الإصحاح الثالث – سفر باروخ – القس أنطونيوس فكري

اَلإَصْحَاحُ الثالث

الحكمة.

(1) توبة وتسبيح (ع1 - 8).

العدد 1

(1) ع

توبة وتسبيح (ع1 - 8):

1 - أَيُّهَا الرَّبُّ الْقَدِيرُ إِلهُ إِسْرَائِيلَ قَدْ صَرَخَتْ إِلَيْكَ النَّفْسُ فِي الْمَضَايِقِ وَالرُّوحُ فِي الْكُرُوبِ. 2 - فَاسْمَعْ يَا رَبُّ وَارْحَمْ فَإِنَّكَ إِلهٌ رَحِيمٌ، ارْحَمْ فَإِنَّا قَدْ خَطِئْنَا إِلَيْكَ. 3 - فَإِنَّكَ أَنْتَ تَدُومُ إِلَى الأَبَدِ أَمَّا نَحْنُ فَنَهْلِكُ إِلَى الأَبَدِ. 4 - أَيُّهَا الرَّبُّ الْقَدِيرُ إِلهُ إِسْرَائِيلَ اسْمَعْ صَلاَةَ قَوْمِ إِسْرَائِيلَ وَبَنِي الَّذِينَ خَطِئُوا إِلَيْكَ الَّذِينَ لَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ إِلهِهِمْ وَقَدْ لَحِقَ الشَّرُّ بِنَا 5 - لاَ تَذْكُرْ أَثَامَ آبَائِنَا بَلِ اَذْكُرْ يَدَكَ وَاسْمَكَ فِي هذَا الزَّمَانِ 6 - فَإِنَّكَ أَنْتَ الرَّبُّ إِلهُنَا وَإِيَّاكَ نُسَبِّحُ يَا رَبُّ. 7 - لأَنَّكَ لِذلِكَ جَعَلْتَ مَخَافَتَكَ فِي قُلُوبِنَا وَلِنَدْعُوَ بِاسْمِكَ، إِنَّا نُسَبِّحُكَ فِي جَلاَئِنَا لأَنَّا قَدْ نَبَذْنَا عَنْ قُلُوبِنَا كُلَّ إِثْمِ آبَائِنَا الَّذِينَ خَطِئُوا أَمَامَكَ 8 - وَهَا إِنَّا الْيَوْمَ فِي الْجَلاَءِ حَيْثُ شَتَّتَّنَا لِلتَّعْيِيرِ وَاللَّعْنَةِ وَالْعِقَابِ لأَجْلِ جَمِيعِ آثَامِ آبَائِنَا الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَنِ الرَّبِّ إِلهِنَا.

الكروب: جمع كرب وهو الضيقة الشديدة.

يستكمل باروخ في هذه الآية والآيات التالية؛ حتى ع (8) صلاته التي بدأها من الإصحاح الأول (با 1: 15). ويصرخ في هذه الآية إلى الله إله إسرائيل القادر على كل شيء لكي ينقذ نفسه هو وكل شعبه من ضيقة السبي والعبودية والذل؛ ليتحنن عليهم ويسامحهم ويعيدهم إلى بلادهم.

الأعداد 2-3

ع2 - 3:

:

يستدر باروخ مراحم الله على شعبه، فيعلن بإسم شعبه أننا جميعًا قد أخطأنا إليك يا رب، ولكننا نطلب الرحمة منك لما يلى:

لأنك إله رحيم، أي كامل في رحمتك، وطبيعتك هي الرحمة على الخطاة التائبين.

أنت دائم إلى الأبد؛ أي أبدى، ونحن بدونك سنهلك إلى الأبد، ولكن برحمتك تغفر خطايانا، وتهبنا حياة أبدية سعيدة معك.

الأعداد 4-5

ع4 - 5:

:

يكرر باروخ في لجاجة صلاته لله إله إسرائيل القدير، معترفًا بما يلي:

خطاياه هو وشعبه المسبى الآن؛ لأنهم لم يسمعوا كلام الله.

خطايا آبائهم التي أدت إلى سبيهم.

ويطلب الرحمة الآن في هذا الزمان ليس لاستحقاقه هو وشعبه، بل لأجل ما يلي:

يد الله الرحيمة القوية القادرة أن تخلصهم.

إسم الله العظيم الذي دعى عليهم، فينقذهم من السبي؛ ليمجد اسمه القدوس.

الأعداد 6-7

ع6 - 7:

:

جلائنا: سبينا.

نبذنا: رفضنا.

