الأصحاح الأول – رسالة يهوذا الرسول – مارمرقس مصر الجديدة

رِسَالَةُ يَهُوذَا.

.

مقدمـة

أولا: كاتبها:

يهوذا ابن حلفى أخو يعقوب ابن خالة المسيح فيلقب لذلك بأخى الرب، لأن ابن الخالة فى المجتمع اليهودى يعتبر أخ.

وهو أحد الإثنى عشر تلميذًا. وقد بشَّر فى فلسطين وبلاد العرب والعراق وبلاد فارس.

ثانيا: لمن كتبت:

للمؤمنين فى العالم كله سواء من أصل يهودى أو أممى.

ثالثاً: زمن كتابتها:

قبل خراب أورشليم وفى زمن قريب من وقت كتابة رسالة بطرس الثانية لتشابههما فى حديثهما عن المعلمين الكذبة، وهو تقريبًا عام 68م.

رابعاً: مكان كتابتها:

لم يحدد الآباء مكان كتابتها ولكن كتبت غالبًا فى بلاد فارس التى أنهى فيها حياته.

خامساً: أغراضها:

  1. المعلمون الكذبة وصفاتهم وعقابهم.
  2. عقائد أساسية مثل الثالوث القدوس والمجئ الثانى، والملائكة والشياطين.
  3. الكنيسة والإيمان المُسَلَّم من القديسين.

ملاحظة: تنفرد هذه الرسالة بذكر أمور لم تذكر فى أى سفر آخر وهى:

  1. الخلاف بين رئيس الملائكة ميخائيل والشيطان حول إظهار جسد موسى النبى.
  2. نبوة أخنوخ.

سادساً: أقسامها:

  1. الانحراف عن الإيمان وأمثلة له (ع1 - 7).
  2. صفات المعلمين الكذبة (ع8 - 13).
  3. نبوات عن المعلمين الكذبة (ع14 - 19).
  4. أسس الحياة الروحية (ع20 - 25).

المعلمين الكذية والحياة الروحية.

الأصحاح الأول

(1) تحية افتتاحية (ع1، 2):

1يَهُوذَا، عَبْدُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، وَأَخُو يَعْقُوبَ، إِلَى الْمَدْعُوِّينَ الْمُقَدَّسِينَ فِى اللهِ الآبِ، وَالْمَحْفُوظِينَ لِيسُوعَ الْمَسِيحِ. 2لِتَكْثُرْ لَكُمُ الرَّحْمَةُ وَالسَّلاَمُ وَالْمَحَبَّةُ.

العدد 1

ع1:

يهوذا: معناه حمد أو شكر.

باتضاع لم يذكر يهوذا أنه أخو الرب أى ابن خالته بل قال عن نفسه أنه عبد للرب، وعرَّفنا أنه أخو يعقوب ابن حلفى ولكن لم يذكر أن يعقوب هو أسقف أورشليم تماديًا فى اتضاعه لإخفاء مكانته وكرامته.

يرسل رسالته إلى كل المؤمنين فى العالم الذين دعاهم الله الآب وقدَّسهم بروحه القدوس ويحفظهم أيضًا إلى المجئ الثانى ليكونوا عروسًا للمسيح. وهكذا يظهر علاقة الثالوث القـدوس بالمؤمنين سواء من أصل يهودى أو أممى فى دعوتهم وتقديسهم بل وسعادتهم الأبدية.

العدد 2

ع2:

يطلب للمؤمنين الرحمة التى يختصوا بها دون المعلمين الكذبة وأتباعهم الذين سيتكلم عنهم فى هذه الرسالة.

ويطلب لهم السلام لكى لا يضطربوا من أجل ما يفعله هؤلاء الهراطقة. ثم يطلب لهم أيضًا المحبة كنعمة من الله حتى لا يدينوا الهراطقة بل يحبوهم ويكرهوا شرهم وهرطقاتهم.

 كن مميزًا للشر وارفض كل فكر غريب ولكن فى نفس الوقت إشفق على الخطاة والمبتدعين وصلى لأجلهم.

