اَلأَصْحَاحُ الرَّابِعُ – سفر مراثي إرميا – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الرابع

الأعداد 1-2

الآيات (1 - 2): -

"1كَيْفَ اكْدَرَّ الذَّهَبُ، تَغَيَّرَ الإِبْرِيزُ الْجَيِّدُ! انْهَالَتْ حِجَارَةُ الْقُدْسِ فِي رَأْسِ كُلِّ شَارِعٍ. 2بَنُو صِهْيَوْنَ الْكُرَمَاءُ الْمَوْزُونُونَ بِالذَّهَبِ النَّقِيِّ، كَيْفَ حُسِبُوا أَبَارِيقَ خَزَفٍ عَمَلَ يَدَيْ فَخَّارِيٍّ!".

الذهب رمز للسماويات. وهكذا خلق الله الإنسان وهكذا أراد الله لأورشليم وشعبها أن يكون. أراد الله للإنسان أن يكون صورته وأن يكون حجارة مقدسة يبنى بها هيكله. ولكن الخطية جعلت هذا الإنسان يهبط للأرض وصاروا بدلاً من الذهب = أباريق خزف. وكانوا أنقى أنواع الذهب = الإبريز الجيد فإكدروا أى دخل فيهم شوائب كثيرة من العالم بل الحجارة المقدسة ملقاة فى رأس كل شارع بعد أن خرب الهيكل. ونحن الحجارة الحية فى هيكل الله (1بط2: 5). فحين يغادر الله هيكله لا عجب أن يحدث هذا كله. ونحن الآن هيكل الله وهذا معنى من يفسد هيكل الله يفسده الله (1كو17: 3) إذن لنقرأ هذه الأيات وفى أذهاننا نرثى لكل من إبتعد عن الله وليس أورشليم فقط.

الأعداد 3-5

الآيات (3 - 5): -

"3بَنَاتُ آوَى أَيْضًا أَخْرَجَتْ أَطْبَاءَهَا، أَرْضَعَتْ أَجْرَاءَهَا. أَمَّا بِنْتُ شَعْبِي فَجَافِيَةٌ كَالنَّعَامِ فِي الْبَرِّيَّةِ. 4لَصِقَ لِسَانُ الرَّاضِعِ بِحَنَكِهِ مِنَ الْعَطَشِ. اَلأَطْفَالُ يَسْأَلُونَ خُبْزًا وَلَيْسَ مَنْ يَكْسِرُهُ لَهُمْ. 5اَلَّذِينَ كَانُوا يَأْكُلُونَ الْمَآكِلَ الْفَاخِرَةَ قَدْ هَلِكُوا فِي الشَّوَارِعِ. الَّذِينَ كَانُوا يَتَرَبَّوْنَ عَلَى الْقِرْمِزِ احْتَضَنُوا الْمَزَابِلَ.".

الله هو الذى يشبع ومن إبتعد عن الله يصبح فى مجاعة وهنا تصوير للمجاعة أن الأمهات لا يرضعن أطفالهن بينما بنات آوى يرضعن أطفالهن. أَطْبائِها = ثدييها. فصارت الأمهات كالنعام = يترك بيضه بلا رعاية فى الصحراء (أى14: 39). ولكن الأمهات لا يرضعن أطفالهن فهن ليس لهم ما يعطينه لأطفالهن. والصورة هنا هى صورة الإبن الضال الذى أصبح فى مجاعة. ولكن المجاعة الروحية أشد وأقسى حين يفتقر الناس لكلمة الله وتعزيته. يتربون على القرمز = أى لهم حياة الملوك، فالقرمز هو لبس الملوك.

العدد 6

آية (6): -

"6 وَقَدْ صَارَ عِقَابُ بِنْتِ شَعْبِي أَعْظَمَ مِنْ قِصَاصِ خَطِيَّةِ سَدُومَ الَّتِي انْقَلَبَتْ كَأَنَّهُ فِي لَحْظَةٍ، وَلَمْ تُلْقَ عَلَيْهَا أَيَادٍ.".

