الأصحاح الأول – سفر عاموس – القمص أنطونيوس فكري

مقدمة عاموس

  1. إن نبوة عاموس هي الأولى من الأسفار النبوية وتاريخها يرجع إلى سنة 760ق. م. وعاش عاموس النبى في أيام عزيا ملك يهوذا ويربعام الثاني ملك إسرائيل قبل حدوث الزلزلة المشهورة (1: 1 + 9: 5) والتي أشار إليها زكريا النبي بعد 300 سنة (زك5: 14) وقد عاصره هوشع وإشعياء إلاّ أن عاموس سبقهما وعاصره كذلك يونان النبى (2مل25: 14).
  2. معنى إسمه "ثقل" أو "حامل الثقل" ويقول التقليد اليهودي أنه كان ثقيل اللسان، يتلعثم في كلماته. ولعل إسمه يتناسب مع السفر، فقد كشف عن ثقل الخطية التي لا يحتملها الله ولا يطيقها. وقد نفهم أن الإعلانات التي أعلنت لهُ عن خطايا شعبه والتأديبات الآتية عليهم كانت تمثل ثقلاً بالنسبة له. ولذلك يسمونه نبي الويلات. وعموماً فكلمة وحي في اللغة العبرانية تعنى ثقل. وهو يتحدث عن دينونة الله لإسرائيل ولكل الأمم بسبب الخطية.
  3. عاش في تقوع على بعد حوالي 12ميلاً جنوب أورشليم في وسط أسرة مجهولة وفقيرة كراعٍ للغنم (7: 1) وجاني جميز (14: 7) ولم يكن شخص شهير. وهو قد ذهب إلى بيت إيل حيث الهيكل الرئيسي لمملكة إسرائيل (المملكة الشمالية) فهو وإن كان من يهوذا المملكة الجنوبية، إلاّ أنه كان نبياً مرسلاً لإسرائيل المملكة الشمالية، وتحدث عن خرابها بسبب خطاياها الأمر الذي أثار الكاهن الأول لبيت إيل "أمصيا" فقدم عنه تقريراً ليربعام الثاني ملك إسرائيل عن أنه خائن وأمره بترك المدينة. ومماّ يدل على شجاعة عاموس أنه شهد للحق أمام أمصيا، وتنبأ بخراب بيته بالرغم من قوة أمصيا لالتصاقه بالملك.
  4. عمله كراعٍ وجاني جميز أعطاه فرصة للحياة التأملية، مقدماً صوراً كثيرة من الواقع الذي عاشه بروح ملتهب. ويقول أمصيا في تواضع أنه راعٍ وجاني جميز، فأخذني الرب من وراء الضأن (14: 7، 15) كأن الله إختاره للنبوة وهو غير مستحق لذلك.
  5. كان يتردد على مدن إسرائيل ليبيع الصوف، ويلاحظ الأمور السياسية والدينية وتأثر مماّ رآه فيها من الشرور والإنحطاط. وكان هذا الوقت وقت نجاح زمني. فكان عزيا ملك يهوذا غنياً وقوياً، وإمتد لمدخل مصر (2أي8: 26). وكان يربعام ملك إسرائيل مقتدراً في الحرب ورد تخم إسرائيل من مدخل حماة إلى بحر العربة (2مل25: 14) وبيده خلَّص الرب شعبه إسرائيل. ولكن هذا الزمن كان زمن ظلم ورياء وفساد وتمسك بطقوس ومظهريات الدين دون جوهره. وكان عاموس كلوط البار يعذب نفسه البارة بما ينظر ويسمع، من سيرة الأردياء. فشهد عليهم وكلمهم بكلام الرب بلا خوف.
  6. من المقاصد الإلهية أن يكون وسط الأنبياء هذا التنوع الكثير بين مختلف طبقات الأنبياء، فهناك إشعياء المثقف وهو من عائلة ملكية، وها نحن نرى عاموس البسيط راعي الغنم، فالله ليس عنده محاباة وهو مستعد أن يستخدم أي شخص ويرفعه لأعلى المراتب أي النبوة حيث تنفتح بصيرة الشخص فيرى في عالم الروح. المهم عند الله أنه يبحث لا عن إمكانيات الشخص المالية أو الثقافية لكي يكلفه برسالة النبوة أو أي خدمة لكن الله يبحث عن القلب المستعد، وهذا الشخص يمسحه الله بروحه القدوس ويملأه ثم يُرسله.
  7. الله بحث عن هذا القلب الذي يحبه محبة حقيقية فكشف له عن خطايا شعبه. والظلم الاجتماعي الموجود، فهو رأى طبقة الأغنياء جداً وطبقة الفلاحين الفقراء جداً. فالغني ينام على سرير من عاج، بينما الفقير يباع بزوج من النعال. ورأى حالة الانحلال الخلقي من زنا وغش ورشوة وكذب بل أن الأغنياء ظنوا أن كل ما هو مطلوب منهم تقديم الأموال للهيكل أو الذبائح، كأن الله محتاج لأموالهم أو هو يأخذ منهم عطاياهم كرشوة فيقبل تقدماتهم ويتغاضى عن شرورهم. وأمام هذا تنبأ عاموس بالخراب القادم (9: 5 + 11: 6 + 3: 8 + 5: 9) وهو رأي في الزلزلة مقدمة لخراب أعم كما حدث مع يوئيل في قصة الجراد. وهو رأى أن الخراب الناتج عن الزلزال هو مجرد إنذار، قد يعقبه ضربة أشد إن لم يتوبوا، لذلك عليهم أن يقدموا توبة سريعاً.
  8. هو يكلم كل فئات الشعب داعياً إياهم للتوبة لأن البديل خراب عام وهو يكلم الجميع لأن الخطية أصبحت جماعية ولذلك تستحق تأديبات عامة.