(2) الإنحراف عن الإيمان وأمثلة له (ع3 - 7):

3أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِذْ كُنْتُ أَصْنَعُ كُلَّ الْجَهْدِ، لأَكْتُبَ إِلَيْكُمْ عَنِ الْخَلاَصِ الْمُشْتَرَكِ، اضْطُرِرْتُ أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكُمْ، وَاعِظًا، أَنْ تَجْتَهِدُوا لأَجْلِ الإِيمَانِ الْمُسَلَّمِ مَرَّةً لِلْقِدِّيسِينَ. 4لأَنَّهُ دَخَلَ خُلْسَةً أُنَاسٌ، قَدْ كُتِبُوا مُنْذُ الْقَدِيم، ِ لِهَذِهِ الدَّيْنُونَةِ، فُجَّارٌ، يُحَوِّلُونَ نِعْمَةَ إِلَهِنَا إِلَى الدَّعَارَةِ، وَيُنْكِرُونَ السَّيِّدَ الْوَحِيدَ: اللهَ وَرَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ.

5فَأُرِيدُ أَنْ أُذَكِّرَكُمْ، وَلَوْ عَلِمْتُمْ هَذَا مَرَّةً، أَنَّ الرَّبَّ بَعْدَ مَا خَلَّصَ الشَّعْبَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، أَهْلَكَ أَيْضًا الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا. 6 وَالْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ لَمْ يَحْفَظُوا رِيَاسَتَهُمْ، بَلْ تَرَكُوا مَسْكَِنَهُمْ، حَفِظَهُمْ، إِلَى دَيْنُونَةِ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ، بِقُيُودٍ أَبَدِيَّةٍ تَحْتَ الظَّلاَمِ. 7كَمَا أَنَّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ وَالْمُدُنَ الَّتِى حَوْلَهُمَا، إِذْ زَنَتْ عَلَى طَرِيقٍ مِثْلِهِمَا، وَمَضَتْ وَرَاءَ جَسَدٍ آخَرَ، جُعِلَتْ عِبْرَةً مُكَابِدَةً عِقَابَ نَارٍ أَبَدِيَّةٍ.

العدد 3

ع3:

كان قلب يهوذا الرسول متعلقًا بالخلاص الذى تَمَّ على الصليب ويشترك فى نواله المؤمنون من العالم كله، وكان يود أن يتكلم عن هذا الموضوع الذى يشغله دائمًا ويتمتع بالتأمل فيه، ولكنه إذ وجد مبتدعين ظهروا فى الكنيسة إضطر أن يتكلم عن الإيمان الذى تسلمه التلاميذ والرسل مرة من المسيح ويسلمونه لأبنائهم والذى به ننال هذا الخلاص ويحمينا من كل انحرافات المبتدعين، هذا الإيمان يشمل الكتاب المقدس وكل تعاليم الكنيسة أى التقليد الكنسى الذى يسلمه الآباء الروحيون إلى الأبناء منذ عصر الرسل وإلى الآن.

ع4: خطورة هؤلاء المعلمين الكذبة أنهم أعضاء فى الكنيسة ويهاجمونها من داخلها بأفكار غريبة عنها فينشرون هرطقاتهم وشرورهم بين الضعفاء والبسطاء ليخدعوا الكثيرين.

والله يعرفهم وقد أعد لهم الدينونة والعذاب الأبدى لأجل فجورهم أى جرأتهم فى الشر ونشر أفكارهم الشريرة بلا حياء ومناداتهم بأنهم قد ضمنوا الخلاص الذى نالوه من المسيح فيندفعون فى خطايا الزنا وكل نجاسة مدَّعين أنهم واثقون من خلاصهم، بل من شرهم أيضًا ينكرون وجود الله ولاهوت المسيح سواء بالكلام أو بتماديهم فى الشر فكأنه لا يراهم ولن يعاقبهم.