عقاب سدوم أسهل فهم هلكوا فى لحظة ولم يعانوا حصاراً ولا جوعاً. والسبب أن أورشليم كان لها ناموس وهيكل وكهنة وشريعة وأنبياء والله فى وسطها لذلك عقابها كان أشد.

العدد 7

آية (7): -

"7كَانَ نُذُرُهَا أَنْقَى مِنَ الثَّلْجِ وَأَكْثَرَ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَجْسَامُهُمْ أَشَدَّ حُمْرَةً مِنَ الْمَرْجَانِ. جَرَزُهُمْ كَالْيَاقُوتِ الأَزْرَقِ.".

نُذرها = أى النذيرين الذين ينذرون أنفسهم لله. هؤلاء كانوا أنقياء كالثلج. وكان لهم حيوية = أجسامهم أشد حمرة = هذه مثل حبيبى أبيض وأحمر (نش10: 5) فالله يعطى نقاوة وحياة (تغسلنى فأبيض أكثر من الثلج). والآن هذا عمل دم المسيح (رؤ14: 7) الذى يجعل أيضاً حياتنا سماوية = جرزهم كالياقوت الأزرق = اى لمعانهم. فحياة أولاد الله لها لمعان سماوى.

العدد 8

آية (8): -

"8صَارَتْ صُورَتُهُمْ أَشَدَّ ظَلاَمًا مِنَ السَّوَادِ. لَمْ يُعْرَفُوا فِي الشَّوَارِعِ. لَصِقَ جِلْدُهُمْ بِعَظْمِهِمْ. صَارَ يَابِسًا كَالْخَشَبِ.".

ماذا تفعل الخطية؟ هذه صورة عكسية للآية السابقة = النور يتحول لظلمة والحياة إلى موت.

العدد 9

آية (9): -

"9كَانَتْ قَتْلَى السَّيْفِ خَيْرًا مِنْ قَتْلَى الْجُوعِ. لأَنَّ هؤُلاَءِ يَذُوبُونَ مَطْعُونِينَ لِعَدَمِ أَثْمَارِ الْحَقْلِ.".

صورة للمجاعة فالحقل لا يثمر وذلك لأنه مداس من الأمم. وأرض حياتنا لو ديست من العالم تموت.

الأعداد 10-12

الآيات (10 - 12): -

"10أَيَادِي النِّسَاءِ الْحَنَائِنِ طَبَخَتْ أَوْلاَدَهُنَّ. صَارُوا طَعَامًا لَهُنَّ فِي سَحْقِ بِنْتِ شَعْبِي. 11أَتَمَّ الرَّبُّ غَيْظَهُ. سَكَبَ حُمُوَّ غَضَبِهِ وَأَشْعَلَ نَارًا فِي صِهْيَوْنَ فَأَكَلَتْ أُسُسَهَا. 12لَمْ تُصَدِّقْ مُلُوكُ الأَرْضِ وَكُلُّ سُكَّانِ الْمَسْكُونَةِ أَنَّ الْعَدُوَّ وَالْمُبْغِضَ يَدْخُلاَنِ أَبْوَابَ أُورُشَلِيمَ.".

من قدموا أولادهم ضحايا وبخروا لملكة السماوات يصبحوا قادرين على ذلك بل هذا هو عقابهم (رو26: 1) نزع الرحمة من قلوبهم. وكل كرامة إنسانية تفارقهم ويكمل خرابهم بخراب أورشليم، الذى كان مذهلاً لدرجة أن ملوك الأرض لم يُصدقوا إقتحام أسوار أورشليم مدينة الرب. فكان ظن الملوك أن أورشليم لا يقدر أحد على دخولها لمناعة أسوارها، ولأن الله القدوس ساكن فيها. ولكن الله غادرها فدمرت وهكذا سيحرق الله العالم كله لخطيته (تث22: 32).