هو عاصر إشعياء وهوشع، ولكن كل منهم لمس ناحية معينة. فعاموس تكلم عن الفوارق الاجتماعية فهو عاش وسط الفقراء يستمع لمشاكلهم مع الأغنياء، وكيف يظلمهم هؤلاء الأغنياء ويعاملونهم بقسوة وإحتقار. كان يسمع ويتقطع قلبه ويسكب شكواه أمام الله في صلواته. وتحول هذا الخادم إلى شخص مثقل بمشاكل الفقراء والمظلومين والخادم المثقل يصبح مكلف، يفكر باستمرار في حل للمشكلة ويصلي باستمرار لحلها. ومثل هذا الشخص تنفتح بصيرته الروحية فيعرف لماذا حدث هذا الأمر. ولماذا سمح الله به ومتى يكون الحل وكيف، والتأديبات الآتية ويرى رؤى، وهكذا يصبح نبياً.

الإصحاح الأول

الأعداد 1-2

الآيات (1 - 2): -

"1أَقْوَالُ عَامُوسَ الَّذِي كَانَ بَيْنَ الرُّعَاةِ مِنْ تَقُوعَ الَّتِي رَآهَا عَنْ إِسْرَائِيلَ، فِي أَيَّامِ عُزِّيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، وَفِي أَيَّامِ يَرُبْعَامَ بْنِ يُوآشَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، قَبْلَ الزَّلْزَلَةِ بِسَنَتَيْنِ. 2فَقَالَ: «إِنَّ الرَّبَّ يُزَمْجِرُ مِنْ صِهْيَوْنَ، وَيُعْطِي صَوْتَهُ مِنْ أُورُشَلِيمَ، فَتَنُوحُ مَرَاعِي الرُّعَاةِ وَيَيْبَسُ رَأْسُ الْكَرْمَلِ».".

