الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ – تفسيررسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس – مارمرقس مصر الجديدة

رِسَالَةُ بُولُسَ الرَّسُولِ الثَّانِيَةُ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ.

.

مقدمـة

أولا: كاتبها:

بولس الرسول كما يتضح فى (ص1: 1، 2).

ثانيا: لمن كتبت:

لتيـمـوثاوس، وكـان فى أفسـس بدليل أنه طلب منه أن يسلم على بيت أنيسيفورس (ص4: 19)، ويحترس من الإسكندر (ص4: 14، 15) وهما أفسسيان، وأرسل تيخيكس إلى أفسس ليحل محل تيموثاوس فى رعاية الكنيسة، حتى يستطيع تيموثاوس أن يحضر إليه فى رومية (ص4: 12). وطلب منه أن يحضر بعض الحاجيات من تراوس وهى فى الطريق من أفسس إلى رومية (ص4: 13).

ثالثاً: زمن كتابتها:

عام 67م، قبل استشهاد ق. بولس بشهور.

رابعاً: مكان كتابتها:

رومية فى أثناء سجنه الثانى بها، لأنه يعلم تيموثاوس بمعلومات لم تكن عند سجنه الأول، مثل بقاء أرسطس فى كورنثوس وتروفيموس فى ميليتس، كما أن تيموثاوس ومرقس كانا معه فى سجنه الأول، أما فى سجنه الثانى فالرسالة توضح أنهما ليسا معه إذ أرسل يستدعيهما للحضور إلى روما، وهذا يؤكد أنه سجن مرتين بروما، وهذه الرسالة مكتوبة أثناء السجن الثانى.

خامساً: أغراضها:

  1. بولس، المتألم فى السجن، يشجع تيموثاوس وكنيسة أفسس لاحتمال الضيقات.
  2. الجهاد الروحى والثبات فى الإيمان.
  3. رفض الهرطقات والتمسك بالإيمان المستقيم.
  4. إذ توقع بولس قرب انتقاله من العالم، أراد أن يظهر أبوته ووصاياه الوداعية لتلميذه الحبيب تيموثاوس لئلا ينتقل قبل أن يلحق به فى روما.

سادساً: أقسامها:

  1. أبوة بولس وتشجيعه لتيموثاوس على احتمال الضيقات بقوة الله. (ص1).
  2. الجهاد الروحى فى الحياة الداخلية والخدمة. (ص2).
  3. رفض الهراطقة واحتمالهم والرد عليهم. (ص3).
  4. المثابرة فى الخدمة وقرب رحيله ووصاياه الوداعية. (ص4).

الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ

الإيمان وتشجيع الآخرين.

(1) إفتتاحية الرسالة (ع 1، 2):

1بُولُسُ، رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللهِ، لأَجْلِ وَعْدِ الْحَيَاةِ الَّتِى فِى يَسُوعَ الْمَسِيحِ. 2إِلَى تِيمُوثَاوُسَ الابْنِ الْحَبِيبِ. نِعْمَةٌ وَرَحْمَةٌ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ الآبِ وَالْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا.

العدد 1

ع1:

رسول... بمشيئة الله كان بولس الرسول داخل ضيقة السجن وانتظار الموت، ولكنه يثق فى أن الله دعاه لهذه الخدمة واحتمال الآلام، فلا ينزعج من الضيقات والموت.

وعد الحياة: فى ضيقته، ينظر إلى أمجاد الحياة الأبدية التى وعده بها المسيح، فيستطيع أن يحتمل الضيقة بل يستهين بها.

يعلن الرسول ثقته فى اختيار الله له للكرازة باسمه، فلا ينزعج من ضيقة السجن أو الموت الذى ينتظره لأنه ينتظر ملكوت السموات.

العدد 2

ع2:

الابن الحبيب: كان تيموثاوس أقرب تلاميذه إلى قلبه، وفى نهاية حياة بولس يرسل إليه آخر رسائله ويظهر مشاعره نحوه فيلقبه بالحبيب.

نعمة ورحمة وسلام: يطلب له ولكنيسة أفسس التى تواجه ضيقات نعمة من الله تعينهم، ورحمة تغطيهم وسلام داخل قلوبهم رغم الضيقات الخارجية.

يرسل ق. بولس هذه الرسالة إلى تلميذه القريب والمحبوب جدًا لقلبه تيموثاوس ويطلب له ولكنيسة أفسس التى هو أسقفها تعزيات ومعونة من الله.