ع5: لكى يحذِّر المؤمنين من أتباع المعلمين الكذبة الذين يدَّعون أنهم نالوا الخلاص، يعطيهم أمثلة من العهد القديم نال فيها البعض الخلاص ثم هلكوا بسبب شرورهم. والمثال الأول فى هذه الآية هو شعب بنى إسرائيل الذين خلصوا من عبودية مصر وعبروا البحر الأحمر ولكنهم تذمروا على موسى ورفضوا دخول أرض الميعاد بل ارادوا العودة إلى مصر، فماتوا جميعًا فى البرية ولم يدخل إلا إثنان فقط منهم (عد14: 29)، وكذلك عندما عبدوا العجل الذهبى فى البرية أهلكهم الله (خر32).

ع6: المثال الثانى لهلاك الأبرار بسبب عدم ثباتهم فى الإيمان هو الملائكة الذين كان لهم مقام عالٍ فى السماء بل ويرأسون غيرهم من الملائكة ويتمتعون برؤية الله، ولكن عندما تكبروا ورفضوا الإيمان والخضوع لله سقطوا وفقدوا مسكنهم فى السماء وصاروا مقيدين بالخطية أى الظلمة حتى يأتى عذابهم الأبدى بعد يوم الدينونة.

ع7: جسد آخر: سقطوا فى الزنا والشذوذ تاركين العلاقات الجسدية الطبيعية بين الزوجين.

عبرة: مثال لعقاب الأشرار.

مكابدة عقاب نار أبدية: حرقها بالنار الأبدية مقدمة لعقاب النار الأبدية التى سيعانيها سكانها الأشرار.

المثال الثالث هم سكان سدوم وعمورة وما حولها من المدن، الذين تركوا الحياة الطبيعية وانحرفوا إلى علاقات جسدية خاطئة أى الزنا والشذوذ، فاحترقوا بنار من السماء وسيظلّوا إلى الأبد يعانون من عذاب النار الأبدية.

 لا تتهاون مع الخطية معتمدًا على معلوماتك أو علاقتك الخارجية بالكنيسة، بل تب سريعًا وتذلَّل أمام الله فينقذك، واعلم أن علاقتك بالكنيسة ينبغى أن تبعدك بالأكثر عن كل خطية.

(3) صفات المعلمين الكذبة (ع8 - 13):

8 وَلَكِنْ، كَذَلِكَ هَؤُلاَءِ أَيْضًا، الْمُحْتَلِمُونَ، يُنَجِّسُونَ الْجَسَدَ، وَيَتَهَاوَنُونَ بِالسِّيَادَةِ، وَيَفْتَرُونَ عَلَى ذَوِى الأَمْجَادِ. 9 وَأَمَّا مِيخَائِيلُ، رَئِيسُ الْمَلاَئِكَةِ، فَلَمَّا خَاصَمَ إِبْلِيسَ مُحَاجًّا عَنْ جَسَدِ مُوسَى، لَمْ يَجْسُرْ أَنْ يُورِدَ حُكْمَ افْتِرَاءٍ، بَلْ قَالَ: «لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ. » 10 وَلَكِنَّ هَؤُلاَءِ يَفْتَرُونَ عَلَى مَا لاَ يَعْلَمُونَ. وَأَمَّا مَا يَفْهَمُونَهُ بِالطَّبِيعَةِ، كَالْحَيَوَانَاتِ غَيْرِ النَّاطِقَةِ، فَفِى ذَلِكَ يَفْسُدُونَ. 11 وَيْلٌ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ سَلَكُوا طَرِيقَ قَايِينَ، وَانْصَبُّوا إِلَى ضَلاَلَةِ بَلْعَامَ لأَجْلِ أُجْرَةٍ، وَهَلَكُوا فِى مُشَاجَرَةِ قُورَحَ. 12هَؤُلاَءِ صُخُورٌ فِى وَلاَئِمِكُمُ الْمَحَبِّيَّةِ، صَانِعِينَ وَلاَئِمَ مَعًا بِلاَ خَوْفٍ، رَاعِينَ أَنْفُسَهُمْ. غُيُومٌ بِلاَ مَاءٍ تَحْمِلُهَا الرِّيَاحُ. أَشْجَارٌ خَرِيفِيَّةٌ بِلاَ ثَمَرٍ مَيِّتَةٌ مُضَاعَفًا، مُقْتَلَعَةٌ. 13أَمْوَاجُ بَحْرٍ هَائِجَةٌ مُزْبِدَةٌ بِخِزْيِهِمْ. نُجُومٌ تَائِهَةٌ، مَحْفُوظٌ لَهَا قَتَامُ الظَّلاَمِ إِلَى الأَبَدِ.