الأعداد 13-20

الآيات (13 - 20): -

"13مِنْ أَجْلِ خَطَايَا أَنْبِيَائِهَا، وَآثَامِ كَهَنَتِهَا السَّافِكِينَ فِي وَسَطِهَا دَمَ الصِّدِّيقِينَ، 14تَاهُوا كَعُمْيٍ فِي الشَّوَارِعِ، وَتَلَطَّخُوا بِالدَّمِ حَتَّى لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَمَسَّ مَلاَبِسَهُمْ. 15«حِيدُوا! نَجِسٌ! » يُنَادُونَ إِلَيْهِمْ. «حِيدُوا! حِيدُوا لاَ تَمَسُّوا! ». إِذْ هَرَبُوا تَاهُوا أَيْضًا. قَالُوا بَيْنَ الأُمَمِ: «إِنَّهُمْ لاَ يَعُودُونَ يَسْكُنُونَ». 16 وَجْهُ الرَّبِّ قَسَمَهُمْ. لاَ يَعُودُ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ. لَمْ يَرْفَعُوا وُجُوهَ الْكَهَنَةِ، وَلَمْ يَتَرَأ َّفُوا عَلَى الشُّيُوخِ. 17أَمَّا نَحْنُ فَقَدْ كَلَّتْ أَعْيُنُنَا مِنَ النَّظَرِ إِلَى عَوْنِنَا الْبَاطِلِ. فِي بُرْجِنَا انْتَظَرْنَا أُمَّةً لاَ تُخَلِّصُ. 18نَصَبُوا فِخَاخًا لِخَطَوَاتِنَا حَتَّى لاَ نَمْشِيَ فِي سَاحَاتِنَا. قَرُبَتْ نِهَايَتُنَا. كَمُلَتْ أَيَّامُنَا لأَنَّ نِهَايَتَنَا قَدْ أَتَتْ. 19صَارَ طَارِدُونَا أَخَفَّ مِنْ نُسُورِ السَّمَاءِ. عَلَى الْجِبَالِ جَدُّوا فِي أَثَرِنَا. فِي الْبَرِّيَّةِ كَمَنُوا لَنَا. 20نَفَسُ أُنُوفِنَا، مَسِيحُ الرَّبِّ، أُخِذَ فِي حُفَرِهِمِ. الَّذِي قُلْنَا عَنْهُ: « فِي ظِلِّهِ نَعِيشُ بَيْنَ الأُمَمِ».".

هذه الأيات تنظر لأحداث قريبة هى خطايا الكهنة والأنبياء الكذبة الذين سفكوا وتسببوا فى سفك دماء بريئة كثيرة وبروح النبوة تنظر لأحداث صلب الكهنة للمسيح وسفك دمه وهو البار (13). فالذى أثار الجماهير ضد المسيح كانوا هم هؤلاء الكهنة أيضاً. وصرخ الشعب دمهُ علينا وعلى أولادنا "فكان القادة عميان وقاد هؤلاء القادة العميان الشعب فهم عميان قادة عميان (14). فهم نجسوا أنفسهم بالدم البرىء دم القديسين من هابيل الصديق لدم ذكريا إبن براخيا لدم الأطفال المسفوك كذبيحة للأوثان وإنتهوا بدم المسيح نفسه. لذلك صاروا نجاسة فى العالم كله (14 - 16) صاروا مشتتين فى العالم كله. ورذلهم العالم كله ما يقرب من 2000 سنة تحقيقاً لهذه النبوة ولم يحترم العالم لا شيوخهم ولا كهنتهم. وكانوا سخرية العالم كله. وسيعرف العالم أن الله طردهم من كنعان كما طرد الكنعانيون قبلهم بسبب نجاساتهم هذه، وهى سفك الدم البرىء. وفى (17) هم كانوا فى بليتهم يرجون عون مصر باطلاً وهم فى حصارهم كانوا ينتظرون فى أبراج المراقبة من يأتى ليخلصهم من حصار بابل ولكن بلا أمل حتى كلت أعينهم من إنتظار هذه المعونة. وهم حتى الآن ما زالوا ينتظرون المسيح ليأتى ويعينهم ولكنه إنتظار باطل فالمسيح قد أتى. وهم فى برجهم أى خلال كتبهم أى الكتاب المقدس بنبواته التى تشهد بأن المسيح آتٍ. هم لهم البرج أى الكتاب المقدس (العهد القديم طبعاً) ومن خلالهُ ينظرون وينتظرون أن يأتى المسيح الموعود به. ولكن باطلاً فهو قد أتى ولذلك كلت عيونهم. وهم ينظرون أمة لا تخلص = هم الآن يتصورون أن تكوينهم دولة أى أمة سيخلصهم بدون الإيمان بالمسيح ولكنها دولة لا تخلص.