 أنظر إلى مكافأة الأبدية السعيدة حتى تستطيع أن تحتمل الآلام التى تمر بها، وفى نفس الوقت تصغر أهمية مباهج العالم أمام عينيك وترفض الخطية مهما كانت صغيرة حتى لا تعطلك عن هدفك.

(2) محبته وتشجيعه له (ع3 - 7):

3إِنِّى أَشْكُرُ اللهَ الَّذِى أَعْبُدُهُ مِنْ أَجْدَادِى بِضَمِيرٍ طَاهِرٍ، كَمَا أَذْكُرُكَ بِلاَ انْقِطَاعٍ فِى طَلِبَاتِى لَيْلاً وَنَهَارًا، 4مُشْتَاقًا أَنْ أَرَاكَ، ذَاكِرًا دُمُوعَكَ لِكَىْ أَمْتَلِئَ فَرَحًا، 5إِذْ أَتَذَكَّرُ الإِيمَانَ الْعَدِيمَ الرِّيَاءِ الَّذِى فِيكَ، الَّذِى سَكَنَ أَوَّلاً فِى جَدَّتِكَ لَوْئِيسَ وَأُمِّكَ أَفْنِيكِى، وَلَكِنِّى مُوقِنٌ أَنَّهُ فِيكَ أَيْضًا. 6فَلِهَذَا السَّبَبِ أُذَكِّرُكَ أَنْ تُضْرِمَ أَيْضًا مَوْهِبَةَ اللهِ الَّتِى فِيكَ بِوَضْعِ يَدَىَّ، 7لأَنَّ اللهَ لَمْ يُعْطِنَا رُوحَ الْفَشَلِ، بَلْ رُوحَ الْقُوَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالنُّصْحِ.

العدد 3

ع3:

الذى أعبده من أجدادى يشكر بولس الله الذى عرفه بنفسه عن طريق أجداده اليهود فتمتع بمعرفته، وليس كالأمم الذين انحرفوا فى فكرهم ولم يعرفوا الله وعبدوا الأوثان.

بضمير طاهر تمسك ق. بولس بالله بنقاوة قلب، حتى عندما كان يضطهد المسيحيين فقد كان يظن أن هذا خدمة لله، إلى أن قابله المسيح فى طريقه إلى دمشق وصحَّح له مساره.

أذكرك بلا انقطاع تدرب بولس على الصلاة فى الليل والنهار، وظهرت محبته لتيموثاوس فى اهتمامه بالصلاة من أجله فى كل صلواته.

يهتم ق. بولس بالصلاة كشكر لله الذى ارتبط به منذ طفولته ويصلى أيضًا من أجل الآخرين وخاصة ابنه الحبيب تيموثاوس، فقد تعود الصلاة الدائمة.

العدد 4

ع4:

تظهر أبوة بولس ومشاعره الرقيقة وأيضًا بنوة تيموثاوس الظاهرة فى دموعه، سواء عند توديعه بولس أو عندما كان فى سجنه الأول بروما وفى المناسبات المختلفة. فيتميز الأب وابنه بمشاعر الحب العميقة، ولذا يشتاق أن يراه ليشبع برؤيته ويفرح بلقائه.

العدد 5

ع5:

يمتدح الرسول إيمان تيموثاوس ويصفه بالنقاوة وأنه بلا غرض، وقد استلمه من أمه وجدته اللتين تميزتا بقوة الإيمان، فهما يهوديتان تقيتان. وتعلم تيموثاوس هذا الإيمان ببساطة ليس من خلال الكلام فقط، بل من سلوك والدته وجدته، ولذا ثبت هذا الإيمان فيه إذ يقول له بولس أنه سكن فيه. وهو بهذا المديح يشجعه فى ضيقته ويدعوه لعدم الإنزعاج أمام الضيقة، ويرجع الفضل لأمه وجدته حتى لا يتكبر.

العدد 6

ع6:

تضرم: تشعل.

موهبة الله: بركات سر الكهنوت.

بوضع يدىّ: كان طقس سر الكهنوت يتم بوضع يدى الأسقف على رأس المقدم للسيامة والصلوات.

من جهة علاقة تيموثاوس ببولس، يذكره بنعمة سر الكهنوت التى نالها على يديه، ويطلب منه أن يشعل الروح القدس الذى فيه بالأمانة فى خدمته.

العدد 7

ع7:

روح الفشل: اليأس والإحباط الذى يمكن أن يقع فيه تيموثاوس من كثرة الضيقات والمسئوليات التى تواجهه خاصة وأن سنه صغير.

روح القوة: قوة الله المساندة فى الضيقات.