العدد 8

ع8:

السيادة: سلطان الله.

ذوى الأمجاد: إما رئاسة الكنيسة أو الملائكة والقديسين.

يتكلم هنا عن المعلمين الكذبة الذين يعيشون فى الأحلام الشريرة ويبتعدون عن واقع الكنيسة وإيمانها السليم وطهارتها فيسقطون فى خطايا أصعب وهى:

  1. نجاسة الجسد، أى الزنا وكل ما يتعلق به من شرور.
  2. يستهينون بوجود الله أى يرفضون مخافته فيسقطون فى خطايا كثيرة ولا يتمسكون بالإيمان المسلَّم من الآباء.
  3. تماديًا فى كبريائهم، لا يرفضون سلطان الكنيسة فقط بل يتطاولون باتهامات خاطئة على قيادتها، وقد يدينون أيضًا القديسين الذين انتقلوا أو الملائكة.

العدد 9

ع9:

يذكر الرسول هنا قصة كانت معروفة من التقليد القديم وهى أنه بعد موت موسى النبى على الجبل، أخفى الله جسده حتى لا يعبده بنو إسرائيل لأنهم كانوا متعلقين به ويحبونه جدًا، وحاول إبليس أن يظهر جسده ليبعد الشعب عن عبادة الله فلم يتفوه رئيس الملائكة ميخائيل بكلمة عليه يدينه بها ويظهر شره، بل قال له فقط "لينتهرك الرب"، أى يمنعك عن الشر الذى تريد أن تفعله. هذا هو سلوك أولاد الله الثابتين فى الإيمان به.

العدد 10

ع10:

على الجانب الآخر، أمام سلوك رئيس الملائكة ميخائيل، نرى هؤلاء المبتدعين يتكلمون بكبرياء على الملائكة وعلى رئاسات الكنيسة مع أنهم لا يعلمون قداسة وسمو هؤلاء.

ومن ناحية أخرى ما كان يجب أن يتصرفوا حسنًا فيه، مثل الحيوانات، فى العلاقات الجسدية، ففى هذه أيضًا فسدوا بسقوطهم فى الزنا والشذوذ فصاروا أقل من الحيوانات فى مستواهم الروحى.

العدد 11

ع11:

يعلن عقاب الله لهؤلاء المعلمين الكذبة لأنهم سلكوا فى شرور كثيرة، ويعطى أمثلة لها من العهد القديم وهى:

  1. طريق قايين وهو عدم محبة الإخوة، إذ خدعوا وأضلوا الكثيرين بآرائهم الفاسدة فأهلكوهم كما قتل قايين هابيل أخاه (تك4: 5 - 12).
  2. ضلالة بلعام لأجل أجرة: أشار بلعام النبى على بالاق ملك موآب أن يرسل نساء ليزنوا مع بنى إسرائيل فيتخلى الله عن شعبه، ونال بلعام أجرته مقابل تضليله وإعثاره لشعب الله هدايا كثيرة من بالاق (عد22 - 25). هكذا أضلَّ المعلمون الكذبة المؤمنين بأفكارهم الفاسدة.
  3. هلكوا فى مشاجرة قورح تذمَّر قورح ومن معه على هارون وبنيه لانفرادهم بالكهنوت وقال إن كل بنى إسرائيل من حقهم أن يكهنوا، فانشقت الأرض وابتلعته هو وكل من معه، 250 نفس (عد 16: 1 - 30). هكذا فالمعلمون الكذبة المتمردون على الكنيسة سيهلكون فى العذاب الأبدى.

العدد 12

ع12:

يصف المعلمين الكذبة بأنهم عوائق يعطلون حياتهم الروحية كالصخور فى البحر التى تعطل مسار السفن، فهؤلاء المبتدعون يحضرون ولائم المحبة كأعضاء فى الكنيسة ولكن ليس للترابط بمحبة مع الآخرين بل لنشر تعاليمهم الفاسدة لتعطيل الإيمان.