أية (18) لأنهم خدعوا أنفسهم ورفضوا المسيح الحقيقى فسيخدعهم إبليس = نصبوا فخاخاً وسيرسل لهم من يدعى أنه المسيح ولكنه هو الذى يُكمل نهاية من لم يؤمن بالمسيح إبن الله. قربت نهايتنا وكملت أيامنا = فهذه الأحداث مرتبطة بنهاية الأيام. هم خدعوا أنفسهم لذلك فمن السهل أن يخدعهم عدو الخير. ومن ينخدع ويسير وراء هذا المسيح الكاذب يكمل كأس غضب الله عليه ومن يرجع ويؤمن بالمسيح إبن الله ستكون لهُ حياة. وأما تفسير الآية على المدى القريب فالبابليين نصبوا فخاخاً ومجانيق (قاذفات أحجار) ضد أورشيم لينهوا مقاومتها. وكانت حين تنصب هذه الأحجار يصبحون غير قادرين على السير فى ساحات المدينة. آية (19) عقب ثغر سور المدينة إنقض عليهم البابليون أسرع من النسور فلم يستطيعوا الهرب ومن هرب للجبال لحقوا به. وفى (20) حتى ملكهم الذى قالوا عنه فى ظِله نعيش أخذ فى حفرهم = قد يعنى هذا الملك صدقيا الذى أمسك به ملك بابل، وكان أملهم أن يعيشوا تحت حمايته وحكمه وسط الأمم ولكن هذا الأمل ذهب عنهم. ولكن هذه الآية تنظر أيضاً لأحداث بعيدة. فمسيح الرب تشير للمسيح إبن الله، وهو نفس أنوفهم الذى كانوا ينتظرونه كملك يعطيهم ملكاً وسط العالم ولكنهم صلبوه فأخِذَ فى حفرهم. وتعبير "نفس أنوفنا" هو تعبير كنعانى فيه مبالغة يستخدم لوصف الملوك. وأيضاً هناك تعبير آخر يستخدم عن الملوك وهو الظل = أي أنهم يعيشون في ظله ليحميهم. وقد وُجد التعبيران فى الإصطلاحات الكنعانية وأيضاً عن رمسيس الثانى فرعون مصر. ولكن المعنى أن الشعب اليهودى ينتظر المسيح المخلص بشوق يصل أن يصبح نفس أنوفهم، فهم يتنفسون هذا الإشتياق صباحاً ومساءً ولكن على المدى القريب قد يكون صدقيا هو نفس أنوفهم ليعيشوا تحت حكم بابل فى سلام.

العدد 21

آية (21): -

"21اِطْرَبِي وَافْرَحِي يَا بِنْتَ أَدُومَ، يَا سَاكِنَةَ عَوْصٍ. عَلَيْكِ أَيْضًا تَمُرُّ الْكَأْسُ. تَسْكَرِينَ وَتَتَعَرَّينَ.".

إذا كانت آية (20) تحدثنا عن أن مسيح الرب قد دُفن فنهاية إبليس أصبحت حتمية. والآية (21) تستعمل أسلوب رمزى للحديث عن إبليس فتستخدم إسم آدوم وذلك للعداوة التقليدية بين آدوم (عيسو) ويعقوب (شعب الله). فآدوم كانت فَرِحَة فَرْحَة شامتة فى خراب إسرائيل وأورشليم وهذا يزيد من ألام اليهود. ولكن النبى هنا بأسلوب تهكمى يقول لأدوم إطربى وإفرحى = فكأس ألامك قادم وسيخربك ملك بابل كما خرب أورشليم. وستسكر وتتعرى من هذا الكأس = أى ستتخبط فى كل مشوراتها وتفتضح مؤامراتها ضد شعب الله. وهكذا مع الشياطين فقد فضح الله كل مؤامراتهم وعداوتهم للبشر، وأفشل كل مؤامراتهم وخططهم لهلاك أولاده.

