأعداد 5-6

ع5 - 6:

والبعض سقط بين الأحجار على تربة صخرية، فلم يقدر الجذر على تخلل الصخور، ومات الزرع بعد أن نبت بسرعة، وأحرقته الشمس، خاصة وأن جذوره لم تستطع أن تمده بالماء والغذاء.

الأعداد 7-8

ع7 - 8:

وسقط البعض فى أرض كان من الممكن أن تعطى ثمرا، لولا امتلائها بالأشواك والحشائش الغريبة غير النافعة، التى حجبت عنها الشمس والهواء، وأعاقت الجذور عن النمو، فاختنقت وماتت.

سقط الجزء الأخير من الحبوب على أرض جيدة، فأعطى ثمرا متنوعا مقداره ثلاثين أو ستين أو مائة.

العدد 9

ع9:

"من له أذنان": تعبير اسـتخدمه المسيح أكثر من مـرة، والمقصـود به دعـوة المستمع إلى حسـن الإصغـاء والفهم والتأمل، ليس فقط فى المعـنى الحـرفى، بل أيضا فى المعنى الروحى الأعمق.

إلهى الحبيب... كنتَ حريصا على كلمتك أن تصل لكل إنسان حتى تأتى بثمارها، ولهذا كلّمتَ كل الناس بكل أنواع الكلام ليفهموا... ولكن، ماذا أفعل أنا؟ لماذا لا أتحدث مع الناس عنك أو بكلامك، فكلامك مفرح وَمُعَزٍّ، وفهمه والعمل به هو الطريق للأبدية؟

أعطنى يا إلهى أن أتحدث بكلامك بدلا من كلامى، وبحكمتك عوضا عن فهمى، فتكون التعزية لى وللآخرين.

الأعداد 10-11

ع10 - 11:

بعد انصراف الجموع، وعند الانفراد بالمسيح، سأله الاثنا عشر مع بعض التابعين له عن معنى المثل، فسُرَّ بهم لأنهم سألوه ليعرفوا المعانى الروحية.

"أعطى لكم": هبة خاصة ونعمة يعطيها الله لخدامه الأمناء لفهم المعانى الروحية الخفية والرمزية، فيشبعوا أولا بها، ثم يشرحونها للآخرين، كل واحد بحسب استيعابه.

العدد 12

ع12:

الكلام هنا، هو تذكير من المسيح لتلاميذه بنبوة إشعياء عن الشعب الذى قاوم تعليم النبى فى زمانه (6: 9 - 10). والمقصود من ذلك أنه ليس كل من يسمع، ولا كل من ينظر، يؤمن بالكلام أو يفهمه، بل فى كثير من الأحيان لا يقبله ويقاومه، فيحكم الإنسان بذلك على نفسه، ولا يستحق مغفرة الخطايا.

الأعداد 13-14

ع13 - 14:

بدأ السيد يشرح لهم المثل، وأوضح أنه أبسط من غيره من الأمثال. وبدأ بأن الله هو الزارع، الحريص على أن يلقى بكلمته فى قلوب البشر، والقادر أن يغيّر طبيعة الإنسان إن أراد الإنسان ذلك.

العدد 15

ع15:

"الطريق": هم أصحاب القلوب المتكبرة، لأن الطريق أعلى من الحقل، وهو بلا سور يحفظه، أى بلا تدقيق. ومن كثرة مرور الناس على الطريق، يصبح صلبا، فهو يشبه الناس الذين يسمحون للأفكار الشريرة أن تدخل فيهم، فتقسّى قلوبهم فلا يقبلون كلام الله. ثم يأتى الشيطان ويخطف الكلمة فلا تأتى بأى ثمر.

إلهى... أعطنى أن أكون حقلا منخفضا ومتضعا، ولا أكون طريقا متكبرا، فكلمتك لا تعرف سوى القلب المتضع لتأتى منه بالثمر.

الأعداد 16-17

ع16 - 17:

"الأماكن المحجرة": هى أرض لها تربة خفيفة تخفى بداخلها أحجارا صلبة، كالقلوب المرائية التى تظهر الرحمة وتخفى القسوة، تشير أيضا لعبادة الأحجار – الأصنام – دون الله. وهى أرض لم يمر فيها المحراث الخشبى الذى يرمز للصليب ليفتت قساوتها، حتى يقبل أصحابها الكلمة. وحتى إن استقبل هؤلاء كلمة الله بفرح، يكون هذا مؤقتا وغير ثابت، لا يصمد أمام التجارب أو الضيق أو الاضطهاد.