وعندما يصنعون ولائم محبة فغرضهم منها أنانيتهم وإرضاء أنفسهم بتضليل الكثيرين ليصيروا تابعين لهم وينشروا أفكارهم الردية بفجور بلا خوف أو حياء.

كذلك فإنهم يتظاهرون بالتقوى ولكنهم يشبهون السحاب الذى ينتظر الفلاح منه المطر ولكنه يُفَاجَأ أنه بلا ماء. فهؤلاء المعلمون لا يعطون كلامًا روحيًا بنَّاءً.

ويشبههم أيضًا بالأشجار الخريفية التى كان ينتظر منها ثمار، إذ أن كثيرًا من الأشجار تثمر فى الخريف، ولكنها ذات أوراق فقط، وهى ميتة تمامًا حتى أن الأصلح إقتلاعها إذ لا رجاء فيها. هكذا فهؤلاء المعلمون مصرون على خطاياهم ولا يعطون ثمارًا روحية ولا رجاء فيهم.

العدد 13

ع13:

مزبدة: لها زبد كثير وهو فقاعات الماء البيضاء التى تلقيها الأمواج على الشاطئ فتتكسر وتنتهى.

يشبِّه تمردهم على الكنيسة بهياج أمواج البحر التى تلقى بقاذورات البحر مع زبدها، فهم أيضًا فى تمردهم يلقون بأفكارهم الفاسدة المعثرة وسط الكنيسة.

ويشبههم أيضًا بنجوم كان من المفروض أن تعطى ضوءًا، ولكنها انحرفت بعيدًا عن مسارها ففقدت ضياءها وصارت قاتمة ومظلمة ظلامًا شديدًا، هؤلاء أيضًا إنحرفوا عن تعليم الكنيسة ففقدوا نور المسيح الذى فيهم ولا ينتظرهم إلا ظلمة العذاب الأبدى.

 إستغلّ فرصة وجودك فى الكنيسة لترتبط بها وتحب الكل وتخضع للتعاليم المحيية، ولا تكتفى بشكل العبادة الخارجى دون تطبيق لكلام الله حتى لا تفقد عمل الروح القدس فيك.

(4) نبوات عن المعلمين الكذبة (ع14 - 19):

14 وَتَنَبَّأَ عَنْ هَؤُلاَءِ أَيْضًا أَخْنُوخُ، السَّابِعُ مِنْ آدَمَ، قَائِلاً: «هُوَذَا قَدْ جَاءَ الرَّبُّ فِى رَبَوَاتِ قِدِّيسِيهِ، 15لِيصْنَعَ دَيْنُونَةً عَلَى الْجَمِيعِ، وَيُعَاقِبَ جَمِيعَ فُجَّارِهِمْ عَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِ فُجُورِهِمُِ الَّتِى فَجَرُوا بِهَا، وَعَلَى جَمِيعِ الْكَلِمَاتِ الصَّعْبَةِ، الَّتِى تَكَلَّمَ بِهَا عَلَيْهِ خُطَاةٌ فُجَّارٌ. » 16هَؤُلاَءِ هُمْ مُدَمْدِمُونَ مُتَشَكُّونَ، سَالِكُونَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِهِمْ، وَفَمُهُمْ يَتَكَلَّمُ بِعَظَائِمَ، يُحَابُونَ بِالْوُجُوهِ مِنْ أَجْلِ الْمَنْفَعَةِ. 17 وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، فَاذْكُرُوا الأَقْوَالَ الَّتِى قَالَهَا سَابِقًا رُسُلُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 18فَإِنَّهُمْ قَالُوا لَكُمْ إِنَّهُ، فِى الزَّمَانِ الأَخِيرِ، سَيَكُونُ قَوْمٌ مُسْتَهْزِئُونَ، سَالِكِينَ بِحَسَبِ شَهَوَاتِ فُجُورِهِمْ. 19هَؤُلاَءِ هُمُ الْمُعْتَزِلُونَ بِأَنْفُسِهِمْ، نَفْسَانِيُّونَ لاَ رُوحَ لَهُمْ.