بَيْنَ الرُّعَاةِ = بالرجوع إلى (14: 7) نجد أن النبي كان جاني جميز فمن هذه الآية وتلك نستنتج أنه كان فقيراً، ولم يذكر اسم أبيه لعدم شهرة العائلة. أَقْوَالُ... رَآهَا = فأقواله هي ثمرة رؤى إلهية وإعلانات بالروح القدس. وكانت الإعلانات والأقوال يقينية كأنه رآها. والفعل العبري المستخدم يشير خصيصاً للرؤية النبوية. عَنْ إِسْرَائِيلَ = لقد أقام الله لإسرائيل أنبياء منهم أي من إسرائيل (عا11: 2) ولكنهم لم يبالوا بهم، فأرسل الله لهم نبياً من يهوذا لعلهم يتوبون. الرَّبَّ يُزَمْجِرُ مِنْ صِهْيَوْنَ = عاموس راعي، وأكثر ما يرعب الرعاة صوت زمجرة الأسد (3: 4، 8) والمعنى أن الخطية المنتشرة جعلت الله يرى في إسرائيل فريسة سيلتهمها. فعلينا أن نخاف ونتوب فيتحول الله كأسد يدافع عنا وكلمة يُزَمْجِرُ المستخدمة هنا تشير لصوت الأسد وهو يهم بأن يهجم على فريسته. إذاً هذا فيه إشارة لضربة ستأتي سريعاً. مِنْ صِهْيَوْنَ = حيث الهيكل وتابوت العهد موطئ قدمي الله. فأورشليم هي مسكن الله على الأرض وكرسيه الذي منه يحاكم كل الأرض. وهو أيضاً قد زمجر مرّة على صليبه ضد قوات الشر (تك9: 49) "جثا وربض كأسد وكلبؤة من ينهضه" فهو الأسد الذي جثا ومات على الصليب، والكنيسة هي اللبؤة التي ماتت معه لكي تقوم معه وفيه. وهنا هو أسد ينذر بالهدم والخراب، ولكن هذا من أجل أن يبنى (عا11: 9، 12) فهو يهدم ويبني، يقلع ويغرس (إر10: 1) هو يحطم فينا الإنسان القديم ليقيم الإنسان الجديد. قَبْلَ الزَّلْزَلَةِ = يبدو أنها كانت زلزلة رهيبة، حتى أن زكريا يذكرها بعد عدة قرون (زك5: 14). تَنُوحُ مَرَاعِي الرُّعَاةِ = من التأديبات القادمة. وَيَيْبَسُ رَأْسُ الْكَرْمَلِ = ييبس هذا المكان المشهور بجماله ونباته وأشجاره وخصبه، وإن كان هذا ما سيحدث لأخصب الأماكن، فماذا يكون حال الباقي. ولاحظ أن مَرَاعِي الرُّعَاةِ في تقوع بلدته (في يهوذا) ورَأْسُ الْكَرْمَلِ في الشمال. والمعنى أن البلاد كلها ستخرب. هناك عبارات تتكرر مع كل الشعوب الموجه لها إنذارات والتي يدينها الله على لسان النبي وهي:

  1. الذنوب الثلاثة والأربعة: وهذه لها عدة معاني:
  2. ‌رقم (3) يشير إلى الله المثلث الأقانيم، ورقم (4) يشير للعمومية فهو يُعبَّر عن أربعة اتجاهات الأرض. وبهذا تكون الذنوب الثلاثة هي خطايا البشر تجاه الله فكل خطية حتى لو كانت تجاه إنسان، هي موجَّهة لله وكَسْرْ لشريعته ونواميسه. والذنوب الأربعة تعني أن خطايا البشر ولو أنها موجهة لله فهي في نفس الوقت ضد الإنسان. فكل خطية أرتَكِبها أنا تحمل في داخلها عقوبة ضدي. فالخطايا عموماً هي ضد الله، ولكنها تتسبب في عقوبات ترتد على البشر، بل على كل العالم، لذلك قال الله لآدم حين أخطأ "ملعونة الأرض بسببك" وقبل الخطية كان الإنسان عبارة عن قصر يسكن الله فيه. وبسبب الخطية ترتد علينا نار تأكل هذه القصور فتخرب. وهذا معنى ما سيتكرر بعد ذلك أرسِلُ ناراً فتأكل قصورها.
  3. النفس مخلوقة على صورة الله مثلث الأقانيم، فهي نفس عاقلة حية والله كائن عاقل حي فيشير رقم (3) للنفس البشرية ورقم (4) يشير للجسد فهو مأخوذ من الأرض وكأن المعنى للذنوب الثلاثة والأربعة هو ذنوب النفس (كالكبرياء والحقد...) وذنوب الجسد (كالشهوات والتخمة...).
  4. ثلاثة وأربعة هو أسلوب عبري في التعبير، فيه يضع الكاتب رقمان متتاليان، وهذا يشير للتمام. أي خطايا هذا الشعب صارت تامة أي امتلأ بها كأس غضب الرب للتمام، مماّ استوجب العقاب، خصوصاً أن 3 + 4 = 7 ورقم (7) هو رقم كامل. ونجد هذا الأسلوب العبري في التعبير في "نقيم عليه سبعة رعاة وثمانية" (مي5: 5) بمعنى كمال الرعاية. "أعط نصيباً لسبعة وثمانية" (جا2: 11) بمعنى أعط من عطاياك لكل إنسان "هذه الستة يبغضها الرب وسبعة هي مكرهة" بهذه الخطايا يصير غضب الله تاماً كاملاً "(أم16: 6).
  5. لا أرجع عنه = في ترجمات أخرى – لا أرجع عن قصاصها + ألا أعاقبها.
  6. قال الرب "من أجل ذنوب"..... "أرسل ناراً" في كل مرة تتكرر هذه الكلمات كالقرار في الشعر. وهذا يعني من أجل ذنوب هذه الأمم سيعاقبها الله بأن يُرسِلْ ناراً عليها، وهذه النار إشارة للحروب القادمة.