الأعداد 18-19

ع18 - 19:

"الشوك": المزروعين بين الشوك تخنقهم هموم العالم واهتماماته المادية الباطلة، وما يصاحب هذا من قلق وغرور بسبب الغنى. ويقول القديس أكليمنضس الإسكندرى: "لا تَلُمْ المال، بل سوء استخدامه.

العدد 20

ع20:

أما الأرض الجيدة، فهى من يسمعون ويعملون ويثمرون ثمارا متدرجة. وهى أرض منخفضة (متضعة)، محروثة (حملت الصليب)، معرضة للشمس (أى تقف أمام مسيحها كل يوم)، مرويّة بالروح القدس وبدمه الكريم... ونلاحظ من هذا المثل الآتى:

(1) كلمة الله متاحة للجميع، ومتروك للإنسان درجة التجاوب معها، أو حتى رفضها.

(2) أن هناك مستويات للشبع والتأمل فى كلمة الله (التلاميذ)، وهناك مستوى القبول والفهم (الجموع)، وكلاهما مقبول.

(3) أن عدد الأراضى السيئة ثلاث والجيدة ثلاث، وهذا يذكّرنا بمثل العذارى الحكيمات والجاهلات (مت 25: 1 - 13)، فى أن دعوة ونعمة الله واحدة للجميع. ولكن، ماذا عن رد فعلك أيها الحبيب؟!

(2) دعوة الكرازة (ع 21 - 25):

21 - ثم قال لهم: "هـل يؤتى بسـراج ليوضع تحـت المكيـال أو تحت السـرير، أليس ليوضع على المنارة؟ 22 - لأنه ليس شىء خفى لا يُظهر، ولا صار مكتوما إلا ليُعلن. 23 - إن كان لأحـد أذنان للسمع فليسمع." 24 - وقال لهم: "انظـروا ما تسمعون، بالكيـل الذى به تكيلـون يُكال لكم ويُزاد لكم أيها السامعون. 25 - لأن من له سيُعطَى، وأما من ليس له، فالذى عنده سيؤخذ منه.".

العدد 21

ع21:

بعد شرح المثل للتلاميذ، أكمل المسيح حديثه بسؤال استنكارى، الغرض منه دعوة التلاميذ للعمل الكرازى الجاد.

"يؤتى بسراج": السراج هو كلام المسيح وشرحه وتعليمه الذى أنار به قلوب وعقول تلاميذه. وكما استناروا، عليهم إنارة قلوب الآخرين بذات الكلام، وهى مسئولية تقع علينا نحن أيضا، فيجب ألا ننشغل بالعالم الذى يرمز إليه المكيال فى إخفائه لكلمة الله، أو نتكاسل ونرقد على السرير، تاركين عمل الله، بل علينا أن نرفعه عاليا على المنارة حتى يضىء العالم كله بتعليم المسيح. وترمز المنارة كذلك إلى الكنيسة المضيئة فى وسط العالم المظلم، فهى المسئولة عن نشر تعليم المسيح. ولنلاحظ أن طقس بناء الكنائس حرص على بناء المنائر تأكيدا لهذا المعنى.

الأعداد 22-23

ع22 - 23:

أى ما شرحته لكم على انفراد من أسرار الملكوت ليس لإخفائه، بل لإعلانه والتعليم به، وهى مسئوليتكم... ولأهمية الموضوع، كرر السيد المسيح ما قاله للجموع فى (ع9) بأن من له أذنان للسمع فليسمع.

الأعداد 24-25

ع24 - 25:

طلب المسيح من تلاميذه أن يفهموا الحقيقة التالية، وهى: عدل الله أمام محبة وتعب خدامه. فكل من قدّم تعبا من أجل انتشار الملكوت والكرازة، ستكون له المكافأة بزيادة، ويعطيه الله هنا القوة على العمل. أما من ليس له رغبة فى العمل، فحتى مواهبه الطبيعية التى لم يستخدمها، ستؤخذ منه هنا، ويعاقب على تقصيره فى الأبدية.