العدد 14

ع14:

يذكر هنا نبوة أخذها من التقليد عن أخنوخ سابع حفيد من آدم، وتعلن هذه النبوة عن مجئ الله فى يوم الدينونة محاطًا بالملائكة القديسين.

العدد 15

ع15:

فى يوم الدينونة سيدين الله الأشرار وخاصة المستبيحين بجرأة فى الشر، ليس فقط عن أعمالهم الشريرة بل أيضًا عن كل كلمة شريرة نطقوا بها وأعثروا بها غيرهم.

العدد 16

ع16:

مدمدمون متشكّون: أى متذمرون.

فمهم يتكلم بعظائم: أى بكبرياء.

يحابون بالوجوه: النفاق والرياء.

يصف هؤلاء الأشرار بما يأتى:

  1. التذمر وكثرة الشكوى.
  2. الإنغماس فى الشهوات الشريرة.
  3. الكبرياء والعجرفة فى كلماتهم وأحاديثهم.
  4. النفاق والمحاباة للعظماء حتى ينالوا مصالحهم الشخصية والمادية.

ع17، 18: ينبـه يهـوذا الرسـول المؤمنين أنه بالإضافة إلى نبوات أخنوخ يوجد نبوات الرسـل عن هؤلاء الأشرار كما ذكروا فى (2تى1: 3 - 5، عب2: 1، 1بط1: 20، 1يو 2: 18)، فقد قال هؤلاء الرسل أنه فى الزمن الأخير، أى بعد صعود السيد المسيح إلى السماء، سيظهر أناس مستهترون يعيشون كيفما تمليه عليهم رغباتهم الشريرة وشهواتهم الدنيئة ولا يراعون أيّة ضوابط روحية أو أخلاقية.

العدد 19

ع19:

المعتزلون: عزلوا أنفسهم عن الكنيسة.

نفسانيون: يتصرفون بحسب أهوائهم، فالمقصود بالنفس المزاج والفكر الشخصى لأن الإنسان فيه روح ونفس وجسد.

لا روح لهم: ليسوا خاضعين للروح القدس بل يرفضونه.

يستكمل الرسول وصف الهراطقة الأشرار بأنهم عزلوا أنفسهم عن الكنيسة وساروا بفكرهم الخاص الخاطئ ورفضوا الخضوع للروح القدس.

 ليكن لك رأيك ولكن لا يكن ضد الكنيسة وتعاليمها، واهتم بالصلاة وتسليم مشيئتك لله قبل أى موضوع حتى تسمع صوت الروح القدس وتنال إرشاد أب اعترافك.

(5) أسس الحياة الروحية (ع20 - 23):

20 وَأَمَّا أَنْتُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، فَابْنُوا أَنْفُسَكُمْ عَلَى إِيمَانِكُمُ الأَقْدَسِ، مُصَلِّينَ فِى الرُّوحِ الْقُدُسِ، 21 وَاحْفَظُوا أَنْفُسَكُمْ فِى مَحَبَّةِ اللهِ، مُنْتَظِرِينَ رَحْمَةَ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ. 22 وَارْحَمُوا الْبَعْضَ مُمَيِّزِينَ، 23 وَخَلِّصُوا الْبَعْضَ بِالْخَوْفِ، مُخْتَطِفِينَ مِنَ النَّارِ، مُبْغِضِينَ حَتَّى الثَّوْبَ الْمُدَنَّسَ مِنَ الْجَسَدِ.

العدد 20

ع20:

بعد تحذير المؤمنين من المعلمين الكذبة، يوجِّه أنظارهم إلى العمل الإيجابى الذى يحدده فى ثلاثة أمور:

1 - إبنوا أنفسكم: ويقصد الجهاد الروحى والإهتمام بالأعمال الصالحة.

2 - على إيمانكم الأقدس: أى التمسك بالإيمان بالمسيح الذى يتحول إلى حياة يعيشونها بمشاعرهم الداخلية وسلوكهم مع من حولهم.