يختم باروخ صلاته بتسبيح الله لما يلي:

لأنه هو إلهنا الذي نحبه، وننتسب له، ونعبده، ونثق في رعايته لنا، بل ونثق أنه سينقذنا من سبينا.

لأن مخافة الله في قلوبنا ونعرف أننا قد أخطأنا إليه، ونستحق هذا السبي. ونسبحه لأنه حفظنا داخل هذه الضيقة، ولن يتركنا أبدًا ما دمنا رافضين خطايا آبائنا، ومبتعدين عنها تمامًا.

العدد 8

ع8:

يعلن في النهاية باروخ قبول تأديب الله بالسبي، عقابًا لخطايا الشعب، وخطايا الآباء التي ورثها الأبناء وعاشوا فيها.

† ليتك تقبل تأديب الله، وتثق أنه لخيرك، بل هو أفضل شيء اختاره لك لخلاص نفسك. فتسبحه وتشكره على كل حال، وحينئذ تنال مراحمه، وتنفرج عنك الضيقة، وتحيا في فرح كل حين بين يديه.

المضايق: الضيقات.

[2] أهمية الحكمة (.

9 - اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ وَصَايَا الْحَيَاةِ، أَصْغُوْا وَتَعَلَّمُوا الْفِطْنَةَ. 10 - لِمَاذَا يَا إِسْرَائِيلُ لِمَاذَا أَنْتَ فِي أَرْضِ الأَعْدَاءِ؟ 11 - قَدْ ذَبَلْتَ فِي أَرْضِ الْغُرْبَةِ وَتَنَجَّسْتَ بِالأَمْوَاتِ وَحُسِبْتَ مَعَ الَّذِينَ هُمْ فِي الْجَحِيمِ. 12 - إِنَّكَ قَدْ تَرَكْتَ يَنْبُوعَ الْحِكْمَةِ 13 - وَلَوْ أَنَّكَ سَلَكْتَ فِي طَرِيقِ اللهِ لَسَكَنْتَ فِي السَّلاَمِ مَدَى الدَّهْرِ. 14 - تَعَلَّمْ أَيْنَ الْفِطْنَةُ وَأَيْنَ الْقُوَّةُ وَأَيْنَ التَّعَقُّلُ لِكَيْ تَعْلَمَ أَيْضًا أَيْنَ طُولُ الأَيَّامِ وَالْحَيَاةُ وَأَيْنَ نُورُ الْعُيُونِ وَالسَّلاَمُ.

العدد 9

ع9:

الفطنة: الحكمة.

ينادى باروخ بني إسرائيل في السبي وفى كل مكان ليسمعوا وصايا الحياة، أي الوصايا التي ينبغى أن يسلكوا بها؛ ليتمتعوا بحياة مستقيمة مع الله. وذلك بالإصغاء؛ أي الاستماع بانتباه إلى الحكمة الإلهية، فهي وصايا الحياة؛ لأن الحكمة الإلهية تعطينا أن نحيا وصايا الله على الأرض، بل تمتد بنا لنتمتع بملكوت السموات.

الأعداد 10-12

ع10 - 12:

:

يثير باروخ سؤال لبني إسرائيل المسبيين، وهو لماذا هم موجودون في أرض الأعداء؟ ويقصد السبي بعيدًا عن بلادهم، أي لماذا شتتكم الله في أرجاء المملكة البابلية بين الأمم؟ ولماذا ذبلت حياتكم؟ أين قوتكم وحيويتكم؟ السبب أنكم تنجستم بين الوثنيين، أي الأموات. فاختلاطكم بهم شغلكم عن الله، بل وامتلأت أفكاركم بأفكار الوثنيين، مما دعاكم أحيانًا إلى مشاركتهم في أعمالهم، وعبادتهم وشهواتهم. فأصبح محكومًا عليكم بالذهاب إلى الجحيم، بل أن حياتكم صارت كالجحيم. كل هذا بسبب ابتعادكم عن ينبوع الحكمة؛ وهو الله وعبادته في هيكله المقدس بأورشليم.

إن باروخ ينبه شعبه ليفهموا تأديب الله بالسبي، ويتوبوا ويطلبوا الله أن يعيدهم إلى أورشليم؛ ليعبدوه في هيكله، فتحيا نفوسهم بدلًا من الذبول الذي يعانون منه، ويتمتعون بالسلوك في وصايا الله، فيحيوا الفردوس على الأرض.

الأعداد 13-14

ع13 - 14:

:

يشجع باروخ شعبه للسلوك في الحكمة؛ حتى ينالوا بركاتها وهي:

السلام الداخلي والخارجي في حياتهم على الأرض.

السلام إلى الدهر؛ أي في الحياة الأبدية.