عوص = هو من نسل عيسو (وعيسو هو أدوم) (تك36: 28). وأصل الكلمة لغوياً "مشورة". فإن كان أدوم رمزاً للشيطان، يكون معنى الآية يَا بِنْتَ أَدُومَ، يَا سَاكِنَةَ عَوْصٍ = هى تهديد للشيطان بسبب مشوراته الرديئة. ولاحظ أن الآيات السابقة كانت تتكلم عن مؤامرات كهنة اليهود على السيد المسيح ليصلبوه. وكان هذا بإيحاء من إبليس فهو صاحب المشورات الردية.

وهذا المعنى أيضا نراه مع أيوب (أى1: 1) "كان رجل فى أرض عوص إسمه أيوب" ورأينا فى سفر أيوب مشورات الشيطان الرديئة ضد أيوب البار.

ولكن نرى أن الله يترك الشيطان يخطط ويدبر لإسقاط الأبرار وإلحاق الضرر بهم وذلك لحقده على البشر وكراهيته لهم كأبناء لله... ولكن لنلاحظ أن الله يسمح له فى حدود يسمح بها الله (أى1: 12 + 2: 6) وهذا المعنى ردده بولس الرسول "لكن الله أمين الذى لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون بل سيجعل مع التجربة المنفذ لتستطيعوا أن تحتملوا..." (1كو10: 13). ونفهم هذا المعنى أيضا من قول داود النبى فى المزمور "لماذا إرتجت الأمم وتفكر الشعوب فى الباطل. قام ملوك الأرض على الرب وعلى مسيحه........ الساكن فى السموات يضحك. الرب يستهزئ بهم" (مز2: 1 – 4).

إذاً فالله يترك الشيطان يدبر ويخطط بمشوراته الرديئة، ولكن فى حدود ما يسمح به الله، فالشيطان ليس حُراً حرية مطلقة. وفى نفس الوقت يعطى التعزية للمُجرَّب ولا يتركه وحده، ومدة التجربة محددة ولن تطول أكثر مما يحتمله الإنسان لئلا يفشل "ويمد يديه إلى الإثم" (مز125: 3). والآن نرى لماذا يسمح الله بهذا: -.

  1. سمح الله بالصليب لتدبير الفداء للبشر. ولكن لم يستطع الشيطان تدبير قتل المسيح قبل أن يتم رسالته وتعليمه، وكانت محاولات قتل المسيح متعددة ولكنه نجا منها جميعا حتى حان ميعاد الصليب (لو4: 28 – 30 + يو8: 59 + يو10: 39).
  2. كانت نتيجة تجربة الشيطان لأيوب أنه شُفِىَ من مرض البر الذاتى الذى كان من الممكن أن يؤدى به للهلاك.
  3. نرى فى الآية (22) من هذا الإصحاح أنه بفداء المسيح غُفِرَت خطايا المؤمنين = تَمَّ إثمك.
  4. الله يستخدم الشيطان كأداة تأديب للبشر بسبب طبيعتهم المتمردة نتيجة للخطية الجدية، وفى نهاية الأمر يُلقى إبليس فى البحيرة المتقدة بالنار (رؤ20: 10). وهذا نفس ما رأيناه فى هذه الآية. وهذا يماثل ما يفعله الأب مع إبنه الصغير فهو يحضر عصا لتأديبه وحينما ينضج الصغير يرمى الأب هذه العصا.

العدد 22

آية (22): -

"22قَدْ تَمَّ إِثْمُكِ يَا بِنْتَ صِهْيَوْنَ. لاَ يَعُودُ يَسْبِيكِ. سَيُعَاقِبُ إِثْمَكِ يَا بِنْتَ أَدُومَ وَيُعْلِنُ خَطَايَاكِ.".

