الأصحاح الثالث – سفر يونان – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح الثالث

الأعداد 1-4

الآيات (1 - 4): -

"1ثُمَّ صَارَ قَوْلُ الرَّبِّ إِلَى يُونَانَ ثَانِيَةً قَائِلاً: 2«قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ، وَنَادِ لَهَا الْمُنَادَاةَ الَّتِي أَنَا مُكَلِّمُكَ بِهَا». 3فَقَامَ يُونَانُ وَذَهَبَ إِلَى نِينَوَى بِحَسَبِ قَوْلِ الرَّبِّ. أَمَّا نِينَوَى فَكَانَتْ مَدِينَةً عَظِيمَةً ِللهِ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ. 4فَابْتَدَأَ يُونَانُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ، وَنَادَى وَقَالَ: «بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا تَنْقَلِبُ نِينَوَى».".

هذه إرسالية ثانية عاد بعدها يونان لوظيفته. كما حدث مع بطرس بعد إنكاره حين كرر له المسيح ثلاث مرات "إرع غنمى". وبعد أن ضيع يونان نقوده (3: 1) إذ دفع أجرة السفينة. وضَّيع الوقت وتعب وتألم. ها هو يعود لنقطة البداية. ولاحظ أن الله لم يجرح مشاعره بسبب هروبه ولم يجرح مشاعر بطرس وأعاده لدرجة الرعاية. وكما خرج يونان من بطن الحوت إلى الأمم (الوثنيين) هكذا قام المسيح من الموت وإنتشرت المسيحية بين كل الأمم.

نِينَوَى المَدِينَةً العَظِيمَةً = هي عظيمة في بنائها وتعداد سكانها وقوتها ولكنها أصبحت عظيمة في توبتها (وراجع المقدمة ص4). لذلك ستقوم يوم الدين وتدين هذا الجيل، لأنها استجابت لتحذير الله. والله دائماً يحذر قبل أن يضرب، وطوبى لمن يستجيب للتحذير فهو ينجي نفسه من الضربات ويخلص. أما سدوم وعمورة فلم يستجيبوا لنداء لوط. والعالم لم يستجب لنوح، وقايين لم يستجب لصوت الله المباشر له.

مَدِينَةً عَظِيمَةً ِللهِ = أي عظيمة أمام الله. هي مدينة عظيمة لله، فللرب الأرض وملؤها (مز24: 1) لكن الشيطان إغتصبها، ولكن الله مازال يتطلع إليها، فالله له فيها 12 ربوة من البشر، هو خلقهم، اذاً هو يريدهم. وهو يعولهم ويشتاق رجوعهم اليه. وهكذا الإنسان خلقة الله العظيمة حتى إن إنحرف فالله يشتاق لتوبته ورجوعه إليه ليسكن فيه ويصير مدينة عظيمة ولاحظ أن الله يقدر نينوى ويحسبها مدينة عظيمة، ويونان لا يقدرها. إذاً علينا أن نسلم ولا نعترض على أحكام الله فاحص القلوب، فكم من شخص ندينه لكنه في نظر الله يكون عظيماً. مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ = أنظر ملحوظة ص 4.

بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا تَنْقَلِبُ نِينَوَى = لاحظ أن الطوفان نزل لمدة أربعين يوماً والمسيح جربه إبليس لمدة 40 يوماً. وأن أورشليم خربت بعد المسيح بـ40سنة. وموسى وإيليا صاما 40 يوماً. فالأربعين هو رقم التجربة والإمتحان وبعده ننال مجداً أو عقاباً. هي فرصة يعطيها الله لنا وبعدها يقول "من يغلب يرث الحياة الأبدية" وقد جاهد المسيح 40يوماً وإنتصر على إبليس. وهكذا حصل موسى على الشريعة. ولكن من يهزمه إبليس يكون كأورشليم معرضاً نفسه لخراب شامل كالطوفان. ولذلك تفهم مدة الأربعين يوماً على أنها فترة حياتنا الزمنية التي فيها إن غلبنا نرث المجد. وهنا يعطي الله نينوى فرصة 40يوماً فإن تابوا نجوا أنفسهم وأن رفضوا إنقلبت عليهم المدينة.

العدد 5

آية (5): -

"5فَآمَنَ أَهْلُ نِينَوَى بِاللهِ وَنَادَوْا بِصَوْمٍ وَلَبِسُوا مُسُوحًا مِنْ كَبِيرِهِمْ إِلَى صَغِيرِهِمْ.".