القوة في الحياة الروحية، والنجاح والتغلب على الأعداء.

التعقل، أى التفكير السليم، والتصرف الحسن في كل أمور الحياة.

بركة الله في طول الأيام، أي الأيام السعيدة، ليس فقط على الأرض، بل والحياة الأبدية.

الاستنارة الروحية، وهي نور العيون، أي الفهم الحسن والتمييز بين الخير والشر.

† أطلب من الله الحكمة قبل أي تصرف لتتمتع بإرشاده في كل أمور حياتك، وتنال بركات لا تحصى.

15 - مَنْ وَجَدَ مَوْضِعَهَا وَمَنْ بَلَغَ إِلَى كُنُوزِهَا 16 - أَيْنَ رُؤَسَاءُ الأُمَمِ وَالَّذِينَ يَتَسَلَّطُونَ عَلَى وُحُوشِ الأَرْضِ 17 - وَالَّذِينَ يُلاَعِبُونَ طُيُورَ السَّمَاءِ 18 - وَيَكْنِزُونَ الْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ مِمَّا يَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَلاَ حَدَّ لِكَسْبِهِمْ وَيَصُوغُونَ الْفِضَّةَ وَيَهْتَمُّونَ وَلاَ اسْتِقْصَاءَ لِمَسَاعِيهِمْ. 19 - إِنَّهُمْ قَدِ اضْمَحَلُّوا وَإِلَى الْجَحِيمِ هَبَطُوا وَآخَرُونَ قَامُوا فِي مَكَانِهِمْ. 20 - أَحْدَاثٌ رَأَوُا النُّورَ وَسَكَنُوا الأَرْضَ لكِنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا طَرِيقَ التَّأَدُّبِ 21 - وَلَمْ يَفْهَمُوا سُبُلَهُ وَبَنُوهُمْ لَمْ يُدْرِكُوهُ وَابْتَعَدُوا عَنْ طَرِيقِهِ. 22 - لَمْ يُسْمَعْ بِهِ فِي كَنْعَانَ وَلاَ تَرَاءَى فِي تَيْمَانَ. 23 - وَبَنُو هَاجَرَ أَيْضًا الْمُبْتَغُونَ لِلتَّعَقُّلِ عَلَى الأَرْضِ وَتُجَّارُ مَرَّانَ وَتَيْمَانَ وَقَائِلُو الأَمْثَالِ وَمُبْتَغُو التَّعَقُّلِ لَمْ يَعْرِفُوا طَرِيقَ الْحِكْمَةِ وَلَمْ يَتَذَكَّرُوا سُبُلَهَا. 24 - يَا إِسْرَائِيلُ مَا أَعْظَمَ بَيْتَ اللهِ وَمَا أَوْسَعَ مَوْضِعَ مِلْكِهِ. 25 - عَظِيمٌ هُوَ بِغَيْرِ حَدٍّ وَعَالٍ بِغَيْرِ قِيَاسٍ. 26 - هُنَاكَ وُلِدَ الْجَبَابِرَةُ الْمَذْكُورُونَ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْبَدْءِ الطِّوَالُ الْقَامَاتِ الْحَاذِقُونَ بِالْقِتَالِ. 27 - أُولئِكَ لَمْ يَخْتَرْهُمُ الرَّبُّ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُمْ طَرِيقَ التَّأَدُّبِ 28 - فَهَلَكُوا لِعَدَمِ الْفِطْنَةِ. هَلَكُوا لِغَبَاوَتِهِمْ. 29 - مَنْ صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ فَتَنَاوَلَهَا وَنَزَلَ بِهَا مِنَ الْغُيُومِ. 30 - مَنِ اجْتَازَ إِلَى عَبْرِ الْبَحْرِ وَوَجَدَهَا وَآثَرَهَا عَلَى الذَّهَبِ الإِبْرِيزِ. 31 - لَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ طَرِيقَهَا وَيَطَّلِعُ عَلَى سَبِيلِهَا.

العدد 15

ع15:

يتساءل باروخ بتعجب قائلًا من وجد موضع الحكمة، أي من وجدها؟ فهو أمر مستحيل لا يمكن تحقيقه إلا عن طريق الله؛ لأن الله وحده هو الحكمة الحقيقية، وكل البشر عاجزون عن اقتنائها بأنفسهم.

الأعداد 16-19

ع16 - 19:

:

يصغون: يشكلون الفضة.

استقصاء: لا حد.

اضمحلوا: فنوا.

يستكمل باروخ بحثه عمن يصلون إلى الحكمة، فيقول من من البشر وصل إلى الحكمة؟ ويستعرض أعظم فئات البشر وهم:

رؤساء وملوك الأمم (ع16).