(3) مثلا نمو الزرع وحبة الخردل (ع 26 - 34):

26 - وقال: "هكذا ملكوت الله، كأن إنسانا يلقى البذار على الأرض. 27 - وينام ويقوم ليلا ونهارا، والبذار يطلع وينمو، وهو لا يعلم كيف. 28 - لأن الأرض من ذاتها تأتى بثمر، أولا نباتا، ثم سُنبلا، ثم قمحا مَلآنَ فى السُّنْبُلِ. 29 - وأما متى أدرك الثمر، فللوقت يرسل المنجل لأن الحصاد قد حضر." 30 - وقال: "بماذا نشبه ملكوت الله، أو بأى مثل نمثله؟ 31 - مثلُ حبة خردل، متى زُرعت فى الأرض، فهى أصغر جميع البزور التى على الأرض. 32 - ولكن، متى زُرعت تطلُع، وتصير أكبر جميع البقول، وتصنع أغصانا كبيرة، حتى تستطيع طيور السماء أن تَتَآوَى تحت ظلها." 33 - وبأمثال كثيرة مثل هذه كان يكلمهم، حسبما كانوا يستطيعون أن يسمعوا. 34 - وبدون مثل لم يكن يكلمهم. وأما على انفراد، فكان يفسر لتلاميذه كل شىء.

العدد 26

ع26:

"ملكوت الله": هناك فرق بين تعبيرى "ملكوت الله" و "ملكوت السماوات"... فملكوت السماوات يعنى الأبدية وما بعد المجىء الثانى للمسيح. أما ملكوت الله، فيعنى أمرين: الأول: هو انتشار الإيمان على الأرض ومُلك الله على قلوب الناس، والثانى: هو عمل الله فى الإنسان من أجل نمو الإيمان بداخله (ص 1: 14 - 15).

"إنسانا": ترمز للمسيح نفسه أو للخادم الأمين الموصل لكلام المسيح، والبذار هى كلمات الله وتعاليمه ووصاياه، والأرض هى قلب الإنسان أو البشر عامة.

العدد 27

ع27:

"البذار يطلع وينمو": إشارة واضحة لعمل الروح القدس فى الكنيسة والإنسان، فالروح القدس هو المسئول عن النمو الروحى فى حياة كل منا، ولهذا تنمو البذار فى القلب ويتجاوب معها الإنسان.

"وهو لا يعلم": بالطبع تعود هذه الكلمات على شخص الخادم الذى ألقى بكلمة الله فى القلوب، لأن مسئولية النمو والإثمار هى مسئولية الله نفسه وليس الخادم، كما قال بولس الرسول: "ليس الغارس شيئا ولا الساقى، بل الله الذى ينمى" (1كو 3: 7).

العدد 28

ع28:

"الأرض من ذاتها": إشارة إلى طبيعة البشر الجديدة بعد المعمودية فى أنها مستجيبة لعمل الله، وتميل للخير. ويوضح لنا السيد المسيح هنا أن النمو الروحى فى حياة الإنسان هو نمو تدريجى، وليس انقلابا وتغييرا فى لحظة... فيبدأ كنبات بسيط فى بداية التوبة، وبعد ذلك سنابل، أى الأعمال الصالحة، ثم يصير قمحا أى ثمرا ناضجا ثابتا، وكذلك هو مصدر غذاء روحى لآخرين.

العدد 29

ع29:

"متى أدرك الثمر": أى عند كمال النضج. والمقصود انتشار ملكوت الله على قلوب الناس.

"المنجل": هو سكين نصف دائرى يستخدم فى الحصاد.

المعنى العام: عند اكتمال الزمن ونهاية الأيام، يرسل الله ملائكته الحصادين (مت 13: 39) لاقتطاف هذا الثمر، وينتقل الناس إلى السماء ليحاسبوا على أعمالهم.

إلهى الحبيب... اجعلنى أرضا صالحة أقبل كلامك الذى يصل إلىَّ, واجعلنى خاضعا لروحك القدّوس... فأنا فعلا أريد أن أنمو، وليس لى سوى عملك فى حياتى الذى أحتاجه بقوة، ثبّت فىَّ كلامك، واشغل قلبى بحبك، واجعلنى أشتهى خدمتك، وأكون مستحقا لملكوتك السمائى فى مجيئك الأخير.

العدد 30

ع30:

سؤال سأله المسيح، ليس بغرض الحصول على إجابة من مستمعيه، بل ليوضح لناحرصه على توضيح الحقائق الإيمانية بأمثلة بسيطة تتناسب مع عقول الناس.

الأعداد 31-32

ع31 - 32:

لا زال حديث المسيح هنا مرتبطا بالحديث السابق فى نمو عمل الله داخل حياة الإنسان، وكيف وإن بدأ صغيرا فى القلب، كحبة خردل واحدة وهى الصغرى بين الحبوب، إلا أن رعاية الله تجعلها شجرة هائلة تضم أغصانا وفروعا، أى فضائل روحية متنوعة، حتى أن النفوس التى بلا مأوى تجد الراحة بداخلها.