هكذا قال الرب:

هذه العبارة تكررت مع الجميع. ومعناها أنه: مع أن هذه الشعوب المدانة هنا لا تتعبد للرب، لكنه هو ديّان الجميع وإله الأرض كلها، يدين الكل ويهتم أيضاً بالكل. ونجد هنا دينونة لكل جيران شعب الله (دمشق، غزة..) ثم دينونة ليهوذا وإسرائيل على خطاياهم. وقد بدأ بدينونة الأمم أولاً، ليعطي شعبه فكرة عن أنه مهتم بهم ويعرف ويرى ألامهم ومعاناتهم من ظلم هذه الشعوب ضدهم. ثم يدينهم هم حتى يتنبهوا ويقدموا توبة. فهذه الشعوب ما كان لهم سلطان أن يؤذوا شعب الله إن لم تكن هناك خطية في شعب الله. وقد نفهم أن هذه الأمم تشير للشيطان الذي يحقد على أولاد الله فيؤذيهم، والله سيدينه ولكنه سيدين أيضاً كل من يتبعه من أولاد الله.

الأعداد 3-5

الآيات (3 - 5): -

"3هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ دِمَشْقَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ لاَ أَرْجعُ عَنْهُ، لأَنَّهُمْ دَاسُوا جِلْعَادَ بِنَوَارِجَ مِنْ حَدِيدٍ. 4فَأُرْسِلُ نَارًا عَلَى بَيْتِ حَزَائِيلَ فَتَأْكُلُ قُصُورَ بَنْهَدَدَ. 5 وَأُكَسِّرُ مِغْلاَقَ دِمَشْقَ، وَأَقْطَعُ السَّاكِنَ مِنْ بُقْعَةِ آوَنَ، وَمَاسِكَ الْقَضِيبِ مِنْ بَيْتِ عَدْنٍ، وَيُسْبَى شَعْبُ أَرَامَ إِلَى قِيرَ، قَالَ الرَّبُّ».".

دمشــــق هي عاصمة أرام "(سوريا).

دَاسُوا جِلْعَادَ = جلعاد كانت على الحدود بين أرام وإسرائيل، فكان عليها أول هجوم للآراميين. وقد عاشت إسرائيل مدة طويلة في رعب من أرام (2مل7: 8 - 15) وواضح من هذا الجزء أن بَنْهَدَدَ كان ملكاً على أرام. وهو مؤسس وصاحب قصورها وإغتاله حَزَائِيلَ وملك عوضاً عنه. وهذا معنى أُرْسِلُ نَارًا عَلَى بَيْتِ حَزَائِيلَ فَتَأْكُلُ قُصُورَ بَنْهَدَدَ التي إغتصبها حزائيل. والنار هي حرب مدمرة جزاء لهما على تحطيم شعب الله. وَأُكَسِّرُ مِغْلاَقَ دِمَشْقَ = قوة الباب في مغلاقه، وإذا إنكسر الباب سقط السور وبالتالي تنهب المدينة "فإن لم يحرس الرب المدينة فباطلاً سهر الحراس" والله حينما يكسر مغلاق مدينة يعني أنه يرفع حراسته عنها، ولهذا تسقط المدينة بقصورها.

تأمل: يا ليت الله يسكن قلوبنا فتكون هي قصره وبالتالي يكون هو سورنا وحامينا.

بُقْعَةِ آوَنَ = أي وادي البطل أو وادي الأصنام. فهي كانت مركزاً للأصنام وفيها هيكل بعلبك الشهير في لبنان. فعبادة الأصنام بُطل. وغالباً كلمة بقعة آون هي اسم رمزي وليس الاسم الحقيقي. (كما أطلق هوشع على بيت إيل، بيت آون) والمعنى أنه أينما سكن الشيطان أو الخطية فالنتيجة أن هذا المكان يخرب = لا ساكن.