الأقوياء وصيادو الوحوش الذين يتسلطون عليها (ع16).

الذين لهم علم عظيم يوصلهم إلى علو السماء، والتسلط على الطيور التي تسبح في الجو (ع17).

الأغنياء الذين يقتنون الفضة والذهب، ويصغونها بأشكال مختلفة (ع18).

المهتمون بالمعرفة والعمل والسعى في كل مكان لاكتشاف الجديد (ع18).

كل هؤلاء وغيرهم قد ماتوا ولم يصلوا إلى الحكمة، وقام آخرون مكانهم، ولم يتعلموا ممن قبلهم، بل مازالوا يبحثون عن الحكمة في أماكن غريبة عنها، أي في الماديات، ولا يجدونها لأنها عند الله. فلو كانوا قد اتكلوا على الله لكانوا قد وصلوا بمساعيهم إلى الحكمة؛ لأن الحكمة هي الله الموجود في كل مكان، ويصل إليه بسهولة كل من يؤمن به؛ حتى لو كان إنسانًا بسيطًا، وإمكانياته ضعيفة.

الأعداد 20-21

ع20 - 21:

:

يتعجب باروخ أن الأحداث، أي الشباب وصغار السن، الذين ولدوا في العالم، ورأوا نور الله، وسكنوا في الأرض، لم يتعلموا من ضلال آبائهم الذين لم يصلوا إلى الحكمة، بل ابتعدوا عن الله.

الأعداد 22-23

ع22 - 23:

:

تيمان: تعنى الجنوب وهي اليمن.

مران: هي مديان التي تقع بجوار خليج العقبة.

يضيف باروخ أن التجار المعروفين في العالم، سواء في كنعان والذين اشتهروا بالغش، (هو12: 7)، أو في تيمان، التي منها أليفاز التيمانى صديق أيوب الحكيم، أو بنى هاجر، أو مران؛ كل هؤلاء الذين جالوا البلاد، وامتلأوا معرفة، وفهم وحكمة، وعرفوا الأمثال والحكم، لم يصلوا إلا إلى الحكمة الأرضية.

أما الحكمة السماوية التي هي الحكمة الحقيقية، فلا توجد إلا عند الله.

الأعداد 24-25

ع24 - 25:

:

يعلن باروخ أنه إن كان العالم وتجاره لم يعرفوا الحكمة، ولكن الحكمة توجد عند الله، وهو عظيم جدًا ولا حدود لعظمته. وتظهر عظمته في بيته الذي في أورشليم، وهو يملك على العالم كله، وحكمته تعلو عن كل مقاييس البشر، أي لا يفهمها ولا يستوعبها البشر.

الأعداد 26-28

ع26 - 28:

:

الحاذقون: الماهرون.

يشير باروخ إلى الجبابرة الذين سكنوا في الأرض أيام نوح، وتميزوا بقوتهم في الحرب (تك6: 4) الذين منهم نمرود (تك10: 8 - 10). هؤلاء انشغلوا بقوتهم وابتعدوا عن الله فلم يهبهم الله الحكمة لرفضهم إياه. هؤلاء صاروا أغبياء، وهلكوا، وذهبوا إلى الجحيم رغم قوتهم العظيمة.

الأعداد 29-31

ع29 - 31:

:

آثرها: فضلها.

الذهب الإبريز: الذهب الخالص النقى.

يبين باروخ عظمة الحكمة، فهي أعلى من السموات، ولا يستطيع أحد أن يصل إليها بقوته، ويمسك بها من بين الغيوم. وهي أيضًا عميقة جدًا أعمق من كل البحار، ولا يستطيع أحد أن يصل إليها؛ حتى لو كان متميزًا في السفر بالبحر. لا يستطيع أحد الوصول إليها؛ حتى يقتنيها ويفضلها عن الذهب النقى، فهي لا توجد إلا عند الله.

† إن الحكمة العظيمة التي لا يصل إليها أحد من البشر يسهل عليك يا أخى أن تصل إليها إذا آمنت بالله، وحفظت وصاياه، ورفعت قلبك بالصلاة إليه في كل حين، وقبل كل فكر، أو عمل.