3 - مصلين فى الروح القدس: الصلاة هى التى تحفظ حياة الإنسان وكل فضائله، وحتى تكون صلاة سليمة لابد أن تكون فى الروح القدس أى بعمله فيهم، فيعلِّمهم كيف يصلون ويرشدهم إلى ما يطلبون وكيف يقفون فى الصلاة ويعطوها مشاعر روحية حارة.

العدد 21

ع21:

يدعوهم أيضًا أن يحفظوا أنفسهم من مشاغل العالم ليتمتعوا بمحبة الله فى الصلوات والقراءات، وإذ يمتلئون بمحبة الله يستطيعون أن يحبوا من حولهم مهما كانت إساءاتهم. وإن كانوا يعانون بعض الآلام فى هذه الحياة، ولكن لهم رجاء فى رحمة الله التى تعوضهم عن كل أتعابهم بأفراح وأمجاد الأبدية.

العدد 22

ع22:

إن كان هدفكم هو الأبدية، فاهتموا بخلاص نفوسكم ونفوس الآخرين وساعدوهم على الوصول إلى الله بأعمال الرحمة والإهتمام باحتياجاتهم ولكن بتمييز فتعطون الحنان والإشفاق إن كانوا فى ضعف أو يأس والحزم إن كانوا فى استباحة وتهاون.

العدد 23

ع23:

يستكمل حديثه عن الإهتمام بخلاص نفوس الآخرين فيقول أن بعضهم يحتاج إلى حزم، فلكيما يخلصوهم من الشر يحتاجوا إلى إستخدام التحذير والتخويف بل والعقاب أحيانًا، حتى يخلصوا من نار الشر التى فيهم والتى إن تراخوا فى الإبتعاد عنها تؤدى بهم إلى النار الأبدية.

ويحذرهم أثناء خدمتهم لهؤلاء المستهترين من أن يتدنسوا بشرورهم، بل يبتعدوا عن كل مايتعلق بخطاياهم ويذكرهم بها مثل الثوب الذى لبسه الزانى أثناء زناه.

 عندما تتعامل مع الآخرين تذكر أنك مسئول عن خلاص نفوسهم، فقدِّم لهم محبتك واهتم بهم بكل طريقة، وفى نفس الوقت لاتخجل أن تعلن الحق لينتبهوا إلى خلاص نفوسهم حتى لو تضايقوا منك حينا.

(6) ختام الرسالة (ع24، 25):

24 وَالْقَادِرُ أَنْ يَحْفَظَكُمْ غَيْرَ عَاثِرِينَ، وَيُوقِفَكُمْ أَمَامَ مَجْدِهِ بِلاَ عَيْبٍ فِى الابْتِهَاجِ، 25اَلإِلَهُ الْحَكِيمُ الْوَحِيدُ مُخَلِّصُنَا، لَهُ الْمَجْدُ وَالْعَظَمَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ، الآنَ وَإِلَى كُلِّ الدُّهُورِ، آمِينَ.

العدد 24

ع24:

يشجع المؤمنين بأن الله محب البشر يسندهم فى جهادهم ويحميهم من خطايا العالم حتى يصلوا إلى يوم الفرح الحقيقى وهو لقاءهم مع المسيح فى الأبدية، فيروا مجده وغفرانه وحبه فى أمجاد السماء التى يهبها لهم.

العدد 25

ع25:

يشجعهم أيضًا بأن إلههم حكيم قادر أن يوجههم فى كل ظروفهم ويرشدهم ليخلصوا من شر العالم، وهو أيضًا الإله الوحيد فلا تقف أمامه أى قوة بل قادر أن يخلصنا من كل شر فنسبحه ونمجده إلى الأبد.

 ثق أن إلهك قوى قادر أن يحميك من الأخطار وينقذك من كل شر ويسندك مهما كان ضعفك ويكمل جهادك ما دمت متمسكًا به حتى يمتعك بأفراح السماء معه.

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

تفاسير رسالة يهوذا الرسول - الأصحاح الأول
تفاسير رسالة يهوذا الرسول - الأصحاح الأول