قارن مع (إش2: 40) قد تم إثمك يا بنت صهيون = بالفداء سامح الله شعبه ولا يعود إبليس يسبيه فقد دفع الله الثمن من دمه ليحررنا. وسيعاقب إثمك يا بنت آدوم = أما الشيطان فسيفضحه الله ويعاقبه عقاب أبدى فى البحيرة المتقدة بالنار بلا أمل فى نجاة.

تعليق على الإصحاح الرابع وبقية الإصحاحات.

نرى تسلسل فكر النبى فى هذا السفر: -.

فالإصحاحين الأول والثانى يعرضان حالة الإنسان المؤلمة التى آل إليها حاله بعد الخطية، ونرى صرخة يأس البشر لله فى (2: 18) وتشديد النبى لأورشليم ولكل نفس مستعبدة ومذلولة للخطية أن تظل تصرخ للرب حتى يأتى الخلاص (2: 18 – 22).

ونجد إستجابة الرب الفورية فى الإصحاح الثالث، فالمسيح = الرجل سيتحمل هو هذه المذلة عن شعبه ولن يتركه لهذا الذل وهذه العبودية، ونرى ملامح الرجاء فى (3: 21 – 25). ولكن لا بد من التأديب للنفس. ونجد النبى يطلب من كل نفس أن تحتمل بصبر وبسكوت وإنسحاق (3: 26 – 33) ولنردد فى قلوبنا أننا نستحق كل تأديب فنحن قد أخطأنا وما زلنا نخطئ. وكأن النبى هنا يردد مع بولس الرسول قوله "الذى يحبه الرب يؤدبه" (عب12: 6). نصبر وننتظر الخلاص فهو أكيد. حقاً لقد ظل الإنسان بعد الفداء إناء خزفى (4: 2) ولكن فى المسيح صار لنا كنزا فى هذا الإناء الخزفى، فقد صرنا هياكل لله والروح القدس يسكن فينا (2كو4: 7 + 1كو3: 16). وهذا عربون للمجد العتيد أن يستعلن فينا (رو8: 18).

ويأتى الإصحاح الرابع لنرى فيه قصد الله فى خلقة الإنسان، فقد خلقه فى أكمل وأجمل صورة سماوية فالذهب والإبريز فى الكتاب المقدس يرمزان للسماويات (4: 1، 2) وراجع الصورة التى كان عليها الإنسان وقت خلقته (4: 7) ثم يصور النبى ما آل إليه حال الإنسان الساقط (4: 1 – 6، 8 – 12). ثم نرى كيفية الخلاص وخطة الخلاص عن طريق مؤامرات الكهنة على المسيح (4: 13 – 20) ونرى مصير اليهود المؤلم عبر التاريخ وأنهم صاروا نجاسة، وعنادهم فى أنهم ما زالوا ينتظرون مجئ مسيحاً يخلصهم.

ثم نرى عقوبة الشيطان (4: 21). وغفران خطايا البشر بدم المسيح، والحرية التى أعطاها لنا المسيح بفدائه من عبودية الشيطان (4: 22) = "إن حرركم الإبن فبالحقيقة تصيرون أحراراً" (يو8: 36).

ويأتى الإصحاح الخامس ليعود النبى ويرسم صورة لشعب مذلول مرة أخرى للشيطان فمن هو هذا الشعب؟

  1. هم إما اليهود الرافضين للمسيح حتى الآن وسيقبلون ضد المسيح فى نهاية الأيام ليذلهم تماما.

أو هو كل من يرفض خلاص المسيح ساعيا وراء شهواته فيعطيها له الشيطان "رئيس هذا العالم" لأنه قادر أن يعطى للإنسان كل أنواع خطايا العالم، ولكنه إن قبل الإنسان من يده هذه الخطايا يبدأ يذل الإنسان ويضعه تحت قدميه "أعطيك هذه جميعها إن خررت وسجدت لى" (مت4: 9).

No items found

اَلأَصْحَاحُ الْخَامِسُ - سفر مراثي إرميا - القمص أنطونيوس فكري

اَلأَصْحَاحُ الثَّالِثُ - سفر مراثي إرميا - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر مراثي إرميا الأصحاح 4
تفاسير سفر مراثي إرميا الأصحاح 4