أليست هذه هى كنيسة الله التى تبدو ضعيفة فى عينى العالم؟ ولكنها واحة الراحة لكل المتعبين والتائهين فى العالم... فإلى متى يا أخى تظل متغربا عن كنيستك؟ تعال واستظل، تجد الراحة والماء والمرعى، ومسيحك المنتظر باشتياق ليتعهد نموك وإثمارك.

الأعداد 33-34

ع33 - 34:

بحسب طاقة المستمعين وفهمهم، كان الرب يتكلم بالأمثال والتشبيهات. أما على انفراد، أى مع تلاميذه فى جلساتهم الخاصة، فكان يفسر لهم كل شىء.

(4) هياج البحر (ع 35 - 41):

35 - وقال لهم فى ذلك اليوم لما كان المسـاء: "لنجتز إلى العبر." 36 - فصرفوا الجمع، وأخذوه كما كان فى السفينة، وكانت معه أيضا سفن أخرى صغيرة. 37 - فحدث نَوْءُ ريحٍ عظيمٌ، فكانت الأمواج تَضْرِبُ إلى السفينة حتى صارت تمتلئ. 38 - وكان هو فى المؤخر على وسادة نائما، فأيقظوه وقالوا له: "يا معلمُ، أما يَهُمُّكَ أننا نَهْلِكُ؟" 39 - فقام وانتهر الريح، وقال للبحر: "اسكت، اِبْكَمْ." فسكنت الريح، وصار هدوء عظيم. 40 - وقال لهم: "ما بالكم خائفين هكذا، كيف لا إيمان لكم؟" 41 - فخافوا خوفا عظيما، وقالوا بعضهم لبعض: "من هو هذا، فإن الريح أيضا والبحر يطيعانه؟".

الأعداد 35-36

ع35 - 36:

فى نفس اليوم الذى تحدث فيه المسيح بالأمثال، طلب من التلاميذ عبور بحر الجليل إلى شرق الأردن، فقام التلاميذ بصرف الجموع، وأخذوا الرب بدون استعدادات كما كان إلى السفينة. والسفينة هنا تشير إلى الكنيسة التى تحمل دائما مسيحها بداخلها وحوله الرسل، أى آبائها وخدامها.

الأعداد 37-38

ع37 - 38:

هبت رياح مضادة وعنيفة ومعاكسة، وهى تشير إلى التجارب والحروب التى تتعرض لها النفس أو الكنيسة فى العالم، والأمواج العالية تشير إلى الشهوات التى يحاول الشيطان أن يملأ بها النفس. والمسيح فى كل هذا لم يترك سفينته (كنيسته)، بل كان يمتحن إيمان خدامها أثناء الضيقة، ويُظهر ضعفهم وسرعة التجائهم إليه. فأيقظوه وعاتبوه لإهماله لهم، بدلا من أن يطلبوا منه باتضاع وبثقة فى قدرته على إنقاذهم.

العدد 39

ع39:

".. انتهر.. وقال..": تحدث المسيح مع البحر والرياح بسلطان السيد على عبيده، وأمرهما بالخَرَسِ، فجاءت الاستجابة فورية وسريعة، وصار هدوء عظيم.

الأعداد 40-41

ع40 - 41:

كان كلام المسيح مع التلاميذ توبيخا وعتابا على نقص إيمانهم أمام الشدة، وعلى أسلوب كلامهم - الغير لائق – معه. وبعد الهدوء، صار خوف أعظم داخل قلوب التلاميذ، وتساءلوا فيما بينهم عن حقيقته، واكتسبوا خبرة روحية جديدة عن قدرة المسيح الذى تطيعه الرياح والبحر وكل الطبيعة.

ونتعلم من هذه المعجزة أكثر من شىء:

(1) أن وجود المسيح داخل الكنيسة لا يمنع حدوث التجارب والاضطهادات.

(2) أن الغرض من التجارب عامة هو امتحان للإيمان والثقة فى عمل الله.

(3) سماح الله بالتجارب لنا، هو لنعرف ضعفاتنا، ونلتجئ إليه فينقذنا ويعضدنا.

(4) أنه مهما كانت الدالة فى حديثنا مع أبينا السماوى، فلا يجب أبدا أن تكون على حساب احترام كرامة اسم الله ومهابته ومخافته فى قلوبنا.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

تفاسير إنجيل مرقس - الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ
تفاسير إنجيل مرقس - الأَصْحَاحُ الرَّابِعُ