الأصحاح السادس – سفر عاموس – القمص أنطونيوس فكري

الإصحاح السادس

الأعداد 1-7

الآيات (1 - 7): -

"1 وَيْلٌ لِلْمُسْتَرِيحِينَ فِي صِهْيَوْنَ، وَالْمُطْمَئِنِّينَ فِي جَبَلِ السَّامِرَةِ، نُقَبَاءِ أَوَّلِ الأُمَمِ. يَأْتِي إِلَيْهِمْ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ. 2اُعْبُرُوا إِلَى كَلْنَةَ وَانْظُرُوا، وَاذْهَبُوا مِنْ هُنَاكَ إِلَى حَمَاةَ الْعَظِيمَةِ، ثُمَّ انْزِلُوا إِلَى جَتِّ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. أَهِيَ أَفْضَلُ مِنْ هذِهِ الْمَمَالِكِ، أَمْ تُخُمُهُمْ أَوْسَعُ مِنْ تُخُمِكُمْ؟ 3أَنْتُمُ الَّذِينَ تُبْعِدُونَ يَوْمَ الْبَلِيَّةِ وَتُقَرِّبُونَ مَقْعَدَ الظُّلْمِ، 4الْمُضْطَجِعُونَ عَلَى أَسِرَّةٍ مِنَ الْعَاجِ، وَالْمُتَمَدِّدُونَ عَلَى فُرُشِهِمْ، وَالآكِلُونَ خِرَافًا مِنَ الْغَنَمِ، وَعُجُولاً مِنْ وَسَطِ الصِّيَرةِ، 5الْهَاذِرُونَ مَعَ صَوْتِ الرَّبَابِ، الْمُخْتَرِعُونَ لأَنْفُسِهِمْ آلاَتِ الْغِنَاءِ كَدَاوُدَ، 6الشَّارِبُونَ مِنْ كُؤُوسِ الْخَمْرِ، وَالَّذِينَ يَدَّهِنُونَ بِأَفْضَلِ الأَدْهَانِ وَلاَ يَغْتَمُّونَ عَلَى انْسِحَاقِ يُوسُفَ. 7لِذلِكَ الآنَ يُسْبَوْنَ فِي أَوَّلِ الْمَسْبِيِّينَ، وَيَزُولُ صِيَاحُ الْمُتَمَدِّدِينَ.".