مَاسِكَ الْقَضِيبِ = أي كل عظيم أو ملك يمسك صولجانه. بَيْتِ عَدْنٍ = بيت البهجة والتنعم = عَدْنْ كلمة عبرية تعنى بهجة وفرح وهكذا خلق الله آدم فى جنة عَدْنْ ليفرح، وبالخطية فقد الإنسان هذا الفرح. وكان لآدم سلطان فقده بالخطية، وهذا هو التهديد الموجه لدمشق، أى فقدانها كل سلطان وفرح. وهذا يحدث لكل نفس تخطئ وترفض التوبة إذ تفقد كل ما أعطاها الله من نعم وخيرات وعظمة إذا إنغمست في التنعم بالملذات الزمنية تاركة الله رافضة لوصاياه. ولكي نرى بشاعة عمل أرام ضد إسرائيل راجع (2مل12: 8 + 32: 10، 33) وَيُسْبَى شَعْبُ أَرَامَ إِلَى قِيرَ = هذه هي عقوبة شعب آرام على وحشيته وتمت هذه النبوة فعلاً راجع (2مل9: 16).

الأعداد 6-8

الآيات (6 - 8): -

"6هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ غَزَّةَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ لاَ أَرْجعُ عَنْهُ، لأَنَّهُمْ سَبَوْا سَبْيًا كَامِلاً لِكَىْ يُسَلِّمُوهُ إِلَى أَدُومَ. 7فَأُرْسِلُ نَارًا عَلَى سُورِ غَزَّةَ فَتَأْكُلُ قُصُورَهَا. 8 وَأَقْطَعُ السَّاكِنَ مِنْ أَشْدُودَ، وَمَاسِكَ الْقَضِيبِ مِنْ أَشْقَلُونَ، وَأَرُدُّ يَدِي عَلَى عَقْرُونَ، فَتَهْلِكُ بَقِيَّةُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ».".

غــــزة إحدى مدن فلسطين.

كان للفلسطينيين خمس مدن كبيرة، وعلى كل منها قطب أي رئيس. وهنا مذكور أربع من هذه المدن، والخامسة التي لم تذكر هي جت، ولعلها كانت مدَمَّرَة في هذا الحين. والمدن المذكورة هي غزة (العاصمة) وأشدود وأشقلون وعقرون. وخطية فلسطين المذكورة هنا هي أنهم ألقوا القبض على بني يهوذا الهاربين إليهم من وجه سنحاريب ملك أشور وباعوهم عبيداً لبني آدوم أعدائهم. ولذلك ارتدت النار عليهم. هذا يفسر معنى الذنوب الثلاثة والأربعة أي حينما أخطأوا تجاه الله في شخص أولاده، أخطأوا في حق أنفسهم إذ ارتدت النار عليهم. سَبَوْا سَبْيًا كَامِلاً = أي كل من سقط في أيديهم سبوه، أو حين كانوا يضربون مدينة وتسقط في أيديهم يسبون كل أهلها ويبيعونهم وكانت أدوم مركزاً لتجارة العبيد.

الأعداد 9-10

الآيات (9 - 10): -

"9هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ صُورَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ لاَ أَرْجعُ عَنْهُ، لأَنَّهُمْ سَلَّمُوا سَبْيًا كَامِلاً إِلَى أَدُومَ، وَلَمْ يَذْكُرُوا عَهْدَ الإِخْوَةِ. 10فَأُرْسِلُ نَارًا عَلَى سُورِ صُورَ فَتَأْكُلُ قُصُورَهَا».".

صــــور كان لها أسطولها البحري وتجارتها الضخمة وكان بين حيرام ملكها وسليمان ملك إسرائيل معاهدة أخوة (1مل1: 5 - 12) + (10: 9 - 14) ولكنهم خانوا العهد وباعوا أولاد اليهود عبيداً لأدوم. وخربت صور حسب النبوة على يد نبوخذ نصر أولاً ثم على يد الإسكندر.

الأعداد 11-12

الآيات (11 - 12): -

"11هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ أَدُومَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ لاَ أَرْجعُ، لأَنَّهُ تَبعَ بِالسَّيْفِ أَخَاهُ، وَأَفْسَدَ مَرَاحِمَهُ، وَغضَبُهُ إِلَى الدَّهْرِ يَفْتَرِسُ، وَسَخَطُهُ يَحْفَظُهُ إِلَى الأَبَدِ. 12فَأُرْسِلُ نَارًا عَلَى تَيْمَانَ فَتَأْكُلُ قُصُورَ بُصْرَةَ».".

آدوم هو عيسو أخو يعقوب.