المحبة: التى تظهر فى رعايته واهتمامه بشعبه، فمع الإيمان القوى توجد المحبة الحانية التى تجمعه مع شعبه فى وحدة واحدة فى الله.

النصح: إرشاد أولاده حتى لا يقعوا فى الهرطقات ويثبتوا فى الإيمان والحياة الروحية.

بعد أن تكلم بولس عن علاقة تيموثاوس بأسرته من خلال الإيمان الذى استلمه منهم، ثم علاقته بالرسول من خلال نعمة سر الكهنوت، يذكره بعمل الروح القدس الذى يعطيه القوة ورعاية الحب والإرشاد لشعبه رغم الضيقات المحيطة.

 ليتك تقدر مشاعر الآخرين وتشجعهم بكلمات المديح وتصلى لأجلهم، فتسندهم داخل ضيقات الحياة بل وتفرح قلوبهم بمحبتك لهم وتتعزى أنت أيضًا بمحبتهم لك.

(3) إيمان الخادم (ع8 - 12):

8فَلاَ تَخْجَلْ بِشَهَادَةِ رَبِّنَا، وَلاَ بِى أَنَا أَسِيرَهُ، بَلِ اشْتَرِكْ فِى احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ لأَجْلِ الإِنْجِيلِ بِحَسَبِ قُوَّةِ اللهِ، 9الَّذِى خَلَّصَنَا وَدَعَانَا دَعْوَةً مُقَدَّسَةً، لاَ بِمُقْتَضَى أَعْمَالِنَا، بَلْ بِمُقْتَضَى الْقَصْدِ وَالنِّعْمَةِ الَّتِى أُعْطِيَتْ لَنَا فِى الْمَسِيحِ يَسُوعَ قَبْلَ الأَزْمِنَةِ الأَزَلِيَّةِ، 10 وَإِنَّمَا أُظْهِرَتِ الآنَ بِظُهُورِ مُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِى أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ. 11الَّذِى جُعِلْتُ أَنَا لَهُ كَارِزًا وَرَسُولاً وَمُعَلِّمًا لِلأُمَمِ. 12لِهَذَا السَّبَبِ أَحْتَمِلُ هَذِهِ الأُمُورَ أَيْضًا. لَكِنَّنِى لَسْتُ أَخْجَلُ، لأَنَّنِى عَالِمٌ بِمَنْ آمَنْتُ، وَمُوقِنٌ أَنَّهُ قَادِرٌ أَنْ يَحْفَظَ وَدِيعَتِى إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ.

العدد 8

ع8:

شهادة ربنا: الكرازة بالمسيح.

المسيح المصلوب كان منظره مخزيًا وكذلك بولس المسجون، فيطلب من تلميذه تيموثاوس أن يتقوى فى كرازته ولا يخجل من المسيح المهان لأجله أو من أبيه بولس المتألم فى القيود، بل يحتمل هو أيضًا الآلام التى يقابلها فى أفسس أثناء خدمته لنشر الإنجيل معتمدًا على قوة الروح القدس المساندة له.

العدد 9

ع9:

يوضح بولس أن الخلاص الذى ننعم به ليس نتيجة أعمالنا فى حد ذاتها، بل من نعمة الله الذى قصد فداءنا من قبل تأسيس العالم وأتمه فى ملء الزمان. أما إحتمال الآلام والجهاد الروحى الذى يطالبه به، فهو نتيجة للخلاص الذى نناله وبمساندة النعمة، ليدلل على صدق إيماننا ومحبتنا لله.

العدد 10

ع10:

أظهرت الآن: يقصد نعمة الله.

ظهرت نعمة الله فى ملء الزمان بصليب المسيح الذى أبطل سلطان الموت بموته وأعطانا الحياة الجديدة فيه، بل الخلود معه إلى الأبد فى الملكوت. كل هذه النعم ننالها إذا آمنا بالمسيح.

العدد 11

ع11:

إختارت نعمة الله بولس، الذى كان يقاوم المسيحية ليؤمن ويكرز للأمم البعيدين عن الله ويصير رسولا لهم يجذبهم للإيمان بالمسيح.

العدد 12

ع12:

وديعتى: إيمانى أو نفسى المؤمنة.

بثقة بولس فى المسيح وبمساندة نعمته، يحتمل قيود السجن وكل الآلام ولا يخجل منها، لأن قوة المسيح الذى آمن به لا تُحَدّ ومحبته تستحق أن يبذل حياته كلها لأجله.