وَيْلٌ لِلْمُسْتَرِيحِينَ = هم الأغنياء والأقوياء الذين لا يخيفهم شئ ولا حتى فكرة الدينونة. هم الْمُطْمَئِنِّينَ = في حياتهم المترفة يظنون أن مراكزهم وغناهم يحميانهم. إن إنتشار الرخاء والسلام في إسرائيل إلى جانب العبادة المزدهرة في بيت إيل وسائر المعابد، هذه العبادة التي تغضب الله، وَلَّدَ طمأنينة سياسية كاذبة، فعاشوا مستريحين يظنون أنه لا عقاب ولا دينونة، هم ظنوا أن غناهم دليل رضا الله عليهم، ولماذا لا يرضى الله وهم يقدمون ذبائحهم بهمة ونشاط. نُقَبَاءِ أَوَّلِ الأُمَمِ = نقباء أي الأشخاص البارزين وهم في إسرائيل التي يعتبرونها أول الأمم فهم شعب الله المختار. هذا الشعور هو ما نبه له القديس بطرس (2بط4: 3) ولكن كيف يطمئنون وهم في شرورهم؟! وهؤلاء يَأْتِي إِلَيْهِمْ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ = أي هم في مراكزهم العالية يأتي إليهم كل بيت إسرائيل يطلبون العدل والحماية. الكل مخدوع... الشعب مخدوع في رؤسائه اذ يراهم مطمئنين، فيظن الشعب أن هؤلاء قادرين علي حمايته. والعظماء أيضا مخدوعين، إذ تصوروا ان عبادتهم النجسة تحميهم. وهؤلاء القادة خدعتهم مظاهر عظمتهم وإحترام الشعب وإلتجاء الشعب لهم. ولذلك في آية (2) يشير لهم الله بأن يتأملوا في مدن كانت حصينة وقوية أكثر منهم لكنها هلكت ودُمِّرت. كَلْنَةَ = غالباً هي كلنو (إش9: 10) وهي مدينة عظيمة على نهر دجلة وهي قديمة بناها نمرود وهي الآن خراب. وحَمَاةَ = في سوريا ولقد إفتخر سنحاريب بأنه أباد آلهتها أي خربها (2مل34: 18). وجَتِّ = وهذه قد خربها حزائيل منذ فترة وجيزة (2مل17: 12). وعلى كل من يفتخر بقوته وعظمته أن ينظر لمن كان أكبر منه وأين هو الآن. وفي (3) تُبْعِدُونَ يَوْمَ الْبَلِيَّةِ = هذه إحدى الوسائل التي بها يزداد إطمئنانهم، فهم يصورون لأنفسهم أن يوم البلية بعيد، ولذلك فليستمتعوا اليوم بل إذ هم يظلمون فهم يقربون مَقْعَدَ الظُّلْمِ = هم بظلمهم لإخوتهم المساكين يقربون زمن مجيء أشور عليهم وأشور هي مقعد الظلم لهم. وهم إنغمسوا في كل الملذات الجسدية (4 - 6) أَسِرَّةٍ مِنَ الْعَاجِ بينما الفقراء ينامون عرايا. ويأكلون عُجُولاً مِنْ وَسَطِ الصِّيَرةِ (المعلف) أي أسمن العجول. والفقراء ينامون جوعي. وهؤلاء الجوعى العرايا مظلومين من قبل هؤلاء الأغنياء. والله يتعجب على حالهم!! كيف يطمئنون هكذا نوماً وشراهة في الأكل وخرابهم ودينونتهم قادمة. وهم هَاذِرُونَ مَعَ صَوْتِ الرَّبَابِ = أي موسيقي خليعة. وقد يكونون في لهوهم يستخدمون التراتيل الدينية لا للتوبة إنما للسخرية. ولذلك يقول لهم كداود. ولكنه يقولها بألم فشتان الفرق بين من يرتل بخشوع كداود وبين من يهذر مثلهم. وهم يشربون خمراً ويبذرون أموال الفقراء في أدهانهم. وآخر الخطايا المذكورة وَلاَ يَغْتَمُّونَ عَلَى انْسِحَاقِ يُوسُفَ = يوسف يشير لإسرائيل ككل. وكان عليهم أن يحزنوا على الخراب القادم لا أن ينغمسوا في شهواتهم. ولنعرف أن الله يحزن على هلاكنا (بكاء المسيح على قبر لعازر) (وعلى أورشليم). فكيف لا نحزن نحن على هلاك نفوسنا ونفوس الآخرين. وماذا تكون عقوبة هؤلاء (7).. السبي. بل سيكونون أول المسبيين = هذه بلغة التهكم أي سيحتفظون بمقامهم الأول لكنهم سيكونون أَوَّلِ الْمَسْبِيِّينَ. وَيَزُولُ صِيَاحُ الْمُتَمَدِّدِينَ = أي المتمددين في الولائم يحتسون الخمر وهم يصيحون ويهذرون وحين يأتي السبي سيزول منهم كل سبب لهذا الصياح وهذا الفرح الزائف.

الأعداد 8-11

الآيات (8 - 11): -

"8قَدْ أَقْسَمَ السَّيِّدُ الرَّبُّ بِنَفْسِهِ، يَقُولُ الرَّبُّ إِلهُ الْجُنُودِ: «إِنِّي أَكْرَهُ عَظَمَةَ يَعْقُوبَ وَأُبْغِضُ قُصُورَهُ، فَأُسَلِّمُ الْمَدِينَةَ وَمِلأَهَا». 9فَيَكُونُ إِذَا بَقِيَ عَشَرَةُ رِجَال فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ أَنَّهُمْ يَمُوتُونَ. 10 وَإِذَا حَمَلَ أَحَدًا عَمُّهُ وَمُحْرِقُهُ لِيُخْرِجَ الْعِظَامَ مِنَ الْبَيْتِ، وَقَالَ لِمَنْ هُوَ فِي جَوَانِبِ الْبَيْتِ: «أَعِنْدَكَ بَعْدُ؟ » يَقُولُ: «لَيْسَ بَعْدُ». فَيَقُولُ: «اسْكُتْ، فَإِنَّهُ لاَ يُذْكَرُ اسْمُ الرَّبِّ». 11لأَنَّهُ هُوَذَا الرَّبُّ يَأْمُرُ فَيَضْرِبُ الْبَيْتَ الْكَبِيرَ رَدْمًا، وَالْبَيْتَ الصَّغِيرَ شُقُوقًا.".