عداوتهم تقليدية ليعقوب، من البطن، منذ أيام يعقوب وعيسو حينما كانا في بطن أمهما. وفي عودة إسرائيل بعد خروجهم من مصر، إتخذ الآدوميون منهم موقفاً معادياً ولم يسمحوا لهم بالعبور (عد14: 20 - 21) وكان لهم دائماً موقفاً شامتاً من مصائب إسرائيل (وهذا هو موقف الشيطان من أولاد الله دائماً) وكلمة أدوم مأخوذة من آدم. وتعنى إنسان دموي أو أرضي، فهي تشير لحب سفك الدماء من أجل الأرضيات. وخطيتهم هنا تَبعَ بِالسَّيْفِ أَخَاهُ = وأخاه أي إسرائيل أو يهوذا، فإسرائيل أخو عيسو (آدوم). فهو ملتهب بنار الشر وحب سفك الدم، لذلك ارتدت النار إليه. وتَيْمَانَ = هي قبيلة، وهي أهم أقاليم آدوم، وتَيْمَانَ هو اسم بكر أليفاز بن عيسو (تك11: 36، 15، 42). وبُصْرَةَ = هي أكبر مدنهم والإسم يعني قلعة ولكن حين يحكم الرب ضدها تخرب قصورها وقلاعها. والأدوميون لم تكن لهم الشجاعة على الحرب المباشرة ضد إسرائيل، بل هم كانوا ينتظرون سقوط يهوذا بحرب مع دولة أخرى مثل أشور أو بابل، ويضربون الهاربين بالسيف ويتعقبونهم، وهذا معنى أَفْسَدَ مَرَاحِمَهُ = وفي ترجمات أخرى "تخلى عن كل رحمة" فحقدهم ضد شعب الله أزال من قلوبهم كل رحمة، فتجردوا من رقة البشر ولبسوا وحشية الوحوش. وعلى هذا الأساس كان دائم الافتراس = وَغضَبُهُ إِلَى الدَّهْرِ يَفْتَرِسُ = وهذه صفة إبليس الذي كان من البدء قتالاً للناس وهو الأسد الزائر الذي يلتمس من يبتلعه (يو44: 8 + 1بط8: 5) سَخَطُهُ يَحْفَظُهُ إِلَى الأَبَدِ = كان يحفظ سخطه حتى تحين لحظات الضعف لإسرائيل فيظهره.

الأعداد 13-15

الآيات (13 - 15): -

"13هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: «مِنْ أَجْلِ ذُنُوبِ بَنِي عَمُّونَ الثَّلاَثَةِ وَالأَرْبَعَةِ لاَ أَرْجعُ عَنْهُ، لأَنَّهُمْ شَقُّوا حَوَامِلَ جِلْعَادَ لِكَىْ يُوَسِّعُوا تُخُومَهُمْ. 14فَأُضْرِمُ نَارًا عَلَى سُورِ رَبَّةَ فَتَأْكُلُ قُصُورَهَا. بِجَلَبَةٍ فِي يَوْمِ الْقِتَالِ، بِنَوْءٍ فِي يَوْمِ الزَّوْبَعَةِ. 15 وَيَمْضِي مَلِكُهُمْ إِلَى السَّبْيِ هُوَ وَرُؤَسَاؤُهُ جَمِيعًا، قَالَ الرَّبُّ».".

بني عمــــون (نسل لوط) من الابنة الصغرى.

كانوا قساة القلب، يقدمون أولادهم ذبائح لإلههم ملكوم (1مل5: 11 - 33) وكانوا في حروب دائمة مع بني إسرائيل ومن قسوتهم شَقُّوا حَوَامِلَ جِلْعَادَ لِكَىْ يُوَسِّعُوا تُخُومَهُمْ = فالطمع يفسد إنسانية البشر وحنان الإنسان الطبيعي وهذه خطية إبليس ضد البشر فهو يريد إفناء الجنس البشري. فشق البطون للحوامل يفهم على أنه الرغبة في إفناء النسل. وعقوبتهم نَارًا عَلَى سُورِ رَبَّةَ = ربة هي عاصمتهم (وهي عمان حالياً) وهذه ستتحول لمنطقة قتال ويُسبى ملكها وعظماؤها. هذا نتيجة طبيعية للظلم. وقد وقعت بنى عمون في السبي على يد نبوخذ نصر ملك بابل، وذلك بعد سقوط أورشليم مباشرة.

No items found

الأصحاح الثاني - سفر عاموس - القمص أنطونيوس فكري

تفاسير سفر عاموس الأصحاح 1
تفاسير سفر عاموس الأصحاح 1