مُسُوحًا = هي قماش غليظ خشن منسوج من شعر الماعز أو وبر الجمال وكان لبس المسوح علامة للحزن. وهنا هو علامة حزن على الخطية، أي علامة توبتهم. حقاً كانت توبة عظيمة. لقد آمنت نينوى أما إسرائيل فقاوموا غير مصدقين. هم قدموا توبة حقيقية عملية بصوم ومسوح وإشترك فيها الكل الكبار والصغار حتى البهائم. مع أن يونان لم يعط كلمة رجاء واحدة. ولم يكلمهم عن محبة الله وترفقه ولا عَلَّمهم شيئاً عن التوبة.

العدد 6

آية (6): -

"6 وَبَلَغَ الأَمْرُ مَلِكَ نِينَوَى، فَقَامَ عَنْ كُرْسِيِّهِ وَخَلَعَ رِدَاءَهُ عَنْهُ، وَتَغَطَّى بِمِسْحٍ وَجَلَسَ عَلَى الرَّمَادِ.".

عظيمة توبة نينوى فالملك يتواضع ويقدم توبة وهكذا العظماء. وهناك تأمل فإن شبهنا نينوى بالإنسان فيكون الملك ممثلاً لإرادته والعظماء يشيروا لمواهبه وقدراته. والبهائم يشيروا للجسد بطاقاته العضلية والشهوانية. وحينما يتقدس كل هذا لحساب الله. يصير هذا الإنسان عظيماً أمام الله.

الأعداد 7-8

الآيات (7 - 8): -

"7 وَنُودِيَ وَقِيلَ فِي نِينَوَى عَنْ أَمْرِ الْمَلِكِ وَعُظَمَائِهِ قَائِلاً: «لاَ تَذُقِ النَّاسُ وَلاَ الْبَهَائِمُ وَلاَ الْبَقَرُ وَلاَ الْغَنَمُ شَيْئًا. لاَ تَرْعَ وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً. 8 وَلْيَتَغَطَّ بِمُسُوحٍ النَّاسُ وَالْبَهَائِمُ، وَيَصْرُخُوا إِلَى اللهِ بِشِدَّةٍ، وَيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيئَةِ وَعَنِ الظُّلْمِ الَّذِي فِي أَيْدِيهِمْ.".

فيها توبة سلبية = تركهم للمظالم. وتوبة إيجابية = صاموا وصلوا. ونينوى كانت مدينة مشهورة بالظلم (راجع ناحوم إصحاحي 2، 3).

العدد 9

آية (9): -

"9لَعَلَّ اللهَ يَعُودُ وَيَنْدَمُ وَيَرْجعُ عَنْ حُمُوِّ غَضَبِهِ فَلاَ نَهْلِكَ».".

لاحظ توبة نينوى صاحبها رجاء في الرب. فلنقدم توبة مصحوبة برجاء.

العدد 10

آية (10): -

"10فَلَمَّا رَأَى اللهُ أَعْمَالَهُمْ أَنَّهُمْ رَجَعُوا عَنْ طَرِيقِهِمِ الرَّدِيئَةِ، نَدِمَ اللهُ عَلَى الشَّرِّ الَّذِي تَكَلَّمَ أَنْ يَصْنَعَهُ بِهِمْ، فَلَمْ يَصْنَعْهُ.".

ندم الله هو تعبير بحسب مفهوم البشر لا يعني أن الله يغير رأيه ويندم، بل أن الإنسان هو الذي يغير وضعه بالنسبة لله فيصير الحكم بالنسبة له مختلفاً. فعندما يعاند الإنسان يسقط تحت التأديب، وإذ يرتد عن شره ويرجع إلى الله، يجد الله فاتحاً أحضانه.

ملحوظة: مَدِينَةً عَظِيمَةً ِللهِ مَسِيرَةَ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ = أنظر المقدمة (أي محيط المدينة يقطعه السائر في ثلاثة أيام).

فَابْتَدَأَ يُونَانُ يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَاحِدٍ = أي دخل يونان إلى نينوى المدينة الأم مدينة الملك والعظماء والتي محيطها يمشيه السائر على قدميه في يومٍ واحد. هو دخل من أسوار المدينة العظيمة ووصل للمدينة الأم.

No items found

الأصحاح الرابع - سفر يونان - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الثاني - سفر يونان - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر يونان الأصحاح 3
تفاسير سفر يونان الأصحاح 3