إِنِّي أَكْرَهُ عَظَمَةَ يَعْقُوبَ = أي كبرياء يعقوب فالكبرياء عمل الشياطين. والله يقسم أن يُسلِّم هؤلاء المتكبرين، وحين يقسم الله فالأمر خطير. والله وصل لأن يكره قصورهم = لأنها مملوءة ظلماً. ولأنهم يفتخرون بها. وبسببها يزداد كبرياءهم. وهؤلاء الذين يكرههم الله يكون هلاكهم هلاكاً تاماً. إِذَا بَقِيَ عَشَرَةُ رِجَال فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ أَنَّهُمْ يَمُوتُونَ = أي إذا نجوا من سيف العدو وإختبأوا فى بيت يموتون بالوبأ أو بالمجاعات. وهناك صورة أخرى للهلاك التام = إِذَا حَمَلَ أَحَدًا عَمُّهُ = أي إذا مات أحد ولم يوجد من يحمله سوى عمه فالمعنى أن كل الشباب قد ماتوا، ولم يتبقي سوى هذا العم العجوز الذي يضطر لحمل جثة هذا الميت. وَمُحْرِقُهُ = الشخص الذي يحرق الجثة. وفي بعض الأحيان كان الحريق للإكرام فيحرق بخور وأطياب حول الجثة (2أي14: 16 + 19: 21 + أر5: 34) ولكن يبدو هنا أن الحريق كان بسبب الوباء المتفشي في الأرض لكثرة الموتي. وحامل الجثة يسأل أَعِنْدَكَ بَعْدُ؟ أي هل عندك أحد حي بعد. يقول لَيْسَ بَعْدُ... اسْكُتْ، فَإِنَّهُ لاَ يُذْكَرُ اسْمُ الرَّبِّ وفي ترجمة أخرى "لا نجرؤ أن نذكر اسم الرب" كأنهم لا يريدون أن يذكروا أمام الرب أن هناك أحياء باقين حتى لا يلتفت لهم الرب ويميتهم. أي جهل هذا!! أما كان أسهل أن نتصالح مع الله عوضاً عن أن ندخل مع الله في خصومة. وفي (11) الله سيهدم كل البيوت كبيرة أو صغيرة.

الأعداد 12-14

الآيات (12 - 14): -

"12هَلْ تَرْكُضُ الْخَيْلُ عَلَى الصَّخْرِ؟ أَوْ يُحْرَثُ عَلَيْهِ بِالْبَقَرِ؟ حَتَّى حَوَّلْتُمُ الْحَقَّ سَمًّا، وَثَمَرَ الْبِرِّ أَفْسَنْتِينًا. 13أَنْتُمُ الْفَرِحُونَ بِالْبُطْلِ، الْقَائِلُونَ: «أَلَيْسَ بِقُوَّتِنَا اتَّخَذْنَا لأَنْفُسِنَا قُرُونًا؟ » 14«لأَنِّي هأَنَذَا أُقِيمُ عَلَيْكُمْ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ الرَّبُّ إِلهُ الْجُنُودِ، أُمَّةً فَيُضَايِقُونَكُمْ مِنْ مَدْخَلِ حَمَاةَ إِلَى وَادِي الْعَرَبَةِ».".

هَلْ تَرْكُضُ الْخَيْلُ عَلَى الصَّخْرِ؟ أَوْ يُحْرَثُ عَلَيْهِ بِالْبَقَرِ = لقد تقست قلوبكم فصارت كالصخر، وأي محاولة لإصلاحكم محكوم عليها بالفشل. والمحاولات هي نبوات الأنبياء وإنذاراتهم الدائمة لهم ودعوتهم للتوبة. ولكن كل محاولات الأنبياء المشبهة هنا بركض الخيل وحرث البقر هي محاولات يائسة لأن قلوبهم صارت كالصخر. وبقساوة قلوبهم = حَوَّلْتُمُ الْحَقَّ سَمًّا = ذلك بقضائكم المعوج وظلمكم حولتم الحكم المفروض أن يكون حق إلى سم. وهم حولوا ثَمَرَ الْبِرِّ أَفْسَنْتِينًا = الله أعطاهم إمكانيات وناموس ليسلكوا بالبر ويفرح الله ببرهم لكن بسلوكهم المعوج صاروا كالإفسنتين المر أمام الله.

وفي (13) هم فرحون بقوتهم وقُرُونًا = هي إشارة للقوة، وكأنهم متصورين أنهم في قوتهم لن يطولهم شئ ولن يصيبهم أذى. وأن الإنذارات لهي إنذارات فارغة لن تتحقق. وعقوبتهم ستكون أمة تضايقهم من حدودهم الشمالية (مَدْخَلِ حَمَاةَ) حتى حدودهم الجنوبية (وَادِي الْعَرَبَةِ).

No items found

الإصحاح السابع - سفر عاموس - القمص أنطونيوس فكري

الأصحاح الخامس - سفر عاموس - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر عاموس الأصحاح 6
تفاسير سفر عاموس الأصحاح 6