32 - لكِنَّ الْعَالِمَ بِكُلِّ شَيْءٍ هُوَ يَعْلَمُهَا وَبِعَقْلِهِ وَجَدَهَا. الَّذِي ثَبَّتَ الأَرْضَ إِلَى الأَبَدِ وَمَلأَهَا حَيَوَانًا ذَا أَرْبَعٍ. 33 - الَّذِي يُرْسِلُ النُّورَ فَيَنْطَلِقُ. يَدْعُوهُ فَيُطِيعُهُ بِرَعْدَةٍ. 34 - إِنَّ النُّجُومَ أَشْرَقَتْ فِي مَحَارِسِهَا وَتَهَلَّلَتْ. 35 - دَعَاهَا فَقَالَتْ نَحْنُ لَدَيْكَ وَأَشْرَقَتْ مُتَهَلِّلَةً لِلَّذِي صَنَعَهَا. 36 - هذَا هُوَ إِلهُنَا وَلاَ يُعْتَبَرُ حِذَاءَهُ آخَرُ. 37 - هُوَ وَجَدَ طَرِيقَ التَّأَدُّبِ بِكَمَالِهِ وَجَعَلَهُ لِيَعْقُوبَ عَبْدِهِ وَلإِسْرَائِيلَ حَبِيبِهِ. 38 - وَبَعْدَ ذلِكَ تَرَاءَى عَلَى الأَرْضِ وَتَرَدَّدَ بَيْنَ الْبَشَرِ.

الأعداد 32-35

ع32 - 35:

:

رعدة: خوف شديد.

محارسها: أفلاكها وهي الأماكن التي تدور فيها.

الله وحده هو العالم بكل شئ؛ هو وحده يعلم الحكمة. وبعقله أي بأقنوم الابن وجدها؛ لأن الابن هو أقنوم الحكمة، ففى الله نجد الحكمة الكاملة؛ لأن عقله، أي اللوغوس هو الحكمة. وبعقله، أي بحكمته خلق العالم كله. ويعطى هنا أمثلة للمخلوقات التي خلقها الله، وهذه الأمثلة هي:

الأرض بالإضافة إلى الحيوانات ذات الأربع التي تدب على الأرض.

النور الذي أطاع أمر الله، فخرج في الحال، وظهر في العالم كمخلوق يرتعد أمام خالقه خشوعًا وإجلالًا.

النجوم التي ظهرت كأنها شمس مشرقة واضاءت الأرض أثناء الليل، فهي مخلوقات أطاعت الله في الحال وظهرت لتنير الأرض، وهي خاضعة له، بل إذا أمرها أن تخفى ضياءها تطيعه، كما حدث في ضربة الظلام على مصر أيام موسى، فأخفت الشمس والنجوم والقمر أضواءها (خر10: 21، 22).

الأعداد 36-38

ع36 - 38:

:

حذاءه: نظيره أو مثله.

تردد: تحرك ذهابًا ومجيئًا.

هذا الكلام المذكور في الآيات السابقة.

هو عن الله إلهنا مصدر الحكمة، الذي تجسد في ملء الزمان، وتأدب بحفظ الوصايا وإتمام الناموس (مت3: 15؛ 5: 17)، واحتمل أن يخلى نفسه ويصير عبدًا، ويشبه الناسِ، واحتمل التأدب في كل آلام الصليب مع أنه بلا خطية.

وقد علَّم شعبه نسل يعقوب التأدب في حفظ الوصايا، بل في احتمال الضيقات مثل السبي، وكذا علَّم شعبه إسرائيل الجديد، أي المسيحيين الذين تبعوه أن يحملوا الصليب لأجله (مت16: 24).

ويعلن بوضوح تجسد المسيح في (ع38)، أي تجسد الحكمة، أو العقل الإلهي، عندما يقول أن الله تراءى على الأرض وتردد بين البشر، فهو لم يظهر فقط في اليهودية والجليل والسامرة، بل ذهب أيضًا إلى مصر وبارك أماكن كثيرة فيها، فهو الله المتجسد الآتي لفداء البشرية كلها وليس فقط اليهود. وقد استند الآباء على هذه الآية في الرد على بدعة أريوس.

الخلاصة:

يظهر باروخ في هذا الإصحاح الحكمة في خطوات واضحة يعلنها للبشرية كلها كما يلى:

بركة الحكمة لكل من يطلبها ويسعى لاقتنائها.

الحكمة في أقنوم الابن المتجسد الذي ظهر في ملء الزمان (ع38).

† إن الله ظاهر في خلائقه المحيطة بك، ليتك يا أخى تتأمل فيها لترى حكمته ومحبته ورعايته لك، فتمجده وتشكره، وتخضع له، مطيعًا لوصاياه.

No items found

الإصحاح الرابع - سفر باروخ - القس أنطونيوس فكري

الإصحاح الثاني - سفر باروخ - القس أنطونيوس فكري

تفاسير سفر باروخ الأصحاح 3
تفاسير سفر باروخ الأصحاح 3