 إذا قابلت آلاما فى حياتك دون أى خطأ منك، فاقبلها لأجل الله، واثقًا من معونته، فبهذا تشاركه آلامه. وواصل خدمتك له وتقديم الحب لكل أحد، فتكون بهذا ابنًا حقيقيًا له.

(4) الإيمان الصحيح (ع 13، 14):

13تَمَسَّكْ بِصُورَةِ الْكَلاَمِ الصَّحِيحِ الَّذِى سَمِعْتَهُ مِنِّى، فِى الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ الَّتِى فِى الْمَسِيحِ يَسُوعَ. 14اِحْفَظِ الْوَدِيعَةَ الصَّالِحَةَ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ السَّاكِنِ فِينَا.

العدد 13

ع13:

يطلب الرسول بولس من تلميذه أن يتمسك بالإيمان الذى علَّمه له، ليس فقط بالكلمات بل أيضاً بالسلوك العملى فى محبة للكل، فيكون صورة حية للمسيح فى كلامه وسلوكه.

العدد 14

ع14:

يطالبه أيضًا أن يتمسك بالإيمان بقوة الروح القدس الساكن فيه، مهما قاومته الهرطقات المحيطة به أو واجهته ضيقات تحاول أن تجعله يتنازل عن حياته المسيحية.

 لا ترضِ الناس بالتهاون فى سلوكك الصحيح مشاركةً لهم. على قدر ما تكون لطيفا معهم، كن أيضًا حريصا فتهرب من كل ما يعثرك ويبعدك عن المسيح. واحترس من التعاليم الغريبة عن الكنيسة، متمسكا بما استلمته من الآباء بكل دقة.

(5) مساندة أولاد بولس له (ع 15 - 18):

15أَنْتَ تَعْلَمُ هَذَا، أَنَّ جَمِيعَ الَّذِينَ فِى أَسِيَّا ارْتَدُّوا عَنِّى، الَّذِينَ مِنْهُمْ فِيجَلُّسُ وَهَرْمُوجَانِسُ. 16لِيعْطِ الرَّبُّ رَحْمَةً لِبَيْتِ أُنِيسِيفُورُسَ، لأَنَّهُ مِرَارًا كَثِيرَةً أَرَاحَنِى وَلَمْ يَخْجَلْ بِسِلْسِلَتِى، 17بَلْ لَمَّا كَانَ فِى رُومِيَةَ، طَلَبَنِى بِأَوْفَرِ اجْتِهَادٍ فَوَجَدَنِى. 18لِيعْطِهِ الرَّبُّ أَنْ يَجِدَ رَحْمَةً مِنَ الرَّبِّ فِى ذَلِكَ الْيَوْمِ. وَكُلُّ مَا كَانَ يَخْدِمُ فِى أَفَسُسَ أَنْتَ تَعْرِفُهُ جَيِّدًا.

العدد 15

ع15:

آسيا: منطقة داخل آسيا الصغرى وهى تركيا الحالية.

إلى جانب آلام بولس فى السجن، احتمل متاعب نفسية بابتعاد أولاده عنه، إما خوفًا من نيرون الذى قبض عليه أو بحثًا عن راحتهم ومنفعتهم، ومن أشهرهم "فيجلُّس وهرموجانس" اللذان كانا تلميذين له وتخليا عنه.

العدد 16

ع16:

من جهة أخرى، يصلى بولس من أجل أولاده الذين اهتموا به أثناء سجنه، ومنهم أنيسيفورس الذى كان قد مات وقت كتابة الرسالة، فيطلب رحمة ونعمة من الله لأفراد اسرته، إذ هم بلا عائل فالله يعولهم ويرعاهم.

العدد 17

ع17:

آمن أنيسيفورس على يد بولس، وقد كان يعمل تاجرًا فى أفسس وفى تجارته حضر إلى روما ولما علم بسجن بولس سأل عن مكانه، واهتم بخدمته مستهينا بمخاطر القبض عليه أو الإساءة له.

العدد 18

ع18:

يصلى بولس لأجل نفس أنيسيفورس التى فى الفردوس، لكى تجد رحمة من المسيح فى يوم الدينونة ويدخلها إلى الملكوت.

ويذكر تيموثاوس بخدمات أنيسيفورس الكثيرة فى كنيسة أفسس والتى يعلمها تيموثاوس لأنه أسقف هذه المدينة.

 كن مهتما بمن هم فى ضيقة لتظهر محبتك لهم وتصلى لأجلهم، فهذا يسندهم ويصير سبب بركة لك.

No items found

تفاسير رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس - الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ
تفاسير رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس - الأَصْحَاحُ الأَوَّلُ